
عطلة المغاربة بين لهيب الغلاء والضغط النفسي.. وغياب الرقابة يفاقم الأزمة
فبين التزامات الأسرة وتكاليف الترفيه المرتفعة، يواجه المواطنون صيفًا مثقلاً بالأعباء، تزيد حدّته مظاهر المقارنة الاجتماعية التي تضخّمها منصات التواصل، وتروّج من خلالها لصورة مثالية لعطلة قد تكون بعيدة عن متناول الغالبية خاصة منها ذات الدخل المحدود والمتوسط.
ويشير مختصون في علم النفس الأسري إلى أن فترة العطلة التي يُفترض أن تكون مساحة للتقارب الأسري، تتحول في كثير من الأحيان إلى لحظة انكشاف للفوارق الاجتماعية والتوترات المكتومة، خاصة في ظل سعي بعض الأسر إلى محاكاة نماذج "الاستجمام المثالي" المنتشرة على مواقع التواصل.
هذا السعي لا يكون نابعًا من احتياج حقيقي بل من شعور بالواجب أو الخجل الاجتماعي، في سياق يهيمن عليه هوس المقارنة والتنافس الصامت حول أنماط الحياة والمظاهر. ويزيد هذا الضغط في ظل ضعف الخيارات المتاحة أمام الأسر، التي تجد نفسها بين مطرقة الغلاء وسندان التوقعات، مما يُنتج شعورًا بالإرهاق بدل الاستجمام، وبالإحباط بدل الانفراج.
على المستوى الاقتصادي، يواجه المواطنون خلال موسم الصيف صعوبات ملموسة في التوفيق بين رغبتهم في قضاء عطلة محترمة وتكاليف العيش التي تشهد ارتفاعًا متسارعًا، لاسيما في القطاع السياحي. فقد أصبحت الأسعار في الفنادق والمطاعم ووسائل الترفيه تفوق قدرة الكثير من العائلات، حتى باتت العطلة عبئًا حقيقيًا بدل أن تكون متنفسًا.
وتشير شهادات ميدانية إلى أن الإقامة في بعض الفنادق المصنفة في المدن الساحلية أو الوجهات السياحية قد تتراوح بين 1000 و5000 درهم لليلة الواحدة، دون أن يقابل ذلك تحسّن واضح في جودة الخدمات، أو تطوير في المرافق التي تستقبل السياح.
ولا تقتصر الزيادات على أسعار الإقامة، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى مثل كراء الشقق المفروشة، التي تراوحت أسعارها هذا الصيف بين 300 و1000 درهم، في حين تعرف الشواطئ والمناطق العمومية استغلالًا واضحًا من طرف سماسرة يعمدون إلى كراء المظلات والكراسي بأسعار تعتبرها الجمعيات الحقوقية غير مبررة، حيث يصل ثمن المظلة الواحدة أحيانًا إلى 40 درهمًا في اليوم.
وتندد الجمعيات المعنية بحماية المستهلك بهذه الممارسات التي ترى فيها اعتداءً على الملكية العمومية وتجاوزًا للضوابط التنظيمية، في غياب واضح للرقابة والمساءلة.
ويحمّل عدد من الفاعلين في مجال الدفاع عن حقوق المستهلك المسؤولية للقانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، الذي لم يعد، بحسبهم، يوفّر الحماية الكافية للمواطنين في ظل غياب آليات رقابة ناجعة، خاصة خلال مواسم الذروة، حيث ترتفع الأسعار بشكل صاروخي.
ويقول أحمد بيوض، رئيس جمعية "مع المستهلكين"، في حديثه للجريدة 24 إن هناك ممارسات موسمية ممنهجة تكرَّر كل صيف، تتمثل في رفع الأسعار دون مبرر منطقي، سواء في المقاهي أو المطاعم أو المؤسسات الفندقية.
ويؤكد أن الزيادات المسجلة لا تعكس أي تحسّن في الخدمات، بل تعبّر عن جشع يسعى إلى استغلال الإقبال الموسمي لتحقيق أرباح سريعة على حساب المستهلكين.
ويشير بيوض إلى أن الاستغلال يتجاوز المألوف، حيث يشمل ممارسات مثل فرض تسعيرات عشوائية من قبل حراس السيارات أو مضاربين على الشواطئ، وهو ما يضر بحق المواطن في الاستفادة العادلة من الفضاءات العامة، ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص في التمتع بحقوق العطلة.
ويضيف أن الأسعار الخيالية التي تفرضها بعض الفنادق المصنفة، والتي قد تصل إلى 5000 درهم في الليلة، لا تقابلها خدمات تبرّر هذه التكلفة، مستشهدًا بشكاوى متكررة من مواطنين حول رداءة الطعام، ضعف النظافة، وسوء الاستقبال.
من جانبها، سبق أن أكدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن الأسعار في القطاع السياحي تخضع لمبدأ حرية المنافسة وفقًا لما ينص عليه القانون.
وأوضحت في رد سابق قبل شهر في قبة البرلمان، أن ارتفاع الأسعار مردّه إلى زيادة الطلب مقارنة بالعرض خلال موسم الصيف، وهو ما يؤدي بطبيعته إلى ارتفاع التكاليف.
وأضافت أن الوزارة أطلقت عددًا من البرامج والإجراءات لتشجيع الاستثمار السياحي الداخلي، وتحسين جاذبية المنتَج المغربي، من خلال تثمين المدن العتيقة، وتوسيع البنية التحتية، وإطلاق خطوط جوية جديدة بين المدن.
وتكشف هذه المعطيات أن التحديات المرتبطة بالعطلة الصيفية في المغرب تتجاوز بعدها الترفيهي، لتلامس قضايا اقتصادية واجتماعية ونفسية مترابطة، مما يستدعي تفكيرًا أعمق في نمط تدبير هذه الفترة الموسمية، سواء من قبل الجهات المسؤولة أو الفاعلين في القطاع الخاص أو حتى على مستوى الأسر نفسها.
فبين تطلعات الراحة وضغوط الواقع، تبقى العطلة الصيفية في المغرب موسمًا يختبر فيه المواطن قدرته على الصمود أكثر مما يستعيد فيه أنفاسه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 طنجة
منذ 16 ساعات
- 24 طنجة
✅ أمتار .. جماعة قروية تستيقظ على سكون الجبل وتصغي لضحكات الصيف في إقليم شفشاون
على امتداد الطريق الساحلية المتوسطية التي تربط بين مدن الشمال الشرقي وصولا إلى السعيدية، تبرز بلدة أمتار، التابعة لدائرة الجبهة في إقليم شفشاون، كمنصة طبيعية تتداخل فيها خطوط الجبال الوعرة مع صفحة البحر الهادئة. ويبدو الشاطئ من مرتفعاته كشريط داكن من الحصى يمتد على طول الساحل، وتتوزع عليه مظلات المصطافين في صفوف متباعدة، بينما يوازيه كورنيش حديث التهيئة يترجم تحولا عمرانيًا شاملًا طال الواجهة البحرية للبلدة. - إعلان - في السنوات الأخيرة، تحولت أمتار إلى وجهة صيفية ناشئة، بعد أن استفادت بشكل مباشر من برنامج تأهيل وتنمية دائرة الجبهة 2019-2022، الذي رُصدت له اعتمادات إجمالية بلغت 2.174 مليار درهم. وشمل نصيب جماعة أمتار من هذه الاستثمارات إعادة تنظيم الشريط الساحلي عبر تهيئة الكورنيش، وإنشاء مسارات واسعة للمشاة، ونقاط استراحة مظللة، ومساحات خضراء، ومواقف سيارات، وفضاءات رياضية. هذه المرافق الجديدة عززت جاذبية الموقع ورفعت من قدرته الاستيعابية بشكل ملحوظ خلال الموسم الصيفي. ويعكس المشهد على الشاطئ الطابع المتوسطي المألوف في إقليم شفشاون: حصى بألوان رمادية وبنية تغطي الساحل، ومياه صافية تحتفظ بدرجات لونها الفيروزي حتى مع كثافة الاستخدام. ويجعل الانحدار التدريجي للقاع البحري يجعل السباحة ممكنة في مناطق واسعة، فيما تشكل الأجزاء الأعمق، القريبة من الكتل الصخرية الشرقية، فضاء مفضلاً لهواة الغوص والسباحين المتمرسين. الواجهة الخلفية للشاطئ عبارة عن تلال مكسوة بالغطاء النباتي المتوسطي، تتخللها مسارات ترابية تقود إلى نقاط مرتفعة توفر إطلالات بانورامية على الخليج والمحيط الجبلي. في الجهة الشرقية، تصطف كتل صخرية تلامس المياه مباشرة، وتتحول يوميا إلى منصات للقفز ومواقع تصوير يقصدها الشباب والمصورون الهواة، فيما تشكل أيضا نقطة مراقبة طبيعية لحركة قوارب الصيد التقليدية. ويتبدل إيقاع الحياة اليومية في أمتار مع ساعات النهار. في الصباح الباكر، تكون الأولوية للصيادين الذين يجهزون شباكهم أو يعودون بها محملة بصيد الليلة. ومع اقتراب منتصف النهار، يزداد توافد الأسر والشباب من مختلف الجماعات الترابية المجاورة، محملين بالمظلات والكراسي القابلة للطي، ويتوزعون على طول الشاطئ. ويشهد الكورنيش، الذي أصبح جزءا من الهوية الجديدة للواجهة البحرية، حركة مستمرة للمشاة والعدائين وراكبي الدراجات، فيما توفر المقاعد الحجرية الموزعة على امتداده نقاط استراحة وإطلالات مباشرة على البحر. في المساء، يزداد النشاط بدل أن يخفت؛ العائلات والشباب يتحركون ذهابًا وإيابًا على الممر البحري، وتختلط أصوات الأمواج بضحكات الأطفال وأحاديث الزوار في مشهد صيفي مكتمل. وبهذا المزيج بين المؤهلات الطبيعية والمرافق المهيأة، تقدم أمتار نموذجًا لموقع ساحلي استطاع بفضل الاستثمار الحكومي في تهيئة المجال أن ينتقل من فضاء محلي محدود الإشعاع إلى وجهة صيفية منظمة، دون أن يفقد ارتباطه بمحيطه الجبلي والبحري.


مراكش الآن
منذ 2 أيام
- مراكش الآن
إطلاق مشروع لتأهيل المحطة السياحية بأوكيمدن بميزانية 75 مليون درهم
شرعت السلطات المختصة في تنفيذ مشروع لإعادة هيكلة وتجهيز المحطة السياحية بأوكيمدن، بكلفة إجمالية تقدر بـ 75 مليون درهم، وذلك بهدف تطوير مرافق التزلج وتعزيز جاذبية المنطقة كوجهة للرياضات الشتوية. ويتضمن المشروع إنشاء منحدرات جديدة للتزلج، وتركيب مصعد كراسي واحد، وخمسة مصاعد إضافية، وحزامين للتوصيل بين المرافق، إضافة إلى مسارات مخصصة للتزحلق. كما سيتم إنشاء فضاء بانورامي في قمة أوكيمدن يتيح للزوار إطلالة واسعة على المناظر الطبيعية المحيطة. ومن المقرر أن تمتد مدة الأشغال 12 شهراً، لتظهر المحطة في حلة جديدة توفر تجربة متكاملة للزوار وتدعم مكانتها كأحد أبرز مواقع التزلج في إفريقيا.


هبة بريس
منذ 2 أيام
- هبة بريس
تخصيص 75 مليون درهم لإعادة هيكلة المحطة السياحية بأوكيمدن
بدأت السلطات المختصة تخصيص ميزانية بقيمة 75 مليون درهم لتنفيذ مشروع إعادة هيكلة وتجهيز المحطة السياحية بأوكيمدن، بهدف تطوير مرافق التزلج وتحسين تجربة الزوار. ويتضمن المشروع إنشاء منحدرات جديدة للتزلج، وتركيب مصعد كراسي واحد، إضافة إلى خمسة مصاعد تزلج أخرى، وحزامين للتوصيل بين المرافق، ومسارات متخصصة للتزحلق، بالإضافة إلى فضاء بانورامي مميز يقع في قمة أوكيمدن. ومن المتوقع أن تستغرق مدة إنجاز هذا المشروع 12 شهراً، لتتحول المحطة السياحية إلى وجهة متجددة ومتطورة تلبي تطلعات السياح ومحبي الرياضات الشتوية.