
دور النظام الإيراني في إفشال مشروع حل الدولتين
في سبتمبر 2025، أعلنت كل من بريطانيا وكندا بشكل متزامن عزمهما الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في إطار دعم مبدأ حل الدولتين، معتبرتين هذا الاعتراف خطوة ضرورية لإنهاء الصراع، وتأكيداً على حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وذات سيادة. جاء هذا الإعلان في ظل معاناة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، حيث أدى النزاع المكثف إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا والدمار الواسع، كما هو مفصل في بيان مؤتمر السلام الدولي في نيويورك، الذي رعته اتحادات عربية وأوروبية وشملت الدول الموقعة تأكيدها على مطالبة حركة حماس بالتخلي عن السلاح وتسليم كل صلاحياتها في غزة للسلطة الفلسطينية لضمان وحدة وشرعية النظام السياسي الفلسطيني مما يمهد الطريق أمام تحقيق السلام.
إلا أن هذه التحركات المطالبة بإنهاء استمرار حالة التوتر إلى حلول سلمية تواجه رداً قوياً من النظام الإيراني، الذي يرفض مطالب الحوار والاعترافات الرسمية ويصفها بأنها خطط خادعة تهدف إلى تقويض المقاومة الفلسطينية وتخلي الفلسطينيين عن خيار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ففي رد فعل رسمي صادم، أصدر مجلس النظام الإيراني (مجلس الارتجاع) بياناً قوياً يرفض مبادرات السلام ويصف خطة الدول الأوروبية والأمريكية لحل الدولتين بأنها "مخططات خادعة"، ويحذر الدول الإقليمية من أي تعامل معها، مهدداً بأن النظام لن يتوقف عند غزة أو بيروت أو دمشق بل سيسعى للانتقام من كل من يلتزم ببروتوكولات السلام مع إسرائيل.
يبرز هذا الموقف على أنه محاولة من طهران للحفاظ على نفوذها في الساحة الفلسطينية وفي المشهد الإقليمي الأوسع، حيث تعتبر أي نجاح لحل الدولتين تهديداً مباشراً لمشروعية نظامها ودوره المحوري في 'المقاومة'. فإيران تعتمد سياسة الترهيب وإثارة النزاعات لمنع توحيد الصف الفلسطيني تحت سلطة سياسية واحدة تقبل بالمفاوضات والسلام، وبالتالي تعمل عبر أذرعها في المنطقة من فصائل مسلحة وجماعات محسوبة عليها على إجهاض أي مساعي لتقليل حدّة النزاع أو لتحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
بالإضافة إلى ذلك، توضح توجهات النظام الإيراني رفضه الواضح لتقاسم الساحة السياسية مع أي طرف آخر، وحتى داخل النظام الفلسطيني، حيث يُلحظ من خلال موقف محمود عباس وتأييده الصريح للمؤتمر الدولي في نيويورك وبيانه المساند لمبدأ تسليم الحاكمية للسلطة الوطنية، أن هناك نزاعاً داخلياً على نمط القيادة والمقاومة وهذا من شأنه صب الزيت على نار التوترات التي يتوقع أن تستمر طهران في استغلالها لتعميق الشرخ الفلسطيني وتعقيد العلاقات الإقليمية نحو مزيد من عدم الاستقرار.
هذه التعطيلات والتوتّرات التي يفرضها النظام الإيراني تؤدي إلى عدة نتائج سلبية: أولها إطالة أمد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وثانياً منع توحيد الفلسطينيين حول مشروع سياسي موحد قادر على مواجهة الاحتلال بوسائل سياسية قادرة على تأمين حقوقهم، وثالثاً الحقن المستمر للتوتر الطائفي والإقليمي بما يتيح لإيران الحفاظ على هامش المناورة وفرض أجندتها الخاصة على مضض على المشهد الفلسطيني.
في المقابل، تستمر الجهود الدولية، متمثلةً في تحالف دولي يضم بريطانيا، كندا، دول الاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول الأخرى، لتكثيف الضغوط على إسرائيل ودفعها للموافقة على وقف إطلاق النار وإعادة إحياء عملية السلام التي تعتمد على حل الدولتين، حيث يتم العمل على دفع المجتمع الدولي لاعتراف أوسع بدولة فلسطين.
في الختام، يمكن القول إن النظام الإيراني يُمارس خطة ممنهجة وعنيفة لإعاقة تنفيذ مشروع حل الدولتين، عبر خلق أزمات متعددة داخلية وإقليمية، ورفض كافة المبادرات التي تعزز من سلطة السلطة الفلسطينية ومشروعية هذه الدولة، رافضاً بذلك السلام والاستقرار في المنطقة والذي من شأنه أن يقلص نفوذه. هذا الصراع بين المعسكرين يظهر بجلاء بأن ملف القضية الفلسطينية لا يزال ساحة مفتوحة لصراعات النفوذ الدولية والإقليمية، وأن بقاء الأوضاع كما هي يفاقم من معاناة الشعب الفلسطيني ويعرقل أي مسعى جاد لإنهاء هذا النزاع المزمن.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 25 دقائق
- الرأي
«رئاسة الأركان» تدشّن نظام البصمة الإلكتروني
دشّنت رئاسة الأركان العامة للجيش، اليوم الأحد، نظام البصمة الإلكتروني في مبنى الرئاسة، في خطوة تهدف إلى تطوير بيئة العمل ورفع كفاءة الأداء الإداري. وكان نائب رئيس الأركان العامة للجيش اللواء الركن طيار صباح الجابر، أول من سجّل بصمته، إيذانا ببدء تشغيل النظام رسميا، مؤكّدا أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطط المؤسسة العسكرية لترسيخ الانضباط الوظيفي وتحسين كفاءة إدارة الموارد البشرية، بما ينعكس إيجابا على جودة الأداء واستدامة التطوير الإداري. وأوضح أن النظام البصمة الإلكتروني سيسهم في تنظيم إجراءات الحضور والانصراف بدقة وشفافية، ويعزز سهولة المتابعة الإدارية بما يخدم مصلحة العمل ويحافظ على انسيابيته.


المدى
منذ 26 دقائق
- المدى
بالصور: قائد الجيش بالنيابة يتفقد عددًا من الوحدات المنتشرة في الجنوب
تفقد قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن حسان عوده قيادة قطاع جنوب الليطاني في ثكنة بنوا بركات – صور، حيث اطّلع على الانتشار العملاني للوحدات العسكرية في ظل الاعتداءات والانتهاكات المتكررة من جانب العدو الإسرائيلي. بعدها تفقد قيادة لواء المشاة الخامس في البياضة، واطّلع على المهمات المنفَّذة ضمن قطاع المسؤولية، كما اعتبر أن العسكريين الشهداء الذين سقطوا نتيجة انفجار أثناء الكشف على مخزن أسلحة وذخائر في الجنوب بتاريخ 9/8/2025 قدموا التضحية الأسمى في سبيل الوطن، معزّيًا رفاقهم ومتمنيًا الشفاء للعسكريين الجرحى. بعد ذلك، زار وحدة من فوج الهندسة في ثكنة عصام شمعون – النبطية، والتقى الضباط والعسكريين وقدم لهم التعازي برفاقهم الشهداء، مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على الجهوزية في ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة. كذلك عاد اللواء الركن عوده في مستشفى حمود الجامعي – صيدا أحد العسكريين الذين أصيبوا جراء الانفجار، واطّلع على وضعه الصحي وأشاد بشجاعته في أداء الواجب.


المدى
منذ 26 دقائق
- المدى
الجيش وأهالي مجدلون شيّعوا المجند الشهيد إبراهيم خليل مصطفى
شيع الجيش وأهالي منطقة بعلبك، المجند الشهيد ابراهيم خليل مصطفى، في موكب مهيب انطلق من مستشفى بعلبك الحكومي إلى بلدته مجدلون، حيث أقيمت المراسم في حسينية البلدة. وألقى ممثل وزير الدفاع الوطني وقائد الجيش، العميد جهاد أبو علي كلمة تأبينية توجه فيها إلى ذوي الشهيد وأبناء بلدته، مؤكدا أن 'الشهيد إبراهيم، كما رفاق السلاح، بذل حياته فداءً للبنان ولكل مواطن لبناني، وكل قريب منه أو عرفه عن كثب أدرك عمق إخلاصه لرسالته، وتفانيه في أداء واجبه المقدس، فبالنسبة إليه لبنان من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، ومن ساحله إلى قمم جباله، هو بمثابة بيته وقريته ومنطقته، والشعب اللبناني بأسره هو عائلته وطائفته وأبناء جلدته. أما حدود تضحيته فهي حدود مساحة هذا الوطن الذي آمن به حتى الاستشهاد'. وتابع: 'لا عجب في ذلك على الإطلاق، لأنه سليل عائلة وطنية وابن بلدة مجدلون المشهود لها بولائها للوطن وللجيش'. وقدم نبذة عن حياة الشهيد: 'موليد 8/10/ 2003 مجدلون بعلبك، تطوع بالجيش بتاريخ 3-7-2023 حائز على تنويه العماد قائد الجيش وتهنئته عدة مرات، عازب'. وختم: 'باسم معالي وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، وقائد الجيش بالنيابة اللواء حسان عودة، أتقدم بالتعازي من عائلة الشهيد وأقاربه ورفاقه بأحر مشاعر التعازي والمواساة سائلا الله أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته وأن يمن على الأهل بجميل الصبر والسلوان عشتم، عاش الجيش، عاش لبنان'. ووري الشهيد في الثرى في جبانة البلدة، وتقبل التعازي اليوم في حسينية الإمام الحسين في مجدلون، ولمدة ثلاثة أيام اعتبارا من يوم غد الاثنين، في منزل عمه سعيد مصطفى قبل مفرق مجدلون، قرب حلويات برو.