logo
"شعاب مرجانية" على المريخ.. ما قصة الصورة المثيرة للمسبار "كيريوسيتي"؟

"شعاب مرجانية" على المريخ.. ما قصة الصورة المثيرة للمسبار "كيريوسيتي"؟

الجزيرةمنذ 4 أيام
قدمت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) دليلا جديدا يثبت أن المريخ كان بيئة صالحة لوجود الحياة، قبل مليارات السنين، وكان الدليل هذه المرة وجود جسم غريب يشبه الشعاب المرجانية، وقد تم التقاط صور له داخل فوهة "غيل" بالكوكب.
وأرسل مسبار "كيوريوسيتي" التابع للوكالة صورا لهذا الجسم الغريب، والذي بدا للوهلة الأولى وكأنه قطعة من الشعاب المرجانية القادمة مباشرة من أعماق البحار.
لكن التفسير المصاحب لهذا الاكتشاف -والذي ذكره بيان صحفي لناسا- أزال الغموض، وكشف أن هذه "الشعاب" لم تنشأ في محيط، بل هي صخرة صغيرة على الكوكب الأحمر، نحتتها الرياح وكشفت عن ماضيه المائي المثير.
عروق المعادن
والصخرة التي تم اكتشافها في 24 يوليو/تموز الماضي لا يتجاوز عرضها 2.5 سنتيمتر، وعثر عليها داخل فوهة "غيل" الضخمة وقطرها 154 كيلومترا وقد تشكلت بفعل ارتطام نيزكي.
والتقطت هذه الصورة باستخدام كاميرا التصوير الدقيق البعيدة المدى المثبتة على المسبار، والتي أظهرت تفاصيل دقيقة لفروع صخرية تشبه الشعاب المرجانية على الأرض.
ووفق بيان ناسا، فإن هذه الفروع الصخرية بدأت بالتشكل قبل مليارات السنين، حين كان المريخ لا يزال يحتفظ بمسطحات مائية غنية بالمعادن، حيث تسللت المياه عبر شقوق الصخور، حاملة معها المعادن المذابة التي ترسبت تدريجيا، مكونة "عروقا " معدنية داخل الصخور.
ومع مرور الزمن وجفاف الكوكب، قامت الرياح المحملة بالرمال بتعرية الطبقات المحيطة، لتظهر هذه العروق المعدنية على شكل فروع تشبه المرجان البحري.
اكتشافات غير مألوفة
وهذه ليست المرة الأولى التي يعثر فيها " كيوريوسيتي" على صخور غريبة الشكل في فوهة "غيل". ففي نفس يوم اكتشاف الصخور الشبيهة بالشعاب المرجانية، رصد المسبار صخرة أخرى غير مألوفة أطلق عليها اسم " بابوسو" بعرض 5 سنتيمترات، وعام 2022 التقط صورة لجسم صغير على شكل زهرة مما أثار اهتمام العلماء أيضا.
إعلان
ومنذ هبوطه على المريخ عام 2012، قطع المسبار نحو 35 كيلومترا فقط داخل الفوهة، إذ يتوقف باستمرار لحفر الصخور، وجمع العينات، وتحليل البيانات، وقد ساعدت مهمته في كشف أدلة قوية على أن المريخ كان في الماضي بيئة صالحة للحياة، منها اكتشاف سلاسل كربونية عمرها 3.7 مليارات سنة، ومؤشرات على وجود دورة كربونية مشابهة لتلك التي عرفتها الأرض.
والاكتشاف الجديد، وإن لم يكن دليلا مباشرا على وجود حياة بحرية على المريخ، فإنه يمثل "بصمة" جيولوجية تثبت أن الماء لعب دورا رئيسيا في تشكيل تضاريس الكوكب، وأن الماضي المريخي قد يكون أكثر تشابها مع الأرض مما نتخيل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة
دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

دراسة: زيادة انبعاثات غازات الدفيئة والاحتباس الحراري بوتيرة متسارعة

استمر تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري الذي بدأ في عام 2023، وفقا لأحدث تقييم سنوي للمناخ أجرته الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية، حيث تتكثف تركيزات غازات الدفيئة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي بوتيرة متسارعة، وتسبب كثيرا من مظاهر الطقس المتطرف. وحسب التقييم السنوي للمناخ الصادر عن الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية، ارتفعت تركيزات ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الأكثر تسببا في الاحتباس الحراري، بمعدل قياسي في عام 2024، لتتطابق مع عام 2015، باعتباره أكبر زيادة سنوية منذ بدء التسجيل في عام 1960. وتأتي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المقام الأول من حرق الوقود الأحفوري، والذي يستمر أيضا في الزيادة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من عقود من الاتفاقيات العالمية لإبطاء الانبعاثات. وذكر التقرير أن درجة الحرارة العالمية السنوية على اليابسة والمحيطات كانت الأعلى المسجلة في سجلات الرصد، مشيرا إلى أن عام 2024 شهد ارتفاعا غير طبيعي في درجات الحرارة في معظم أنحاء العالم، وأسهم في العديد من التغيرات المستمرة في مؤشرات المناخ الرئيسية. كما أشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في عامي 2023 و2024 نتج على الأرجح عن تضافر النشاط البشري والتقلبات الطبيعية، كما أن ارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، والتي تُسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ لم يُظهر أي تباطؤ في زياداتها. وحطم عام 2024 الأرقام القياسية القاتمة لدرجات الحرارة العالمية وتركيزات الغازات الدفيئة التي سُجّلت قبل عام واحد فقط. وأسهمت الحرارة الزائدة في تكثيف دورة المياه، حيث ذكر التقرير أن إجمالي هطول الأمطار ليوم واحد في جميع أنحاء العالم بلغ مستويات قياسية، مما يشير إلى زيادة في شدتها. كما زادت معدلات ذوبان الأنهار الجليدية بشكل متسارع. وفقدت فنزويلا آخر أنهارها الجليدية في عام 2024، وشهدت كولومبيا المجاورة أيضا ذوبان نهر جليدي. وفي جميع أنحاء العالم، فقدت جميع الأنهار الجليدية الـ58 التي ترصدها الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية كتلتها خلال عام 2024. وقال تشارلز ماكونيل، مساعد وزير الطاقة السابق، ومدير مركز إدارة الكربون في مجال الطاقة بجامعة هيوستن: "لقد أنفقنا تريليونات الدولارات لمعالجة تغير المناخ، وكان ذلك غير فعال نسبيا، لكن إذا كان كل ما نفعله هو الاستمرار في دعوة السياسيين إلى الفنادق الفاخرة في أنحاء العالم للتحدث، فلن نصل إلى أي مكان". وحسب التقرير، يُعتبر سجل تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الدليل الأبرز على تأثير الأنشطة البشرية على الغلاف الجوي. وأظهر التقرير أيضا ارتفاع تركيزات غاز الميثان، وهو غاز يزيد من درجة حرارة المناخ بشكل أسرع بكثير من ثاني أكسيد الكربون، ويمثل حوالي 30% من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة. ويُنظر إلى تقليل انبعاثات غاز الميثان، والذي يأتي من مجموعة واسعة من المصادر، على أنه وسيلة سريعة للحد من الاحتباس الحراري على المدى القريب. وبدأ ارتفاع تركيزات غاز الميثان في التسارع حوالي عام 2014، وزادت انبعاثاته بشكل أكبر منذ عام 2020، وفقا للتقرير. وقال ديفيد ليون، كبير علماء الميثان في صندوق الدفاع البيئي: "هناك غموض كبير حول مصدر غاز الميثان. ويدور جدل واسع حول هذا الموضوع بين العلماء". وتأتي بعض انبعاثات الميثان من استخراج الوقود الأحفوري، لكن النظريات السائدة تشير إلى انبعاث كميات كبيرة من الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية المشبعة بالمياه نتيجة لتغيرات المناخ والاستخدام المكثف للأراضي. كما تُطلق الماشية ومكبات النفايات كميات كبيرة من الميثان. وقال روبرت دان، كبير خبراء الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، والمحرر الرئيسي للتقرير، إن الانبعاثات من المصادر الميكروبية (التي تشمل الماشية والأراضي الرطبة الطبيعية والبحيرات) زادت بشكل كبير منذ عام 2008، وهناك أيضا زيادات طفيفة بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري منذ ذلك الحين تقريبا. واستند تقرير الجمعية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي في إصداره الـ35 إلى عمل 590 باحثا ومحررا أكاديميا من 58 دولة. وحلل 6 مجموعات بيانات لدرجات الحرارة العالمية، بالإضافة إلى عشرات المجموعات الأخرى من المراصد في العالم، بما في ذلك مرصد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، الذي يقيس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ عام 1958.

في الجليد الكوني.. بلورات مخفية بحجم الحمض النووي تفاجئ العلماء
في الجليد الكوني.. بلورات مخفية بحجم الحمض النووي تفاجئ العلماء

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

في الجليد الكوني.. بلورات مخفية بحجم الحمض النووي تفاجئ العلماء

كشف علماء من كلية لندن الجامعية وجامعة كامبريدج أن بلورات مخفية بحجم الحمض النووي في الجليد الكوني قد تُغير الفهم الأساسي السابق للجليد المنتشر في الكون، كما قد تُعيد صياغة ما يعرفه العلماء عن الماء، المركب الذي يعد أساسيا لازدهار الحياة في الكون. وعلى مدى عقود، ساد بين العلماء اعتقاد بأن الجليد الكوني مُفكك تماما، إلا أن التجارب التي أجراها هذا الفريق بينت أنه مُغطى في الواقع ببلورات صغيرة، وقد تم تحديد هذه البلورات الدقيقة، التي لا يتجاوز عرضها نانومترا واحدا، من خلال عمليات المحاكاة والتجارب المعملية. جليد الفضاء وجليد الأرض ويقول الدكتور مايكل ب. ديفيز، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نشرت في دورية "فيزيكال ريفيو بي"، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، "الاسم العلمي للجليد الفضائي هو "الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة"، وهو الشكل الأكثر شيوعا لوجود الماء في الكون". ويضيف "يختلف الجليد الذي نعرفه على الأرض -مثل مكعب الثلج في مشروبنا- اختلافا كبيرا عن شكله في الفضاء. فعلى المستوى الذري في جليد الأرض، ترتب جزيئات الماء نفسها في نمط سداسي يصنع رقاقات الثلج، ولكن في الفضاء تكون الظروف أقسى بكثير، فدرجة الحرارة حوالي 270 درجة مئوية تحت الصفر أي أنها باردة جدا لدرجة أن الجزيئات لا تمتلك طاقة كافية لترتيب نفسها في هذا الهيكل السداسي". ويوضح ديفيز أن ذلك دفع بالعلماء إلى الاعتقاد أن جزيئات الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة ستتخذ هيكلة غير منظمة تماما، لكن بعد دراسة الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة، والذي يوجد كمادة أساسية في المذنبات وعلى الأقمار الجليدية وفي سحب الغبار حيث تتشكل النجوم والكواكب، تبين أن ذلك الاعتقاد ربما يكون خاطئا. وقد وجد الباحثون أن المحاكاة الحاسوبية لهذا الجليد تتطابق بشكل أفضل مع قياسات التجارب السابقة إذا لم يكن الجليد غير متبلور تماما، ولكنه يحتوي على بلورات صغيرة (عرضها حوالي 3 نانومترات، أي أعرض بقليل من خيط واحد من الحمض النووي) مدمجة في بنيته غير المنظمة. اكتشاف بلورات الجليد وفي التطبيق العملي التجريبي، أعاد الباحثون عملية التبلور في عينات حقيقية من الجليد غير المتبلور، والتي تشكّلت بطرق مختلفة، ووجدوا أن الجليد غير المتبلور، ليس "غير متبلور" تماما بل يحتوي على العديد من بلورات الجليد الصغيرة المحاطة بمناطق غير منظمة، كما يوضح ديفيز، والذي يضيف أن "الجليد الذي تصل نسبة تبلوره إلى 20%، يبدو مطابقا تماما لبنية الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة، كما هو موضح في دراسات سابقة". وفي عمل تجريبي إضافي للتأكيد على تلك النتائج، أنشأ فريق البحث عينات حقيقية من الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة بطرق متعددة، بدءا من ترسيب بخار الماء على سطح شديد البرودة وصولا إلى تسخين الجليد غير المتبلور عالي الكثافة برفق حتى تتوافر له الطاقة اللازمة لتكوين البلورات. ويقول ديفيز في تصريحات رسمية: "لدينا الآن فكرة جيدة عن شكل الجليد الأكثر شيوعا في الكون على المستوى الذري، وهذا مهم لأن الجليد يشارك في العديد من العمليات الكونية، على سبيل المثال في كيفية تكوّن الكواكب، وكيفية تطور المجرات، وكيفية حركة المادة في الكون". ويضيف: "ولهذه النتائج آثار على إحدى النظريات التخمينية حول كيفية وصول صور الحياة القديمة إلى الأرض. ووفقا لهذه النظرية، المعروفة باسم "التبذر الشامل"، حُملت لبنات الحياة الأساسية إلى هنا على متن مذنب جليدي". وأضاف ديفيز: "تشير نتائجنا إلى أن هذا الجليد سيكون مادة نقل أقل كفاءة لجزيئات أصل الحياة، وذلك لأن البنية البلورية جزئيا تحتوي على مساحة أقل لاحتواء هذه المكونات، ومع ذلك، قد تبقى هذه النظرية صحيحة، إذ توجد مناطق غير متبلورة في الجليد حيث يُمكن احتجاز لبنات الحياة الأساسية وتخزينها".

تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن
تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

تعدين أعماق البحار.. "إبادة بيئية" قد يحفزها الصراع على المعادن

منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل/نيسان فتح باب التعدين في أعماق المحيطات، بما فيها المياه الدولية، دق دعاة حماية البيئة ناقوس الخطر بشأن الآثار البيئية الخطيرة لذلك. واستجابت العديد من التحالفات العابرة للحدود لتحذيرات الخبراء من "إبادة بيئية" يتم التحضير لها في خضم صراع دولي على المعادن النادرة. وفي سياق توجهاتها للتخلص من السياسات البيئية والمناخية وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، قدّر ت إدارة الرئيس ترامب أن التعدين في أعماق البحار قد يضيف 300 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، ويستحدث 100 ألف وظيفة جديدة، على مدى 10 سنوات. ورغم أن الصين والاتحاد الأوروبي، ومنظمات، ومؤسسات دولية، وجمعيات غير حكومية رفضت التوجه الأميركي، يتخوف العلماء من خفوت الأصوات المعارضة، وبدء صراع دولي على معادن قاع البحار والمحيطات قد لا تحمد عقباه. وتتعلق عمليات الاستخراج أساسا بما يسمى العقيدات المتعددة المعادن، وهي نوع من الحصى بحجم حبات البطاطا تشكلت عادة عبر مئات آلاف أو ملايين السنين تكون غنية بالمعادن مثل المنغنيز والنيكل والكوبالت والنحاس والمعادن النادرة، وهي مواطن أساسية لكائنات البحر العميق. وباتت هذه المعادن، ذات أهمية بالغة في صناعة المركبات الكهربائية والألواح الشمسية، وفي الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، وغيرها من الصناعات الدقيقة. ويتطلب استخراج تلك العقيدات تعدينا في قاع البحار العميقة بواسطة الحفر أو الجرف أو التفجيرات، أو وسائل أخرى، وغالبا ما تتم في مناطق عميقة ومجهولة، ولا تمتلك إلا بعض الدول والشركات الكبرى القدرة على تعدينها، ما سيجعلها احتكارا لتلك القوى الدولية. مناطق مجهولة حتى الآن لم يستكشف البشر سوى أقل من 0.001% من قاع البحار العميقة، أي ما يعادل عُشر مساحة بلجيكا تقريبا. ولذلك، يفتقر العلماء إلى فهم كاف لهذه النظم البيئية الغامضة. ويضم قاع البحر العميق براكين تحت الماء وسلاسل جبلية وسهولا سحيقة. وتحتضن تلك المنطقة مجموعة متنوعة من الأنواع الفريدة التي تتكيف مع الظروف القاسية، مثل قلة ضوء الشمس والضغط العالي. ويحذر العلماء من أن بعض كائنات المحيط العميق قديمة للغاية، فبعض الأسماك فيها تعيش مئات السنين، وتعيش الشعاب المرجانية آلاف السنين، بينما يصل عمر الإسفنج البحري أحيانا إلى 11 ألف سنة. وقد تكون آلاف الكائنات فيها غير مكتشفة بعد، وهي كلها "أنظمة بيئية لا تتجدد ضمن مقاييس الزمن البشري. وإذا فُقدت، فيكون ذلك إلى الأبد"، حسب فرح عبيد الله الناشطة البيئية، ومؤسسة ومديرة منظمة "نحن والمحيط" في إسبانيا. وفي غياب المعرفة الكاملة عن النظم البحرية في تلك الأعماق السحيقة، من غير المعروف كيف ستكون آثار التعدين على وظائفها البيئية بشكل كامل، لكن الأبحاث تظهر حتى الآن أن تعدين أعماق المحيطات قد يُخلف آثارا بيئية كارثية، ومن بينها: -تدمير الموائل: يمكن أن تؤدي أنشطة التعدين إلى تدمير موائل قاع البحر إلى ما هو أبعد من نقطة التعافي، مما يؤثر على الأنواع القاعية مثل الديدان والمحار والإسفنج ونجم البحر وكائنات أخرى غير مكتشفة بعد. -أعمدة الرواسب: يُؤدي التعدين في قاع البحار العميقة إلى رفع الرواسب، مما يؤثر على الأنواع المهاجرة مثل أسماك القرش والسلاحف. ويمكن أن يلحق ضررا أكبر بمصايد الأسماك العالمية، وقد وصلت 57.3% من المخزونات السمكية بالفعل إلى الحد الأقصى للصيد، بينما تعاني 35.4% منها من الصيد الجائر. -تعطيل شبكة الغذاء: إن استهداف العقيدات المتعددة المعادن من شأنه أن يؤدي إلى تغيير شبكات الغذاء الغذائية وغير الغذائية مثل الإسفنج الزجاجي الذي يدعم الحياة البحرية. – التلوث الضوئي والضوضائي: تؤدي عمليات مركبات التعدين في قاع البحر، والحفر والتجريف، والمتفجرات، والاهتزازات إلى تلوث ضوئي وضوضائي يتجاوز الحدود المسموح بها للعديد من أنواع الحيتان. – تفريغ السموم واحتياطيات الكربون: يمكن أن يؤدي التعدين وأدواته إلى نشر النفايات وإثارة مخزونات الكربون في أعماق المحيطات، مما يؤثر بشكل كبير على تنظيم المناخ في المحيطات والكوكب ككل. مخاطر حمّى التعدين يشير الخبراء إلى أن بدء التعدين في أعماق البحار دون تقييمات بيئية واضحة قد يسفر عن عواقب طويلة الأمد على الكوكب والمجتمعات ومصادر العيش. وفي أسوأ الأحوال، قد يسبب انهيارا بيئيا واسع النطاق لن يتعافى منه الكوكب. ويدعو ائتلاف الحفاظ على أعماق البحار السلطة الدولية لقاع البحار إلى التفاوض بشأن الشروط التنظيمية للتعدين في قاع البحار. وأيدت حتى الآن 37 دولة حظرا مؤقتا على أنشطة التعدين في قاع المحيط. وتتماشى هذه المعارضة العابرة للحدود مع معارضة من مجتمعات السكان الأصليين والمنظمات البيئية، وأكثر من 930 عالما ومشرعا من أكثر من 70 دولة. وتقول فرح عبيد الله "إن التعدين لم يبدأ بعد، لكن إذا سُمح له بالانطلاق، فلن يحدث فقط دمارا بيئيا هائلا، بل سيطلق عصرا جديدا من الاستعمار." إعلان وتضيف "نحن نتحدث عن المحيط الدولي، أي الأعماق التي تنتمي للجميع، لا لأي دولة بعينها. إذا سُمح لبضع دول بالسيطرة عليه، فسيبدأ سباق جديد شبيه بحمى الذهب، تستعمر فيه الدول الغنية هذا الفضاء المشترك من جديد". وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، أمضت السلطة الدولية لقاع البحار أكثر من 10 سنوات في وضع لوائح للإشراف على استغلال معادن قاع البحار في المياه الدولية. وبعد فشلها في وضع معايير للتعدين التجاري في أعماق البحار في يوليو/تموز 2023، خططت لمناقشة المبادئ التوجيهية المستقبلية ووضع اللمسات الأخيرة على القواعد بحلول دورتها في يوليو/تموز 2025. و رغم المفاوضات المكثفة، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن اللائحة، ولم تُمنح أي تراخيص للتعدين. ومن شأن ذلك أن يوقف حتى الآن جميع أنشطة التعدين التجارية في المياه الدولية، إلى أن يتمكن العلماء من إجراء تقييمات شاملة للأثر ووضع لوائح بيئية صارمة. ويتطلب ذلك إعداد تقارير ومراقبة شفافة للتغلب على المشكلات العالقة وضمان الامتثال لاتفاقية التنوع البيولوجي. وفي حين يجادل مؤيدو التعدين في قاع البحار العميقة بأن استخراج المعادن من أعماق المحيطات أمر بالغ الأهمية للتحول نحو الطاقة الخضراء، يرى العلماء بأن هناك بدائل أكثر استدامة وسهولة يمكن النظر فيها، دون اللجوء إلى تدمير أحد أكثر النظم البيئية حساسية وأهمية في استقرار الكوكب. وتشكل المحيطات 70% من سطح الكوكب، ولها تأثير عميق على الحياة بأسرها، إذ تنظم المناخ العالمي، وتنتج غالبية الأكسجين الذي نتنفسه، وتمتص ثاني أكسيد الكربون، وتحتضن شبكة بيئية معقدة تحافظ على دورة الحياة على الأرض. وتعد أيضا أكبر "بالوعة كربون"، مما يجعلها عنصرا حاسما في مواجهة تغير المناخ. ومع أن العالم سيظل بحاجة دائمة للمعادن، لا سيما مع توجهه نحو مستقبل طاقة أكثر خضرة. فإن وسائل الحصول عليها يجب أن تكون مستدامة لما فيه مصلحة الكوكب، حسب الخبراء. وسيمنح وقف التعدين في أعماق البحار المجتمع العلمي وقتا أكثر للدراسة والفهم، واكتشاف بدائل أكثر أمانا، وإعادة صياغة سياسات المحيطات لحماية النظام البيئي البحري الواسع من أضرار لا يمكن إصلاحها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store