logo
بين الواقع والطموح: القارة الإفريقية تختبر فعالية سياسة الحد من المخاطر

بين الواقع والطموح: القارة الإفريقية تختبر فعالية سياسة الحد من المخاطر

معا الاخبارية٢٣-٠٤-٢٠٢٥

رام الله معا- في ظل الجهود المستمرة للحد من مخاطر التدخين التقليدي، تتزايد الدعوات من قبل الأطباء والخبراء حول العالم إلى اعتماد بدائل خالية من الدخان، مثل أكياس النيكوتين، والسجائر الإلكترونية، والتبغ المسخن، كخيارات أقل ضرراً على المدخنين البالغين. يأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد معدلات الأمراض غير المعدية، التي تهدد صحة الأفراد واستقرار المجتمعات. وتواجه القارة الأفريقية تحديات متزايدة في هذا السياق، مما يؤكد الحاجة إلى تعزيز التعاون بين الدول والمؤسسات لتبنّي سياسات صحية فعالة تستجيب لطبيعة المخاطر المتعددة.
وفي هذا الإطار، شهدت المنطقة العربية والأفريقية عدداً من المبادرات الدولية التي تهدف إلى مناقشة استراتيجيات "الحد من المخاطر"، والتي من أبرزها "المناظرة الإفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية"، التي نظّمتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المملكة المغربية بالتعاون مع جمعية طب الإدمان والأمراض ذات الصلة. وجمعت الفعالية، التي أُقيمت في مدينة الدار البيضاء تحت رعاية الملك محمد السادس، أكثر من 100 خبير ومتخصص من 50 دولة حول العالم، في محاولة لصياغة مقاربات صحية أكثر شمولًا واستدامة لمواجهة التحديات الصحية المتفاقمة في القارة.
وقد ركز المؤتمر على تطوير السياسات الصحية وتعزيز الوصول إلى التغطية الصحية الشاملة، مع ضمان عدالة توزيع الخدمات الطبية، إلى جانب تسليط الضوء على أهمية الابتكار واعتماد التكنولوجيا الحديثة لتحسين الأداء الصحي، في ظل القيود التي تواجهها الأنظمة في العديد من الدول الأفريقية. وقد حظي المؤتمر باهتمام لافت، وأبدى بعض المتخصصون عن ترقبهم لإعادة المملكة المغربية تنظيم نسخته الثانية خلال العام الجاري، الأمر الذي يعكس جدية الطرح ونجاح التجربة الأولى.
في هذا السياق، أكد الدكتور غاريت ماكغفرن، أخصائي علاج الإدمان والمدير الطبي لعيادة بريوريتي الطبية في دبلن، " أن سياسة الحد من المخاطر هي أساس كل ما نقوم به في مجال الطب، حيث نركز على تقليل الأعراض بدلاً من العلاج التام. فهناك القليل من الأمور في الطب يمكن علاجها بشكل كامل، لذا، فإن الوقاية وتقليل الأذى يمثلان الخيار الأكثر واقعية." وأضاف منتقدًا موقف بعض المؤسسات العالمية: "موقف منظمة الصحة العالمية (WHO) السلبي تجاه سياسة الحد من مخاطر التبغ يفتقر إلى الأدلة، ويزيد من المخاطر على الأشخاص الذين يدخنون."
ومن جانبه أكد عالم النفس السريري المرموق، البروفيسور كارل فاغرستروم، على المنطق الكامن وراء تبني استراتيجيات الحد من المخاطر، مشيرًا إلى أنه "عندما يصبح العلاج الكامل أمرًا غير ممكن، فإن الخيار الأكثر مسؤولية هو تقليل الضرر قدر الإمكان." موضحاً أنه "ينبغي تزويد الأفراد الذين يسعون للإقلاع عن التدخين بخيارات بديلة أقل خطورة، مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن. وبالمثل، يجب تشجيع أولئك الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين على التحول إلى هذه البدائل التي تنطوي على مخاطر صحية أقل."
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن منتجات النيكوتين الخالية من الدخان، مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن وأكياس النيكوتين، تُعد بدائل أقل خطورة من تدخين السجائر التقليدية لإقصائها الحرق. وقد أثبتت فعاليتها في تقليل المخاطر الصحية وتشجيع المدخنين البالغين على الإقلاع التدريجي. وبينما يُعتبر النيكوتين مسببًا للإدمان، إلا أن الدخان الناتج عن الاحتراق هو السبب الرئيسي للمخاطر الصحية. لذلك، فإن تبني بدائل مبتكرة يُمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز صحة الأفراد والمجتمعات. ومع ذلك، يبقى الخيار الأفضل لأي مدخن هو الإقلاع عن التدخين واستخدام النيكوتين بشكل أقل خطورة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار
"الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار

فلسطين اليوم

timeمنذ 2 أيام

  • فلسطين اليوم

"الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار

فلسطين اليوم - غزة قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، إن العمليات البرية الإسرائيلية المكثفة على غزة وطلبات الإخلاء الجديدة، دفعت النظام الصحي إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار. وفي منشور على إكس، أشار غيبريسوس، إلى أن مستشفيات الإندونيسي وكمال عدوان والعودة، و3 مستوصفات و4 نقاط صحية، تقع ضمن منطقة الإخلاء، التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء. كما أشار إلى أن مستشفيين آخرين و4 مستوصفات و6 نقاط صحية، تقع على بعد كيلومتر واحد عن المنطقة المذكورة. وذكر غيبريسوس، أن مستشفى غزة الأوروبي، ونقاط صحية أخرى في جنوب غزة تقع ضمن مناطق الإخلاء، التي جرى الإعلان عنها الاثنين. ولفت إلى أن مجمع ناصر الطبي، ومستشفى شهداء الأقصى، و5 مستوصفات، و17 نقطة صحية، تقع على بعد نحو كيلومتر واحد من هذه المنطقة. وتابع: "حتى لو لم يتم مهاجمة المرافق الصحية في غزة أو تُجبر على الإخلاء، فإن الهجمات على المناطق هناك وتواجد الجنود يمنع المرضى من الحصول على الرعاية الصحية، ويمنع منظمة الصحة العالمية من إعادة إمداد المستشفيات. هذا الأمر قد يُعطّل عمل المستشفيات بسرعة". وشدد غيبريسوس، على مطالبة منظمة الصحة العالمية بالحماية الفورية للخدمات الصحية. مؤكدا على ضرورة عدم استهداف المستشفيات، ووقف إطلاق النار

الحد من مخاطر التدخين في النرويج بين واقع المجتمع وطموح السياسات العامة
الحد من مخاطر التدخين في النرويج بين واقع المجتمع وطموح السياسات العامة

معا الاخبارية

timeمنذ 2 أيام

  • معا الاخبارية

الحد من مخاطر التدخين في النرويج بين واقع المجتمع وطموح السياسات العامة

رام الله- معا- في ظل التوجهات العالمية لتقليص معدلات التدخين للوصول لمجتمعات أكثر صحة، تبرز قضية التدخين بوصفها معضلة مزمنة، لا تزال الجهات المعنية بمعالجتها تعمل بنهج واحد تقليدي يقوم على الإقلاع الفوري والتام. هذا النهج، رغم وجاهته من الناحية الطبية، لا يبدو منسجماً مع واقع المدخنين، خصوصاً أولئك الذين يرون أنفسهم مرضى بحاجة للعلاج، بل أنهم يستهلكون التبغ والنيكوتين على سبيل الترفيه والتسلية، ويرون أنفسهم كأشخاص يمارسون عادة لها بعد اجتماعي أو نفسي، وربما شخصي. أحدث مثال على ذلك، ما طرحه وزير الصحة والرعاية الصحية النرويجي، يان كريستيان فيستري، من مبادرة حكومية لتقديم برامج علاج مجانية للإقلاع عن التدخين، تتضمن إرشادات وأدوية على نفقة الدولة، وذلك في سياق السعي لتحقيق هدف النرويج الطموح الرامي لتحويل المجتمع النرويجي لمجتمع خالٍ من التبغ والنيكوتين بحلول العام 2030. لكن هذا الطموح سرعان ما اصطدم بالواقع، حيث شكك باحثون في فاعلية هذا التوجه، واعتبروه مثالاً واضحاً على هيمنة السياسة على الأدلة العلمية. في هذا السياق، انتقد الباحث في معهد الصحة العامة، كارل إريك لوند، هذا البرنامج بشدة، معتبراً أنه يخدم شركات الأدوية أكثر مما يخدم المدخنين أنفسهم، فهو يرى أن معظم المستهدفين، والذين يصل عددهم قرابة 300 ألف مدخن يومي، وهم من كبار السن، من خارج سوق العمل، كما يفتقرون من الأساس إلى الدافع للإقلاع، وبالتالي، فإن ضخ الأموال في برامج تقليدية لا تلامس دوافع المستهدفين الحقيقية، هو مجرد تكرار لمحاولات سابقة ثبت محدودية أثرها. المفارقة تكمن في أن البرنامج التجريبي الذي استندت إليه الوزارة، ورغم نتائجه الإيجابية نسبياً (30% أقلعوا بعد 9 أشهر)، لم يغير قناعة لوند؛ إذ أنه يؤمن بأن النجاح الحقيقي يتمثل في تبني خيارات متعددة تناسب شرائح متنوعة، لا في فرض نموذج موحد لا يناسب جميع الفئات. هنا، تبرز سياسة الحد من المخاطر كخيار عملي يوازن بين الطموح والواقع؛ فبدلاً عن التوجه لفرض الإقلاع الكامل، تقترح هذه السياسة تقديم بدائل تحتوي على النيكوتين ولكنها أقل خطورة، كالسجائر الإلكترونية والتبغ المسخن ومنتجات النيكوتين الخالية من التبغ. هذه الخيارات، التي أثبتت نجاحها في إنجلترا ونيوزيلندا، لا تزال محظورة في النرويج، ليس لأسباب علمية، بل نتيجة مواقف سياسية متشددة. ويبدو أن الإصرار على الحلول المثالية، يتجاهل تعقيدات الواقع وتنوع الأفراد في النرويج؛ فتبنّي هدف "مجتمع خالٍ من النيكوتين" يبدو جذاباً على الورق، لكنه يتحول إلى طموح غير واقعي عندما لا يراعي السياق الاجتماعي والنفسي للفئات المستهدفة. المشكلة ليست في الأهداف بحد ذاتها، بل في غياب المرونة والاعتراف بأن تغيير السلوك يتم من خلال خيارات متعددة تُمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات تدريجية نحو نمط حياة أكثر صحة، وبأن تمسك السياسات العامة بنموذج واحد يؤدي إلى إقصاء فئات يمكن إنقاذها صحياً لو أُتيحت لها بدائل واقعية. سياسيون مثل بورده هوكسرود من حزب التقدّم (FrP)، أعادوا طرح إشكالية الحريات الفردية، منتقدين الطابع التوجيهي في الخطة، ذلك أنه برغم تأكيد الوزير فيستري أن البرنامج طوعي، إلا أن الطرح العام لا يزال يغلب عليه الطابع المثالي، لا العملي. وفي خضم هذا الجدل، تبرز تساؤلات مشروعة: هل الدولة تخسر أكثر مما تكسب من المدخنين؟ وهل تكلفة الإقلاع تُعادل فعلاً ما يدفعونه من ضرائب على التبغ؟ المعطيات تشير إلى أن النرويج تجني من ضرائب التبغ ما بين 6 إلى 9 مليارات كرونة سنوياً، بينما تتحمل تكلفة الرعاية الصحية الناجمة عن التدخين. هذه المعادلة المعقدة تُظهر أن النقاش ليس فقط صحياً، بل اقتصادياً أيضاً. من جهتها، وزارة الصحة تشدد على أن السجائر الإلكترونية ليست وسيلة موصى بها للإقلاع، مُبررة ذلك بتجربة المملكة المتحدة التي شهدت انتشاراً واسعاً بين الشباب، ما دفعها لتشديد الرقابة. لكن هذا التبرير لا يقلل من حقيقة أن كثيراً من المدخنين البالغين يرغبون بخيارات أخرى، بعيداً عن العلاج الدوائي. في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل الهدف الحقيقي هو إنقاذ الناس من مخاطر التدخين، أم مواصلة الدفاع عن نموذج واحد لا يناسب الجميع؟. إذا كان الهدف تحسين الصحة العامة، فإنه يتوجب التحرر من المثالية السياسية، وتبنّي منهج أكثر واقعية وإنصافاً، وبالعمل بجدية وفقاً لفكر يرفع من شأن سياسة الحد من المخاطر ولا يرى فيها تراجعاً، بل تطوراً في الفهم والإدارة، واعترافاً بأن الصحة ليست فقط "الامتناع" بمعنى الإقلاع الفوري والتام، بل القدرة على الاختيار الواعي والمستنير.

"الصحة العالمية": النظام الصحي في قطاع غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار
"الصحة العالمية": النظام الصحي في قطاع غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار

فلسطين اليوم

timeمنذ 2 أيام

  • فلسطين اليوم

"الصحة العالمية": النظام الصحي في قطاع غزة وصل إلى نقطة ما بعد الانهيار

فلسطين اليوم - غزة قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، إن العمليات البرية الإسرائيلية المكثفة على غزة وطلبات الإخلاء الجديدة، دفعت النظام الصحي إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار. وفي منشور على إكس، أشار غيبريسوس، إلى أن مستشفيات الإندونيسي وكمال عدوان والعودة، و3 مستوصفات و4 نقاط صحية، تقع ضمن منطقة الإخلاء، التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء. كما أشار إلى أن مستشفيين آخرين و4 مستوصفات و6 نقاط صحية، تقع على بعد كيلومتر واحد عن المنطقة المذكورة. وذكر غيبريسوس، أن مستشفى غزة الأوروبي، ونقاط صحية أخرى في جنوب غزة تقع ضمن مناطق الإخلاء، التي جرى الإعلان عنها الاثنين. ولفت إلى أن مجمع ناصر الطبي، ومستشفى شهداء الأقصى، و5 مستوصفات، و17 نقطة صحية، تقع على بعد نحو كيلومتر واحد من هذه المنطقة. وتابع: "حتى لو لم يتم مهاجمة المرافق الصحية في غزة أو تُجبر على الإخلاء، فإن الهجمات على المناطق هناك وتواجد الجنود يمنع المرضى من الحصول على الرعاية الصحية، ويمنع منظمة الصحة العالمية من إعادة إمداد المستشفيات. هذا الأمر قد يُعطّل عمل المستشفيات بسرعة". وشدد غيبريسوس، على مطالبة منظمة الصحة العالمية بالحماية الفورية للخدمات الصحية. مؤكدا على ضرورة عدم استهداف المستشفيات، ووقف إطلاق النار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store