logo
الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

أخبار ليبيامنذ 4 ساعات

كتب 'م. علي عبدالله الجهاني': إصلاح المالية العامة في ليبيا: رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها ليبيا، يبرز صوت الخبير الاقتصادي محمد الصافي، الذي قدم رؤية جريئة لإصلاح المالية العامة عبر مقترح يعتمد على ركيزتين أساسيتين: 'تسقيف الموازنة' و'توسيم الإيرادات غير النفطية'.
يسعى هذا المقال إلى استعراض هذه المقترحات، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز جوانبها القانونية ومقارنتها بالنظام المالي للدولة، بالإضافة إلى توضيح أهدافها، العوائق المحتملة، وآلية التنفيذ المقترحة.
رؤية الخبير الاقتصادي د. محمد الصافي
يشخص الصافي الوضع الاقتصادي الليبي بالفترة منذ عام 2014 بـ'عقد ضائع'، ويصف حالة المالية العامة بـ'انفصام مالي' خطير بين الإنفاق المتزايد والإيرادات المتناقصة، وهو ما يشكل 'قنبلة موقوتة'، ولمعالجة هذه الأزمة، يقترح ركيزتين أساسيتين:
التسقيف (Budget Ceiling)
تعريفه: تحديد سقف ثابت للإنفاق الحكومي السنوي على مبلغ متفق عليه لعدة سنوات، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات التنموية واستقرار سعر الصرف.
أهدافه: تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي، احتواء المعروض النقدي، الحد من تراكم الديون، وتعزيز الانضباط المالي. التوسيم (Earmarking Non-Oil Revenues)
تعريفه: ربط أو تخصيص الإيرادات غير النفطية بأبواب محددة من الميزانية، مثل تخصيص الباب الثاني (المصروفات التشغيلية/التسييرية) ليتم الصرف عليه فقط من هذه الإيرادات.
أهدافه: تنويع مصادر الإيرادات، تحفيز تحصيل الإيرادات غير النفطية، زيادة الاستقلالية المالية للحكومة، ودعم استقرار احتياطيات النقد الأجنبي.
الجوانب القانونية: توافق المقترحات مع النظام المالي للدولة
على عكس ما قد يتصوره البعض، لا تدعو مقترحات محمد الصافي إلى الانقلاب على القانون المالي الليبي، بل تهدف إلى تعزيزه وتحديثه ليصبح أكثر كفاءة وشفافية. يشدد الصافي على أن التنفيذ يجب أن يكون متجذرًا بالكامل في الإطار القانوني للدولة الليبية، وتحديدًا 'قانون النظام المالي للدولة' ولوائحه التنفيذية.
مقارنة مع النظام المالي للدولة:
• مبدأ سنوية الميزانية: ينص القانون الحالي على إعداد الميزانية سنويًا، مقترح الصافي بـ'التسقيف لعدة سنوات' لا يلغي مبدأ السنوية في إعداد الميزانية، ولكنه يقدم إطارًا متوسط الأجل للإنفاق ضمن ميزانيات سنوية متتالية، هذا يعزز التخطيط طويل المدى والاستدامة المالية، وهي ممارسة معمول بها في العديد من الدول التي تحتفظ بالميزانية السنوية لكن ضمن سقف إنفاق متوسط الأجل.
• تقسيم الميزانية إلى أبواب وبنود: ينص القانون على تقسيم الإيرادات والمصروفات إلى أبواب وبنود محددة. مقترح 'التوسيم' يتوافق تمامًا مع هذا التقسيم، بل يعززه من خلال تخصيص مصادر إيراد محددة لأبواب إنفاق معينة (مثل الباب الثاني)، هذا لا يتعارض مع القانون، بل يمكن إدراجه ضمن تفاصيل جداول الميزانية الملحقة بالقانون، أو عبر نص مادة جديدة توضح آلية التوسيم.
• إقرار الميزانية بموجب قانون: يُشترط القانون الليبي أن تُعتمد الميزانية العامة للدولة بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية. الصافي يلتزم بهذا المبدأ، حيث يقترح تشريع سقف الموازنة وتفاصيل التوسيم ضمن قانون موازنة 2025. هذا يضمن أن المقترحات ستكتسب الصفة القانونية الملزمة بعد موافقة الجهات التشريعية.
• الرقابة المالية: ينص القانون على آليات الرقابة على التحصيل والصرف. مقترحات الصافي تهدف إلى تعزيز هذه الرقابة عبر آليات أكثر وضوحًا وتحديدًا لمصادر الإنفاق والإيراد، مما يسهل تتبع الأموال ويقلل من فرص الهدر.
آلية التنفيذ القانوني المقترحة:
العودة للإجراءات القانونية المعتادة: يجب أن تتم صياغة قانون الميزانية، والموافقة عليه من السلطة التشريعية، ثم تنفيذه من السلطة التنفيذية.
تضمين مواد صريحة في قانون إقرار الميزانية السنوي لتحديد سقف الموازنة بالدينار الليبي ومدته لعدة سنوات، وتخصيص أبواب الموازنة التي ستُموَّل حصريًا من الإيرادات غير النفطية.
ضمان المرونة ضمن السقف القانوني: مع التأكيد على عدم تجاوز السقف الكلي، وهو ما يتوافق مع مبدأ الضبط المالي دون تجميد كامل.
العوائق والصعوبات أمام التنفيذ
على الرغم من وجاهة المقترحات وتوافقها مع الأطر القانونية، يواجه تطبيقها تحديات كبيرة في السياق الليبي:
• الانقسام السياسي وغياب الإرادة الموحدة: التنافس بين الحكومتين وغياب توافق سياسي حقيقي يجعل التوافق على إطار مالي موحد أمرًا بالغ التعقيد.
• غياب البيئة المؤسسية وضعف البنية الرقابية: نقص التخطيط الاستراتيجي الفعال وضعف الأجهزة الرقابية يعيقان التنفيذ الدقيق والشفاف لمبادئ التسقيف والتوسيم.
• غياب أنظمة مالية حديثة ومتكاملة:
نظام الحساب الموحد للخزانة (TSA): غيابه يؤدي إلى تشتت السيولة النقدية الحكومية وصعوبة تحديد السقف بدقة، ومراقبة الالتزام به، وتتبع الإيرادات غير النفطية.
أنظمة إدارة المعلومات المالية المتكاملة (IFMIS): عدم وجودها يعني نقص المعلومات الدقيقة في الوقت الحقيقي، وضعف التنسيق، وصعوبة ربط الإيرادات بالإنفاق آليًا، مما يقوض الشفافية والمساءلة.
• مقاومة التغيير والعوامل الاجتماعية والسياسية: قد تواجه المقترحات مقاومة من جهات مستفيدة من الوضع القائم، أو تأثيرات اجتماعية محتملة قد تتطلب معالجة حكيمة.
الخلاصة
تُقدم مقترحات محمد الصافي لإصلاح المالية العامة في ليبيا خارطة طريق واضحة نحو الاستقرار الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، هذه المقترحات، كما تم توضيحه، لا تتعارض مع الإطار القانوني الليبي الحالي، بل تسعى إلى تعزيزه وتفعيله من خلال تعديلات مدروسة تضمن الانضباط المالي والشفافية.
ومع ذلك، فإن نجاح تطبيقها يتوقف بشكل كبير على تجاوز التحديات الهيكلية والسياسية والإدارية، والاستثمار الحتمي في تطوير وتفعيل أنظمة مالية حديثة مثل TSA وIFMIS، والتي تُعد ركائز أساسية لأي إدارة مالية حكومية فعالة ومستدامة، إن تحقيق هذه الرؤية يتطلب إرادة سياسية حاسمة وتوافقًا وطنيًا يعلو على الانقسامات الراهنة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة
الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

أخبار ليبيا

timeمنذ 4 ساعات

  • أخبار ليبيا

الجهاني يكتب: إصلاح المالية العامة في ليبيا.. رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة

كتب 'م. علي عبدالله الجهاني': إصلاح المالية العامة في ليبيا: رؤية محمد الصافي في ضوء النظام المالي للدولة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها ليبيا، يبرز صوت الخبير الاقتصادي محمد الصافي، الذي قدم رؤية جريئة لإصلاح المالية العامة عبر مقترح يعتمد على ركيزتين أساسيتين: 'تسقيف الموازنة' و'توسيم الإيرادات غير النفطية'. يسعى هذا المقال إلى استعراض هذه المقترحات، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز جوانبها القانونية ومقارنتها بالنظام المالي للدولة، بالإضافة إلى توضيح أهدافها، العوائق المحتملة، وآلية التنفيذ المقترحة. رؤية الخبير الاقتصادي د. محمد الصافي يشخص الصافي الوضع الاقتصادي الليبي بالفترة منذ عام 2014 بـ'عقد ضائع'، ويصف حالة المالية العامة بـ'انفصام مالي' خطير بين الإنفاق المتزايد والإيرادات المتناقصة، وهو ما يشكل 'قنبلة موقوتة'، ولمعالجة هذه الأزمة، يقترح ركيزتين أساسيتين: التسقيف (Budget Ceiling) تعريفه: تحديد سقف ثابت للإنفاق الحكومي السنوي على مبلغ متفق عليه لعدة سنوات، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات التنموية واستقرار سعر الصرف. أهدافه: تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي، احتواء المعروض النقدي، الحد من تراكم الديون، وتعزيز الانضباط المالي. التوسيم (Earmarking Non-Oil Revenues) تعريفه: ربط أو تخصيص الإيرادات غير النفطية بأبواب محددة من الميزانية، مثل تخصيص الباب الثاني (المصروفات التشغيلية/التسييرية) ليتم الصرف عليه فقط من هذه الإيرادات. أهدافه: تنويع مصادر الإيرادات، تحفيز تحصيل الإيرادات غير النفطية، زيادة الاستقلالية المالية للحكومة، ودعم استقرار احتياطيات النقد الأجنبي. الجوانب القانونية: توافق المقترحات مع النظام المالي للدولة على عكس ما قد يتصوره البعض، لا تدعو مقترحات محمد الصافي إلى الانقلاب على القانون المالي الليبي، بل تهدف إلى تعزيزه وتحديثه ليصبح أكثر كفاءة وشفافية. يشدد الصافي على أن التنفيذ يجب أن يكون متجذرًا بالكامل في الإطار القانوني للدولة الليبية، وتحديدًا 'قانون النظام المالي للدولة' ولوائحه التنفيذية. مقارنة مع النظام المالي للدولة: • مبدأ سنوية الميزانية: ينص القانون الحالي على إعداد الميزانية سنويًا، مقترح الصافي بـ'التسقيف لعدة سنوات' لا يلغي مبدأ السنوية في إعداد الميزانية، ولكنه يقدم إطارًا متوسط الأجل للإنفاق ضمن ميزانيات سنوية متتالية، هذا يعزز التخطيط طويل المدى والاستدامة المالية، وهي ممارسة معمول بها في العديد من الدول التي تحتفظ بالميزانية السنوية لكن ضمن سقف إنفاق متوسط الأجل. • تقسيم الميزانية إلى أبواب وبنود: ينص القانون على تقسيم الإيرادات والمصروفات إلى أبواب وبنود محددة. مقترح 'التوسيم' يتوافق تمامًا مع هذا التقسيم، بل يعززه من خلال تخصيص مصادر إيراد محددة لأبواب إنفاق معينة (مثل الباب الثاني)، هذا لا يتعارض مع القانون، بل يمكن إدراجه ضمن تفاصيل جداول الميزانية الملحقة بالقانون، أو عبر نص مادة جديدة توضح آلية التوسيم. • إقرار الميزانية بموجب قانون: يُشترط القانون الليبي أن تُعتمد الميزانية العامة للدولة بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية. الصافي يلتزم بهذا المبدأ، حيث يقترح تشريع سقف الموازنة وتفاصيل التوسيم ضمن قانون موازنة 2025. هذا يضمن أن المقترحات ستكتسب الصفة القانونية الملزمة بعد موافقة الجهات التشريعية. • الرقابة المالية: ينص القانون على آليات الرقابة على التحصيل والصرف. مقترحات الصافي تهدف إلى تعزيز هذه الرقابة عبر آليات أكثر وضوحًا وتحديدًا لمصادر الإنفاق والإيراد، مما يسهل تتبع الأموال ويقلل من فرص الهدر. آلية التنفيذ القانوني المقترحة: العودة للإجراءات القانونية المعتادة: يجب أن تتم صياغة قانون الميزانية، والموافقة عليه من السلطة التشريعية، ثم تنفيذه من السلطة التنفيذية. تضمين مواد صريحة في قانون إقرار الميزانية السنوي لتحديد سقف الموازنة بالدينار الليبي ومدته لعدة سنوات، وتخصيص أبواب الموازنة التي ستُموَّل حصريًا من الإيرادات غير النفطية. ضمان المرونة ضمن السقف القانوني: مع التأكيد على عدم تجاوز السقف الكلي، وهو ما يتوافق مع مبدأ الضبط المالي دون تجميد كامل. العوائق والصعوبات أمام التنفيذ على الرغم من وجاهة المقترحات وتوافقها مع الأطر القانونية، يواجه تطبيقها تحديات كبيرة في السياق الليبي: • الانقسام السياسي وغياب الإرادة الموحدة: التنافس بين الحكومتين وغياب توافق سياسي حقيقي يجعل التوافق على إطار مالي موحد أمرًا بالغ التعقيد. • غياب البيئة المؤسسية وضعف البنية الرقابية: نقص التخطيط الاستراتيجي الفعال وضعف الأجهزة الرقابية يعيقان التنفيذ الدقيق والشفاف لمبادئ التسقيف والتوسيم. • غياب أنظمة مالية حديثة ومتكاملة: نظام الحساب الموحد للخزانة (TSA): غيابه يؤدي إلى تشتت السيولة النقدية الحكومية وصعوبة تحديد السقف بدقة، ومراقبة الالتزام به، وتتبع الإيرادات غير النفطية. أنظمة إدارة المعلومات المالية المتكاملة (IFMIS): عدم وجودها يعني نقص المعلومات الدقيقة في الوقت الحقيقي، وضعف التنسيق، وصعوبة ربط الإيرادات بالإنفاق آليًا، مما يقوض الشفافية والمساءلة. • مقاومة التغيير والعوامل الاجتماعية والسياسية: قد تواجه المقترحات مقاومة من جهات مستفيدة من الوضع القائم، أو تأثيرات اجتماعية محتملة قد تتطلب معالجة حكيمة. الخلاصة تُقدم مقترحات محمد الصافي لإصلاح المالية العامة في ليبيا خارطة طريق واضحة نحو الاستقرار الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، هذه المقترحات، كما تم توضيحه، لا تتعارض مع الإطار القانوني الليبي الحالي، بل تسعى إلى تعزيزه وتفعيله من خلال تعديلات مدروسة تضمن الانضباط المالي والشفافية. ومع ذلك، فإن نجاح تطبيقها يتوقف بشكل كبير على تجاوز التحديات الهيكلية والسياسية والإدارية، والاستثمار الحتمي في تطوير وتفعيل أنظمة مالية حديثة مثل TSA وIFMIS، والتي تُعد ركائز أساسية لأي إدارة مالية حكومية فعالة ومستدامة، إن تحقيق هذه الرؤية يتطلب إرادة سياسية حاسمة وتوافقًا وطنيًا يعلو على الانقسامات الراهنة

الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية
الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

الوسط

time٠٧-٠٦-٢٠٢٥

  • الوسط

الخبير الاقتصادي محمد الصافي: حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية

دعا الخبير الاقتصادي محمد الصافي إلى علاج أزمات المالية العامة في ليبيا عبر مسارين، الأول هو تحديد سقف للموازنة، والثاني: تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية من خلال تخصيص الإيرادات غير النفطية للإنفاق على بعض أبواب الميزانية (أو ما يسمى بالتوسيم - Earmark). وأوضح الصافي، في دراسة، خص بها «الوسط»، أن هذين المقترحين مهمان لإدارة الإنفاق المرتفع ومعالجة التباعد في المالية العامة الناتج عن زيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات. وقال إن استحداث سقف للميزانية يعني تثبيت الإنفاق الحكومي السنوي عند مبلغ متفق عليه، على أن يكون هذا السقف ممتداً إلى عدة سنوات. ونوه بأن حجم الميزانية يجب أن يراعي استقرار سعر الصرف الأجنبي والاحتياجات التنموية للبلاد (على سبيل المثال، المناطق المتضررة من العاصفة دانيال، واستكمال مشاريع التنمية الحالية). مطالب بفترة استقرار لا تقل عن 3 سنوات لعلاج التضخم وطالب بمنح المصرف المركزي فترة التقاط أنفاس لإعادة ضبط الاقتصاد الكلي، مشيراً إلى ارتفاع درجة حرارة الاقتصاد (التضخم)، وحاجة المصرف إلى فترة استقرار لا تقل على 3 سنوات؛ حيث أن ميزانية بسقف محدد ولمدة ثلاث سنوات ستمنح المركزي الوقت الكافي للتحكم في عرض النقود. ونادى الخبير الليبي كذلك بتخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي من خلال ضبط الإنفاق لمدة ثلاث سنوات، بما يقلل الضغط على الاحتياطيات النقدية، ويؤدي إلى استقرار العملة الليبية، فضلا عن احتواء المعروض النقدي والحد من السيولة المفرطة في السوق، وتخفيف الضغوط التضخمية، بجانب الحد من تراكم الديون، وتشجيع انضباط المالية العامة. فوائد التوسيم وكيفية إنفاق الإيرادات غير النفطية وفيما يخص مقترح «التوسيم»، أي ربط مخصصات الإيرادات غير النفطية مع بعض أبواب الميزانية، قال الصافي إن الاعتماد على عائدات النفط لا يحفز على جلب الإيرادات غير النفطية. «ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الإيرادات أمر ضروري للإدارة المستدامة للمالية العامة، لا سيما بالنظر إلى تقلب أسعار النفط عالمياً وعدم استقرار سعر الصرف الأجنبي في السوق الموازية». وأوضح أن مقترحه يقوم على تخصيص الإيرادات غير النفطية وربطها بالباب الثاني (النفقات التسييرية) للميزانية، وذلك عن طريق قانون؛ بحيث لا يجري الصرف على الباب الثاني من أموال النفط وإنما من الإيرادات غير النفطية فقط. ويرى أن ذلك المقترح يخلق حافزاً لجني تلك الإيرادات غير النفطية وإدخالها ضمن دفاتر الدولة، موضحاً أن هناك الكثير من الممارسات التي تجعل الدولة غير مستفيدة من تلك الموارد، بالإضافة إلى عدم توريدها إلى الخزانة من الأساس. وذلك النظام اتبعته كثير من الدول وكذلك ليبيا كذلك في العام 2010، إذ أن جزءاً من باب المرتبات كان مربوطاً مباشرة بالإيرادات غير النفطية. طرق تحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية ويبين الخبير الاقتصادي أن هناك طريقتين لتحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية التي يمكن استخدامهما في التخصيص. أولا، تحسين التحصيل من مصادر مثل الاتصالات، والضرائب، والرسوم الجمركية، والخدمات الحكومية. ثانيا، إيجاد مصادر جديد، كما أن هناك مصادر محتملة منها تصفية أصول المؤسسات المتعثرة المملوكة للدولة، وفق الخبير محمد الصافي. وأشار إلى أنه جرى إنشاء مؤسسات حكومية لضمان تدفقات إيرادات إضافية للموازنة، «لكن سوء الإدارة ونقص الحوافز جعل تلك المؤسسات تكبد الموازنة، لا تدر عائداً لها». وعدَّد الخبير فوائد التوسيم وهي: زيادة قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط واستقرار احتياطيات النقد الأجنبي. كما دعا إلى تفعيل قانون الموازنة، مع تعديلاته، «يجب أن تلتزم آلية تنفيذ مقترح إصلاح المالية العامة هذا بقانون الدولة الليبي». وشدد على ضرورة أن تعود الموازنة العامة إلى الإجراءات القانونية المعتادة، حيث تجري صياغة قانون الموازنة والموافقة عليه من قبل السلطة التشريعية وتنفيذه من قبل السلطة التنفيذية. اقتراحات محمد الصافي فيما يخص موازنة 2025 وفيما يخص قانون موازنة 2025، اقترح أن يضم مواد محددة تحدد سقف الموازنة بالدينار الليبي لعدة سنوات، مع تخصيص أبواب الموازنة التي ستمول من الإيرادات غير النفطية. كما دعا إلى تحقيق مجموعة مطالب منها: إجراء حوار فني بشأن الميزانية بمشاركة مؤسسات الدولة المتمثلة في الحكومتين ومصرف ليبيا المركزي وممثلين عن المجلس التشريعي، فضلا عن مشاركة الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والخبراء الاقتصاديون المستقلون، والمهنيون الأكاديميون. كما يجب أن يركز الحوار على وضع سقف واقعي للموازنة للسنوات المالية 2025 و2026 و2027 ضمان توافق هذا السقف مع التحديات الاقتصادية الحالية. وشدد على ضرورة أن تلتزم السلطة التشريعية بتقنين سقف الموازنة في قانون موازنة 2025، مع تحديد المبلغ الدقيق بالدينار الليبي وذلك لمدة 3 سنوات حتى لا يضطر المركزي لخوض نفس الصراع كل سنة. واقترح الصافي أنه في حالة تعثر إقرار التسقيف لعدة سنوات «فانه ينبغي أن يتضمن القانون أيضاً بنداً يسمح بإنفاق 1/12 من الموازنة المعتمدة لكل شهر لاحق في حالة حدوث تأخير في تمرير الموازنات المستقبلية، وبالتالي ضمان الاستقرار المالي والنقدي». وطالب بضرورة أن تنص إحدى مواد قانون الميزانية على أن «ميزانية 2025 ستظل سارية حتى يتم انتخاب برلمان جديد أو رئيس جديد»، معتبراً أن ذلك «يخلق رابطاً مباشراً بين إصلاحات المالية العامة والعملية السياسية، مما يوفر حافزاً للفاعلين السياسيين للتحرك نحو الانتخابات». وشدد على أن القانون يجب ألا يسمح لأي جهة حكومية بتجاوز سقف الموازنة، بما يتيح تحقيق الرقابة على المالية العامة، مع السماح للحكومة بالمرونة في تخصيص الموارد على أساس الأولويات المتغيرة. 5 فصول مقترحة ضمن هيكل الموازنة ونادى الخبير محمد الصافي بضرورة أن يتضمن هيكل الموازنة خمسة فصول هي: الرواتب، والنفقات التسييرية، والتنمية، والدعم، وصناديق الطوارئ، «فالرواتب والدعم نفقات ثابتة تتطلب مصادر إيرادات مستقرة، في حين أن النفقات التسييرية والتنمية أكثر تقلباً ومرونة». وأشار إلى أنه يجب تمويل الفصلين الثاني والثالث من الإيرادات غير النفطية أي النفقات التسييرية والتنمية، «نظرا لكونها متغيرة وعرضة للإنفاق التقديري»، مضيفاً: «يجب تخصيص الباب الثاني (التسييرية) لمصادر الإيرادات المتكررة غير النفطية مثل أرباح الاتصالات السلكية واللاسلكية، والرسوم الجمركية، والضرائب». واقترح إمكانية تمويل الفصل الثالث (التنمية) من خلال تصفية أصول المؤسسات المملوكة للدولة ضعيفة الأداء، «إذ لم يحقق العديد من هذه المؤسسات المملوكة للدولة أرباحاً منذ سنوات، مما كلف ميزانيتها ملايين الدينارات. ومن شأن تصفية هذه الأصول أن توفر الموارد اللازمة للمبادرات التنموية وتعزز تنويع النشاط الاقتصادي». وواصل: «مع أن القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة، فإن العديد من الخبراء يقدرونها بالمليارات. وبمجرد تصفية هذه الأصول، يجب وضعها في صندوق منفصل مخصص وتمويل جهود التنمية فقط». وفي الختام، يرى الصافي أن إصلاح المالية العامة بالجمع بين سقف الموازنة وتنويع مصادر الإيرادات سيكون حافزاً للمضي قدماً في العملية السياسية نحو إجراء الانتخابات.

الصافي: 'الاقتصاد لا يحتمل، حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية'
الصافي: 'الاقتصاد لا يحتمل، حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية'

أخبار ليبيا

time٠٤-٠٦-٢٠٢٥

  • أخبار ليبيا

الصافي: 'الاقتصاد لا يحتمل، حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية'

كتب الخبير الاقتصادي 'محمد الصافي': عقد ضائع من السياسات الاقتصادية الليبية. منذ عام 2014، واجه الاقتصاد الليبي فترة طويلة من الانكماش وعدم الاستقرار، وهو ما أشير إليه هنا على أنه 'عقد ضائع' من تاريخ ليبيا الاقتصادي، وقد تأثرت ليبيا بشدة بالانقسام السياسي والصراع المسلح وسياسات المالية العامة غير المستدامة، والتي دفعت البلاد مجتمعة إلى حالة من الضعف الاقتصادي، وقد أدت الاضطرابات المستمرة، مقترنة بارتفاع معدلات التضخم والتوسع الجامح في المالية العامة، إلى زيادة اعتماد الاقتصاد على عائدات النفط. بين عامي 2012 و2023، انخفض إجمالي الناتج المحلي لليبيا بأكثر من 40٪، حيث انخفض من 93 مليار دولار إلى 50 مليار دولار فقط. ويعكس هذا التراجع الاضطرابات الحادة الناجمة عن التفتت الحكومي وعمليات الإيقاف الدوري لإنتاج النفط بسبب الصراعات. ووصل معدل التضخم، الذي تذبذب على نطاق واسع، إلى 35٪ في عام 2017، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية لليبيين العاديين. وفي الوقت نفسه، شهد الدينار الليبي انخفاضا كبيرا، حيث انخفض من 1.27 دينار ليبي للدولار في عام 2012 إلى 6.4دينار ليبي للدولار بحلول عام 2025، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. كل هذه المشاكل الاقتصادية اضاعت علينا عقدا كاملة من التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات. المشكلة: الانفصام المالي تواجه ليبيا أزمة تلوح في الأفق في المالية العامة مدفوعة بالتباين الشاسع بين الإنفاق و الإيرادات. أدى وجود حكومتين متنافستين، لكل منهما أجندات تنموية طموحة (ولكن غير مدروسة)، إلى تصاعد الضغوط على المالية العامة، حيث تسعى كلتا السلطتين إلى تحقيق أهداف إنفاق متداخلة ومتعارضة في كثير من الأحيان، وقد أدى نظام الحوكمة المزدوج والفعلي هذا إلى توسع غير منسق في المالية العامة، مما زاد من الضغوط على الموارد المحدودة بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج ليبيا إلى إعادة إعمار عاجلة بعد سنوات من الصراع بالإضافة إلى العاصفة دانيال التي أودت بحياة الآلاف من الناس، والتي تتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والخدمات العامة الأخرى، وستزداد صعوبة تحقيق أهداف إعادة الإعمار هذه بدون إدارة مالية سليمة، لاسيما بالنظر إلى محدودية الحيز المالي المتاح للبلاد. وفي الوقت نفسه، تتعرض احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي لضغوط هائلة، وقد أدى الدين العام المتزايد وارتفاع تكاليف الواردات وعدم استقرار الوضع السياسي إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية، مما أثار مخاطر استنزاف احتياطيات الدولة وتعزيز أنشطة السوق الموازية. ويتفاقم الوضع بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات، خاصة من النفط بسبب الممارسات الفاضحة مثل مبادلة النفط الخام بالوقود. ويشكل هذا الانفصام بين زيادة الإنفاق من جهة وانخفاض الإيرادات من جهة أخرى قنبلة موقوتة، وبدون إصلاح فوري للمالية العامة، بما في ذلك تحسين التنسيق بين الحكومات، والإنفاق المخطط على إعادة الإعمار، وتنويع مصادر الإيرادات، فإن ليبيا تخاطر بأزمة مالية شاملة. الحل؟ نزع فتيل القنبلة المالية لمعالجة التباعد في المالية العامة في ليبيا بسبب زيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات، أوصي في هذا المقترح باتباع نهج من ركيزتين: تطبيق سقف للموازنة لإدارة الإنفاق المرتفع وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية من خلال تخصيص الإيرادات غير النفطية لبعض ابواب الميزانية (او مايسمى بالتوسيم او Earmark). الركيزة 1: تسقيف الموازنة يجب استحداث سقف للميزانية يثبت الإنفاق الحكومي السنوي على مبلغ متفق عليه و لعدة سنوات ويجب أن يأخذ هذا المبلغ المتفق عليه في الاعتبار الاحتياجات التنموية للبلد (على سبيل المثال، المناطق المتضررة من العاصفة دانيال، واستكمال مشاريع التنمية الحالية)، واستقرار سعر الصرف الأجنبي. وسيكون للحد الأقصى للموازنة منافع عديدة، منها: – إعطاء فترة تنفس للمركزي لإعادة ضبط الاقتصاد الكلّي: حيث أن درجة حرارة الاقتصاد (التضخم) الآن مرتفعة جدا ويحتاج المركزي لفترة استقرار لا تقل على 3 سنوات لتخفيض هذه الحرارة حيث أن ميزانية مسقفة ولمدة ثلاث سنوات ستعطي للمركزي الوقت الكافي لاستخدام أدواته للتحكم في عرض النقود المتورم. – تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي: من خلال تسقيف الإنفاق لمدة ثلاث سنوات، سيتم تقليل الضغط على الاحتياطيات، مما يؤدي إلى استقرار العملة الليبية. – احتواء المعروض النقدي: سيؤدي تقييد الميزانية إلى الحد من السيولة المفرطة في السوق، وتخفيف الضغوط التضخمية. – الحد من تراكم الديون: سيساعد وضع سقف للموازنة على منع تراكم دين عام إضافي والحد من مخاطر المالية العامة. – تشجيع انضباط المالية العامة: ستضطر الإدارات الحكومية إلى إدارة الموارد بمزيد من الكفاءة. بما أن قيادة البلاد الآن تذهب بمنطق المقاولات فلعل مبدأ التسقيف يفهم من قبل صناع القرار المقاولين. 2. الركيزة 2: ربط مخصصات الإيرادات غير النفطية مع بعض أبواب الميزانية (توسيم) بوجود أموال النفط فلا يوجد حافز يذكر لتوسيع جلب الإيرادات غير النفطية، ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الإيرادات أمر ضروري للإدارة المستدامة للمالية العامة، لا سيما بالنظر إلى تقلب أسعار النفط العالمية وعدم استقرار سعر الصرف الأجنبي في السوق الموازية. المقترح: تخصيص الإيرادات غير النفطية وربطها بالباب الثاني (التسييرية) للميزانية، هذا يتم عن طريق فرض او ربط بقانون أن الباب الثاني لا يتم الصرف عليه من أموال النفط وإنما من الإيرادات غير النفطية فقط مما يخلق حافز لجنيها وإدخالها داخل دفاتر الدولة (حاليا هناك الكثير من الممارسات من إخذ هذه الموارد من المصدر ولا تورد الى الخزانة). هذا الإجراء والذي يسمى في الاقتصاد ب (Earmarking او التوسيم بلغة أهل البادية) متبع في كثير من الدول وليبيا كذلك قامت باتباعه في عام 2010 حيث أن جزء من باب المرتبات كان مربوط مباشرة بالإيرادات غير النفطية. اختيار الباب الثاني للربط ليس اعتباطي وانما نتيجة أنه أقل الأبواب صرفا على الناس فالتقليل منه لحين تثبيت وسن هذه السنّة (زيادة الاهتمام بالايرادات غير النفطية) لن يحدث تأثير كبير على المواطن. وهناك طريقتان لتحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية التي يمكن استخدامها في التخصيص. أولا، تحسين التحصيل من مصادر الإيرادات العادية غير النفطية مثل الاتصالات ، والضرائب، والرسوم الجمركية، والخدمات الحكومية. ثانيا، إيجاد مصادر جديدة لتدفقات الإيرادات غير النفطية. ويتمثل أحد المصادر المحتملة في تصفية أصول المؤسسات المتعثرة المملوكة للدولة، وقد أنشئت هذه المؤسسات المملوكة للدولة لتوفير تدفقات إيرادات إضافية للموازنة، لكن سوء الإدارة ونقص الحوافز انتهى بها الأمر إلى أخذها من الموازنة بدلا من دعمها، ومن خلال التوسيم، ستجني الدولة العديد من المنافع، بما في ذلك: – زيادة قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات: من خلال توسيع تدفقات الإيرادات غير النفطية، ستعمل الحكومة على تحسين استقلاليتها المالية. – تقليل الاعتماد على النفط: سيؤدي تنويع الإيرادات إلى تخفيف مخاطر نقص الموازنة عندما تنخفض أسعار النفط، مما يجعل الميزانية أقل عرضة لتقلبات السوق العالمية. – استقرار احتياطيات النقد الأجنبي: من خلال تقليل الاعتماد على عائدات النفط، يمكن لليبيا الحفاظ على احتياطيات نقد أجنبي أكثر قوة حتى خلال فترات انخفاض أسعار النفط مما ينعكس على سعر الصرف والتضخم. الآلية: تفعيل قانون الموازنة، مع تعديلاته. يجب أن تلتزم آلية تنفيذ مقترح إصلاح المالية العامة هذا بقانون الدولة الليبي. يجب أن تعود الموازنة العامة إلى الإجراءات القانونية المعتادة، حيث تتم صياغة قانون الموازنة والموافقة عليه من قبل السلطة التشريعية وتنفيذه من قبل السلطة التنفيذية، يجب أن يتضمن قانون موازنة 2025 مواد محددة تحدد سقف الموازنة بالدينار الليبي لعدة سنوات وتخصيص أبواب الموازنة التي ستمول من الإيرادات غير النفطية. 1. سقف الموازنة – إجراء حوار فني بشأن الميزانية: يجب الشروع في حوار فني بشأن الميزانية بمشاركة مؤسسات الدولة المتمثلة في الحكوماتين ومصرف ليبيا المركزي وممثلين عن المجلس التشريعي. وينبغي أن تشارك الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والخبراء الاقتصاديون المستقلون، والمهنيون الأكاديميون، في هذا الحوار. وسيضمن ضم هذه المجموعات مشاركة الجمهور والشفافية في عملية صنع القرار، وينبغي أن يركز هذا الحوار على وضع سقف واقعي للموازنة للسنوات المالية 202620272025، وضمان توافقه مع التحديات الاقتصادية الحالية. – تشريع سقف الموازنة في قانون موازنة 2025: يجب على السلطة التشريعية تقنين سقف الموازنة في قانون موازنة 2025، مع تحديد المبلغ الدقيق بالدينار الليبيوذكر بصريح العبارة أن هذه التسقيف ساري لمدة 3 سنوات حتى لا يضطر المركزي لخوض نفس الصراع كل سنة. وسيضمن هذا السقف انضباط المالية العامة، اذا تعثر إقرار التسقيف لعدة سنوات فإنه ينبغي أن يتضمن القانون أيضا بندا يسمح بإنفاق 1/12 من الموازنة المعتمدة لكل شهر لاحق في حالة حدوث تأخير في تمرير الموازنات المستقبلية، وبالتالي ضمان الاستقرار المالي والنقدي. – ربط الميزانية بالعملية السياسية: يجب أن تنص مادة في قانون الميزانية على أن ميزانية 2025 ستظل سارية حتى يتم انتخاب برلمان جديد و/أو رئيس جديد، ويخلق هذا رابطا مباشرا بين إصلاحات المالية العامة والعملية السياسية، مما يوفر حافزا للفاعلين السياسيين للتحرك نحو الانتخابات من أجل تحديث إطار الموازنة أو تغييره. – ضمان المرونة داخل السقف: يجب أن يحدد قانون الموازنة أنه على الرغم من وجود مرونة في كيفية تخصيص الإنفاق الحكومي في حدود الحد المسموح به، لا يمكن لأي جهة حكومية تجاوز سقف الموازنة، وسيتيح هذا رقابة على المالية العامة مع السماح للحكومة بالمرونة في تخصيص الموارد على أساس الأولويات المتغيرة. تخصيص الإيرادات غير النفطية – هيكل الموازنة الليبية: تتكون الموازنة الليبية من خمسة فصول: الرواتب، والتسييرية، والتنمية، والدعم، وصناديق الطوارئ. الرواتب والدعم نفقات ثابتة تتطلب مصادر إيرادات مستقرة، في حين أن التسييرية والتنمية أكثر تقلبا ومرونة. – تخصيص الفصلين الثاني والثالث للإيرادات غير النفطية: في قانون الموازنة لعام 2025، يجب تحديد المخصصات بوضوح لأبواب التسسيرية (الفصل الثاني) والتنمية (الفصل الثالث) نظرا لكونها متغيرة وعرضة للإنفاق التقديري. o يجب تخصيص الباب الثاني (التسييرية) لمصادر الإيرادات المتكررة غير النفطية مثل أرباح الاتصالات السلكية واللاسلكية، والرسوم الجمركية، والضرائب. وستساعد مصادر الإيرادات المتسقة هذه في تمويل تكاليف التشغيل. وسيتم تحفيز الحكومة على جمعها بكفاءة نظرا لأنها بدونها لن تتمكن من الإنفاق على هذا الفصل (مافيش إيرادات غير نفطية مافيش سيارة كامري للشرطة الزراعية). o ويمكن تمويل الفصل الثالث (التنمية) من خلال تصفية أصول المؤسسات المملوكة للدولة ضعيفة الأداء، ولم يحقق العديد من هذه المؤسسات المملوكة للدولة أرباحا منذ سنوات، مما كلف ميزانيتها ملايين الدينارات. ومن شأن تصفية هذه الأصول أن توفر الموارد اللازمة للمبادرات التنموية وتعزز تنويع النشاط الاقتصادي. ومع أن القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة، فإن العديد من الخبراء يقدرونها بالمليارات، وبمجرد تصفية هذه الأصول، يجب وضعها في صندوق منفصل مخصص وتمويل جهود التنمية فقط. الخلاصة: تضمن هذه الآلية أن يكون مقترح إصلاح المالية العامة الليبي متجذرا في الإطار القانوني للبلاد، مما يجعله حلا مستداما يتسم بالشفافية، وسيعمل الجمع بين سقف الموازنة وتنويع مصادر الإيرادات من خلال المخصصات على تعزيز استقرار المالية العامة، وتخفيف الضغوط التضخمية، وتهيئة بيئة مالية أكثر استدامة في ليبيا، وستخدم هذه التدابير أيضا كحافز للمضي قدما في العملية السياسية نحو إجراء الانتخابات، مع تعزيز انضباط المالية العامة وتنويع النشاط الاقتصادي. خلق تغيير القيادة في مصرف ليبيا المركزي فرصة فريدة للإصلاح. وفي عقد يتسم بالانقسامات والفرص الضائعة، يمثل هذا الزخم فرصة مهمة لتنفيذ تغييرات دائمة في المالية العامة، ومن الضروري التحرك بسرعة والحسم في الوقت الذي لا تزال هذه الفرصة سانحة، لضمان أن تتخذ ليبيا خطوات جادة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والرخاء على المدى الطويل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store