logo
هل ستشارك أميركا في الحرب على إيران؟

هل ستشارك أميركا في الحرب على إيران؟

تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا في التوتر بين إيران وإسرائيل، وسط ضربات جوية، وتهديدات متبادلة، وتحركات عسكرية لافتة في الخليج. في خضمّ هذا المشهد، تتجه الأنظار إلى الموقف الأميركي: هل ستظل واشنطن متفرجة أم أنها ستنخرط، عاجلًا أم آجلًا، في صراع قد يُشعل المنطقة بأسرها؟ وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكثر من مناسبة أن بلاده لا تسعى لحرب جديدة، إلا أن مؤشرات ميدانية وسياسية عدة توحي بأن الباب لا يزال مفتوحًا أمام احتمالات التدخل العسكري الأميركي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
تحولات في الخطاب الأميركي: من الحذر إلى التلويح بالقوة
في 17 حزيران 2025، أطلق الرئيس ترامب سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل عبر منصته 'تروث سوشيال'، دعا فيها إيران إلى 'الاستسلام غير المشروط'، مشددًا على أن المجال الجوي الإيراني 'تحت السيطرة التامة'، ومعلنًا معرفة الاستخبارات الأميركية بموقع المرشد الأعلى علي خامنئي، مع إشارة إلى أن 'استهدافه ليس مطروحًا في الوقت الحالي'. هذه التصريحات تعكس نبرة تصعيدية جديدة في خطاب ترامب، لا سيما أن البيت الأبيض سبق أن نفى، مرارًا، وجود نية أميركية للانخراط العسكري في أي نزاع مع إيران.
لكن المتغير اللافت يكمن في ما نقلته الصحافة الأميركية عن مستشارين لترامب، أشاروا إلى أن الرئيس بات أقل تحفظًا تجاه فكرة توجيه ضربة عسكرية 'محدودة' لإيران، في حال توسع نطاق الضربات الإسرائيلية أو استهدفت طهران مصالح أميركية مباشرة. ويبدو أن ترامب، رغم تبنيه سياسة 'أميركا أولاً'، لا يغلق الباب أمام استخدام القوة إذا اقتضت مصلحة بلاده ذلك، أو إذا تطلّب الأمر إرسال رسالة ردعية مزدوجة لطهران ولخصوم واشنطن الآخرين في العالم.
الهجمات الإسرائيلية: تجاوز الخطوط الحمراء
في المقلب الآخر، تواصل إسرائيل تنفيذ غاراتها على أهداف إيرانية داخل العمق الإيراني، مع تركيز خاص على المنشآت النووية ومواقع الحرس الثوري ومراكز القيادة والسيطرة. وترى إسرائيل أن هذه الهجمات ضرورية لعرقلة البرنامج النووي الإيراني ومنع طهران من بلوغ 'العتبة النووية'. وتُركّز الغارات على منشآت استراتيجية مثل نطنز وأصفهان وفوردو، وهي مواقع مدفونة تحت الأرض يصعب تدميرها من دون ذخائر خارقة للتحصينات.
وتنفي إيران هذه الاتهامات، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي الطابع، لكنها في الوقت نفسه تواصل تخصيب اليورانيوم بمعدلات تتجاوز ما هو مسموح به دوليًا، ما يزيد من حدة المخاوف الإسرائيلية والغربية، ويدفع بتل أبيب إلى مواصلة الضغط على واشنطن للتدخل.
الترسانة الأميركية واستعدادات ميدانية
تمتلك الولايات المتحدة قدرات عسكرية تفوق بكثير ما تحتاجه لشن ضربات دقيقة على إيران، وقد أظهرت تحركاتها في الأسابيع الأخيرة استعدادًا فعليًا لأي تدخل محتمل. فقد أرسلت حاملة الطائرات 'نيميتز' إلى مياه الخليج، إلى جانب تعزيزات جوية شملت طائرات مقاتلة وطائرات تموين وقاذفات استراتيجية. كما نُقل عن مسؤولين في البنتاغون أن واشنطن تدرس تزويد إسرائيل بقنابل خارقة للتحصينات قادرة على تدمير منشآت مثل 'فوردو'، رغم نفي رسمي لهذا الأمر.
التحركات العسكرية الأميركية تعكس توجهًا واضحًا لخلق توازن ردعي، مفاده أن أي هجوم إيراني مباشر على مصالح الولايات المتحدة سيُقابل بردّ صارم وسريع، حتى ولو لم تكن واشنطن راغبة فعليًا في الانخراط في حرب شاملة.
أربعة سيناريوهات محتملة للموقف الأميركي
الانجرار غير المقصود
يتمثل هذا السيناريو في أن تؤدي إحدى الهجمات الإيرانية على قاعدة أميركية أو هدف أميركي في المنطقة إلى رد فعل مباشر من واشنطن. وقد صرّح ترامب أن 'أي استهداف لمصالح أميركية سيقابل برد ساحق'، ما يضع هذا السيناريو في مرتبة عالية من الاحتمالية، خصوصًا إذا شعرت إيران بأن مصالحها مهددة بشكل حيوي.
المبادرة الأميركية بالتدخل
رغم أن هذا الخيار مستبعد حاليًا، إلا أن تصاعد التوترات قد يدفع واشنطن إلى تبنّي ضربة استباقية إذا شعرت بأن إيران باتت قريبة من امتلاك قنبلة نووية، أو في حال طلبت إسرائيل دعمًا مباشرًا لاستكمال هجماتها على منشآت معقدة التحصين.
الحياد مع دعم دفاعي لإسرائيل
يُعدّ هذا السيناريو الأقرب إلى سياسة ترامب الحالية، إذ يحرص على الظهور بمظهر من يردع الخصوم دون التورط في 'حروب مكلفة'. في هذا الإطار، يمكن للولايات المتحدة أن تكتفي بتوفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي لإسرائيل، دون المشاركة المباشرة في القتال.
الدبلوماسية كخيار مفضل
يبقى احتمال العودة إلى طاولة المفاوضات قائمًا، لا سيما أن ترامب يفاخر بأنه الأقدر على 'إبرام الصفقات الكبرى'، وقد يُرسل مبعوثًا خاصًا لإجراء محادثات مع الإيرانيين في سلطنة عُمان أو قطر أو حتى عبر وسطاء أوروبيين.
ردود الفعل الإيرانية: التهديد بالرد وتوسيع رقعة الحرب
من جانبها، أعلنت طهران أنها ستردّ بعنف على أي دور أميركي في الحرب، وهددت باستهداف القواعد الأميركية في العراق والخليج، فضلًا عن إمكانية إغلاق مضيق هرمز، الذي يمرّ عبره نحو 20% من النفط العالمي. كما أفادت صحيفة 'نيويورك تايمز' بأن إيران وضعت وحدات صاروخية في حالة تأهب قصوى، وربما تجهّز لضرب مصالح أميركية حال ثبوت دعم واشنطن المباشر للهجمات الإسرائيلية.
الدبلوماسية الإيرانية، من جهتها، حذّرت في مجلس الأمن من 'تحوّل واشنطن إلى شريك في العدوان'، ودعت إلى محاسبتها على أساس القانون الدولي، فيما سعت في الوقت ذاته إلى تجنّب استفزاز مباشر يمكن أن يبرّر ردًا عسكريًا أميركيًا واسع النطاق.
المواقف الأوروبية: دعم حذر لإسرائيل
سعت إسرائيل إلى كسب دعم أوروبي لهجماتها، وافقت بريطانيا على المساهمة في الأنشطة الدفاعية الجوية لحماية إسرائيل، فيما لا تزال فرنسا تدرس خياراتها، مع ميلها إلى دعم الجهود الدبلوماسية. أما ألمانيا، فقد أعلن مستشارها فريدريش ميرز تأييده لحق إسرائيل في 'الدفاع عن نفسها'، وترك الباب مفتوحًا لاحتمال دعم عمل عسكري إذا فشلت الجهود السلمية.
القرار الأميركي بين الردع والانخراط
في الختام، لا شك أن الموقف الأميركي حاسم في تقرير مصير التصعيد الحالي. وبينما تميل واشنطن إلى تجنّب الانخراط المباشر في الحرب، إلا أن تطورات الميدان قد تفرض واقعًا مختلفًا. فالضغط الإسرائيلي، وتهوّر بعض فصائل الحرس الثوري، والتوتر في الخليج، كلها عوامل قد تُخرج الأمور عن السيطرة.
ويبقى القرار الأميركي رهينة لتطورات اللحظة: هل تتجاوز طهران الخطوط الحمراء الأميركية؟ هل تتعرض قاعدة أميركية لهجوم مباشر؟ وهل تُقدِم إسرائيل على عملية تستوجب تدخلًا عسكريًا أميركيًا لإنجاحها؟ حتى الآن، لا توجد إجابة قاطعة. لكن الثابت أن واشنطن لا تغلق أي باب، وتستعد لكل السيناريوهات، في منطقة لا تُتيح ترف الحياد طويلاً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تغيير النّظام في إيران "خطأ" تُحذّر منه دول المنطقة؟
تغيير النّظام في إيران "خطأ" تُحذّر منه دول المنطقة؟

النهار

timeمنذ 32 دقائق

  • النهار

تغيير النّظام في إيران "خطأ" تُحذّر منه دول المنطقة؟

يعتبر بعض المراقبين أن إسرائيل ارتكبت خطأً فادحاً استنفرت من خلاله مخاوف دول المنطقة وخارجها حين تحدث مسؤولوها عن الدفع نحو تغيير النظام في إيران، ولو تمت إعادة صياغة مواقف تراجعية من حوله وعادت لتركز على أهداف حصرتها بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية ووقف تصنيع الصواريخ البالستية. تفيد معلومات بأن اتصالات دول إقليمية عدة مع الإدارة الأميركية ركزت خاصةً على أحد أمرين في الاعتبار : أحدهما الإصرار على أولوية وأفضلية الخيار الديبلوماسي كمخرج من هذه الحرب وإنهاء النووي الإيراني نظراً للمخاطر التي يمكن أن يفتح عليها استمرار الخيار العسكري، لا سيما أن إضعاف إيران سيساهم في مرونة أكبر من جانبها ولو أعلنت العكس. والأمر الآخر هو عدم الانجراف نحو استهداف المرشد الإيراني علي خامنئي وإطاحته لضرورات واعتبارات قصوى، أبرزها يعيد إلى الأذهان تجارب إطاحة أو إسقاط ديكتاتوريين في المنطقة كما في العراق وليبيا على الأقل وكذلك أفغانستان. وهي تجارب لم تكن ناجحة وفتحت الأبواب على اضطرابات وعدم استقرار أكبر في المنطقة. وإيران أكثر من العراق وليبيا بلد متعدد ومعقد، وليس صحيحاً أو سهلاً أن المعارضة الإيرانية في الخارج تستطيع الحلول مكان نظام الملالي وضبط صندوق باندورا الذي يمكن أن يفتح عليه الوضع في إيران. وحتى في حال الاستسلام غير المشروط الذي طالب به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يخشى أن يكون الأمر مستحيلاً لأنه يعني كذلك احتمال إسقاط النظام الإيراني. وهي مخاطرة تفيد المعلومات الديبلوماسية بأن الاتصالات مع الإدارة الأميركية تصب في هذا الهدف ولو أن لا تعاطف أبداً مع النظام الإيراني على نطاق إقليمي ودولي واسع. ولكن الانعكاسات السياسية والاقتصادية لاحتمال أن تذهب إيران إلى الفوضى التي تخيف دول المنطقة ودولاً عدة في العالم، ويجب أن يخيف الولايات المتحدة كذلك بعيداً من التأثر بالنجاحات الإسرائيلية في توجيه ضربات مهمة إلى إيران وتحقيقها مكاسب في هذا الإطار، وفق ما يعتقد كثر أن الرئيس الأميركي بدا معنياً بذلك، لا سيما في ظل سعيه إلى تحقيق نجاحات لم تتحقق حتى الآن، لا في موضوع غزة ولا في حرب أوكرانيا، وبعيداً من المصالح الإسرائيلية المباشرة والمؤثرة في واشنطن كذلك. ولعلّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو استفز الإيرانيين بدعوتهم للانقلاب على النظام من أجل تغييره، انطلاقاً من أن أي حرب خارجية، سواء ضد إيران أو سواها من شأنها أن تستفز الشعب في اتجاه رد الاعتداءات، كما في مطالبة إيرانيين النظام بضرورة استكمال تخصيب النووي تأميناً للدفاع عن إيران، وأن المعارضة الداخلية، أياً تكن، يصعب عليها الاعتماد أو توظيف الاعتداءات الخارجية للوصول إلى السلطة. فهذه وصفة سيئة وغير ناجحة. يعتقد ديبلوماسيون أجانب في بيروت أن الولايات المتحدة التي يمكن أن تتجاوز التهديدات الإيرانية باستهداف مصالحها في المنطقة، في حال انخراطها في الحرب لدعم إسرائيل بتوجيه ضربات أكثر تأثيراً لإيران أو إكمال ما بدأته إسرائيل لكن باعتماد وسائل أخرى وتوظيف ما تحقق، لا سيما في ظل شبه إجماع دولي على الملف النووي الإيراني وصواريخها البالستية، وكذلك أذرعها في المنطقة، وفي ظل ضربات قوية وعميقة أصابت طهران بحيث لا يمكنها أن تواصل بأي شكل من الأشكال مقارباتها السابقة في الداخل أو في المنطقة. إذ إن ما حصل من خسائر واختراقات لنظامها المالي فرض وقائع جديدة ينبغي عليها أن تأخذها في الاعتبار. فالهزيمة حصلت وكانت مدوّية، ويقول ديبلوماسيون إن الإيرانيين لم يستوعبوا بعد مفاعيل ما حصل. والشروط غالباً قبل التفاوض تكون مرتفعة السقوف حفظاً لماء الوجه أمام الشعب أو ما شابه، ويتم التداول على نطاق واسع بتسريع إسرائيل الضربات على إيران نتيجة إبلاغ هذه الأخيرة واشنطن عبر عُمان والسعودية ومصر وقطر استعداد إيران للتفاوض. ولم تعارض واشنطن الضربة التي وجهتها إسرائيل لإيران لأنها تقوي أوراقها في التفاوض. فالنظام الإيراني لا يسقط عبر قصف إسرائيل إيران كما لا يمكنها إنهاء تصنيع النووي باستهداف منشأة فوردو. ولكن هذا لا يلغي واقع أن إيران أضحت في مأزق كبير ولكن النظام لا يمكن إسقاطه بالقوة. وواقع تلويح الرئيس الأميركي بمعرفته مكان وجود المرشد الإيراني، ولكن من دون النية في استهدافه راهناً يعده البعض من باب إبقاء السيف فوق رأس إيران، أي مصير النظام الذي تعارض دول إطاحته علناً كما فعلت فرنسا أو ما وراء الكواليس، كما فعلت دول في المنطقة، لا يهمها النظام في ذاته ولكن الخشية متعاظمة من التداعيات السياسية والاقتصادية واهتزاز الاستقرار بقوة في المنطقة.

البيت الأبيض: ترامب سيتخذ قراره بشأن ايران خلال اسبوعين
البيت الأبيض: ترامب سيتخذ قراره بشأن ايران خلال اسبوعين

النهار

timeمنذ 32 دقائق

  • النهار

البيت الأبيض: ترامب سيتخذ قراره بشأن ايران خلال اسبوعين

قال البيت الأبيض اليوم الخميس إن الرئيس دونالد ترامب سيتخذ قرارا خلال الأسبوعين المقبلين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل في الصراع الإسرائيلي الإيراني. وقالت كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحفيين نقلا عن رسالة من ترامب: "استنادا إلى حقيقة أن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تجري أو لا تجري مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري بشأن التدخل من عدمه خلال الأسبوعين المقبلين".

ترامب يتجاهل معارضي الحرب في إدارته ويتماهى مع نتنياهو إلى حد تغيير النظام في إيران
ترامب يتجاهل معارضي الحرب في إدارته ويتماهى مع نتنياهو إلى حد تغيير النظام في إيران

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

ترامب يتجاهل معارضي الحرب في إدارته ويتماهى مع نتنياهو إلى حد تغيير النظام في إيران

مع بدء الحرب الإسرائيلية على إيران قبل ستة أيام، سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إظهار بعض التمايز عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجهة الأهداف المتوخاة من الحرب. في اليومين الأخيرين، ذهب ترامب إلى ما يشبه التبني الكامل لأهداف نتنياهو المعلنة. ولم يعد الأمر يتعلق بالقضاء على القدرات النووية والصاروخية لإيران، بل ذهب خطوة أبعد نحو تهديد مباشر لمرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، بما يعنيه ذلك من وضع رأس النظام على المحك. سبق لنتنياهو أن قال بأن قتل خامنئي "يضع حداً للنزاع". لم يعد السؤال هل ينضم ترامب إلى الحرب الإسرائيلية؟ بل السؤال متى سيعلن هذا القرار، على رغم أن جزءاً لا يستهان به من فريقه، يعارض ذلك، خوفاً من عودة الولايات المتحدة إلى الانخراط في "الحروب الأبدية"، وعلى رغم أن استطلاعات الرأي تظهر أن أكثر من 60 في المئة من الرأي العام الأميركي، لا يؤيد الذهاب إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط. ما سرّ التبدّل؟ وترامب نفسه، عاد إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، متعهداً وضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية "في 24 ساعة"، ولا يني يكرر أنه لو كان في البيت الأبيض عام 2022، لما نشبت هذه الحرب التي يصفها بـ"السخيفة". وكذلك، يؤكد مراراً أن "حماس" ما كانت لتتجرأ على مهاجمة إسرائيل في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023. وقال أيضاً، إنه مستعد لمفاوضات مع إيران لإبرام اتفاق "تاريخي" معها، وإنه يريد لهذا البلد أن يكون "مزدهراً". ما سر هذا التبدل في موقف ترامب، الذي يوشك على استعادة تجربة سلفه جورج دبليو بوش في 2003، الذي ذهب إلى العراق تحت شعار تدمير أسلحة الدمار الشامل، فكانت النتيجة تدميراً شاملاً لهذا البلد، وفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط، واستغلت التنظيمات الجهادية من "القاعدة" ومن بعدها "داعش" الفوضى التي أفرزتها الحرب لتؤسس حضوراً دامياً لا يزال موجوداً حتى اليوم. على رغم تحسس ترامب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الأخير يكاد يكون الوحيد من بين الزعماء الغربيين الذي تجرأ على التحذير من "الفوضى" التي ستنجم عن إسقاط النظام الإيراني، ليس حباً بهذا النظام، وإنما لأن ماكرون قد يكون أكثر اطلاعاً على التاريخ. ومع ذلك، نجح نتنياهو في جر ترامب إلى حرب لم تقررها الولايات المتحدة. علماً أن الرئيس الأميركي كان يقول إنه لن يدع أمراً كهذا يحصل، وأنه هو من سيقود الحرب إذا قرر مهاجمة إيران. أقوى من المعارضين تغلبت سردية نتنياهو على تحفظات معارضي الحرب في البيت الأبيض، وفي مقدمهم نائب الرئيس جي. دي. فانس، الذي قاتل في العراق، وعاد من هناك باقتناع أن هذه حرب ما كان يجب على أميركا خوضها. وفانس، من أشد المدافعين عن مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي تعارض بقوة الانخراط في تغيير النظام في إيران. ويدعم هؤلاء في وسائل الإعلام مقدم البرامج في "فوكس نيوز" تاكر كارلسون، الذي ينتقد علناً قصف إيران، في تعبير عن رأي جماعة "ماغا"، نسبة إلى حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" التي ترفع شعار "أميركا أولاً". على رغم الأضرار الكبيرة التي ألحقتها الضربات الإسرائيلية بالبنى العسكرية الإيرانية وبالهيكل القيادي للجيش والاستخبارات، فإن نتنياهو لا يريد الوقوع في حرب استنزاف طويلة. ولذا، يلح على ترامب بالتدخل ليس لضرب مفاعل فوردو المحصن تحت الأرض، وإنما للدفع نحو إسقاط النظام فينتهي كل شيء دفعة واحدة. وبعد مرور أكثر من 20 شهراً على حرب غزة، لم تتمكن إسرائيل وحدها من حسم الحرب على رغم الدعم الأميركي التسليحي والديبلوماسي. لا يريد نتنياهو تكرار هذا السيناريو في إيران، ولذا يلح على ترامب لنجدته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store