
اغتيال شهود الحقيقة..
عبد العلي جدوبي : لم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلية بتدمير مكاتب ومقرات وسائل الاعلام بالكامل في قطاع غزة والضفة الغربية ، بل وامتدت أيادي المجرمون القتلة الملطخة بدماء الفلسطينيين ، إلى اغتيال شهود الحقيقة من الصحفيين آخرهم استشهاد ستة من خيرة الصحافيين الفلسطينيين العاملين بقطاع غزة : أنس الشريف ومحمد قريقع وأربعة اخرين ، تم استهدافهم في محيط مجمع الشفاء داخل خيمة كانت تأويهم أثناء أدائهم لعملهم الصحفي الميداني ، وليس في موقع الإشتباك أو على خط المواجهة !
وحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان فقد استشهد 242 صحفيا منذ السابع من اكتوبر 2023 في قطاع غزة وهو رقم يفوق بكثير عدد الصحافيين الذين قتلوا في البلدان التي تشهد نزاعات وحروب مسلحة في : أوكرانيا وكولومبيا والعراق ولبنان وميانمار والسودان وسوريا وتشاد والصومال جمهورية الكونغو دالديمقراطية ، حيث تم تسجيل 162 قتيل في مجمل تلك الحروب !
واعتبرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن الجرائم الرهيبة بحق الفلسطينيين وبحق الانسانيه التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة ، تعتبر اكبر وابشع مجزرة ضد الصحفيين في تاريخ الاعلام في العالم أجمع ، حيث تستهدف اسرائيل الصحفيين عمدا لإخفاء جرائمها البشعة ، وتريد منع وصول الخبر والصورة الى بقيه دول العالم ..
أستشهد بقطاع غزة 62 ألف من الفلسطينيين ، وأصيب 154 ألف جريح ، فضلا على الاف المفقودين ومئات النازحين .. وهكذا ينهج الكيان الصهيوني سياسته الإجرامية لتقتيل الفلسطينيين ولإسكات صوت الحقيقة في غزة كتحضير لارتكابه مجزرة كبيرة يريدها أن تكون دون صوت ودون صورة ، مع أن الرواية الإسرائيلية القديمة _ الجديدة لم تعد صالحه لاقناع الناس حول العالم بأن الفلسطينيين ارهابيون ! مع أن حكومة نتنياهو جعلت المدنيين كلهم أهدافا لآلتها العسكرية ، خصوصا النساء والاطفال والشيوخ الذين يمثلون 75% من ضحايا هذه الحرب ، في حين أن الضحايا المدنيين خلال الحرب العالمية الثانية يمثلون فقط 5%
هذا وتجمع العديد من التقارير الإعلامية بأن الكيان الصهيوني قد يشهدون هزات عنيفة من الداخل ، وقد يتعرض الى تفكك بنياته كما حدث للنظام العنصري في جنوب افريقيا بسبب المقاطعة الواسعة التي تنهجها العديد من دول العالم ضد اسرائيل
فمنذ العام 2023 جمع اتحاد الدولي للصحفيين أدلة حول استهداف الصحفيين ، وذلك بتقديم شكوى الى محكمة الجنايات الدولية ، كما قامت نقابة الصحافة الفلسطينية بنفس المسعى منذ العام 2022 مطالبين باتخاذ اجراءات عملية ملموسة ضد ما تقوم به اسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين ؛ وبالرغم من المآسي التي حلت بالصحافة وبالصحفيين المحليين في غزة ، فإنهم يواصلون تحديهم للكيان الصهيوني ، واصبحوا عيون وآذان والمصدر الوحيد لأخبار غزة للعالم .
والملاحظ انه منذ اعتماد اعلان( ويند هوك ) العام 1991 لم يتم لحد الآن فعل الكثير لحماية الصحفيين بشكل كامل من الاستهدافات المباشرة ، ولم يتم تفعيل القانون الدولي والإتفاقيات الدولية الصادرة في هذا الشأن واليوم تبدو اسرائيل عازمة على تحدي المنتظم الدولي والقوانين الصادرة عن الأمم المتحدة ، لذلك اكدت الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن ما يقع في غزة واستهداف الصحفيين بأن المجازر البشعه التي ترتكبها اسرائيل في حق الصحافيين يجب ألا تمر دون عقاب ، وأن يوضع حد لهذه الجرائم المتكررة التي أصبحت تمارسها القوات الإسرائيلية في الاغتيالات بدم بارد ومعاقبة مرتكبيها ، كما أن الصمت المطبق على مثل هذه الجرائم سيقود الى تكرارها وارتكاب جرائم اخرى إذا لم يوضع حد لها _ تقول المنظمة الأممية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 9 ساعات
- الشروق
وهم استعماري آخر... يبيعه المخزن للبرتغال!
يتذكر القراء الأكارم أننا نشرنا، في هذه المساحة، بتاريخ 29 جوان 2025م، مقالا بعنوان: 'بريطانيا تكتشف كذب المخزن وتطوي صفحة خط الكهرباء الوهمي'، وفيه قلنا أن المغرب خدع تلك الدولة بمشروع وهمي عبارة عن ربط كهربائي، غير ممكن التطبيق، بكابل تحت البحر مقابل أن تعترف له بالحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وحين اكتشفت بريطانيا الخدعة -بعد دراسة على ما يُعتقد- نفضت يدها من المشروع، وأعلنت أنها لن تموله وطوت صفحته. من جهة ثانية، ذكرنا الأسباب التي جعلت بريطانيا تتراجع عن المضي قُدما في تمويل الكابل الخيالي، ومن بينها استحالة نقل الكهرباء من الصحراء الغربية المحتلة إلى بريطانيا، وعدم شرعية المشروع، لأنه يقام في أرض محتلة، ثم إنه غير ممكن التطبيق على أرض الواقع. في الحقيقة بدأ ابتزاز المخزن لبريطانيا بالكابل الخيالي المذكور قبل تصريح وزير خارجيتها -وحده- يوم أول جوان 2025م، الذي قال فيه أنه يدعم الحكم الذاتي. حتى يضغط المخزن على بريطانيا أكثر، ويبتزها كي تُسرّع دعمها للحكم الذاتي، أعلن -المخزن- أنه سيتفاوض مع البرتغال ليحول مشروع الكابل الكهربائي نحوها، مستغلا أزمة الكهرباء التي حدثت في البرتغال وإسبانيا يوم 28 أفريل 2025م، والتي اتهم المخزن أنه هو المتسبّب فيها. في هذا الموضوع، كتبت جريدة La Razón يوم 22 ماي 2025م -قبل اعتراف بريطانيا بالحكم الذاتي- تحت عنوان: 'عواقب انقطاع الكهرباء.. البرتغال تتفاوض حاليًا مع المغرب للربط الكهربائي المباشر'. وقالت الجريدة في نفس المقال: 'أفادت مصادر برتغالية أن لشبونة بدأت اتصالات أولية مع الرباط لإطلاق مشروع لربط شبكات الكهرباء عبر كابل بحري بطول 220 كيلومترا، الهدف منه هو جلب الطاقة من شمال إفريقيا؛ وتتجاوز تكلفة المشروع 300 مليون يورو، وفقًا لدراسة نشرتها الجمعية المتوسطية لمشغلي شبكات نقل الكهرباء عام 2022م'. هذه المفاوضات الأولية مع البرتغال لم تكن جدية؛ كان هدفها ابتزاز بريطانيا لجعلها تُسرّع من دعمها للحكم الذاتي حتى تحصل على 'مشروع الربط الكهربائي' مع المغرب. يوم أول جوان، وحتى لا تخسر الصفقة، سارع وزير خارجية بريطانيا، بطريقة غير واضحة، وأعلن اعتراف بلاده بالحكم الذاتي، وهو اعتراف قالت الحكومة البريطانية بعد ذلك إنها تربطه بقرارات الأمم المتحدة وبتقرير المصير، ثم كرست التراجع عنه باستقبال وفد وزاري صحراوي في أوت 2025م. تم تجميد المفاوضات مع البرتغال حول المشروع، وتم تحويل الاهتمام كله إلى بريطانيا، لكن بعد شهر من الدراسة والتقييم، اكتشفت بريطانيا أن الكابل الذي اعترفت بالحكم الذاتي كمقابل له هو خدعة، وأنه غير ممكن التحقيق، وأعلنت التخلي عنه. تخلّي بريطانيا عن المشروع الكهربائي الخيالي سبب إحراجا شديدا للمخزن، وسلط الضوء على أكاذيبه، فعاد -نكاية ببريطانيا- يغازل البرتغال من جديد كي تعترف بالحكم الذاتي، وعرض عليها تحويل خط الكهرباء الذي كان سيمتد نحو بريطانيا نحوها هي -البرتغال- ووضع على الطاولة الكثير من المحفزات منها: المسافة بين المغرب والبرتغال قصيرة مقارنة بالمسافة بين المغرب وبريطانيا؛ المغرب مستعد لتحويل مشروع الربط الكهربائي من بريطانيا إلى البرتغال؛ من الأفضل للبرتغال أن تنفصل عن شبكة الكهرباء الإسبانية الضعيفة التي من الممكن أن تتعرض لانقطاعات كثيرة مثلما حدث في أفريل 2025م. كل هذه المحفزات جعلت البرتغال تسقط على أنفها، وتشتري نفس المشروع الفاشل الذي سبق واشترته بريطانيا وهو ربط البرتغال بكابل كهربائي وهمي مقابل الاعتراف بالحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية. يوم 22 جويلية – حسب موقع Rue 20 Español- دعمت لشبونة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية مقابل توصيل الكهرباء من المغرب إلى البرتغال، وأشاد وزير الدولة والشؤون الخارجية بالجمهورية البرتغالية، باولو رانجيل، يوم 22 جويلية 2025م في لشبونة، بعلاقات التعاون الثنائي الممتازة مع المملكة المغربية، مجدّدا التأكيد على الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، 'التي تشكّل نموذجا مثاليا للتعاون'. وقوع البرتغال – وقبلها بريطانيا – في هذا الفخ، وفي هذا المشروع الخيالي الفاشل -الربط الكهربائي مع المغرب عبر البحر- أكد تعجل هاتين الدولتين، وعوزهما للكهرباء والطاقة، واستعدادهما بسبب الحاجة إلى القيام بشطحات لا تخطر على البال. فكيف يمكن، مثلا، مد كابل بحري بين المغرب أو الصحراء الغربية المحتلة مع بريطانيا والمسافة تقدر بآلاف الكيلومترات؟ بالنسبة للبرتغال قد يمكن التغلب على عاتق المسافة رغم صعوبة ذلك، لكن الخدعة تقع في مصدر الكهرباء، وفي عدم شرعية المشروع. لا توجد منطقة، لا في المغرب ولا في الصحراء الغربية المحتلة، صالحة لتكون مصدر طاقة كهربائية مستقر، وبالتالي فإن البرتغال، مثلها مثل بريطانيا، ستجد نفسها ارتكبت خطأ فادحا بخرقها للقانون الدولي مقابل صفقة وهمية فاشلة. فمنذ أول يوم للحديث عن مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والبرتغال، بدأت الأصوات تسخر من الصفقة، وحسب موقع Montel news بتاريخ 31 جويلية 2025م، فإن رئيس جمعية الطاقة المتجددة في البرتغال، أبريين، قال لصحيفة 'مونتل'، 'إن خطة الحكومة البرتغالية لزيادة قدرة الربط الكهربائي مع المغرب لا معنى لها، ولن تُقدم فوائد تذكر مقارنة بتعزيز الروابط مع دول أوروبية أخرى'.


إيطاليا تلغراف
منذ 13 ساعات
- إيطاليا تلغراف
الجريمة والإفلات من العقاب
إيطاليا تلغراف حسن نافعة كاتب وأكاديمي مصري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة في رائعته 'الجريمة والعقاب'، أبدع فيودور دوستويفسكي في رسم أبعاد الصراع النفسي لشابٍّ لم يتورّع عن ارتكاب جريمة قتل، حاول بعدها تبرير فعلته النكراء بذرائع أخلاقية. ولأن الجاني عجز عن سداد إيجار مسكنه في موعده، فقد قرّر التوجّه إلى منزل مرابية لرهن ساعته، وهناك لمعت في رأسه فكرة التخلّص منها، بل أقدم على قتلها بالفعل، ومعها سيّدة أخرى صادَف وجودها في مكان الجريمة. ورغم أنه لم يُقبَض عليه متلبّساً بارتكاب جريمته، إلا أنه حاول إقناع نفسه بأنه خلّص المجتمع من مرابية تستحقّ العقاب، معتقداً أنه 'أعلى مرتبةً' من هذا النوع من البشر. وقد برع أديبنا المبدع في رسم شبكة العلاقات المحيطة ببطل الرواية، بكلّ ما يعتمل فيها من تعقيدات إنسانية أدخلته أزمةً نفسيةً وفكريةً عنيفةً، لينتهي به الحال إلى اعترافه بجريمته وتسليم نفسه للعدالة. تذكّرتُ هذا العمل الروائي المبدع بينما كنت أتابع عبر شاشات التلفاز مشاهد التجويع والإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني، وفجأة انبثق في ذهني سؤال حول نوع الإبداع الذي كان يمكن لأديب في حجم دوستويفسكي أن يستلهمه من مشاهد كهذه، لو قدّر له أن يعيش بيننا. فالجاني الإسرائيلي يعتقد أنه يتمتّع بتفوّق أخلاقي مستمدّ من 'محرقة' تعرّض لها اليهود في ألمانيا النازية، والضحية الفلسطيني شعب احتُلَّت أرضه وانتُهِكت حقوقه، ويتعرّض منذ عامَين لعمليات تجويع ممنهج وتطهير عرقي. ورغم ما يبديه من مقاومة أسطورية، وما يقدّمه من تضحياتٍ لا مثيل لها في التاريخ الإنساني، يجد نفسه محشوراً داخل بيئة محيطة عاجزة تماماً عن تقديم أيّ دعم حقيقي لنضاله المشروع. ولأن لدى المجرم الإسرائيلي ثقة تامّة في قدرته على الإفلات من العقاب، فليس من المتوقّع أن يدخل في أزمة نفسية تُفضي به إلى الاعتراف بالذنب. لإسرائيل حلفاء أقوياء يتولّون تزويدها بكلّ ما يعينها على مواصلة ما ترتكبه من جرائم والإفلات من العقاب في الوقت نفسه لن يكون بمقدور أحد إنقاذ الشعب الضحيّة ممّا يُرتكَب في حقّه من جرائم تشكّل وصمةَ عارٍ في جبين الإنسانية، مهما بلغ خيال الراوي، فلإسرائيل حلفاء أقوياء يتولّون تزويدها بكلّ ما يعينها على مواصلة ما ترتكبه من جرائم والإفلات من العقاب في الوقت نفسه. صحيح أن النظام الدولي يضمّ دولاً أخرى قوية، ليست بالضرورة حليفةً لإسرائيل، ولا تتردّد في التنديد علناً بما ترتكبه من جرائم، غير أنها تعجز عن اتخاذ إجراءاتٍ عمليةٍ لوقف هذا السلوك الإجرامي، إمّا بسبب عدم القدرة أو انتفاء الرغبة. وصحيح أيضاً أن دولاً كثيرة تتحدّث عن تعاطفها مع القضية الفلسطينية، في مقدّمتها الدول العربية والإسلامية، لكنّها لم تتمكّن من اتخاذ أيّ إجراء يساعد على وقف العدوان، ناهيك عن إنزال العقاب بالمعتدي. لم يشهد النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية دولاً تشبه إسرائيل في إصرارها على تحدّي القانون الدولي. ورغم صدور أمر من المحكمة الجنائية الدولية بمثول بنيامين نتنياهو، شخصياً أمامها، إلا أن الأخير، وهو رئيس حكومة هذه الدولة العاصية، ما زال يواصل جرائم الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني، ويتصرّف كأنّه فوق القانون. ولتفسير ظهور هذه الحالة الشاذّة يتعيّن أن نأخذ في الاعتبار جملة من الحقائق المتعلّقة بمسؤولية الأطراف المعنية عمّا جرى (ويجري). تتعلّق الحقيقة الأولى بمسؤولية الولايات المتحدة. فهذه المسؤولية لا تقلّ عن مسؤولية إسرائيل نفسها، إن لم تكن أكبر، بدليل أن حكومة نتنياهو حدّدت لنفسها أهدافاً تتجاوز بكثير ما يمكن أن يُعدَّ ردَّة فعل طبيعي أو منطقي على ما قامت به حركة حماس في '7 أكتوبر' (2023)، إذ اتّخذت من 'طوفان الأقصى' ذريعةً لإقامة 'إسرائيل الكبرى'. ولأن الولايات المتحدة تماهت تماماً مع مجمل هذه الأهداف، رغم عدم شرعيّتها، وقدّمت لإسرائيل كلّ ما تستطيع من دعم مادّي وسياسي ولوجستي واستخباراتي لتمكينها من تحقيقها، بل وصل الأمر إلى حدّ إقدام إدارة ترامب على الاشتراك مع إسرائيل في توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية. فإذا أضفنا إلى ما تقدّم أن الولايات هي الدولة الوحيدة التي بمقدورها وقف هذه الحرب في أيّ لحظة، لكنّها لم تفعل، وأنها الدولة الوحيدة التي حالت (وما تزال) دون تمكين مجلس الأمن من فرض أيّ عقوبات على إسرائيل، خصوصاً بعد أن قتلت الأخيرة مئات من موظّفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، بل وصل بها الأمر إلى حدّ فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، لردع الأخيرة وثنيها عن مواصلة إجراءات القبض على نتنياهو ومحاكمته، لتبيّن لنا بوضوح تامّ أنها تتحمّل المسؤولية الرئيسة عن إطالة أمد الحرب. وربّما من المفيد هنا تذكير القارئ بأن ترامب تحدّث علناً عن صغر مساحة إسرائيل وحاجتها الماسّة للتوسّع، وعن رغبته في إخلاء قطاع غزّة من سكّانه تمهيداً لإقامة 'ريفييرا' مكانه، وأن نتنياهو نفسه لم يجرؤ على التحدّث علناً عن تهجير الفلسطينيين من القطاع إلا بعد أن نطق به ترامب. تعجز دول كبرى عن اتخاذ إجراءات لوقف سلوك إسرائيل الإجرامي، إمّا بسبب عدم القدرة أو انتفاء الرغبة تتعلّق الحقيقة الثانية بمسؤولية الدول الأوروبية، فقد انحازت الغالبية الساحقة من هذه الدول إلى إسرائيل منذ بداية الأزمة، وقدّمت لها كلّ ما تستطيع من عون مادّي ومعنوي، بل شارك بعضها مباشرة في التصدّي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية التي أُطلقت على إسرائيل. ويلاحظ أنها لم تبدأ في اتخاذ مواقفَ مستقلّةٍ نسبياً عن الموقف الأميركي إلا متأخّراً، وبعد اندلاع مظاهرات شعبية عارمة في معظم عواصمها احتجاجاً على ما تقوم به إسرائيل من أعمال إبادة جماعية وتجويع ممنهج للشعب الفلسطيني. ورغم عدم جواز التقليل من أهمية إعلان عدة دول أوروبية رئيسة، مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا وغيرها، عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن التحرّك في هذا الاتجاه ينطوي على دلالةٍ يغلب عليها الطابع الرمزي. ولأنه كان بمقدور الدول الأوروبية أن تؤثّر فعلياً في مسار الأحداث، وأن تجبر إسرائيل على التفكير جدّياً في وقف الحرب، لو أن مؤسّسات الاتحاد الأوروبي كانت قد اتّخذت قراراً بفرض عقوبات تجارية أو مالية جماعية عليها (وهو ما لم يحدث)، يمكن القول إنها تتحمّل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني. وأظن أن المعلق الصحافي الإسرائيلي، جدعون ليفي، كان محقّاً تماماً حين كتب: 'كان على إسرائيل أن تشكر كلّ من يعترف بدولة فلسطين، إذ جاء هذا الاعتراف بديلاً مخادعاً للخطوة الحقيقية التي كان لا بدّ من اتخاذها: العقوبات. فالاعتراف مجرّد بديل شكلي للمقاطعة والعقوبات التي يجب أن تُفرض على دولة ترتكب إبادةً جماعية. إنه مجرّد كلام أجوف تتبنّاه حكومات أوروبا المتردّدة والضعيفة، لتُظهِر لجماهيرها الغاضبة أنها ليست صامتة'. تتعلق الحقيقة الثالثة بمسؤولية القوى الدولية الكبرى المتعاطفة إعلامياً مع القضية الفلسطينية، وفي مقدّمتها روسيا والصين. فلم يكن موقفهما في الواقع على المستوى المطلوب، بالنظر إلى حجم الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل، رغم عدم جواز التقليل من أهمية ما قدّمتاه من دعم سياسي في مجلس الأمن، ومن دعم إعلامي، عكسته بيانات الشجب والإدانة. وكان يمكن لموقفيهما أن يكون أكثر تأثيراً بالنسبة إلى وقف الحرب وإدخال المساعدات لو أنهما قرّرتا استخدام سلاح العقوبات، أو حتى مجرّد التلويح به، خصوصاً أن علاقات تجارية وعسكرية واسعة النطاق تربطهما بإسرائيل. لذا لا نعتقد أننا نظلمهما حين نقوم بتحميلهما جانباً من المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة والتجويع. لا تقل مسؤولية الولايات المتحدة عن مسؤولية إسرائيل نفسها عن الجريمة في غزّة أمّا مسؤولية الدول العربية والإسلامية (الحقيقة الرابعة) فهي كبيرة جدّاً، بالنظر إلى ما تدّعيه هذه الدول من التزام بالدفاع عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الشعب الفلسطيني. وحين تعجز دول تتحدّث باسم أكثر من مليار ونصف مليار عربي ومسلم عن إدخال مساعدات لشعب تصرّ إسرائيل على إبادته، إمّا قتلاً أو جوعاً، فلا بدّ أن يشكّل ذلك وصمة عار في جبينها. وكان بمقدور عدد كبير منها فعل كثير لوقف هذه المأساة، من دون التورّط في الانزلاق نحو الحرب. وعلى سبيل المثال، كان بمقدور الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أن تتّخذ موقفاً جماعياً بسحب سفرائها وقطع جميع أشكال العلاقات معها، أو التهديد بها على الأقلّ، لكنّها لم تقم بأيّ منهما. وكان بمقدور الدول العربية والإسلامية التي ترتبط بعلاقات خاصّة مع الولايات المتحدة، سيما الدول الغنية المؤثّرة على سوق النفط، بأن تضغط على الولايات المتحدة كي تضغط بدورها على إسرائيل، لكنّها لم تفعل. وهناك مؤشّرات كثيرة تؤكّد أن عدداً لا يستهان به من هذه الدول فضلّ أن تنتهي الحرب بإخراج 'حماس' من المعادلة، وراح ينتظر، وهذا هو ما فهمه نتنياهو وبنى مواقفه على أساسه، ومن ثمّ تمكّن من استغلاله أسوأ استغلال. لذا، يمكن القول إن تخاذل معظم الدول العربية والإسلامية في مساندة الشعب الفلسطيني في محنته، بسبب عدائها الواضح لحركة حماس، يعدّ أحد الأسباب الرئيسة لإصرار نتنياهو على التمادي في غيّه. صدرت عن نتنياهو أخيراً تصريحاتٌ تقطع بأن طموحاته لا تقتصر على هزيمة 'حماس'، وإنما تتجاوز ذلك بكثير، خصوصاً أنه يطمح لكي يُتوَّج ذات يوم ملكاً على 'إسرائيل الكبرى' التي يدرك جيّداً أنها لا يمكن أن تقوم إلا بعد بناء 'الهيكل الثالث'. وما لم تتمكّن الدول العربية والإسلامية من اتخاذ إجراءات تجبر إسرائيل والولايات المتحدة على وقف الحرب وإنقاذ الشعب الفلسطيني من الإبادة والمجاعة، وفتح الباب أمام آفاق حقيقية لتسوية عادلة لقضيته، فسوف تصحو هذه الدول ذات يوم (ليس ببعيد) على مشهد المسجد الأقصى وهو يُهدَم لإقامة الهيكل على أنقاضه. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف


خبر للأنباء
منذ يوم واحد
- خبر للأنباء
بيان ناري من 31 دولة عربية وإسلامية ضد إسرائيل بعد تصريحات نتنياهو وسموتريتش
وتمحور البيان المطول حول تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتصل بما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، والمساعي الاستيطانية الأخيرة في الضفة الغربية، مشددين على أنه "لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة". وأدان وزراء خارجية الدول الـ31 والأمناء العامون "بأشدّ العبارات التصريحات التي أدلى بها بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، والتي نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن ما يُسمى بـ إسرائيل الكبرى"، مؤكدين أنها تمثّل استهانة بالغة وافتئاتًا صارخًا وخطيرًا لقواعد القانون الدولي، ولأسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، والأمن والسلم الإقليمي والدولي. وشدد البيان على أنه "في الوقت الذي تؤكد فيه الدول العربية والإسلامية احترامها للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ولا سيّما المادة 2 الفقرة 4 المتعلّقة برفض استخدام القوة أو التهديد بها، فإن الدول العربية والإسلامية ستتخذ كافة السياسات والإجراءات التي تُؤطر للسلام وتُكرّسه، بما يحقق مصالح جميع الدول والشعوب في الأمن والاستقرار والتنمية، بعيدًا عن أوهام السيطرة وفرض سطوة القوة". وأدانت الدول الـ31 بأشدّ العبارات موافقة الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش على خطة الاستيطان في منطقة "E1"، وتصريحاته العنصرية المتطرفة الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، ويعتبرون ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، واعتداءً سافرًا على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة. ويُشدّدون على أن لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة. وأكدت الدول رفضها المطلق وإدانتها لهذه الخطة الاستيطانية ولكافة الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية، التي تُشكّل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، وعلى وجه الخصوص القرار 2334، الذي يُدين جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي، والطابع والوضع القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين. وواصل البيان: "كما يُعيدون التأكيد على الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، الذي شدّد على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وضرورة إنهائه فورًا، وإزالة آثاره والتعويض عن أضراره". وحذرت هذه الدول من خطورة النوايا والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى ضم الأراضي الفلسطينية، واستمرار الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في نهجها الاستيطاني التوسّعي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها من محاولات المساس بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وإرهاب المستوطنين، والاقتحامات اليومية للمدن والقرى و المخيمات الفلسطينية والتدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، والذي يُسهم بشكل مباشر في تأجيج دوامات العنف والصراع، ويُقوّض فرص تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. كما حذرت من الاستناد إلى أوهام عقائدية وعنصرية، ما ينذر بتأجيج الصراع وبما يصعب التحكّم في مساراته أو التنبؤ بمآلاته، وبما يُهدّد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي على حد سواء. وفي سياق متصل، جدد وزراء الخارجية في الدول العربية والإسلامية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، تأكيدهم على رفض وإدانة جرائم العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتأكيد على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع ضمان النفاذ غير المشروط للمساعدات الإنسانية لوقف سياسة التجويع الممنهج الذي تستخدمه إسرائيل كسلاح إبادة جماعية بما يتطلبه ذلك من إنهاء فوري للحصار الإسرائيلي القاتل على القطاع، وفتح المعابر الإسرائيلية مع قطاع غزة، وتحميل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، كامل المسؤولية عن تبعات جرائمها في قطاع غزة، من انهيار المنظومة الصحية والإغاثية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال. وأعادت الدول التأكيد على الرفض الكامل والمطلق لتهجير الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال وتحت أي ذريعة من الذرائع، ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة، تمهيدًا لتهيئة الظروف الملائمة من أجل تنفيذ الخطة العربية - الإسلامية لجهود التعافي المبكّر ولإعادة إعمار القطاع. كما أكدت الدول الـ31 والمنظمات الثلاث، أن قطاع غزة جزء لا يتجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، وضرورة تولي دولة فلسطين مسؤوليات الحكم في قطاع غزة كما في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بدعم عربي ودولي، في إطار البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وسياسة نظام واحد وقانون واحد وسلاح شرعي واحد. ودعت هذه الدول المجتمع الدولي، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لا سيّما الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والعمل الفوري على إلزام إسرائيل بوقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية المحتلة، ووقف التصريحات التحريضية الواهمة التي يُطلقها مسؤولوها، إضافة إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني، ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني. وصدر البيان عن وزراء خارجية كل من الجزائر والبحرين وبنجلادش وتشاد والقُمر المتحدة، وجيبوتي، ومصر، وجامبيا، وإندونيسيا، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمالديف، وموريتانيا، والمغرب، ونيجيريا، وسلطنة عُمان، وباكستان، وفلسطين، وقطر، والسعودية، والسنغال، وسيراليون، والصومال، والسودان، وسوريا، وتركيا، والإمارات، واليمن، وأمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية.