
"الملكة العذراء": أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى التي "تزوجت إنجلترا"
في مساء أحد أيام شهر يوليو/تموز عام 1575، وصلت الملكة إليزابيث الأولى، والتي كانت تبلغ من العمر آنذاك 41 عاماً، إلى قلعة كينيلورث الواقعة في مقاطعة وركشاير البريطانية، في زيارة كانت الأطول والأخيرة.
كانت الملكة قد أهدت القلعة لروبرت دادلي عام 1563، ومنحته في العام التالي لقب "إيرل ليستر"، ويُعد دادلي من أبرز المقرّبين إلى الملكة، ويُعتقد أنه كان صديقاً لها منذ الطفولة، وقد أثارت طبيعة علاقتهما الوثيقة الكثير من الأقاويل والجدل.
وأجرى روبرت دادلي تجديدات كبرى في القلعة الفخمة، استعداداً لوصول الملكة غير المتزوجة، كما شيّد أبنية جديدة، واستحدث حديقة أنيقة، فضلاً عن تنسيق الأراضي المحيطة على نحو متقن، ولم يدّخر جهداً في تقديم عروض ترفيهية استثنائية، شملت الموسيقى، والرقص، والحركات البهلوانية، والألعاب النارية الجذابة، بالإضافة إلى فقرات فنية أدّاها ممثلون كانوا يرتدون أزياء مسرحية.
لم يبخل دادلي بالجهد أو المال، فقد بلغت تكلفة المناسبة ألف جنيه إسترليني يومياً (ما يعادل 1400 دولار حينها)، وهو مبلغ يُقدّر حاليا بملايين الجنيهات، وقد فُسّرت هذه الاحتفالات المترفة على أنها عرض زواج فخم ومكلّف، يعادل، بمقاييس الطبقة الحاكمة في القرن السادس عشر، استئجار طائرة لرفع لافتة مكتوب عليها "تزوجيني" في عصرنا الحالي.
ويقول جيريمي آشبي، كبير أمناء متحف "التراث الإنجليزي"، لبي بي سي: "كانت احتفالات عام 1575 محاولةً لاستمالة إليزابيث، فالزواج كان أحد الموضوعات الظاهرة في بعض الأنشطة".
ووصفت إليزابيث غولدرينغ، التي أجرت دراسة موسعة عن دادلي، لورد ليستر، هذه المناسبة بأنها "آخر رمية نرد له".
بدت مغامرة دادلي وكأنها تسير بطريقة جيدة، إلى أن وقع تحول مفاجئ في الأحداث، فقد كان من المقرر أن يبلغ برنامج الإقامة ذروته بعرض مسرحي يُعرف باسم "القناع"، يوم الأربعاء الموافق 20 يوليو/تموز، إلا أن العرض لم يُقدّم على الإطلاق، فهل أعاقته الأحوال الجوية السيئة، كما جاء في الرواية الرسمية؟ أم أن الملكة اطّلعت على مضمون العرض واستشاطت غضباً؟ إذ تضمن العرض الإلهة ديانا، ربة العفة، وهي تبحث عن إحدى حورياتها الطاهرات، واسمها "زابيتا"، وهو إسقاط واضح على اسم إليزابيث.
كان من المفترض أن يُختتم العرض المسرحي بظهور رسول من الإلهة جونو، ربة الزواج، يُوجه حديثه إلى الملكة إليزابيث مباشرة، متوسلاً إليها ألا تسلك طريق ديانا، بل أن تختار الزواج بدلاً من العزوف عنه.
وعلى الرغم من أن دادلي كان يحظى بهامش من المرونة في علاقته مع الملكة، إلا أن هذه الرسالة ربما تجاوزت الحدود، ومهما يكن الأمر، لم يُقدَّم العرض، وانتهت مظاهر الاحتفال، ومكثت الملكة في جناحها بضعة أيام أخرى قبل أن تغادر القلعة في 27 يوليو/تموز.
"مليئة بالكبرياء وحادّة الطبع"
أحيت الفنانة ليندسي مندك الذكرى الـ 450 لزيارة الملكة من خلال تصميم عمل نحتي ضخم بعنوان "اللعبة الشريرة" داخل القلعة، يستلهم هذا العمل موضوعه من الميثولوجيا القديمة ومن تفاصيل زيارة الملكة إليزابيث الأولى، ومن الطريقة التي وُظّفت بها صورتها كعذراء في تنفيذ مناورات سياسية ذكية على مدار فترة حكمها التي امتدت 45 عاما.
يتألف العمل من 13 مشهداً متنوعاً، بعضها يغلب عليه طابع شرير، وبعضها الآخر يغلب عليه طابع الكوميديا السوداء، وتُصوّر المنحوتات الملكة ومن حولها في هيئة حيوانات، ويجسّد العمل الرئيسي، إليزابيث كلَبؤة، ودادلي كدب، ورُتبت هذه المشاهد على قطع من رقعة شطرنج ضخمة.
وقالت مندك لبي بي سي: "لعب الشطرنج أمثل تشبيه لما اضطرت إليزابيث إلى فعله كي تضمن بقاءها".
وأضافت: "أراها شخصية شديدة الأهمية، وتمثّل مدخلاً مهماً لفهم كيفية تعاملنا مع النساء اليوم. لقد كان الحدث الذي نظّمه دادلي في كينيلورث يُفترض أن يكون احتفالاً ضخماً لإليزابيث، مليئاً بالترف والمتعة، إلا أنه، في ذات الوقت، كان مشحوناً بدلالات خفية، فالعزوف عن الزواج أو الإنجاب، بالنسبة لنساء قويات كإليزابيث، كان يُعدّ فعلاً متطرفاً يهدف إلى حماية الذات والحفاظ على السيادة الشخصية".
تُعدّ الملكة إليزابيث الأولى، ابنة هنري الثامن، الملكة الإنجليزية الوحيدة التي لم تتزوج إطلاقاً، واعتلت العرش عام 1558 وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، وورثت عن سلفيها، أخيها غير الشقيق إدوارد السادس (1537–1553)، وأختها غير الشقيقة ماري الأولى (1516–1558)، أزمات دينية وسياسية واقتصادية معقدة.
ودأب المستشارون وأعضاء البرلمان على مطالبتها بالزواج حفاظاً على أمن البلاد، فقد كانت فكرة تولي امرأة الحكم منفردة تعد أمراً خارج التصور في ذلك الوقت، وكان الاعتقاد السائد أن الملكة يجب أن تتزوج، ليس لتأمين وريث ذكر وتفادي النزاعات على العرش فحسب، بل أيضاً ليتولّى رجل إدارة الشؤون السياسية والعسكرية.
ولم تهدأ المطالبات بالزواج، وتوالت المقترحات من شخصيات عدة، سواء عبر وسطاء أو بأنفسهم، وعلى الرغم من ذلك، ظلّت إليزابيث ترفض هذه العروض وتُراوغها مراراً، فما هو السبب؟
"لا سيد عليها"
كانت إليزابيث تدرك تماماً أن المرأة تستطيع أن تمارس الحكم بكفاءة، دون الحاجة إلى إشراف رجل أو توجيه منه، ففي صيف عام 1544، شاهدت الملكة، في قصر هامبتون، كاثرين بار - زوجة هنري الثامن - وهي تتولى السلطة بكل حزم أثناء غياب الملك في حملته العسكرية بفرنسا.
وأثبتت كاثرين جدارتها كوصية على العرش، ويبدو أن إليزابيث تأثرت تأثراً بالغاً بمشهد زوجة أبيها وهي تمارس السلطة، وتفرض احترامها على الوزراء والنبلاء رغم نفوذهم ومكانتهم.
علاوة على ذلك، لم تُقدّم أسرة إليزابيث القريبة نموذجاً يُحتذى به في الزواج أو يُبرز محاسنه، فقد أمر والدها باعتقال والدتها، آن بولين، بتهمة زور تتعلق بالزنا والتآمر، ثم اتخذ قراراً صادماً بإعدامها بقطع الرأس، ولم تكن إليزابيث آنذاك قد بلغت الثالثة من عمرها.
ومن بين المنحوتات التي أبدعتها مندك، عمل فني يُمثّل هذا الإعدام، حيث تظهر آن في هيئة ثعلب راكعة في صلاة، أمام الجلاد المتجسّد في صورة كلب شرير.
وذهب بعض المحللين إلى أن إليزابيث ربما كانت تعاني من خوفٍ عميق من العلاقة الجنسية، فعلى سبيل المثال، تتأمل أليسون وير في كتابها بعنوان " إليزابيث، الملكة" في احتمال أن تكون الملكة "قد ربطت بشكلٍ معقد بين العلاقة الجنسية والموت".
وصوّرها مسلسل أنتجته بي بي سي عام 2005، بعنوان "الملكة العذراء"، في شكل ملكة مذعورة من الجنس، بحسب ما أوردته صحيفة التليغراف، وقالت كاتبة السيناريو، بولا ميلن، للصحيفة حينها: "لو طُلب مني كتابة عمل عن امرأة معاصرة قُتلت والدتها على يد والدها، لكان من البديهي أن أتناول الآثار النفسية لذلك".
كانت إليزابيث، في حقيقة الأمر، تميل إلى مرافقة الرجال الجذّابين، وكانت لا تخلو أحياناً من ملامح الغَزَل والملاطفة في تعاملها معهم، بيد أن أنها كانت تمتلك دوافع وجيهة للخوف من الحمل ومخاطر الولادة، إذ وصفت عملية الإنجاب في عهد آل تيودور بأنها محفوفة بالمخاطر، فجين سيمور، الزوجة الثالثة للملك هنري الثامن، توفيت أثناء الولادة، وكاثرين بار توفيت إثر مرض أعقب ولادتها لطفل، كما أن جدة إليزابيث، إليزابيث يورك، توفيت أيضاً بعد ولادة طفلها.
"كيف قُدمت صورة إليزابيث؟"
إلى جانب دوافعها الشخصية، كانت هناك اعتبارات سياسية دفعت إليزابيث إلى العزوف عن الزواج، فمن بين هذه الاعتبارات، على الأرجح، رغبتها في إبقاء البلاد بمنأى عن تأثير القوى الأجنبية، كما أن احتمال ارتباطها بالزواج كانت بمثابة "ورقة ضغط" تُعزّز موقفها الدبلوماسي في تعاملاتها مع فرنسا وإسبانيا وسواهما من الدول.
في المقابل، لو أنها اقترنت بأحد نبلاء إنجلترا، وكان روبرت دادلي مرشحاً محتملاً لولا وفاة زوجته إيمي روبسارت في ظروف غامضة عام 1560، لأثار ذلك استياء نبلاء آخرين وأحدث خللاً في ميزان القوى الداخلية في البلاد.
وهكذا، أبقت إليزابيث الجميع في حالة ترقّب وانتظار، ويبدو أنها كانت تمتلك فهماً غريزياً لما يُعرف اليوم بإدارة العلاقات العامة، إذ كانت حريصة على أن تُظهر نفسها كملكة متفانية تماماً في خدمة شعبها، فمنذ بداية فترة حكمها، بدأت ترسخ صورتها بوصفها "الملكة العذراء"، وفي عام 1559، قالت رداً على أعضاء البرلمان الذين ألحّوا عليها بالزواج: "سيشهد حجر من الرخام ذات يوم أن ملكةً، حكمت لفترة من الزمن، عاشت وماتت عذراء".
ففي المشهد الختامي من فيلم " إليزابيث" الذي أخرجه شيخار كابور عام 1998، أدت الممثلة كيت بلانشيت دور الملكة الشابة، وأعادت تجسيدها مرة أخرى في الجزء الثاني عام 2007 بعنوان" إليزابيث: العصر الذهبي"، ففي الفيلم الأول، نراها وهي تتعمد التحول إلى شخصية "الملكة العذراء"، وتظهر بثوب أبيض أمام بلاطها المذهول وتعلن: "أنا متزوجة من إنجلترا".
وعلى الرغم من أن فيلم كابور لا يلتزم بدقة السرد التاريخي، فإن الحوار فيه يعكس قولاً حقيقياً للملكة عام 1559، حين أعلنت بأنها لن تتزوج لأنها "مرتبطة بالفعل بزوج، ألا وهو مملكة إنجلترا"، واللافت أن شقيقتها ماري الأولى، المعروفة بلقب "ماري الدموية"، كانت قد أعلنت تصريحاً مماثلاً، لكنها تزوجت بعد ذلك فيليب الثاني ملك إسبانيا.
شكّل قرار عدم زواج الملكة إليزابيث عنصراً محورياً في تجسيد شخصيتها في الثقافة الشعبية، وقد عُرض هذا الربط بين الجنس والموت بوضوح في مسلسل لبي بي سي حائز على عدة جوائز إيمي بعنوان "إليزابيث آر" عام 1971.
ففي الحلقة الافتتاحية، تقول إليزابيث، التي أدّت دورها الممثلة غليندا جاكسون: "لم أثق في أي رجل منذ أن كنت في الثامنة من عمري، حين رأيت الملكة كاثرين هوارد (الزوجة الخامسة لهنري الثامن – التي أُعدمت) تجري وهي تصرخ في أروقة القصر تتوسل للملك هنري العظيم، لقد خانها الرجال من كل جانب، تبدأ الحكاية بالثقة، ثم الشغف، وتنتهي بالموت".
قدّمت ميراندا ريتشاردسون شخصية إليزابيث بشكل ساخر في الموسم الثاني من المسلسل الكوميدي المعروف "بلاك آدر"، وتقول في الحلقة الأولى: "الجميع يبدو وكأنهم يتزوجون، باستثنائي أنا"، غير أن الملكة، في سياق الأحداث، تستخدم وعد الزواج كوسيلة لإخضاع بلاك آدر وغيرِه لرغباتها.
والسؤال هل تركت إليزابيث الحقيقية المجال أمام دادلي ليظن أن فرصته معها قائمة؟ وما دلالة زيارة كينيلورث في إطار علاقتهما؟
يقول آشبي: "لا أعتقد أنه (دادلي) شعر بإهانة جراء رفضها لطلبه الزواج، بل كان مسروراً بأن يُنشر سرد رسمي عن الاحتفالات بعد فترة قصيرة، كما أوصى في وصيته بالإبقاء على القلعة كما كانت تماماً. أظن أنه اعتبر عام 1575 بمثابة (أروع لحظاته)، ومن المؤكد أنه لم يبتعد عن الساحة العامة بعد تلك السنة".
واستشاطت الملكة إليزابيث غضباً من دادلي حين تزوج من ليتيس نوليز في عام 1578، غير أنها سامحته لاحقاً، وعندما توفي عام 1588، أغلقت على نفسها غرفتها لفترة طويلة حتى اضطر كبير مستشاريها إلى إصدار أمر بفتح الأبواب بالقوة.
وعُثر بعد وفاة إليزابيث في عام 1603، على رسالة من دادلي، كان قد بعث بها إليها قبل وفاته بوقت قصير، محفوظة في صندوق صغير إلى جوار سريرها، كتبت عليها بخط يدها: "رسالته الأخيرة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟
BBC ظهرت أعلام من أنمي "ون بيس" في أنحاء إندونيسيا كشكل من أشكال الاحتجاج على تزايد مركزية الحكومة. في مسلسل الأنمي، أو الرسوم المتحركة اليابانية، الشهير "ون بيس"، يرفع قراصنة مشاكسون أعلاماً سوداء تحمل جمجمة تعتمر قبعة قش، في مسعاهم لمواجهة نظام قمعي والنضال من أجل الحرية. لكن في يوليو/تموز، بدأت هذه الرموز بالظهور في أنحاء إندونيسيا – عند مداخل البيوت، وعلى ظهر السيارات، وعلى الجدران. بالنسبة لكثيرين، جاءت هذه الخطوة كرد على دعوة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو المواطنين إلى رفع علم البلاد الأحمر والأبيض قبيل عيد الاستقلال في 17 أغسطس/آب. بعض الإندونيسيين اختاروا بدلاً من ذلك رفع أعلام القراصنة، المعروفة باسم "جولي روجر" الاسم التقليدي لعلم القراصنة الأسود الذي يحمل جمجمة وعظمتين متقاطعتين، كرمز لسخطهم، منتقدين ما يقولون إنه تزايد في مركزية الحكم بقيادة برابوو. غير أن هذه الحركة لم تلقَ استحسان الجميع. إذ انتقد نائب رئيس مجلس النواب الإندونيسي في الأسبوع الماضي رفع هذه الأعلام، واصفاً ذلك بأنه "محاولة لشق صف الأمة". بينما ذهب مشرع آخر إلى حد وصفها بالخيانة. نُشر "ون بيس" لأول مرة عام 1997 كـ مانغا، -القصص المصوّرة اليابانية-، من تأليف إييتشيرو أودا، ويُعد من أشهر الأعمال الفنية في العالم. وبيعت منه أكثر من 520 مليون نسخة، فيما تجاوز عدد حلقات المسلسل التلفزيوني 1,100 حلقة. وللمسلسل قاعدة جماهيرية واسعة ومخلصة في إندونيسيا، إذ تحظى الأنمي اليابانية بشعبية كبيرة. وكما يرفع القراصنة في المسلسل، بقيادة مونكي دي. لوفي (وهو شخصية خيالية وبطل "ون بيس"، ويقود طاقم القراصنة)، أعلام "جولي روجر" كرمز للحرية في مواجهة حكومتهم، يقول بعض الإندونيسيين إن رفعهم لهذه الأعلام هو "رمز لحبنا لهذا الوطن، رغم أننا لا نتفق كلياً مع سياساته". وقال علي مولانا، من سكان مدينة جايابورا في إقليم بابوا، إن الأنمي يعكس الظلم وانعدام المساواة الذي يعيشه كثير من الإندونيسيين. وأضاف لبي بي سي "رغم أن البلاد مستقلة رسمياً، إلا أن كثيراً منا لم يختبر الحرية الحقيقية في حياته اليومية". وبالنسبة له ولغيره، كان قرار رفع العلم رداً مباشراً على خطاب للرئيس برابوو في أواخر يوليو/تموز. وقال برابوو في خطابه: "ارفعوا العلم الأحمر والأبيض حيثما كنتم. الأحمر يرمز إلى الدماء التي أُريقت من أجل استقلالنا، والأبيض يرمز إلى نقاء أرواحنا". وقال ديندي كريستانتو، صاحب متجر "ويك ويك" للملابس في جاوة الوسطى، إنه تلقى "آلاف الطلبات" لهذه الأعلام بعد خطاب الرئيس. وأضاف لصحيفة "جاكرتا بوست"، وهي صحيفة إندونيسية تصدر باللغة الإنجليزية: "منذ نهاية يوليو/تموز، بدأت أتلقى مئات الطلبات يومياً من مختلف أنحاء إندونيسيا". لكن بعض كبار المسؤولين أبدوا انزعاجهم من الأمر. وصف نائب رئيس مجلس النواب، سوفمي داسكو أحمد، المعروف على نطاق واسع بأنه الذراع اليمنى لبرابوو، الحركة بأنها "محاولة منسّقة لشق صف الأمة". وقال الأسبوع الماضي: "علينا جميعاً مقاومة مثل هذه الأفعال". أما فيرمان سوباجيو، النائب عن حزب غولكار، وهو من أحزاب يمين الوسط ، فيرى أن رفع هذه الأعلام قد يُعد خيانة. لكن يوم الثلاثاء، قال وزير شؤون الدولة براسيتيو هادي إن الرئيس "لا يعارض" رفع الأعلام كنوع من "التعبير الإبداعي". وجاء في بيان صادر عن مكتبه: "لكن لا ينبغي استخدام ذلك للطعن في أهمية العلم الأحمر والأبيض أو التقليل من شأنه. ويجب ألا توضع الأعلام جنباً إلى جنب بطريقة توحي بالمقارنة أو تثير الخلاف". ولا توجد في إندونيسيا قوانين تقيّد عرض الأعلام الخيالية، لكن القانون ينص على أنه إذا رُفعت إلى جانب العلم الوطني الأحمر والأبيض، يجب أن يكون العلم الوطني مرفوعاً في موضع أعلى. وقالت الشرطة في العاصمة جاكرتا إنها "تراقب استخدام الأعلام والرموز غير الوطنية التي لا تنسجم مع روح الوطنية، بما في ذلك الأعلام ذات الطابع القرصاني أو الخيالي". "تهديد للأمن القومي" EPA في فبراير/شباط، خرج آلاف الإندونيسيين إلى الشوارع للاحتجاج على تخفيضات الميزانية والتغييرات التشريعية التي تسمح للجيش بدور أكبر في الحكومة. تواجه الديمقراطية الإندونيسية، وهي ثالث أكبر ديمقراطية في العالم، تحديات متزايدة في السنوات الأخيرة. وتولى الرئيس السابق جوكو ويدودو السلطة باعتباره ديمقراطياً واعداً، لكنه فقد بعضاً من بريقه في أواخر ولايته الثانية، حين أعاد العمل بعقوبة الإعدام بحق تجار المخدرات، وعيّن الجنرال السابق المثير للجدل برابوو وزيراً للدفاع. وتصاعد غضب الشارع منذ أن تولّى برابوو الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ففي فبراير/شباط، خرج الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على تخفيضات في الميزانية وتعديلات تشريعية تسمح للجيش بلعب دور أكبر في الحكومة. وجاء في منشور على إنستغرام حظي بانتشار واسع: "الأعلام الحمراء والبيضاء باتت مقدسة أكثر من أن نرفعها الآن". ورغم انتقادات بعض المشرعين لرفع أعلام "جولي روجر"، فإن آخرين يرون أنها شكل مقبول من التعبير الشعبي. وقال نائب وزير الداخلية، بيما آريا سوغيارطو، إن هذه الأعلام تمثّل وسيلة للناس لـ"للتعبير عن تطلعاتهم". وأضاف: "مثل هذا الشكل من التعبير ظاهرة طبيعية في ظل الديمقراطية". أما ديدي يفري سيتوروس، من حزب النضال الديمقراطي المعارض، فقال: "هذا النوع من الأفعال الرمزية أفضل من احتجاجات الشوارع التي قد تتحول إلى العنف". وبفضل الشعبية الواسعة لـ"ون بيس" بين مختلف الفئات العمرية في إندونيسيا، فإن الأعلام توفر وسيلة لـ"رفع الوعي حول القضايا السياسية بطريقة مختلفة وفريدة"، حسبما قال دومينيك نيكي فاهريزال، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وبالنسبة لبعض الإندونيسيين، فإن الرد الملتبس من الحكومة على أعلام "جولي روجر" يعكس قوة هذا الرمز. وكتب فرحان رزق الله على منصة "ميديوم"، وهي منصة نشر إلكترونية عالمية للمقالات والمدونات: "من خلال تعاملهم مع علم كرتوني كتهديد للأمن القومي، أضفوا شرعية من حيث لا يدرون على مبررات الاحتجاج برمّتها". وأضاف: "أظهروا أن حلم مونكي دي. لوفي، ذاك الطموح البسيط والثابت للحرية، هو الشيء الوحيد الذي يخشونه حقاً".


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
اكسسوارات سينمائية شهيرة تُعرض في مزاد بأميركا أوائل سبتمبر
عرضت لندن مجموعة من الاكسسوارات السينمائية الشهيرة، الأريعاء، قبل طرحها في مزاد علني في لوس أنجليس أوائل سبتمبر، من بينها سيف «دارث فيدر» الضوئي الشهير الذي استُخدم لقطع يد لوك سكاي ووكر في سلسلة أفلام «حرب النجوم»، وتُقدّر قيمة هذه القطعة بسعر يصل إلى ثلاثة ملايين دولار. صرح مدير العمليات في دار بروبستور للمزادات، براندون ألينغر لوكالة «فرانس برس» خلال عرضٍ لأهم القطع المعروضة في المزاد في لندن الأربعاء «إنها ببساطة قطعةٌ لا تُنسى من تاريخ السينما». واستخدم دارث فيدر هذا السلاح في مشاهد قتالية حُفرت في الذاكرة الجماعية لمحبي السينما في فيلمي «ذي إمباير سترايكس باك» العام 1980 و«ريتورن أوف ذي جيداي» العام 1983. وخلال التصوير، استخدم ديفيد براوس، الممثل صاحب القناع الأسود، وممثل الحركات الخطرة بوب أندرسون نموذجين مختلفين، أحدهما بدون شفرة مثبت بحزام شخصية الشرير، والآخر مخصص لمشاهد القتال، بشفرة خشبية. تُطرح في المزاد النسخة المستخدمة في القتال، ولكن بدون شفرتها الخشبية، إذ تُعرض للبيع بعد أن احتفظ بها فرد أميركي لمدة 40 عاما. اكسسوارت أخرى شهيرة وأكد الخبراء صحة القطعة بمقارنة خدوشها وانبعاجاتها بتلك التي ظهرت في الأفلام، وعلى الرغم من قيمتها، تتكون القطعة من جزء من فلاش كاميرا قديم، أُضيفت إليه أجزاء مُستعادة، بما في ذلك آلة حاسبة، وفق وكالة «فرانس يرس». وفي نفس الإطار، تشمل القطع الأخرى المعروضة في المزاد الذي سيُقام من 4 إلى 6 سبتمبر، السوط والحزام وحافظة المسدس التي استخدمها هاريسون فورد في فيلم «إنديانا جونز أند ذي لاست كروزايد» (1989). وهناك أيضا «جهاز تحليل عصبي» استخدمه العميلان جيه (ويل سميث) وكيه (تومي لي جونز) لمحو الذكريات في فيلم «مِن إن بلاك» (1997). وقد يُباع هذا الجسم المضيء، الذي لا تزال شاشته «ليد» تعمل، بسعر 150 ألف دولار.


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
بعد إعلان تركي آل الشيخ الاعتماد الكامل على السعوديين والخليجيين، هل مصر "خارج موسم الرياض"؟
Getty Images أعلن تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، الاعتماد بشكل شبه كامل على طاقم موسيقي سعودي وخليجي، في الحفلات الغنائية بموسم الرياض. الصيغة التي كتب بها آل الشيخ منشوره على مواقع التواصل، أعطت انطباعاً باستبعاد المصريين من الموسم، لا سيما بعد أن نص على الاستعانة بالمسرح السوري، دون ذكر للمسرح المصري، الأشهر في المنطقة العربية. وجاء في منشور وتغريدة على فيسبوك وإكس قوله: "في موسم الرياض القادم، اعتماد كامل تقريباً على العازفين والموسيقيين السعوديين والخليجيين في الحفلات الغنائية". وأضاف المستشار في الديوان الملكي أن موسم الرياض سيشهد اعتماداً "شبه كامل" على المسرحيات السعودية والخليجية، مشيراً إلى الاستعانة أو "التطعيم بمسرحيات سورية وعالمية". وتباينت ردود الفعل على مواقع التواصل في مصر، فالبعض رأى في ذلك تجاهلاً للفنانين المصريين الذين لطالما أثروا المجال الفني في الدول العربية عامة، وفي الخليج خاصة. واستنتجت بعض الصفحات والمواقع المصرية أن "مصر خارج موسم الرياض" هذا العام. وتساءل البعض: هل عدم وجود الفن المصري ونجومه في الفعاليات السعودية يضر بالفن المصري أم يضر بالفعاليات السعودية؟ مشيراً إلى أن النجوم المصريين هم أصحاب "الجماهيرية الأكبر في العالم العربي". في حين رآى آخرون أن هذه الخطوة تندرج تحت بند "سعودة" مختلف المجالات، أي تحويل العاملين فيها من الجنسيات الأخرى إلى الجنسية السعودية، وهي عملية هيمنت على بعض المجالات الأكاديمية منذ سنوات عدة. وشكك بعض المصريين في نجاح موسم الرياض بدون الحضور المصري، متحدّين هيئة الترفيه ألّا تستخدم الألحان والأغاني واللهجة المصرية، في إشارة إلى صعوبة تحقق ذلك. وكان قرار هيئة الترفيه فرصة استعاد فيها بعض رواد موقع التواصل موقف الفنان المصري محمد سلّام الذي رفض منذ عامين الذهاب إلى موسم الرياض، تضامناً مع حرب غزة؛ حيث رأى أنه لا يمكن للفنان أن يَضحك ويُضحك الجمهور، وعلى حدود بلده أناسٌ يُقتلون. في المقابل، كانت هناك بعض ردود الفعل المصرية التي ثمّنت الخطوة ورأتها مهارة من الفنانين السعوديين الذين استفادوا من التجربة المصرية سريعاً واستطاعوا الاعتماد على أنفسهم وتقديم ما يخص ثقافتهم. وكتب إسلام لطفي "أحب جداً يكون فيه فنانين سعوديين بجد يعبروا عن ثقافتهم المحلية"، واستحسنت هند مختار الخطوة السعودية قائلة إن الرياض تبدأ تجربة الاعتماد على نفسها بعد أن جلبت إليها الخبرات، مضيفة أن "المُجنسين" ممن اكتسبوا الجنسية السعودية، سيكون لهم دور مساعد في هذا المجال. واستنكر المخرج المصري أمير رمسيس الغضب الواسع إزاء هذا القرار، قائلاً إن من حق أي دولة تنمية فنانيها والاعتماد عليهم، متسائلاً "ماذا ينقصنا لفعل الشيء ذاته؟ لماذا نتواكل على الآخر لنقدم ما لدينا؟". ورغم أن بعض التعليقات أشارت إلى أن هذه الخطوة ذات دلالة على خلاف ما بين مصر والسعودية، إلا أن المحلل السياسي السعودي الدكتور محمد الحربي، رفض وجود أزمة سياسية بين البلدين. وأكد الحربي في حديث لبي بي سي أن إعلان آل الشيخ جاء في إطار "الإضافة وتوسع المشروع [الفني] فقط لا غير؛ لأن المسرح المصري أصلاً موجود وبكثافة وعقود ممتدة".