زيارة باراك إلى لبنان.. إنذار أميركي أخير أم مناورة تفاوضية؟
زيارة باراك لم تكن مدرجة على جدول الثلاثاء المقبل كما كان متوقعا، لكن سفر الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى البحرين عجّل بقدومه.
بحسب الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل، فإن باراك وصل وبدأ سلسلة من اللقاءات والاتصالات "غير المرئية" التي تتجاوز الرؤساء الثلاثة لتطال مجموعة من النواب والجهات السياسية من داخل وخارج الحكومة.
هذا الطابع "الطارئ" للزيارة يعكس رغبة أميركية واضحة في تسريع التفاوض وإبلاغ لبنان بموقف حاسم، خصوصا أن واشنطن تبدو قاب قوسين أو أدنى من إغلاق هذا الملف دبلوماسيا أو الذهاب إلى خيارات أكثر صرامة.
الرد اللبناني: تفاهم داخلي وتحفّظ سيادي
يؤكد عقيل خلال حديثه إلى "غرفة الأخبار" على "سكاي نيوز عربية" أن الرد اللبناني بات جاهزا وتم تسليمه فعليا للمبعوث الأميركي حتى قبل لقاءاته الرسمية، وهو نتيجة توافق بين الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون ، نواف سلام، ونبيه بري.
هذا الرد، وفق عقيل، رغم قبوله مبدأ البحث في سلاح حزب الله ، مشروط بضمانات أميركية صارمة تقضي بانسحاب إسرائيلي حقيقي من الجنوب ومنع تكرار الاعتداءات.
وأضاف عقيل: "بكلمات أخرى، الدولة اللبنانية لا تمانع النقاش في مستقبل سلاح الحزب، لكنها لا تنوي تقديم أي التزام حاسم ما لم تحصل على مقابل ملموس يضمن أمن لبنان وسيادته. بهذا المنطق، تنسج بيروت مقاربتها السياسية، واضعة مسؤولية الخطوة الأولى على واشنطن وتل أبيب".
حزب الله: من سلاح المقاومة إلى معركة الوجود
في المقابل، لا يظهر حزب الله أي استعداد للتخلي عن سلاحه في الظرف الراهن، إذ يربط بقائه بعدم التزام إسرائيل بأي من تعهداتها السابقة، خصوصا ما يتعلق بوقف إطلاق النار، ويعتبر أن "تجارب الماضي" لا تشجع على الوثوق بأي ضمانات أميركية أو إسرائيلية.
لكن الأهم أن الحزب – وفق تحليل عقيل – لم يعد يقدّم نفسه فقط كمقاومة ضد إسرائيل، بل كطرف يخوض "معركة وجودية" لحماية الطائفة الشيعية ، خاصة في الجنوب.
ويشير عقيل إلى أن هناك تخوّفا فعليا داخل الحزب من سيناريو يشمل ليس فقط نزع السلاح بل تهجير الشيعة من مناطقهم، وتحويل الجنوب إلى منطقة عازلة مكشوفة أمام نيران إسرائيل.
هذا الخطاب يساهم في تعبئة القاعدة الشعبية للحزب، ويربط أمنها ببقاء السلاح، مع استثمار الوقائع الإقليمية، وتحديدا ما يجري في السويداء، لتغذية سردية "التهديد القادم من الشرق" – أي من الجماعات المسلحة في سوريا – وليس فقط من إسرائيل.
أحداث السويداء: ذريعة أمنية إضافية؟
يُبرز حزب الله ما يجري في السويداء كعنصر إضافي في ملف الأمن اللبناني، إذ يشير إلى احتمال تسلل جماعات مسلحة من سوريا عبر الحدود الشرقية نحو البقاع.
وقد دفع هذا التخوّف وفق عقيل بالحزب وأهالي بعض القرى المسيحية والشيعية إلى تنظيم حراسات ليلية على امتداد السلسلة الشرقية.
وتأتي هذه الوقائع لتقوي حجج الحزب أمام أي محاولة نزع سلاح، إذ يقول: إذا لم تكن الدولة السورية قادرة على ضبط مناطقها، وإذا لم يتلقَ النظام نفسه ضمانات أميركية، فكيف يمكن للبنان الاعتماد على التزامات واشنطن وتل أبيب؟
اجتماع بري – باراك: محطة حاسمة في مسار التفاوض
يلفت عقيل إلى أن اللقاء الأهم لباراك في زيارته الحالية سيكون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يُتوقع أن يقدّم موقفا مفصلا يحمل بين طياته رفضا للضغوط الأميركية، مدعوما بجملة معطيات تهدف إلى التشكيك في صدقية "الضمانات" التي تقدمها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
أبرز ما سيثيره بري في هذا اللقاء يتعلق بمستقبل قوات "اليونيفيل"، خاصة بعد أن خفض الكونغرس الأميركي المساهمة المالية المخصصة لها.
وفي ظل هذا التراجع، يصبح القرار 1701 مهددا، ويبدو من وجهة نظر بري أن الضمانات الأميركية غير مكتملة، ما يعني أن أي خطوة لبنانية بنزع سلاح الحزب ستكون مخاطرة غير محسوبة.
واشنطن تضغط.. ولكن إلى أين؟
المعطيات التي بحوزة باراك واضحة: واشنطن تطلب من بيروت التزامات جدية بضبط سلاح حزب الله – على الأقل ما يتعلق بالصواريخ والمسيرات – مقابل التزام إسرائيلي بالانسحاب ومنع الاعتداءات.
لكن الطرف اللبناني، بوساطته الرئاسية وبمباركة الثنائي الشيعي، يطالب بضمانات ملموسة ومكتوبة، لا مجرد وعود سياسية.
ومن هنا، يرى عقيل أن باراك قد يغادر بيروت وقد حمّلها "الإنذار الأخير": عليكم أن تضبطوا سلاح حزب الله، وإلا فإن تداعيات الفشل ستتحملها الدولة اللبنانية.
بين واشنطن وبيروت: حوار غير متكافئ؟
يبدو أن واشنطن تتحرك وكأنها في سباق مع الزمن، ربما لأن الإدارة الحالية تريد تحقيق إنجاز ملموس في هذا الملف قبل الانتخابات، أو قبل تصاعد التوتر إلى حدود الحرب.
وفي المقابل، يعاني الموقف اللبناني من انقسام داخلي وتردد سيادي، فضلا عن شعور عام بعدم الثقة بالنوايا الغربية.
وما بين حذر بيروت، وتمسك حزب الله بسلاحه، تتعقد خيوط المعادلة السياسية، ويبدو أن أي انفراج لن يحدث إلا إذا ضمنت واشنطن – قولا وفعلا – انسحابا إسرائيليا حقيقيا والتزاما بعدم التصعيد.
هل نحن أمام لحظة حاسمة؟
زيارة باراك ليست كسابقاتها، فهي تحمل في طياتها مؤشرات على أن واشنطن قد تكون وصلت إلى "نهاية صبرها"، لكن التحديات اللبنانية – من هشاشة الدولة إلى سلاح الحزب وتوترات الحدود – تجعل من أي تسوية مسألة شديدة التعقيد.
فبين سلاح حزب الله كعنصر توازن داخلي وخطر خارجي، وبين ضمانات لم تصل بعد، تبقى بيروت عالقة في مثلث الضغط الأميركي، والتهديد الإسرائيلي، والحسابات الداخلية.
والسؤال الجوهري الآن: هل يتجه لبنان إلى مرحلة "فرض الخيارات" من الخارج، أم ينجح في اجتراح معادلة تحفظ سيادته، وتحمي أمنه، وتمنع اندلاع حرب جديدة على أرضه؟ الجواب مرهون بما سيحمله باراك في جولاته المقبلة، إن وُجدت.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 23 دقائق
- سكاي نيوز عربية
عون يكشف عن قيامه شخصياً باتصالات مع حزب الله بشأن "السلاح"
وأكد عون خلال استقباله اليوم في قصر بعبدا، وفداً من نادي الصحافة أنه "عندما تكون الأجهزة الأمنية والإرادة السياسية متفقون على هدف واحد، فلا خوف على لبنان". وتابع " الجيش والقوى الأمنية يعملون على توقيف شبكات إرهابية، ويقومون بعملهم على أكمل وجه، ويجب التنبه من الأخبار المفبركة التي تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف من أمور غير موجودة بالأصل". وشدّد عون"على دعمه للقضاء في فتح أي ملف متعلق بالفساد، بمعزل عن أي خلفية طائفية كانت أو حزبية". ولفت إلى أن "ملفات الفساد التي فُتحت الى الآن، متعلقة بأشخاص من مختلف الطوائف والانتماءات الحزبية. وقال: "سأسير في ملف الفساد الى النهاية، شاء من شاء وأبى من أبى". وعن الخلافات الحاصلة حول موضوع اقتراع المنتشرين في الخارج في الانتخابات النيابية، أوضح الرئيس عون " أن هذا النقاش يحسمه مجلس النواب، وأن الحكومة قامت بما عليها". وأشار إلى أن "هناك بعض الاعلام ينحو إلى الإضاءة على السلبيات دون الإيجابيات، والتي هي ليست قليلة إلى الآن. فمنذ زيارتكم الأخيرة الى قصر بعبدا في الماضي، تشكلت الحكومة، وتم تعيين حاكم لمصرف لبنان، ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومجلس القضاء الأعلى، كما جرت الانتخابات البلدية، وغيرها من الأمور التي تحققت. ولا يجب أن نغفل أيضاً، إعادة العلاقات مع الدول العربية إلى نصابها الصحيح". ونفى عون ما تردد من شائعات "عن وقوع مواجهات في الهرمل بين الجيش اللبناني والسوريين"، مؤكداً أنه "اتصل بقائد الجيش العماد رودولف هيكل للوقوف على حقيقة الموضوع، فتبيّن أنه غير صحيح."


البيان
منذ 43 دقائق
- البيان
جمعية الفجيرة الخيرية تسهم في «الفارس الشهم 3»
وأكد أن مشاركة الجمعية في حملة «الفارس الشهم 3» تجسد النهج الإنساني لدولة الإمارات، الذي أرساه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي جعل من العطاء والإغاثة قيمة أساسية في سياسة الدولة، وتواصل قيادتنا الرشيدة هذا النهج الراسخ في دعم المحتاجين وإغاثة المنكوبين.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
الإمارات ترحب باعتزام فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين
وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد عن تقدير دولة الإمارات لهذا القرار المهم، الذي يأتي في لحظة مفصلية تتطلب من المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته، والعمل بشكل جماعي لتفعيل المسار السياسي، وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويدعم في الوقت نفسه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وفقا لقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. كما جدد الشيخ عبدالله بن زايد، تأكيد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم تطلعات الشعب الفلسطيني، وصَون حقوقه، ومواصلة العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق حل عادل ومستدام ينهي الصراع، ويمهد لبناء مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا لشعوب المنطقة.