
شعارٌ لغزة وقذيفةٌ لمنزل مواطن يمني.. جولة في بازار الشعارات الحوثية
وخلال مسيرتهم لم يترك الحوثيون قضية عادلة إلا واتخذوا منها شعارا لتغطية سوء أعمالهم، يفهم اليمنيون ذلك، ويعرفون الميليشيا جيدا منذ أطلقت شعارها الأول "الحفاظ على المذهب الزيدي من مد الوهابية" أواخر القرن العشرين في محافظة صعدة بأقصى الشمال اليمني، مرورا بشعار "مظلومية صعدة" وعشرات الشعارات بين ذلك وبين شعار "إسقاط الجرعة" الذي أخفت خلفه مطامع اجتياح صنعاء والسيطرة على البلاد وإشعال الحرب، وليس انتهاءً بشعار "إسناد غزة".
في منتصف ٢٠٢٣، عثر مواطنون على ١٦ جثة لمواطنين في جرف بمديرية حرف سفيان، شمال محافظة عمران، بعد ١٣ عاما على اختفائهم، كان الحوثيون قد قتلوهم وأخفوهم، وكانت الذريعة أنهم ذاهبون "للقتال مع البشمركة وصغير بن عزيز"، وفق اعتراف القيادي الحوثي البارز يوسف المداني للقبائل لاحقا. ليذكرنا بشماعة القتال في تلك المرحلة "البشمركة"، وهو المسمى الذي استعاروه من اسم القوات الكردية لتخويف الناس من القبائل والجيش الذي كان يواجههم في الحرب السادسة عام ٢٠١٠.
وهكذا، ابتكروا في كل مرحلة شعارا ليغطوا جرائمهم، وكما كان "إسقاط الجرعة" غطاء لمئات الجرائم من إسقاط للدولة ونهب الممتلكات وتفجير البيوت والمساجد والقتل واستباحة البلاد، والذي تغير بمجرد تدخل تحالف دعم الشرعية إلى "التصدي للعدوان" و"الحج بالبنادق" التي لم يذهب ضحاياها سوى يمنيين، يأتي شعار "نصرة غزة" مؤخرا للهدف نفسه.
ففي بلدة المعذب بمديرية السلفية في محافظة ريمة، قُتل الشيخ حنتوس، أحد أبرز مشايخ تعليم القرآن في منطقته، في عملية اقتحام نفذتها ميليشيا الحوثي مطلع يوليو الجاري، بعد يوم من الحصار والقصف الذي شاركت فيه عشرات الأطقم المسلحة، وجُرحت زوجته خلاله، وقُتل أحد أحفاد أخيه.
حاصر الحوثيون القرية، وقصفوا، واختطفوا جثمان الشيخ، واقتادوا رجال القرية إلى جهات مجهولة، فيما تُركت النساء وسط وضع إنساني بالغ القسوة، في الوقت نفسه الذي كان متحدث الميليشيا يلقي بيانا يتحدث فيه عن ما زعم أنه إطلاق صاروخ إلى دولة الكيان الإسرائيلي؛ نصرة لغزة.
الصاروخ الحوثي لم يحدث شيئا في إسرائيل، لكن قذائف الجماعة قتلت الشيخ، وكانت التهمة الرسمية التي ساقتها الجماعة ضده: التحريض على الفوضى ورفض مواقف الجماعة الداعمة للقضية الفلسطينية.
اتهامٌ أثار موجة سخرية وغضب في أوساط يمنية وعربية، فالشيخ حنتوس كان من أكثر الداعمين للمقاومة الفلسطينية، منذ عقود، عبر جمع التبرعات وإقامة المحاضرات والندوات الداعمة، لكنه دعمٌ لم يمر عبر "النسخة المعتمدة" من التضامن الحوثي.
في بيان لشرطة الجماعة بمحافظة ريمة، قالت الميليشيا إن الشيخ كان يمارس التحريض ضد ما وصفته بـ"الدولة والشعب اليمني الداعمين لفلسطين"، وأضافت أن "حملة أمنية" داهمت منزله بعد رفضه لإنذارات سابقة.
كتب الصحفي الفلسطيني ياسر الزعاترة: "لا أسوأ من الجريمة غير تبريرها... حشر فلسطين في السياق ضرب من الابتذال والإساءة لقضيتها". أما الصحفي العراقي عثمان المختار فاستعاد جريمة مشابهة في العراق عام 2006، حين قُتل محفظ قرآن آخر على يد ميليشيا محلية، ليقول إن "الوجع يتكرر بتوقيع المليشيات ذاتها، مهما اختلفت الأسماء".
هذه المفارقة المؤلمة دفعت فاطمة المسوري زوجة الشيخ، حنتوس، وهي الأخرى معلّمة قرآن، إلى أن تصرخ: "أخبروا من صدّق الحوثي بنصرة غزة، أن عبدالملك يفعل بنا ما يفعله نتنياهو بأهلنا في غزة"، العبارة التي تداولها يمنيون وعرب بكثافة، لخصت الخديعة الكبرى التي سقط فيها كثيرون ممن انبهروا بصواريخ الجماعة، ونسوا أن تلك الصواريخ لم تجرح جنديا إسرائيليا، بينما قتلت دعاة ونشطاء ومواطنين ودمرت قرى ومساجد داخل اليمن.
وما حدث في ريمة، بحسب مراقبين وناشطين، لا يمكن فصله عن استراتيجية حوثية إيرانية أوسع: استخدام الشعارات الكبرى لتبرير القمع الداخلي، وفي سوق الشعارات الحوثية، كل شيء يُعاد تأويله وتطويعه لخدمة مشروع سياسي مغلق على فكرة "الحق الإلهي" في السلطة والحكم.
الصحفي علي الفقيه كتب على حسابه بمنصة إكس: "كل قرآن لا يثبت لهم الولاية ويمنحهم الأحقية الحصرية في الحكم والعلم إلى الأبد هو ليس قرآنًا بنظرهم ولا يعنيهم. الله والنبي وعلي والقدس والأقصى وكل المقدسات بالنسبة لهذه الجماعة مجرد يافطات لدكانهم الكبير".
وتكشف حادثة ريمة عن سلوك طويل الأمد، اتخذته الجماعة منذ سنوات، في استهدافها للمساجد ودور تحفيظ القرآن والعلماء المستقلين، لكن في حالة حنتوس، تضاعفت رمزية الجريمة: رجل أعزل، سبعيني، قضى عمره في التعليم، يُقتل لأنه لم يسلم المنبر للميليشيا.
يقول صحفيون وناشطون، إن الدرس الذي قدّمه الشيخ صالح حنتوس بدمه، وكما كان درسا في العقيدة والشموخ والإباء والعزة والكرامة والثبات، هو أيضا درس في الإدراك السياسي، لقد كشف أن شعار "المقاومة" يمكن أن يُستخدم كقيد، وأن اسم "القرآن" يمكن أن يُحوّل إلى رخصة للقتل، وأن القدس يمكن أن تُستدعى لتبرير تدمير قرية يمنية أو قتل شيخ أعزل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة اليمنية
منذ 39 دقائق
- وكالة الصحافة اليمنية
'نتنياهو': لن أقبل بصفقة سيئة لتبادل الأسرى
القدس المحتلة/وكالة الصحافة اليمنية// في أول تصريحات له منذ استئناف المفاوضات غير المباشرة حول وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي 'بنيامين نتنياهو' إنه لم يتجاهل التحذيرات بشأن وجود تهديدات وشيكة من حركة حماس قبل هجوم 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أنه اتخذ قرارات صعبة رغم معارضة عدد من كبار المسؤولين الأمنيين. وأوضح 'نتنياهو' خلال جلسة مغلقة مع أعضاء من اليمين في 'الكنيست'، أنه عمل ضد توصيات بعض الجهات الرسمية التي كانت تؤيد انسحاب الجيش من مواقع حساسة في غزة قبل العملية، في إشارة إلى اتهامات وُجهت له مؤخرًا بالتقاعس الأمني والإهمال الاستخباري الذي مهد الطريق لعملية 'طوفان الأقصى'. صفقة جيدة فقط وفي ما يتعلق بالمفاوضات الجارية بشأن التهدئة وتبادل الأسرى، شدد 'نتنياهو' على أنه لن يوافق على أي صفقة سيئة، قائلاً: 'أوافق فقط على صفقة جيدة… الصفقات السيئة لن أقبل بها'، في إشارة إلى تمسكه بشروط أكثر تشددًا من تلك التي يتم تداولها حاليًا عبر الوسطاء الدوليين. تصريحاته تعكس انقسامًا داخل الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، لا سيما مع ضغط بعض أعضاء المجلس الوزاري المصغر 'الكابينيت' لتقديم تنازلات تسمح بعودة الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف إطلاق نار طويل الأمد، وهي مسألة لا تحظى بإجماع داخلي حتى الآن. 'لا مكان لحماس في غزة' وفي ختام تصريحاته، كرر 'نتنياهو' موقفه الرافض لعودة أي دور لحركة حماس في إدارة قطاع غزة، قائلاً: 'يجب أن يتم حكم غزة من قِبل أشخاص لا يريدون تدمير إسرائيل'، مؤكدًا تمسكه برؤية سياسية تقوم على نزع سلاح المقاومة وإعادة تشكيل السلطة الحاكمة في غزة بما يتوافق مع المصالح 'الإسرائيلية'. خلفية سياسية ضاغطة


اليمن الآن
منذ 44 دقائق
- اليمن الآن
تمديد بعثة الأممية في الحديدة إلى يناير 2026
رغم الانتقادات المتزايدة لأدائها، صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، الإثنين، على تمديد البعثة الأممية في الحديدة إلى يناير/كانون الثاني 2026. واعتمد مجلس الأمن الدولي، -بعد تصويت أعضائه الـ15- قرارًا، مدّد بموجبه ولاية ومهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، لمدة ستة أشهر تنتهي في 28 يناير/كانون الثاني 2026. جاء التصويت على مسودة مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا (صاحبة القلم في الملف اليمني) على تمديد البعثة الأممية في الحديدة رغم الانتقادات والسجال الذي دار بين ممثلي الدول الدائمة بشأن أداء البعثة، مع مطالبة بعض الأطراف بإنهاء مهامها التي باتت شكلية وتخدم مليشيات الحوثي. وكان من المفترض أن تنتهي ولاية البعثة الأممية في الحديدة اليوم، 14 يوليو/تموز الجاري، بموجب القرار الصادر العام الماضي. وتأسست بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA) في يناير/ كانون الثاني 2019، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2452، عقب توقيع اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي. وتقول الحكومة اليمنية إن "بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لم تحقق أي إنجاز ملموس في الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، وتجاوزتها الأحداث على الأرض". كما "أخفقت البعثة في إحراز أي تقدم حقيقي في تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم الموقع في ديسمبر/كانون الأول 2018، والذي نص على وقف إطلاق النار وإعادة نشر القوات خارج المدينة والموانئ، وعدم استقدام تعزيزات عسكرية، وإزالة المظاهر المسلحة".


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
الشركة اليمنية للغاز تغلق محطات في عدن وتحيل ممثلها بلحج للتحقيق بتهمة التهريب
يمن ديلي نيوز : أعلنت الشركة اليمنية للغاز المسال، اليوم الاثنين 14 يوليو/تموز، إغلاق ثلاث محطات غاز في محافظة عدن (العاصمة المؤقتة لليمن)، وإيقاف ممثلها في لحج وإحالته للتحقيق على خلفية ضبط ثلاث مقطورات كانت في طريقها إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية. ويوم السبت المنصرم 12 يوليو، ضبطت وحدة أمنية في محافظة لحج، ثلاث مقطورات محمّلة بالغاز كانت تم إيقافها لعدم امتلاكها الوثائق والتراخيص اللازمة، وأُعيدت إلى محافظة عدن. ووفقًا لوكالة الأنباء اليمنية سبأ، قالت الشركة إنها أقرت بإخراج المقطورات الثلاث المضبوطة، والتي تحمل الأرقام '89، 602، 801″، عن الخدمة، وإيقاف المحطات المخصصة لها في محافظة عدن، وهي: محطة الصوفي، محطة ستار أونك ميدي، ومحطة داتكو. وأرجعت الشركة سبب إيقاف المحطات إلى قيامها باستغلال بيع الغاز المنزلي لتهريبه إلى مناطق جماعة الحوثي، مما تسبب في زيادة الأزمة والاختناقات بمادة الغاز المنزلي في العاصمة المؤقتة عدن. ووفقًا للشركة، فإن المقطورة الأولى رقم (89) تم تحميلها من صافر بتاريخ 31 مايو 2025م بأمر تحميل رقم (1387975) بكمية قدرها (22.71) طن، موزعة إلى محطة الصوفي في عدن، ووصلت المحطة بتاريخ 2 يونيو برقم سند (7841) بحسب بلاغ المحطة. فيما تم تحميل المقطورة الثانية رقم (602) بتاريخ 12 أبريل بأمر تحميل رقم (1385429) بكمية قدرها (25.62) طن، موزعة إلى محطة ستار أونك ميدي، ووصلت المحطة بتاريخ 19 أبريل بحسب بلاغ المحطة برقم سند (267). أما المقطورة الثالثة رقم (801)، فتم تحميلها من صافر بتاريخ 20 مايو بأمر تحميل رقم (1387382) بكمية قدرها (25.45) طن، موزعة إلى محطة داتكو عدن، ووصلت المحطة بتاريخ 30 مايو بحسب بلاغ المحطة وبرقم سند (2336). ودعت الشركة الأجهزة والوحدات الأمنية والعسكرية، بضبط أي مقطورة تحاول العبور إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إلا بموجب التصاريح الرسمية لحمولتها ووجهتها والمحطة المخصصة لها. وقالت الشركة إنها ستتخذ الإجراءات القاسية والرادعة من إغلاق وإيقاف، بحق كل محطة أو مقطورة يتم ضبطها بشكل مخالف أو يثبت تورطها في المتاجرة بمادة الغاز المنزلي في السوق السوداء أو تهريبها إلى مناطق الحوثيين. مرتبط الشركة اليمنية للغاز المسال تهريب الغاز صافر