
عقدة إنهاء الحرب
لو قدر لاتفاق إعلان المبادئ المسمى اتفاق أوسلو أن يجد طريقه إلى الواقع قبل أكثر من ربع قرن، لكان واقع الحال، ليس في فلسطين وإسرائيل وحسب قد تغير رأساً على عقب، بل في كل الشرق الأوسط.
نقول ذلك لأنه على ما يبدو، أن الواقع السياسي الإقليمي، مضطر للعودة مجدداً، إلى الانخراط في نفس الطريق، أو في طريق مشابه له، في الوقت الذي كان ممكناً فيه حقن كل تلك الدماء، وتجنب كل تلك الخسائر البشرية والاقتصادية، وعلى كل جوانب الحياة، للفلسطينيين أولاً، وللإسرائيليين ثانياً، ثم لكل دول وشعوب الشرق الأوسط ثالثاً، ومن ثم لكل العالم، الذي اتضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن معادلة التوتر والاستقرار في الشرق مسألة بالغة الأهمية للعالم، خاصة منه العالم الغربي، بدليل أن الحرب التي تجري في المنطقة منذ ستمائة يوم، أو أكثر من عشرين شهراً، شغلت العالم بأسره، إن كان على صعيد الأمم المتحدة بجلسات مجلس أمنها وجمعيتها العمومية، أو متابعة الدول العظمى والكبرى في العالم، أو على الصعيد الشعبي، حيث لم يشهد العالم تظاهرات صاخبة كرد فعل على حدث دولي، كما حدث ويحدث كرد فعل على حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
نقول، لو قدر لأوسلو أن وجد طريقه إلى الواقع قبل ربع قرن، أي في العام 1999، بالتحول من اتفاق انتقالي تم التوقيع عليه قبل ذلك بخمسة أعوام، أي العام 1994 في حديقة البيت الأبيض، ونص على مفاوضات حول ملفات الحل النهائي خلال خمس سنوات تالية، تنتهي باتفاق نهائي، يتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بعد أن يكون الاحتلال قد خرج من 90% من أرض دولة فلسطين المحتلة، فيما يكون التفاوض خلال مدة حدها الأعلى خمس سنوات، قد انتهى بالتوصل إلى حل حول مستقبل المستوطنات والقدس والمياه والحدود وكل هذه تقع ضمن أقل من نسبة 10% من مساحة الأرض الفلسطينية المحتلة، حينها كنا اليوم إزاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، وكان بذلك الشعب الفلسطيني، قد حقق هدفه الأسمى وعاش حياة طبيعية، بل شارك في نمو وازدهار الشرق الأوسط وهو الذي ساهم كشعب دونما دولة في ذلك خلال العقود الماضية، وكانت دولة فلسطين قد دفعت بالديمقراطية السياسية قدماً في المنطقة باعتبارها وهي سلطة نشأت على الأساس الديمقراطي، بدليل أنها شهدت تداول السلطة في الانتخابات البرلمانية الثانية فقط، أما إسرائيل فكانت قد حققت الكثير، فمجرد إقامة دولة فلسطين المستقلة، كان سيفتح لها باب التطبيع الحقيقي.
والدليل هو أنه مجرد توقيع اتفاق إعلان المبادئ، تبعت الأردن بتوقيع وادي عربة، بل افتتحت كل من تونس والمغرب وقطر حينها مكاتب تمثيل إسرائيلية في عواصمها، دون التمثيل الدبلوماسي، لكن بما يوازي اتفاق أوسلو الانتقالي، فيما لم يحدث أن اقتربت أي دولة من إسرائيل ما بين عامي 1979 - 1994، أي خلال خمسة عشر عاماً، فصلت بين توقيع كامب ديفيد بين أكبر دولة عربية وهي مصر وإسرائيل، والأهم هو أن التطبيع بين الدول العربية، بعد قيام دولة فلسطين المستقلة، يعني التطبيع مع الشعوب العربية، أي أن تغدو إسرائيل دولة طبيعية في الشرق الأوسط، لا أن ينظر إليها حتى وهي على علاقات دبلوماسية مع خمس دول عربية حالياً، بأنها تقيم تلك العلاقات مع الأنظمة، فيما الشعوب، خاصة المصري والأردني والمغربي، تظهر كل مظاهر رفض التطبيع خارج حدود السفارات الإسرائيلية المعزولة في القاهرة وعمان والرباط، ودليل ذلك ما يحيط بمقار تلك السفارات من قوى أمن وجدران وأسيجة.
وكان الشرق الأوسط كله قد تجنب كل ما يحدث حالياً من عنف وتوتر وحرب لم تكن على كل حال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل توسعت دائرتها لتشمل لبنان واليمن وسورية، وإلى حد ما العراق وإيران بالطبع، وكل هذا مع الحرص الدولي ممثلاً بأميركا وأوروبا، والحرص الإقليمي ممثلاً بكل الدول العربية ذات الوزن والتأثير الإقليمي إلى جانب تركيا وإيران، على عدم تحول الحرب إلى حرب إقليمية شاملة، بمنع جر إيران للمشاركة فيها مباشرة وبكل قوتها، هذا في حال شنت عليها إسرائيل منفردة أو مع أميركا الحرب المفتوحة والشاملة والصريحة، التي تتجاوز العمليات العسكرية والأمنية المحدودة والمحددة بأهداف معينة مثل الاغتيالات وتنفيذ الضربات العسكرية والضربات المضادة، إن كان عبر الصواريخ والمسيرات.
بعد ستمائة يوم، يمكن القول بكل وضوح إن الحرب تقريباً انتهت، فليس هناك من طرفين يتقاتلان بل هناك آلة عسكرية إسرائيلية تقليدية، أي تشمل الطائرات والدبابات والمدافع تلقي بالقذائف على ما تبقى من مبانٍ وخيام فتقتل كل يوم ما يقرب من مئة وتصيب ما بين مئتين وثلاثمائة مدني فلسطيني، وهي عمليات قتل يقوم بها الاحتلال ضد الشعب المحتل بهدف الإبادة الجماعية والتهجير، وكل هذا يترافق مع التجويع وتدمير ما تبقى من مبانٍ وحتى من خيام أو مرافق عامة، مع مواصلة إصدار أوامر النزوح وفق سلسلة لا متناهية، وإذا كان من عقدة تحول دون إعلان انتهاء الحرب، فذلك يعود تماماً، وبشكل تام وليس لأي سبب آخر، لظروف الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، فبنيامين نتنياهو، ورغم عدم تمكنه خلال 20 شهراً من تحرير المخطوفين، إلا عبر صفقتي التفاوض اللتين جرتا خلال هذه الحرب، إلا أنه يدرك أن استمرار الحرب يعني بقاء ائتلاف الحكم، وبقاءه هو شخصياً رئيساً للوزراء محصناً من المحاكمة القضائية سواء داخل أسرائيل أو خارجها.
ولأن الائتلاف الإسرائيلي الحاكم قد خاض الحرب لتحقيق أهداف سياسية بعيدة المدى، تذهب إلى الإقليم كله، أي تمس الشرق الأوسط، وليس لتحقيق لا أهداف أمنية عسكرية كما يدعي، محصورة بالقضاء على حماس كقوة عسكرية وكنظام حكم في غزة، أو منع أن تبقى غزة تشكل تهديداً أمنياً، وكل هذا يمكن الرد عليه بمقترحات بسيطة، من مثل أن يوافق على عودة السلطة لحكم غزة، أو من مثل رفع يد إسرائيل عن حصار غزة، وهو قبل أيام ذرف دموع التماسيح بقوله إنه يرغب في أن يسمح لسكان غزة بالمغادرة، حتى يتحرروا من الجوع، فيما الحل الطبيعي هو أنه بعد أن خرج من غزة العام 2005، كان عليه وما زال يجب عليه ألا يفرض عليها لا حصاراً برياً، في رفح، ولا بحرياً في الشريط البحري وطوله 50 كم ولا في الجو الجنوبي والغربي تحديداً، لذلك فالائتلاف الحاكم الإسرائيلي يواصل القتل وارتكاب جرائم الحرب، من أجل تحقيق هدف التهجير، ومن ثم إعلان ضم غزة والضفة، بعد أن اتضحت استحالة السيطرة الإقليمية على الشرق الأوسط.
الخلاصة أن عقدة إنهاء الحرب ليست بيد الطرفين، ومع تزايد الضغوط المحلية والإقليمية والدولية عليهما معاً، فإن طرفيها سيكونان خاسرين، ولن يتسنى لأحدهما تحقيق ما كان يرغب فيه قبل السابع من أكتوبر 2023، فحماس قد خسرت حكمها المنفرد لغزة، الذي كانت عليه قبل إطلاقها عملية طوفان الأقصى، والائتلاف الحاكم، لم يخسر أحلامه الإقليمية وحسب، بل خسر التطبيع المجاني وفق «اتفاقية أبراهام» التي لم يعد ترامب نفسه يقول بها، أكثر من ذلك عادت المعارضة الإسرائيلية الليبرالية بالذات لتكون فاعلاً سياسياً، بعد أن استشعرت مؤسسات الدولة الإسرائيلية الخطر من ميلشيات المستوطنين ومن مشروع إقامة الدولة الدينية اللاهوتية المعادية لكل الإقليم، كذلك عاد حل الدولتين ليكون حديث الدنيا كلها، وعلى الأغلب فإن معظم القوى الفاعلة في العالم، نقصد أوروبا مع الصين وروسيا والعرب والمسلمين باستثناء أميركا إلى حين، تفكر في ما يجب فعله من أجل تنفيذ حل الدولتين وعدم الاكتفاء بإعلانه كموقف فقط.
ما يؤكد هذا المنحى، هو أن كل الحديث حتى بما في ذلك الصادر عن حماس يقول، إن الحركة لن تعود لتحكم قطاع غزة، وكان يمكن للحركة طوال سبعة عشر عاماً مضت أن تقبل بما تقبل به اليوم، بل ويرفضه نتنياهو وائتلافه الفاشي، نقصد عودة السلطة الفلسطينية، لأن نتنياهو في الأصل حين أخذ بيد حماس لحكم غزة، كان يهدف إلى تحقيق انفصال فلسطيني داخلي، لهذا يمكنه أن يقبل بأن يحكم أي أحد غزة، إلا السلطة الفلسطينية، ثم هناك إجماع على رفض التهجير، وعلى وقف الحرب، أي بفرض ذلك على نتنياهو، بما يعيد الحل لمساره الذي كان عليه قبل ثلاثة عقود مضت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة خبر
منذ 14 ساعات
- وكالة خبر
مصر: نضغط بقوة لإنهاء الحرب على غزة ونأمل اتفاقا بأسرع ما يمكن
ذكر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السبت، أن بلاده تضغط بكل قوة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، آملا في "التوصل إلى اتفاق لوقف نزيف الدم في القطاع بأسرع وقت ممكن". جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة المصرية القاهرة جمع عبد العاطي، مع وزير خارجية غامبيا مامادو تانغارا. وقال عبد العاطي "نضغط بكل قوتنا لإنهاء الحرب على غزة، ونأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف نزيف الدم في غزة بأسرع وقت ممكن". وأكد الوزير المصري على "ضرورة النفاذ الكامل للمساعدات إلى قطاع غزة ودون قيود". وشدد على أنه "من غير المقبول استخدام الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في غزة". من جانبه، قال وزير خارجية غامبيا، خلال المؤتمر الصحفي، إن "الوضع في غزة مزرٍ للغاية" بسبب الحرب الإسرائيلية. كما أشاد تانغارا، بدور القاهرة وجهودها "في تحقيق الاستقرار بالمنطقة"؛ وفق البيان المصري. وتأتي التصريحات المصرية التي تقود الوساطة مع قطر والولايات المتحدة غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الجمعة، أن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة بات "قريبا جدا". وفي تصريح للصحافيين في البيت الأبيض، أضاف ترامب "إنهم قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وسنُطلعكم على الأمر خلال اليوم أو ربما غدا، وهناك فرصة لحدوث ذلك".


وكالة خبر
منذ 14 ساعات
- وكالة خبر
بشارة بحبح.. ابن القدس بين الاقتراب من ترامب والابتعاد عنه
مع ورود تقارير متسارعة ومتأرجحة عن انتكاسات ونجاحات جهود البيت الأبيض لإبرام اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، برز رجل يعمل كقناة تواصل غير رسمية بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وحركة حماس بصورة واضحة في دائرة الضوء. وقد أدت جهود الناشط والأكاديمي الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، التي تمت بالتنسيق مع ستيف ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط وصديقه المقرب، بصورة مباشرة إلى إطلاق حركة حماس الأسير عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، مما اعتبر نجاحا كبيرا، واحتفى ترامب بالأمر في تغريدة على منصة تروث سوشيال. ومنذ ذلك الحين تم تكليف بحبح، وبصورة غير رسمية، بالمساعدة في تأمين التوصل لاتفاق أوسع من شأنه أن ينطوي على إطلاق سراح أسرى ورهائن إضافيين لدى حركة حماس مقابل وقف "مؤقت" لإطلاق النار، وإطلاق سراح مئات أو آلاف الفلسطينيين، والسماح بدخول المساعدات الغذائية والإنسانية للقطاع. وتشير تقارير إلى عقد بحبح اجتماعات مع كبار مسؤولي حماس في الدوحة، في الوقت ذاته تحرك ويتكوف وتفاوض مع رون ديريمر كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. عرب أميركا من أجل ترامب! دأب بحبح على التصويت للحزب الديمقراطي لسنوات طويلة، وكان آخرها انتخابات 2020 التي فاز فيها بايدن على ترامب، وفقا لما قاله في مقابلة أجراها مع تلفزيون "تي آر تي" التركي في يونيو/حزيران الماضي. وتخلى بحبح عن التصويت للديمقراطيين بسبب تعامل إدارة بايدن مع العدوان على قطاع غزة. انضم لأول مرة إلى حملة ترامب في مايو/أيار الماضي، حيث أطلق مبادرة "أميركيون عرب من أجل ترامب" لحشد دعم الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين للمرشح الجمهوري. وبدأ حملة لتعبئة أصوات الناخبين العرب والمسلمين للتصويت لصالح المرشح الجمهوري ترامب. وبسبب تقارب نتائج استطلاعات الرأي بين ترامب وبايدن ومن بعده هاريس، خاصة في الولايات المتأرجحة التي تعج بمئات الآلاف من الناخبين العرب والمسلمين مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، برزت أهمية كل صوت، واستغل بحبح هذه الفرصة كي يستفيد الناخبون العرب من هذه اللحظة الفارقة في الانتخابات الرئاسية بأن يكون لأصواتهم تأثير وأهمية وقوة في انتخابات 2024 والانتخابات المستقبلية. وفصّل بحبح، خلال لقاء مع برنامج "راي حنانيا الإذاعي" الموجه لعرب ومسلمي أميركا، مبررات التصويت لترامب. وخلال اللقاء قال إنه عمل عن قرب مع مبعوث ترامب الخاص ريتشارد غرينيل ورجل الأعمال اللبناني الأميركي مسعد بولس صهر ترامب ومسؤول الاتصال الرئيسي مع المجتمعات العربية الأميركية. أوصل بحبح تهنئة محمود عباس إلى ترامب مما مهد لأول مكالمة هاتفية بينهما (أسوشيتد برس) ولعب بحبح دورا وراء الكواليس في صياغة رسالة تهنئة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى ترامب بعد نجاته من محاولة الاغتيال في ولاية بنسلفانيا في يونيو/حزيران الماضي. وبعد فوز ترامب، ساعد بحبح في صياغة رسالة تهنئة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والتي أدت إلى أول مكالمة هاتفية مباشرة بين الزعيمين. وركز بحبح على جهود جذب أصوات العرب والمسلمين الأميركيين للتصويت لصالح المرشح الجمهوري. واعتبر أن تواطؤ إدارة جو بايدن وكمالا هاريس في دعم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دفعه للدفع باتجاه التصويت لصالح ترامب. وقال إن "الإدارة الديمقراطية سمحت بمقتل 40 ألف فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف الآخرين، في حين تعهد ترامب بالعمل على وقت القتال والإفراج عن بقية الأسرى والمحتجزين"، وذكر أن ترامب "سيعمل على إعادة بناء قطاع غزة، وتحقيق سلام الشرق الأوسط بناء على حل الدولتين". وانتقد بشارة بحبح إرسال بايدن وهاريس أسلحة لإسرائيل، وقال إن "إرسال طلقات نارية صغيرة أو قنابل ضخمة من زنة 2000 رطل تؤدي للنتيجة نفسها، وبدون هذه الأسلحة ما كان لإسرائيل إمكانية الاستمرار في الحرب لأكثر من عدة أسابيع فقط". واعتبر بحبح أن "إسرائيل قد خسرت الحرب بالفعل في غزة بعد نجاح حماس فيما قامت به يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، ورغم التدمير الواسع وضخامة أعداد الضحايا الفلسطينيين، وبغض النظر عن كيفية وقف القتال لا يمكن لإسرائيل إعلان الانتصار". ويرى بحبح أن عرب ومسلمي أميركا أقرب بالطبيعة للحزب الجمهوري بسبب السياسات الاجتماعية والتوجهات المحافظة الأقرب لتقاليهم خاصة فيما يتعلق بالتعليم والكتب التي تتناول الهويات والحريات الجنسية للأطفال. ويؤمن بحبح أنه آن الأوان لعرب أميركا أن ينخرطوا في العمل السياسي الأميركي، ليكون لهم صوت مسموع، ومقعد على مائدة صنع القرار. وكرر بحبح خلال ظهوره ضيفا في العديد من الشبكات الإخبارية الأميركية والدولية، أنه لا يجب لعرب ومسلمي أميركا التصويت لصالح بايدن ومن بعده هاريس بسبب دعمهما الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل بحق أهل قطاع غزة واعتبر بشارة بحبح أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو الهدف الذي يكرره ترامب، وعن استمرار دعمه لترامب قال إن ذلك يتوقف "على ما يقوم به الرئيس، لن يحصل أوتوماتيكيا على دعمنا إلا إذا استمر في العمل على رفع المعاناة عن أهل غزة". عرب أميركا من أجل السلام! في لقاء في بداية هذا العام مع شبكة "سي إن إن"، ذكر بحبج أن ترامب قدم وعديْن للناخبين العرب والمسلمين، أولهما وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، وثانيهما تحقيق السلام في الشرق الأوسط اعتمادا على مبدأ حل الدولتين. وبعدما طرح الرئيس ترامب فكرة تهجير أهل قطاع غزة إلى خارج القطاع، غضب بحبح من ترامب وغيّر اسم مبادرته لتصبح "عرب أميركا من أجل السلام" بدلا من أجل ترامب. وذكر أنه لا يدعم طرح ترامب، وأن ذلك يخالف وعود الرئيس للناخبين العرب والمسلمين. وقال "نحن دعمنا ترامب لتحقيق السلام، لا يمكن الاستمرار في دعمه بعد هذا الطرح، لذلك غيرنا الاسم". فلسطين في القلب ولد بشارة بحبح عام 1958 في القدس الشرقية لعائلة فلسطينية هُجرت بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، ثم انتقلت عائلته إلى الولايات المتحدة في السبعينيات، ودرس في جامعة بريغهام يونغ بولاية يوتا قبل أن يبدأ دراسته العليا في جامعة هارفارد. شغل بحبح رئاسة تحرير "الفجر" المقدسية لبعض الوقت (أسوشيتد برس) شغل بحبح عددا من المناصب بما في ذلك رئيس تحرير صحيفة "الفجر" التي تتخذ من القدس مقرا لها، وذلك لمدة قصيرة، وتتضمن سيرته الذاتية فترة في معهد الشرق الأوسط التابع لكلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، وسنوات في شركة تابعة لبنك مورغان ستانلي الشهير، وكتاب بعنوان "إدارة الثروات في أي سوق". وتشير تقارير إلى مشاركته في المفاوضات المتعددة الأطراف المتعلقة بالحد من التسلح والأمن الإقليمي في الشرق الأوسط في تسعينيات القرن الماضي. وأثناء دراسته العليا في جامعة هارفارد المرموقة في ثمانينيات القرن الماضي، قال بحبح تعليقا على الغزو الإسرائيلي للبنان إن ما تشهده بيروت يعد بمثابة "الهولوكوست الثاني"، وأشار إلى أن شقيقته في بيروت اختفت عندما حاصرت القوات الإسرائيلية المدينة. ولبشارة بحبح آراء منشورة تعكس قناعات فلسطينية قومية عميقة. وعن حركة حماس، كتب بحبح في يونيو/حزيران 2018 في موقع آراب أميركا "لا يريد الفلسطينيون أن تكون أي دولة فلسطينية حديثة الإنشاء دولة إسلامية. ومع ذلك، يجب الاعتراف بحماس كحزب سياسي ضمن حدود الدستور الفلسطيني. المصالحة مع حماس أمر لا بد منه، ويجب دمج حماس في منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يمكن عزل صوتها". وعن قطاع غزة، أضاف بحبح "يرى الفلسطينيون أن محاولات حكومة محمود عباس عزل غزة من خلال حجب الرواتب عن موظفي الخدمة المدنية الفلسطينيين وقطع الكهرباء عن قطاع غزة جريمة. سكان غزة فلسطينيون مثل أي فلسطيني (أجدادي من جانب والدتي ينحدرون من غزة). لا ينبغي لأحد أن يطبق عقابا جماعيا عليهم". بشارة بحبح (يمين) مع الملك الأردني عبد الله الثاني (من صفحة بحبح على منصة إكس) ولبحبح وجهة نظر حول حتمية المفاوضات لحل الصراع العربي الإسرائيلي، عبّر عنها عدة مرات خلال السنوات الماضية. وفي حوار مع مركز ويلسون البحثي أجراه في فبراير/شباط 2021 بشأن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية السابقة والمستقبلية، قال بحبح في ذلك الوقت "فيما يتعلق بشكل أي مفاوضات مستقبلية، أعتقد أنها يجب أن تكون أكثر تفاعلية". وأضاف "أنت لا تضع السياسات من خلال قراءة الخطب. أنت تضع السياسات من خلال الجلوس معا، وتحديد مخاوف بعضكما بعضا فيما يتعلق بالقضايا التي يتفاوضون بشأنها. وينبغي أن يكون الطرفان واضحيْن بشأن ما يأمل كل جانب في تحقيقه بسبب تلك المفاوضات. كلما كانت المفاوضات وجها لوجه، زادت فعاليتها". قناة خلفية غير سرية وسط تشكيك الكثيرين في واشنطن من إمكانية توصل حركة حماس وإسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار بينهما بعد انهيار الاتفاق السابق على يد إسرائيل ومعاودتها العدوان، أطلقت حركة حماس المحتجز الأميركي الإسرائيلي الوحيد الباقي لديها بسبب دور لعبه بشارة بحبح. وقال بحبح للقناة 12 الإسرائيلية الشهر الماضي إن المتحدث باسم حركة حماس السيد غازي حمد، المقيم بالعاصمة القطرية، اتصل به مباشرة عن طريق شخصية تعرفه يقال إنها سهى عرفات أرملة الزعيم الراحل ياسر عرفات، وطلب منه فتح قناة جديدة مع مسؤولين أميركيين، ونقل رسالة إلى المبعوث الخاص لإدارة ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مفادها أن حركة حماس مستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل وقف دائم لإطلاق النار. وكبادرة لإظهار حسن النية قبل وصول الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط في أولى رحلاته الخارجية، أفرجت حماس عن عيدان ألكسندر. واعتقد كثيرون أن خطوة حركة حماس ستؤدي إلى انفراجة خاصة مع احتفاء الرئيس ترامب بإطلاق آخر محتجز أميركي. وبعد أن نقل بحبح رسالة حماس إلى ويتكوف، كرر بحبح أنه لا يمكن أن يكون هناك ما يضمن أن يضغط الرئيس من أجل إنهاء الحرب بالكامل، لكن إطلاق سراح عيدان ألكسندر، آخر مواطن أميركي محتجز رهينةً، من شأنه أن يبني الثقة، وربما يؤدي إلى تجديد دخول شحنات المساعدات. نقل بحبح رسالة حماس إلى ويتكوف وأوصلها الأخير إلى ترامب (رويترز) وتم إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي قبل وصول ترامب للشرق الأوسط، ولم تعرف إسرائيل بالمفاوضات الثنائية إلا من خلال وكالات الاستخبارات الخاصة بها، مما أثار استياء رسميا في تل أبيب. وفي الوقت الذي أعلن فيه ترامب رغبته في إنهاء الحرب في قطاع غزة، فرضت إسرائيل رؤيتها على صانعي القرار الأميركي، مما دفع عددا من المحللين للتشكيك في استمرار الدور البارز لبحبح في التوصل لاتفاق أوسع. ونسق بحبح جهوده مع ستيف ويتكوف، الذي قدم مؤخرا اقتراحا جديدا لكل من إسرائيل وحركة حماس يمكن أن يكون بمثابة الأساس لجعل كلا الجانبين يوافق على وقف إطلاق نار آخر. وهكذا وجد بحبح نفسه في قلب الجهود الأميركية والإقليمية والدولية لإنهاء العدوان على قطاع غزة، رغم عدم وجود أي صفة رسمية له حتى الآن. المصدر : الجزيرة


فلسطين الآن
منذ 20 ساعات
- فلسطين الآن
ترامب: إيلون ماسك سيظل مستشارا رغم مغادرته.. وإدارته ستواصل خفض التكاليف
قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الجمعة، إنّ: "الملياردير إيلون ماسك لن يغادر إدارة هيئة الكفاءة الحكومية، بشكل كلّي"، مبرزا أنه سيعود بين الحين والآخر. وأضاف ترامب، في مؤتمر صحافي مع ماسك، انعقد بالبيت الأبيض بمناسبة مغادرة الملياردير الأمريكي لمنصبه: "لقد قام بعمل رائع"، فيما قال ماسك٬ إنّ رحيله عن البيت الأبيض لا يعني نهاية إدارة الكفاءة الحكومية التي كان يتولى الإشراف عليها. وأورد ماسك أنّ جزءا كبيرا من فريقه المسؤول عن خفض التكاليف سيبقى في منصبه، وسيواصل تقديم المشورة إلى الرئيس ترامب؛ معبّرا في الوقت نفسه عن ثقته في أنّ: "إدارة الكفاءة ستحقق مع مرور الوقت توفيرا للنفقات قدره تريليون دولار، وهو ما وعد به". وأوضح ماسك أنه سيبقى "صديقا ومستشاراً لترامب". وقال في تصريح صحافي، عقب أن سلّمه ترامب مفتاحا ذهبيا كهدية وداع، بالقول: "أتطلع إلى البقاء صديقا ومستشارا للرئيس". إلى ذلك، شدّد ماسك على أنه سيواصل دعم الفريق الذي "يسعى بلا هوادة من أجل البحث عن هدر بتريليون دولار في اقتطاعات من شأنها إفادة دافعي الضرائب الأميركيين". وفي السياق ذاته، اشتكى ماسك ممّا وصفها بـ"الصورة التي رسمت عنه" حيث اعتبر أنّ: "الهيئة أصبحت تنسب إليها أي اقتطاعات في أي مكان". فيما لفت ترامب إلى أن اجتماعه في وقت سابق من الأسبوع مع رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) جيروم باول كان جيّدا، وذلك من دون الخوض في تفاصيل. أما فيما يتعلق بأزمة هارفارد، أشار ترامب إلى أنه لا يزال يرغب في التحاق الطلاب الأجانب بالجامعات الأميركية على الرغم من خلافه مع جامعة هارفارد حول عدد الطلاب الأجانب لديها. في سياق متصل، اعتبر ترامب أن كلا من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يتسمان بالعناد، وذلك مع سعيه لإنهاء الحرب في أوكرانيا. مبرزا أنه قد خاب أمله بسبب القصف الروسي في أوكرانيا بينما كان يحاول ترتيب وقف إطلاق النار. وبخصوص ما يرتبط بالصين، أشار ترامب إلى أنّه سيتحدث إلى نظيره الصيني، شي جينبينغ، على أمل التوصل إلى حل لخلافاتهما بشأن التجارة والرسوم الجمركية، وذلك بعد أن اتهم بكين في وقت سابق من اليوم الجمعة بانتهاك اتفاق مع واشنطن؛ مضيفا: "سأتحدّث إلى الرئيس شي بالتأكيد، وآمل أن نتوصل إلى حل".