
أمريكا عجز مكلّل بالهزيمة
بل إنّ اعتراف واشنطن بالعجز سبقه أنسحاب امريكيّ مذلّ بعد إعلان ترامب في أيار الماضي عن وقف العمليّات العسكريّة ضدّ الحوثيين مقابل التزام اليمن بعدم استهداف السّفن الأميركيّة في البحر الأحمر مع استمرار استهداف السفن الاسرائيليّة من قبل القوّات المسلّحة اليمنيّة في البحر الأحمر ممّا شكّل انتصاراً كبيراً لليمن في مواجهة أكبر حملةٍ عسكريّة أمريكيّة واجهها اليمنيّون منذ وقف العدوان السّعودي الأمريكي الصّهيوني. أمّا تل أبيب فقد شهدت إجماعاً سياسيّاً وعسكريّا وإعلاميّا بالاعتراف بالفشل الذّريع في مواجهة الصّواريخ اليمنية التي تطال عمق كيانهم إضافة إلى عجزهم عن وقف أو الحدّ من العمليّات التي تطال السّفن الصهيونيّة وسفن الشركات التي تتعامل معه. وما كلام كبار القادة العسكريين في جلساتهم المغلقة عن أنّ الهجمات الصّاروخية من اليمن باتت تشكل تحدياً كبيراً لكيانهم لم يشهدوه منذ تأسيسه معترفين بأنّ أنظمة الدّفاع الجوي الحالية التي صُمّمت لمواجهة تهديداتٍ قريبةٍ ومتوسطة المدى باتت عاجزةً عن التّصدي للصّواريخ اليمنيّة المجنحة والطّائرات المسيّرة التي تشكّل تهديداً كبيراً للكيان ولملاحته في البحر الأحمر. هذا التّقدير العسكري للعدوّ استدعى من وزارة الحرب في الكيان الغاصب إجراء محادثات مع وزارة الحرب الأمريكيّة وطرح إدخال منظوماتٍ دفاعيّةٍ جديدة مثل الليزر والصّواريخ المضادّة للكروز بالرّغم من أنّ تحقيق ذلك يحتاج إلى سنواتٍ وهذا يبرز التفوّق العسكريّ لليمن المحاصر والخارج من عدوان وحرب كونيّة استمرّت لتسع سنوات تقريبا فالمعادلة الجديدة التي رسمها اليمن تخطّت معادلات الرّدع الى مستوى الهجوم في معركةٍ قد تستمرّ لسنوات وهو ما أشار إليه المتحدّث باسم جيش العدو الاسرائيليّ دانيال هغاري قائلاً: "بأنّ الحوثيّين تحوّلوا من فصيلٍ يمنيٍّ محليٍّ إلى ذراعٍ استراتيجيّةٍ إيرانيّةٍ قادرة على تهديد إسرائيل من آلاف الكيلومترات نحن نراقب مؤشّراتٍ على تنسيق عملياتيّ متزايد بين الحوثيين وحزب الله في مجال الصّواريخ الدقيقة والطّائرات المسيّرة، ويقلق المؤسّسة الأمنية بشدّة، لأنّ الجبهة اليمنيّة قد تفتح باباً لهجماتٍ مشتركةٍ ومتزامنةٍ مع الجبهة اللبنانية والسورية. والتحدّي الآن هو في تطوير قدرةٍ استخباراتيّة تتيح لنا ضرب مصادر التهديد في اليمن دون الغرق في مستنقع حرب لا نهائيّة. أمّا وزير حرب العدو الصهيوني يوآف غالانت فقد اعلن بأنّ إسرائيل لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام هجمات الحوثيّين التي تستهدف مصالحها البحريّة والتجاريّة إذا استمرّت الاعتداءات، فسنتعامل مع التهديد كما لو كان في بيروت أو طهران ولا خطوط حمراء لدينا عندما يتعلّق الأمر بالدّفاع عن أمننا القومي ّرسالتنا واضحة: الرّد على المساس بمصالحنا قد يأتي في أي زمان ومكان، بما في ذلك صنعاء، أمّا على المستوى الإعلامي فقد تحدّث الإعلام العبريّ عن فرض ا"لحوثيين" معادلاتٍ جديدة على العدو سواء في البحر أو في عمق الكيان وفي هذا الصّدد كتب الإعلامي الصّهيوني تال ليف رام مقالاً تحليليّاً في صحيفة معاريف أشار فيه إلى أنّ "الحوثيّين" فرضوا على إسرائيل معادلة ردعٍ بحريّة لم تعرفها منذ عقود. لم تعد عملياتهم مجرد رسائل سياسيّة ، بل تحوّلت إلى كلفةٍ اقتصاديّةٍ مباشرةٍ على الدّولة العبريّة فشركات الشّحن الاسرائيليّة تتكبّد خسائر هائلة بسبب اضطرارها لسلوك طرق بديلة عبر رأس الرّجاء الصالح بدلاً من قناة السويس، مع ما يرافق ذلك من تكاليف تأمين مرتفعة والأخطر من ذلك أنّ الهجمات اليمنية عزّزت شعور الخصوم، خاصّة إيران وحزب الله، بأنّ إسرائيل غير مستعدة فعلياً لفتح جبهةٍ عسكريّةٍ جنوب الجزيرة العربيّة هذا الواقع يضع المؤسّسة الأمنيّة أمام سؤال استراتيجي: هل يمكن الاستمرار في تجاهل اليمن كجبهةٍ ناشطةٍ ضدّ إسرائيل أم أنّ الخيار العسكري المباشر بات حتمياً.
وعليه فإنّ كيان العدو بات أمام أزمةٍ كبيرةٍ تهدّد وجوده في ظلّ تآكل قدراته العسكرية وعجزها عن صدّ الهجمات اليمنيّة ممّا يفرض عليه وفقاً لبعض التّقارير والدّراسات الصّهيونية والغربيّة والأمريكيّة ومنها ما كتبه في معهد واشنطن المحلّل المتخصّص في الشّؤون الأمنيّة والدّفاعيّة المتعلّقة بإيران ومنطقة الخليج فرزين نديمي والباحثة بصناعات الطاقة والشّحن في الشّرق الأوسط، مع تركيز خاص على لبنان والعراق نعوم ريدان تحت عنوان هجمات مميتة تُبرز تزايد هيمنة "الحوثيين" على الملاحة في البحر الأحمر، وهذا الأمر يتطلّب من كيان العدوّ وفقاً للتقارير إعادة رسم استراتيجيته في البحر الأحمر، ليس فقط عسكرياً بل دبلوماسيّاً وأمنيّاً أيضاً من خلال تعزيز التّعاون مع دول مثل إريتريا، السودان، وجيبوتي، وتوسيع البُعد الاستخباراتي في تلك المناطق لضمان مراقبة أفضل لتحركات "الحوثيين" والسّفن الإيرانيّة وهذا يضيف للكيان اعترافا آخر بالهزيمة الاستخباراتيّة في اليمن لعدم توفر مصادر له وعجزه عن إحداث ثغرةٍ أمنيّة في صنعاء إضافة إلى اعترافه بوجود ثغرة خطيرة في منظومته الدّفاعيّة البحريّة والجويّة خاصّة
تجاه الصّواريخ المجنّحة والمسيّرات كلّ تلك الإخفاقات جعلت اليمن متفوّقاً على العدو بالرّغم من عدم التّوازن العسكريّ مع الكيان الذي يمتلك أحدث ترسانة عسكريّة في العالم ودعماً أمريكيّاً وغربيّاً مفتوحاً منذ السابع من أكتوبر ولا زال حتى اليوم لكن كلّ ذلك فشل في وقف أو الحدّ من الهجمات اليمنيّة سواء في البحر الأحمر أو في عمق الكيان والأيام القادمة ستثبت أكثر فأكثر بأنّ اليمن العصي على الجبابرة سينتصر للأمّة وغزة ولن يهزم..
*كاتب وإعلامي لبناني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 4 دقائق
- اليمن الآن
بعد غياب أكثر من 100 يوم..عودة محافظة شبوة فيما محافظو حضرموت والمهرة لا يزالون خارج البلاد
عاد محافظ محافظة شبوة، عوض محمد بن الوزير، إلى مدينة عتق، مركز المحافظة، يوم الخميس، بعد غياب استمر أكثر من 100 يوم قضاه خارج البلاد، وتحديدًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، في واحدة من أطول فترات الغياب التي سجلها محافظو المحافظات الجنوبية خلال العام الجاري. وأعلن إعلام السلطة المحلية في شبوة أن المحافظ "عاد بحفظ الله وسلامته إلى مدينة عتق"، مشيرًا إلى أن فترة تواجده في الخارج خُصصت لبحث مشاريع خدمية وتنموية لصالح المحافظة، ضمن إطار ما وُصف بـ"الدعم الإماراتي المستمر". واستُقبل المحافظ لدى عودته من قبل الأمين العام للمجلس المحلي عبدربه هشله ناصر، إلى جانب وكلاء المحافظة، وعدد من مدراء المكاتب التنفيذية، والقيادات العسكرية والأمنية، إضافة إلى عدد من المستشارين والشخصيات الاجتماعية. وبحسب المصدر ذاته، فقد لقيت عودة المحافظ ترحيبًا واسعًا في الأوساط المحلية، حيث عبّر عدد من أبناء المحافظة عن ارتياحهم وتفاؤلهم بعودته، معبرين عن أملهم في أن تسهم عودته في تعزيز الاستقرار وتحسين الخدمات الأساسية. ويعود تاريخ مغادرة المحافظ بن الوزير إلى 10 أبريل الماضي، حين توجه إلى مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، فيما أشار الإعلام المحلي آنذاك إلى أن الزيارة كانت "لتبادل الخبرات"، لكن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المكلا كانت محطة تمهيدية للمغادرة إلى الخارج عبر مطار الريان الدولي. وقبيل مغادرته البلاد، التقى بن الوزير بمحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، وبحثا التعاون المشترك بين المحافظتين في الجوانب الأمنية والخدمية. ولا يُعد بن الوزير الحالة الوحيدة بين محافظي المناطق المحررة، إذ لا يزال محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي خارج البلاد منذ مغادرته في 22 أبريل الماضي متجهًا إلى السعودية، حيث توثق وسائل الإعلام المحلية لقاءات متفرقة له مع مسؤولين حكوميين وآخرين في الرياض، دون تحديد واضح لطبيعة المهمة أو مدة الغياب. في السياق ذاته، غاب محافظ المهرة محمد علي ياسر لفترة أقصر نسبيًا، حيث وثقت آخر أنشطته المحلية بتاريخ 15 يونيو، حين ظهر في زيارة تفقدية لتقييم الانضباط الوظيفي عقب عطلة عيد الأضحى. وعاد لاحقًا إلى مدينة الغيضة في 12 يوليو الجاري، بعد زيارة خارجية قالت السلطات المحلية إنها خُصصت للقاءات رسمية تهدف لدعم جهود التنمية والاستقرار، دون الإفصاح عن وجهتها. غير أن مصادر إعلامية أشارت إلى ظهوره في لقاء مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، يرجّح أنه عُقد في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، على خلفية أحداث منفذ صرفيت ومنطقة حوف الحدودية. وتطرح هذه التحركات المتزامنة لعدد من المحافظين، وسط صمت رسمي، تساؤلات عن طبيعة الدور الإقليمي في إدارة المحافظات، ومدى تأثير الغياب الطويل على أداء السلطة المحلية والخدمات المقدمة للسكان، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة وتحديات أمنية متصاعدة.


اليمن الآن
منذ 34 دقائق
- اليمن الآن
من يمتلك قرار فتح عقبة ثرة؟
كتاب الرأي كتب: صلاح بن لزرق تحوّل موضوع فتح منفذ عقبة ثرة في الآونة الأخيرة إلى ساحة جدل واسع، امتد ليأخذ طابعًا حزبيًا بين الأطراف، وسط تبادل للتهم بكل أريحية، حيث يرمي كل طرف ما يشاء على الطرف الآخر دون مراعاة لحساسية المرحلة أو احترام لتضحيات الآخرين. المؤسف أن معظم من يخوضون في هذا النقاش لا ينظرون بعين الإنصاف إلى أبطال المقاومة الجنوبية المتواجدين في جبهة ثرة منذ عشر سنوات، وهي سنوات عجاف قدم فيها هؤلاء تضحيات جسيمة. عشر سنوات من الدماء والمعاناة، شهدت سقوط الشهداء، وآخرين أصيبوا بجراح أفقدتهم صحتهم أو جزءًا منها، وأطفال تيتموا، ونساء ترمّلن، وأسر تركت منازلها ونزحت، وفقدت كل ما تملك من أموال وممتلكات، وتكبدت أوجاعًا لا يعلمها إلا الله. ومن هذا المنبر الإعلامي، أقولها بصراحة: من ظل، طوال عشر سنوات، يتكفل بصرف مرتبات أسر الشهداء، ويقوم بعلاج الجرحى، ويواصل – حتى هذه اللحظة – صرف المرتبات وتقديم الدعم اللوجستي للجبهة ومنتسبيها، فإنه الأحق بأن يكون صاحب القرار الأول والأخير في مسألة فتح طريق عقبة ثرة. أما من جاءوا مؤخرًا ويدّعون السعي لفتح المنفذ تحت مسميات أو شعارات براقة، فلا يحق لهم فرض أنفسهم أو التدخل في قرار كهذا. ومن حق القائد العام للجبهة أن يرفض الانصياع لأي ضغوط، بل وحتى أن يرفض وجودهم أو مناقشتهم في هذا الشأن. يجب على الجميع أن يتوقف لحظة، ويتأمل حجم التضحيات التي قدمها هؤلاء الأبطال، ويسأل نفسه: أين كنّا طيلة عشر سنوات من ليالٍ دامية وساعات عصيبة؟ وما الذي قدمناه مقارنةً بمن ضحّى بنفسه وبيته وراحته من أجل هذه الأرض والجبهة؟


وكالة 2 ديسمبر
منذ 2 ساعات
- وكالة 2 ديسمبر
تقنيات تجسس إسرائيلية للحوثيين.. شعارات العداء وإشارات التعاون الخفي وكالة 2 ديسمبر الإخبارية
تقرير| تقنيات تجسس إسرائيلية للحوثيين.. شعارات العداء وإشارات التعاون الخفي في مفارقة تثير الكثير من التساؤلات، كُشف مؤخرًا عن وجود تجهيزات تقنية إسرائيلية ضمن شحنة أسلحة إيرانية أرسلها الحرس الثوري إلى مليشيا الحوثي، وتم ضبطها من قِبل المقاومة الوطنية في البحر الأحمر. المفارقة تكمن في التناقض الصارخ بين الشعارات التي يرفعها الحوثيون، والتي تتوعد إسرائيل بالموت والعداء، وبين هذا النوع من التعاون التقني الذي يعكس واقعًا مختلفًا تمامًا عن الخطاب العلني الذي تروجه الإرهابية. الناطق الرسمي باسم المقاومة الوطنية، العميد الركن صادق دويد، أعلن عن ضبط جهاز تجسس من صنع شركة "سيلبرايت" الإسرائيلية، ضمن الشحنة المهربة من قِبل الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين، مخصص لسحب البيانات والتجسس على خصوصيات المواطنين. و"سيلبرايت" (Cellebrite) هي شركة إسرائيلية متخصصة في تقنيات استخراج وتحليل البيانات من الهواتف المحمولة والأجهزة الرقمية، وتُستخدم أدواتها بشكل واسع من قِبل وكالات أمنية وجهات إنفاذ القانون حول العالم. هذا الكشف ليس الأول من نوعه. فقبل نحو أسبوعين، تداولت مصادر موثوقة معلومات موثقة عن مفاوضات سرية بين مليشيا الحوثي وممثلين عن شركة إسرائيلية تملك السفينة المحتجزة "جلاكسي ليدر"، بهدف التفاوض على إطلاق سراح الطاقم مقابل فدية مالية. وبحسب المعلومات، دخل المفاوضون إلى صنعاء بتنسيق وتسهيلات من جهات قانونية محلية، وعُقدت اجتماعات مع قيادات حوثية، لكن الصفقة تعثرت بسبب مطالبة الحوثيين بمبلغ 10 ملايين دولار، مقابل عرض إسرائيلي لم يتجاوز المليوني دولار. لاحقًا، قصفت إسرائيل السفينة ودمرتها. الأدلة على هذا التواطؤ السري لا تتوقف عند هذا الحد. ففي مارس 2016، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يستعرض مخطوطة نادرة من الإنجيل، عمرها 800 عام، جُلبت من اليمن ضمن مجموعة من اليهود اليمنيين الذين نُقلوا من صنعاء إلى إسرائيل في عملية وصفتها الصحافة الإسرائيلية بأنها "صفقة مباشرة مع الحوثيين". وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وقتها، أن إسرائيل دفعت مبالغ مالية كبيرة لمليشيا الحوثي لتسهيل خروج 18 يهوديًا من العاصمة صنعاء، بترتيب مع الوكالة اليهودية للهجرة. علنيًا، يحرص الحوثيون على تصدير صورة العداء المطلق لإسرائيل، ويطلقون الصواريخ الإيرانية كرسائل رمزية لهذا العداء؛ لكن في الكواليس، لا يبدو أن ذلك يشكل عائقًا أمام الصفقات السرية، طالما أنها تخدم مصالح الجماعة وتوفر مكاسب مالية أو سياسية. الأكثر إثارة للانتباه أن هذا التعاون، رغم تضاده مع المعلن، يجد تفسيرًا أشمل في تشابهات عقائدية متجذرة، فكلٌّ من الحوثيين واليهود يتبنون سرديات دينية تستند إلى "الاصطفاء"، حيث يرى اليهود أنفسهم "شعب الله المختار"، بينما يدعي الحوثيون أنهم "أهل الاصطفاء الإلهي" كما يزعمون.