
الاتزان الرقمي
لقد أصبح الواقع الافتراضي جزءاً أساسياً من واقعنا الاجتماعي، وتلاشى الحدّ الفاصل بين الواقعي والافتراضي (BRB)، أو «سأعود حالاً» التي كنا نستخدمها في غرف الدردشة، حيث بتنا شبه ساكنين في هذا الواقع.
وحياتنا هي حياة بين واقعين، ننتقل من هنا إلى هناك بشكل سلس. وما يحدث في الافتراضي يتأثر به الواقعي، والعكس صحيح.
بات الافتراضي مصدرنا الأساسي لتلقي المعلومة والتواصل وخلق الصداقات، كما باتت المنصات الافتراضية سوقاً اقتصادية وسياسية، تؤثر في عالم الواقع، وتحدّد توجهاتنا وعاداتنا الاستهلاكية.
وفي كثير من الأحيان تتحول نقاشاتها إلى حروب افتراضية، كل ذلك ينعكس على حياتنا الواقعية.
ومع تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون الواقع الافتراضي أكثر ذكاء وديناميكية، وسيعيد تشكيله وتشكيل علاقتنا به بشكل جذري.
لقد وصلنا إلى نقطة انعطاف خطرة في تعاملنا مع هذا الواقع، فنحن نخسر حياتنا الاجتماعية والأسرية الواقعية مقابل حياتنا الافتراضية، ونسمع عن أمراض الإدمان الرقمي، والقلق السيبراني، فكيف نكون في غمار هذا العالم مستفيدين من كل إمكاناته، محميّين من تبعاته السلبية؟
يرى باحثون في المجال أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في الاستخدام الواعي لهذا العالم، أو كما يسمونه «الاتزان الرقمي»، ويقصد به الوصول إلى حياة صحية متزنة، نستطيع فيها التحكم في استخداماتنا للتقنية، وجعلها أداة لتحقيق أهدافنا والارتقاء بحياتنا، وأن نكون نحن المسيطرين عليها وليس العكس، وهو ما يتطلب أن نؤسس له منذ الطفولة، حتى يكون سلوكاً أصيلاً في شخصية الإنسان، ولا ننس دور الأسرة في التأسيس للاتزان الرقمي عند أطفالها.
لقد أظهرت دراسة بجامعة كورنيل الأميركية أن مستوى الذكاء للجيل الحالي أعلى من الجيل السابق، بسبب استخدام التكنولوجيا الحديثة. وفي المقابل، أدى استخدام هذه التقنيات إلى ارتفاع نسب الاكتئاب لدى الأطفال، وزاد الأفكار الانتحارية لدى المراهقين.
لذا فعلى الأسرة أن تحدّد ما إذا كانت ستمارس مسؤوليتها في تحقيق التوازن الرقمي لأبنائها، وتؤسس له في وقت مبكر من حياتهم، أو تترك مسؤولية تربية الأطفال لمؤسسي هذه التقنيات الذين لا يهمهم شيء غير ما سيحققونه من أرباح، بغض النظر عما ستتركه منتجاتهم من تداعيات سلبية على أجيال المستقبل.
*أستاذة الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمارات،
مستشارة رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- الإمارات اليوم
الاتزان الرقمي
لقد أصبح الواقع الافتراضي جزءاً أساسياً من واقعنا الاجتماعي، وتلاشى الحدّ الفاصل بين الواقعي والافتراضي (BRB)، أو «سأعود حالاً» التي كنا نستخدمها في غرف الدردشة، حيث بتنا شبه ساكنين في هذا الواقع. وحياتنا هي حياة بين واقعين، ننتقل من هنا إلى هناك بشكل سلس. وما يحدث في الافتراضي يتأثر به الواقعي، والعكس صحيح. بات الافتراضي مصدرنا الأساسي لتلقي المعلومة والتواصل وخلق الصداقات، كما باتت المنصات الافتراضية سوقاً اقتصادية وسياسية، تؤثر في عالم الواقع، وتحدّد توجهاتنا وعاداتنا الاستهلاكية. وفي كثير من الأحيان تتحول نقاشاتها إلى حروب افتراضية، كل ذلك ينعكس على حياتنا الواقعية. ومع تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون الواقع الافتراضي أكثر ذكاء وديناميكية، وسيعيد تشكيله وتشكيل علاقتنا به بشكل جذري. لقد وصلنا إلى نقطة انعطاف خطرة في تعاملنا مع هذا الواقع، فنحن نخسر حياتنا الاجتماعية والأسرية الواقعية مقابل حياتنا الافتراضية، ونسمع عن أمراض الإدمان الرقمي، والقلق السيبراني، فكيف نكون في غمار هذا العالم مستفيدين من كل إمكاناته، محميّين من تبعاته السلبية؟ يرى باحثون في المجال أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في الاستخدام الواعي لهذا العالم، أو كما يسمونه «الاتزان الرقمي»، ويقصد به الوصول إلى حياة صحية متزنة، نستطيع فيها التحكم في استخداماتنا للتقنية، وجعلها أداة لتحقيق أهدافنا والارتقاء بحياتنا، وأن نكون نحن المسيطرين عليها وليس العكس، وهو ما يتطلب أن نؤسس له منذ الطفولة، حتى يكون سلوكاً أصيلاً في شخصية الإنسان، ولا ننس دور الأسرة في التأسيس للاتزان الرقمي عند أطفالها. لقد أظهرت دراسة بجامعة كورنيل الأميركية أن مستوى الذكاء للجيل الحالي أعلى من الجيل السابق، بسبب استخدام التكنولوجيا الحديثة. وفي المقابل، أدى استخدام هذه التقنيات إلى ارتفاع نسب الاكتئاب لدى الأطفال، وزاد الأفكار الانتحارية لدى المراهقين. لذا فعلى الأسرة أن تحدّد ما إذا كانت ستمارس مسؤوليتها في تحقيق التوازن الرقمي لأبنائها، وتؤسس له في وقت مبكر من حياتهم، أو تترك مسؤولية تربية الأطفال لمؤسسي هذه التقنيات الذين لا يهمهم شيء غير ما سيحققونه من أرباح، بغض النظر عما ستتركه منتجاتهم من تداعيات سلبية على أجيال المستقبل. *أستاذة الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمارات، مستشارة رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه


البوابة
٠٤-٠٣-٢٠٢٥
- البوابة
الجينات قد تلعب دورا في تسوس الأسنان وأمراض اللثة
كشفت دراسة طبية حديثة أجرها باحثون من جامعة كورنيل أن عدد نسخ الجين AMY1 التي يحملها شخص ما يلعب دورا حاسما في كيفية استجابة البكتيريا في الفم للنشويات ما قد يزيد من خطر الإصابة بتسوس الأسنان وأمراض اللثة وفقا لما نشرتة مجلة نيزيورك بوست. يساعد إنزيم "أميليز اللعاب" على تكسير النشويات إلى سكريات بسيطة ما قد يؤثر على بيئة الفم والبكتيريا الموجودة فيه وبحسب نتائج الدراسة فإن الأشخاص الذين لديهم عدد أكبر من نسخ الجين AMY1 قد يكونون أكثر عرضة لتغيرات في ميكروبيوم الفم عند تناول النشويات ما قد يزيد من خطر تسوس الأسنان وأمراض اللثة. ولفهم هذا الارتباط تم جمع عينات لعاب من 31 بالغا لديهم أعداد مختلفة من نسخ الجين AMY1 ثم أضيف النشا إلى العينات وتمت مراقبة التغيرات في تكوين البكتيريا وتم تحليل التغيرات في أنواع البكتيريا الرئيسيةالمرتبطة بتسوس الأسنان وأمراض اللثة مثل أتوبوبيوم وفيلونيلا والمكورة العقدية. وجد الباحثون أن النشا قلل بشكل كبير من نسب بكتيريا أتوبوبيوم وفيلونيلا في الأشخاص الذين لديهم عدد كبير من نسخ الجين AMY1 بينما زادت مستويات بكتيريا المكورة العقدية. وتقول:أنجيلا بول أستاذة التغذية الجزيئية بجامعة كورنيل إن الأشخاص أصحاب النسخ العالية من AMY1 لديهم قدرة أفضل على تكسير النشويات ما قد يكون مفيدا من ناحية التغذية خاصة في المجتمعات التي تعتمد على النشويات كمصدر رئيسي للغذاء ولكن هذا التكسير السريع للنشويات يزيد من توافر السكريات البسيطة في الفم ما يعزز نمو البكتيريا الضارة ويزيد من خطر تسوس الأسنان وأمراض اللثة ونتيجة لذلك يوصي الخبراء الأشخاص الذين لديهم عدد كبير من نسخ الجين AMY1 بتنظيف الأسنان بعد تناول النشويات تماما كما يفعلون بعد تناول السكريات. وتعد النشويات مصدرا مهما للكربوهيدرات والألياف والفيتامينات والمعادن، لذلك يجب تناولها باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن حيث ترتبط صحة الفم السيئة بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب والسكري وألزهايمر وبعض أنواع السرطان بسبب انتقال البكتيريا من الفم إلى مجرى الدم ما يسبب التهابات في الجسم كما يمكن أن تؤدي مشاكل الأسنان واللثة إلى الشعور بالحرج وانخفاض الثقة بالنفس والقلق ما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام. وقد تفتح هذه الدراسة الباب أمام رعاية أسنان أكثر تخصيصا حيث يمكن لأطباء الأسنان تقديم توصيات مخصصة بناء على التركيب الجيني للفرد فيما يتعلق بعملية التمثيل الغذائي للنشويات والبكتيريا الفموية.


العين الإخبارية
٢٧-١٠-٢٠٢٤
- العين الإخبارية
اقتصاد النحافة.. هل تقود أدوية التخسيس ثورة جديدة في سوق العمل؟
منذ موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أدوية التخسيس قبل 3 سنوات، ارتفع استخدامها بشكل ملحوظ. وأصبحت "نوفو نورديسك"، الشركة المصنعة لـOzempic وWegovy، أكثر الشركات الأوروبية قيمة. واحتلت شركة "إيلي ليلي"، المصنعة لعقار Mounjaro، موقعاً متقدماً في السوق الأمريكية العام الماضي. ومن بين المشاهير الذين فقدوا وزنهم باستخدام هذه الأدوية 'أوبرا وينفري' و'كيلي كلاركسون'، واللتين ظهرتا بشكل أنيق وممشوق بين عشية وضحاها تقريباً. ووفقا لتقرير نشرته مجلة الإيكونوميست، يقدر بنك "مورغان ستانلي الاستثماري أن حوالي 9% من الأمريكيين سيتناولون الأدوية الخاصة بفقدان الوزن بحلول عام 2035. وهذا ليس سوى قمة الجبل الجليدي؛ فالطلب على هذه الأدوية في تزايد مستمر. أما أهم التداعيات لاكتشاف هذه الأدوية، فبخلاف تحسين الصحة وحياة معظم مستخدميها، توجد مخاوف من أن تزيد من الضغوط التي تجعل الجميع يتماشون مع معايير الجمال المعاصرة، وهو ما قد يثير حالات نفسية واضطرابات غذائية نتيجة لتزايد الضغوط الاجتماعية على الأفراد لتحقيق جسد معين. ليس مسألة شخصية واكتسب استخدام هذه الأدوية زخما مؤخرا مع واقع لم يصبح فيه الوزن البدني مسألة شخصية تخص صاحبها. وبات استخدام الناس لهذه الأدوية لأسباب جمالية بحتة وليس فقط لأسباب صحية، وهذا ليس مجرد سعي للموضة، بل هو استجابة للتفرقة الواسعة ضد الأشخاص الذين يعانون من السمنة. وكشفت دراسات عن وجود تمييز ضد الأفراد الذين يعانون من السمنة في مجالات التوظيف والرواتب، ففي السويد والمكسيك، حيث يُعتبر تضمين صورة في السيرة الذاتية أمراً شائعاً، فقد أكد باحثون أن البدناء أو الذين يعانون من السمنة كانوا أقل عرضة بشكل ملحوظ للحصول على مقابلات. وقارن بيتير لونبورغ من جامعة لوند وجون كاولي من جامعة كورنيل بين أجور النساء البدينات والنحيفات، مع مراعاة التعليم والخبرة وعوامل أخرى، في أوروبا وأمريكا على التوالي، ووجدا أن النساء اللواتي لديهن مؤشر كتلة جسم (BMI) بدين يتقاضين أجوراً أقل بنسبة 10% تقريباً مقارنةً بنظيراتهن. وتشير هذه النتائج إلى أن تأثير استخدام أدوية التخسيس بالنسبة للمرأة التي تعاني من السمنة ويبلغ دخلها، على سبيل المثال، 80,000 دولار، يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من أي توفير محتمل قد تحققه على فواتيرها الصحية. تمييز أسوأ؟ تثير هذه الأدوية أسئلة حول ما إذا كانت ستفاقم التمييز ضد الأشخاص الذين يعانون من السمنة، خاصةً في ظل تزايد حركة "إيجابية الجسد" التي تدعو إلى قبول كافة الأجسام. وترى تريسي مكملان كوتوم، كاتبة في صحيفة نيويورك تايمز، أن فكرة هذه الأدوية تكمن في إصلاح ما أفسدته الثقافة من نظرة للجسم السمين. ترى أن الحل يكمن في أن يتوقف المجتمع عن وصم الأشخاص الذين يعانون من السمنة، بدلاً من الاعتماد على الأدوية لإصلاح هذا الأمر. وكانت حركة "إيجابية الجسم"، التي تدافع عن فكرة أن الجميع ليسوا بحاجة إلى السعي لتلبية نفس المثل الجمالي، بالفعل تكتسب زخماً. فالعديد من تجار التجزئة باتوا يقدمون أحجاماً أكبر. وأصبح من الشائع رؤية الملابس معروضة على نساء ذات أحجام أكبر عند التسوق عبر الإنترنت. كما استخدم جون غاليانو من دار الأزياء الفاخرة ميزون مارجيلّا عارضات بأحجام متنوعة في عرض أزياء في باريس. لكن التحيز الذي لا يزال موجودا ضد الأشخاص البدناء يهدد مكتسبات الحركة. وحتى الآن، كانت هذه الأدوية متاحة في الغالب للأثرياء، ووفقا للتقرير فإذا كان فقدان الوزن مرتبطاً إلى حد كبير بدخل الفرد، فهناك خطر أن تُعتبر السمنة إشارة على أن الشخص من ذوي الدخل المنخفض. لكن الانتشار على نطاق واسع يجري على قدم وساق - وسيغير ذلك المشهد. الإشارة والقياس وتعتبر فكرة استخدام المظهر الخارجي كوسيلة للتعبير عن المكانة جزءًا من الطبيعة البشرية، كما أثبتت الدراسات التاريخية أن الرغبة في التميز بالمظهر موجودة منذ العصور القديمة. فالإنسان الأول ابتكر الأدوات أولا ثم اخترع المجوهرات. اكتشف علماء الآثار سلسلة من الأصداف، يُعتقد أنها كانت قلادات أو أقراط، يعود تاريخها إلى 150,000 عام - أقدم من تطور اللغة. ومن ثم، فإن الرغبة في استخدام المظهر للإشارة إلى طرق التميز عن الآخرين هي واحدة من أقدم الدوافع لدى الإنسان. وكانت الجماليات رفيعة المستوى في عصر النهضة هي النساء الممتلئات اللاتي رسمهن روبنز. ثم جعلت الثورة الصناعية الطعام أكثر توفرًا لطبقات المجتمع، فأصبح المظهر النحيف أكثر رغبة. فالنحافة ترسل إشارة: أن لدى الشخص الوقت لممارسة الرياضة، والمال لشراء الأطعمة الصحية، والتعليم لمعرفة الحمية المناسبة. في البلدان ذات الدخل المنخفض مثل مالاوي وأوغندا، حيث يُعتبر الطعام نادراً بالنسبة للفقراء، تعتبر السمنة أكثر رغبة، كما كانت في الغرب قبل الصناعة. وقد أجرت إليسا ماكي من جامعة براون دراسة في هذه البلدان، وجدت أن المتقدمين الذين يظهرون بدناءً حصلوا على وصول أفضل إلى الائتمان. وبتغير الأذواق الثقافية بمرور الزمن، قد نجد أن الأدوية مثل Ozempic ستعيد تشكيل معايير الجمال. فقد يؤدي توافر هذه الأدوية إلى إضعاف رغبة المجتمع في النحافة كمعيار وحيد للجمال، مما يتيح المجال لمعايير جديدة قد تشمل التركيز على اللياقة البدنية والقوة العضلية، أو ربما حتى القبول بأجساد متنوعة. بالنسبة للعديد من الأشخاص، يمكن أن يمثل ذلك تحولًا إيجابيًا يقلل من الأضرار التي سببها السعي وراء الجسد النحيف، خاصةً بين الفتيات الصغيرات. aXA6IDg5LjQzLjMyLjE3OCA= جزيرة ام اند امز RS