logo
قسد بين واشنطن ودمشق.. من يصوغ مستقبل شمال شرق سوريا؟

قسد بين واشنطن ودمشق.. من يصوغ مستقبل شمال شرق سوريا؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
دمشق- في لحظة سياسية فارقة من عمر المرحلة الانتقالية في سوريا، أعاد اتفاق 10 مارس/آذار 2025 بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد " قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي ، فتح ملفات شائكة تتعلق بمستقبل العلاقة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية في شمال شرق البلاد.
فعلى أرضية جغرافية معقدة من حيث التركيبة العرقية، وفي ظل توازنات إقليمية ودولية شديدة التشظي، رأى مراقبون أن الاتفاق شكل فرصة حاسمة أمام الحكومة السورية لتجاوز إرث النظام السابق، واعترافه المتأخر بالقضية الكردية. لكن تأخر تنفيذ الاتفاق أدى إلى أزمة ثقة متجددة بين الطرفين.
وفي 26 أبريل/نيسان 2025، عقدت الأحزاب الكردية السورية "مؤتمر وحدة الموقف الكردي"، الذي أقر رؤية سياسية موحدة اعتبرت وثيقة تأسيسية تعبر عن إرادة جماعية للحل، وتطرح مقاربة واقعية للقضية الكردية ضمن سوريا موحدة بهويتها متعددة القوميات والأديان والثقافات.
وفد موحد
وتوافقت الأطراف الكردية على تشكيل وفد موحد لتمثيلها في الحوار مع الرئيس السوري، بغرض بحث مستقبل الأكراد السياسي وسبل ضمان حقوقهم القومية في إطار دستور يلتزم بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وينص على اللامركزية كنظام حكم.
وفي حديثها للجزيرة نت، أكدت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، أن "مهمة الوفد الكردي الموحد تتمثل في الدفاع عن الحقوق القومية والتنسيق مع وفد الإدارة الذاتية في المباحثات مع دمشق"، مشددة على أن الوفدين لا يتعارضان بل يكمل أحدهما الآخر.
في المقابل، حملت تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك إشارات لافتة، إذ قال إن "الفدرالية لا تصلح في سوريا"، ناصحا قسد بأن "الطريق الوحيد أمامها هو دمشق".
وردا على ذلك، قالت إلهام أحمد للجزيرة نت "السوريون وحدهم من يقرر شكل الدولة، والتصريحات الأميركية لا تلزمنا، خصوصا أن سايكس-بيكو كانت نتيجة مداخلات خارجية مأساوية يجب ألا تتكرر".
وتابعت "التخلي عن قسد لا يتم عبر تصريح صحفي، وهناك إشارات إيجابية من واشنطن، ونحن جزء من السياق العسكري والسياسي السوري. ويجب أن تنضم قسد إلى الجيش السوري وفق مهام وهيكلية واضحة". وختمت "الإدارة الأميركية تدعم تعزيز العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، وهي ترى نفسها ملزمة بذلك".
تفاهمات بطيئة
وجاء حديث باراك بعد لقائه الشرع وعبدي الأسبوع الماضي، مشيرا إلى بطء قسد في الانخراط الفعلي ضمن الحكومة السورية.
ويقول الكاتب السوري بسام السلمان، المقرب من الحكومة السورية، إن "الولايات المتحدة بدأت تبدي تململا من المواقف المتصلبة لقسد التي لا تزال تدار بعقلية فصائلية أيديولوجية"، مضيفا أنه "رغم عمق العلاقة بين قسد وواشنطن، بدأت مؤشرات التباعد بالظهور، وستتضح ملامح الموقف الأميركي النهائي خلال الأشهر القادمة".
في المقابل، يرى الباحث في مركز الفرات للدراسات الإستراتيجية، وليد جولي، أن واشنطن تسعى إلى إعادة ضبط العلاقة بين قسد والحكومة السورية من خلال "تنفيذ بنود اتفاق مارس/آذار، وتوسيع نطاقه ليشمل ملفات إقليمية أوسع، من بينها تطبيع سوريا مع بعض الدول العربية، وانعكاسات ذلك على مسار التسوية مع إسرائيل".
وأشار جولي إلى أن الاتفاق بين قسد ودمشق ستكون له انعكاسات على ملفات إقليمية مثل النفوذ الإيراني ومستقبل لبنان، مشيرا إلى أن واشنطن تمتلك "بنك أهداف" تسعى لتحقيقه في سوريا عبر هذه التفاهمات.
هل تُركت قسد لمصيرها؟
وعن احتمال تخلي واشنطن عن دعم الحكم الذاتي لقسد، يؤكد جولي أن "التصريحات الأميركية الأخيرة تهدف إلى استرضاء الحكومة السورية، لكنها لا تعني التخلي الكامل عن حليفتها الكردية، بل هي جزء من سياسة توزيع الأدوار".
ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن "تركيا ترفض أي مكاسب سياسية للأكراد، وتمارس ضغطا على دمشق لتعطيل أي تقارب مع قسد، ولها تأثير متنام على مسار العملية السياسية في سوريا".
أما الكاتب السلمان، فيرى أن "قسد لم تثبت نفسها كنموذج حكم ناجح رغم الدعم الكبير الذي حصلت عليه، ولم تنه تهديد تنظيم الدولة بشكل نهائي، كما أنها تعاني من رفض إقليمي كبير"، معتبرا أن "الحكومة السورية تتمتع بشرعية إقليمية متنامية، وقد تفضل واشنطن التعامل معها مباشرة إذا لم تبد قسد مرونة كافية".
وأضاف السلمان "لا أستبعد أن تقدم واشنطن نموذجا جديدا لعلاقتها مع قسد، بعيدا عن سيناريو أفغانستان. لكن يبقى السؤال: هل تستطيع قسد اتخاذ القرار الحاسم في ظل الانقسامات الداخلية؟ فالفاعل الرئيسي فيما سيؤول إليه الوضع هو قسد نفسها".
ويرى مراقبون أن آفاق العلاقة بين قسد والحكومة السورية ستبقى مرهونة بتطورات الداخل والخارج، وسط ضغوط إقليمية ودولية متشابكة، مشيرين إلى أن اتفاق 10 مارس/آذار لم يعد مجرد وثيقة سياسية، بل تحول إلى اختبار لقدرة الأطراف السورية على إنتاج تسويات وطنية مستقلة، بعيدا عن إملاءات الخارج.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما وراء الخبر.. دمشق و"قسد" تباطؤ في تنفيذ اتفاق مارس
ما وراء الخبر.. دمشق و"قسد" تباطؤ في تنفيذ اتفاق مارس

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

ما وراء الخبر.. دمشق و"قسد" تباطؤ في تنفيذ اتفاق مارس

ما وراء الخبر ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ (13 يوليو/تموز 2025)- تصريحات قائد قسد مظلوم عبدي التي تنبئ بعدم الرغبة في التخلي عن سلاح قواته، والتدابير التي يمكن أن تتخذها دمشق وأبعاد الموقف الأميركي. اقرأ المزيد

هل تقبل "قسد" باندماج كامل في الجيش السوري أم تخاطر بمواجهة شاملة؟
هل تقبل "قسد" باندماج كامل في الجيش السوري أم تخاطر بمواجهة شاملة؟

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

هل تقبل "قسد" باندماج كامل في الجيش السوري أم تخاطر بمواجهة شاملة؟

بين نصوص الاتفاق وتفسيرات الأطراف، يثار الجدل مجددا حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في بنية الدولة السورية، فالمسألة لا تتعلق فقط بكيفية الدمج، بل بهوية الكيان نفسه: هل هو كيان سينحل في جسم الجيش أم أنه يسعى لإعادة تعريف موقعه داخله؟ تحت مظلة اتفاق مارس/آذار الماضي، تبدو "قسد" ملتزمة نظريا بالاندماج، لكنها تطرح تصورا خاصا يُبقي على بنيتها المسلحة كألوية داخل الجيش السوري ، وهو ما ترى فيه دمشق التفافا على مبدأ "جيش واحد". وتكمن المفارقة في أن السلاح الذي قاتل تحت مظلة التحالف بات اليوم عقدة تفاهم بدل أن يكون رصيدا تفاوضيا. في هذا السياق، يقرأ الصحفي هوشنك حسن مدير وكالة نورث برس، الموقف الكردي من زاوية وظيفية، إذ يشير إلى أن الإبقاء على السلاح لا يُعبّر عن نزعة انفصالية، بل عن رؤية للدمج لا تستدعي نزعا كاملا بل لإعادة تموضع عسكري ضمن الجيش ذاته، لكن هذه المقاربة تفترض ثقة متبادلة لا تبدو ناضجة بعد. من جهة دمشق، فإن المعادلة محسومة، فكما يوضح الباحث السياسي عبد المنعم زين الدين، لا مجال لقبول تجربة "جيش داخل الجيش"، لا على غرار الحشد الشعبي العراقي ولا النموذج الإيراني، فالدمج الحقيقي يبدأ بحل البنية العسكرية لقسد، ويتأسس على انضواء الأفراد لا الكيانات، ضمن عقيدة وطنية جامعة. استقلالية عسكرية في العمق، لا تُخفي الدولة السورية قلقها من بقاء الخصوصية التنظيمية لقسد، فالسلاح في حد ذاته ليس المشكلة، بل ما يرمز إليه، وهو الاستقلالية العسكرية، ولو تحت مسمى الدمج، ولهذا ترى دمشق أن أي صيغة تُبقي على التنظيم بصورته الحالية، تعني عمليا استمرار الحالة الانفصالية ولو بثوب رسمي. أما الموقف الأميركي، فقد اتسم هذه المرة بوضوح غير معتاد، فالمسؤول السابق في الخارجية الأميركية توماس واريك شدد على أن واشنطن لا تدعم وجود قوى مسلحة خارج سلطة الدولة، مهما كانت خلفياتها، فالنموذج اللبناني أو العراقي ليس ما ترغب الولايات المتحدة في تكراره على الأرض السورية. لكن مع ذلك، تحاول واشنطن -فق تحليل واريك- الجمع بين الدعم السياسي للإدارة الذاتية، والضغط لإذابة جناحها العسكري، وهي ترى في "اتفاق مارس" إطارا أوليا قابلا للتطوير، لكنه مشروط بتفكيك التشكيلات المستقلة، وبناء جيش وطني لا يستثني أحدا، ولا يسمح بأي ولاء خارج الدولة. ولا تزال قسد من جهتها تراهن على تفسير مرن للاتفاق، يُبقي لها مجالا للمناورة، ووفق ما يطرحه هوشنك حسن، فإن تفاصيل مثل دمج الوحدات النسائية أو تشكيلات ذات طابع إثني لا تزال غير محسومة، مما يجعل التخلي عن الهيكل التنظيمي الكامل خطوة محفوفة بالمخاوف، خصوصا في ظل غياب الضمانات. إستراتيجية المماطلة لكن هذه الحسابات لا تُقنع دمشق، التي ترى -كما يشير زين الدين- أن مماطلة قسد في تنفيذ الاتفاق ليست سوى إستراتيجية لكسب الوقت، في ظل بيئة إقليمية تتغير بسرعة، وضغوط داخلية على الدولة للانتقال من الحوار إلى الحسم. وإذا كانت واشنطن تحذر من انفلات المشهد، فإن احتمالات التدخل العسكري -وإن ظلت مؤجلة- لم تُرفع عن الطاولة بالكامل، فبحسب أكثر من مؤشر، ثمة خيارات مفتوحة لدى دمشق، تبدأ بدعم مكونات عربية متململة داخل "قسد"، وقد تنتهي بتدخل ميداني محدود يُفرض فيه الدمج من خارج طاولة التفاوض. وفي هذا السياق، تشير بعض التقديرات إلى أن واشنطن قد بدأت بالفعل في ممارسة ضغوط ناعمة لدفع "قسد" نحو التنازل عن هيكليتها العسكرية، تماشيا مع رغبتها في بناء نموذج استقرار طويل الأمد، مع الحفاظ على بعض المكتسبات الإدارية لمناطق الشمال الشرقي ضمن إطار الدولة السورية. لكن في المقابل، تراهن قسد على واقع ميداني بنته طيلة سنوات الحرب، وتحاول تحويله إلى ورقة تفاوض لا تُختزل فقط في السلاح، فهي لا تسعى إلى مواجهة شاملة، لكنها -كما يبدو- لا تقبل اندماجا يُنهي كليا دورها السياسي والأمني، ما لم يقابله اعتراف واضح من الدولة بهويتها وخصوصيتها.

السبب وراء تفجّر المواجهات المسلحة بين الدروز والبدو في السويداء
السبب وراء تفجّر المواجهات المسلحة بين الدروز والبدو في السويداء

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

السبب وراء تفجّر المواجهات المسلحة بين الدروز والبدو في السويداء

السويداء- اتسعت دائرة الاشتباكات بعد ظهر اليوم الأحد، في السويداء بين مسلحين من الدروز وآخرين من العشائر البدوية، لتمتد إلى قرية الصورة الكبيرة في مدخل المحافظة الشمالي الذي يربطها بالعاصمة دمشق ، وإلى قرية الطّيرة الواقعة في الريف الغربي للمحافظة. وأودت الاشتباكات -في حصيلة غير نهائية- إلى مقتل 10 أشخاص، وإصابة نحو 50 آخرين بجروحٍ متفاوتة الخطورة بحسب مصادر في المشفى الوطني بالسويداء. وكانت اشتباكاتٌ عنيفة قد بدأت حين هاجم مسلحون دروز حي المقوس شرقيّ السويداء الذي تقطنه عشائر بدوية، لتحرير نحو 10 دروز احتجزهم أفراد من العشائر منذ صباح اليوم، رداً على احتجاز مسلحين دروز لعدد من أبناء العشائر في التوقيت ذاته أيضاً. وجاءت حالات الاحتجاز تلك على خلفية اعتداءٍ تعرّض له السائق فضل الله دوارة، أثناء عودته بسيارة خضار، في وقتٍ متأخر من ليلة أمس إلى السويداء، في المنطقة الواقعة بين خربة الشايب والفيلق الأول في ريف دمشق ، وبحسب رواية دوارة لأقاربه فإنه سُلب سيارته بما فيها، ومبلغ 7 ملايين ليرة (حوالي 695 دولارا أميركيا). بدوره طالب شيخ عقل الدروز، حمود الحناوي -في تصريح له- بتدّخل الرئيس السوري أحمد الشرع والعقلاء من الطرفين المتنازعين، والسعي إلى "وأد الفتنة، وكفّ يد العبث، وحماية الكرامات، وصون حرمات الناس وممتلكاتهم". كما دعا محافظ السويداء مصطفى البكور في بيان له إلى "ضبط النفس من قبل الجميع، والاستجابة للنداءات الوطنية الداعية إلى الإصلاح" وقال "يدنا ممدودة لكل من يسعى للإصلاح، وبناء الدولة، والتمهيد لحياة أفضل لكل السوريين". وحتى مساء اليوم، لم يخرج أي تصريح عن الشيخ حكمت الهجري ، في ظلّ توقعات عديدة تشير إلى إمكانية استمرار الاشتباكات وامتدادها إلى محاور إضافية خلال هذه الليلة. توتر مستمر وتشهد السويداء منذ فترة حكم النظام السوري السابق انتشاراً واسعاً للسلاح، حيث تمتلكه جهات عديدة صارت مع مرور الوقت تميل للاحتفاظ به. كما تعود ظاهرة احتجاز المسلحين الدروز لأشخاص آخرين إلى تلك الفترة، حيث يستثمرون ذلك في إطلاق سراح موقوفين لدى الحكومة، سواء كانت تتبع لنظام الأسد، أو الحكومة الحالية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store