logo
مبادرات لإعادة جمال الخرطوم المدفون تحت ركام الحرب

مبادرات لإعادة جمال الخرطوم المدفون تحت ركام الحرب

Independent عربية٢٤-٠٤-٢٠٢٥

على رغم هول الكارثة وصدمة المشاهد التي خلفت آثاراً نفسية عميقة، يرفض سكان الخرطوم الاستسلام لحجم الدمار الذي لحق بمدينتهم وببنيتها التحتية وطرقاتها، إذ يعزف متطوعون لحن الأمل للعودة للعاصمة السودانية عبر إطلاق مبادرة تستهدف إعادة تشجير شوارع مدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، وتنفيذ حملة رش وردم البؤر التي يتكاثر فيها البعوض، لعكس جمال وتنوع وثراء الطبيعة وبث الأمل في نفوس السودانيين بإعادة الإعمار وتحفيز النازحين واللاجئين من أجل العودة لديارهم.
وأطلق موسيقيون سودانيون مبادرة لرد الروح إلى دور الفن والثقافة التي تعرضت لأضرار بالغة من خلال تقديم عروض موسيقية بهدف بث رسائل تدعو إلى التفاؤل وإعادة البريق لدور السينما والمسارح بصورة مغايرة عن واقع الخراب والدمار.
تفاعل كبير
ووجدت المبادرة تفاعلاً كبيراً من السودانيين داخل البلاد وخارجها من خلال المشاركة في شراء شتلات لأشجار النخيل والزهور على أنواعها والتبرع بها بغية إعادة الحياة للعاصمة.
في السياق، يقول عضو مبادرة تشجير شوارع الخرطوم إبراهيم بابكر إن "فكرة تحدي الإعمار جاءت من منظور اجتماعي وواجب وطني بسبب الحرب والدمار الذي لحق بولاية الخرطوم منذ اندلاع الصراع المسلح، إذ تعرضت البنى التحتية والمنازل والمقار والشوارع لأضرار بالغة جراء القصف المدفعي، بالتالي تحتاج إلى مشاريع تأهيل جديدة حتى تعود العاصمة لسابق عهدها".
أطلق موسيقيون سودانيون مبادرة لرد الروح إلى دور الفن والثقافة (اندبندنت عربية - حسن حامد)
وأضاف أن "عدداً من المتطوعين ونجوم المجتمع دعوا إلى تبني الفكرة وتطويرها لتصبح مبادرة تشمل عمليات التشجير والترميم وإنارة الطرق الرئيسة والشوارع الفرعية، فضلاً عن حملات لإصحاح البيئة والنظافة، إضافة إلى ترميم عدد من منازل الأرامل المتضررة".
وأوضح بابكر أن "المبادرة وجدت تفاعلاً وقبولاً كبيرين من المتابعين، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي داخل السودان وخارجه، وتعهد عدد من الشباب بالمشاركة في إعادة إعمار المناطق المتأثرة في الخرطوم، وأعلن مهندسون وفنيو كهرباء ومتخصصون في مجال التشجير والبيئة الإسهام في العمل وتقديم المعينات اللازمة".
رسائل فنية
في غضون ذلك، دشن الموسيقار السوداني حسام عبدالسلام مبادرة رد الروح إلى دور الفن والمسارح، إذ عزف مقطوعات موسيقية أمام مبنى قاعة الصداقة في الخرطوم بهدف إرسال رسائل عدة، وقدم مقطوعة أغنية "يقظة شعب" للفنان الراحل محمد وردي، وفيها:
نحن في الشدة بأس يتجلى
وعلى الود نضم الشمل أهلا
ليس فى شرعتنا عبد ومولى
قسما سنرد اليوم كيد الكائدين
وحدة تبقى على مر السنين
وحين خط المجد في الأرض دروبه
عزم ترهاقا وإيمان العروبة
عربا نحن حملناها ونوبه
بدمانا من خلود الغابرين
هو يحدونا إلى عز مبين
همنا في العيش إقدام وجود
وعن الأوطان بالموت نزود
لنرى السودان خفاق البنود
وغدا سوف يعلو ذكرنا في العالمين
فعلوا كان شأن العاملين.
شرع عدد من شباب وأهالي أحياء البراري والامتداد وشرق النيل في تطبيق عمليات إصحاح البيئة من أجل مكافحة البعوض ومحاربة الملاريا والكوليرا (اندبندنت عربية - حسن حامد)
وعن الرسائل والأهداف، يقول الموسيقار السوداني إن "الفنانين ارتبطوا وجدانياً بقاعة الصداقة في الخرطوم نظراً إلى أنها تعتبر من أكبر المسارح في العاصمة، وشهدت ميلاد أغنيات خالدة وحفلات لرموز الفن السوداني".
وأضاف أن "المقطع الموسيقي لأغنية 'يقظة شعب' هو رسالة الهدف منها تحفيز التقارب والتنوع العربي والأفريقي في السودان وتماسكه إلى الأبد، فضلاً عن محاربة خطاب الكراهية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش السلمي".
وأوضح عبدالسلام أنه "عمل عكس الواقع في العاصمة وعزف لحن الأمل وتحرك في الشوارع بكل حرية ومن دون قلق، نتيجة شعور بالأمان بعد طرد قوات 'الدعم السريع' من الخرطوم".
بيئة خضراء
وبالتزامن مع انطلاق المبادرة، شرع عدد من شباب وأهالي أحياء البراري والامتداد وشرق النيل في تطبيق عمليات إصحاح البيئة من أجل مكافحة البعوض ومحاربة الملاريا والكوليرا.
وفي هذا الصدد، أوضح محمد الباشا، أحد الموجودين داخل الخرطوم من منطقة شرق النيل، أنه "على رغم الظروف المعيشية للسكان العالقين والافتقار إلى الخدمات، شارك العشرات في المبادرة من خلال غرس أشجار النخيل والزهور على أنواعها للنهوض من ركام الكارثة التي ألمت بالعاصمة بسبب تداعيات الحرب. وأثارت الخطوة الإعجاب في منتديات السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي لما تحمله من رمزية للتحدي والمقاومة".
وأضاف أن "المواطنين في الأحياء السكنية وفروا المكانس ومعدات النظافة لجمع القمامة من الطرقات وتسوية المطبات تمهيداً لتدشين مشروع البيئة الخضراء بزراعة الأشجار في شوارع المنطقة".
وأشار الباشا إلى أنهم "يعملون على تغيير الصورة النمطية المتعلقة بمشاهد الخراب والدمار إلى أعمال تعكس جمال البلاد وتنوعها، مع مشاركة صور الأعمال اليومية على نطاق واسع لكسر روتين الـ'سوشيال ميديا' المثقل بجراح الوطن وأخبار القتل والاغتصاب والتشرد".
المواطنون في الأحياء السكنية وفروا المكانس ومعدات النظافة لجمع القمامة من الطرقات (اندبندنت عربية - حسن حامد)
تكافل المجتمع
على الصعيد نفسه، أشار الناشط المجتمعي أشرف الجزولي إلى أن "تعدد المبادرات يسهم في إعادة الإعمار وحلحلة كثير من المشكلات المتعلقة بالبيئة وإنارة الشوارع وإزالة المخلفات، وكذلك القيام بعمل فاعل يسلط الضوء على دور السودانيين عبر التاريخ في إرساء قيم التكافل الاجتماعي والتطوع، بخاصة في وقت الأزمات والحروب والكوارث".
وقال إن "كثيراً من الأماكن التي استُهدفت في الخرطوم أوجعت قلبي لأنني عشت أجمل ذكرياتي في العاصمة، فلم أستوعب التدمير الممنهج للمقار والدوائر الحكومية ومنازل المواطنين ومظهر أرض النيلين، لهذا كان لا بد من تفعيل مبادرات من أجل إعادة إعمارها من جديد".
وتابع الجزولي "طوال أيام الحرب كنت أسأل نفسي هل ستعود الأماكن التي دمرت مرة أخرى؟ كيف سنرى الخرطوم بعد توقف القتال على هذا النحو؟ ولكن بعد هذه المبادرات عادت قوتي من جديد عندما تابعت التفاعل الكبير لعدد من الشباب مع الخطوة، والتأكيد على المشاركة بالجهد والمال لإعادة الخرطوم سيرتها الأولى".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحديات وخطط
على نحو متصل، رأى المتخصص في مجال الكوارث والبيئة بشري الجاك أن "التحدي الأهم الذي ينبغي وضعه في الاعتبار من قبل أصحاب المبادرة هو البيئة وضرورة بذل جهود مضاعفة لمعالجة الأزمة لأن معظم أحياء العاصمة تئن من تراكم النفايات وأطنان القمامة، بالتالي يجب أن تكون الأولوية لإصحاح البيئة تفادياً لنشر الأمراض".
وشدد على تشجيع مثل هذه المبادرات ودعم القائمين على أمرها، ودعا منظمات المجتمع المدني إلى "وضع خطط مماثلة في إطار الجهود لإعادة إعمار الخرطوم نظراً إلى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل والطرقات الرئيسة".
ولفت الجاك إلى "أهمية التشجير والإنارة لإضافة جماليات جديدة تسهم في التغطية على آثار الخراب، وتعكس جوانب مشرقة حتى يفلح الأطفال في التعايش مع الواقع الجديد، بعيداً من مشاهد العنف".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شاهد بالصورة والفيديو.. سوداني يسقط نفسه من الكرسي الذي يجلس عليه ويدخل في رقص هستيري أثناء متابعته حفل "طمبور" حاشد بالولاية الشمالية
شاهد بالصورة والفيديو.. سوداني يسقط نفسه من الكرسي الذي يجلس عليه ويدخل في رقص هستيري أثناء متابعته حفل "طمبور" حاشد بالولاية الشمالية

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

شاهد بالصورة والفيديو.. سوداني يسقط نفسه من الكرسي الذي يجلس عليه ويدخل في رقص هستيري أثناء متابعته حفل "طمبور" حاشد بالولاية الشمالية

نشر في النيلين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان, مقطع فيديو أثار سخرية وضحكات الجمهور والمتابعين الذين تناقلوه على السوشيال ميديا. وبحسب ما شاهد محرر موقع النيلين, فقد فشل رجل سوداني, في السيطرة على نفسه خلال متابعته حفل "طمبور", حضره جمهور غفير. الرجل قام بإسقاط نفسه من الكرسي الذي كان يجلس عليه, ودخل في رقص هستيري مع "كورس" الفنان وسط إعجاب وصيحات الجمهور الحاضر. محمد عثمان _ الخرطوم النيلين script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

مبادرات لإعادة جمال الخرطوم المدفون تحت ركام الحرب
مبادرات لإعادة جمال الخرطوم المدفون تحت ركام الحرب

Independent عربية

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • Independent عربية

مبادرات لإعادة جمال الخرطوم المدفون تحت ركام الحرب

على رغم هول الكارثة وصدمة المشاهد التي خلفت آثاراً نفسية عميقة، يرفض سكان الخرطوم الاستسلام لحجم الدمار الذي لحق بمدينتهم وببنيتها التحتية وطرقاتها، إذ يعزف متطوعون لحن الأمل للعودة للعاصمة السودانية عبر إطلاق مبادرة تستهدف إعادة تشجير شوارع مدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري، وتنفيذ حملة رش وردم البؤر التي يتكاثر فيها البعوض، لعكس جمال وتنوع وثراء الطبيعة وبث الأمل في نفوس السودانيين بإعادة الإعمار وتحفيز النازحين واللاجئين من أجل العودة لديارهم. وأطلق موسيقيون سودانيون مبادرة لرد الروح إلى دور الفن والثقافة التي تعرضت لأضرار بالغة من خلال تقديم عروض موسيقية بهدف بث رسائل تدعو إلى التفاؤل وإعادة البريق لدور السينما والمسارح بصورة مغايرة عن واقع الخراب والدمار. تفاعل كبير ووجدت المبادرة تفاعلاً كبيراً من السودانيين داخل البلاد وخارجها من خلال المشاركة في شراء شتلات لأشجار النخيل والزهور على أنواعها والتبرع بها بغية إعادة الحياة للعاصمة. في السياق، يقول عضو مبادرة تشجير شوارع الخرطوم إبراهيم بابكر إن "فكرة تحدي الإعمار جاءت من منظور اجتماعي وواجب وطني بسبب الحرب والدمار الذي لحق بولاية الخرطوم منذ اندلاع الصراع المسلح، إذ تعرضت البنى التحتية والمنازل والمقار والشوارع لأضرار بالغة جراء القصف المدفعي، بالتالي تحتاج إلى مشاريع تأهيل جديدة حتى تعود العاصمة لسابق عهدها". أطلق موسيقيون سودانيون مبادرة لرد الروح إلى دور الفن والثقافة (اندبندنت عربية - حسن حامد) وأضاف أن "عدداً من المتطوعين ونجوم المجتمع دعوا إلى تبني الفكرة وتطويرها لتصبح مبادرة تشمل عمليات التشجير والترميم وإنارة الطرق الرئيسة والشوارع الفرعية، فضلاً عن حملات لإصحاح البيئة والنظافة، إضافة إلى ترميم عدد من منازل الأرامل المتضررة". وأوضح بابكر أن "المبادرة وجدت تفاعلاً وقبولاً كبيرين من المتابعين، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي داخل السودان وخارجه، وتعهد عدد من الشباب بالمشاركة في إعادة إعمار المناطق المتأثرة في الخرطوم، وأعلن مهندسون وفنيو كهرباء ومتخصصون في مجال التشجير والبيئة الإسهام في العمل وتقديم المعينات اللازمة". رسائل فنية في غضون ذلك، دشن الموسيقار السوداني حسام عبدالسلام مبادرة رد الروح إلى دور الفن والمسارح، إذ عزف مقطوعات موسيقية أمام مبنى قاعة الصداقة في الخرطوم بهدف إرسال رسائل عدة، وقدم مقطوعة أغنية "يقظة شعب" للفنان الراحل محمد وردي، وفيها: نحن في الشدة بأس يتجلى وعلى الود نضم الشمل أهلا ليس فى شرعتنا عبد ومولى قسما سنرد اليوم كيد الكائدين وحدة تبقى على مر السنين وحين خط المجد في الأرض دروبه عزم ترهاقا وإيمان العروبة عربا نحن حملناها ونوبه بدمانا من خلود الغابرين هو يحدونا إلى عز مبين همنا في العيش إقدام وجود وعن الأوطان بالموت نزود لنرى السودان خفاق البنود وغدا سوف يعلو ذكرنا في العالمين فعلوا كان شأن العاملين. شرع عدد من شباب وأهالي أحياء البراري والامتداد وشرق النيل في تطبيق عمليات إصحاح البيئة من أجل مكافحة البعوض ومحاربة الملاريا والكوليرا (اندبندنت عربية - حسن حامد) وعن الرسائل والأهداف، يقول الموسيقار السوداني إن "الفنانين ارتبطوا وجدانياً بقاعة الصداقة في الخرطوم نظراً إلى أنها تعتبر من أكبر المسارح في العاصمة، وشهدت ميلاد أغنيات خالدة وحفلات لرموز الفن السوداني". وأضاف أن "المقطع الموسيقي لأغنية 'يقظة شعب' هو رسالة الهدف منها تحفيز التقارب والتنوع العربي والأفريقي في السودان وتماسكه إلى الأبد، فضلاً عن محاربة خطاب الكراهية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش السلمي". وأوضح عبدالسلام أنه "عمل عكس الواقع في العاصمة وعزف لحن الأمل وتحرك في الشوارع بكل حرية ومن دون قلق، نتيجة شعور بالأمان بعد طرد قوات 'الدعم السريع' من الخرطوم". بيئة خضراء وبالتزامن مع انطلاق المبادرة، شرع عدد من شباب وأهالي أحياء البراري والامتداد وشرق النيل في تطبيق عمليات إصحاح البيئة من أجل مكافحة البعوض ومحاربة الملاريا والكوليرا. وفي هذا الصدد، أوضح محمد الباشا، أحد الموجودين داخل الخرطوم من منطقة شرق النيل، أنه "على رغم الظروف المعيشية للسكان العالقين والافتقار إلى الخدمات، شارك العشرات في المبادرة من خلال غرس أشجار النخيل والزهور على أنواعها للنهوض من ركام الكارثة التي ألمت بالعاصمة بسبب تداعيات الحرب. وأثارت الخطوة الإعجاب في منتديات السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي لما تحمله من رمزية للتحدي والمقاومة". وأضاف أن "المواطنين في الأحياء السكنية وفروا المكانس ومعدات النظافة لجمع القمامة من الطرقات وتسوية المطبات تمهيداً لتدشين مشروع البيئة الخضراء بزراعة الأشجار في شوارع المنطقة". وأشار الباشا إلى أنهم "يعملون على تغيير الصورة النمطية المتعلقة بمشاهد الخراب والدمار إلى أعمال تعكس جمال البلاد وتنوعها، مع مشاركة صور الأعمال اليومية على نطاق واسع لكسر روتين الـ'سوشيال ميديا' المثقل بجراح الوطن وأخبار القتل والاغتصاب والتشرد". المواطنون في الأحياء السكنية وفروا المكانس ومعدات النظافة لجمع القمامة من الطرقات (اندبندنت عربية - حسن حامد) تكافل المجتمع على الصعيد نفسه، أشار الناشط المجتمعي أشرف الجزولي إلى أن "تعدد المبادرات يسهم في إعادة الإعمار وحلحلة كثير من المشكلات المتعلقة بالبيئة وإنارة الشوارع وإزالة المخلفات، وكذلك القيام بعمل فاعل يسلط الضوء على دور السودانيين عبر التاريخ في إرساء قيم التكافل الاجتماعي والتطوع، بخاصة في وقت الأزمات والحروب والكوارث". وقال إن "كثيراً من الأماكن التي استُهدفت في الخرطوم أوجعت قلبي لأنني عشت أجمل ذكرياتي في العاصمة، فلم أستوعب التدمير الممنهج للمقار والدوائر الحكومية ومنازل المواطنين ومظهر أرض النيلين، لهذا كان لا بد من تفعيل مبادرات من أجل إعادة إعمارها من جديد". وتابع الجزولي "طوال أيام الحرب كنت أسأل نفسي هل ستعود الأماكن التي دمرت مرة أخرى؟ كيف سنرى الخرطوم بعد توقف القتال على هذا النحو؟ ولكن بعد هذه المبادرات عادت قوتي من جديد عندما تابعت التفاعل الكبير لعدد من الشباب مع الخطوة، والتأكيد على المشاركة بالجهد والمال لإعادة الخرطوم سيرتها الأولى". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تحديات وخطط على نحو متصل، رأى المتخصص في مجال الكوارث والبيئة بشري الجاك أن "التحدي الأهم الذي ينبغي وضعه في الاعتبار من قبل أصحاب المبادرة هو البيئة وضرورة بذل جهود مضاعفة لمعالجة الأزمة لأن معظم أحياء العاصمة تئن من تراكم النفايات وأطنان القمامة، بالتالي يجب أن تكون الأولوية لإصحاح البيئة تفادياً لنشر الأمراض". وشدد على تشجيع مثل هذه المبادرات ودعم القائمين على أمرها، ودعا منظمات المجتمع المدني إلى "وضع خطط مماثلة في إطار الجهود لإعادة إعمار الخرطوم نظراً إلى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل والطرقات الرئيسة". ولفت الجاك إلى "أهمية التشجير والإنارة لإضافة جماليات جديدة تسهم في التغطية على آثار الخراب، وتعكس جوانب مشرقة حتى يفلح الأطفال في التعايش مع الواقع الجديد، بعيداً من مشاهد العنف".

"أعياد الحصاد" رسائل سلام تتحدى آلة الموت في السودان
"أعياد الحصاد" رسائل سلام تتحدى آلة الموت في السودان

Independent عربية

time٠٩-١٢-٢٠٢٤

  • Independent عربية

"أعياد الحصاد" رسائل سلام تتحدى آلة الموت في السودان

لم تمنع قتامة المشهد ومآسي الحرب السودانيين من تنظيم الفعاليات الثقافية والاحتفال بطقوس المهرجانات، إذ لا تزال أصوات الفن وأصداء الموسيقى ترن بين حين وآخر لتذكر بما تكتنزه ربوع هذا البلد من تراث وفولكلور شعبي كمقاومة إنسانية لتداعيات الصراع المسلح والظروف الصعبة، مما تجلى في منطقة جبال النوبة غرب الخرطوم التي تحتضن على مدى أسبوع احتفالات أعياد موسم الحصاد. ويهدف مهرجان الحصاد إلى تعزيز التعايش بين المكونات الثقافية المتعددة عن طريق الفنون الشعبية، فضلاً عن الدعوة إلى السلام وإيقاف القتال في السودان عبر رقصات "النقارة" و"كرنق" و"كمبلا"، وكذلك الإيقاعات الطروبة ومنافسات "الصراع" أشهر رياضات مجتمعات جبال النوبة. معتقدات خاصة يمتد الحصاد بين منتصف سبتمبر (أيلول) وحتى ديسمبر (كانون الأول)، وخلالها يشرع الشباب "التربالة" بحصاد ثمار الموسم، ويبدأ بطقوس تعرف بـ"سبر اللوبيا" أو "سبر النتل". وشهد اليوم الأول للمهرجان قيام مساعدي "الكجور"، وهو روحاني في مقام رجل الدين، بالتطواف على مناطق الزراعة للتأكد من نضج المحاصيل، ومن ثم الإعلان عن بداية موسم الحصاد، وفي الفترة المسائية بارك السكان خروج "الكجور" من "كوخه" الذي اعتكف فيه أعلى الجبل لأربعة أشهر تمثل موسم الخريف. يعلم مجتمع النوبة الأطفال مبكراً على الزراعة (اندبندنت عربية - حسن حامد) ويتزامن خروج "الكجور" من معقله الخريفي مع اختيار الشباب من الجنسين أزواجاً وزوجات عند قمة الجبل التي يصعدون إليها، ويُعدّ الحصاد في جبال النوبة موسماً للتكافل على طريقة السكان المحليين، إذ تم توزيع الذرة والدخن للنازحين والفارين من ويلات الحرب، بخاصة بعد معاناة سكان ولاية جنوب كردفان شبح المجاعة نتيجة الحصار المفروض على الإقليم من قبل قوات "الدعم السريع" والحركة الشعبية - شمال. رسائل السلام على الصعيد نفسه، اعتبر الباحث في تراث النوبة خميس كوكو أن "مهرجان أعياد موسم الحصاد أسهم في توجيه رسائل مهمة تدعو إلى السلام ووقف القتال في أقاليم السودان كافة، كما أن ألوان الفنون المختلفة تقوم بدور مهم في تخفيف الاحتقانات وإعلاء صوت أنغام الأوتار والرقصات على السلاح، وهي رسائل تمنح السودانيين الثقة والأمل في أن بلادهم ستخرج من هذا النفق المظلم". وأضاف أن "الغناء والاحتفال في ظل الأوضاع الحالية يعتبره بعضهم فعل حياة وتحدٍّ لآلة الموت، وهروباً من حال الحزن والظروف الاقتصادية المتردية". وأوضح كوكو أن "سكان جبال النوبة قدموا أجمل طقوس فنون الأداء التعبيري، وشارك المواطنون جميعاً في طوابير بحسب الأعمار، يقف فيها الرجال بعيداً من النساء، ثم يبدأ الرقص على إيقاع 'الإرشاد' وهو إيقاع موسيقي اشتهرت به المنطقة ويتسم بأنه بطيء، راسمين مشهداً من التلاحم والترابط الحميمين". ولفت الباحث في تراث النوبة إلى أن "هناك طقوساً عدة، من بينها حمل الشباب أسلحتهم التقليدية، مثل الحراب والسكاكين والفؤوس الصغيرة تأهباً للدفاع عن النفس، أما النساء فيتزيّن بحلي من الذهب والفضة وحلي محلية يطلق عليها 'تربلول'". شهد اليوم الثاني للمهرجان تنظيم نشاط رياضي يسمى "الصراع" (اندبندنت عربية - حسن حامد) مصارعة حرة في غضون ذلك، شهد اليوم الثاني للمهرجان تنظيم نشاط رياضي يسمى "الصراع" يشبه إلى حد بعيد المصارعة الحرة الشهيرة، ويُعدّ ذا عمق ثقافي واجتماعي في مناطق التماس بين قبائل النوبة ذات الجذور الزنجية، وأقيمت مراسم المنافسات بالتزامن مع موسم الحصاد، في سياق الاحتفالات السنوية التي تمتد لمدة أسبوع. ووسط إقبال جماهيري كبير، يدخل الحلبة مصارعان من قبائل مختلفة وبرفقتهما رجل ثالث يعرف محلياً بـ"السباري" ويقوم بمقام الحكم، فهو يحدد قوانين وقواعد اللعبة، وتنتهي المصارعة بإسقاط المهزوم أرضاً وتسمى باللهجة المحلية "أردمية" أو سقطة، ويفوز بها من يتمتع بمهارات عالية وقوة جسدية خارقة. وتُعدّ حلبة مصارعة "النتل" غرب مدينة الدلنج من أكبر حلبات المصارعة في جبال النوبة، يتجمع فيها فرسان الصراع من "جبال النوبة" لتعلن بداية "سبر اللوبيا" من هناك. وتتنوع الفنون الشعبية في الفترة المسائية من خلال رقصات "كرنق" و"كمبلا" و"النقارة"، إذ تقف المرأة معتدلة القامة وتنظر إلى الأمام ويداها في الجنب مع تحريكهما وضرب الرجل اليمنى على الأرض ثم التقدم إلى الأمام، أما الشبان فيقفون معتدلي القامة وعصيهم في أيديهم ويمدون أيديهم إلى الأمام مع ضرب الأرجل والتحرك إلى الأمام والخلف بخفة ورشاقة، أما رقصة "كمبلا"، فتصطف فيها الفتيات على نحو نصف دائري يغنين ليدخل بعد ذلك إلى الساحة الشبان وهم يرتدون الريش و"الكشاكيش" والثياب الملونة في تشكيلات متتالية ليستمتعوا ويمتعوا الحضور بمهاراتهم في هذه الرقصة التي تُعدّ الأولى في جبال النوبة. وفي هذا الصدد، يقول عضو مركز تراث النوبة للثقافة والفنون الشريف حسن تيه إن "الصراع" بصورته التنافسية "يعزز الإحساس بالنصر والتفوق ويحقق السلام النفسي، بما يكفي الفرقاء شر الدخول في معارك وقتال، فخلال الاحتفالات تذوب الفوارق العرقية والثقافية بين القبائل المختلفة وتختفي، ويعم السلم الأهلي والاجتماعي إلى جانب حفظ التراث المتنوع للنوبة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف أن "الفنون تقوم بدور في تخفيف الاحتقانات التي قد تنشب بين المجموعات السكانية باعتبارها تراثاً موسيقياً سودانياً يسهم في توحيد الوجدان الشعبي والوطني". ونوه تيه إلى أن مجتمع النوبة يعلم الأطفال مبكراً على الزراعة، ويبدأون بمزرعة صغيرة خلف المنزل يطلق عليها اسم "جبراكة"، مما "يحمهلم المسؤولية ويجعلهم مسهمين في توفير الأمن الغذائي للأسرة، فهم يعملون إلى جانب أمهاتهم ويتدربون بذلك على العمل في المشاريع الكبيرة". طقوس الزواج وتترافق مع مهرجان موسم الحصاد "طقوس الزواج" وفيها يختار الصبي فتاته، وهنا يقول الباحث في تراث النوبة الطاهر سليمان "يحتفل السكان في جميع مناطق جبال النوبة بنجاح موسم الزراعة وبداية حصاد المحاصيل الجديدة، ويسمى هذا التقليد 'سبر اللوبيا' بلغة مجتمع 'كقولو تانجارا' وهم سكان الأودية الجبلية، وهم من بين المجموعات اللغوية الـ 10 التي تكوّن شعب النوبة ويعرفون بمجموعة 'كادقل وكرنقو وتلشي'، وتضم عشيرة 'كتولسي'". وأضاف أن "الفتيان يخرجون إلى الميادين ويعدون أغنياتهم ليشاركوا بها رصفاءهم في بقية القرى، باعتبارها إيذاناً بعبور ضفة العزوبية إلى ساحل الزواج". وأوضح سليمان أنه "قبل بدء احتفالات الزواج، يتقارع الصبيان بالسياط المصنوعة من جلود الماعز ولحاء الأشجار 'ترن كسو'، ويحصل من يفوز في حفل الجلد على جائزة عبارة عن إناء فخاري له فتحتان، يطلق عليه 'كتو'". وأشار الباحث في تراث النوبة إلى أن "طقوس الاحتفال تختتم برقصة لاستعراض القوة بين الشبان البالغين في سن الزواج وتسمى 'تنكلي'، وتعني أن الشاب عبر مرحلة المراهقة وأصبح في عداد الرجال، وتنتهي الفعالية بإكمال الزيجات، وتقدم القبيلة إلى العرسان الهدايا وعادة تكون من الأبقار والماعز والحلي لكل المتزوجين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store