
اتفاق إيران وإسرائيل.. نواة لعقيدة خارجية جديدة لترامب؟
وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، بدا أن اتفاق التهدئة الذي كان برعاية أمريكية لا يمثل مجرد نزع فتيل للمواجهة المحتدمة، بل قد يكون أول سطر في عقيدة خارجية جديدة لإدارة ترامب الثانية.
عقيدة تمزج بين الحسم العسكري والردع الاستراتيجي والدبلوماسية البراغماتية، فالرئيس الذي طالما وُصف بسياساته الغريزية، يُظهر اليوم ملامح توجه أكثر اتساقًا في إعادة صياغة دور أمريكا العالمي، انطلاقًا من الشرق الأوسط، وصولًا إلى قلب أوروبا الشرقية، بحسب صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أنه خلال حملاته الرئاسية الثلاث، حاول ترامب سد الفجوة الواسعة في ائتلافه الانتخابي بين المحافظين التقليديين في مجال الأمن القومي والانعزاليين من حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" أو "ماغا"، من خلال دعم زيادات كبيرة في الإنفاق الدفاعي مع التأكيد على إحجامه عن استخدام القوة التي قد تُورّط واشنطن في "حروب أبدية".
كان شعار عهد الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان "السلام بالقوة" وسيلة ترامب لإرضاء طرفي تحالفه، لكن الوقائع الجيوسياسية في الشرق الأوسط ربما دفعته إلى استنتاج أن السلام لا ينبع دائمًا من القوة وحدها، بل من التطبيق الاستراتيجي لتلك القوة.
وتُبدد إجراءات ترامب الأخيرة في إيران ودعمه لحلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال قمته الأخيرة في لاهاي فكرة دخول الولايات المتحدة مرحلة انعزالية، بل تُشير إلى ملامح سياسة خارجية وأمنية جديدة ذات تداعيات تتجاوز الشرق الأوسط بكثير.
وفي خطابه أمام حشد من الحزب الجمهوري في أوهايو في 25 يونيو/حزيران الماضي، حاول نائب الرئيس، جيه. دي. فانس، تعريف ما يُمكن تسميته بعقيدة ترامب.
وقال فانس: "أولًا، تُعبّر عن مصلحة أمريكية واضحة، وهي في هذه الحالة، ألا تستطيع إيران امتلاك سلاح نووي.. ثانيًا، تُحاول حل هذه المشكلة دبلوماسيًا بقوة.. ثالثًا، عندما لا يُمكن حلها دبلوماسيًا، تستخدم القوة العسكرية الساحقة لحلها، ثم تُغادر المكان قبل أن يطول أمد الصراع."
ويستحق وصف فانس المُحدد لأفعال ترامب في إيران تفسيرًا أوسع؛ ففي الواقع قد يكون نهج الإدارة تجاه إيران نذيرًا لعقيدة ناشئة لاستخدام محدود للقوة الأمريكية لمساعدة الحلفاء في نقطة تحول حاسمة في صراع ذي أهمية استراتيجية.
وظهر هذا النهج بوضوح في قمة الناتو، حيث بدا ترامب مستمتعًا بنجاح المهمة الإيرانية. وأعرب عن دعمه القوي للناتو في سياق التزام أعضائه بزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير. وخلافًا لكل التوقعات، أيدت واشنطن بيانًا للحلف يُقرّ بالتهديد الأمني الروسي الوشيك لأوروبا، ويؤكد التزام الأعضاء بمساعدة أوكرانيا.
نهج جديد؟
وهناك أربعة أسباب للاعتقاد بأن تدخل ترامب في الشرق الأوسط قد يدفع الإدارة نحو نهج جديد تجاه الحرب الروسية الأوكرانية؛ الأول أن نجاح واشنطن في إفساح المجال لوقف إطلاق النار يُظهر أن النزاعات العدوانية لا يُمكن حلها باللجوء إلى العقلانية أو المجاملة أو المصالح التجارية، بل تتطلب ممارسة ضغط وقوة أمريكيين مكثفين بحسب "فورين بوليسي".
والثاني: أن قصف إيران أحبط حجج الأصوات شبه الانعزالية داخل الإدارة، بما في ذلك فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد الذين يدعمون الآن تبني ترامب لموقف أمريكي أكثر نشاطًا.
وهمش التحرك الأمريكي الانعزاليين من تيار ماغا مثل النائبة مارجوري تايلور غرين، والإعلامي تاكر كارلسون، ومستشار ترامب السابق ستيف بانون الذين عارضوا الناتو وأوكرانيا صراحة أو كان دعمهم فاترا.
أما السبب الثالث، فهو أن عقيدة ترامب الناشئة تتوافق مع آراء قاعدته الانتخابية -كما تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها معهد رونالد ريغان- والتي كشفت أن معظم الناخبين الجمهوريين لا يرفضون المشاركة الأمريكية في العالم لأنهم يدركون التهديدات التي تشكلها الصين وإيران وروسيا، كما أن العديد من الناخبين الجمهوريين يحتفظون باحترام عميق للشجاعة العسكرية.
لكن ما لا يريده ناخبو ترامب هو مشاركة مباشرة للقوات الأمريكية في الصراع كما أنهم يتوقعون تقاسمًا كبيرًا للأعباء من حلفاء الولايات المتحدة.
والسبب الرابع والأخير هو أن الدبلوماسية المُرحّبة التي مارسها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وصلت إلى طريق مسدود وفقا لـ"فورين بوليسي" التي اعتبرت أن نهج ويتكوف أحبط طموحات ترامب في صنع السلام في أوكرانيا.
وكما يُظهر صراعه مع إيلون ماسك، فإن ترامب قادر على الانقلاب سريعًا على حلفائه ونظرائه وبالتالي، فإن التناقض الصارخ بين التنازلات والإغراءات الفاشلة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ناحية، والإجراءات الناجحة والحازمة ضد إيران من ناحية أخرى قد يفتح الباب أمام نهج جديد وقوي تجاه روسيا.
لكن هذا لا يعني تدخلًا عسكريًا أمريكيًا مباشرًا، إنما ينبغي أن يعني فرض عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا وتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية لأوكرانيا، وهو نهج مزدوج اكتسب زخمًا في قمة الناتو الأخيرة.
وبحسب المجلة الأمريكية، فإن أوروبا رفعت التزاماتها المالية للدفاع عن النفس بشكل كبير، وزادت دعمها لأوكرانيا بشكل ملحوظ لتعوض بذلك التخفيضات الكبيرة التي فرضها ترامب في الدعم الأمريكي.
لكنّ إيقاف بوتين يحتاج -أيضا- أن تحصل دول القارة على موافقة ترامب على شراء أسلحة أمريكية لأوكرانيا، وستحتاج واشنطن إلى مواصلة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف.
ومع نجاحه في تحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ووسط تراجع المشاعر الانعزالية داخل قاعدة ماغا، يمتلك ترامب رأس المال السياسي في الداخل والثقل الدبلوماسي في الخارج لتطبيق نهجه الجديد الذي قد يعكس تطبيقه على حرب أوكرانيا الاتجاهات الكارثية التي سادت الأسابيع الأخيرة؛ الأمر الذي سيمنحه القدرة على تحقيق السلام وتحقيق نجاح كبير ثانٍ في سياسته الخارجية.
aXA6IDMxLjU2LjE0Ny4xODMg
جزيرة ام اند امز
US

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
البرازيل: إقامة دولة فلسطينية أساس حل الصراع بالشرق الأوسط
تم تحديثه الأحد 2025/7/6 07:06 م بتوقيت أبوظبي دافع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الأحد، عن إقامة دولة فلسطينية كحل للصراع في الشرق الأوسط. جاء ذلك في كلمة له أمام الجلسة العامة لقمة بريكس والتي حملت عنوان «السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية». وقال دا سيلفا: «لن يكون حل هذا الصراع ممكنا إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة ذات سيادة.. دولة فلسطينية، ضمن حدود عام 1967». وحمّل إسرائيل مسؤولية ما اعتبره "إبادة جماعية" في غزة، مشددا على أن الحل الوحيد يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967. وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، أعاد لولا دا سيلفا تأكيد التزام بلاده بالسلام والحوار، مشيرا إلى الجهود المشتركة مع الصين في إطار مجموعة "أصدقاء السلام". كما دعا إلى 'احترام سيادة إيران'. ويعقد قادة مجموعة الدول الناشئة الكبرى الـ11، ومن بينها البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا، اجتماعهم السنوي الذي يستمر يومين وسط إجراءات أمنية مشددة في خليج غوانابارا، في ظل الحرب التجارية التي باشرها ترامب على وقع رسوم جمركية مشددة. وتعتبر الدول الـ11 بحسب النص الذي ما زال من الممكن تعديله خلال القمة، أن هذه التدابير تهدد بـ"الحد أكثر من التجارة العالمية" و"تؤثر على آفاق التنمية الاقتصادية في العالم". وبذلك، فإن الدول الناشئة التي تمثل نحو نصف سكان العالم و40% من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، تستهدف بصورة واضحة الرئيس الأميركي وسلسلة الرسوم الجمركية المشددة التي أقرها. غير أنها تتفادى ذكر ترامب تحديدا في وقت تخوض دول عديدة من بينها الصين، القوة الأكبر في مجموعة بريكس، مفاوضات مع واشنطن بهذا الصدد. وفي آخر تطورات هذا الملف الطويل، أعلن الرئيس الجمهوري الجمعة أنه وقع رسائل سيبعثها الأسبوع المقبل إلى شركاء الولايات المتحدة التجاريين، تتعلق بتطبيق الرسوم المشددة. ودافع الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا السبت عن النهج التعددي معلنا أنه "بمواجهة عودة الحمائية، يعود للأمم الناشئة أن تدافع عن النظام التجاري التعددي وأن تصلح البناء المالي الدولي". وتوسعت مجموعة بريكس التي أنشئت عام 2009 لتكون قوة مقابلة للغرب تعيد موازنة النظام العالمي لصالح "الجنوب العالمي"، إذ انضمت إليها منذ عام 2023 السعودية ومصر والإمارات وإثيوبيا وإيران، ثم إندونيسيا. وإلى المسائل الجيوسياسية، تسعى الكتلة لتأكيد وزنها الاقتصادي. وفي هذا السياق، تطرح منذ عدة سنوات إمكانية إيجاد بديل للدولار للمعاملات التجارية داخل المجموعة. aXA6IDgyLjI3LjIxMC4xODMg جزيرة ام اند امز LV


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
وزير الخزانة الأمريكي: قريبون من إبرام عدة صفقات تجارية في الأيام المقبلة
قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الأحد، بأن الولايات المتحدة على وشك التوصل إلى اتفاقيات بشأن عدة صفقات تجارية قبل الموعد النهائي المحدد في 9 يوليو، وهو التاريخ الذي ستُطبق فيه الرسوم الجمركية المرتفعة، متوقعاً صدور عدة إعلانات مهمة في الأيام المقبلة. وصرح بيسنت لبرنامج «حالة الاتحاد» على شبكة «سي إن إن» بأن إدارة ترامب سترسل أيضاً رسائل إلى 100 دولة أصغر حجماً لا تربطها بالولايات المتحدة علاقات تجارية كبيرة، تُخطرها فيها بفرض رسوم جمركية أعلى عليها، بدءاً من 2 إبريل، ثم تعليقها حتى 9 يوليو. وأضاف بيسنت: «سيرسل الرئيس ترامب رسائل إلى بعض شركائنا التجاريين يُخبرهم فيها أنه إذا لم تُحرزوا تقدماً، فسوف تعودون في 1 أغسطس إلى مستوى الرسوم الجمركية الذي فرضتموه في 2 إبريل. لذا أعتقد أننا سنشهد العديد من الصفقات قريباً». (رويترز)


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
مقتل 38 فلسطينياً في قصف إسرائيلي متواصل على غزة
قُتل 38 فلسطينيا وأصيب آخرون، منذ فجر يوم الأحد ، في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، وأفاد مصدر طبي في مستشفى الشفاء بأن من بين القتلى 20 شخصا لقوا حتفهم في غارتين إسرائيليتين على منزلين غربي مدينة غزة فجر اليوم. ووفق المركز الفلسطيني للاعلام: "استشهد مواطن وأصيب آخرون بنيران جيش الاحتلال في منطقة الشاكوش شمال غربي رفح" ، مشيرة إلى "استشهاد مواطن وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين بجوار مسجد الألباني غربي مدينة خان يونس". وأشار إلى "استشهاد ثلاثة مواطنين منهم سيدة وإصابة عدد آخر فجر اليوم جرّاء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي التفاح شمال شرقي مدينة غزة" ، لافتا إلى "ارتقاء ثلاثة شهداء في قصف من مسيرة إسرائيلية في مواصي مدينة خان يونس". وأفادت مصادر محلية بـ "استشهاد مواطن وأطفاله الأربعة (12 عامًا) و(10 أعوام) ، و(7 أعوام)، و(6 أعوام) جراء قصف من مسيرة إسرائيلية استهدف خيمتهم في مخيم حياة غربي مدينة خان يونس". جاءت الضربات في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسفر إلى واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض تهدف إلى دفع جهود وقف إطلاق النار إلى الأمام، وفقا لوكالة أسوشيتد برس (أ ب). وفي سياق منفصل، قال مسؤول إسرائيلي إن المجلس الوزاري الأمني المصغر وافق، مساء السبت، على إرسال مساعدات إلى شمال قطاع غزة، حيث يعاني المدنيون من نقص حاد في الغذاء. وامتنع المسؤول عن تقديم مزيد من التفاصيل، وتحدث لأسوشيتد برس بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام حول القرار. من جانبه، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة لهدنة أولية لمدة 60 يوما تتضمن الإفراج الجزئي عن رهائن تحتجزهم حركة حماس، مقابل زيادة المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة. وتنص الهدنة المقترحة على إجراء محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 21 شهرا بشكل كامل.