
لبنان.. حزب الله يناور والدولة تتقدم نحو حصر السلاح
ومع تصاعد التوتر على الجبهة الجنوبية إثر الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي أودت بحياة أربعة مدنيين، يصبح النقاش حول السلاح غير الشرعي أكثر إلحاحًا. فقد أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية استهدفت منشآت تابعة لحزب الله، بالتوازي مع تصاعد الضغوط الدولية، وعلى رأسها الأميركية، التي تربط المساعدات وإعادة الإعمار بخطوات لبنانية واضحة بشأن احتكار السلاح.
ورغم تمسك الحزب العلني بسلاحه واعتباره "ضمانة لأمن لبنان"، تشير التحركات خلف الكواليس إلى وجود مساعٍ للبحث عن "مخرج مشرّف" لهذا الملف المعقّد. وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام تابعة للحزب أن رئيس الجمهورية جوزف عون التقى رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد في جلسة وُصفت بأنها "مصارحة"، ما يدل على جس نبض سياسي يجري حاليا.
إيلي يوسف: القرار مبدئي.. والتنفيذ مرهون بالمناخ الإقليمي
قلل الكاتب والباحث السياسي إيلي يوسف، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية، من احتمالات أن تكون جلسة الثلاثاء "حاسمة بالكامل"، لكنه أشار إلى أنها "ليست جلسة عادية"، خاصة في ظل الرقابة الدولية، وتحديدًا الأميركية، على مسار تطبيق القرار المنتظر. ويوضح يوسف:
"الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالمواقف الرمزية. مطلب إخضاع سلاح حزب الله لسلطة الدولة أصبح مطلبًا أساسيًا. أما إسرائيل، فهي لا تبني سياساتها على انتظار التنازلات اللبنانية، بل تستثمر بقاء السلاح كذريعة للضغط والضربات."
ويؤكد يوسف أن حزب الله بات يدرك أن الظروف الإقليمية والدولية تغيرت، وأن التمسك بالسلاح لم يعد مضمونًا دون مقابل. لكنه يلفت إلى أن الحزب، في المقابل، يفاوض على ما يصفه بـ"حصته" في النظام اللبناني الجديد، كجزء من الضمانات التي يسعى للحصول عليها قبل أن يوافق على أي خفض في قوته العسكرية.
الثلث المعطل غائب.. والمجتمع الدولي يضيق ذرعًا
يشير مراقبون إلى أن حزب الله فقد أداة "الثلث المعطل" داخل الحكومة، ما يجعل قراراتها، نظريًا، قابلة للمرور من دون موافقته الكاملة. لكن واقع السياسة اللبنانية المعقدة، وتعقيدات التوازنات الطائفية، قد تؤجل التنفيذ الفعلي لأي قرار حكومي. وهو ما أشار إليه يوسف بقوله:
"القرار قد يُتخذ يوم الثلاثاء، لكنه سيُحال للمجلس الأعلى للدفاع، الذي سيُكلّف بوضع برنامج زمني للتنفيذ. هذا يعني أن الأمور مرهونة بالتطورات الإقليمية، خصوصًا في الملف الإيراني."
وبينما يراهن المجتمع الدولي على دفع لبنان نحو خطوات إصلاحية، تلوّح بعض القوى الغربية بتجميد مشاريع الإعمار والمساعدات في حال لم تُتخذ خطوات ملموسة بشأن ملف السلاح. في المقابل، يرى مراقبون في بيروت أن حزب الله لا يزال يناور بحثا عن صيغة توافقية، لا تُضعفه سياسيًا، ولا تضعه في مواجهة علنية مع الداخل والخارج.
الخطاب الرئاسي.. والفرصة الأخيرة؟
في احتفال عيد الجيش اللبناني، وجّه الرئيس جوزف عون خطابًا اعتبره البعض بمثابة "فرصة أخيرة" لحزب الله كي يعود إلى منطق الدولة. فالرئيس ذكّر بالمبادئ التي جاء بموجبها إلى قصر بعبدا، وبالاتفاقات التي شارك الحزب نفسه في توقيعها، بما في ذلك البيان الوزاري الذي ينص على حصرية السلاح بيد الدولة.
وفي هذا السياق، يقول يوسف: "التحدي الآن ليس فقط في ما إذا كان حزب الله سيسلم السلاح، بل كيف سيُترجم ذلك عمليًا؟ وما هي الضمانات التي يطلبها؟"
ويتابع أن الحزب يعرف تماما أن "المعادلة تغيّرت"، وأنه لم يعد بإمكانه مواصلة احتكار القرار السيادي، أو الاستمرار بوضع نفسه كـ"دولة داخل الدولة". فالتكلفة باتت باهظة، داخليا وخارجيا.
هل بدأت مرحلة المساومة؟
اللقاء الذي جمع محمد رعد مع رئيس الجمهورية، والحديث عن "جلسة مصارحة"، يعكس حسب مصادر سياسية بداية ما يمكن وصفه بـ"المساومة على الخروج الآمن". فالحزب، وفق إيلي يوسف، بات في موقع يفاوض فيه على ثمن انسحابه التدريجي من المشهد العسكري، لا على بقائه.
"المطلوب اليوم من الحزب أن يعلن متى، وأين، وكيف يمكن تسليم سلاحه؟ هذه الأسئلة لا تزال من دون أجوبة واضحة، لكنها باتت مطروحة بقوة أكثر من أي وقت مضى."
ويرى يوسف أن السيناريو الأقرب سيكون "إقرارًا مبدئيًا" في مجلس الوزراء يوم الثلاثاء، مع الإحالة إلى المجلس الأعلى للدفاع، ووضع "برنامج زمني طويل"، يفتح المجال للمناورة، وربما للمماطلة. لكنه شدد في ختام حديثه على أن:
"الزمن لم يعد مفتوحًا أمام حزب الله.. واللبنانيون قبل المجتمع الدولي يريدون حسمًا لهذا الملف."
يتجه لبنان نحو استحقاق دقيق قد يُشكّل لحظة مفصلية في تاريخه السياسي. حزب الله، الذي طالما تمسك بسلاحه تحت شعار "المقاومة"، يجد نفسه اليوم أمام ضغوط غير مسبوقة، في ظل تآكل البيئة الحاضنة له محليًا، وتزايد عزلة لبنان دوليًا.
الساعات المقبلة قد لا تحمل مفاجآت دراماتيكية، لكنها بالتأكيد ستكرّس تحولًا جديدًا في مشهد لبناني يعيد تعريف معادلات القوة بين الدولة و"دويلتها"، وبين القرار الوطني و"السلاح الخارج عن الشرعية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 26 دقائق
- البيان
تغيير طريق مطار بيروت من "جادة الأسد" إلى "جادة الرحباني"
أعلنت الحكومة اللبنانية تغيير اسم طريق رئيسي في بيروت من "جادة حافظ الأسد" إلى "جادة زياد الرحباني"، في خطوة اعتبرها كثيرون مؤشرا على نهاية حقبة سياسية، وتأتي بعد وفاة الفنان اللبناني والإطاحة بحكم عائلة الأسد في سوريا. وأعلن وزير الإعلام بول مرقص موافقة الحكومة على "تعديل اسم الجادة الممتدة من طريق المطار باتجاه نفق سليم سلام من جادة حافظ الأسد الى جادة زياد الرحباني"، نجل الفنانة فيروز وأحد أبرز المحدّثين في الموسيقى والمسرح في لبنان خلال العقود الماضية، الذي توفي في 26 يوليو/الماضي عن 69 عاما. وبالرغم من ترحيب لبنانيين بالقرار، إلا أن بعضهم، لا سيما في صفوف أنصار الحكم السابق وحزب الله، اعترضوا على القرار. وتعليقا على القرار، قال الممثل المسرحي زياد عيتاني لوكالة الصحافة الفرنسية "كمسرحي سأكون بالتأكيد منحازا لاسم أي فنان على زعيم سياسي، فكيف إذا كان اسم الزعيم مرتبطا بحقبة مظلمة أثمرت مجازر وارتكابات واغتيالات مثل حكم الأسد؟". وفي منشور على منصة إكس، كتب النائب مارك ضو الذي انتخب عام 2022 في عداد نواب من خارج الطبقة السياسية التقليدية، "حافظ الأسد إلى مزبلة التاريخ، زياد الرحباني اسم لجادة المطار إلى الأبد". في المقابل، كتب المحلل السياسي القريب من حزب الله فيصل عبد الساتر على إكس، "تغيير اسم جادة الرئيس حافظ الاسد إلى أي اسم آخر مرفوض جملة وتفصيلا لأنه ناتج عن كيدية سياسية". وتزامن قرار تغيير اسم الجادة مع قرار الحكومة تكليف الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، في قرار غير مسبوق يعكس تغير موازين القوى داخليا وإقليميا. وعلى مدى 3 عقود، كان لسوريا خلال عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد ثم نجله بشار الأسد، وجود عسكري ونفوذ واسع في لبنان وتحكمت بمفاصل الحياة السياسية فيه، قبل أن تسحب قواتها منه في عام 2005 تحت ضغوط شعبية داخلية وأخرى دولية بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. لكن بقيت لها اليد الأعلى في الحياة السياسية، وشكّلت أبرز داعمي حزب الله. وتخللت سنوات ما تسمى بـ"الوصاية السورية "عمليات اغتيال طالت سياسيين وصحافيين ومفكرين مناوئين لدمشق، وأزمات سياسية. يذكر أن الفنان الراحل زياد الرحباني عرف بدعمه للقضية الفلسطينية وفصائل المقاومة ومنها حزب الله الذي انتقده لمرة واحدة قبل بضع سنوات خلال مقابلة تلفزيونية لتدخله في سوريا، لكنه اعتبر -في أعقاب تدخل روسيا العسكري لصالح بقاء نظام الأسد عام 2015- أن سقوط هذا النظام سيؤدي إلى فوضى عارمة بالمنطقة، دون أن تسجل له مواقف جديدة خلال السنوات الماضية بهذا الشأن.


صحيفة الخليج
منذ 26 دقائق
- صحيفة الخليج
لبنان يبحث خطة أمريكية لنزع سلاح حزب الله على 4 مراحل
بيروت ـ (رويترز) انسحب الوزراء المنتمون لـ«حزب الله» وحلفائها في الحكومة اللبنانية من الاجتماع الحكومي، احتجاجاً على مناقشة اقتراح نزع سلاح الحزب، وفق خطة أمريكية على أربع مراحل. وأفادت نسخة من جدول أعمال مجلس الوزراء اللبناني، بأن الولايات المتحدة قدمت إلى لبنان اقتراحاً لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام، إلى جانب إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية وانسحاب قواتها من خمسة مواقع في جنوب لبنان. وتحدد الخطة، التي قدمها مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة توم براك، والتي تجري مناقشتها في اجتماع لمجلس الوزراء اللبناني الخميس، أكثر الخطوات تفصيلاً حتى الآن لنزع سلاح جماعة حزب الله، والتي ترفض الدعوات المتزايدة لنزع سلاحها منذ حرب العام الماضي مع إسرائيل.


سكاي نيوز عربية
منذ 42 دقائق
- سكاي نيوز عربية
بوتين: دولة الإمارات من الأماكن المناسبة للقاء ترامب
أبوظبي - سكاي نيوز عربية قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن دولة الإمارات من الأماكن المناسبة لاحتضان اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبحث فرص إنهاء حرب أوكرانيا.