logo
الحرب الهندية - الباكستانية وانعكاساتها على الكويت

الحرب الهندية - الباكستانية وانعكاساتها على الكويت

منذ انفصال الهند وباكستان عام 1947، إثر نهاية الاستعمار البريطاني، لم تعرف شبه القارة الهندية الاستقرار الكامل.
ثلاث حروب كبرى (1947,1965,1971)، إضافة إلى صراع كارغيل 1999، ونزاعات مستمرة حول كشمير، وتوترات دينية داخلية، جعلت العلاقة بين الجارتين النوويتين في حالة اشتعال دائم.
ورغم أن جغرافية الخليج العربي بعيدة نسبياً عن مسرح المواجهة، فإن الكويت – مثل باقي دول مجلس التعاون – تتأثر بعمق بكل تصعيد عسكري أو سياسي بين نيودلهي وإسلام آباد، سواء على مستوى الاقتصاد، أو الأمن، أو التوازن الدبلوماسي.
وتضم الكويت أكثر من مليون عامل من شبه القارة الهندية، موزعين بين الهند، وباكستان، وبنغلادش.
أي صدام عسكري بين الهند وباكستان لا يظل حبيس الجغرافيا، بل ينعكس في توتر اجتماعي بين الجاليات، حيث تتضارب الانتماءات داخل بيئة العمل والمعيشة، ما يضع عبئاً إضافياً على الأجهزة الأمنية الكويتية للحفاظ على الاستقرار الأهلي وتعطل التحويلات المالية، التي تُعد شرياناً اقتصادياً لعائلات هؤلاء العمال في وطنهم، ما يؤثر على البنوك المحلية وشركات الصرافة، ويسبب إرباكاً في سوق العمل المحلي، في حال تأثر استقدام العمالة الجديدة أو عودة الآلاف إلى أوطانهم بسبب المخاوف الأمنية.
وهنا، تصبح الحاجة ملحّة لوجود سياسات داخلية وقائية تُحافظ على النسيج الاجتماعي، وتمنع تصدير النزاعات الإقليمية إلى الشارع الكويتي.
وعلى الرغم من أن الكويت لا تشارك في النزاع بشكل مباشر، فإنها لا تملك مناعة كاملة من ارتداداته فالهند وباكستان من أهم أسواق النفط الكويتي، وأي اضطراب في الاستقرار الاقتصادي بهاتين الدولتين يعني تراجع الطلب على الطاقة، وبالتالي انخفاض العائدات النفطية.
كما أن ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في جنوب آسيا ينعكس على أسواق المال العالمية، مما يؤثر على الاستثمارات الكويتية الخارجية، وخصوصاً في صناديق الأسهم والبنية التحتية، وكذلك تذبذب سلاسل الإمداد، خاصة في قطاعي الأدوية والغذاء، حيث تستورد الكويت جزءاً كبيراً من هذه السلع من الهند.
وهذا يدفع الكويت إلى إعادة التفكير في أمنها الغذائي والدوائي، وتنويع شركائها التجاريين تجنباً للوقوع في فجوة حرجة أثناء أي أزمة إقليمية.
وعلى المستوى الدبلوماسي، تلتزم الكويت بالحياد الإيجابي، لكن صراعاً بين قوتين نوويتين في آسيا يفرض عليها تحديات دقيقة، والهند شريك اقتصادي مهم ومتنامٍ، وتتمتع بعلاقات دبلوماسية قوية مع دول الخليج، كما أن باكستان حليف تاريخي وديني، ولعبت دوراً أمنياً في الدفاع عن الخليج منذ السبعينيات، بما في ذلك مشاركة قواتها في حماية المنشآت الكويتية في فترات حرجة.
وفي حال اندلاع حرب موسعة، تضطر الكويت إلى موازنة موقفها السياسي بعناية، وقد تجد نفسها مضطرة إلى تحديد مواقف أكثر وضوحاً ضمن التكتلات الخليجية أو الدولية، وهو ما قد يضعها أمام خيارات صعبة.
وما يحدث بين الهند وباكستان ليس مجرد صراع بعيد، إنما مؤشر خطير على هشاشة التوازنات العالمية، ودعوة مفتوحة للكويت لتعيد بناء مناعتها الاستراتيجية. ومن أبرز الدروس:
• أهمية تنويع مصادر العمالة والتقليل من الاعتماد المفرط على جنسية واحدة.
• إنشاء خطط طوارئ أمنية داخلية، لمنع الاحتكاك بين الجاليات في حالات النزاع.
• تبني سياسة استباقية في تأمين الغذاء والدواء، من خلال توطين الصناعات الأساسية أو الاستيراد من أسواق بديلة أكثر استقرارا.
• تفعيل الدبلوماسية الوقائية، عبر لعب دور وساطة إن أمكن، أو على الأقل دعم المسارات الأممية في منع التصعيد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحرب الهندية - الباكستانية وانعكاساتها على الكويت
الحرب الهندية - الباكستانية وانعكاساتها على الكويت

الجريدة

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجريدة

الحرب الهندية - الباكستانية وانعكاساتها على الكويت

منذ انفصال الهند وباكستان عام 1947، إثر نهاية الاستعمار البريطاني، لم تعرف شبه القارة الهندية الاستقرار الكامل. ثلاث حروب كبرى (1947,1965,1971)، إضافة إلى صراع كارغيل 1999، ونزاعات مستمرة حول كشمير، وتوترات دينية داخلية، جعلت العلاقة بين الجارتين النوويتين في حالة اشتعال دائم. ورغم أن جغرافية الخليج العربي بعيدة نسبياً عن مسرح المواجهة، فإن الكويت – مثل باقي دول مجلس التعاون – تتأثر بعمق بكل تصعيد عسكري أو سياسي بين نيودلهي وإسلام آباد، سواء على مستوى الاقتصاد، أو الأمن، أو التوازن الدبلوماسي. وتضم الكويت أكثر من مليون عامل من شبه القارة الهندية، موزعين بين الهند، وباكستان، وبنغلادش. أي صدام عسكري بين الهند وباكستان لا يظل حبيس الجغرافيا، بل ينعكس في توتر اجتماعي بين الجاليات، حيث تتضارب الانتماءات داخل بيئة العمل والمعيشة، ما يضع عبئاً إضافياً على الأجهزة الأمنية الكويتية للحفاظ على الاستقرار الأهلي وتعطل التحويلات المالية، التي تُعد شرياناً اقتصادياً لعائلات هؤلاء العمال في وطنهم، ما يؤثر على البنوك المحلية وشركات الصرافة، ويسبب إرباكاً في سوق العمل المحلي، في حال تأثر استقدام العمالة الجديدة أو عودة الآلاف إلى أوطانهم بسبب المخاوف الأمنية. وهنا، تصبح الحاجة ملحّة لوجود سياسات داخلية وقائية تُحافظ على النسيج الاجتماعي، وتمنع تصدير النزاعات الإقليمية إلى الشارع الكويتي. وعلى الرغم من أن الكويت لا تشارك في النزاع بشكل مباشر، فإنها لا تملك مناعة كاملة من ارتداداته فالهند وباكستان من أهم أسواق النفط الكويتي، وأي اضطراب في الاستقرار الاقتصادي بهاتين الدولتين يعني تراجع الطلب على الطاقة، وبالتالي انخفاض العائدات النفطية. كما أن ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في جنوب آسيا ينعكس على أسواق المال العالمية، مما يؤثر على الاستثمارات الكويتية الخارجية، وخصوصاً في صناديق الأسهم والبنية التحتية، وكذلك تذبذب سلاسل الإمداد، خاصة في قطاعي الأدوية والغذاء، حيث تستورد الكويت جزءاً كبيراً من هذه السلع من الهند. وهذا يدفع الكويت إلى إعادة التفكير في أمنها الغذائي والدوائي، وتنويع شركائها التجاريين تجنباً للوقوع في فجوة حرجة أثناء أي أزمة إقليمية. وعلى المستوى الدبلوماسي، تلتزم الكويت بالحياد الإيجابي، لكن صراعاً بين قوتين نوويتين في آسيا يفرض عليها تحديات دقيقة، والهند شريك اقتصادي مهم ومتنامٍ، وتتمتع بعلاقات دبلوماسية قوية مع دول الخليج، كما أن باكستان حليف تاريخي وديني، ولعبت دوراً أمنياً في الدفاع عن الخليج منذ السبعينيات، بما في ذلك مشاركة قواتها في حماية المنشآت الكويتية في فترات حرجة. وفي حال اندلاع حرب موسعة، تضطر الكويت إلى موازنة موقفها السياسي بعناية، وقد تجد نفسها مضطرة إلى تحديد مواقف أكثر وضوحاً ضمن التكتلات الخليجية أو الدولية، وهو ما قد يضعها أمام خيارات صعبة. وما يحدث بين الهند وباكستان ليس مجرد صراع بعيد، إنما مؤشر خطير على هشاشة التوازنات العالمية، ودعوة مفتوحة للكويت لتعيد بناء مناعتها الاستراتيجية. ومن أبرز الدروس: • أهمية تنويع مصادر العمالة والتقليل من الاعتماد المفرط على جنسية واحدة. • إنشاء خطط طوارئ أمنية داخلية، لمنع الاحتكاك بين الجاليات في حالات النزاع. • تبني سياسة استباقية في تأمين الغذاء والدواء، من خلال توطين الصناعات الأساسية أو الاستيراد من أسواق بديلة أكثر استقرارا. • تفعيل الدبلوماسية الوقائية، عبر لعب دور وساطة إن أمكن، أو على الأقل دعم المسارات الأممية في منع التصعيد.

اشتباك نووي على الأبواب.. 75 عاماً من النزاع الهندي-الباكستاني
اشتباك نووي على الأبواب.. 75 عاماً من النزاع الهندي-الباكستاني

شفق نيوز

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

اشتباك نووي على الأبواب.. 75 عاماً من النزاع الهندي-الباكستاني

شفق نيوز/ في جنوب آسيا، يعود شبح الحرب ليخيّم من جديد على العلاقة المضطربة بين الهند وباكستان، في أعقاب تبادل ناري غير مسبوق عبر الحدود، هو الأخطر منذ معركة كارغيل في عام 1999. لم يكن ما جرى مجرد مناوشة تقليدية في كشمير، بل ضربات جوية وصاروخية طالت العمق الباكستاني، ورد باكستاني مماثل، وسط مشهد يُنذر بانزلاق نووي. عند استقلال الهند، الدولة ذات الغالبية الهندوسية والنظام الديمقراطي البرلماني، وباكستان، التي تأسست كدولة ذات غالبية مسلمة على أساس الهوية الدينية، عن بريطانيا عام 1947، نشأت بينهما خصومة جيوسياسية عميقة تمحورت حول إقليم كشمير المتنازع عليه. وفيما مالت الهند منذ عقود نحو سياسة عدم الانحياز مع تقارب تدريجي مع الاتحاد السوفياتي ثم الغرب، اختارت باكستان التحالف مع الولايات المتحدة ثم عززت لاحقاً شراكتها الاستراتيجية مع الصين. ومنذ التقسيم، خاض البلدان أربعة حروب شاملة، إضافةً إلى اشتباكات حدودية متكررة، كان لكل منها أسبابها ونتائجها التي رسّخت خطوط التقسيم وعمّقت العداء التاريخي بين الجانبين. عاد التوتر ليخيم على جنوب آسيا، حيث تبادلت الهند وباكستان قصفًا ناريًا في أخطر مواجهة بينهما منذ معركة كارغيل عام 1999، عندما وقع هجوم في 22 أبريل في منطقة بهلغام جنوب كشمير، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا هنديًا، حيث تتهم نيو دلهي جماعة TRF المدعومة من باكستان بالوقوف وراء الاعتداء، فيما تنفي إسلام آباد أي ضلوع مباشر. ردت الهند فجر 7 مايو بغارات جوية وصاروخية طالت أهدافًا قالت إنها لمعسكرات مسلحين داخل باكستان، ليتبعها قصف باكستاني مضاد، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدهور في العلاقات الدبلوماسية. حرب 1947–1948 (حرب كشمير الأولى) اندلعت أول حرب بين الهند وباكستان مباشرةً بعد التقسيم عام 1947 نتيجة نزاعهما على ولاية جامو وكشمير الأميرية. حاولت باكستان دعم تمرد في كشمير عقب انضمام حاكمها إلى الهند، فتدخلت قوات قبَلية باكستانية ثم نظامية، وردّت الهند بإرسال جيشها إلى الإقليم. استمر القتال من أكتوبر 1947 حتى نهاية عام 1948، قبل أن تتوسط الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. انتهت الحرب بتوقيع اتفاق كراتشي 1949 الذي رسم خطًا لوقف إطلاق النار عبر كشمير، أصبح لاحقًا خط التحكم (LoC) الفاصل بين سيطرة البلدين. بموجب ذلك، بقيت مناطق وادي كشمير وجامو ولداخ تحت السيطرة الهندية (سُمّيت ولاية جامو وكشمير)، في حين سيطرت باكستان على أجزاء غرب كشمير (منها ما يُعرف بـ'آزاد كشمير' وغيلغت بلتستان). شكّل هذا التقسيم أساس النزاع المزمن، إذ اعتبرته باكستان غير عادل واستمرت بالمطالبة بكامل كشمير ذات الأغلبية المسلمة، بينما تمسكت الهند بأحقيتها في الإقليم. حرب 1965 (الحرب الهندية-الباكستانية الثانية) تصاعد التوتر مجددًا في منتصف الستينيات على خلفية مناوشات حدودية ومشروع باكستاني لزعزعة الحكم الهندي في كشمير. في أغسطس 1965 أطلقت باكستان عملية سرية باسم عملية جبل طارق بإرسال قوات خاصة ومتسللين إلى القسم الهندي من كشمير بهدف تأجيج تمرد ضد الحكم الهندي. سرعان ما تطور الأمر إلى حرب شاملة بعدما شنت الهند هجومًا مضادًا واسعًا اخترق الحدود الدولية باتجاه إقليم البنجاب الغربي في باكستان. دارت معارك ضارية بريًا وجويًا استمرت 17 يومًا خلال سبتمبر 1965، وأسفرت عن آلاف القتلى من الجانبين دون تحقيق نصر حاسم لأي طرف. تحت ضغوط دولية، وافق الطرفان على وقف القتال وعُقدت قمة طشقند بوساطة سوفياتية في يناير 1966، حيث وُقّع إعلان طشقند الذي أكد إعادة كل طرف قواته خلف حدود وقف إطلاق النار لعام 1949 والعودة إلى الوضع السابق للحرب. نتيجة لذلك، عادت الأوضاع الحدودية بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب. ورغم عدم تغيّر الحدود، أدت الحرب إلى رفع وتيرة سباق التسلح بين البلدين وتعزيز كل منهما لعلاقاته الدولية (حيث شعرت باكستان بخيبة أمل من موقف أميركا وبريطانيا المحايد فاتجهت أكثر نحو الصين، فيما زادت الهند تقاربها مع الاتحاد السوفياتي). حرب 1971 (حرب تحرير بنغلاديش) اندلعت الحرب الثالثة والأكبر بين الهند وباكستان عام 1971 وكانت مختلفة عن سابقاتها في أسبابها ومسارحها. فخلافًا للحربين السابقتين اللتين تمحورتا حول كشمير، جاءت حرب 1971 على خلفية أزمة داخلية في باكستان نفسها؛ إذ انتفض السكان البنغاليون في جناح باكستان الشرقية مطالبين بالاستقلال بسبب التمييز السياسي والقمع الذي واجهوه من السلطة المركزية في غرب باكستان. دعمت الهند بقوة حركة القوميين البنغاليين (متمثلة بـ"عصبة أوافامي") سياسيًا وعسكريًا، ومع تصاعد الصراع الداخلي عبرت القوات الهندية الحدود الشرقية في ديسمبر 1971 لدعم المقاتلين البنغاليين. حققت الهند وقوات المقاومة البنغالية انتصارًا سريعًا وحاسمًا أدى إلى انهيار القوات الباكستانية في الشرق وإعلان استقلال جمهورية بنغلاديش الشعبية في أواخر ذلك العام. تكبدت باكستان هزيمة قاسية وتم أسر نحو 90 ألفًا من جنودها في الحرب. ورغم قصر مدة الحرب (استغرقت حوالي أسبوعين من العمليات الرئيسية)، تقدر الخسائر البشرية الإجمالية (غالبيتها من المدنيين البنغال الذين قتلهم الجيش الباكستاني قبل التدخل الهندي) بحوالي 3 ملايين قتيل – وهو رقم لا يزال موضع جدل تاريخي لكنه مشهور في الخطاب البنغالي. في العام التالي 1972 وقع الطرفان اتفاقية شملا التي كرست وقف إطلاق النار الجديد ورسمت خط السيطرة الحالي في كشمير مكان خط وقف إطلاق النار السابق. نصت الاتفاقية أيضًا على اعتبار خط السيطرة حدودًا مؤقتة بين البلدين وعلى حل الخلافات سلميًا، لكن هذا الخط بقي عمليًا الحد الفاصل الدائم في كشمير منذ ذلك الحين. مثّل انتصار الهند في 1971 نقطة تحول كبرى أضعفت باكستان سياسيًا وعسكريًا، وفي المقابل عززت مكانة الهند الإقليمية. وبعد الحرب دخل البلدان النادي النووي: أجرت الهند أول اختبار نووي لها عام 1974، فيما سعت باكستان بشكل محموم للحاق بها إلى أن نجحت في تفجير قنبلتها النووية الأولى عام 1998 – لتصبح الدولتان قوتين نوويتين متواجهتين. حرب كارغيل 1999 (الصراع المحدود في كارغيل) في منتصف عام 1999 تجدّدت المواجهة المسلحة بين الهند وباكستان في منطقة كارغيل الجبلية شمال كشمير، فيما اعتُبر أخطر تصعيد عسكري بينهما بعد عقود من حرب 1971. تسللت قوات خاصة باكستانية ومسلحون موالون لها خلال الشتاء إلى مناطق استراتيجية على قمم جبال كارغيل داخل الجانب الهندي من خط السيطرة، مستغلين فراغ المواقع الهندية خلال موسم الثلوج. مع ذوبان الثلوج في مايو 1999، تفاجأت الهند باحتلال تلك المرتفعات وبدأت هجومًا مضادًا شرسًا لاستعادتها. شهد النزاع معارك عنيفة على ارتفاعات شاهقة استخدمت فيها المدفعية والطيران الحربي لدعم القوات البرية في التضاريس الوعرة. تمكنت القوات الهندية خلال أسابيع من استعادة معظم المواقع المخترَقة، وسط خسائر بشرية فادحة قُدرت بنحو 1000 قتيل من الجانبين. وإثر ضغوط دبلوماسية شديدة ووساطة أميركية، اضطرت باكستان إلى سحب ما تبقى من قواتها من مناطق كارغيل بحلول يوليو 1999. انتهى الصراع بتحقق الهدف الهندي في إعادة ترسيم الوضع السابق على خط السيطرة، لكن الحادث أدى إلى توتر سياسي داخلي في باكستان (حيث وُجهت اتهامات للقيادة العسكرية بالمغامرة الفاشلة) وأسهم في وقوع انقلاب عسكري أطاح بالحكومة المدنية هناك أواخر 1999. تعتبر حرب كارغيل محدودة زمنياً وجغرافياً مقارنة بالحروب السابقة، لكنها كانت أول مواجهة عسكرية كبيرة بين قوتين نوويتين في التاريخ (حيث أجرت الدولتان تجاربهما النووية قبلها بعام واحد فقط)، مما أثار قلقًا عالميًا من احتمال الانزلاق إلى حرب أوسع تشمل أسلحة نووية. وقد أكدت أحداث كارغيل الحاجة الملحة للحوار، فاستؤنفت المفاوضات الثنائية لاحقًا وإن ظلت هشّة. على الرغم من توقف الحروب الشاملة بعد كارغيل، لم ينعم شبه القارة بالسلام؛ إذ ظلت كشمير بؤرة توتر مستمر وشهد خط السيطرة الفاصل بين شطريها اشتباكات متقطعة وتصعيدات خطيرة خلال العقدين التاليين. التوازن العسكري والنووي تملك الهند قوة عسكرية ضخمة يبلغ تعدادها 1.4 مليون جندي، فيما تعتمد باكستان على جيش قوامه نحو 650 ألف جندي ومساندة من قوات شبه عسكرية. البلدان يمتلكان ترسانات نووية متكافئة تقارب 170 رأسًا لكل طرف. الهند تتفوق في سلاح الجو والمعدات الثقيلة، بينما تراهن باكستان على قدرات صاروخية حديثة وتحالفات خارجية، أبرزها مع الصين. رغم التلويح بالقوة، غالبًا ما يتدخل المجتمع الدولي لتطويق الأزمات. ومع ذلك، يشير محللون إلى أن استمرار الهجمات وتزايد الخطاب القومي قد يدفع الطرفين إلى مواجهة يصعب احتواؤها. بشكل عام، ظلت الجبهة الكشميرية مشتعلة تحت الرماد في العقدين الأخيرين. فإلى جانب الاشتباكات العسكرية، استمرت أعمال العنف داخل كشمير الهندية (تمرد انفصالي وحملة قمع هندية)، وتبادل الطرفان الاتهامات بدعم الإرهاب عبر الحدود. كل ذلك أبقى المنطقة في حالة استنفار دائم، وجعل أي هجوم كبير (مثل پلواما 2019 أو بهلغام 2025) مرشحًا لإعادة إشعال النزاع بين الدولتين المسلحتين نوويًا. وفي القسم التالي نستعرض القدرات العسكرية الحالية لكل من الهند وباكستان والتي تشكل الخلفية لأي مواجهة بينهما. أحداث 2025 في سياقها التاريخي شهدت العلاقات الهندية-الباكستانية تصعيدًا خطيرًا للغاية في الأسابيع الأخيرة، بلغ ذروته في يومي 6 و7 مايو 2025 بتبادل القصف عبر الحدود وتنفيذ ضربات صاروخية وجوية غير مسبوقة منذ سنوات. بدأت الأزمة الحالية في 22 أبريل 2025 حين وقع هجوم مسلح دامٍ في منطقة بهلغام السياحية بجنوب كشمير (الخاضعة للهند). استهدف الهجوم حافلات تقل سياحًا هندوس في وادي بيساران قرب بلدة بهلغام، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا وإصابة 17 آخرين. أعلنت جماعة تُدعى "جبهة مقاومة كشمير" (TRF) مسؤوليتها عن الهجوم، وهي جماعة متشددة تُعتبر واجهة لتنظيم Lashkar-e-Taiba المتمركز في باكستان. أثار هذا الهجوم الأكبر من نوعه منذ سنوات صدمة وغضبًا في الهند، وسارعت نيودلهي إلى اتهام عناصر في باكستان بدعمه. نفى المسؤولون الباكستانيون أي صلة لهم بالأمر، لكن ذلك لم يمنع اندلاع أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين. تبادل الطرفان إجراءات عقابية شملت: طرد دبلوماسيين، وخفض مستوى التمثيل الرسمي، وإغلاق بعض المعابر، بل وأقدمت الهند لأول مرة على تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند (الموقعة عام 1960) مُلوحةً باستغلال حصتها المائية كاملةً. وردّت باكستان بخطوات مثل تعليق اتفاقية شملا 1972 (التي تؤطر العلاقة في كشمير) وإغلاق مجالها الجوي أمام الهند. بالنظر إلى السياق التاريخي، تقع أحداث مايو 2025 ضمن سلسلة نمطية من التصعيدات التي تبدأ غالبًا بـهجوم إرهابي كبير في كشمير يتبعه رد عسكري هندي عبر الحدود ثم رد باكستاني معاكس، قبل أن يتدخل المجتمع الدولي لتخفيف حدة التوتر. في المحصلة، ترسخ أحداث 2025 حقيقة أن السلام بين الهند وباكستان يظل هشًا، وأن أي حادث يمكن أن يجر البلدين إلى شفا الحرب رغم كل إجراءات الردع والتوازن.

نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق
نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق

تورس

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • تورس

نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق

ويأتي ذلك بسبب الطلب الكبير على القهوة، حيث تستهلك البشرية نحو ملياري كوب من القهوة يوميا، مما أدى إلى إزالة المزيد من الغابات وأسهم في انبعاثات كربونية كبيرة. وتشير الأبحاث إلى أن حوالي نصف الأراضي المناسبة لزراعة البن ستصبح غير صالحة لهذا الغرض بحلول عام 2050، وترتفع هذه النسبة في البرازيل إلى 88 بالمئة، وذلك بسبب تغير المناخ. ووفقا للصحيفة، فإن "القهوة الاصطناعية" ستكون أقل ضرارا من زراعة البن، ولا تحمل كل هذه السلبيات من التغير المناخي، إذ ستُصنع من مجموعة متنوعة من المكونات، بما في ذلك الحمص ومخلفات الزراعة "المعاد تدويرها" مثل نوى التمر، أو الكاكاو والمكسرات. كما تستخدم شركات طرقا أخرى لخلايا منشأة في المختبر من نباتات القهوة الحقيقية، لتطوير النباتات في المفاعلات الحيوية (نظام لاحتواء التفاعلات البيولوجية لعمليات التقنية الحيوية للنباتات) لإنشاء مادة تقارب المادة الحقيقية من البن. وبدأت بعض الشركات إما ببيع بدائل "القهوة الخالية من البن" أو تطويرها، حسب الصحيفة، والتي تقول إن إحدى أكبر شركات المواد الغذائية في العالم، وهي شركة "كارغيل" الأميركية، لاحظت هذا الاتجاه وقامت مؤخرا بتوقيع اتفاقية لتصبح الموزع التجاري الوحيد لمنتجات شركة"Voyage Foods" الأميركية المصنعة للقهوة الخالية من البن. ويمثل وصول هذه الشركات إلى عدد كاف من الناس، مثالا كلاسيكيا لما يطلق عليه علماء الاقتصاد ورأسماليو المناخ "تأثير الاستبدال"؛ فمع ندرة البن التقليدي وارتفاع تكلفته، سيتحول المستهلكون إلى هذه المشروبات البديلة الأقل تكلفة والأكثر وفرة، وفقا للصحيفة ذاتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store