logo
من له مصلحة في تفجير الكنيسة في دمشق؟

من له مصلحة في تفجير الكنيسة في دمشق؟

صوت لبنانمنذ 9 ساعات

كتب جيرار ديب في 'اللواء':
نقلت قناة «أن بي سي» عن مصادر مقرّبة من إدارة ترامب، الإثنين 23 حزيران الجاري، قولها إن «إيران أرسلت تهديداً للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل الضربة النووية بأنها ستفعّل خلايا نائمة داخل أميركا».
بالتزامن من هذه المصادر، شهدت منطقة الدويلعة في ريف دمشق الأحد 22 حزيران الجاري، تفجيراً انتحارياً استهدف كنيسة مار إلياس. وبحسب وكالة سانا السورية، أقدم شخص إرهابي على تفجير نفسه داخل الكنيسة أثناء وجود المصلين، مما أدّى إلى وقوع ضحايا وإصابات، فهل هذا التفجير هو بمثابة رسالة واضحة إيرانية تصبّ في خانة التهديد لأميركا، تحديداً من سوريا التي توليها واشنطن أهمية في سياساتها الخارجية؟
يبدأ المتابع قراءته في مشهدية التفجير الإرهابية هذه، التي أعادت الذاكرة الجماعية عند الشعب السوري خاصة وشعوب دول الجوار عامة إلى العمليات الإرهابية التي نشطت في المنطقة قبل سنوات، على يدّ مجموعات تنظيمية أطلقت عليها بـ«داعش». هذا التنظيم الذي استفاد من حضوره بين سوريا والعراق الدول التي تسارعت بحجة محاربته إلى وضع موطئ قدماً لها في المنطقة. لهذا شكّلت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً بهدف ضرب نفوذه، ودخلت روسيا الحرب إلى جانب النظام السوري السابق في محاربته، وكذلك فعلت إيران التي استفادت من التنظيم لتوسيع نشاطها ونفوذها وصولاً إلى بيروت.
مستغرباً إن تنفّذ العملية في المكان والزمان الذين يوجهان الإدانة لفلول نظام الأسد وحليفه الإيراني. إذ أتى التفجير الإرهابي بعد توجيه واشنطن ضربات صاروخية على مواقع إيران النووية صباح السبت 21 حزيران الجاري. ومع إلقاء القبض من قبل الأمن السوري على وسيم بديع الأسد، إبن عم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، في عملية أمنية نفذتها السلطات السورية على الحدود مع لبنان، الذي يعدّ من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل التي راكم نفوذاً مع الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد المقرّب من إيران. لهذا لا يستبعد البعض فرضية ان يكون فلول النظام السابق، حرّك عناصره لإحداث إرباك في الداخل السوري على اعتبار أن الفوضى تصبّ في صالح جماعاته في سوريا لإعادة الوصول إلى السلطة من جديد.
إن اختيار سوريا مكاناً لتنفيذ هكذا عملية، له دلالة واضحة عند الجانب الإيراني، الذي تعتبر أنّه فقد مع هروب رئيسها السابق بشار الأسد ورقة رئيسية في المنطقة، عليه استعادتها. فانفتاح النظام الجديد في سوريا على التلاقي مع واشنطن برعاية خليجية يزعج طهران وحلفائها، لذا فإن إعادة سيناريو التفجيرات يساعد في خلق الفوضى والمطالبة بالأمن الذاتي، ما يعيد تكرار تجربة الساحل السوري ومناطق ذات الحضور الفعّال للطائفة الدرزية كجرامانا السورية، كما و«يفرمل» اندفاعية قوات سوريا الديمقراطية على الانخراط في الدولة تحت شعار الحماية الذاتية، الأمر الذي يسهّل على إيران وحلفائها في سوريا إعادة ترتيب أوراقها من جديد.
سيناريو واضح في ظلّ الرغبة الإيرانية بنقل الحرب من أرضها إلى أراضٍ أخرى بعدما فقدت الكثير من ساحاتها في الشارع العربي. لكن اليوم لا يمكن استبعاد فرضية اختراق الجماعات الإرهابية لقوات الأمن السورية، لا سيما بعد صدور قرار بموافقة أميركية على انضمام مقاتلين من جنسيات مختلفة ذات ميول عقائدية متطرفة إلى الجيش السوري. فهذه الفرضية يمكن وضعها على طاولة النقاش، لا سيما وإنه لم يتسنَّ للنظام الجديد في سوريا القيام بـ«أدلجة» الذهنية والعقلية لدى هؤلاء المقاتلين، ونقل تفكيرهم من تنظيمات اجتمعت لإسقاط عدو مشترك إلى وطنيين يرفعون مصلحة البلد فوق كل اعتبار.
مشروع بناء سوريا الجديدة، ليس بمهمة السهلة لدى الشرع، ولا سيما إن سوريا تقع على مفترق نزاعات تضرب المنطقة، ومع تفعيل لغة الاستثمار في الفوضى من قبل المتربصين والمهتمين بإسقاط مهام النظام الجديد في مقدمتهم إيران وإسرائيل.
سيناريو الإرهاب الذي ضرب سوريا يقع أيضاً ضمن دائرة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على افتعال الحرب، وفي ظلّ تنفيذه لنواياه التوسعية في الحرب، من خلال رفع شعار «القوة من أجل السلام»، والسلام بالنسبة إليه هو استسلام العدو، تتعزز فرضية أن تكون العملية من صناعة الاستخبارات الإسرائيلية. فلا شكّ إن لإسرائيل مصلحة في زرع الفوضى في سوريا وتشتيت قدرات النظام الجديد.
تجد حكومة نتنياهو إن سوريا المفككة تحقق لها مكاسب سياسية وميدانية، على اعتبار إنها تبعد النفوذ التركي الداعم الرئيسي لنظام الرئيس الجديد أحمد الشرع. وإن التصريحات التي يطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تصب في خانة توتير العلاقة بين أنقرة واسطنبول، ما يجعل من خطر المواجهة الحدودية تقترب على الجبهة الجنوبية لسوريا. لقد عمد الإسرائيلي بعد سقوط النظام السوري إلى خرق كافة الاتفاقيات بين سوريا وإسرائيل وفرض أمر واقع في الداخل السوري.
ليس التركي من يقلق الإسرائيلي، بل فكرة إعادة سوريا إلى دورها العروبي هو من يزعج نتنياهو. لهذا تهاجم إسرائيل كل دولة داعمة لاستقرار هذا البلد، وعمل على تعطيل دوره، كما وتسعى لزرع الفتن الطائفية على اعتبار إن ترميم سوريا يقلّص من حضورها في الجولان المحتل، ويعرقل قيام مشروع إسرائيل الكبرى.
كل الطرق توصل إلى روما، لهذا تتقاطع المصالح الدولية على أرض سوريا من خلال هذه العملية إن تكررت في أكثر من منطقة. فسوريا «الفوضى»، هي المطلوبة لأعدائها، لهذا لا شكّ إن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الرئيس الشرع وحكومته، أولاً في كشف ملابسات الجريمة، ومنع تكرارها ليقطع الطريق على من يستثمر في الداخل السوري لغايات لا تخدم إلّا مصالح مشاريعه التوسعية.
لا أحد يمكنه أن لا يدين العمل الإرهابي الذي طال جماعة من المؤمنين في الكنيسة، ولكنّ الجميع بات يفتّش عن الفاعل الحقيقي، الذي يعمل على استغلال الفوضى العارمة، بعد تنفيذ الولايات المتحدة عمليات ضرب مفاعل إيران النووية، ليطرح السؤال من له مصلحة في إحياء هذا التنظيم في هذا التوقيت بالذات؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع
الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

الرقم كبير جدّاً... ترامب يطلب من الكونغرس زيادة في ميزانية الدفاع

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الكونغرس ، زيادة ميزانية دفاعية بقيمة 1.01 تريليون دولار للسنة المالية 2026. ومع هذا الرقم الكبير، سيكون الفرق بين سنتيّ 2025 و2026 حوالي 13 بالمئة. (روسيا اليوم)

شو الوضع؟ العين على توقيت مفاوضات أميركا وإيران... جنبلاط يوجه رسائل للحزب: سلّمتُ سلاحي ومزارع شبعا سورية!
شو الوضع؟ العين على توقيت مفاوضات أميركا وإيران... جنبلاط يوجه رسائل للحزب: سلّمتُ سلاحي ومزارع شبعا سورية!

تيار اورغ

timeمنذ ساعة واحدة

  • تيار اورغ

شو الوضع؟ العين على توقيت مفاوضات أميركا وإيران... جنبلاط يوجه رسائل للحزب: سلّمتُ سلاحي ومزارع شبعا سورية!

كل الشرق الأوسط ودوله المكوية بالصراع الأميركي - الإيراني، يتوجه نحو توقيت المفاوضات بين الدولتين. ففي ذلك "تقريش" حسابات الربح والخسارة، وحدود الأدوار، وضبط النفوذ الإقليمي. فعلى نتائج هذه المفاوضات، يتقرر الكثير. إذ لا ينسى أحد تداعيات انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية في ولادة إيران جديدة وانعكاسها على دخول حزب الله مؤسسات الدولة بعد العام ١٩٩٠. وفيما يكرر دونالد ترامب في كل مناسبة فوز بلاده، واحتفاله بالفوائد المنتظرة، أطلّ المرشد الإيراني علي خامنئي ليؤكد انتصار بلاده، معتبراً أن الولايات المتحدة دخلت الحرب "لأنها شعرت أن الكيان الصهيوني سيدمر بالكامل". وخلص خامنئي للإعلان أن أميركا لم تحقق أي إنجاز من هذه الحرب، لا بل أنها تلقت "صفعة قاسية" من إيران. لبنانياً، أطل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليعكسَ اتجاهه مع المشهد الجديد المرسوم أميركياً، وليوجّه سلسلة رسائل وإشارات بالغة الدلالة.جنبلاط بدا في مؤتمره الصحافي وكأنه في اواخر العام ٢٠٠٥ حين أمسك بخريطة تظهر مزارع شبعا ويؤكد عدم لبنانيتها.فإذ دعا حزب الله في شكلٍ مباشر إلى جعل السلاح "من الذاكرة"، كشف أنه "سلّم" مخزن سلاح في المختارة يتضمن النوعين المتوسط والخفيف، للدولة. وإذ لفت جنبلاط الى التغيرات وانتصار أميركا وإسرائيل، رأى ان مزارع شبعا تخضع للقرار ٢٤٢ الذي صدر بعد حرب ١٩٦٧، وبالتالي اعتبارها سورية وليس لبنانية. موقف جنبلاط تعتبر أنها مواكبة للإتجاه في المنطقة والمرعية أميركياً لحل النقاط العالقة سورياً ولبنانياً مع إسرائيل، بما في ذلك تصفية قضية الجولان المحتل نفسه. على خط آخر، بقي تفجير كنيسة مار الياس في دمشق، مثاراً للادانة والتضامن خاصة في لبنان، من خلال سلسلة لقاءات ومواقف تأبى نسيان قضية الحفاظ على التنوع في مجتمعات المشرق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store