logo
هاروكي موراكامي.. عدّاء سبرينت يحصد الماراثون

هاروكي موراكامي.. عدّاء سبرينت يحصد الماراثون

24 القاهرة٢٩-٠٤-٢٠٢٥

من بين كل الجوائز العالمية التي فاز بها الروائي الياباني هاروكي موراكامي على مدار عقود من الكتابة الإبداعية سعدتُ بشكلٍ خاص بفوزه بجائزة شخصية العام الثقافية أحد فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب للعام 2025، ذلك أن مفهومي الشخصي عن "شخصية العام الثقافية" ينبثق من كون هذه الشخصية تُعدُّ مُصدر إلهام وتحفيز لكلِّ مُنتَمٍ للمجال الثقافي، وهو ما أَحتَفي به في موراكامي بانفصالٍ تامّ عن القيمة الفنية لأعماله.
هاروكي موراكامي الذي أراه هو رجل حكيم أدرك مبكرًا أي المراكب يجب أن يقفز منها وأي المراكب تلك التي عليه أن يبحر فيها مهما كلفه ذلك من ثمن. ذلك الرجل الذي اتَّبع تلك الرغبة الغريبة التي راودته في الساعة الواحدة والنصف من ظهر الأول من أبريل عام 1978 حين قرر فجأة كتابة رواية، مع اقتناعه وقتها بأن لن يصبح روائيًا لكنه سيحصل على نتيجة مُرضِيَة له إن اتّبع تلك الرغبة التي تلحّ عليه الآن، وهذا هو جوهر موراكامي العدّاء والروائي: التركيز على الـ سبرينت وليس على الماراثون.
الفرق بين الماراثون والسبرينت أن الأخير هو جري المسافات القصيرة بحد أقصى 400 متر تقريبًا، وهو ما يُجَنِّب ممارِس الجري إنهاك ومخاطرة المسافات الطويلة لكنه مع ذلك يعمل على تقوية عضلات الساق وعضلة القلب ويوسّع مدى تحمّلهما للألم تريجيًا، وبالتدريب على السبرينتات تدريجيًا يطمح العدّاء لدخول الماراثون. أي أنه -موراكامي- يفكّر ويخطط وينفّذ على المدى القريب، على مدى الرواية التي يعمل عليها، السباق الذي يخوضه، ورغم أنه لخّص فكرته عن نفسه بأنه "حصان حمولة" أي شديد التحمّل للتعب والإجهاد في العمل وليس "حصان سباق" فإنني أرى بعد هذا العُمر من الدأب والقدرة على الاستمرار في الجري والكتابة يحتاج هذا الكاتب الفذّ أن يغيِّر فكرته عن نفسه، خاصة أن الكتابة ليست عملًا سهلًا وأن الروائي (حسب رؤيته) يجلس منعزلًا في غرفته بالساعات وربما لنهارٍ كامل كي يُحسِّن سطرًا واحدًا، هذا مع أنه يرى في نفسه- كحصان حمولة- أنه أيضًا صَبور صَبر بَنّاء يضع قالبًا فوق قالب حتى يكتمل البِناء.
"هي نظرية بسيطة جدًا لكنني تعلّمتُها بالتجربة الشخصيّة؛ عليك أن تدير قوّتك البدنية وقوّتك الروحية معًا إلى درجة من التوازن كي تعزز إحداهما الأخرى، وكلما امتدّ زمنُ المعركة زادت أهمية هذه النظرية".. موراكامي
هاروكي موراكامي
في كتابه "ما أتحدث عنه حين أتحدثُ عن الجري" وكذلك في كتابه "مهنتي هي الرواية" يقول موراكامي أن كل ما تعلّمه عن الكتابة تعلّمه من ممارسة الجري الذي بدأه بشكل يوميّ في خريف 1982 وكان عمره وقتها 33 عامًا ثم لم ينقطع عنه أبدًا إلا في أيام معدودة. يمكنك أن تتوّقع الفشل لشاب يبدأ في ممارسة رياضة جسدية في عمر الـ33 أو على الأقل أن يصبح ممارسًا عاديًا لهذه لرياضة، لكن أن يُصبح عداءً رسميًا ممن يحملون رقمًا على صدورهم ويشارك في بطولات عالمية بشكل سنوي! كذلك حين توقّع له أصدقاؤه وأقرباؤه أن يفشل مشروع مطعم ونادي الچاز الذي افتتحه كمشروع خاص وهو بعيدٌ كل البُعد عن إدارة الأعمال لكنه أيضًا نجح على عكس المتوقع ثمّ قرر كتابة روايته الأولى ثم أغلق نادي الچاز وتفرّغ للكتابة وحصل لنفسه على مكتب بدلًا من الكتابة على طاولة المطبخ كل ليلة حتى الصباح.
"أعلمُ علم اليقين إني سأندمُ دومًا إن قمتُ بأمرٍ تعوزُه الحماسة".. موراكامي
حين أغلق موراكامي نادي الچاز اتفق مع زوجته على تغيير نمط حياتهما تمامًا. توقّعتُ هنا أن يحكي عن قراءاته؛ جدول مقابلات مع ناشرين، جولات لترويج الأعمال، تحرير قائمة بأفكار للروايات…. لكن أول وأبرز ما ذكره من تغيير لنمط حياته كان النوم المبكر بعد دخول الليل بوقت قصير والاستيقاظ مع الشروق أو قبله والحصول على قيلولة في وسط اليوم. فقط؟ أهذا هو التغيير الذي طرأ على حياتك! تعجَّبتُ حقًا؛ لكنني بعدما أصبحتُ أتتبعه وأتتبع كلامه عن نفسه من ناحية ووقعتُ في شِباك رواياته من ناحية أدركتُ أنه يضع عينيه على ما يمكنه فعله هنا والآن. وربما هذا هو سرُّه الذي لا يعتبره سرًا ويُلمح إليه في عدة كتابات.
أحد أسباب تفرُّد موراكامي هو الالتزام بنمط حياة سهل بسيط محدد وواضح بالنسبة إليه. يكتب عندما يشعر برغبة حقيقية في الكتابة ولا يجبر نفسه على التطرق لموضوعات سياسية أو اجتماعية بعينها. حياته تجمع بين الحرية المطلقة التي تجعله يتخيَّل قطًا يتكلّم في "كافكا على الشاطئ" أوشَبَح يعود من الماضي في "مقتل الكومنداتور"، لكنه أيضًا يمارس التزامًا خاصًا تجاه عاداته اليوميّة سواء الجري أو الكتابة "حين العمل على كتابة رواية" أو القراءة والترجمة حتى يبدأ العمل في الرواية الجديدة.
"يتطلّبُ تعلُّم أمرٍ جوهريّ في الحياة ألمًا جسديًا في معظم الحالات. فمنذ ذلك الحادث على الدراجة وأنا أبقي رأسي وعيني على الطريق أمامي مهما بلغ منّي التعب".. موراكامي

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هاروكي موراكامي.. عدّاء سبرينت يحصد الماراثون
هاروكي موراكامي.. عدّاء سبرينت يحصد الماراثون

24 القاهرة

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • 24 القاهرة

هاروكي موراكامي.. عدّاء سبرينت يحصد الماراثون

من بين كل الجوائز العالمية التي فاز بها الروائي الياباني هاروكي موراكامي على مدار عقود من الكتابة الإبداعية سعدتُ بشكلٍ خاص بفوزه بجائزة شخصية العام الثقافية أحد فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب للعام 2025، ذلك أن مفهومي الشخصي عن "شخصية العام الثقافية" ينبثق من كون هذه الشخصية تُعدُّ مُصدر إلهام وتحفيز لكلِّ مُنتَمٍ للمجال الثقافي، وهو ما أَحتَفي به في موراكامي بانفصالٍ تامّ عن القيمة الفنية لأعماله. هاروكي موراكامي الذي أراه هو رجل حكيم أدرك مبكرًا أي المراكب يجب أن يقفز منها وأي المراكب تلك التي عليه أن يبحر فيها مهما كلفه ذلك من ثمن. ذلك الرجل الذي اتَّبع تلك الرغبة الغريبة التي راودته في الساعة الواحدة والنصف من ظهر الأول من أبريل عام 1978 حين قرر فجأة كتابة رواية، مع اقتناعه وقتها بأن لن يصبح روائيًا لكنه سيحصل على نتيجة مُرضِيَة له إن اتّبع تلك الرغبة التي تلحّ عليه الآن، وهذا هو جوهر موراكامي العدّاء والروائي: التركيز على الـ سبرينت وليس على الماراثون. الفرق بين الماراثون والسبرينت أن الأخير هو جري المسافات القصيرة بحد أقصى 400 متر تقريبًا، وهو ما يُجَنِّب ممارِس الجري إنهاك ومخاطرة المسافات الطويلة لكنه مع ذلك يعمل على تقوية عضلات الساق وعضلة القلب ويوسّع مدى تحمّلهما للألم تريجيًا، وبالتدريب على السبرينتات تدريجيًا يطمح العدّاء لدخول الماراثون. أي أنه -موراكامي- يفكّر ويخطط وينفّذ على المدى القريب، على مدى الرواية التي يعمل عليها، السباق الذي يخوضه، ورغم أنه لخّص فكرته عن نفسه بأنه "حصان حمولة" أي شديد التحمّل للتعب والإجهاد في العمل وليس "حصان سباق" فإنني أرى بعد هذا العُمر من الدأب والقدرة على الاستمرار في الجري والكتابة يحتاج هذا الكاتب الفذّ أن يغيِّر فكرته عن نفسه، خاصة أن الكتابة ليست عملًا سهلًا وأن الروائي (حسب رؤيته) يجلس منعزلًا في غرفته بالساعات وربما لنهارٍ كامل كي يُحسِّن سطرًا واحدًا، هذا مع أنه يرى في نفسه- كحصان حمولة- أنه أيضًا صَبور صَبر بَنّاء يضع قالبًا فوق قالب حتى يكتمل البِناء. "هي نظرية بسيطة جدًا لكنني تعلّمتُها بالتجربة الشخصيّة؛ عليك أن تدير قوّتك البدنية وقوّتك الروحية معًا إلى درجة من التوازن كي تعزز إحداهما الأخرى، وكلما امتدّ زمنُ المعركة زادت أهمية هذه النظرية".. موراكامي هاروكي موراكامي في كتابه "ما أتحدث عنه حين أتحدثُ عن الجري" وكذلك في كتابه "مهنتي هي الرواية" يقول موراكامي أن كل ما تعلّمه عن الكتابة تعلّمه من ممارسة الجري الذي بدأه بشكل يوميّ في خريف 1982 وكان عمره وقتها 33 عامًا ثم لم ينقطع عنه أبدًا إلا في أيام معدودة. يمكنك أن تتوّقع الفشل لشاب يبدأ في ممارسة رياضة جسدية في عمر الـ33 أو على الأقل أن يصبح ممارسًا عاديًا لهذه لرياضة، لكن أن يُصبح عداءً رسميًا ممن يحملون رقمًا على صدورهم ويشارك في بطولات عالمية بشكل سنوي! كذلك حين توقّع له أصدقاؤه وأقرباؤه أن يفشل مشروع مطعم ونادي الچاز الذي افتتحه كمشروع خاص وهو بعيدٌ كل البُعد عن إدارة الأعمال لكنه أيضًا نجح على عكس المتوقع ثمّ قرر كتابة روايته الأولى ثم أغلق نادي الچاز وتفرّغ للكتابة وحصل لنفسه على مكتب بدلًا من الكتابة على طاولة المطبخ كل ليلة حتى الصباح. "أعلمُ علم اليقين إني سأندمُ دومًا إن قمتُ بأمرٍ تعوزُه الحماسة".. موراكامي حين أغلق موراكامي نادي الچاز اتفق مع زوجته على تغيير نمط حياتهما تمامًا. توقّعتُ هنا أن يحكي عن قراءاته؛ جدول مقابلات مع ناشرين، جولات لترويج الأعمال، تحرير قائمة بأفكار للروايات…. لكن أول وأبرز ما ذكره من تغيير لنمط حياته كان النوم المبكر بعد دخول الليل بوقت قصير والاستيقاظ مع الشروق أو قبله والحصول على قيلولة في وسط اليوم. فقط؟ أهذا هو التغيير الذي طرأ على حياتك! تعجَّبتُ حقًا؛ لكنني بعدما أصبحتُ أتتبعه وأتتبع كلامه عن نفسه من ناحية ووقعتُ في شِباك رواياته من ناحية أدركتُ أنه يضع عينيه على ما يمكنه فعله هنا والآن. وربما هذا هو سرُّه الذي لا يعتبره سرًا ويُلمح إليه في عدة كتابات. أحد أسباب تفرُّد موراكامي هو الالتزام بنمط حياة سهل بسيط محدد وواضح بالنسبة إليه. يكتب عندما يشعر برغبة حقيقية في الكتابة ولا يجبر نفسه على التطرق لموضوعات سياسية أو اجتماعية بعينها. حياته تجمع بين الحرية المطلقة التي تجعله يتخيَّل قطًا يتكلّم في "كافكا على الشاطئ" أوشَبَح يعود من الماضي في "مقتل الكومنداتور"، لكنه أيضًا يمارس التزامًا خاصًا تجاه عاداته اليوميّة سواء الجري أو الكتابة "حين العمل على كتابة رواية" أو القراءة والترجمة حتى يبدأ العمل في الرواية الجديدة. "يتطلّبُ تعلُّم أمرٍ جوهريّ في الحياة ألمًا جسديًا في معظم الحالات. فمنذ ذلك الحادث على الدراجة وأنا أبقي رأسي وعيني على الطريق أمامي مهما بلغ منّي التعب".. موراكامي

لن تَصنع العجة إلا بكسر بعض البيض...!
لن تَصنع العجة إلا بكسر بعض البيض...!

مصرس

time٢٦-٠١-٢٠٢٥

  • مصرس

لن تَصنع العجة إلا بكسر بعض البيض...!

هل ترغب فى أَنَّ تكون رِوَائِيًّا مرموقًا؟...إذا كنت بالفعل لديك هذه الرغبة فإن أَشْهَرَ كاتب ياباني يُذكر اسمه دومًا كأحد الْمُرَشَّحِين لجائزة نوبل في الأدب وهو هاروكي موراكامي يَدُلُّك على كيفية تحقيق ذلك...لن يخفى عنك أى سر، فتح قلبه، ليحدثك عن بداياته ،وكيف واصل مسيرته حتى نجحت مؤلفاته نجاحًا لا مثيل له، ليس هذا فقط...بل أصبحت أفضل الكتب مبيعا، سواءٌ على الصعيد المحلى أو العالمي، وترجمت لأكثر من خمسين لغة...هذا الكاتب الياباني المتفرد أَلَّفَ كتابًا هامًا،وهو "مهنتي هي الرواية" "تحدث فيه بتواضع وبصدق عن بداياته، كروائي،وبأسلوب بسيط كتب:حين ألتقي الشباب في حواراتٍ مفتوحة، كثيرًا ما يسألونني عن الشروط الواجب توفُّرها لكي يصبح المرء روائيًّا، كالتدريب اللازم، والعادات الشخصيَّة، وما إلى ذلك...ويبدو أنَّ السؤال حاضرٌ في كلِّ دولةٍ أذهب إليها،لعلَّه يعكس كثرة الراغبين في أن يصبحوا كتَّابًا، وأن ينخرطوا في عالم التعبير عن الذات...غير أنَّه سؤالٌ تصعب الإجابة عليه، أو لنقل إنَّني أنا على الأقلِّ أواجه صعوبةً في تقديم إجابةٍ شافيةٍ عليه...!‫ ذلك أنِّي أنا نفسي لا أستوعب تمامًا كيف وصلتُ إلى ما وصلتُ إليه، فلم أكن قد قرَّرتُ في شبابي أن أصبح روائيًّا، ولا اتَّبعتُ سلسلةً من الخطوات كي أحقِّق النجاح، ولم ألتحق ببرنامجٍ دراسيٍّ خاصّ، أو دوراتٍ تدريبيَّة، ولا التزمتُ بتمارين كتابيَّةٍ على مدى طويل،لكن يبدو أنَّ الأحداث تسير وفقًا لمسارها الخاصِّ وتجرُّني معها، شأنها شأن أشياءٍ كثيرةٍ أخرى في حياتي...وأيضا للحظِّ دورٌ كبيرٌ... ‫ ولهذا السبب قرَّرتُ أن أتعامل مع هذه القضيَّة على نحوٍ مباشر، كي أقدِّم جوابًا مناسبًا، ‫وإليكم الجواب:‫ أرى أنَّ أوَّل مهمَّةٍ للروائيِّ الناشئ هي أن يقرأ أكوامًا من الروايات،صحيح أنَّها ملاحظةٌ بدهيَّة، ولكن لا يوجد تدريبٌ أهمُّ من هذا...فلكي تكتب رواية، ينبغي لك أوَّلًا أن تفهم على المستوى العمليِّ كيف تُنتَج الرواية...ملاحظةٌ واضحةٌ ولا تحتاج إلى دليل، «فلا يمكنك أن تطبخ عجَّةً من دون أن تكسر بضع بيضات»...‫ من المهمِّ جدًّا أن تحرث أكبر عددٍ من الروايات وأنت ما تزال في شبابك...اقرأ كلَّ ما تجده بين يدَيْك...لا يهمُّ (على الإطلاق) إذا كانت رواياتٍ عظيمة، أو رواياتٍ متوسِّطة المستوى، أو رواياتٍ سيِّئة...المهمُّ أن تستمرَّ في القراءة...تشرَّب أكبر عددٍ ممكنٍ من القصص، وعرِّف نفسك بالكثير من الكتابات العظيمة، والكثير من الكتابات العاديَّة أيضًا...هذا واجبك الأهمّ، فمن خلاله تُنمِّي العضلات الروائيَّة الأساسيَّة التي يحتاج إليها كلُّ روائيّ...شيِّد أساسكَ الذي تقف عليه، واحرص على أن يكون قويًّا في هذه المرحلة ما دام لديك الوقت وقوَّة البصر...الكتابة مهمَّةٌ أيضًا، لكنَّك تستطيع تأجيلها، فلا حاجة إلى العجلة.‫ بعد ذلك، وقبل أن تبدأ الكتابة، احرص على أن تغذِّي نظرتك إلى الأشياء والأحداث بتفاصيل أكثر...عاين ما يدور حولك والناس الذين تقابلهم بأكبر قدرٍ من الانتباه والعمق...تفكَّر فيما تراه، وتذكَّر أنَّ التفكُّر لا يعني التعجُّل في تمييز الصحيح من الخطأ، أو المزايا من العيوب، في الأشخاص أو الأشياء التي تعاينها...حاول أن تُحجِم عن إصدار الأحكام، فالاستنتاجات سيأتي وقتها لاحقًا. ليس المهمُّ أن تصل إلى استنتاجاتٍ واضحة، بل أن تحتفظ بتفاصيل حالةٍ معيَّنة (أي المادَّة التي ستفيدك) بأتمِّ وأكمل قدرٍ مُمكن...‫ ثمَّة أشخاصٌ يقرِّرون الصواب والخطأ بناءً على تحليلٍ سريعٍ للأشخاص والأحداث، لكنَّ هؤلاء عمومًا لا يصبحون روائيِّين جيِّدين (وهذا رأيي الشخصيّ). ربَّما يناسبهم أكثر أن يصبحوا نقَّادًا أو صحافيِّين، أو أكاديميِّين من نوعٍ معيَّن...أمَّا الشخص الذي خُلِقَ ليكون روائيًّا، فعادةً ما يُسَائِل الاستنتاجات التي يصل إليها، أو يوشك على الوصول إليها، فيقول في نفسه:«المسألة تبدو هكذا فعلًا. ولكن مهلًا، لعلَّها مجرَّد فكرةٍ مُسبَقةٍ عندي، وينبغي لي أن أتفكَّر أكثر... ففي نهاية المطاف، الأشياء ليست بسيطةً كما تبدو في الظاهر... قد يطرأ شيء، وتصبح القصَّة شيئًا آخر تمامًا»...هذا هى أولى إرْشَادته وقد تسأل وماذا بعدئذ...؟انتظرني الأسبوع القادم بإذن الله لأحدثك عن تفاصيل تجربة الكتابة للروائي اليابانى العبقرى هاروكي موراكامي أحد أشهر الروائيينًّ الأحياء فى العالم.

أحد أعظم الكُتَّاب الأحياء على وجه الأرض!
أحد أعظم الكُتَّاب الأحياء على وجه الأرض!

مصرس

time١٢-٠١-٢٠٢٥

  • مصرس

أحد أعظم الكُتَّاب الأحياء على وجه الأرض!

عندما تهتم صحيفة مثل الجارديان البريطانية، وهى الأكثر إنتشارًا بين القراء فى المملكة المتحدة، وأيضًا الأكثر قراءة من بين أصناف الصحف المتميزة، بكاتب ياباني وهو هاروكي موراكامي وتشيد به وباعماله فلابد أنه حقق بالفعل إبداعا غير مسبوق، وتفرد فى فكر متألق وتميز فى كتاباته بتفوق. لقد أطلقت الصحيفة على هذا الكاتب الياباني لقب أحد أعظم الكُتَّاب الاحياء على وجه الأرض، وهى بالقطع تعنى ما تكتبه، ولديها مبررات لحكمها هذا فهو صاحب الروايات العظيمة مثل "الغابة النرويجية" و"كافكا على الشاطئ"، وغيرها من الروايات التى أصبحت أكثر مبيعا فى العالم، وهو الروائي الذى حازت مؤلفاته على ثناء النُّقَّاد فى أغلب دول العالم، وهو يُعْتَبَر من أهم مُؤلفي مرحلة ما بعد الحداثة الأدبية، وقد تم ترجمة مؤلفاته المتنوعة لأكثر من خمسين لغة.دعنا نبدأ من البداية ونعرف كيف فكر هذا الروائى المبدع، والذي يعد أِشهر الكتاب اليابانيين فى كتابة الروايات.البداية عندما كان يجلس ذات ظهيرةٍ في مدرَّجات استاد بطوكيو، يتابع مباراة البيسبول، فأصابتْه فجأة حالة من التجلِّي غيَّرت حياته، إذ لاح له مع هتاف الجماهير للعبة خاطر فصرخ: "أعتقد أنَّنى بإمكاني أن أكتب رواية"!. وبالفعل قرر أن يكتب، وكانت روايته الأولى، "اسمع الريح تغنى"، كتبها فى أقل من 200صفحة، واستغرقت عشرة أشهر، وأرسلها إلى المسابقة الأدبية، فحصل على الجائزة الأولى وبعدها كتب روايات كثيرة من أشهرها بعد رواية "كافكا على الشاطئ" ورواية "الغابة النرويجية" روايات "ماء بعد الظلام" و"رقص... رقص... رقص" ورواية "سبوتنيك الحبيبة"وغيرها.لكن كتاب "مهنتي هي الرواية" هو الكتاب الهام الذى يتحدث فيه هذا العبقرى هاروكي موراكامي عن تجربته الطويلة في الكتابة، والتي امتدت لأكثر من ثلاثين عامًا.الجميل فى هذا الكتاب أنه يجمع بين كتابة المذكرات وخواطره الشاملة حول عملية الكتابة.. وفيه أيضا يستعرض الكاتب مسيرته الأدبية منذ بداياته كطالب، مرورًا بكونه كان صاحب حانة تذيع موسيقى الجاز، ووصولًا للنجاح الذى حققه، ليصبح واحدًا من أبرز الكُتّاب العالميين.الأجمل أن هذا الكاتب المتألق صنع تفوقه الرائع ونجاحه الأَخَّاذ بنفسه، وبعزيمة قوية، فقد رغب أن يكتب فابدع، وكان إيمانه الشديد بأن الخيال هو أهم عوامل النجاح والإبداع، مع الانضباط التام والالتزام اليومي فى الجلوس للكتابة، حيث وضع لنفسه عادات يومية، إذ أنه يستيقظ كل يوم في الرابعة صباحًا ويكتب ويقرأ خمس أو ستّ ساعات متواصلة، ثم يخرج بعد الظهر للجرى أو السباحة أو كلاهما، وينام في التاسعة مساءًا كل ليلة، وهذا البرنامج يلتزم به يوميًا بلا تنويع أو تغيير.وقد اخترت أن أقرأ لك هذا الكتاب الهام "مهنتي هى الرواية" ترجمة "أحمد حسن المعيني" وسوف أعرض لك بعض كتاباته بما يمكن أن يفيدك إن كنت ممن يهتم بتطوير ذاته، أو لكل من يشغله الإبداع الأدبي أو الكتابة.أنتظرني الاسبوع القادم باذن الله، لأكمل معك القراءة فى كتاب "مهنتى هى الرواية" لهذا الكاتب الياباني المتفرد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store