logo
العلماء يشككون في أصول "وهج الانفجار العظيم"

العلماء يشككون في أصول "وهج الانفجار العظيم"

الجزيرة١٢-٠٥-٢٠٢٥

يشكك فريق دولي مشترك بقيادة باحثون من جامعة بون الألمانية في فهم العلماء لإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، الذي ينظر إليه تقليديا على أنه أول إشعاع ضوئي انطلق في الكون بعد الانفجار العظيم.
وبحسب الدراسة ، التي نشرت في دورية "نوكلير فيزيكس بي"، يقترح الباحثون أن المجرات المبكرة، وخاصة الإهليلجية منها، ربما ساهمت بشكل كبير في هذا الإشعاع.
وهج الانفجار العظيم
بعد الانفجار العظيم، تمدد الكون متوسعا بسرعة هائلة لجزء من الثانية، وكان يتألف من حساء بدائي شديد الحرارة (10 مليار درجة مئوية) من فوتونات الضوء والجسيمات الأولية دون الذرية الأخرى، كالبروتونات والنيوترونات والإلكترونات.
وفي الدقائق التالية، اصطدمت البروتونات والنيوترونات الأولى وأنتجت أنوية الذرات الأولى، ولكن في هذه المرحلة، كان الكون لا يزال ساخناً للغاية بحيث لم تتمكن النوى الذرية لهذه العناصر من التقاط الإلكترونات في مداراتها، وتكوين ذرات كاملة.
لذلك، ففي هذه المرحلة من تاريخه، كان الكون معتمًا لا يمرر أي ضوء، بسبب الكثافة الشديدة للإلكترونات السابحة التي لم ترتبط بعد بالأنوية لتكوين الذرات الأولى، مما منع الضوء من المرور.
تخيل مثلا مصباح يشع بالضوء الشديد، لكنه محاط من كل الجوانب بآلاف من قطع الزجاج والمعدن الصغيرة، من الخارج سترى هذا التركيب معتما، رغم أن هناك ضوءا في داخله.
وبعد مرور حوالي 380 ألف سنة من تاريخ الكون، ومع توسعه، بات باردا كفاية ليسمح لتلك الأنوية أن تمسك بتلك الإلكترونات، فتكونت أولى ذرات الهيدروجين والهيليوم الكاملة، هنا انطلقت فوتونات الضوء في سفر طويل لتملأ الكون كله.
ويتمكن العلماء الآن من رصد أثر هذه الفوتونات الضوئية في كل مكان، ويسمى اصطلاحا "إشعاع الخلفية الكونية الميكروي"، أو "وهج الانفجار العظيم"، وكان اكتشافه السبب في حصول عالمي الفلك أرنو بنزياس وروبرت ويلسون على جائزة نوبل للفيزياء عام 1978.
الجيل الأول من النجوم
غير أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن الضوء الشديد المنبعث من الجيل الأول من النجوم التي نشأت في تلك الفترة داخل المجرات الإهليلجية ربما يكون قد أضيف إلى إشعاع الخلفية الكونية الميكروي.
وللتوصل إلى تلك النتائج، استخدم الباحثون محاكاة حاسوبية لتكوين المجرات الأولى، أدمجت فيها ملاحظات من تلسكوبات مختلفة حول العالم، وقامت بحساب كيفية انبعاث الضوء من النجوم بمرور الوقت.
وتبين للعلماء أن هذه المجرات تشكلت بسرعة وعنف، في غضون بضع مئات الملايين من السنين بعد الانفجار العظيم.
وخلال تلك الفترة، أطلقت النجوم العملاقة في تلك المجرات طاقة هائلة، ولاحظ الباحثون أن الطاقة الكلية لهذا الضوء ربما كانت قوية بما يكفي لتُضاف إلى إشعاع الخلفية الكونية.
وعلى مدى مليارات السنين، انزاح هذا الضوء (انزياحه نحو الأحمر) وامتزاج بالخلفية، ليبدو شبيهًا جدًا بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي الذي نراه اليوم، ونعزوه فقط إلى آثار الانفجار العظيم.
تبعات كبيرة
لا تُنكر هذه الفكرة الجديدة أن إشعاع الخلفية الكونية الميكروي حقيقي أو أنه نشأ من الانفجار العظيم، لكنها تُشير إلى أنه قد يحتوي أيضا على "مزيج" من الضوء من مصادر أخرى، وخاصة المجرات الضخمة المبكرة التي كانت شديدة السطوع.
وإذا صح هذا التصور، فإن ذلك يعني إعادة تقييم أصول إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وبالتبعية تحتاج قياساتنا لظروف الكون المبكرة إلى تعديل.
قد يدفع هذا المنظور إلى مراجعة النموذج الكوني القياسي، الذي يعتمد بشكل كبير على إشعاع الخلفية الكونية الميكروي كدليل على الانفجار العظيم.
كما أن إدراك دور المجرات المبكرة في تشكيل الخلفية الإشعاعية للكون يُمكن أن يُعمّق فهمنا لتكوّن المجرات وتطورها.
حاليا، ينوي العلماء فحص هذه الفرضية عبر استخدام بيانات من مرصد جيمس ويب الفضائي لهذه المجرات المبكرة من كثب، ومن ثم التحقق مما إذا كان إشعاع الخلفية الكونية الميكروي يحتوي على "بصمات" للمجرات، مثل أنماط أو تقلبات محددة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علماء يحسبون موعد نهاية الكون حتى تحلل آخر ذرة
علماء يحسبون موعد نهاية الكون حتى تحلل آخر ذرة

الجزيرة

timeمنذ 7 أيام

  • الجزيرة

علماء يحسبون موعد نهاية الكون حتى تحلل آخر ذرة

يتحلل الكون أسرع بكثير مما كان يُعتقد، بحسب نتائج حسابات أجراها 3 علماء هولنديين حول ما يُسمى بإشعاع هوكينغ، وقد حسبوا أن آخر بقايا النجوم تستغرق حوالي 10 أس 78 سنة لتتلاشى، وهذا أقصر بكثير من المدة المفترضة سابقا وهي 10 أس 1100 سنة. وهذا رقم كبير جدا لدرجة تفوق قدراتنا على تخيله، يعني هذا الرقم واحد وخلفه 78 صفرا، ولكتابته بالحروف فإنك بحاجة لتكرار كلمة مليار أكثر من 8 مرات. تبخر النجوم اقترح ستيفن هوكينغ عام 1975 أنه على عكس نظرية النسبية، يمكن للجسيمات والإشعاع الهرب من الثقب الأسود، لأنه على حافة الثقب الأسود، يمكن أن يتشكل جسيمان مؤقتان، وقبل اندماجهما، يُمتص أحدهما داخل الثقب الأسود ويهرب الجسيم الآخر. إحدى عواقب هذه العملية هي أن الثقب الأسود يتحلل ببطء شديد إلى جسيمات وإشعاع، أي أنه يتبخر، وهذا يتناقض مع نظرية النسبية لألبرت آينشتاين، التي تنص على أن الثقوب السوداء لا يمكن إلا أن تنمو. الفكرة كانت في البداية محصورة بالثقوب السوداء فقط، لكن العلماء الهولنديون، بحسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية "جورنال أوف كوزمولوجي أند أستروبار تِكل فيزكس" أشاروا إلى أن الثقوب السوداء ليست فقط ما يمكنه التبخر، بل حتى النجوم النيوترونية والنجوم الأقزام البيضاء يمكن أن "تتبخر" أيضًا بالفكرة نفسها. إعلان وبناء على ذلك، قام الباحثون بحساب الزمن المطلوب لتبخر كل محتويات الكون، حسب حساباتهم الجديدة، فإن عمر الكون النهائي أقصر بكثير مما كنا نظن، والسبب في ذلك أن العلماء أخذوا بعين الاعتبار أن الإشعاع لا يحدث فقط من سطح الجسم، بل من مجاله الجاذبي كله. ووجد الباحثون أن النجوم النيوترونية والثقوب السوداء النجمية تستغرق المدة الزمنية نفسها للتحلل، وهي 10أس 67 سنة، كان هذا غير متوقع لأن الثقوب السوداء تتمتع بمجال جاذبية أقوى، مما يُفترض أن يُسرع تبخرها، لكن تبين من الدراسة أن الثقوب السوداء ليس لها سطح، فهي تُعيد امتصاص بعض إشعاعها الخاص، مما يُعيق العملية. الموت الحراري وتأتي تلك النتائج كمد للخطوط على استقامتها في سياق فرضية "الموت الحراري" للكون، وتمثل أحد السيناريوهات المحتملة لنهاية الكون، والفكرة هي أن الكون لن ينفجر فجأة، بل يموت بهدوء وبطء شديد، حيث يستنفد كل طاقته تدريجيًا حتى لا يتبقى شيء يمكن أن يتحرك أو يتغير. فبعد مليارات السنين، تستهلك النجوم وقودها (من الهيدروجين)، وتتحول إلى أقزام بيضاء، أو نجوم نيوترونية، أو ثقوب سوداء، وبالتالي لا تبقى أي نجوم تشع حرارة أو ضوءا، ولا يوجد شيء جديد يُولد، ومن ثم فإن الطاقة تُوزَّع تدريجيا بالتساوي في كل مكان. وفي هذا السياق فإن الكون يصل إلى حالة اسمها "توازن حراري، حيث لا فرق في درجات الحرارة بين مكان وآخر، ولا يمكن لأي عملية فيزيائية أن تستمر، لأن كل شيء توقف. البشر والقمر ولأن الباحثين كانوا يُجرون البحث على أي حال، فقد حسبوا أيضًا المدة التي تستغرقها أجسام نعرفها، مثل القمر أو جسم الإنسان، للتبخر عبر إشعاع يُشبه إشعاع هوكينغ، وظهر أنها تساوي 10أس 90 سنة. إعلان وبالطبع، يُشير الباحثون إلى وجود عمليات أخرى قد تُسبب اختفاء البشر والقمر أسرع من التقديرات المُتوقعة، ويجري ذلك على كل ما سبق من أجرام، لكن الحسابات هنا نظرية تماما، وفي النهاية فإنها لا تشكل خطرًا حقيقيًا أو وشيكًا. لكن لماذا يقوم العلماء بهذه الحسابات التي تبدو نظرية تماما وبلا أي فائدة؟ السبب تقني بحت، فهذه الحسابات تساعد العلماء على فهم إشعاع هوكينغ بشكل أعمق، وهو مثال على تفاعل بين الرياضيات والفيزياء الكمية وعلم الفلك.

الصواريخ الباليستية أسلحة عابرة للقارات
الصواريخ الباليستية أسلحة عابرة للقارات

الجزيرة

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

الصواريخ الباليستية أسلحة عابرة للقارات

أسلحة إستراتيجية تتبع مسارا منحنيا بعد الإطلاق، يبدأ بدفع قوي باستخدام وقود صلب أو سائل، ثم تحلق بسرعات عالية تصل إلى 24 ألف كيلومتر في الساعة، قبل أن تعود إلى الأرض بفعل الجاذبية. تختلف في مداها من قصيرة إلى عابرة للقارات، وغالبا ما تُجهز لحمل رؤوس نووية. النشأة والتصنيع كانت انطلاقة أول صاروخ باليستي في أثناء الحرب العالمية الثانية ، على يد المهندس الألماني فيرنر فون براون، الذي ابتكر صاروخ "في-2″، مستلهما قانون نيوتن الثالث لدفع الصاروخ. ويعد صاروخ "في -2" من أوائل الصواريخ الباليستية، واستُخدم للمرة الأولى عام 1944 في قصف العاصمة البريطانية لندن. عند الإطلاق، يولد المحرك قوة دفع هائلة مصحوبة بوهج شديد وسحابة دخانية كثيفة، وبعد نفاد الوقود ينفصل المحرك عن الجسم الرئيسي للصاروخ، الذي يواصل الطيران في مسار باليستي خارج الغلاف الجوي. وعند بلوغ أقصى ارتفاع يبدأ الصاروخ في الهبوط بسرعة فائقة باتجاه هدفه، وفي أثناء هذه المرحلة قد يُطلق أهدافا وهمية لتشتيت الدفاعات الجوية، ثم يطلق الرأس الحربي. وتمر الصواريخ الباليستية بـ3 مراحل رئيسية منذ لحظة الإطلاق وحتى إصابة الهدف: تبدأ المرحلة الأولية فور إطلاق الصاروخ وتعتمد على قوة الدفع الناتجة عن احتراق الوقود سواء كان صلبا أو سائلا، لتوليد تسارع كبير يكفي لاختراق الغلاف الجوي، تستمر هذه المرحلة ما بين 3 إلى 5 دقائق وتنتهي بتوقف المحرك. بعد ذلك، يدخل الصاروخ المرحلة الوسطى، وفيها يواصل الصعود من دون دفع إضافي حتى يبلغ أقصى ارتفاع في مساره، ثم يبدأ في الانحدار بفعل الجاذبية، تُعد هذه المرحلة الأطول زمنيا، وقد تمتد نحو 20 دقيقة في حالة الصواريخ بعيدة المدى. وأخيرا في المرحلة النهائية ينفصل الرأس الحربي عن الجسم الرئيسي للصاروخ ويعود إلى الغلاف الجوي بسرعة هائلة، متجها نحو هدفه المحدد بدقة عالية، وتُختتم المرحلة بالانفجار أو الاصطدام، وغالبا لا تتجاوز مدتها دقيقة واحدة. الأنواع تصنف الصواريخ الباليستية إلى 4 أنواع رئيسية، بحسب مدى قدرتها على إصابة الأهداف: الصواريخ الباليستية قصيرة المدى: هي التي لا يتجاوز مداها ألف كيلومتر. الصواريخ الباليستية متوسطة المدى: لها القدرة على الوصول إلى أهداف تقع على مسافة تتراوح بين ألف و3 آلاف كيلومتر. الصواريخ الباليستية طويلة المدى: يصل مداها من 3 آلاف إلى 5500 كيلومتر. الصواريخ الباليستية العابرة للقارات: لها القدرة على عبور القارات وتجاوز الحدود الدولية، وإصابة أهداف تقع على مسافة تفوق 5500 كيلومتر. القدرات العسكرية تعد الصواريخ الباليستية من أعمدة القوة العسكرية الردعية في الإستراتيجيات الدفاعية الحديثة، نظرا لقدراتها التدميرية العالية وسرعتها الكبيرة وتنوع أنماط استخدامها. يتكون الصاروخ الباليستي من محرك قوي وهيكل مزود بخزانات وقود إلى جانب أنظمة إلكترونية دقيقة ووحدات تحكم وحوسبة، إضافة إلى منظومات ملاحة واستشعار متطورة ورأس حربي يمكن تزويده بشحنات تقليدية أو كيميائية أو نووية وحتى بيولوجية. يتطلب التصدي لهذه الصواريخ منظومات متطورة للرصد والاعتراض، تشمل أقمارا صناعية مزودة بحساسات دقيقة، وأنظمة تتبع قادرة على اكتشاف وملاحقة وهج الإطلاق والمسار الباليستي في الزمن الحقيقي، إلى جانب أنظمة قيادة وتحكم عالية الكفاءة وصواريخ اعتراض ذات سرعات فائقة. وتعزز بعض الصواريخ الباليستية قدراتها بتقنية المركبات متعددة الأهداف، حينها يمكن لصاروخ واحد أن يحمل عدة رؤوس حربية تُطلق في مرحلة الهبوط لاستهداف مواقع متعددة، الأمر الذي يصعّب عمليات الدفاع والتصدي. وبفضل هذا المزيج من القدرة التدميرية والسرعة والتكنولوجيا، تُستخدم الصواريخ الباليستية باعتبارها أداة ردع إستراتيجية فعالة، وتُطلق هذه الصواريخ من 3 منصات رئيسية: من البر (عبر الصوامع أو المنصات المتنقلة)، ومن الغواصات، ومن القاذفات الجوية. الفرق بين الصواريخ الباليستية والفرط صوتية تتميّز الصواريخ الفرط صوتية عن الصواريخ الباليستية بقدرتها على المناورة ومراوغة الدفاعات الجوية، إذ تستطيع التحليق بسرعات تتجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت، مع قدرتها على تغيير مسارها في أثناء الطيران، حتى عند دخولها الغلاف الجوي، بخلاف الصواريخ الباليستية التي تتبع مسارا قوسيا ثابتا يخضع للجاذبية بمجرد نفاد وقودها، ما يجعل تحركها قابلا للتنبؤ والاعتراض بالحسابات الفيزيائية.

العلماء يشككون في أصول "وهج الانفجار العظيم"
العلماء يشككون في أصول "وهج الانفجار العظيم"

الجزيرة

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

العلماء يشككون في أصول "وهج الانفجار العظيم"

يشكك فريق دولي مشترك بقيادة باحثون من جامعة بون الألمانية في فهم العلماء لإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، الذي ينظر إليه تقليديا على أنه أول إشعاع ضوئي انطلق في الكون بعد الانفجار العظيم. وبحسب الدراسة ، التي نشرت في دورية "نوكلير فيزيكس بي"، يقترح الباحثون أن المجرات المبكرة، وخاصة الإهليلجية منها، ربما ساهمت بشكل كبير في هذا الإشعاع. وهج الانفجار العظيم بعد الانفجار العظيم، تمدد الكون متوسعا بسرعة هائلة لجزء من الثانية، وكان يتألف من حساء بدائي شديد الحرارة (10 مليار درجة مئوية) من فوتونات الضوء والجسيمات الأولية دون الذرية الأخرى، كالبروتونات والنيوترونات والإلكترونات. وفي الدقائق التالية، اصطدمت البروتونات والنيوترونات الأولى وأنتجت أنوية الذرات الأولى، ولكن في هذه المرحلة، كان الكون لا يزال ساخناً للغاية بحيث لم تتمكن النوى الذرية لهذه العناصر من التقاط الإلكترونات في مداراتها، وتكوين ذرات كاملة. لذلك، ففي هذه المرحلة من تاريخه، كان الكون معتمًا لا يمرر أي ضوء، بسبب الكثافة الشديدة للإلكترونات السابحة التي لم ترتبط بعد بالأنوية لتكوين الذرات الأولى، مما منع الضوء من المرور. تخيل مثلا مصباح يشع بالضوء الشديد، لكنه محاط من كل الجوانب بآلاف من قطع الزجاج والمعدن الصغيرة، من الخارج سترى هذا التركيب معتما، رغم أن هناك ضوءا في داخله. وبعد مرور حوالي 380 ألف سنة من تاريخ الكون، ومع توسعه، بات باردا كفاية ليسمح لتلك الأنوية أن تمسك بتلك الإلكترونات، فتكونت أولى ذرات الهيدروجين والهيليوم الكاملة، هنا انطلقت فوتونات الضوء في سفر طويل لتملأ الكون كله. ويتمكن العلماء الآن من رصد أثر هذه الفوتونات الضوئية في كل مكان، ويسمى اصطلاحا "إشعاع الخلفية الكونية الميكروي"، أو "وهج الانفجار العظيم"، وكان اكتشافه السبب في حصول عالمي الفلك أرنو بنزياس وروبرت ويلسون على جائزة نوبل للفيزياء عام 1978. الجيل الأول من النجوم غير أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن الضوء الشديد المنبعث من الجيل الأول من النجوم التي نشأت في تلك الفترة داخل المجرات الإهليلجية ربما يكون قد أضيف إلى إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. وللتوصل إلى تلك النتائج، استخدم الباحثون محاكاة حاسوبية لتكوين المجرات الأولى، أدمجت فيها ملاحظات من تلسكوبات مختلفة حول العالم، وقامت بحساب كيفية انبعاث الضوء من النجوم بمرور الوقت. وتبين للعلماء أن هذه المجرات تشكلت بسرعة وعنف، في غضون بضع مئات الملايين من السنين بعد الانفجار العظيم. وخلال تلك الفترة، أطلقت النجوم العملاقة في تلك المجرات طاقة هائلة، ولاحظ الباحثون أن الطاقة الكلية لهذا الضوء ربما كانت قوية بما يكفي لتُضاف إلى إشعاع الخلفية الكونية. وعلى مدى مليارات السنين، انزاح هذا الضوء (انزياحه نحو الأحمر) وامتزاج بالخلفية، ليبدو شبيهًا جدًا بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي الذي نراه اليوم، ونعزوه فقط إلى آثار الانفجار العظيم. تبعات كبيرة لا تُنكر هذه الفكرة الجديدة أن إشعاع الخلفية الكونية الميكروي حقيقي أو أنه نشأ من الانفجار العظيم، لكنها تُشير إلى أنه قد يحتوي أيضا على "مزيج" من الضوء من مصادر أخرى، وخاصة المجرات الضخمة المبكرة التي كانت شديدة السطوع. وإذا صح هذا التصور، فإن ذلك يعني إعادة تقييم أصول إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وبالتبعية تحتاج قياساتنا لظروف الكون المبكرة إلى تعديل. قد يدفع هذا المنظور إلى مراجعة النموذج الكوني القياسي، الذي يعتمد بشكل كبير على إشعاع الخلفية الكونية الميكروي كدليل على الانفجار العظيم. كما أن إدراك دور المجرات المبكرة في تشكيل الخلفية الإشعاعية للكون يُمكن أن يُعمّق فهمنا لتكوّن المجرات وتطورها. حاليا، ينوي العلماء فحص هذه الفرضية عبر استخدام بيانات من مرصد جيمس ويب الفضائي لهذه المجرات المبكرة من كثب، ومن ثم التحقق مما إذا كان إشعاع الخلفية الكونية الميكروي يحتوي على "بصمات" للمجرات، مثل أنماط أو تقلبات محددة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store