logo
الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

الوسط٠٧-٠٦-٢٠٢٥

دعا الخبير الاقتصادي محمد الصافي إلى علاج أزمات المالية العامة في ليبيا عبر مسارين، الأول هو تحديد سقف للموازنة، والثاني: تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية من خلال تخصيص الإيرادات غير النفطية للإنفاق على بعض أبواب الميزانية (أو ما يسمى بالتوسيم - Earmark).
وأوضح الصافي، في دراسة، خص بها «الوسط»، أن هذين المقترحين مهمان لإدارة الإنفاق المرتفع ومعالجة التباعد في المالية العامة الناتج عن زيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات. وقال إن استحداث سقف للميزانية يعني تثبيت الإنفاق الحكومي السنوي عند مبلغ متفق عليه، على أن يكون هذا السقف ممتداً إلى عدة سنوات.
ونوه بأن حجم الميزانية يجب أن يراعي استقرار سعر الصرف الأجنبي والاحتياجات التنموية للبلاد (على سبيل المثال، المناطق المتضررة من العاصفة دانيال، واستكمال مشاريع التنمية الحالية).
مطالب بفترة استقرار لا تقل عن 3 سنوات لعلاج التضخم
وطالب بمنح المصرف المركزي فترة التقاط أنفاس لإعادة ضبط الاقتصاد الكلي، مشيراً إلى ارتفاع درجة حرارة الاقتصاد (التضخم)، وحاجة المصرف إلى فترة استقرار لا تقل على 3 سنوات؛ حيث أن ميزانية بسقف محدد ولمدة ثلاث سنوات ستمنح المركزي الوقت الكافي للتحكم في عرض النقود.
ونادى الخبير الليبي كذلك بتخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي من خلال ضبط الإنفاق لمدة ثلاث سنوات، بما يقلل الضغط على الاحتياطيات النقدية، ويؤدي إلى استقرار العملة الليبية، فضلا عن احتواء المعروض النقدي والحد من السيولة المفرطة في السوق، وتخفيف الضغوط التضخمية، بجانب الحد من تراكم الديون، وتشجيع انضباط المالية العامة.
فوائد التوسيم وكيفية إنفاق الإيرادات غير النفطية
وفيما يخص مقترح «التوسيم»، أي ربط مخصصات الإيرادات غير النفطية مع بعض أبواب الميزانية، قال الصافي إن الاعتماد على عائدات النفط لا يحفز على جلب الإيرادات غير النفطية. «ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الإيرادات أمر ضروري للإدارة المستدامة للمالية العامة، لا سيما بالنظر إلى تقلب أسعار النفط عالمياً وعدم استقرار سعر الصرف الأجنبي في السوق الموازية».
وأوضح أن مقترحه يقوم على تخصيص الإيرادات غير النفطية وربطها بالباب الثاني (النفقات التسييرية) للميزانية، وذلك عن طريق قانون؛ بحيث لا يجري الصرف على الباب الثاني من أموال النفط وإنما من الإيرادات غير النفطية فقط.
ويرى أن ذلك المقترح يخلق حافزاً لجني تلك الإيرادات غير النفطية وإدخالها ضمن دفاتر الدولة، موضحاً أن هناك الكثير من الممارسات التي تجعل الدولة غير مستفيدة من تلك الموارد، بالإضافة إلى عدم توريدها إلى الخزانة من الأساس. وذلك النظام اتبعته كثير من الدول وكذلك ليبيا كذلك في العام 2010، إذ أن جزءاً من باب المرتبات كان مربوطاً مباشرة بالإيرادات غير النفطية.
طرق تحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية
ويبين الخبير الاقتصادي أن هناك طريقتين لتحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية التي يمكن استخدامهما في التخصيص. أولا، تحسين التحصيل من مصادر مثل الاتصالات، والضرائب، والرسوم الجمركية، والخدمات الحكومية.
ثانيا، إيجاد مصادر جديد، كما أن هناك مصادر محتملة منها تصفية أصول المؤسسات المتعثرة المملوكة للدولة، وفق الخبير محمد الصافي.
وأشار إلى أنه جرى إنشاء مؤسسات حكومية لضمان تدفقات إيرادات إضافية للموازنة، «لكن سوء الإدارة ونقص الحوافز جعل تلك المؤسسات تكبد الموازنة، لا تدر عائداً لها».
وعدَّد الخبير فوائد التوسيم وهي: زيادة قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط واستقرار احتياطيات النقد الأجنبي. كما دعا إلى تفعيل قانون الموازنة، مع تعديلاته، «يجب أن تلتزم آلية تنفيذ مقترح إصلاح المالية العامة هذا بقانون الدولة الليبي».
وشدد على ضرورة أن تعود الموازنة العامة إلى الإجراءات القانونية المعتادة، حيث تجري صياغة قانون الموازنة والموافقة عليه من قبل السلطة التشريعية وتنفيذه من قبل السلطة التنفيذية.
اقتراحات محمد الصافي فيما يخص موازنة 2025
وفيما يخص قانون موازنة 2025، اقترح أن يضم مواد محددة تحدد سقف الموازنة بالدينار الليبي لعدة سنوات، مع تخصيص أبواب الموازنة التي ستمول من الإيرادات غير النفطية.
كما دعا إلى تحقيق مجموعة مطالب منها: إجراء حوار فني بشأن الميزانية بمشاركة مؤسسات الدولة المتمثلة في الحكومتين ومصرف ليبيا المركزي وممثلين عن المجلس التشريعي، فضلا عن مشاركة الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والخبراء الاقتصاديون المستقلون، والمهنيون الأكاديميون. كما يجب أن يركز الحوار على وضع سقف واقعي للموازنة للسنوات المالية 2025 و2026 و2027 ضمان توافق هذا السقف مع التحديات الاقتصادية الحالية.
وشدد على ضرورة أن تلتزم السلطة التشريعية بتقنين سقف الموازنة في قانون موازنة 2025، مع تحديد المبلغ الدقيق بالدينار الليبي وذلك لمدة 3 سنوات حتى لا يضطر المركزي لخوض نفس الصراع كل سنة.
واقترح الصافي أنه في حالة تعثر إقرار التسقيف لعدة سنوات «فانه ينبغي أن يتضمن القانون أيضاً بنداً يسمح بإنفاق 1/12 من الموازنة المعتمدة لكل شهر لاحق في حالة حدوث تأخير في تمرير الموازنات المستقبلية، وبالتالي ضمان الاستقرار المالي والنقدي».
وطالب بضرورة أن تنص إحدى مواد قانون الميزانية على أن «ميزانية 2025 ستظل سارية حتى يتم انتخاب برلمان جديد أو رئيس جديد»، معتبراً أن ذلك «يخلق رابطاً مباشراً بين إصلاحات المالية العامة والعملية السياسية، مما يوفر حافزاً للفاعلين السياسيين للتحرك نحو الانتخابات».
وشدد على أن القانون يجب ألا يسمح لأي جهة حكومية بتجاوز سقف الموازنة، بما يتيح تحقيق الرقابة على المالية العامة، مع السماح للحكومة بالمرونة في تخصيص الموارد على أساس الأولويات المتغيرة.
5 فصول مقترحة ضمن هيكل الموازنة
ونادى الخبير محمد الصافي بضرورة أن يتضمن هيكل الموازنة خمسة فصول هي: الرواتب، والنفقات التسييرية، والتنمية، والدعم، وصناديق الطوارئ، «فالرواتب والدعم نفقات ثابتة تتطلب مصادر إيرادات مستقرة، في حين أن النفقات التسييرية والتنمية أكثر تقلباً ومرونة».
وأشار إلى أنه يجب تمويل الفصلين الثاني والثالث من الإيرادات غير النفطية أي النفقات التسييرية والتنمية، «نظرا لكونها متغيرة وعرضة للإنفاق التقديري»، مضيفاً: «يجب تخصيص الباب الثاني (التسييرية) لمصادر الإيرادات المتكررة غير النفطية مثل أرباح الاتصالات السلكية واللاسلكية، والرسوم الجمركية، والضرائب».
واقترح إمكانية تمويل الفصل الثالث (التنمية) من خلال تصفية أصول المؤسسات المملوكة للدولة ضعيفة الأداء، «إذ لم يحقق العديد من هذه المؤسسات المملوكة للدولة أرباحاً منذ سنوات، مما كلف ميزانيتها ملايين الدينارات. ومن شأن تصفية هذه الأصول أن توفر الموارد اللازمة للمبادرات التنموية وتعزز تنويع النشاط الاقتصادي».
وواصل: «مع أن القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة، فإن العديد من الخبراء يقدرونها بالمليارات. وبمجرد تصفية هذه الأصول، يجب وضعها في صندوق منفصل مخصص وتمويل جهود التنمية فقط».
وفي الختام، يرى الصافي أن إصلاح المالية العامة بالجمع بين سقف الموازنة وتنويع مصادر الإيرادات سيكون حافزاً للمضي قدماً في العملية السياسية نحو إجراء الانتخابات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة
الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

أخبار ليبيا

timeمنذ 11 ساعات

  • أخبار ليبيا

الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

كتب 'م. علي عبدالله الجهاني': إصلاح المالية العامة في ليبيا: رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها ليبيا، يبرز صوت الخبير الاقتصادي محمد الصافي، الذي قدم رؤية جريئة لإصلاح المالية العامة عبر مقترح يعتمد على ركيزتين أساسيتين: 'تسقيف الموازنة' و'توسيم الإيرادات غير النفطية'. يسعى هذا المقال إلى استعراض هذه المقترحات، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز جوانبها القانونية ومقارنتها بالنظام المالي للدولة، بالإضافة إلى توضيح أهدافها، العوائق المحتملة، وآلية التنفيذ المقترحة. رؤية الخبير الاقتصادي د. محمد الصافي يشخص الصافي الوضع الاقتصادي الليبي بالفترة منذ عام 2014 بـ'عقد ضائع'، ويصف حالة المالية العامة بـ'انفصام مالي' خطير بين الإنفاق المتزايد والإيرادات المتناقصة، وهو ما يشكل 'قنبلة موقوتة'، ولمعالجة هذه الأزمة، يقترح ركيزتين أساسيتين: التسقيف (Budget Ceiling) تعريفه: تحديد سقف ثابت للإنفاق الحكومي السنوي على مبلغ متفق عليه لعدة سنوات، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات التنموية واستقرار سعر الصرف. أهدافه: تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي، احتواء المعروض النقدي، الحد من تراكم الديون، وتعزيز الانضباط المالي. التوسيم (Earmarking Non-Oil Revenues) تعريفه: ربط أو تخصيص الإيرادات غير النفطية بأبواب محددة من الميزانية، مثل تخصيص الباب الثاني (المصروفات التشغيلية/التسييرية) ليتم الصرف عليه فقط من هذه الإيرادات. أهدافه: تنويع مصادر الإيرادات، تحفيز تحصيل الإيرادات غير النفطية، زيادة الاستقلالية المالية للحكومة، ودعم استقرار احتياطيات النقد الأجنبي. الجوانب القانونية: توافق المقترحات مع النظام المالي للدولة على عكس ما قد يتصوره البعض، لا تدعو مقترحات محمد الصافي إلى الانقلاب على القانون المالي الليبي، بل تهدف إلى تعزيزه وتحديثه ليصبح أكثر كفاءة وشفافية. يشدد الصافي على أن التنفيذ يجب أن يكون متجذرًا بالكامل في الإطار القانوني للدولة الليبية، وتحديدًا 'قانون النظام المالي للدولة' ولوائحه التنفيذية. مقارنة مع النظام المالي للدولة: • مبدأ سنوية الميزانية: ينص القانون الحالي على إعداد الميزانية سنويًا، مقترح الصافي بـ'التسقيف لعدة سنوات' لا يلغي مبدأ السنوية في إعداد الميزانية، ولكنه يقدم إطارًا متوسط الأجل للإنفاق ضمن ميزانيات سنوية متتالية، هذا يعزز التخطيط طويل المدى والاستدامة المالية، وهي ممارسة معمول بها في العديد من الدول التي تحتفظ بالميزانية السنوية لكن ضمن سقف إنفاق متوسط الأجل. • تقسيم الميزانية إلى أبواب وبنود: ينص القانون على تقسيم الإيرادات والمصروفات إلى أبواب وبنود محددة. مقترح 'التوسيم' يتوافق تمامًا مع هذا التقسيم، بل يعززه من خلال تخصيص مصادر إيراد محددة لأبواب إنفاق معينة (مثل الباب الثاني)، هذا لا يتعارض مع القانون، بل يمكن إدراجه ضمن تفاصيل جداول الميزانية الملحقة بالقانون، أو عبر نص مادة جديدة توضح آلية التوسيم. • إقرار الميزانية بموجب قانون: يُشترط القانون الليبي أن تُعتمد الميزانية العامة للدولة بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية. الصافي يلتزم بهذا المبدأ، حيث يقترح تشريع سقف الموازنة وتفاصيل التوسيم ضمن قانون موازنة 2025. هذا يضمن أن المقترحات ستكتسب الصفة القانونية الملزمة بعد موافقة الجهات التشريعية. • الرقابة المالية: ينص القانون على آليات الرقابة على التحصيل والصرف. مقترحات الصافي تهدف إلى تعزيز هذه الرقابة عبر آليات أكثر وضوحًا وتحديدًا لمصادر الإنفاق والإيراد، مما يسهل تتبع الأموال ويقلل من فرص الهدر. آلية التنفيذ القانوني المقترحة: العودة للإجراءات القانونية المعتادة: يجب أن تتم صياغة قانون الميزانية، والموافقة عليه من السلطة التشريعية، ثم تنفيذه من السلطة التنفيذية. تضمين مواد صريحة في قانون إقرار الميزانية السنوي لتحديد سقف الموازنة بالدينار الليبي ومدته لعدة سنوات، وتخصيص أبواب الموازنة التي ستُموَّل حصريًا من الإيرادات غير النفطية. ضمان المرونة ضمن السقف القانوني: مع التأكيد على عدم تجاوز السقف الكلي، وهو ما يتوافق مع مبدأ الضبط المالي دون تجميد كامل. العوائق والصعوبات أمام التنفيذ على الرغم من وجاهة المقترحات وتوافقها مع الأطر القانونية، يواجه تطبيقها تحديات كبيرة في السياق الليبي: • الانقسام السياسي وغياب الإرادة الموحدة: التنافس بين الحكومتين وغياب توافق سياسي حقيقي يجعل التوافق على إطار مالي موحد أمرًا بالغ التعقيد. • غياب البيئة المؤسسية وضعف البنية الرقابية: نقص التخطيط الاستراتيجي الفعال وضعف الأجهزة الرقابية يعيقان التنفيذ الدقيق والشفاف لمبادئ التسقيف والتوسيم. • غياب أنظمة مالية حديثة ومتكاملة: نظام الحساب الموحد للخزانة (TSA): غيابه يؤدي إلى تشتت السيولة النقدية الحكومية وصعوبة تحديد السقف بدقة، ومراقبة الالتزام به، وتتبع الإيرادات غير النفطية. أنظمة إدارة المعلومات المالية المتكاملة (IFMIS): عدم وجودها يعني نقص المعلومات الدقيقة في الوقت الحقيقي، وضعف التنسيق، وصعوبة ربط الإيرادات بالإنفاق آليًا، مما يقوض الشفافية والمساءلة. • مقاومة التغيير والعوامل الاجتماعية والسياسية: قد تواجه المقترحات مقاومة من جهات مستفيدة من الوضع القائم، أو تأثيرات اجتماعية محتملة قد تتطلب معالجة حكيمة. الخلاصة تُقدم مقترحات محمد الصافي لإصلاح المالية العامة في ليبيا خارطة طريق واضحة نحو الاستقرار الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، هذه المقترحات، كما تم توضيحه، لا تتعارض مع الإطار القانوني الليبي الحالي، بل تسعى إلى تعزيزه وتفعيله من خلال تعديلات مدروسة تضمن الانضباط المالي والشفافية. ومع ذلك، فإن نجاح تطبيقها يتوقف بشكل كبير على تجاوز التحديات الهيكلية والسياسية والإدارية، والاستثمار الحتمي في تطوير وتفعيل أنظمة مالية حديثة مثل TSA وIFMIS، والتي تُعد ركائز أساسية لأي إدارة مالية حكومية فعالة ومستدامة، إن تحقيق هذه الرؤية يتطلب إرادة سياسية حاسمة وتوافقًا وطنيًا يعلو على الانقسامات الراهنة

الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية
الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

الوسط

time٠٧-٠٦-٢٠٢٥

  • الوسط

الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

دعا الخبير الاقتصادي محمد الصافي إلى علاج أزمات المالية العامة في ليبيا عبر مسارين، الأول هو تحديد سقف للموازنة، والثاني: تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية من خلال تخصيص الإيرادات غير النفطية للإنفاق على بعض أبواب الميزانية (أو ما يسمى بالتوسيم - Earmark). وأوضح الصافي، في دراسة، خص بها «الوسط»، أن هذين المقترحين مهمان لإدارة الإنفاق المرتفع ومعالجة التباعد في المالية العامة الناتج عن زيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات. وقال إن استحداث سقف للميزانية يعني تثبيت الإنفاق الحكومي السنوي عند مبلغ متفق عليه، على أن يكون هذا السقف ممتداً إلى عدة سنوات. ونوه بأن حجم الميزانية يجب أن يراعي استقرار سعر الصرف الأجنبي والاحتياجات التنموية للبلاد (على سبيل المثال، المناطق المتضررة من العاصفة دانيال، واستكمال مشاريع التنمية الحالية). مطالب بفترة استقرار لا تقل عن 3 سنوات لعلاج التضخم وطالب بمنح المصرف المركزي فترة التقاط أنفاس لإعادة ضبط الاقتصاد الكلي، مشيراً إلى ارتفاع درجة حرارة الاقتصاد (التضخم)، وحاجة المصرف إلى فترة استقرار لا تقل على 3 سنوات؛ حيث أن ميزانية بسقف محدد ولمدة ثلاث سنوات ستمنح المركزي الوقت الكافي للتحكم في عرض النقود. ونادى الخبير الليبي كذلك بتخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي من خلال ضبط الإنفاق لمدة ثلاث سنوات، بما يقلل الضغط على الاحتياطيات النقدية، ويؤدي إلى استقرار العملة الليبية، فضلا عن احتواء المعروض النقدي والحد من السيولة المفرطة في السوق، وتخفيف الضغوط التضخمية، بجانب الحد من تراكم الديون، وتشجيع انضباط المالية العامة. فوائد التوسيم وكيفية إنفاق الإيرادات غير النفطية وفيما يخص مقترح «التوسيم»، أي ربط مخصصات الإيرادات غير النفطية مع بعض أبواب الميزانية، قال الصافي إن الاعتماد على عائدات النفط لا يحفز على جلب الإيرادات غير النفطية. «ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الإيرادات أمر ضروري للإدارة المستدامة للمالية العامة، لا سيما بالنظر إلى تقلب أسعار النفط عالمياً وعدم استقرار سعر الصرف الأجنبي في السوق الموازية». وأوضح أن مقترحه يقوم على تخصيص الإيرادات غير النفطية وربطها بالباب الثاني (النفقات التسييرية) للميزانية، وذلك عن طريق قانون؛ بحيث لا يجري الصرف على الباب الثاني من أموال النفط وإنما من الإيرادات غير النفطية فقط. ويرى أن ذلك المقترح يخلق حافزاً لجني تلك الإيرادات غير النفطية وإدخالها ضمن دفاتر الدولة، موضحاً أن هناك الكثير من الممارسات التي تجعل الدولة غير مستفيدة من تلك الموارد، بالإضافة إلى عدم توريدها إلى الخزانة من الأساس. وذلك النظام اتبعته كثير من الدول وكذلك ليبيا كذلك في العام 2010، إذ أن جزءاً من باب المرتبات كان مربوطاً مباشرة بالإيرادات غير النفطية. طرق تحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية ويبين الخبير الاقتصادي أن هناك طريقتين لتحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية التي يمكن استخدامهما في التخصيص. أولا، تحسين التحصيل من مصادر مثل الاتصالات، والضرائب، والرسوم الجمركية، والخدمات الحكومية. ثانيا، إيجاد مصادر جديد، كما أن هناك مصادر محتملة منها تصفية أصول المؤسسات المتعثرة المملوكة للدولة، وفق الخبير محمد الصافي. وأشار إلى أنه جرى إنشاء مؤسسات حكومية لضمان تدفقات إيرادات إضافية للموازنة، «لكن سوء الإدارة ونقص الحوافز جعل تلك المؤسسات تكبد الموازنة، لا تدر عائداً لها». وعدَّد الخبير فوائد التوسيم وهي: زيادة قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط واستقرار احتياطيات النقد الأجنبي. كما دعا إلى تفعيل قانون الموازنة، مع تعديلاته، «يجب أن تلتزم آلية تنفيذ مقترح إصلاح المالية العامة هذا بقانون الدولة الليبي». وشدد على ضرورة أن تعود الموازنة العامة إلى الإجراءات القانونية المعتادة، حيث تجري صياغة قانون الموازنة والموافقة عليه من قبل السلطة التشريعية وتنفيذه من قبل السلطة التنفيذية. اقتراحات محمد الصافي فيما يخص موازنة 2025 وفيما يخص قانون موازنة 2025، اقترح أن يضم مواد محددة تحدد سقف الموازنة بالدينار الليبي لعدة سنوات، مع تخصيص أبواب الموازنة التي ستمول من الإيرادات غير النفطية. كما دعا إلى تحقيق مجموعة مطالب منها: إجراء حوار فني بشأن الميزانية بمشاركة مؤسسات الدولة المتمثلة في الحكومتين ومصرف ليبيا المركزي وممثلين عن المجلس التشريعي، فضلا عن مشاركة الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والخبراء الاقتصاديون المستقلون، والمهنيون الأكاديميون. كما يجب أن يركز الحوار على وضع سقف واقعي للموازنة للسنوات المالية 2025 و2026 و2027 ضمان توافق هذا السقف مع التحديات الاقتصادية الحالية. وشدد على ضرورة أن تلتزم السلطة التشريعية بتقنين سقف الموازنة في قانون موازنة 2025، مع تحديد المبلغ الدقيق بالدينار الليبي وذلك لمدة 3 سنوات حتى لا يضطر المركزي لخوض نفس الصراع كل سنة. واقترح الصافي أنه في حالة تعثر إقرار التسقيف لعدة سنوات «فانه ينبغي أن يتضمن القانون أيضاً بنداً يسمح بإنفاق 1/12 من الموازنة المعتمدة لكل شهر لاحق في حالة حدوث تأخير في تمرير الموازنات المستقبلية، وبالتالي ضمان الاستقرار المالي والنقدي». وطالب بضرورة أن تنص إحدى مواد قانون الميزانية على أن «ميزانية 2025 ستظل سارية حتى يتم انتخاب برلمان جديد أو رئيس جديد»، معتبراً أن ذلك «يخلق رابطاً مباشراً بين إصلاحات المالية العامة والعملية السياسية، مما يوفر حافزاً للفاعلين السياسيين للتحرك نحو الانتخابات». وشدد على أن القانون يجب ألا يسمح لأي جهة حكومية بتجاوز سقف الموازنة، بما يتيح تحقيق الرقابة على المالية العامة، مع السماح للحكومة بالمرونة في تخصيص الموارد على أساس الأولويات المتغيرة. 5 فصول مقترحة ضمن هيكل الموازنة ونادى الخبير محمد الصافي بضرورة أن يتضمن هيكل الموازنة خمسة فصول هي: الرواتب، والنفقات التسييرية، والتنمية، والدعم، وصناديق الطوارئ، «فالرواتب والدعم نفقات ثابتة تتطلب مصادر إيرادات مستقرة، في حين أن النفقات التسييرية والتنمية أكثر تقلباً ومرونة». وأشار إلى أنه يجب تمويل الفصلين الثاني والثالث من الإيرادات غير النفطية أي النفقات التسييرية والتنمية، «نظرا لكونها متغيرة وعرضة للإنفاق التقديري»، مضيفاً: «يجب تخصيص الباب الثاني (التسييرية) لمصادر الإيرادات المتكررة غير النفطية مثل أرباح الاتصالات السلكية واللاسلكية، والرسوم الجمركية، والضرائب». واقترح إمكانية تمويل الفصل الثالث (التنمية) من خلال تصفية أصول المؤسسات المملوكة للدولة ضعيفة الأداء، «إذ لم يحقق العديد من هذه المؤسسات المملوكة للدولة أرباحاً منذ سنوات، مما كلف ميزانيتها ملايين الدينارات. ومن شأن تصفية هذه الأصول أن توفر الموارد اللازمة للمبادرات التنموية وتعزز تنويع النشاط الاقتصادي». وواصل: «مع أن القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة، فإن العديد من الخبراء يقدرونها بالمليارات. وبمجرد تصفية هذه الأصول، يجب وضعها في صندوق منفصل مخصص وتمويل جهود التنمية فقط». وفي الختام، يرى الصافي أن إصلاح المالية العامة بالجمع بين سقف الموازنة وتنويع مصادر الإيرادات سيكون حافزاً للمضي قدماً في العملية السياسية نحو إجراء الانتخابات.

'حماد' يعلن حزمة إصلاحات اقتصادية ويؤكد على ضرورة توحيد الميزانية
'حماد' يعلن حزمة إصلاحات اقتصادية ويؤكد على ضرورة توحيد الميزانية

أخبار ليبيا

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبار ليبيا

'حماد' يعلن حزمة إصلاحات اقتصادية ويؤكد على ضرورة توحيد الميزانية

الوطن| متابعات أكد رئيس الحكومة الليبية، أسامة حماد، خلال اجتماع موسّع عقده مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، على ضرورة أن يكون دور المصرف أكثر فاعلية في هذه المرحلة الحرجة، مشددًا على أهمية إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة تواكب التحديات الراهنة، وتسهم في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي. وأوضح حماد أن ارتفاع سعر الصرف انعكس بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للمواطنين، داعيًا المصرف إلى توجيه جهوده نحو ضبطه، ودعم القدرة الشرائية، معتبراً أن توحيد الميزانية العامة للدولة يُعد من أهم العوامل التي ستُسهم في استقرار الاقتصاد الليبي، ومطالبًا بالعمل على اعتماد ميزانية موحدة تعكس أولويات الإنفاق العام. وأعلن حماد عن حزمة من الإصلاحات لمواجهة التحديات الاقتصادية، شملت تحسين إنتاج المؤسسة الوطنية للنفط، وإلغاء نظام المبادلة، واستحداث آلية شفافة لتوفير المحروقات خاصة لمحطات الكهرباء، مشدداً على ضرورة تفعيل قانون المرتبات الموحد رقم (13) لسنة 2023، لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوازن الأجور بين القطاعين العام والخاص. وأشار حماد إلى أهمية دعم المشروعات الصغرى والوسطى، وتعزيز دور مصلحة الجمارك، مع تحديث مجلس التعريفة الجمركية بما يتماشى مع حماية الاقتصاد الوطني، مؤكداً على ضرورة إصلاح النظام الضريبي لتحسين الإيرادات العامة، وإعادة النظر في الضرائب المفروضة على شركات الاتصالات، ورفع رسوم التراخيص. وفي سياق آخر، شدد حماد على أن بناء المؤسسة العسكرية، وإنجاز المدينة العسكرية، يُعد من أبرز الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن العالم شاهد على أرض الواقع ما تم إنجازه في مدينة درنة عقب كارثة 'دانيال'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store