
رئيس الوزراء الفرنسي «يُناور» لتمرير خطة الميزانية
وفي الوقت المناسب، أعلن كل من التجمع الوطني اليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبان، وحزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد، بزعامة جان لوك ميلانشون، أن الوقت قد حان لإسقاط بايرو، بسبب خطته لتقليص الميزانية بمقدار 43.8 مليار يورو، لكن مع مرور الوقت، اتضح أن هناك استراتيجية يتبعها رئيس الوزراء، السياسي الوسطي المخضرم.
ويتخذ بايرو موقفاً جريئاً بتقديمه عرضاً افتتاحياً بسقف عالٍ، ويأمل من خلاله التفاوض على اتفاق بشأن الميزانية في الخريف.
ويُحذر، في نهاية المطاف، من أن باريس تواجه انهياراً مالياً على غرار اليونان، قبل سنوات، ما لم تتمكن الأحزاب من تحكيم العقل وموازنة الحسابات.
حسابات سياسية
وفي الجوهر، يُجري بايرو حسابات سياسية مهمة بشأن خصومه، بما في ذلك حزب التجمع الوطني بزعامة لوبان، ومع تطلع لوبان إلى الرئاسة في عام 2027، قد يكون الحزب اليميني المتطرف الآن أكثر تردداً في أن يُنظر إليه على أنه «مُخرب»، بدلاً من أن يُنظر إليه على أنه قوة سياسية رصينة مستعدة للعمل من أجل المصلحة الوطنية.
وبينما يرغب الكثيرون في حزب لوبان، في فرض انتخابات جديدة، يُقدر بايرو أنها ستتراجع في النهاية لأنها هي نفسها لن تتمكن من الترشح للمنصب بسبب إدانتها بالاحتيال.
وتضمن خطاب رئيس الوزراء الفرنسي بشأن الميزانية، أوراق ضغط لإجراء محادثات مع أحزاب من مختلف الأطياف السياسية.
ولن يناقش المشرّعون المقترحات رسمياً إلا بعد العطلة الصيفية، عندما ستحتاج الحكومة إلى دعم ضمني من جماعة معارضة واحدة على الأقل لإقرار مشروع قانون الميزانية، وهذا يترك متسعاً من الوقت لبايرو لحث الأحزاب الرئيسة على دعمه.
اقتراح صادم
وإذا كان هناك إعلان أثار حفيظة أكثر من غيره، فهو خطة بايرو لإلغاء عطلتين، (ربما «عيد الفصح» و«يوم النصر») في الثامن من مايو، وقد صدم هذا الاقتراح حتى معسكره، وأدرك بعض قادة المعارضة أن بايرو يحاول خداعهم على الأرجح.
وشككت زعيمة حزب الخضر، مارين تونديلييه، في البداية في قرار بايرو إلغاء عطلة الثامن من مايو، لكنها صرّحت لاحقاً لشبكة «إل سي إي» الإخبارية بأنه «فخ، وخدعة مُضللة»، وأشارت إلى أن بايرو قد يغير مساره في المساومة على الميزانية.
وفي غضون ذلك، يعاني البرلمان الفرنسي المُعلق، الذي انبثق عن انتخابات العام الماضي المبكرة، انقساماً حاداً، وينقسم بشكل تقريبي إلى ثلاث كتل، هي اليمين المتطرف، وكتلة وسطية تابعة للرئيس إيمانويل ماكرون، وكتلة اليسار.
ولا يحظى أي منها بأغلبية برلمانية، ما يعني أن الطرفين المتطرفين بحاجة إلى التكتل ضد الحكومة لإسقاطها، وحاول ميشيل بارنييه، سلف بايرو، دون جدوى، التفاوض مع التجمع الوطني على بقاء حكومته.
بينما اختار بايرو استراتيجية مختلفة، وعقد اتفاقاً مؤقتاً، في الشتاء الماضي، مع الاشتراكيين (المجموعة الأكثر اعتدالاً في التحالف اليساري)، للحفاظ على بقاء حكومته وإقرار ميزانية هذا العام.
ويبدو أن الحكومة تنتهج الاستراتيجية نفسها هذه المرة، حيث صرّح وزير الاقتصاد، إريك لومبارد، لوكالة بلومبيرغ، بأن التوصل إلى اتفاق مع الاشتراكيين «ربما يكون أكثر احتمالاً».
معضلة الاشتراكيين
لكن السؤال الرئيس هو: إلى أي اتجاه سيتخذ الاشتراكيون موقفهم؟ بطبيعة الحال، انتقدوا بشدة عرض بايرو لميزانية التقشف الذي استمر ساعتين، ووصفوه بأنه «غير عادل» و«وحشي» و«غير مقبول»، وقالت الكتلة البرلمانية للحزب: «في الوضع الراهن، فإن رفض مقترح الحكومة هو المنظور الوحيد».
ويعد هذا كلاماً قوياً، لكن الاشتراكيين، على نحو واضح، امتنعوا عن الانضمام إلى القوى اليسارية الفرنسية الأخرى: حزب الخضر، وحزب فرنسا الأبية، والحزب الشيوعي، في الدعوة إلى استقالة بايرو فوراً.
ومنذ تعيين بايرو، العام الماضي، تأرجح الحزب الذي يتزعمه الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، بين معارضة شرسة وتسوية متعثرة. وهذه المرة لا يختلف الأمر: كلمات قاسية، لكن من دون قطيعة حاسمة.
من جهته، قال النائب الاشتراكي، فيليب برون، الذي يقود فريق حزبه في مفاوضات الميزانية: «قد نتوصل في النهاية إلى اتفاق على عدم التصويت على اقتراح حجب الثقة، لكن لكي يحدث ذلك، ستحتاج الحكومة إلى إعادة صياغة مقترحها بشكل كبير».
مسار معتدل
بعد 10 سنوات من الكارثة الانتخابية، شق الاشتراكيون طريقهم لاستعادة مكانتهم، متحدين الهيمنة التي بناها حزب «فرنسا الأبية» اليساري، بزعامة ميلانشون، خلال العقد الماضي.
لكن الحزب الاشتراكي الآن منقسم بشدة، ويرغب نحو نصفه في اتباع مسار معتدل، بينما يسعى البقية إلى التوافق مع اليسار الأوسع (لكن الأكثر راديكالية).
وإذا أُجبر بايرو على التنحي، فقد يدعو ماكرون إلى انتخابات مبكرة، ما يُعيد فتح نقاش داخلي حاد حول التحالفات المحتملة في اليسار، وليس من الواضح مدى حرص يسار الوسط على العودة إلى مسار الحملات الانتخابية دون رأب صدعهم الداخلي أولاً.
وألمح زعيم المجموعة الاشتراكية، بوريس فالو، إلى وجود مجال للتوصل إلى تسوية تفاوضية، قائلاً إن حزبه سيقدم خطة بديلة قبل مناقشة الميزانية في البرلمان.
وكتب على منصة «إكس»: «ليس هناك مسار واحد»، وكان رئيس الوزراء السابق، إدوارد فيليب، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، من أبرز الأصوات المنتقدة من معسكر يمين الوسط، وقال فيليب لصحيفة «لوباريزيان»: «إنها خطة طوارئ، لكن لها حدودها أيضاً».
عن «بوليتيكو»
التصرف بهدوء
أقرّ رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، عند عرض خطته الصارمة، بأنه غير متأكد من قدرته على الاعتماد على حلفائه في الائتلاف، وهو ما يمثل مخاطرة كبيرة، لكنّ حلفاءه كانوا الوحيدين حتى الآن الذين لم ينتقدوا الخطة، لعلمهم أن الموقف البنّاء قد يكسبهم تنازلات خلال المحادثات الحالية.
وأقر حزب الجمهوريين اليميني، وهو جزء من الائتلاف الداعم لبايرو، ببعض مزايا خطته، لاسيما في ما يتعلق بخفض الإنفاق.
ويوم الأربعاء، أقر زعيم كتلة حزب الجمهوريين في البرلمان، لوران واكييه، بأن الميزانية المقترحة «تتمتع بميزة البحث عن حلول»، مع أنه لايزال من الممكن «تصحيحها وتحسينها».
وصدرت رسالة مماثلة من معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يدعم الخطة ككل، لكنه يخطط أيضاً لاقتراح بعض التعديلات. وخلال اجتماع مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الماضي، أشاد ماكرون بخطوة بايرو «الشجاعة والجريئة والواضحة»، على حد تعبير المتحدثة باسم الحكومة صوفي بريماس.
• خطاب رئيس الوزراء الفرنسي بشأن الميزانية تضمّن أوراق ضغط لإجراء محادثات مع أحزاب من مختلف الأطياف السياسية.
• فرانسوا بايرو حذر من انهيار مالي على غرار اليونان، قبل سنوات، ما لم تتمكن الأحزاب من تحكيم العقل وموازنة الحسابات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 8 ساعات
- صحيفة الخليج
«لإفراغ صندوق موسكو الحربي».. بريطانيا تستهدف أسطول الظل الروسي مجدداً
لندن- أ ف ب فرضت بريطانيا الاثنين عقوبات على 135 ناقلة نفط تابعة لأسطول الظل الروسي، في محاولة ترى أنها لعرقلة تدفق الأموال التي تساعد موسكو في تمويل الحرب في أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: إن عقوبات فُرضت كذلك على شركة لخدمات الشحن وشركة لتجارة النفط في إطار الحملة على أسطول «مسؤول عن نقل بضائع بقيمة 24 مليار دولار بطرق مخالفة منذ بداية عام 2024». ويقول محللون أمنيون: إن روسيا تستخدم أسطولاً من السفن القديمة للالتفاف على العقوبات الدولية التي تمنعها من بيع النفط. فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات على مئات السفن منذ أن اندلعت الحرب في أوكرانيا عام 2022. تفكيك بدرجة أكبر وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: «ستؤدي العقوبات الجديدة إلى تفكيك أسطول الظل الذي يستخدمه بوتين بدرجة أكبر واستنزاف إيرادات النفط المهمة لتمويل خزنة الحرب الروسية». وقالت الوزارة: إن العقوبات فُرضت بعد أيام قليلة من «خفض المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سقف أسعار النفط الخام، لوضع مزيد من العراقيل أمام تدفق أموال النفط إلى صندوق بوتين الحربي». وفرضت الحكومة البريطانية عقوبات على شركة خدمات الشحن Intershipping Services LLC، المتهمة «بتسجيل سفن أسطول الظل تحت راية علم اجنبي»، وشركة التجارة Litasco Middle East DMCC، المرتبطة بشركة النفط الروسية لوك أويل Lukoil، «لدورها المستمر في نقل كميات كبيرة من النفط الروسي على متن سفن أسطول الظل». وقال لامي: «بينما يواصل بوتين التسويف والمماطلة في إجراء محادثات سلام جادة، لن نقف مكتوفي الأيدي... سنواصل استخدام كامل قوة نظام عقوباتنا لزيادة الضغط الاقتصادي في كل منعطف». دعت بريطانيا في وقت سابق الاثنين إلى حملة مدتها 50 يوماً لتسليح أوكرانيا بعد أن منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موسكو 50 يوماً لإبرام اتفاق سلام مع كييف. كما تعهد ترامب بتزويد كييف بأسلحة إضافية برعاية حلفاء الناتو، في الوقت الذي صعدت فيه روسيا هجماتها الجوية على المدن الأوكرانية.


البيان
منذ 9 ساعات
- البيان
أوروبا تسابق الزمن لاتفاق تجاري مع أمريكا.. وتستعد لأسوأ سيناريو
وأي قرار بالرد سيتطلب على الأرجح موافقة سياسية من قادة الاتحاد، كون العواقب أو النتائج المحتملة كبيرة وخطيرة، على حد قولهم. ومن شأن اتخاذ تدابير مضادة فعالة أن يؤدي إلى تعميق الخلاف التجاري عبر ضفتي الأطلسي، خاصة في ظل تحذيرات ترامب من أن الرد ضد المصالح الأمريكية سيُقابل بإجراءات أكثر صرامة من جانب إدارته. وستطال هذه الرسوم سلعاً صناعية من بينها طائرات شركة «بوينغ» والسيارات الأمريكية الصنع وويسكي البوربون. كما يعمل التكتل أيضاً على إعداد إجراءات محتملة تتجاوز الرسوم الجمركية، مثل فرض قيود على الصادرات وعقود المشتريات الحكومية.


البيان
منذ 13 ساعات
- البيان
بريطانيا تفرض عقوبات على "أسطول الظل" الروسي
فرضت بريطانيا اليوم الاثنين عقوبات جديدة على ما يسمى "أسطول الظل" الروسي مستهدفة 135 ناقلة نفط وشركتين روسيتين هما شركة الشحن إنتر شيبينج سيرفيسز وشركة تجارة النفط ليتاسكو ميدل إيست دي.إم.سي.سي. وتعد ناقلات النفط هذه من العناصر الحيوية في قطاعي الطاقة والنفط الروسيين. وقالت الحكومة البريطانية إن الناقلات تشكل جزءا من الأسطول الذي نقل شحنات بقيمة 24 مليار دولار منذ بداية عام 2024. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن العقوبات الجديدة تهدف إلى "تفكيك أسطول الظل وتجريد الخزينة الروسية من عوائد النفط التي تمثل مصدرا حيويا لتمويل الحرب". وأكدت الحكومة أن شركة إنتر شيبينج سيرفيسز مسؤولة عن تسجيل السفن تحت علم الجابون، مما يمكنها من نقل بضائع تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار سنويا لصالح الدولة الروسية. وفيما يتعلق بشركة ليتاسكو ميدل إيست دي.إم.سي.سي، قالت الحكومة إن العقوبات استهدفتها بسبب استمرارها في نقل كميات كبيرة من النفط الروسي. وكانت موسكو وصفت في وقت سابق العقوبات الغربية بأنها "غير قانونية" وقالت إنها تزعزع استقرار أسواق الطاقة العالمية. كان الاتحاد الأوروبي قد وافق يوم الجمعة على الحزمة الـــ 18 من العقوبات على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا والتي تشمل تدابير إضافية تستهدف قطاعي النفط والطاقة. وفي إطار تلك الإجراءات، أعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عن خطط لخفض سقف سعر النفط الخام من 60 دولارا للبرميل إلى 47.60 دولار، في محاولة لتقليص عوائد روسيا من النفط.