
مصر تعمّق حضورها في إفريقيا.. استثمارات استراتيجية في جيبوتي ونموذج تنموي متكامل للقارة
تمضي مصر بخطى ثابتة نحو تعميق حضورها الاقتصادي والاستثماري في القارة الإفريقية، ضمن رؤية استراتيجية توازن بين مصالح الأمن القومي، والتكامل الإقليمي، والتنمية المستدامة. وتأتي جيبوتي في مقدمة الدول التي تشهد نشاطًا مصريًا متصاعدًا، بينما تمتد المشروعات والبرامج لتشمل دولًا أخرى في مجالات الطاقة، اللوجستيات، والرقمنة.
جيبوتي... منصة مصرية متقدمة في القرن الإفريقي
طاقة متجددة لتنمية مستدامة
في قلب صحراء "غراند بارا"، تتقدم أعمال تنفيذ محطة شمسية بقدرة 25 ميغاواط، بآلية BOT، على أن تدخل حيز التشغيل في عام 2025. المشروع لا يقف وحيدًا، بل يتكامل مع توسعة محطة الرياح في "غوبيّت"، لتصل إلى قدرة 60 ميغاواط في المرحلة الأولى، تليها إضافة 45 ميغاواط لاحقًا.
الهيئة العربية للتصنيع، بالتعاون مع وكالة الشراكة المصرية، تلعبان دورًا محوريًا في تنفيذ هذه المشروعات، إلى جانب استثمارات أخرى في منطقة "عمر جكع" وميناء الحاويات، مما يعكس التزامًا مصريًا بنشر الطاقة النظيفة في المنطقة.
استثمار في البنية التحتية والموانئ
الاهتمام المصري لا يقتصر على الطاقة، بل يمتد إلى البنية التحتية الحيوية. يجري تطوير مركز لوجستي في المنطقة الحرة، إلى جانب توسيع ميناء "دوراليه" وربطه بالشبكة الرئيسية عبر طريق RN18. وتُعد محطة "دامرجوج" للطاقة عنصرًا مهمًا في دعم هذا النظام المتكامل الذي يربط الموانئ بالمناطق الصناعية.
الربط الرقمي والكوابل البحرية
جيبوتي أصبحت بوابة رقمية للقارة بفضل موقعها الاستراتيجي، حيث تحتضن نقاط هبوط رئيسية لكوابل الإنترنت العالمية مثل PEACE وAfrica‑1 وAAE‑1. الربط مع مصر يتيح للقاهرة لعب دور محوري كمركز تبادل بيانات بين إفريقيا وأوروبا وآسيا.
تمكين اقتصادي وتشجيع استثماري
أهدت الحكومة الجيبوتية 150 ألف متر مربع في المنطقة الحرة لشركات مصرية، مما يعزز من التمركز الاقتصادي الإقليمي. كما تم تدشين مجلس أعمال مصري–جيبوتي، وتفعيل خطوط طيران مباشرة بين القاهرة وجيبوتي، لتسهيل التبادل التجاري والتفاعل الاقتصادي.
خارجيًا... شبكة استثمارات مصرية تمتد عبر القارة
تمويلات دولية لدعم التحول الأخضر
تحصل مصر على دعم متواصل من المؤسسات المالية الدولية. فالبنك الإفريقي للتنمية خصص 746 مليون دولار لمصر في 2025 لدعم الطاقة النظيفة والقطاع الصحي والخاص، فيما ضخ البنك الأوروبي لإعادة الإعمار 1.5 مليار يورو في القطاع الخاص المصري عام 2024، من ضمنها 1.1 غيغاواط من طاقة الرياح في خليج السويس.
شراكات طاقية عابرة للحدود
من أبرز المشروعات المستقبلية، اتفاقيات تمويل لمحطة شمسية بقدرة 1 غيغاواط مع شركة Scatec النرويجية، بقيمة 600 مليون دولار، بالإضافة إلى مشروع رياحي بقيمة مليار دولار. كما يُعد مشروع الربط الكهربائي البحري مع اليونان بطاقة 3،000 ميغاواط أحد أضخم المشاريع المنتظرة، بقيمة 4 مليارات يورو، ويتوقع تشغيله خلال خمس سنوات.
تحول صناعي مدفوع بالمناخ
في إطار جهود الحد من انبعاثات الكربون، تشارك مصر في برنامج بقيمة مليار دولار لخفض انبعاثات الصناعة، بدعم من Climate Investment Funds. كما تم إطلاق مشروع ضخم لطاقة الرياح بسعة 1.1 غيغاواط في خليج السويس، ضمن إطار Nexus للمياه والغذاء والطاقة.
بنية نقل إفريقية متكاملة
تمضي مصر قدمًا في مشروع القاهرة–كيب تاون عبر سكك حديد وطرق سريعة تربط شمال القارة بجنوبها. كما فُعلت خطوط لوجستية جديدة تربط موانئ مثل الإسكندرية والسويس بعمق القارة الإفريقية، ضمن منظومة نقل متعددة الوسائط.
رقمنة الإجراءات وتسهيل الاستثمار
داخليًا، أطلقت الحكومة منصة موحدة للرخص الاستثمارية، تهدف إلى تقليص البيروقراطية وتسهيل دخول المستثمرين الأجانب. كما تم تفعيل نظام "نفّذة" الجمركي الرقمي، المعتمد على البلوكتشين، والذي ساهم في خفض زمن الإفراج الجمركي من 16–29 يومًا إلى ما بين 3 و9 أيام فقط.
مصر كقاطرة للتنمية الإقليمية
التحركات المصرية تُظهر نمطًا متكاملًا من التفكير التنموي: طاقة نظيفة، بنية لوجستية رقمية، إصلاح إداري، وتكامل قاري. في هذا السياق، لا تعدّ جيبوتي إلا بوابة أولى، تليها شراكات متنامية في الغرب والجنوب الإفريقي.
نحو دور محوري في مستقبل القارة
بخطط مدروسة وتمويلات دولية، وبنية رقمية متطورة، تضع مصر نفسها في موقع القيادة الإقليمية. إنها ليست مجرد دولة مصدّرة للاستثمارات، بل شريك حقيقي في التنمية، يسعى لخلق شبكات متكاملة من الطاقة والتجارة والبيئة الرقمية.
الوجهة القادمة؟ مزيد من التكامل، مزيد من المشاريع، ومزيد من إفريقيا في قلب الاستراتيجية المصرية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 24 دقائق
- مصراوي
صراع السيارات ذاتية القيادة يشتعل بإعلان أمازون توسيع إنتاج سيارتها زوكس
كاليفورنيا - (أ ب): تستعد شركة أمازون لإنتاج ما يصل إلى 10 آلاف سيارة أجرة ذاتية القيادة سنويا في مصنع ضخم قرب وادي السيليكون، في إطار استعدادها لمنافسة شركة وايمو، الرائدة في مجال سيارات الأجرة ذاتية القيادة. ويسعى الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الملياردير إيلون ماسك، هو الآخر أيضا للدخول في سباق السيارات ذاتية القيادة. يذكر أن المصنع المخصص لإنتاج سيارات الأجرة ذاتية القيادة، الذي تبلغ مساحته 220 ألف قدم مربع (نحو 20440 مترا مربعا) والذي أُعلن عنه الأربعاء، يمثل مرحلة جديدة في مساعي شركة أمازون للتوسع في هذا المجال التقني المتقدم، والذي بدأت ملامحه تتشكل في عام 2009 عندما تم إطلاق شركة وايمو كمشروع سري داخل شركة جوجل. وبدأت أمازون في التوجه نحو هذا السوق منذ خمس سنوات عندما أنفقت 1.2 مليار دولار للاستحواذ على شركة زوكس الناشئة في مجال القيادة الذاتية، والتي ستكون العلامة التجارية وراء خدمة سيارات الأجرة ذاتية الأجرة، التي تخطط لبدء نقل العملاء في لاس فيجاس في أواخر هذا العام قبل التوسع في سان فرانسيسكو العام المقبل. وتسعى شركة زوكس، التي تأسست في عام 2014، إلى اللحاق بشركة وايمو، التي بدأت تشغيل سيارات أجرة ذاتية القيادة في فينيكس منذ نحو خمس سنوات، ثم بدأت في تقاضي رسوم على الرحلات في سان فرانسيسكو عام 2023، قبل أن تتوسع إلى كل من لوس أنجليس وأوستن في ولاية تكساس. وتقول شركة وايمو إنها وفرت بالفعل أكثر من 10 ملايين رحلة مدفوعة، في الوقت الذي لا تزال فيه شركات منافسة محتملة مثل أمازون وتسلا تعمل على ضبط تقنيات القيادة الذاتية لديها، إلى جانب مواجهة تحديات أخرى مثل كيفية توسيع أسطولها من المركبات.


البورصة
منذ 26 دقائق
- البورصة
ارتفاع أسعار النفط .. وخام برنت يتجاوز 77 دولارًا
ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات الخميس، مع مهاجمة إسرائيل مواقع نووية إيرانية، واستمرار تبادل الضربات الصاروخية بين الطرفين، في ظل ترقب الأسواق موقف الولايات المتحدة بشأن الانضمام رسميًا إلى الصراع. وصعدت أسعار العقود الآجلة لخام 'برنت' القياسي تسليم أغسطس 1.15% أو 89 سنتًا عند 77.59 دولار للبرميل. كما ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام 'نايمكس' الأمريكي تسليم يوليو بنسبة 1.52% أو 1.14 دولار إلى 76.28 دولار للبرميل. وذكر بنك 'جولدمان ساكس' في مذكرة صدرت أمس، أن علاوة المخاطر الجيوسياسية تُقدّر حاليًا بنحو 10 دولارات للبرميل، نتيجة انخفاض المعروض الإيراني واحتمال حدوث اضطرابات أوسع قد تدفع أسعار برنت إلى ما فوق 90 دولارًا. وحذرت 'هيليما كروفت'، المحللة لدى 'آر بي سي كابيتال' في تصريح لوكالة 'رويترز'، من أن أي شعور بتهديد وجودي لدى إيران قد يرفع من مخاطر استهداف ناقلات النفط والبنية التحتية للطاقة، خاصة إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكريًا.


البورصة
منذ 26 دقائق
- البورصة
الأونكتاد تحذر من تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي إثر حالة عدم اليقين
حذّرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من أن حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المتصاعدة باتت تؤثر بشكل مباشر على تدفقات الاستثمار العالمي، ما يُنذر بتباطؤ أعمق في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة في الدول النامية. وكشف تقرير 'أونكتاد' الصادر اليوم، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 11% خلال عام 2024، مسجلاً بذلك ثاني عام على التوالي من الانخفاض ومؤكدًا استمرار التباطؤ في تدفق رؤوس الأموال. وذلك على الرغم من أن البيانات الإجمالية أظهرت ارتفاعًا بنسبة 4% في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي ليصل إلى 1.5 تريليون دولار، إلا أنها ترجع في معظمها إلى تدفقات مالية مؤقتة عبر قنوات التحويل الأوروبية، والتي لا تُترجم إلى استثمارات حقيقية. وقالت الأمينة العامة للأمم المتحدة للتجارة والتنمية 'ريبيكا غرينسبان' في البيان، إن العديد من الاقتصادات تخلفت عن الركب، ليس لأنها تفتقر إلى الإمكانات، بل لأن النظام المالي يوجه رأس المال إلى حيث يكون الوصول أسهل، وليس إلى حيث تكون الحاجة أشد. وشهدت الاقتصادات المتقدمة انخفاضًا حادًا في الاستثمارات بنسبة 22%، في حين سجلت أمريكا الشمالية ارتفاعًا بنسبة 23% بقيادة الولايات المتحدة. في المقابل، حافظت آسيا على موقعها كأكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي، رغم تراجع طفيف نسبته 3%، بينما سجلت دول جنوب شرق آسيا نموًا بنسبة 10% لتصل تدفقاتها إلى 225 مليار دولار، وهو ثاني أعلى مستوى على الإطلاق.