
تحويل غزة إلى منتجع فكرة مريعة لا تطرأ إلا على بال ترمب
يُفترض برد الفعل على طرح دونالد ترمب الغريب بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" أن يتخذ شكل "صدمة تخلو من الاستغراب".
لا شك أنه من السافر والشائن أن يدعو رئيس أميركي إلى تطهير عرقي، أي ترحيل قسري، لشعب بأكمله، لكن مما يضفي بُعداً أسوأ على حلم ترمب الغريب هو ارتباط هذه الفكرة بإقامة منتجع بحري مبتذل وتافه، يتضمن طبعاً بناء فندق بشع من سلسلة أبراج ترمب في أفضل نقطة في المكان.
مثل حال لبنان في عصره الذهبي الغابر، صحيح أن غزة كانت واعدة من ناحية التطوير العقاري- لكن الحرب والإرهاب وإسرائيل وحكم "حماس" الخبيث كانوا عوامل تضافرت لتؤكد أن أي تطوير من هذا النوع لن يصب أبداً في مصلحة الشعب الفلسطيني، وبعدما سُلبوا ممتلكاتهم ونُقلوا إلى مكان آخر وأرغموا على النزوح وجردوا من إنسانيتهم، ودمرت مساكنهم تماماً، لا بد أن الفلسطينيين يخشون أن تحل عليهم كارثة جديدة.
تراود هذه الفكرة ترمب منذ بعض الوقت، فهو مطور عقاري في نهاية المطاف ("وربما يكون أفضلهم" كما قد يقول متبجحاً).
منذ أيام قليلة قبل أن يأتي نتنياهو، طرح أحد المراسلين عليه سؤالاً خلال إحدى جلساته الماراثونية لتوقيع مراسيم تنفيذية، فذكر بصورة عرضية الموقع الجغرافي الممتاز الذي تحتله غزة.
ومنذ عام مضى، عاد صهره جاريد كوشنر من المنطقة وهو يتفوه بكلام مماثل، (في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع مجدداً على وسائل التواصل الاجتماعي، يُسمع صوت كوشنر وهو يقول "قد تكون العقارات على الواجهة البحرية لغزة ذات قيمة كبيرة... لكنني أظن أنه من المنظور الإسرائيلي، سأبذل قصارى جهدي لإزالة الناس قبل أن أشرع بتطهير المكان").
دعونا لا ننسى أن برج ترمب في مانهاتن ينتصب فوق موقع كان في السابق متجراً فخماً بطراز "آرت ديكو"، وقد وضعه ترمب نصب عينيه منذ الصغر، ولم يتخل عن رغبته في الاستحواذ عليه وهدمه لبناء نصبه البراق، وفيما يصفه البعض بالمختل اجتماعياً، لا شك في أن الرجل ثابت العزم شديد الإرادة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك، لن يتحقق مخططه المتعلق بغزة، إنه ببساطة يفوق قدرته حتى هو، وبعيداً من أنه يشكل جريمة ضد الإنسانية، فلا أحد يدعمه، حتى الأميركيين أنفسهم في الحقيقة، ومنهم جماعة "ماغا"، الذين لا ريب في أنهم لا يريدون رؤية جنود أميركيين يحاولون احتلال غزة.
فمما لا شك فيه أن التجارب السابقة في الصومال والعراق وأفغانستان وغيرها من التدخلات الأجنبية الكارثية قد جعلتهم ينفرون من هكذا مشاريع دموية مكتوب لها الفشل.
ولا يبدو أن الإسرائيليين أنفسهم سيستفيدون من المشروع، وهم في الوقت الحالي السلطة المحتلة القابضة على زمام الأمور، أو المسيطرة قدر المستطاع في مكان مضطرب كهذا، حتى بنيامين نتنياهو نفسه بدا حائراً بعض الشيء خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك فيما أخذ ترمب يهرف حول مشروعه كما لو أنه يميط اللثام عن نموذج مصغر لأفضل منتجع في العالم، ويدعو الصحافة للتفكير في شراء حزمة عطلات ترمب التي تشمل قضاء إجازة لـ10 أيام شاملة كل التفاصيل في خان يونس.
ومن جهة أخرى، رفض المصريون والأردنيون (وهم أساساً من أكبر الدول المستضيفة للاجئين فـي العالم نسبةً إلى عدد السكان) استقبال مليون فلسطيني.
في المقابل، لن يوقع السعوديون على اتفاق أبراهام، أي اتفاق السلام، مع إسرائيل في ظل هكذا ظروف، وسيكونون أقل وداً تجاه مصالح الولايات المتحدة بصورة عامة إن كتب لـ"ترمب بلازا، غزة" الحصول على ترخيص إنشاء من الحاكم الأميركي المحلي لأقاليم ما وراء البحار.
لكن ما يدعو للتفاؤل، وفقاً لتجربتنا الطويلة مع ترمب، هو أنه ربما "يطرح الفكرة" كي يجربها ويرى ما قد يحدث، فهو لم يضع حقاً خطة لغزة أو الشرق الأوسط، تتخطى حدود رغبته في أن تنتهي الحروب وأن يكبح جماح إيران، آملاً في أن تنجح مبادرة اتفاقات أبراهام التي وضعها في تخفيف التوترات وعزل الإرهابيين (وهو ما قد استشرفته "حماس"، وتصرفت بناء عليه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول).
هذا ليس أسلوب عمله، فهو يخلق فوضى، ويخل بالموازين ثم ينتهز الفرصة التي تسفر عنها هذه الجهود أياً كانت، لكن مختلف الأطراف المعنية ومنها الملالي، تملك أسباباً ملحة تدعوها إلى إعادة النظر في خياراتها مع وصول ترمب و"تفكيره المبتكر وآرائه الجديدة" كما "استعداده لخرق التفكير التقليدي"، حسب الوصف اللطيف الذي قدمه صديقه بيبي.
إن حالفنا الحظ، قد تنجح خطة ترمب الغريبة والقاسية إلى حد يفوق الوصف حول غزة في بث درجة من الإلحاح على محادثات السلام التي لا تنتهي في قطر، وتضغط على المنطقة بأسرها كي تبدأ بالتفاوض، وتفصيل حل أكثر استدامة لمستقبل الفلسطينيين.
وقد يأمل المرء حتى في احتمال أن يفكر الإيرانيون في التحاور مع أميركا، كما فعل كيم يونغ-أون عندما زار ترمب كوريا الشمالية.
فوز دونالد ترمب بجائزة نوبل للسلام؟ قد لا تكون فكرة مغرية مثل بناء أفضل منتجع في العالم، لكنها ربما تشكل بديلاً مغرياً بالنسبة إلى دونالد جاي ترمب، النابغة الذي يشتهر باتزانه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟
ظلال من الشك والتصريحات المتبادلة بين طهران وواشنطن تشي بأجواء متوترة تحيط بالجولة الخامسة من المحادثات، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نووي أو لا. وهذه التصريحات ترتبط بمطلب أميركي بالتخصيب الصفري، في حين تعتبر إيران ذلك خطاً أحمر وإنجازاً وطنياً لن تتخلى عنه. فهل وصلت المفاوضات إلى حد الخلاف؟ ولا سيما أن إيران أعلنت مرات عدة أنها لن تتنازل عن هذا الخط الأحمر وأنه ما من اتفاق إذا استمر الإصرار الأميركي على التخصيب الصفري. فهل السبب في ذلك الخلاف عدم كفاءة إدارة دونالد ترمب؟ أم خبرة إيرانية من الماضي تؤثر في رؤية طهران للمحادثات؟ أم السبب هو فعل إسرائيلي؟ يمكن القول إن السبب عبارة عن تفاعل العوامل الثلاثة، فإيران لديها تجربة من الماضي تدفعها إلى عدم التنازل عن التخصيب وقبول استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، كما أن تدخل إسرائيل بصورة غير مباشرة دفع إدارة ترمب إلى رفع المطلب الأقصى لدرجة التخصيب الصفري وتغيير مطلبها السابق بخفض التخصيب إلى درجة 3.76 في المئة، وكان حينها أقصى مطالب ترمب منع إيران من تملك السلاح النووي، لكن ذلك تغير الآن. فقبل بدء الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران، تتناثر التصريحات من الطرفين وتدور حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فتعتبر إيران أن الولايات المتحدة تغير اتفاقاتها معها، وأن المعلن غير ما اتُفق عليه خلال الجولات الماضية، إذ يشير الجانب الأميركي إلى التخصيب الصفري الذي ليست طهران في وارد القبول به. وخرجت التصريحات الإيرانية من المرشد ومجلس الخبراء ونائب وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الإيرانية لتؤكد أن تخصيب اليورانيوم هو حق للدول كما أنه "إنجاز وطني" و"حق للأجيال المقبلة". ويرفض الإيرانيون الآن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قال "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب، لا يمكننا أن نقبل حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن بلاده وافقت على الاقتراح الذي قدمته سلطنة عمان بعقد جولة أخرى من المحادثات الإيرانية- الأميركية في العاصمة الإيطالية روما، كما أكد أن "الفريق التفاوضي عازم على السعي إلى تحقيق الحقوق والمصالح العليا في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب ورفع العقوبات الجائرة، ولن يدخر أي جهد أو مبادرة في هذا الصدد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "موقف إيران واضح للغاية، التخصيب سيستمر مع أو من دون اتفاق، ولكن إذا كانت الأطراف ترغب في الشفافية في ما يتعلق بالبرنامج السلمي الإيراني، فيتعين عليهم رفع العقوبات"، مضيفاً "إذا كانت لديهم مطالب أكثر من ذلك ويريدون حرماننا من أشياء هي حقنا، فلا مجال للقبول". في البداية كان هناك تياران داخل إدارة ترمب بالنسبة إلى التعامل مع الملف الإيراني، الأول يحبذ التوصل إلى حل سلمي واتفاق مع طهران، بينما يدعم التيار الآخر الخيار العسكري، وبعدما كان ويتكوف يتحدث عن التخصيب بنسبة 3.67 في المئة، صار المطلب الأميركي على لسانه ولسان وزير الخارجية ماركو روبيو التخصيب الصفري. ومطلب التخصيب الصفري جاء بعد حديث إسرائيل عن نموذج الحل الليبي، أي تفكيك الملف النووي الإيراني. وجاء ذلك المطلب بعدما قلل بعضهم في الإعلام الأميركي من شأن الاتفاق الجديد مع إيران، معتبرين أنه لن يختلف عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما، وهنا بدأ المفاوض الأميركي يتحدث عن التخصيب الصفري على اعتبار أن هذا المطلب سيجعل اتفاق إدارة ترمب مختلفاً عن الاتفاق القديم مع أوباما. ربما لعبت الدوائر الإعلامية المرتبطة بإسرائيل داخل الولايات المتحدة بهذا الأمر للتقليل من الاتفاق الجديد بغية استفزاز ترمب للتفكير في أنه لا بد من أن يأتي بما لم يأتِ به أوباما أو جو بايدن. وما يجعل هذا الأمر مرجحاً ومرتبطاً بإسرائيل، الغائب الحاضر في الملف النووي الإيراني، هو أن أحد الأسباب الرئيسة لإقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي الأميركي هو أن التنسيق بينه ونتنياهو كان أكبر من التنسيق مع ترمب في شأن الملف النووي الإيراني. وربما كان تعقيد سير المحادثات بين طهران وواشنطن إلى حد تخريبها جزءاً من تفاهمات والتز مع نتنياهو. وفي حين اعتبر بعضهم أن ترمب حاول فعلياً إيصال رسالة إلى نتنياهو بأنه لا ينوي منحه شيكاً على بياض وجعل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط تابعة لأولويات إسرائيل، فأقال والتز من منصبه، إلا أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات ضمن ملفات عدة تميزه عن إدراتي أوباما وبايدن جعلته يطالب بفرض "التخصيب الصفري"، لتصبح تلك النقطة الخلافية الأهم في سير المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واللافت هو صدور تقرير جديد عبر شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية جاء خلاله أن إسرائيل لديها خطة جاهزة لضرب المنشآت الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم، في ما يبدو أنه نوع من الحرب النفسية للضغط على إيران. لكن كل ما سبق سواء من التقرير الإخباري لـ"سي ان أن"، أو التردد في الموقف الأميركي، أو الدور الإسرائيلي، تجاهل تماماً عاملاً مهماً عند التعامل مع العقلية الإيرانية وهو خبرات التاريخ، فإيران دولة ذات إطار نفسي يحكمه في جزء كبير ما مرت به في الماضي وتستشهد دائماً بالتاريخ. ودخلت إيران للمرة الأولى ضمن ترتيبات إنتاج الوقود النووي في أوروبا عام 1974، أي قبل عام من توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية، مع تأسيس الشركة الفرنسية- الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالانبعاثات الغازية (SOFIDIF)، ثم انضمت إيران إلى اتحاد "يوروديف" وهو المجمع الأوروبي لتخصيب اليورانيوم، ومُنحت 10 في المئة من إجمالي أسهم الاتحاد وكانت بلجيكا وفرنسا وإيران وإيطاليا وإسبانيا من المساهمين فيه لإنتاج الوقود النووي. وقدمت طهران قرضاً بقيمة 1.18 مليار دولار لتطوير "يوروديف". ومع بدء المنشأة بالعمل في فرنسا، كانت الثورة الإيرانية اندلعت، بالتالي لم يُنقل الوقود النووي إليها، وبعد ذلك أكدت فرنسا أن العقد معها انتهى عام 1990 وأن "يوروديف" لم يعُد ملزماً نقل اليورانيوم المخصب إلى إيران. وهنا يتضح سبب رفض إيران التخصيب الصفري واستيراد اليورانيوم من الخارج، وإصرارها على الاحتفاظ بذلك الحق، كما يفسر ذلك سبب اقتراحها تأسيس اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لو كانت الإدارة الأميركية على درجة عالية من فهم العقلية الإيرانية ومنطلقات تحركها، لما كرر ماركو روبيو خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي أن "الخيار أمام إيران هو استيراد اليورانيوم المخصب اللازم لمفاعلاتها." وهذا التذبذب في الموقف الأميركي الذي يبدو عائداً للدور الإسرائيلي الهادف إلى تخريب المفاوضات، وضع المحادثات أمام نقطة خلاف رئيسة إذا تراجعت أمامها إدارة ترمب فستضيف إلى كثير من المواقف المتراجعة التي مرت بها منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، سواء في ما يخص الصين والتعريفات الجمركية والحرب الأوكرانية وأخيراً ملف إيران. ربما يبدو لنا من زاوية أخرى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى هذه اللحظة، وبصورة عامة، ليس لديها تصور لكيفية التعامل مع إيران في الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج دول المنطقة إلى أن تكون أكثر دراية بما تريده هي من إيران.


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تناقشا حول الاتفاق المحتمل مع إيران، والوضع في غزة، إضافة إلى تقديم التعازي في مقتل اثنين من الموظفين في السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن، مساء الأربعاء. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترمب أوضح في اتصال، اليوم (الخميس)، أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب «وافق على ضرورة ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية». وأوضحت ليفيت أن ترمب أشار إلى أن الأمور تمضي في المسار الصحيح، فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران، حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات بين الجانبين الأميركي والإيراني في العاصمة الإيطالية روما، الجمعة، بواسطة سلطنة عمان. وأعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، أمس، أن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة بشأن برنامج طهران النووي ستُعقد في روما، الجمعة. ترمب برفقة نتنياهو في البيت الأبيض خلال أبريل الماضي (رويترز) وذكر تقرير لشبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تُسمّهم، أن إسرائيل تستعد لاستهداف مواقع نووية إيرانية، رغم استمرار المحادثات الدبلوماسية. وفي أعقاب هذا التقرير حذّرت إيران من أنها ستحمّل الولايات المتحدة مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية. وعبّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الخميس)، عن قلقه إزاء تقارير تفيد بأن إسرائيل تخطط لشنّ هجوم على منشآت نووية إيرانية، مطالباً مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة تلك التقارير فوراً، وبشكل حازم. وقد تعهد الرئيس ترمب مراراً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وشدّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق أقوى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد أوباما عام 2015، الذي انسحب منه ترمب عام 2018 خلال ولايته الأولى. وألمح ترمب خلال زيارته الخليجية أنه يعتقد أن إيران قد قبلت بشروط رئيسية، وأن نهجه الدبلوماسي سيمنع الصراع العسكري، ويغادر الوفد الأميركي، الذي يضم ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي المقرب من الرئيس ترمب، ومسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون، الذي يتولى الجوانب الفنية. ويواجه الجانبان معضلة التوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم الذي أصبح نقطة خلاف رئيسية. فبينما سمح اتفاق عام 2015 بالتخصيب منخفض المستوى للاستخدام المدني حتي درجة نقاء 3.67 في المائة، والحفاظ على مخزون يورانيوم يبلغ 300 كيلوغرام، تُخصّب إيران اليورانيوم الآن إلى 60 في المائة، ولكنه لا يزال أقل من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع الأسلحة. وقدّر آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنحو 830 كيلوغراماً. وتقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن إيران لم تبدأ بعد برنامجاً للأسلحة النووية، لكنها «قامت بأنشطة تُمكّنها من إنتاج سلاح نووي، إذا اختارت ذلك». وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب) وقد صرّح ويتكوف، نهاية الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية تريد وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في شهادته أمام الكونغرس الثلاثاء، تمسك إدارة ترمب بمطلبها وقف إيران تخصيب اليورانيوم تماماً. وقال روبيو: «لا يمكن لإيران امتلاك القدرة على التخصيب، لأن ذلك يجعلها في نهاية المطاف قوة نووية على عتبة النجاح». وعندما سأل أحد المشرعين روبيو، أشار إلى أن الولايات المتحدة ستبقي على العقوبات المفروضة على تطوير إيران للصواريخ الباليستية، وهو موضوع لم يتطرق إليه صراحةً اتفاق عام 2015. وقال روبيو: «هناك عقوبات تتعلق بالإرهاب، وعقوبات تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية، هذه العقوبات، إذا لم تكن جزءاً من الاتفاق، فستبقى سارية». وقال روبيو، الذي كان يتحدث قبل ساعات من صدور تقرير شبكة «سي إن إن» حول استعداد إيران لضرب المواقع النووية الإسرائيلية، إنه «ليس سرّاً أن إسرائيل تدرس الخيارات العسكرية».


الوطن
منذ 4 ساعات
- الوطن
6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقًا استثماريًا تاريخيًا يهدف إلى إنشاء صندوق مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، يعتمد جزئيًا على عائدات استغلال مواردها الطبيعية. والاتفاق، الذي جاء بعد اجتماعات مثيرة للجدل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يمثل تحولًا كبيرًا في دبلوماسية المعادن، ويثير في الوقت ذاته أسئلة استراتيجية حول جدوى تنفيذه دون استقرار طويل الأمد في أوكرانيا. وفي هذا التقرير، نُجيب على ستة أسئلة محورية تكشف أبعاد الاتفاق وتأثير السلام على مساره. ويُعد اتفاق الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن صندوق إعادة الإعمار خطوة جريئة في مسار دبلوماسية المعادن. لكن نجاحه مشروط بتحقيق سلام دائم، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير بيئة استثمارية آمنة. كما يُمثّل الاتفاق نموذجًا أوليًا لاستراتيجية أوسع تسعى واشنطن إلى توسيعها في مناطق النزاع، مستندة إلى معادلة: الاستقرار مقابل الموارد. 1. هل تضمن الاتفاقية حماية أمنية لأوكرانيا؟ ورغم غياب الضمان الأمني المباشر الذي طالب به زيلينسكي، تؤكد الاتفاقية "شراكة استراتيجية طويلة الأمد"، وتشدد على دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار واندماج أوكرانيا في الاقتصاد العالمي. كما تعتمد لهجة أشد تجاه موسكو، وتستثني أي طرف داعم لآلة الحرب الروسية من الاستفادة من إعادة الإعمار. 2. هل يمكن تنفيذ الاتفاق في ظل غياب السلام.. وما وضع المفاوضات الحالية؟ تعرضت أوديسا لقصف روسي بعد ساعات من توقيع الاتفاق، ما يعكس هشاشة البيئة الأمنية. وتقع غالبية الموارد الاستراتيجية – بخاصة الليثيوم – في شرق أوكرانيا، تحت الاحتلال الروسي. وتحتاج مشاريع التعدين إلى استقرار طويل الأمد، نظرًا لمدة إنشائها التي قد تصل إلى 18 عامًا وتكلفتها التي تقارب مليار دولار لكل منجم. دون سلام أو حماية للأصول، تظل بيئة الاستثمار محفوفة بالمخاطر. 3. ما أبرز ملامح الاتفاق الجديد.. وكيف يقارن بالإصدارات السابقة؟ الاتفاقية الموقعة تمنح أوكرانيا سيادة كاملة على مواردها، وتُدار من خلال شراكة متكافئة بين الطرفين. بعكس الاتفاقيات السابقة، أُعفيت مشاريع الطاقة الحالية من المساهمة، مما يربط نجاح الصندوق بالاستثمارات المستقبلية. كما اعتُبرت المساعدات العسكرية الأمريكية مساهمة رأسمالية في الصندوق، مع إعفاء كييف من سدادها، خلافًا للنسخة الأولى التي طالبت بسداد 500 مليار دولار. ويُعد توقيع مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC) الأمريكية كشريك رئيسي في تنفيذ الاتفاق مؤشرًا إلى رغبة إدارة ترمب في تحويل الوكالة إلى أداة محورية في دبلوماسية المعادن العالمية، بعد أن مولت أربعة مشاريع فقط في عام 2024. 4. هل يمنح الاتفاق الولايات المتحدة وصولًا مباشرًا إلى المعادن الأوكرانية؟ الاتفاق لا يُتيح لواشنطن استرداد المساعدات عبر السيطرة على الموارد المعدنية، بل يخولها التفاوض على شراء تلك الموارد بشروط تجارية تنافسية. كما يُلزم السلطات الأوكرانية بإدراج بند يسمح للطرف الأمريكي أو من ينوب عنه بالتفاوض على حقوق الشراء ضمن تراخيص استخدام الموارد، في إطار الشراكة المحددة. 5. هل يمكن اعتبار الاتفاق نموذجًا لدبلوماسية المعادن الأمريكية؟ الاتفاق يعكس فلسفة ترمب في السياسة الخارجية القائمة على الصفقات. وتسعى واشنطن لتكرار التجربة مع دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغنية بالكوبالت والليثيوم. وقد عرض رئيس الكونغو على الولايات المتحدة اتفاق "الأمن مقابل الموارد"، في ظل صراع محتدم شرقي البلاد. وفي خطوة لافتة، قادت الولايات المتحدة جهود وساطة بين الكونغو ورواندا، أفضت إلى توقيع إعلان مبادئ في 24 أبريل 2025، يضع أساسًا لاتفاق سلام رسمي يشمل وقف دعم الجماعات المسلحة. ويتوقع أن يؤدي هذا المسار إلى تعزيز التعاون في قطاع المعادن وتقليص النفوذ الصيني الذي يسيطر على مناجم استراتيجية بالمنطقة. 6.ما أبرز العوائق التي تهدد تنمية قطاع المعادن في أوكرانيا؟ • المسوحات الجيولوجية القديمة: تعود إلى العهد السوفيتي، مما يعيق جذب الاستثمارات. أوكرانيا بحاجة إلى تحديث شامل للخرائط والتقييمات. • أزمة البنية التحتية: تعاني البلاد من انهيار كبير في قطاع الكهرباء، إذ فُقدت نصف القدرة الإنتاجية خلال الحرب، ويُعد القطاع المعدني من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة. • ضعف الدعم المؤسسي: نجاح الاستثمارات مرهون بدعم أمريكي عبر مؤسسات مثل هيئة المسح الجيولوجي ومؤسسة تمويل التنمية.