الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة 'النّاعمة' ( ج2) !
الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة 'النّاعمة' – الجزء الثاني!
نماذج من التّأثيرات السّلبية للدّيون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
الطاهر المعز*
السنغال
عند إعداد هذه الورقة أعلنت الحكومة السنغالية إن التحقيق الذي أشرف عليه ديوان المحاسبة أظْهَر إن نظام الرئيس السابق ماكي صال أخْفَى بعض الحقائق ومن بينها المبلغ الحقيقي للدّيْن العام، واتّفق صندوق النقد الدّولي مع نتائج تدقيق ديوان المحاسبة، مما يعني إن خبراء الصندوق كانوا متواطئين مع الحكومة السابقة…
أصبح السنغال بلدًا منتجًا للمحروقات، ويتقاسم حقل الغاز البحري مع موريتانيا، لكنه لا يزال بلدًا فقيرًا ، وترتفع نسبة الفقر إلى حوالي 58% من سُكّان البلاد، فيما انتشر الفساد داخل أجهزة الدّولة، منذ عُقُود، وأعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف الاقتصاد السنغالي في ' درجة ضعيفة ومحفوفة بالمخاطر'، بعد صدور تقرير ديوان المحاسبة السنغالي ( 13 شباط/فبراير 2025) الذي كشف عن خروقات وتزييف في البيانات الاقتصادية التي كانت تقدم للمؤسسات الدولية والشركاء الماليين، خلال الفترة الممتدة من سنة 2019 إلى 31 آذار/مارس 2023، وسوف يُؤثّر ترتيب وكالة موديز الجديد على معدلات الفائدة للقروض التي قد تطلبها حكومة السنغال باعتبار الإقتصاد 'محفوفًا بالمخاطر'، كما قد يتسبب في انخفاض الإستثمارات الأجنبية …
أَعلن الوزير الأول في السنغال عثمان سونكو 'إن الدين العام مثّل سنة 2023 نسبة 99,67% من الناتج المحلي، بينما كان نظام الرئيس السابق ماكي صال يقول إنه يبلغ 70% فقط، وتعتزم السلطات السنغالية فتح تحقيقات قضائية ضد المسؤولين عن تسيير البلاد في الفترة السابقة، لارتكابهم 'جرائم التزوير والاختلاس، وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع'، وأعلن وزير القضاء، يوم 14 شباط/فبراير 2025: ' إن مرتكبي هذه الجرائم لن يفلتوا من العقاب، وسيطبق القانون على الجميع من دون استثناء'، وكشف تقرير ديوان المحاسبة السنغالي تزييف التقارير التي كانت تقدم للشركاء والدّائنين بخصوص الوضع المالي للدولة، فيما تختفي حوالي 153 مليون دولار من عائدات الضرائب سنويا ولا تصل إلى خزينة الدّولة بسبب الاحتيال و'الإستدانة بدون ضوابط، فضلا عن تزوير الأرقام'، مما أغرق البلاد في المشاكل المالية، وفق تعبير رئيس الوزراء عثمان سونكو.
أكّد صندوق النقد الدولي أن حكومة الرئيس السنغالي السابق ماكي صال أخفت ديونا بقيمة حوالي سَبْع مليارات دولار بين سنتَيْ 2019 و2024، وهو ما يتوافق إلى حد كبير مع ما خلص إليه التقرير الصادر في وقت سابق عن محكمة الحسابات في البلاد، و 'كان هناك قرار واع بشأن التقليل من حجم الديون خلال السنوات الخمس الماضية، لذلك يتفق خبراء الصندوق مع ما انتهى إليه تقرير محكمة الحسابات… إن إخفاء جزء من الديون أتاح للسلطات السابقة إمكانية اقتراض أكبر، وإعطاء إشارة أكثر إيجابية للأسواق المالية، وجعلها قادرة على الاقتراض بأسعار فائدة أفْضَل مما كان مُتاحًا لو كان الدين أعلى، وإن الدين الحقيقي يقترب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وليس نسبة 70% التي كانت تعلنها الحكومة السابقة '، وفق رئيس بعثة صندوق النّقد الدّولي إلى السنغال، وذكرت مجلة 'إيكونوميست' البريطانية إن العديد من الحُكومات تلجأ إلى الاقتراض السري لتجنب الرقابة العامة.
أدى هذا الفارق إلى تفاقم العجز المالي، مما دفع الصندوق إلى تعليق برنامج القروض للسنغال، مع الإشارة إلى عِلْم خبراء صندوق النّقد الدّولي بهذا التلاعب والتزييف لأن البعثات المتتالية تٌقيم في أي بلاد مُقترضة عدة مرات سنويا ( على حساب المواطنين) وتراقب وثائق كل الوزارات، وأعلن الرئيس باسيرو جوماي أفاي ورئيس حكومته عثمان صونكو إن الحكومة بصدد معالجة الأزمة المالية وضمان الشفافية في إدارة المال العام، كخطوة ضرورية لإصلاح الاقتصاد، في مواجهة التحديات الكبيرة لإعادة ضبط الموازنة وسط تداعيات هذه الأزمة.
يُمثّل ما تم الإعلان عنه في السنغال عيّنة من تداعيات الدّيُون التي تشمل السرقة والفساد وتهريب الأموال والثروات إلى الخارج وما إلى ذلك، بتواطؤ من المُؤسّسات المالية ومن الدّول الإمبريالية التي تعتبر التزوير والإستيلاء على المال العام مُكافأة للعُملاء من حُكّام الدّول الواقعة تحت الهيمنة، فيما يُسدّد الكادحون والفقراء ثمن التزوير والإختلال وتهريب الأموال والثروات والثراء غير المشروع…
الدّيُون = تَبَعِيّة وفقر
تدّعي مؤسسات التمويل الدّولية 'إن القروض وسيلة رئيسية لدعم اقتصادات الدول النامية'، لكن هذه المؤسسات تفرض شروطًا مجحفة لا تُساعد على تحقيق أو تعزيز التنمية، بل تُساعد على استنزاف الموارد، بفعل نسبة الفائدة المرتفعة على مبالغ القُروض و الشروط القاسية – التي تشمل الإملاءات السياسية – ومن بينها التّقشف وخفض الإنفاق الحكومي والخصخصة وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية وتوجيه الإنتاج نحو التصدير بدلًا من تلبية حاجة المواطنين…
في كينيا، كان أكثر من نصف إيرادات الدولة مخصصًا لسداد الديون الخارجية بنهاية سنة 2022، خلال فترة رئاسة ويليام روتو الذي أعلن برنامج تقشف يقضي بزيادة الضرائب، ورفع الدعم عن بعض السلع ولكن فُقراء البلاد انتفضوا ضد هذه الإجراءات.
في مالي، طبّق ' ألفا عمر كوناري' الذي انتُخِبَ رئيساً سنة 1992 تعليمات صندوق النّقد الدّولي بحذافيرها، بذريعة 'استعادة التوازنات الاقتصادية الكلية الرئيسية'، من خلال دعم القطاع الخاص وخصخصة مؤسسات القطاع العام، وخفض عدد الموظفين كجزء من خفض الإنفاق الحكومي، وانخفض عدد الموظفين المدنيين من 45 ألف موظف سنة 1991 إلى 37700 موظف سنة 1998، وانخفضت القيمة الحقيقية لرواتب موظفي القطاع العام بنسبة تتراوح بين 11% و18%، وارتفعت نسبة الضريبة على الرواتب وعلى الإستهلاك وانخفضت النفقات الجارية، وانخفض عدد شركات القطاع العام من 90 سنة 1985 إلى 36 شركة سنة 1998، وتمت تصفية 26 شركة وخصخصة 28 شركة، وأمر صندوق النقد الدّولي، سنة 2000، بخصخصة صندوق التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتم بيع 60% من رأس مال شركة كهرباء مالي وبيع فندق 'الصداقة' وخصخصة 35% من شركة التبغ والكبريت الوطنية، مع إمكانية الخصخصة الكاملة مستقبلا، وتصفية شركة معدات الأشغال العامة ومكتب النقل السياحي والشركة الوطنية للبحث والاستغلال المعدني…
لم يتحسّن مستوى معيشة السكان، بل بلغ معدّل التحاق الأطفال بالمدارس الإبتدائية 56% وارتفع متوسط عدد الطلاب لكل معلم في المدرسة الابتدائية ويُعاني 27% من الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية، ولا يتجاوز عدد المواطنين الذين يمكنهم الوصول إلى مركز صحي على مسافة 15 كيلومترا نسبة 59% من السكان، وبخصوص الخدمات الضرورية فإن 17% من المنازل لديها مياه جارية و12% لديها كهرباء ( أرقام سنة 2000، بعد ثماني سنوات من تطبيق 'توصيات صندوق النقد الدّولي)
في مدغشقر، حصلت الدّولة على قرض (تموز/يوليو 1999) من صندوق النقد الدّولي بشروط أهمها: تنفيذ 'إصلاحات هيكلية'، تتضمن خصخصة ثاني مصرف عام في البلاد (بنك زراعي) وخصخصة قطاعات الاتصالات وصيد الأسماك والتعدين، وتمت خصخصة شركة النفط المملوكة للدولة (سوليما) لاحقًا خلال شهر حزيران/يونيو2000، كشرط للحصول على الدفعة الأولى من قرض 'التكيف الهيكلي' الجديد من البنك العالمي…
فاتورة ديون مضاعفة
تعاني العديد من دول 'الجنوب' من ارتفاع الدّيُون الخارجية، ومن بينها الدّول الأفريقية، وفق بيانات البنك العالمي التي تُؤَكِّدُ ارتفاع إجمالي أرصدة الديون الخارجية للبلدان العربية ( ومعظمها في إفريقيا) من 243,2 مليار دولار سنة 2013 إلى 442,7 مليار دولار سنة 2023، وارتفعت مدفوعات الفوائد من 5,4 مليار دولار سنة 2013 إلى 7,3 مليار دولار سنة 2020، وفي إفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى التي تتميز بأعلى معدّلات فَقْر السُّكّان، رغم الثروات الهائلة، تضاعف حجم الدين العام بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ سنة 2010، ليصل إلى حوالي 1,14 تريليون دولار بنهاية سنة 2022، مما تسبب في مخاطر اقتصادية لما لا يقل عن 22 دولة إفريقية، بسبب تراكم الدُّيُون بين سنتَيْ 2010 و 2018 ( أي قبل وباء كوفيد ) وارتفاع حجمها إلى 665 مليار دولار، وارتفعت بسبب جائحة كوفيد19 والحرب في أوكرانيا وارتفاع نسبة الفائدة بنحو 180%، وفق بيانات البنك العالمي…
ادّعى صندوق النقد الدّولي 'إطلاق مبادرات لمساعدة هذه البلدان لتجاوز محنة الديون'، خصوصًا خلال جائحة كوفيد، لكن هذه المبادرات أدّت إلى ارتفاع معدلات الدين العام والتضخم إلى مستويات غير مسبوقة، ويُؤثّر ارتفاع الأسعار والتّضخم على الفئات الأكثر هشاشة، فضلا عن ارتفاع أسعار الدولار الأمريكي الذي ضاعف من حجم مدفوعات خدمة الديون المقومة بالدولار، وتضاعفت مدفوعات الفائدة كحصة من الإيرادات في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء على مدى عقد واحد، وعلى سبيل المثال وكلما ارتفع حجم القروض الخارجية زاد استنزاف الموارد، ورغم المستوى المنخفض نسبيا لديون الدول الإفريقية مقارنة بمجموعة السّبع الغنية، ترتفع تكاليف الاقتراض مما يُؤَدِّي إلى تخصيص نسبة كبيرة من الإيرادات الحكومية لخدمة الديون، فعلى سبيل المثال، تُخصّص حكومة غانا 26% من إيراداتها لمدفوعات الفائدة، فيما تُخصص فرنسا نسبة 3% رغم ارتفاع مستوى ديون فرنسا، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، لأن الدّول الإفريقية تدفع أسعار فائدة أعلى بنحو 2 إلى 4 مرات مقارنةً بالدول الغنية، وعمومًا تضطر حكومات دول أفريقيا جنوب الصحراء لدفع نحو 300 مليون دولار من الفوائد الإضافة سنويًا، أي فوائد غير مُستحقة يتم فَرْضُها من قِبَل الدّائنين بعنوان 'ارتفاع المخاطر'، وتسببت هذه الشروط المجحفة وارتفاع نسبة الفائدة وقِصَر مدّة القُروض إلى خسارة ميزانيات دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو 2,2 مليار دولارا سنويا، وارتفعت 'مدفوعات خدمة الدّيون' للدّول الإفريقية مجتمعة من 17 مليار دولارا سنة 2010 إلى 74 مليار دولارا سنة 2024 وفق بنك التنمية الإفريقي ( فرع من البنك العالمي)، وكان يمكن توجيه هذه المبالغ أو جزء منها نحو مشاريع البنية التحتية والصحة والتّعليم…
قدّرت مجموعة المصرف الإفريقي للتنمية ( أحد فروع مجموعة البنك العالمي ) إجمالي الدّيْن الخارجي لقارّة إفريقيا بنحو 1,12 تريليون دولاررا سنة 2022 وبنحو 1,152 تريليون دولارا سنة 2023، فيما بلغت أسعار الفائدة أعلى مستوى لها خلال أربعين سنة، وسدّدت دول القارة مبلغ 61 مليار دولارا بعنوان 'خدمة الدّيُون' سنة 2010، وارتفع المبلغ (خدمة الدُّيُون فقط) إلى 163 مليار دولارا سنة 2024 ويُقدّر المصرف الإفريقي للتنمية عدد الدّول الإفريقية المُعَرّضة لخطر 'المديونية الحَرِجَة'، أو المُهدّدة بخطر العجز عن السداد ب 25 بلد، وبلغ متوسّط الدّيْن العام للبلدان الإفريقية 61% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2019 ( قبل جائحة كوفيد ) وارتفع إلى 68% سنة 2021 ثم بلغ 65% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023، أي إن مستوى دُيُون البلدان الإفريقية لا يزال أعلى مما كان عليه قبل كوفيد 19، وقد يؤدي العبء المتزايد لخدمة الديون إلى تقويض أهداف التنمية المستدامة في القارة، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية، في ظل تغيّر هيكل الديون الأفريقية بشكل كبير حيث انخفضت نسبة الدّيون الثنائية من نحو 52% من إجمالي الدُّيُون سنة 2000 إلى 27% من الديون سنة 2023، وشكّلت 'الدّيون التجارية ' نحو 20% سنة 2000 وارتفعت إلى 43% من إجمالي الديون سنة 2023.
يُشكّل ارتفاع تكاليف الإقتراض وقِصَر فترة سداد الدّيون جزءًا من العقبات التي قد تؤدّي إلى ارتفاع حالات التخلف عن السداد المُقدّرة سنة 2023 بنسبة 5,5% من إجمالي القروض في إفريقيا وبنسبة 8,5% في أمريكا الجنوبية وبنسبة 13% في أمريكا الجنوبية، وعانت بعض الدّول الإفريقية من عبء الدّيون مثل الحبشة وتشاد وغانا وزمبيا وطلبت إعادة هيكلة ديونها…
بدأت الصين تستثمر في إفريقيا وتُصدّر لها السلع، خلال العقد الأخير من القرن العشرين، وحصلت 47 دولة أفريقية ( من إجمالي 53 ) على قروض من الصّين، معظمها مُخصّص للبنية التحتية مثل خط السكة الحديدية الرابط بين الحبشة، التي ليست لها حدود بحرية و جيبوتي الواقعة على البحر الأحمر، وتهيئة وتعميق ميناء مومباسا في كينيا، أو لاستخراج المعادن أو للبناء، ولا تُملي الصين شروطًا اقتصادية أو سياسية لكنها تستهدف الأصُول والموارد التي تحتاجها شركاتها، كما تستهدف أسواق إفريقيا، كما بدأت الصّين تهتم ببعض المواقع الإستراتيجية فأنشأت أول قواعد عسكرية لها في الخارج، في غينيا الإستوائية وجيبوتي…
أدّت الدّيون والفساد والسياسات النيوليبرالية وزيادات الضرائب وارتفاع الأسعار إلى احتجاجات عنيفة في غانا وكينيا ونيجيريا وغيرها، وشهدت دول غرب إفريقيا 577 احتجاجًا سنة 2020، بسبب سوء الأوضاع…
إن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي المنطقة الأكثر تأثراً بأزمة الديون، إلى جانب منطقة جنوب آسيا، وعانت شعوب إفريقيا أكثر من غيرها من تدفق رؤوس الأموال من القطاع الخاص بالدّول الغنية (الصناديق الإنتهازية وصناديق الاستثمار والمصارف وشركات التأمين وغيرها) بهدف الحصول على أسعار فائدة وعوائد أعلى من تلك الموجودة في البلدان الغنية، فاقترضت زامبيا من خلال إصدار السندات الحكومية سنة 2012. وغانا سنة 2013، وكينيا والحبشة وساحل العاج سنة 2014، وأنغولا والكاميرون سنة 2015، وبنين سنة 2019، وأصبحت زامبيا والحبشة وغانا، في صعوبات مالية كبيرة حالة تخلف عن سداد ديونها، سنة 2023 بعد أقل من عشر سنوات، لأنها اقترضت بأسعار فائدة مُتغيرة ( غير ثابتة) وعندما ارتفعت الأسعار في البلدان الغنية وانخفضت عائدات التصدير وزادت نفقات الاستيراد أصبحت العديد من البلدان الإفريقية ( وغير الإفريقية) المُقترضة في مأزق بسبب الإنفجار في مدفوعات الفائدة، وفي الفترة ما بين سنتَيْ 2006 و2014، دفعت بلدان إفريقيا جنوب الصحراء نحو خمسة مليارات دولار من الفوائد سنويا وارتفع هذا المبلغ إلى نحو عَشْر مليارات دولار في الفترة 2016-2017، وإلى 15 مليار دولار خلال الفترة 2019-2022، ثم إلى ما حوالي عشرين مليار دولار سنة 2023، ولا يزال الإرتفاع السّنَوِي مستمرًّا مع استحقاق القروض التي تم الحصول عليها في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وقيام الدول الأفريقية بإعادة تمويلها (الاقتراض لسداد القروض السابقة) بأسعار فائدة أعلى، وخصوصًا منذ الحرب في أوكرانيا سنة 2022.
يزعم صندوق النقد الدولي أنه ينقذ العديد من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي تعاني من ظروف أدت إلى تعميق التفاوت وإفقار السكان، وارتفع حجم قروض الصندوق سنة 2023 إلى 37,1 مليار دولارا إلى جنوب أفريقيا وأنغولا ونيجيريا وغانا وساحل العاج وبلدان أخرى، ويشترط صندوق النقد الدولي تطبيق نموذج التصدير الاستخراجي وخفض الإنفاق الاجتماعي والخصخصة، والحصول على العملات الأجنبية بسرعة لسداد ديون القطاع الخاص، والتخصص في تصدير المنتجات الخام ذات القيمة المضافة المنخفضة، على عكس دول الشمال التي تصدر في الغالب المنتجات المصنعة ذات القيمة الزائدة المرتفعة، والتّخصّص في الإنتاج الزراعي المُعدّ للتصدير لتلبية احتياجات أسواق أوروبا وأمريكا، وتبلغ نسبة السلع المصنعة 21,4% فقط من صادرات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فيما تبلغ صادرات الأغذية غير المصنعة والوقود والمعادن الخام نسبة 78,6% من صادراتها، وبذلك تخصصت هذه البلدان في استخراج المواد الخام والسياحة، على حساب السيادة الغذائية وإهمال حاجيات المواطنين من غذاء وسكن وصحة وتعليم، مما أثار غضب المواطنين واحتجاجاتهم في كينيا ونيجيريا، على سبيل المثال وتم تم قمع المتظاهرين بشدة ( ستون قتيلا في كينيا) لكن تضطر الحكومات إلى التراجع مُؤقّتًا وإلى التخلي عن بعض التدابير التي فرضتها المؤسسات المالية الدوليةيتبع2025-04-03
The post الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة 'النّاعمة' ( ج2) ! first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة الإعلام العراقي
منذ ساعة واحدة
- شبكة الإعلام العراقي
رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية: الإعلام مؤثر بتحفيز السلوك الإيجابي لدعم السياسات البيئية
أكد رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد فهد الحارثي ، اليوم الخميس ، أن دور الإعلام كقوة ناعمة ومؤثرة ليس فقط في تشكيل الرأي العام بل في تحفيز السلوك الإيجابي ودعم السياسات البيئية المستدامة. وقال الحارثي في كلمته خلال مؤتمر الإعلام العربي الرابع في بغداد ، وحضره مراسل وكالة الأنباء العراقية (واع): ' يسرّني في مستهل كلمتي أن أرحب بكم في الدورة الرابعة لمؤتمر الإعلام العربي، والذي يُنظّم للمرة الأولى خارج دولة المقر، تونس ، وذلك في عاصمة الرشيد ، بغداد ، مدينة الحضارة ، ومنارة الفنون والعلوم والآداب '. وأضاف أن ' هذا المؤتمر ، يأتي في وقتٍ تتعاظم فيه التحديات البيئية ، وتبرز الحاجة الحقيقية إلى تضافر الجهود من أجل مواجهة تحدي التغير المناخي، الذي بات أخطر تهديد يواجه الإنسانية'. وتابع: ' أتقدم نيابةً عن اتحاد إذاعات الدول العربية، بوافر الشكر والتقدير لهذا البلد العزيز، رئاسةً وحكومةً وشعبًا ، على ما لقيناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة ، وهذا ليس بغريب على العراق وأهله' ،معرباً عن ' شكره لشبكة الإعلام العراقي التي بادرت بطلب استضافة مؤتمر الإعلام العربي في بغداد ، وقدّمت كل التسهيلات والدعم والإمكانات ، وكذلك لرئيس شبكة الإعلام العراقي عبد الكريم حمادي على جهوده ودعمه ، وجهود فريقه في إنجاح هذا المؤتمر'. وأشار إلى أن ' التغير المناخي لم يعد قضية علمية تناقش في المختبرات أو في المؤتمرات ، بل أصبح واقعًا نعيشه في تفاصيل حياتنا اليومية : من تقلبات الطقس ، وحرائق الغابات، وارتفاع درجات الحرارة ، إلى ندرة المياه وارتفاع منسوب مياه البحار'. وبين أن ' هذا الواقع يحمل تهديدًا حقيقيًا للإنسانية، وخطرًا يطال أبعادًا اجتماعية، وإنسانية، وسياسية ' ، مؤكداً انه 'في خضم هذه التحديات ، يبرز دور الإعلام كقوة ناعمة ومؤثرة ، ليس فقط في تشكيل الرأي العام ، بل في تحفيز السلوك الإيجابي ، ودعم السياسات البيئية المستدامة ، وتشجيع الحوار المجتمعي حول قضية جوهرية ، وهي أهمية حماية كوكب الأرض'. وواصل ' حين ناقشنا موضوع هذا المؤتمر ، كان من الممكن طرح قضايا أكثر إثارة ، سياسية أو اقتصادية ، لكننا حرصنا على تناول قضية التغير المناخي لأهميتها وحساسيتها ' ،منوهاً بأنه ' لا بد أن نعترف بأننا في الإعلام لم نُعطِ هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام، ولم نُدرك تمامًا حجم خطورته ، فبحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن تؤدي آثار التغير المناخي إلى وفاة 14.5 مليون شخص وخسائر تصل إلى 12.5 تريليون دولار بحلول عام 2050″. ولفت إلى أن ' المشكلة الأكبر أن منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، تسجّل معدلات ارتفاع في درجات الحرارة تفوق المعدل العالمي، مما يُنذر بخطر التصحر والجفاف وندرة المياه' ،مشدداً أن 'واقعنا صعب، ويجب أن يرتقي الإعلام لمستوى هذه التحديات '. وأكد أن ' هناك أخبار إيجابية ، مثل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والمبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد ، رئيس مجلس الوزراء السعودي ، وهي مبادرات استراتيجية تهدف للحد من تأثيرات تغير المناخ ، وإنشاء بنية تحتية للحد من الانبعاثات وحماية البيئة، وستنعكس إيجابًا على المنطقة في هذا المجال'. وأعرب عن أمله بأن ' يصدر هذا المؤتمر وثيقة أو ميثاقًا للإعلام البيئي، يُحدّد فيه الخطوط العريضة لهذا الملف، وآليات التحقق من الحقائق والمعلومات، لا سيما في ظل انتشار المعلومات المغلوطة، وتقديم محتوى علمي يناسب مختلف الفئات والأعمار'. وشدد على ' ضرورة الاستفادة أيضًا من التحولات الرقمية، واستخدام الذكاء الاصطناعي ، وتحليل البيانات الكبرى ، والواقع الافتراضي والمعزز، لتقديم محتوى يصل إلى جميع الجمهور ، بلغة مبسطة وسهلة '. ونوه ' نحن لا نهدف من هذا المؤتمر إلى مناقشة كيفية تغطية أخبار التغير المناخي فقط، بل نهدف إلى أن نكون شركاء فاعلين في التغيير ، وفي بناء الوعي ' ، مؤكداً أن ' معركة التغير المناخي لا يمكن كسبها إلا إذا كان الجميع جزءًا من الحل، وليس جزءًا من المشكلة'. ولفت إلى أنه ' رغم التحديات الراهنة والمخاطر المستقبلية، فإنني واثق تمامًا بأنه من خلال تضافر الجهود بين المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة ، والجهات الرسمية ، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز البحوث، والجامعات، يمكننا أن نعالج هذا الملف، ونبني رؤية إعلامية عربية متقدمة تواكب هذا الواقع'. وذكر أن 'مسؤوليتنا كإعلاميين لا تقل أهمية عن مسؤولية صانعي القرار ومخططي السياسات، فبداية التغيير هي صناعة الوعي ' ،موضحاً أن ' مثل هذا المؤتمر وغيره من المبادرات، هو رسالة مفادها أنه بدلاً من التحسر على ما فات، وإلقاء اللوم، فإننا نبادر بصناعة الأمل، وبناء التفاؤل ، وصناعة التغيير من أجل واقعنا الحالي، ومن أجل مستقبل أجيالنا القادمة '. #حوار _تضامن_تنمية #قمة_بغداد_2025 المصدر : وكالة الانباء العراقية


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
ثمنها يصل لـ 400 مليون دولار .. 'البنتاغون' تقبل طائرة فاخرة من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية لترمب
وكالات- كتابات: أعلنت 'وزارة الدفاع' الأميركية؛ قبول طائرة (بوينغ) فاخرة من طراز (747)؛ هدية من 'قطر'، وطلبت من القوات الجوية إيجاد طريقة لتجهيّزها سريعًا لاستخدامها طائرة رئاسية جديدة (إير فورس وان). وأفادت (البنتاغون)؛ بأن وزير الدفاع؛ 'بيت هيغسيث'، قبّل الطائرة لاستخدامها طائرة رسمية للرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'. وقال المتحدث باسم (البنتاغون)؛ 'شون بارنيل'، إن 'وزارة الدفاع': 'ستعمل على ضمان مراعاة التدابير الأمنية المناسبة ومتطلبات المهام الوظيفية'. وشكّك خبراء قانون في إمكان قبول مثل هذه الهدية في سيّاق مجموعة القوانين المتعلقة بالهدايا المقدَّمة من الحكومات الأجنبية والتي تهدف إلى مكافحة الفساد والنفوذ غير المشروع، كما سعى منتمون للحزب (الديمقراطي) إلى عرقلة تسليمها، بحسّب (روسيا اليوم). وقال 'تشاك شومر'؛ زعيم الديمقراطيين في 'مجلس الشيوخ': 'اليوم يوم أسود في التاريخ: فقد قبل رئيس الولايات المتحدة الأميركية رسميًا أكبر رشوة من حكومة أجنبية في تاريخ أميركا'. وأضاف: 'هذا الإجراء غير المسبّوق وصمة عار في جبين الرئاسة، ولا يمكن أن يمَّر دون رد'. وقللت 'قطر' من شأن المخاوف التي أثيرت حول اتفاق هذه الطائرة في حين تجاهل 'ترمب' المخاوف الأخلاقية ذات الصلة؛ قائلًا إنه سيكون من: 'الغباء' عدم قبولها. ويصل سعر الطائرة الجديدة من مثل هذا الطراز إلى (400) مليون دولار وفقًا لقوائم الأسعار، لكن محللين لدى (سيريوم) قالوا إن سعر طائرة (747)-8 مستعملة قد يصل لربع هذا المبلغ. وقال خبراء إن تحديث الطائرة الفاخرة التي يبلغ عمرها (13 عامًا)؛ والتي قدمتها الأسرة الحاكمة في 'قطر'، سيتطلب تحسيّنات أمنية كبيرة وتعديلات بمنظومة الاتصالات بها لمنع التنصت عليها وإكسابها القدرة على التصدي لصواريخ قادمة، وهو ما قد يكلف مئات الملايين من الدولارات. وقال مسؤول القوات الجوية؛ 'تروي مينك'، في جلسة استماع بـ'مجلس الشيوخ'، يوم الثلاثاء: 'أي طائرة مدنية ستحتاج إلى تعديلات كبيرة… وسنحرص على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن الطائرة'. وأضاف أن القوات الجوية تلقت توجيهات بالبدء في التخطيط لإجراء تعديلات على الطائرة. ولم تُعلن (البنتاغون) عن تكلفة هذه التعديلات أو المدة التي تتطلبها. وقد تكون التكاليف كبيرة بالنظر إلى أن الكلفة الحالية لإنتاج (بوينغ) طائرتين جديدتين لتكونا (إير فورس وان) تتجاوز خمسة مليارات دولار. وعلى مدى العقد الماضي؛ واجه برنامج (إير فورس وان) تأخيرات متتالية، ومن المقرر تسليم طائرتين جديدتين (747-8) في 2027، أي بعد ثلاث سنوات من الموعد المحدد سابقًا. وفازت (بوينغ) في 2018؛ بعقد قيمته (3.9) مليارات دولار لتصنيع الطائرتين لاستخدام الرئيس الأميركي، لكن التكاليف صارت أعلى. وقالت (بوينغ) إنها أنفقت (2.4) مليار دولار حتى الآن في هذا المشروع. وقام 'ترمب' بجولة تفقدية لطائرة (بوينغ) القطرية؛ في شباط/فبراير، في 'مطار فلوريدا'. وذكرت شبكة (سي. إن. إن) هذا الأسبوع؛ أن إدارة 'ترمب' تواصلت مع 'قطر' أولًا للاستفسار عن الحصول على طائرة (بوينج 747) يمكن استخدامها كطائرة رئاسية، بينما يقول 'ترمب' إن 'قطر' تواصلت معه وعرضت عليه الطائرة: 'كهدية'.


ساحة التحرير
منذ 3 ساعات
- ساحة التحرير
معوقات التنمية في العراق وسبل معالجتها!وليد الحيالي
معوقات التنمية في العراق وسبل معالجتها! بقلم: البروفيسور وليد الحيالي مقدمة: يمتلك العراق من الثروات الطبيعية والموقع الجغرافي والإرث الحضاري ما يجعله مؤهلاً ليكون من بين الدول المتقدمة في المنطقة. ومع ذلك، فإن واقع التنمية فيه ما زال هشاً ومتأخرًا، نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ عقود، تعمقت بعد الاحتلال عام 2003. ويعاني البلد من اختلالات هيكلية في الإدارة، والاقتصاد، والبنية التحتية، والتعليم، فضلاً عن بيئة سياسية متقلبة تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية. يبحث هذا العمل في أهم معوقات التنمية في العراق، مدعومة بأمثلة واقعية، مع تقديم حلول قابلة للتطبيق، تستند إلى الخبرة الأكاديمية والملاحظة الميدانية. الفصل الأول: الإطار النظري للتنمية 1.1 تعريف التنمية تُعرف التنمية بأنها سلسلة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية تهدف إلى رفع مستوى معيشة الإنسان، وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، وتعزيز سيادة القانون. وتشمل التنمية ليس فقط النمو الاقتصادي، بل أيضًا التعليم، الصحة، البنية التحتية، والحوكمة. 1.2 أبعاد ومؤشرات التنمية • التنمية الاقتصادية: زيادة الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل. • التنمية البشرية: رفع مستوى التعليم والصحة وتمكين الإنسان. • الحوكمة الرشيدة: محاربة الفساد وتعزيز الشفافية. • الاستدامة: حماية الموارد للأجيال القادمة. الفصل الثاني: المعوقات الأساسية للتنمية في العراق 2.1 الفساد المالي والإداري يُعد الفساد العائق الأكبر أمام التنمية. العراق احتل مراتب متأخرة في مؤشر الشفافية الدولية، ما يعكس غياب الرقيب الفعلي. أمثلة: • سرقة الأمانات الضريبية (2022): بقيمة 2.5 مليار دولار. • مشاريع متعثرة مثل مطار كربلاء، الذي التهم ملايين الدولارات دون إنجاز فعلي. 2.2 غياب الاستقرار السياسي والأمني منذ 2003، أُسس النظام على المحاصصة السياسية والطائفية، ما جعل القرارات التنموية رهينة الصفقات والترضيات، لا المصلحة الوطنية. أمثلة: • تعطل مشاريع إعادة إعمار الموصل رغم مرور سنوات على تحريرها. • بيئة الاستثمار تتراجع بسبب هيمنة الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة. 2.3 الاعتماد على النفط كمصدر وحيد الاقتصاد العراقي ريعي، يعتمد على النفط بنسبة تفوق 92% من الإيرادات، ما يجعله هشًا أمام تقلبات الأسواق العالمية. أمثلة: • أزمة الرواتب في 2020 بعد انهيار أسعار النفط. • إهمال القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية. 2.4 ضعف البنية التحتية والخدمات العامة رغم الموازنات الانفجارية، لم يُلاحظ تحسن جوهري في الكهرباء، والمياه، والنقل. أمثلة: • البصرة تعاني من تلوث مياه الشرب منذ 2018. • العراق يستورد الكهرباء من دول الجوار رغم امتلاكه موارد تؤهله للاكتفاء الذاتي. 2.5 ضعف رأس المال البشري والتعليم يشهد التعليم في العراق تراجعًا خطيرًا، من حيث جودة المناهج، وضعف العلاقة بين التعليم وسوق العمل. أمثلة: • آلاف الخريجين عاطلون عن العمل. • تصنيف الجامعات العراقية متراجع عالميًا. • هجرة أكثر من 23 ألف أكاديمي منذ 2003. 2.6 البيروقراطية وسوء الإدارة الإجراءات الحكومية معقدة، والكفاءات مهمشة لصالح الولاءات الحزبية. أمثلة: • مشروع بسماية السكني تأخر رغم تعاقد شركة كورية مرموقة. • صعوبة تسجيل الشركات الأجنبية والمحلية. 2.7 إهمال الكفاءات العراقية المهاجرة العراق فقد عشرات الآلاف من الكفاءات الأكاديمية والمهنية التي تعيش في دول المهجر، دون أي توجه رسمي حقيقي للاستفادة من خبراتهم. أمثلة: • غياب برامج وطنية للاستفادة من العلماء العراقيين بالخارج. • عروض كثيرة من عراقيين في أوروبا وأمريكا لدعم التعليم أو تقديم استشارات قوبلت بالإهمال. الفصل الثالث: سبل المعالجة والتنمية الممكنة 3.1 الإصلاح السياسي والمؤسسي • إعادة صياغة الدستور بما يضمن حكمًا مدنيًا بعيدًا عن المحاصصة. • تعزيز دور البرلمان في الرقابة والتشريع التنموي. • تقليص عدد الوزارات والهيئات المستقلة ودمج المتشابه منها. 3.2 تنويع الاقتصاد • دعم الزراعة: تطوير الري، دعم الفلاح، تسويق المحاصيل. • تطوير الصناعة التحويلية (الأغذية، الأدوية، النسيج). • دعم السياحة الدينية والتراثية في النجف وكربلاء وبابل. 3.3 مكافحة الفساد • تفعيل قوانين 'من أين لك هذا؟' و'الرقابة المالية'. • رقمنة المعاملات الحكومية لمنع الرشوة. • دعم استقلال القضاء والمفتشين العامين. 3.4 إصلاح التعليم وبناء رأس المال البشري • تحديث المناهج وربطها بالاحتياجات الفعلية. • زيادة الإنفاق على البحث العلمي. • إنشاء مراكز تدريب مهني في المحافظات. 3.5 تحسين بيئة الاستثمار • سنّ قوانين ضامنة لحماية المستثمر. • إنشاء مناطق صناعية حرة. • تسهيل إجراءات تأسيس الشركات وتخفيض الضرائب. 3.6 الاستفادة من الكفاءات المهاجرة • إنشاء 'مجلس الكفاءات الوطنية بالخارج' تحت إشراف مجلس الوزراء. • تقديم حوافز (مالية، بحثية، سكنية) لعودة الأكاديميين. • عقود استشارية وتدريبية قصيرة لتبادل الخبرات مع الداخل. استنتاجات 1. العراق لا يعاني من نقص الموارد بل من ضعف الإدارة وسوء التوظيف. 2. الإصلاح السياسي شرط أساسي لأي خطة تنموية. 3. الفساد وسوء الإدارة يمثلان التهديد الأكبر لأي تقدم. 4. تنمية الاقتصاد لا يمكن أن تتم دون تنويعه وفك ارتباطه بالريع النفطي. 5. استعادة الكفاءات الوطنية خطوة حاسمة لإعادة بناء الدولة. 6. التنمية ليست مشاريع إسمنتية، بل منظومة تشمل الإنسان قبل البُنيان. خاتمة إن أي مشروع تنمية في العراق يجب أن يبدأ من إصلاح المنظومة السياسية، ثم بناء مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة والنزاهة. إن عودة العراق إلى موقعه الطبيعي في المنطقة لا تتم عبر الموازنات الضخمة وحدها، بل عبر استعادة الإنسان العراقي إلى قلب المعادلة التنموية، سواء داخل الوطن أو خارجه. فالإرادة السياسية، والمشاركة المجتمعية، والاستفادة من العقول المهاجرة، تمثل مفاتيح حقيقية للخروج من نفق التخلف إلى أفق التنمية المستدامة. المصادر والمراجع 1. البنك الدولي (2023). تقرير العراق الاقتصادي. 2. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2022). خطة التنمية المستدامة للعراق. 3. منظمة الشفافية الدولية (2024). مؤشر الفساد العالمي. 4. وزارة التخطيط العراقية (2023). الاستراتيجية الوطنية للتنمية 2030. 5. الجبوري، محمد عبد الله (2021). 'التنمية الاقتصادية في العراق: التحديات والفرص'. 6. الموسوي، فاضل كاظم (2020). إدارة الدولة وإشكالية التنمية في العراق. 7. الربيعي، عادل (2022). 'القطاع الخاص ودوره في تنويع الاقتصاد العراقي'. 2025-05-22 The post معوقات التنمية في العراق وسبل معالجتها!وليد الحيالي first appeared on ساحة التحرير.