
16 قتيلا جديدا في غزة و"حماس": لا معنى للمفاوضات
وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية إنه أُحصي "ستة قتلى وعشرات الجرحى بنيران الجيش الإسرائيلي في منطقة الشاكوش قرب مركز لتوزيع المساعدات، شمال غربي مدينة رفح" جنوب القطاع.
وقتل أربعة أشخاص آخرون وجرح أكثر من 25 بنيران الجيش الإسرائيلي، من بين آلاف الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات قرب جسر وادي غزة، وسط القطاع.
بانتظار الطعام
ولقي اثنان آخران مصرعهما برصاص الجيش الإسرائيلي في انتظار المساعدات داخل منطقة المغراقة شمال غربي مفترق "نتساريم"، جنوب مدينة غزة.
وكما هي الحال يومياً، تجمع آلاف الأشخاص قرب مركزين للمساعدات جنوب ووسط القطاع، وهم يحاولون الحصول على الطعام، فيما يفتك الجوع بالسكان المحاصرين وسط الركام.
وأفاد مستشفى "القدس" التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني غرب مدينة غزة، بأنه استقبل "14 إصابة بنيران الجيش" لأشخاص كانوا يحاولون الحصول على طعام قرب مفترق "نتساريم" جنوب مدينة غزة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بصل إن الجنود الإسرائيليين الذين يتمركزون داخل نقاط عسكرية في جميع الطرقات المؤدية إلى مركز المساعدات، "أطلقوا النار باتجاه الجوعى من منتظري المساعدات".
وقال مكتب الإعلام الحكومي التابع لـ"حماس" في غزة، إن "109 شاحنات مساعدات دخلت إلى القطاع أمس الثلاثاء، تعرضت غالبيتها لعمليات نهب وسرقة نتيجة الفوضى الأمنية التي يكرسها الاحتلال". واتهم إسرائيل "بإفشال توزيع المساعدات وحرمان المدنيين منها في إطار هندسة الفوضى والتجويع".
ومع استمرار الغارات والقصف، قُتل فلسطينيان جراء غارة إسرائيلية صباح اليوم استهدفت مجموعة أشخاص قرب كنيسة "العائلة المقدسة" التابعة لدير اللاتين داخل البلدة القديمة، في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة.
وقتل شخصان آخران وجرح عدد من المواطنين إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت بعد الظهر مجموعة مواطنين قرب مدرسة الزهراء، التي تؤوي مئات النازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة.
ولفت بصل إلى أن عدداً من المواطنين نقلوا القتيلين والجرحى بواسطة عربة يجرها حمار، إلى المستشفى المعمداني على بعد مئات الأمتار.
لا معنى للمفاوضات
من ناحية ثانية، ذكرت وزارة الأسرى والمحررين في غزة التابعة لـ"حماس" أن الجيش الإسرائيلي اعتقل "عدداً من الشبان" عند نقطة المساعدات في منطقة الشاكوش داخل رفح، "أثناء انتظارهم الحصول على الطعام".
وعلى المستوى السياسي، قال عضو القيادة السياسية في "حماس" محمود مرداوي "لا معنى لأية مفاوضات ما دامت سياسة التجويع والإبادة مستمرة بحق شعبنا".
اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنته "حماس" على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1219 شخصاً معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.
وردت إسرائيل بحرب مدمرة وعمليات عسكرية لا تزال متواصلة داخل قطاع غزة، إذ تجاوز عدد قتلاها الـ60 ألفاً.
وأعلنت وزارة الصحة التي تديرها "حماس" أمس ارتفاع حصيلة قتلى العملية العسكرية الإسرائيلية إلى 60034 شخصاً، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وأعلنت بلجيكا اليوم أنها ستشارك مع بلدان عدة في عملية ينسقها الأردن لإلقاء المساعدات من الجو على غزة، خلال وقت حذرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن القطاع بات على شفير المجاعة.
وقالت وزارتا الخارجية والدفاع إن طائرة بلجيكية تحمل معدات طبية ومواد غذائية بقيمة 600 ألف يورو تقريباً (690 ألف دولار) ستتوجه "قريباً" إلى الأردن، إذ ستبقى في حال استعداد لتنفيذ عمليات إلقاء المساعدات من الجو بالتنسيق مع عمان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
مفتي القدس لـ"الشرق": قرار إسرائيل بإبعادي عن الأقصى 6 أشهر "غير مبرر"
قال مفتي القدس والأراضي الفلسطينية، الشيخ محمد حسين لـ"الشرق" الأربعاء، إن قرار إسرائيل بإبعاده عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر "غير مبرر"، ويأتي ضمن سياستها الممنهجة لـ"التضييق على رجال الدين في القدس، واستهداف دورهم وخُطَبَهم التي تعبّر عن هوية المدينة ومقدساتها". وأضاف مفتي القدس أن القرار الإسرائيلي جاء على خلفية خطبة الجمعة التي استنكر فيها سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وشدد على أن "الخطبة الدينية مسؤولية شرعية يتحمّلها الخطيب وحده، وليست من اختصاص سلطات الاحتلال"، مؤكداً رفضه لأي "تدخُّل في مضمون الخطاب الديني، باعتباره شأناً دينياً وعقائدياً خالصاً". وأشار إلى أن "الأردن، بصفته صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، يقوم بدور مهم في التصدي لهذا القرار، من خلال وزارة الأوقاف التي تتابع الملف قانونياً وتتحرك ضمن مسؤوليتها في حماية الخطباء والعاملين في العمل الديني في المدينة المحتلة". ولفت إلى أن القرار الإسرائيلي "لن يمنعه من أداء واجباته الدينية". وفي أواخر يوليو الماضي، اعتقلت القوات الإسرائيلية مفتي القدس داخل المسجد الأقصى، وسلّمته قراراً بالإبعاد عن المسجد الأقصى لمدة 8 أيام قابلة للتجديد. وقالت محافظة القدس، نقلاً عن المحامي خلدون نجم، إن القرار جاء على خلفية خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ حسين، واستنكر فيها سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وسبق أن تعرَّض خطباء آخرون في الأقصى، بينهم الشيخ محمد سليم والشيخ عكرمة صبري، لاعتقالات وإبعادات متكررة. وترى الأوساط الفلسطينية أن قرارات الإبعاد بحق العلماء والأئمة تأتي ضمن سياسة ممنهجة لتهويد القدس ومحاولة طمس هويتها العربية والإسلامية. "حماس": إبعاد مفتي القدس "إجراء تعسفي" من جانبها، وصفت حركة "حماس" قرار إسرائيل بإبعاد مفتي القدس عن المسجد الأقصى بأنه "إجراء تعسفي". واتهمت إسرائيل بـ"استهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد". وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، قاد اقتحاماً جديداً للمسجد الأقصى، مع عشرات المستوطنين، في حراسة أمنية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وسط إدانة عربية. وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها منظمة يهودية صغيرة تُدعى "إدارة جبل الهيكل"، "بن جفير" وهو يقود مجموعة من المصلين في الحرم، كما أظهرت مقاطع أخرى متداولة على الإنترنت "بن جفير" وهو يصلي.


المدينة
منذ 2 ساعات
- المدينة
استشهاد عشرات من منتظري المساعدات بالرصاص و«انقلاب شاحنة»
قتل 20 فلسطينياً منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء جراء انقلاب شاحنة مساعدات غذائية قرب مخيم النصيرات في وسط القطاع المحاصر. واستشهد 6 آخرون في وقت لاحق حول مركز مساعدات.وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل لوكالة فرانس برس الأربعاء بسقوط «20 شهيدا... وعشرات الإصابات قرابة منتصف الليلة الماضية في حادثة انقلاب شاحنة كانت تحمل مساعدات مقابل مخيم النصيرات»، موضحا أنها انقلبت «بينما كان مئات المواطنين من منتظري المساعدات» متجمعين حولها.وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في بيان القوات الاسرائيلية المسؤولية عن انقلاب الشاحنة التي «أجبرها الاحتلال على الدخول عبر طرق غير آمنة، سبق أن تعرّضت للقصف ولم تُؤهَّل للمرور».وأضاف «رغم السماح المحدود بإدخال بعض الشاحنات مؤخراً، فإن الاحتلال يتعمّد منع تأمين هذه الشاحنات ويمنع تسهيل وصولها لمستحقيها، بل يُجبر السائقين على سلك مسارات مكتظة بالمدنيين الجائعين الذين ينتظرون منذ أسابيع أبسط مقومات الحياة».وأشار إلى أن ذلك «يؤدي إلى مهاجمة تلك الشاحنات وانتزاع محتوياتها».وفي رده على سؤال لفرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه بصدد التحقق من هذه المعلومات.سياسياُ، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أمس، إن هناك «شعوراً بالاشمئزاز» إزاء المعاناة في غزة، وذلك لدى دفاعه عن خطته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.وقال ستارمر إن المملكة المتحدة ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل ما لم توافق إسرائيل على تلبية شروط معينة، من بينها علاج الأزمة الإنسانية وتنفيذ وقف لإطلاق النار وإحياء آفاق حل الدولتين للصراع. ورداً على سؤال عما إذا كان قد أعطى «حماس» دفعة علاقات عامة من خلال الحديث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قال ستارمر: «يجب عليهم إطلاق سراح الرهائن على الفور، ولن يكون لهم أي دور على الإطلاق في حكم فلسطين في أي وقت». وتابع ستارمر: «وبجانب هذا، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتخفيف الوضع الفظيع على الأرض في غزة. نحن بحاجة إلى مساعدات بكميات كبيرة وعلى نطاق واسع». وقال إن الناس شاهدوا «صور التجويع» في غزة، مضيفاً أن «الشعب البريطاني يمكنه رؤيتها وهناك شعور بالاشمئزاز مما يرونه». وكانت المفوضية الأوروبية قد أكدت رفضها تغيير الوضع الديموغرافي للفلسطينيين في قطاع غزة، الذي يواجه أوضاعا إنسانية كارثية بسبب الحرب، التي تشنها إسرائيل على القطاع، منذ أكتوبر 2023. وأكدت المفوضية، ، أنها «تجري مفاوضات مع إسرائيل بشأن التزاماتها بالوضع الإنساني في غزة»، بحسب وسائل إعلام غربية.كما شددت المفوضية الأوروبية على ضرورة أن غزة جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية. إسرائيل تبعد مفتي القدس 6 أشهر عن المسجد الأقصى أصدرت الشرطة الإسرائيلية الأربعاء قرارا يقضي بإبعاد مفتي القدس والأراضي الفلسطينية الشيخ محمد حسين لمدة ستة أشهر عن المسجد الأقصى، على خلفية «خطبة» وفق ما أفاد محاميه. وقال المحامي خلدون نجم لوكالة فرانس برس «أرسلوا لنا (قائد منطقة القدس) اليوم قرارا بالإبعاد عن المسجد الأقصى لمدة ستة أشهر، حتى يناير المقبل». وأوضح نجم أن قرار الإبعاد جاء «على خلفية الخطبة (خطبة الجمعة) التي لم يكن فيها أي شيء». وقالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) إن الخطبة التي ألقاها مفتي القدس في 25 يوليو المنصرم تضمنت «استنكارا لسياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». حينها، احتجزت الشرطة المفتي حسين لبعض الوقت وفقا لمحاميه، وبعد يومين أصدرت قرارا بإبعاده لثمانية أيام عن المسجد الأقصى. وجاء في قرار الشرطة الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس، أن الإبعاد يهدف إلى «منع تهديد خطير للأمن»، بدون تقديم مزيد من التوضيح. وأكد نجم أن الشرطة «لم تحقق مع الشيخ ولم تجر له جلسة استماع» وفق ما هو متعارف عليه.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
المجاعة أكبر من غزة
«لقد فاز هتلر، عندما حوّلنا نحن اليهود إلى أمة شريرة تلاحق وتقتل الأطفال والنساء»، قالت غاضبة الممثلة ميريام مارغوليس، التي بلغت الثالثة والثمانين وتشعر بالخزي والحرج؛ لأن غالبية بني جلدتها لا يرون خطورة فيما ترتكبه إسرائيل بحق شعب، لا هو من قتلهم، ولا حاول إفناءهم، ولا صلة له بكل الجرائم النازية، ومع ذلك يتم تدفيعه الثمن. مارغوليس محقة؛ لأن الإبادة في غزة وصلت صرخات ضحاياها إلى كل بقعة، ومع ذلك، نصف الإسرائيليين لا يزالون يرون أن ما ينشر هو مجرد دعاية لـ«حماس». وبحسب استطلاع جديد نشرته «وول ستريت جورنال»، فإن 79 في المائة من الإسرائيليين لا يشعرون بأي تأنيب ضمير تجاه المدنيين الفلسطينيين، ويسمون الكارثة التي فاضت فأغرقت الضمائر وجعاً: «أزمة إنسانية». وفي استطلاع آخر 70 في المائة يعارضون إرسال مساعدات حتى عبر هيئات دولية. هؤلاء رأينا بعضهم يمنعون شاحنات المساعدات من الوصول إلى المجوعين. 64 في المائة يتبنون مقولة «لا يوجد أبرياء في غزة»، وأقل من ربع الإسرائيليين فقط، في دراسة صدرت قبل أيام، أيدوا أن تأخذ العمليات العسكرية في الاعتبار معاناة المدنيين. إجابات مروعة، أرقام مفزعة، ويزداد استهجانك؛ لأن تنامي المعارضة داخل إسرائيل للتجويع واستمرار الحرب على غزة، ليس عائداً لمبدأ أخلاقي، وإنما رغبة في تحرير أسراهم من موت محقق، ومراعاة للمزاج الدولي، خصوصاً في الولايات المتحدة، بعد أن فقدت إسرائيل تأييد الغالبية الديمقراطية، وأخذت تخسر من رصيدها بين الجمهوريين، كما أن جهاز الدعاية الصهيونية الذي كان محلقاً في فاعليته لعشرات السنوات، يجد نفسه أمام صدود واتهامات يصعب ردها، حتى وسط شعوب كانت من أكبر المؤيدين لإسرائيل. أين المفرّ؟ الصور المرعبة تنتشر بكثافة، ولم يعد مصطلح «إبادة» و«جريمة حرب» و«مجاعة» مما يتردد المسؤولون الأمميون في استخدامه لوصف حال بؤساء غزة. المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر ترك اتهم إسرائيل بفرض «قيود شاملة، وتدمير البنى التحتية المدنية، مما أوصل إلى استخدام التجويع، وهو ما يُعد جريمة حرب». كبير المستشارين في «أمنستي» محمد دوار يطالب بتقديم المسؤولين عن الإبادة الجماعية والتجويع المتعمدين، إلى العدالة. فإذا كان الإسرائيليون يبتغون فائدة من مواجهة العالم أجمع، وتكذيب تقارير الهيئات الدولية، والبث المباشر، فلماذا تصمت الدول الكبرى، وتستمر في تغذية الإبادة، ومدّ الجيش الإسرائيلي بالسلاح، وتقتصر مواقفها على التنديد والتهديد بوقف التعاون الاقتصادي أو بعض العقوبات، إن لم يحدث تغيير؟ وإسرائيل لن تستجيب ما دام أن التواطؤ هو السمة الكبرى. صمت اليوم لا يعني النجاة غداً. حجم كارثة غزة، وطول أمدها، وفداحة تعداد ضحاياها، تشي بأنها لن تكون مجرد مأساة تخص أهلها. ثمة حروب مفصلية يتغير بسببها العالم، بعد أن تهز الوجدان. ولا يستبعد محللون أن ما ستنجلي عنه مشاهد غزة بعد وقف المعارك من آلام مجذومين، وكثرة مشوهين، ودموع يتامى، وفجيعة أمهات ومشردين، سيجعل ردود الفعل ارتجاجية. وهو ما يتحسب له بنيامين نتنياهو. هناك من يتوقع أن تتجاوز الارتدادات ما حدث بعد تكشّف شناعة المحرقة اليهودية ومعسكرات الاعتقال، حيث دخل العالم في صدمة أخلاقية، آثارها ممتدة إلى اليوم في منطقتنا كلها. أسئلة كثيرة مشروعة، بعد أن أصبح القتل بالتجويع، الذي هو أقسى من الحرق بالقنابل، مقبولاً ومستساغاً، هل ستفلت إسرائيل من العقاب؟ وإن حصل هذا ألن يؤدي إلى تكرار النموذج الوحشي في أماكن أخرى، من دون أن يعبأ أحد؟ هل تكون نهاية الهيئات الدولية، وبداية علاقات تقوم على سطوة الأقوى، وسيطرة من يقتل أكثر؟ ألا تؤسس سابقة غزة لعالم بملامح غير التي نعرفها؟ هل سيجرؤ أحد في حروب مقبلة على ذكر حقوق الإنسان، أو حماية المدنيين، وحرمة الجرحى والمستشفيات والأطفال والمسنين؟ هل سيبقى من حرمة أصلاً؟ لسنا أمام مجرد جريمة، بل أمام طعن لكل المبادئ التي أسست لتنظيم الهمجية البشرية، بعد مذابح الحرب الثانية. غزة تعيدنا إلى زمن الحصار الروماني، وحصار ستالينغراد وليننغراد، لا بل أسوأ. فالمدينة الأولى يضرب بها المثل، مع أن حصارها فكّ بعد 71 يوماً والثانية بعد 872 يوماً. أما غزة فحصارها مستمر منذ 17 عاماً قبل أن يفرض عليها الاختناق التام في السنتين الأخيرتين. تبدو غزة بلا شبيه يمكن مقارنتها به، فهي حالة متفردة في التفنن في التعذيب، مما يستدعي نتائج يصعب قياسها أو توقعها. تتسابق النظريات السوسيولوجية والنفسية على تصور البشرية في اليوم التالي لغزة. تنقسم الآراء بين من يحذر من بشرية متبلدة المشاعر، مخدرة تحت وطأة الصور القاتلة، لن تبالي باستباحة أي شيء، ذلك تبعاً لنظرية «التعب الأخلاقي». فيما نظرية «العدالة العاطفية» تقول العكس، وتبشرنا بإعادة تشكيل الضمير العالمي الذي ستمسه اليقظة، تحت تأثير قصص الغزيين وفيديوهاتهم. تتناقض النظريات، لكنها تتفق على أن هول غزة سيكون له ما بعده، حتماً.