
مقامرة نتنياهو الأخيرة في غزة لإنقاذ ائتلافه
وتأتي هذه التهديدات بينما يواجه نتنياهو ضغوطا داخلية غير مسبوقة تهدد بانهيار آخر أعمدة ائتلافه، وسط تصاعد الخلافات داخل حكومته حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وقد وصفت صحيفة هآرتس هذا القرار الذي طرحه نتنياهو -المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة في غزة- بأنه لا يبدو مستندا إلى دوافع أمنية أو إستراتيجية بقدر ما هو محاولة مكشوفة لاسترضاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومنع انهيار الائتلاف الحكومي الهش.
مناورة سياسية أم خطة جدية؟
أبلغ نتنياهو وزراءه في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) ، يوم الاثنين 28 يوليو/تموز، بخطة تقضي بمنح حماس مهلة قصيرة للموافقة على وقف إطلاق النار، وإن لم تستجب ستباشر إسرائيل تنفيذ خطة ضم تدريجي لأراضٍ من قطاع غزة، تبدأ بالمناطق العازلة، ثم تمتد شمالا، وصولا إلى ضم كامل للقطاع.
ووفقا للقناة 12 الإسرائيلية، فإن الوزير للشؤون الإستراتيجية رون ديرمر عرض الخطة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ، وقد لاقت -وفقا لنتنياهو- دعما من البيت الأبيض. أما الرئيس دونالد ترامب ، الذي كان في زيارة إلى أسكتلندا آنذاك، فلم يحضر الاجتماع الذي بحث فيه الموضوع.
ويبدو أن نتنياهو الذي لم يكن يوما متحمسا لخطط الضم حتى خلال ولايته السابقة -بحسب وصف هارتس- بات اليوم مستعدا لاستخدامها كورقة مساومة مع شركائه في الحكومة، خصوصا "بعد إعلان إدخال المزيد من المساعدات لغزة"، وهي خطوة أثارت غضب حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه سموتريتش.
ووصف الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة مقترح ضم أجزاء من قطاع غزة بأنه ليس خطة أمنية مدروسة، بل ورقة مقامرة سياسية في يد رئيس وزراء بات رهينة ابتزاز شركائه اليمينيين المتطرفين، خاصة سموتريتش وبن غفير.
ومن ثم فإن "الضم" المقترح -سواء أكان عبر خطوات تدريجية أو إعلانات رمزية- لا يمكن قراءته إلا في إطار سعي نتنياهو لتقديم "تعويض" لحلفائه يوازي فشلهم في تحقيق الحسم العسكري في غزة، ويُقايضهم به على حساب مسار المفاوضات"، وفقا لعفيفة.
من جانبه، يرى الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي أن خطوة الضم ليست مجرد أداة تهديد أو وسيلة ضغط على المقاومة، ويؤكد أن تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي "لم يأتِ من فراغ، بل يعكس تفعيلا لمفاهيم إستراتيجية متفق عليها بين إدارة البيت الأبيض ونتنياهو".
واعتبر أن قطاع غزة لا يمكن فصله عن مجمل المشهد الإقليمي. فثمة، بحسب ياغي، قرار إستراتيجي لدى واشنطن ولدى "الصهيونية العالمية" التي يمثّلها نتنياهو بضرورة الحسم في الإقليم ككل، وليس فقط في ما يتعلق بالملف الفلسطيني.
وأضاف ياغي أن الحسم هنا يقع بين خيارين؛ فإما أن يكون هناك خضوع كامل للشروط الإسرائيلية ضمن مفهوم ضم جزئي وتهجير جزئي، ونفوذ كامل وحركة كاملة للجيش الإسرائيلي، بحيث يكون هناك إشراف أمني واستنساخ لما يحدث من التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الضفة الغربية.
وفي حال لم يتم الخضوع الكلي للشروط الإسرئيلية، فالجميع أمام خيار آخر وهو خيار التقسيم على أسس إثنية وطائفية، ينتج عنه رسم جغرافيا جديدة تقوم على دويلات أو إمارات أو كانتونات داخل دول قائمة، تحظى بحماية أمنية إسرائيلية مباشرة، بحسب ياغي.
أداة ابتزاز ومساومة
وفي رسالة داخلية بعث بها سموتريتش لأعضاء حزبه، قال: "نحن نقود خطوة إستراتيجية جيدة لا ينبغي الخوض في تفاصيلها حاليا، وخلال وقت قصير سنعرف إذا كانت ستنجح وإلى أين نتجه".
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، نقلت هآرتس أن سموتريتش أبلغ نتنياهو صراحة بأنه "سيحكم على الأمور من خلال الأفعال"، وإذا نُفذت الخطة -التي وصفها بالإستراتيجية- بالفعل، فإنه "سيبقى في الحكومة في الوقت الراهن".
ويُفسر هذا التحول في خطاب سموتريتش، الذي هدد مرارا بالانسحاب من الحكومة إن استمر إدخال المساعدات من دون "حسم عسكري"، بأنه اختبار لولاء نتنياهو وفرصة أخيرة يتيحها له من أجل إرضاء قواعد اليمين المتطرف ، في ظل سقوطه في الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي التي أجريت في الحرب.
وصرح رئيس حزب "عوتسما يهدوت" إيتمار بن غفير"نحن بحاجة إلى احتلال كامل لقطاع غزة، وتشجيع الهجرة، وسحق حماس، ليس عن طريق صفقات استسلام، ولا صفقات تعيدنا إلى الوراء، بل فقط عن طريق النصر والاحتلال وتشجيع الهجرة".
وفي السياق ذاته، وجه عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست من حزب الليكود، بالإضافة إلى جميع أعضاء حزب "عوتسما يهوديت"، نداء مشتركا لوزير الدفاع يسرائيل كاتس للسماح لهم بزيارة استكشافية على الحدود الشمالية لقطاع غزة.
وجاء في البيان: "قطاع غزة لم يعد منطقة جغرافية، بل هو القلب النابض لأرض إسرائيل.. وعودة الشعب اليهودي إلى هذه الأماكن ليست مجرد خطوة إستراتيجية، بل هي عودة إلى صهيون بالمعنى الأعمق والأكثر عملية".
كما دعا عضو الكنيست أميت هاليفي -من الليكود- إلى سيطرة إسرائيلية على غزة في حوار على إذاعة "103 FM" قائلا: "إذا سيطرتم على المنطقة، فلن يسيطر عليها أحد غيركم، وهل يُمكننا أن نحتل غزة؟ غزة تابعة لإسرائيل تماما كما أن تل أبيب تابعة لإسرائيل، بالقدر نفسه".
ودعا وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو ، أمس الأربعاء، إلى احتلال قطاع غزة بالكامل والتخلي عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في القطاع، مثيرا ردودا غاضبة من عائلات المحتجزين وقادة معارضين.
ونقلت صحيفة هآرتس عن وزير في الحكومة الإسرائيلية قوله إن فكرة ضم أراضٍ من قطاع غزة "ليست مطروحة على جدول الأعمال"، بينما عبّر مسؤول بارز آخر في الائتلاف عن تشككه قائلا: "أجد صعوبة في تصوّر حدوث ذلك، فالحكومة تحاول فقط تهديد حماس من خلال اللعب في أكثر المناطق حساسية، باستخدام ورقة الأراضي".
وفي السياق ذاته، انتقد الكاتب المتخصص في الشؤون الأمنية بصحيفة يديعوت أحرونوت، آفي يسسخاروف، هذا التهديد بشدة، واصفا إياه بأنه "واحد من أغبى التهديدات الفارغة التي سمعتها".
وأضاف "قولوا ببساطة إنكم تريدون بناء مستوطنات وانتهينا، لكن وفّروا علينا هذا الهراء. لا أحد في حماس سيتنازل بسبب هذا التهديد، والعالم سيسحقنا بسببه".
بعيدا عن الحسابات الداخلية، فإن مجرّد التلويح بضم أراضٍ من غزة، في وقت تعاني فيه هذه المنطقة من حصار منذ 20 عاما ومن حرب إبادة اقتربت من العامين مع مجاعة غير مسبوقة وتحت وابل القصف، يكشف عن تحوّل خطير في عقلية صناع القرار الإسرائيلي.
فبعد أشهر من الترويج لخطط "تدمير حماس"، تتحول الحرب إلى صراع على الأرض نفسها، لا على التهديدات الأمنية فقط.
ويرى المراقبون أنه لا يبدو أن مثل هذه الخطط ستؤدي إلى تحقيق أهداف إسرائيل، إذ إن السيطرة على أراضٍ مأهولة وسط الدمار والمقاومة المستمرة لن تكون إلا مكلفة عسكريا وسياسيا. كما أن مجرد الإعلان عن خطة الضم، حتى لو لم تُنفذ، يعطي حماس ورقة جديدة في المعركة الدبلوماسية أمام العالم.
واعتبر عفيفة خطة الضم في جوهرها إعلان هروب للأمام وفشل في تحقيق أهداف الحرب، لا سيما إسقاط حكم حماس أو استعادة الأسرى أو السيطرة الميدانية.
وأضاف أن حماس يمكنها -إن أحسنت التعامل- أن تُحوّل هذا التهديد إلى منصة دولية لفضح المشروع الاستعماري الإسرائيلي، ووسيلة لحشد دعم سياسي وشعبي واسع يضع الاحتلال في موقع المدان لا صاحب المبادرة.
ويعتقد المتخصص ياغي أن إسرائيل ذهبت باتجاه المخطط الذي وضعه نتنياهو والذي يهدف إلى الحصول على الأسرى عبر الخداع والتضليل بمفاهيم الصفقات الجزئية والمحافظة على حالة الحرب، والكل يتحدث عن بقائه السياسي وائتلافه الحاكم في حين ينفَّذ مخطط متفق فيه مع الأميركيين يشمل المنطقة ككل ضمن تغيير جيوسياسي شامل في داخل المنطقة.
وأضاف أن الهدف لم يكن قط هو القضاء على المقاومة في غزة بقدر ما كان الهدف هو السيطرة على قطاع غزة ككل، وبالتالي العمل في داخل القطاع وفق الرؤية الأميركية والإسرائيلية وحتى لو وافقت المقاومة ونزعت سلاحها وتم إبعاد قيادتها من غزة سيقومون بالسيطرة على جزء من قطاع غزة.
فإسرائيل، وفقا لياغي، تعمل على مفهوم الجغرافيا والديمغرافيا؛ فهي تريد تقليص مساحة القطاع إلى مساحة صغيرة، وما الخرائط التي قدمت للمفاوضات بإبقاء السيطرة على 40% من مساحة القطاع بأيدي الجيش الإسرائيلي إلا دليل على ذلك، إضافة إلى تغيير ديمغرافي ضمن مخطط لتهجير نحو نصف سكان القطاع.
بين القانون والواقع
ويشكك المراسل السياسي للقناة 12 عميت سيجال بقرار الضم ويعتبر الأهمية القانونية للضم دراماتيكية، وقال: "إذا قررت الحكومة ضم أراضٍ، حتى لو كانت صغيرة جدا، فلن يكون من الممكن التراجع عن هذه الخطوة من دون موافقة 80 عضوا في الكنيست أو استفتاء، وفقا لقانون صدر عام 2014".
ولم يُجر استفتاء قط في إسرائيل، لذلك ينتظر نتنياهو على أمل التوصل إلى اتفاق قبل أن يُجبر على اتخاذ قرار بشأن خطوة يكاد يكون من المستحيل التراجع عنها، وستكون لها آثارٌ وخيمة على علاقات إسرائيل مع حكومات أخرى في العالم.
ولكن التهديد بضم أراض من غزة يعيد إلى الأذهان محاولات إسرائيل ضم مناطق من الضفة الغربية في سنوات سابقة، لكنه في حالة غزة يبدو أكثر تعقيدا. فغزة، التي انسحبت منها إسرائيل بشكل أحادي عام 2005، لا تضم مستوطنات، ولا توجد فيها إدارة مدنية تابعة للحكومة الإسرئيلية، وهو ما يجعل أي خطوة ضم فيها سابقة قانونية دولية خطيرة.
وتأتي مقترحات الضم في ظل إعراب 9 دول -لم تُعلن بعد اعترافها بدولة فلسطين- عن عزمها الاعتراف قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، إضافة إلى إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون بشكل منفصل نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول القادم.
وفي بيان صدر مساء الثلاثاء 29 يوليو/تموز، نيابة عن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ، جاء أنه أبلغ حكومته أن المملكة المتحدة ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول، حتى قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات مهمة لإنهاء "الوضع المروع في غزة".
وقانونيا، أشار الباحث عفيفة إلى أن أي خطوة إسرائيلية لضم أراضٍ من قطاع غزة -سواء بشكل مباشر أو من خلال فرض "سيادة رمزية"- تُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
فرغم انسحابها الأحادي من القطاع عام 2005، لا تزال إسرائيل تفرض سيطرتها على حدوده والمجال البحري والجوي، مما يُبقي غزة مصنفة قانونيا كأراضٍ محتلة. ومن ثم فإن أي إعلان بالضم لا يُغيّر من هذا الوضع القانوني، بل يضيف انتهاكا جديدا.
واعتبر ياغي أن خطط الضم الإسرائيلية لا تستند إلى أي أساس قانوني، سواء أكان محليا أو إقليميا أو دوليا، ومخالفة لكل القوانين الدولية، باعتبار أن هناك قرارا واضحا من محكمة العدل الدولية في لاهاي نصّ على أن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية هي أراضٍ محتلة، وعلى الأمم المتحدة أن تعمل لإنهاء هذا الاحتلال وحددت سنة لتنفيذ القرار الذي لم يطبق بسبب موازين القوة الراجحة لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة.
وشدد ياغي على أن نتنياهو سيمضي في تنفيذ خطة الضم ما دام هناك ضوء أخضر أميركي كامل وصمت عربي رسمي، ما لم تبادر بعض الدول العربية والإسلامية إلى ممارسة ضغوط حقيقية على واشنطن، والتعامل مع أي خطوة من هذا النوع ليس فقط بوصفها جريمة حرب، بل كإعلان حرب على المنطقة بأسرها، الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة في العلاقة مع الولايات المتحدة ومع كل من يدعم إسرائيل.
وفي سياق متصل، ترى الكاتبة رافيت هيخت في صحيفة هآرتس أن إسرائيل تبتعد عن الاتفاق المرحلي الذي كان يسعى نتنياهو للوصول إليه، وهو إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن من دون الالتزام بإنهاء الحرب، وتزداد ابتعادا عنه مع مرور الوقت.
وأضافت أن "الصدمة العالمية من صور الدمار في غزة تُعزز موقف حماس وتدفعها إلى تشديد شروطها، في حين يواصل المجتمع الدولي -باستثناء الولايات المتحدة- تضييق الخناق على إسرائيل، وهو ما قد يتحول إلى حصار دبلوماسي شامل".
وتابعت أن "المفارقة الصارخة تبدو في أن حكومة اليمين المتطرف كأنها تنشئ الدولة الفلسطينية بيديها وسط ظروف دولية باتت أكثر عدائية تجاه إسرائيل".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
شاهد.. لحظة إطلاق النار على مجوّعين قرب مركز مساعدات بغزة
أظهر مقطع فيديو تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي لحظة إطلاق قوات الاحتلال النار على حشد من المجوّعين الباحثين عن الطعام قرب مركز للمساعدات بقطاع غزة. ومنذ تولّي ما تسمى " مؤسسة غزة الإنسانية" تقديم المساعدات في مايو/أيار الماضي ارتكبت قوات الاحتلال والمتعاقدون الأجانب مع المؤسسة الأميركية مجازر عديدة أوقعت نحو 1500 شهيد و10 آلاف مصاب. وواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ، اليوم الاثنين، استهداف المجوعين في قطاع غزة موقعا 41 شهيدا منذ فجر اليوم، بينهم 20 من منتظري المساعدات بقصف جوي وبري، وفق مصادر في مستشفيات غزة. وقالت وزارة الصحة في غزة، السبت الماضي، إن حصيلة الضحايا المجوّعين من منتظري المساعدات بلغت 1422 شهيدا، وأكثر من 10 آلاف إصابة، منذ 27 مايو/أيار الماضي. وخلّفت الإبادة، بدعم أميركي، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 60 ألفا و933 شهيدا و150 ألفا و27 مصابا، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
نتنياهو يعتزم إصدار تعليمات للجيش للمضي في الحرب على غزة
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، اليوم الاثنين، إنه سيجتمع مع مجلس الوزراء الأمني المصغر هذا الأسبوع، لمناقشة كيفية توجيه الجيش بشأن المضي قدما في قطاع غزة وتحقيق كل أهداف الحرب. وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي للحكومة "سأعقد اجتماعا لمجلس الوزراء في وقت لاحق من هذا الأسبوع، لإصدار تعليمات للجيش حول كيفية تحقيق أهداف الحرب الثلاثة التي حددناها: هزيمة العدو، تحرير الأسرى، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل بعد الآن". ولم يحدد نتنياهو في المقابل الموعد المحتمل لعقد اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر. وكان نتنياهو قال قبل أسابيع إن إصرار حركة حماس على رفض إطلاق سراح "المختطفين" سيدفع إسرائيل للضغط عليها والاستيلاء على أراض في قطاع غزة. وأضاف نتنياهو، خلال كلمة أمام الكنيست ، أن الضغط على حماس سيتضمن الاستيلاء على أراض وأشياء أخرى لن يخوض في تفاصيلها، وفق تعبيره. من جهته، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن حكومة الاحتلال ملتزمة بتحقيق الانتصار والقضاء على حماس. وأضاف في تصريحات صحفية إنه تم تخصيص جزء من الميزانية لتطوير منطقة عسقلان ومضاعفة عدد السكان فيها. وتأتي هذه التصريحات في وقت يسيطر فيه الانقسام الحاد على الساحة السياسية الإسرائيلية بشأن التوصل إلى صفقة تبادل مع حماس وإنهاء الحرب، خاصة بعد تصاعد المواقف الدولية المنددة بسياسة التجويع التي أودت بحياة المئات في القطاع. ويُحمّل 52 بالمئة من الإسرائيليين حكومتهم المسؤولية كاملة أو جزئيا عن عدم إبرام اتفاق مع حماس، وفق نتائج استطلاع للرأي نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي نتائجه الأحد. ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
"مراكز توزيع المساعدات" ساحات قتل جماعي للمجوّعين في غزة
آلية إسرائيلية لتوزيع المساعدات على أهالي قطاع غزة ، تتبع ما تعرف بـ" مؤسسة غزة الإنسانية"، أعلنت عنها إسرائيل في أعقاب حظرها أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). بدأ العمل بالآلية يوم 27 مايو/أيار 2025، في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ، مما جعل الوصول إليها محفوفا بالمخاطر، إذ يتوجب على المحتاجين اجتياز مسافات طويلة ومناطق اشتباك. وتُقدَّم فيها كميات محدودة من الغذاء لا تكفي سوى لعدد ضئيل من المتوافدين، رغم تدفق أعداد كبيرة من طالبي المساعدة. مراكز إغاثية تحت سيطرة عسكرية في أواخر مايو/أيار 2025، وبعد مرور نحو 3 أشهر على إغلاق معابر قطاع غزة ، واستئناف حرب الإبادة، أعلنت السلطات الإسرائيلية عن تبني آلية جديدة لتوزيع المساعدات الغذائية على سكان القطاع، ترتكز على إنشاء مراكز توزيع تابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي كيان أُنشئ بمبادرة من ضباط احتياط في الجيش الإسرائيلي ورجال أعمال إسرائيليين. ولاحقا، نُقلت إدارة "المؤسسة" إلى شخصيات أميركية، في محاولة للحد من الانتقادات الدولية التي طالت إسرائيل بشأن سيطرتها المباشرة على العملية الإغاثية في غزة. لكن هذه الآلية لم تحظَ بأي دعم دولي باستثناء الولايات المتحدة. وأثارت "المؤسسة" الإسرائيلية الأميركية جدلا واسعا نظرا للغموض المحيط بتأسيسها، وارتباطها المباشر بالأهداف السياسية والعسكرية للاحتلال، إضافة إلى تقييدها المساعدات بمناطق محددة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. وانتقد المتحدث باسم الأمم المتحدة ، فرحان حق، الآلية الجديدة قائلا إنها "لا تتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة الأساسية، وعلى رأسها النزاهة والحياد والاستقلالية"، مشيرا إلى أن المساعدات في هذا النموذج تُستخدم أداة للضغط وتحقيق مآرب سياسية. كما طالبت منظمة "ترايل إنترناشونال" السويسرية غير الحكومية بفتح تحقيق بشأن أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية"، بعد الكشف عن تسجيلها بجنيف في فبراير/شباط 2025، دون أن تكون لها أي مكاتب أو تمثيل فعلي، مما يثير تساؤلات قانونية عن شرعيتها والتزامها بالقانونين السويسري والدولي. شكوك وانتشار محدود في مرحلتها الأولى، أنشأت "مؤسسة غزة الإنسانية" مركزين لتوزيع المساعدات الغذائية في تل السلطان وممر موراغ جنوب قطاع غزة، ثم أُعلن لاحقا عن مركزين إضافيين في رفح ومخيم البريج وسط القطاع. لكن بعد أسابيع قليلة من بدء العمل، أُغلق اثنان من هذه المراكز، في وقت أكدت فيه منظمات الإغاثة أن تلبية الاحتياجات اليومية تتطلب إيصال وتوزيع ما لا يقل عن 600 شاحنة مساعدات يوميا وبشكل آمن ومنتظم. ورغم ضخامة الحاجة الإنسانية، فإن عدد المراكز محدود للغاية، وتوزع كميات غذائية لا تكفي إلا مئات الأسر، مما أسهم في تفاقم الفوضى بدلا من احتوائها، وفشل الاحتلال في تقديم بديل فعّال أو قابل للاستمرار عن الآليات الإنسانية المعتمدة سابقا. ويزيد غياب الشفافية من الغموض حول أداء المؤسسة، إذ لا توفر بيانات واضحة حول حجم المساعدات الموزعة ولا آليات التوزيع ولا عدد المستفيدين. وفي المقابل، تنشر أرقاما ضخمة بشأن عدد من تلقوا المساعدات، دون تقديم ما يدعم تلك المزاعم، مما يثير شكوكا متزايدة بشأن مصداقيتها ودوافعها. ومما عزز حالة الشكوك حول فاعلية تلك المراكز استقالة المدير التنفيذي لـ"مؤسسة غزة" جيك وود، قبيل ساعات من انطلاقها، مبررا استقالته باستحالة تنفيذ خطة توزيع المساعدات في غزة دون الإخلال بالمبادئ الإنسانية الأساسية، وعلى رأسها الحياد والنزاهة والاستقلالية. وفي بيانه، دعا وود السلطات الإسرائيلية إلى توسيع نطاق إيصال المساعدات بشكل كبير، عبر جميع القنوات الممكنة، مشددا على أهمية تطوير أساليب مبتكرة تضمن وصول الإغاثة إلى مستحقيها دون تأخير أو تحوير أو تمييز. مراكز مساعدات في قلب الخطر تقع جميع مراكز توزيع المساعدات في مناطق مدمرة بسبب القصف العنيف، وتخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي. وتتمركز داخل ما يُعرف بـ"الدائرة الحمراء"، وهي مناطق سبق أن طُلب من السكان المدنيين إخلاؤها، مما يجعل الوصول إليها محفوفا بالمخاطر. ويُضطر طالبو المساعدات إلى عبور مناطق اشتباك فعلي، والسير ساعات طويلة، وقطع مسافات قد تتجاوز عشرات الكيلومترات، لا سيما القادمين من شمال ووسط القطاع. وفور وصولهم يخضعون لإجراءات تحقق صارمة تشمل تقنيات التعرف على الوجه، تنفذها شركات أمنية أميركية، وسط حراسة مشددة من قوات الجيش الإسرائيلي في محيط المراكز. وقد صُممت هذه المراكز لتشبه المنشآت العسكرية المحصنة، إذ تُفرض فيها ممرات ضيقة تمتد كيلومترات، تحيط بها أبراج مراقبة وأعمدة إنارة، وتنتهي عند نقاط توزيع بدائية، حيث تُلقى أكياس الغذاء على الأرض وتُمنح لعدد محدود من المحتاجين، رغم التزاحم الكبير. هذا النموذج الذي يُربط فيه الحصول على الغذاء بتجاوز بيئة عسكرية قمعية وصفته منظمات غير حكومية بأنه "مهين وغير آمن"، معتبرة أنه لا يرقى لمستوى العمل الإنساني ولا يحترم كرامة المحتاجين. منذ بدء عملها بقطاع غزة في نهاية مايو/أيار 2025، شهدت مراكز توزيع المساعدات بشكل شبه يومي عمليات قتل واستهداف للمجوّعين، استخدمت فيها القوات الإسرائيلية القذائف المدفعية وصواريخ الاستطلاع، وفي بعض الأحيان مسيرات كواد كابتر لإطلاق الرصاص. وارتكبت القوات الإسرائيلية أولى مجازرها بحق طالبي المساعدات بعدما أطلقت الرصاص الحي تجاههم في مركز مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 46. وفي اليوم التالي، تكرّر المشهد الدموي، وأطلق الجيش الإسرائيلي النار بشكل مباشر على فلسطينيين تجمعوا للحصول على مساعدات في مدينة رفح، مما أسفر عن استشهاد 10 مدنيين وإصابة 62 آخرين بجراح متفاوتة، وفق بيانات رسمية. تحوّلت هذه الوقائع إلى نمط يومي متصاعد، حتى باتت مراكز توزيع الإغاثة تُعرف باسم " مصايد الموت". وفي تطور لافت، كشفت صحيفة هآرتس العبرية، نقلا عن ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي، أنهم تلقوا تعليمات مباشرة من قيادات عسكرية بإطلاق النار على الفلسطينيين الموجودين قرب مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة "غزة الإنسانية". وفي السياق ذاته، أفادت مجلة إيكونوميست البريطانية بأن عدد ضحايا الفلسطينيين عند مواقع المساعدات ارتفع بأكثر من 8 أضعاف بين شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2025، تزامنا مع بدء أنشطة المؤسسة. وبحسب الإحصاءات، فقد ارتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى 800 شهيد في يونيو/حزيران 2025، وتجاوز 1300 مع نهاية يوليو/تموز من العام ذاته. شكوى جنائية وفي نهاية يوليو/تموز 2025، تقدمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بشكوى إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ، دعت فيها إلى فتح تحقيق عاجل في جرائم خطيرة منسوبة لمسؤولين في "مؤسسة غزة الإنسانية" وشركات أمنية متعاقدة معها. وأوضحت المنظمة أن الجرائم المرتكبة تندرج في صلب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتشمل أخطر الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي ، وهي: جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والمشاركة في جريمة الإبادة الجماعية. وأضافت أن الشكوى أُرفقت بأدلة وخرائط وصور التقطتها الأقمار الاصطناعية ، تظهر أن مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة أُنشئت بهدف القتل والتجويع والتهجير، وليس بغرض الإغاثة الإنسانية. ووفقا للمنظمة، فإن الصور الجوية تبين أن هذه المراكز صُممت على نمط قواعد عسكرية، بمداخل ضيقة تمتد في اتجاه واحد لمسافات طويلة تصل إلى عدة كيلومترات، تؤدي إلى مناطق اختناق تدريجي، وكلما تقدم المدنيون في هذه الممرات، يبدأ إطلاق النار عليهم، وفي بعض الحالات تُطلق قذائف دبابات مباشرة نحو الجموع.