logo
قفزة بيتكوين تنعش جدل العملات المشفّرة... ما دور الخليج في المشهد المالي الجديد؟

قفزة بيتكوين تنعش جدل العملات المشفّرة... ما دور الخليج في المشهد المالي الجديد؟

العربي الجديد١٥-٠٧-٢٠٢٥
ارتفع سعر
عملة بيتكوين
إلى مستوى قياسي متجاوزاً 122 ألف دولار خلال تداولات الاثنين، وفقاً لمؤسّسة "كوين ميتريكس"، وسط موجة متجددة من التفاؤل تدفع العملات المشفرة إلى واجهة النقاشات الاقتصادية والسياسية حول العالم. هذا الارتفاع تزامن مع ما وصفته وسائل إعلام أميركية بـ"أسبوع العملات المشفّرة"، إذ يستعد مجلس النواب الأميركي لمناقشة مشروع قانون يُعرف باسم "قانون جينيوس"، يسمح للبنوك التجارية بإصدار عملات مستقرة (stablecoins) بشرط ربطها بأصول تقليدية مثل الدولار.
منذ بداية العام، ارتفعت بيتكوين بأكثر من 31%، بدعم من سياسات إدارة ترامب الرامية إلى دمج الأصول الرقمية ضمن أدوات الاقتصاد الوطني، بما في ذلك أوامر تنفيذية، بعضها لا يزال قيد المناقشة لتخزين بيتكوين كأصل سيادي، ومنع إصدار عملة رقمية للبنك المركزي الأميركي (CBDC). وكانت تحليلات الأسواق منذ الربيع تشير إلى أن العملات المشفرة على أعتاب موجة صعود جديدة. ففي 25 مارس/آذار 2025، نشرت وكالة بلومبيرغ تقريراً توقّعت فيه دخول السوق دورة صعود مدفوعة بتحولات سياسية وازدياد الاهتمام المؤسّسي والبحث عن أدوات تحوّط ضد
التضخم
. وفي 14 إبريل/نيسان، أكّد موقع "كوين ديسك" أن أداء
بيتكوين
أظهر "قدرة على الصمود بارتفاع قدره 5%" رغم اضطراب الأسواق التقليدية، معتبراً أنها تكتسب مجدداً وظيفة "حفظ القيمة" وسط تصاعد المخاطر الاقتصادية.
ومع تجاوز بيتكوين حاجز 122 ألف دولار، تبدو تلك التوقعات قد تحققت بوضوح، ما يعزّز قراءة المؤسسات المالية بأن هذا الصعود ليس مؤقتاً، بل يعكس تحولاً هيكلياً في مكانة العملات المشفّرة داخل
النظام المالي
العالمي.
الغرب متردّد والخليج يتحرك: سباق العملات المشفّرة يتسارع
وبينما تُتابع الأسواق البريطانية بقلق تداعيات هذه التحولات في السياسة الأميركية تجاه العملات المشفّرة، فإن مناطق أخرى وعلى رأسها منطقة الخليج، كانت قد شرعت منذ أشهر بخطوات متقدمة لترسيخ حضورها في الاقتصاد الرقمي العالمي، خطواتٌ تزداد راهنيتها مع الارتفاع التاريخي الأخير لعملة بيتكوين. وتكتسب هذه التطورات أهمية مضاعفة في ظل تدفق استثمارات خاصة وعامة من منطقة الخليج نحو الأصول المشفّرة، ما يجعل من متابعة هذا التحوّل ضرورة لفهم الاتجاهات المالية العالمية وتأثيرها على لندن وسائر العواصم الاقتصادية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
شهية المخاطرة ترفع قيمة بيتكوين لمستويات تاريخية
وعلى الرغم من تحفظ بعض دول الخليج، إلّا أن عدداً منها يتجه بخطى واثقة نحو إنشاء بنية مالية رقمية مستقلة. ووفقاً لتقرير نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في 21 مايو/أيار 2025، فإن الإمارات والسعودية على وجه الخصوص ترى في الأصول الرقمية أداة استراتيجية لإعادة تعريف مكانتها المالية بعيداً عن هيمنة الدولار الأميركي. ففي عام 2019، أطلق كل من مصرف الإمارات المركزي ومؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) مشروعاً مشتركاً باسم "عابر" (Project Aber)، لاختبار إصدار عملة رقمية للبنك المركزي تُستخدم في تسويات المدفوعات عبر الحدود. وقد نُشرت نتائج المشروع رسمياً عام 2020، مؤكدة جدوى الاستخدام التقني.
وفي تطور لاحق، انضمت الإمارات إلى مشروع "مبرج " (mBridge)، وهو برنامج تجريبي بالتعاون مع الصين وتايلاند، تحت إشراف بنك التسويات الدولية (BIS)، لتطوير منصة دفع قائمة على تقنية البلوك تشين بين البنوك المركزية. وقد التحقت السعودية بالمشروع عام 2024، بحسب ما أكّدته تقارير رسمية نُشرت على موقع بنك التسويات الدولية، بالإضافة إلى ما أوردته وكالة "رويترز" في الخامس من يونيو من العام نفسه، ما يعكس انخراطاً أعمق في أنظمة التسوية المالية غير التقليدية. ومن جهتها، صادقت الإمارات مؤخراً على أول عملة مستقرة مرخصة رسمياً تُعرف باسم AE Coin، بحسب ما أوردته وكالة "رويترز" وصحيفة "ذا ناشيونال" في تقارير نُشرت أواخر إبريل/نيسان 2025، وتُعدّ هذه العملة جزءاً من جهود تحويل البلاد إلى مركز إقليمي للأصول الرقمية. وقد صدرت العملة عن بنك أبو ظبي الأول بالتعاون مع صناديق سيادية إماراتية، وحصلت على ترخيص مباشر من المصرف المركزي الإماراتي.
وفي حين يرى البعض أن العملات المستقرة تتيح استقلالاً رقمياً أوسع، يشير تقرير كارنيغي إلى أنها قد تُعزز في الواقع من "قوة الدولار الرقمية"، إذ تتيح إجراء معاملات بالدولار عبر شبكات لا مركزية دون المرور بالنظام البنكي الأميركي، ما يُضعف قدرة واشنطن على فرض رقابة مالية، لكنه يُبقي على مركزية الدولار بوصفه عملة تسوية. ويبدو أن هذا التوجّه يجد اهتماماً متزايداً لدى الشباب الخليجي خاصة في السعودية، إذ يشكّل الشباب نحو 63% من السكان. وهو ما جعل المملكة ثاني أسرع سوق نمواً في العملات المشفرة في منطقة الخليج العربي، رغم الحذر التنظيمي.
نمو سوق العملات المشفرة في الخليج
هذا ويُظهر تقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أيضاً، أن القيمة السوقية للعملات الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال ناشئة مقارنةً بالأسواق الغربية، لكنّها تسجّل معدلات نمو قوية، ما يجعلها من أكثر الأسواق الواعدة في هذا المجال. وبحسب التقرير، بلغ حجم السوق نحو 744.3 مليون دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 791.8 مليون دولار بنهاية عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب يُقدّر بـ 16.75% للفترة بين 2025 و2033.
أسواق
التحديثات الحية
بيتكوين تتجاوز 120 ألف دولار لأول مرة في تاريخها
ويُتوقع أن يبلغ معدل انتشار المستخدمين في الخليج نحو 19.32% خلال عام 2025، بينما تستمر الولايات المتحدة في تصدّر السوق العالمية من حيث الإيرادات، التي قد تصل إلى 9.4 مليارات دولار. ويُفسَّر هذا النمو المتسارع في الخليج بدخول فئات جديدة من الشباب والمستثمرين الأفراد، إلى جانب الانفتاح المؤسسي التدريجي في بعض الدول.
في المقابل، أبدت المؤسّسات المالية في المملكة المتحدة حذراً واضحاً. وقال محافظ بنك إنكلترا، أندرو بيلي، حسب صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، إنه "يفضّل ألّا تصدر البنوك التجارية عملات مستقرة خاصة بها"، وحذّر أن توسّع هذا النوع من الأصول الذي تجاوزت قيمته السوقية 200 مليار دولار، قد يهدّد استقرار النظام المالي العالمي. وقد تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب وارتفاع مؤشرَي فوتسي 100 وفوتسي 250، في مؤشر على تحوّط المستثمرين وميلهم نحو الأصول البديلة.
وفي حين تواصل الولايات المتحدة مساعيها لقيادة مشهد العملات المشفّرة، وتتحرك بريطانيا بحذر، يظهر أن منطقة الخليج تتّجه إلى بناء بنية رقمية مالية هجينة: تسعى فيها إلى تحديث أنظمتها المالية وتنويع شراكاتها العالمية واستثمار اللحظة الجيوسياسية الحالية لصياغة حضور رقمي سيادي. وبهذا التوجّه، لا تسعى دول الخليج لمجرد مواكبة التحوّلات المالية العالمية، بل تتحرك بثبات نحو بناء منظومة مالية رقمية ذات طابع سيادي، عبر أدوات تجريبية ومشاريع تسوية غير تقليدية. وفي المقابل، تبدو المملكة المتحدة كأنها تتهيّأ لهذه المرحلة بتحفّظ، من داخل المنظومة التنظيمية القائمة. وتُسلّط قفزة بيتكوين الأخيرة الضوء على هذا التباين بين من يختبر واقعاً مالياً جديداً، ومن يراقبه من خلف الجدران المؤسّسية التقليدية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير بنك قطر الوطني: مشروع القانون الكبير والجميل يغيّر الاقتصاد الأميركي
تقرير بنك قطر الوطني: مشروع القانون الكبير والجميل يغيّر الاقتصاد الأميركي

العربي الجديد

timeمنذ 31 دقائق

  • العربي الجديد

تقرير بنك قطر الوطني: مشروع القانون الكبير والجميل يغيّر الاقتصاد الأميركي

ألقى بنك قطر الوطني QNB الضوءَ على تداعيات "مشروع القانون الكبير والجميل" الذي أُقر مؤخراً خلال الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويرى البنك أن هذا المشروع، الذي يمتد على نحو 900 صفحة، يُعد من أكثر القوانين تأثيراً على المدى الطويل، لما يتضمنه من تغييرات ضريبية وإنفاقية وهيكلية واسعة النطاق، ستترك بصماتها على أداء الاقتصاد الأميركي وتوازناته الاجتماعية. اعتبر بنك قطر الوطني QNB أنّ مشروع القانون الكبير والجميل يمهّد الطريق لتطبيق تدابير ضريبية وبرنامج إنفاق وإجراءات هيكلية واسعة النطاق، ذات تأثيرات اقتصادية طويلة الأمد على الولايات المتحدة، ولفت بنك قطر الوطني QNB في تقريره الأسبوعي، إلى أن مشروع القانون يقدم إجمالاً دفعة قوية للاقتصاد، وإن كان ذلك على حساب تصاعد مسار الدين، مع إحداث تحولات كبيرة في توزيع الدخل. وقال التقرير إنّ التاريخ سيذكر "مشروع القانون الكبير والجميل" بوصفه واحداً من أكثر المبادرات تأثيراً وتحولاً خلال ولاية الرئيس ترامب الثانية، مضيفاً أن مشروع القانون يمتد على ما يقارب 900 صفحة، وقد تبلور بعد أشهر من المفاوضات الشاقة والمناورات السياسية في الكونغرس، وجرى إقراره أخيراً بفارق ضئيل في مجلسَي الشيوخ والنواب، بأغلبية 51 صوتاً مقابل 50 صوتاً، و218 صوتاً مقابل 214 صوتاً على التوالي، قبل أن يوقعه الرئيس ترامب ليصبح قانوناً نافذاً في 4 يوليو/تموز، يوم الاستقلال الأميركي. في جوهره، يسنّ مشروع القانون تغييرات رئيسية على قانون الضرائب الأميركي، إذ يوسّع التخفيضات الضريبية للأفراد ذوي الدخل المرتفع و الشركات ، ويقلص تمويل برامج شبكات الأمان الاجتماعي، ويعيد تحديد أولويات الإنفاق. وقد أثارت هذه الإصلاحات نقاشات حادة حول تأثيرها التوزيعي واستدامتها على المدى الطويل، ونظراً لحجم مشروع القانون ونطاقه، فإنّ آثاره الاقتصادية الكلية ضخمة وواسعة النطاق. وحلل بنك قطر الوطني QNB في تقريره الجوانب الرئيسية لمشروع القانون من خلال ثلاثة أبعاد رئيسية؛ أولها توقع أن يُحدث مشروع القانون تأثيراً توسعياً ملموساً على الاقتصاد خلال العقد المقبل. ووفقاً لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس ، سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المتوسط بنسبة 0.5% خلال الفترة 2025-2034، مقارنة بسيناريو عدم تطبيق مشروع القانون. ويُعد هذا تأثيراً بالغ الأهمية على الاقتصاد، بالنظر إلى أن متوسط النمو الاقتصادي السنوي في الولايات المتحدة بلغ 2.2% خلال العقدين الماضيين. أسواق التحديثات الحية بنك قطر الوطني: توقعات بتباطؤ النمو العالمي وسط رياح معاكسة وأضاف: "ستكون التأثيرات أكبر على المدى القصير، إذ سيعزز مشروع القانون الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.9% في عام 2026. وسيأتي الدفع الأولي للنشاط الاقتصادي، إلى حد كبير، من زيادة الطلب الكلي، نتيجة لارتفاع الدخل المتاح للأسر الأكثر ثراءً، والبنود التي تحفز الاستثمار. وبعد عام 2026، ستحسّن معدلات الضرائب المنخفضة حوافز العمل، ما يزيد من مشاركة القوى العاملة وساعات العمل، وبالتالي يعزز النمو. وعموماً، تشير آليات النمو المختلفة إلى دفعة إيجابية وهامة للنشاط الاقتصادي". البعد الثاني للتأثير يتمثل في زيادة القانون الكبيرة من عجز الموازنة الفيدرالية الأميركية ومسار الدين في السنوات القادمة. يتضمن مشروع القانون مجموعة من الإجراءات التي ستضغط على المالية العامة، بما في ذلك تمديد التخفيضات الضريبية، وخفض عائدات ضرائب الشركات، وتوسيع نطاق الخصومات. من ناحية أخرى، يتضمن مشروع القانون بعض التخفيضات في الإنفاق، تستهدف أساساً برامج الاستحقاقات وشبكات الأمان الاجتماعي، ولكنها أصغر نسبياً. ومن المؤكد أن الزيادة الكبيرة في حجم ديون الخزانة الأميركية ستشكل اختباراً لمدى شهية الأسواق العالمية، وسينتج عنها ارتفاع في أسعار الفائدة ، وستؤدي زيادة المعروض من سندات الخزانة إلى انخفاض أسعارها، وبالتالي إلى ارتفاع في عوائدها. ورأى التقرير أن البعد الثالث للتشريع الجديد ينطوي على تأثير كبير في إعادة توزيع الدخل بين الأسر. ومن خلال قنوات متعددة، تكون الآثار التوزيعية الصافية لمشروع القانون OBBB تنازلية. بمعنى آخر، سيفيد هذا التشريع الأسر ذات الدخل المرتفع، بينما سيقلل الدعم المقدم للأسر ذات الدخل المنخفض. وتحديداً، ستخسر الأسر التي تقع في أدنى 20% من نطاق توزيع الدخل 560 دولاراً أميركياً سنوياً، أي حوالى 2.3% من دخلها بعد خصم الضرائب. وستأتي خسائر هذه الفئة على نحوٍ رئيسي نتيجة لتخفيضات في برامج المساعدة الطبية وشبكات الأمان الاجتماعي، مثل برنامج المساعدة الغذائية التكميلية. اقتصاد دولي التحديثات الحية بنك قطر الوطني: عدم اليقين بشأن السياسات الأميركية يثير مخاوف الركود ستتأثر الأسر في الشرائح العليا ضمن نطاق توزيع الدخل على نحوٍ أقل بالسياسات الطبية وشبكات الأمان، ولكنها ستستفيد كثيراً من تمديد أحكام ضريبة الدخل منتهية الصلاحية في قانون التخفيضات الضريبية والوظائف، الذي يتضمن أحكاماً تراعي معدلات ضريبية أقل، بالإضافة إلى خصومات وإعفاءات شخصية أعلى. في ظل هذه التغيّرات الجذرية التي يرسيها "مشروع القانون الكبير والجميل"، يبدو أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة من النمو الاقتصادي المتسارع، لكن بثمن مالي واجتماعي مرتفع. فبينما قد تعزز التخفيضات الضريبية ديناميكية الاقتصاد، فإن تصاعد الدين العام، وتقلص الإنفاق الاجتماعي، وإعادة توزيع الثروات لصالح الشرائح الأغنى، تثير تساؤلات عميقة حول العدالة الاقتصادية والاستدامة المالية في المدى الطويل. (قنا، العربي الجديد)

صندوق النقد الدولي يقرّ قرضاً بقيمة 625 مليون دولار لتشاد لدعم الاستقرار
صندوق النقد الدولي يقرّ قرضاً بقيمة 625 مليون دولار لتشاد لدعم الاستقرار

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

صندوق النقد الدولي يقرّ قرضاً بقيمة 625 مليون دولار لتشاد لدعم الاستقرار

أعلن صندوق النقد الدولي موافقته على برنامج تمويلي لتشاد بقيمة 625 مليون دولار، يتضمن صرف 38.5 مليون دولار فوراً، وذلك في إطار اتفاق تسهيل ائتماني ممتد مدته أربع سنوات، يهدف إلى مساعدة البلاد على معالجة اختلالات ميزان المدفوعات، ودعم برنامج حكومي للتنمية الشاملة. وذكر الصندوق، في بيانٍ صدر الجمعة، أن البرنامج سيُسهم في تعزيز الاستدامة المالية، وتوسيع قاعدة الإنفاق الاجتماعي، لا سيّما في ظل الظروف الإنسانية والأمنية الحرجة التي تمرّ بها البلاد، ويأتي هذا الدعم في وقت تسعى فيه الحكومة التشادية إلى تنفيذ خطة تنموية بقيمة 30 مليار دولار، تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز قطاعات الصحة والتعليم والطاقة. تباطؤ النمو وسط انخفاض أسعار النفط وأشار صندوق النقد إلى أن تشاد، التي تعتمد كثيراً على عائدات النفط، تواجه تباطؤاً اقتصادياً نتيجة تراجع أسعار الخام في الأسواق العالمية . ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو إلى 3.3% في عام 2025 مقارنة بـ3.5 % في عام 2024، بحسب تقديرات المؤسّسة المالية الدولية، في ظل بيئة اقتصادية خارجية غير مواتية، وتزايد الضغوط على المالية العامة، بحسب ما نقلته "أسوشييتد برس". وقال نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن تشاد تواجه "تحديات هائلة"، أبرزها الصدمات المناخية والإنسانية والأمنية، فضلاً عن تقلب أسعار النفط وتراجع المساعدات الخارجية، وهي عوامل مجتمعة تؤدي إلى تفاقم العجز في ميزان المدفوعات وزيادة الأعباء على الموازنة العامة، وأضاف كلارك أن البلاد تشهد تدفقاً غير مسبوق للاجئين الفارين من الحرب الدائرة في السودان المجاور، ما يضاعف التحديات أمام الحكومة في تقديم الخدمات الأساسية وتوفير المساعدات الإنسانية. اقتصاد دولي التحديثات الحية صندوق النقد يحذر من مخاطر الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي تشاد بين الاستدانة والتنمية ويأتي الاتفاق الجديد في إطار برنامج "التسهيل الائتماني الممدّد" (Extended Credit Facility) الذي يتيحه صندوق النقد للدول منخفضة الدخل، ويشترط عادةً تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية، مقابل الحصول على دفعات مالية على مراحل. وتواجه تشاد، التي تُعد واحدة من أفقر دول العالم، عبئاً متزايداً من الديون الخارجية، ما دفعها في السنوات الأخيرة إلى الدخول في مفاوضات مع دائنيها في إطار مبادرة "البلدان الفقيرة المثقلة بالديون" (HIPC)، بهدف إعادة هيكلة ديونها وتحسين قدرتها على سداد الالتزامات المالية، وتُشكل عائدات النفط أكثر من 75% من صادرات البلاد، ما يجعل اقتصادها عرضة للتقلبات في أسواق الطاقة العالمية، كما يعتمد أكثر من 40% من السكان على المساعدات الإنسانية، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. (أسوشييتد برس، العربي الجديد)

رسائل أميركية ليبية متبادلة في زيارة بولس مسعد: النفط وتوحيد السلطة
رسائل أميركية ليبية متبادلة في زيارة بولس مسعد: النفط وتوحيد السلطة

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

رسائل أميركية ليبية متبادلة في زيارة بولس مسعد: النفط وتوحيد السلطة

اختتمت زيارة مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس ، الأربعاء والخميس الماضيين، أول مهمة لمسؤول رفيع من إدارة ترامب إلى ليبيا بعد أن أمضى يومين مكثفين في طرابلس وبنغازي، حاملاً فيهما رسائل أميركية واضحة حول أولويات واشنطن في وضع التعاون الاقتصادي والنفطي في صدارة أدواتها لدفع الاستقرار السياسي في ليبيا. واستهل بولس زيارته طرابلس بلقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي غلب عليه الطابع الروتيني من خلال مناقشة العلاقات الثنائية، لكن اللقاء الذي تلاه حمل أهمية أكبر، إذ ناقش مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة ، أوجه التعاون الاقتصادي. وقدم الأخير خلال اللقاء عرضاً لشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة والمعادن تقدر قيمتها بــ 70 مليار دولار. وفي إشارة للتوجه الأميركي الاقتصادي في ليبيا، أشرف بولس في اليوم نفسه على توقيع عقد بقيمة 235 مليون دولار بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "هيل إنترناشيونال" الأميركية للاستثمار في مجال الطاقة. وعقب ذلك، التقى بولس رئيسة البعثة الأممية هانا تيتيه، لمناقشة الخطة الأممية لمسار الحل السياسي الجديد. وفي بنغازي، التقى بولس اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد ما يُعرف بــ"القيادة العامة"، حيث تناول اللقاء "آخر المستجدات المحلية والإقليمية" بحسب بيان مكتب حفتر، الذي نقل تأكيد بولس على "جهود القيادة العامة في تحقيق الأمن". لكن الأخير كشف على حسابه على منصة إكس عقب اللقاء عن رسالة أميركية أعمق، قائلاً إنّه ناقش مع حفتر "دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية الرامية إلى توحيد المؤسسات وتعزيز السيادة" عبر الحوار السياسي. أخبار التحديثات الحية مسعد بولس يلتقي المنفي والدبيبة بطرابلس ويتجه لملاقاة حفتر في بنغازي خلال اليوم ذاته، التقى بولس رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بحضور نجلي حفتر بلقاسم وصدام، من دون أن يصدر أي بيان عن اللقاء من جانب مجلس النواب. وعقب الزيارة أعلنت السفارة الأميركية، أمس الجمعة، أن زيارة بولس توجت بالاتفاق مع المؤسسة الوطنية للنفط على توقيع اتفاقيتين وشيكتين مع شركتي "إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" لاستكشاف الغاز البحري وتطوير حقول الواحة النفطية باستثمارات بملايين الدولارات. وفي تحليله لهذه المحطات، يرى الباحث السياسي عبد الحكيم السعداوي أن "الزيارة رسمت رسائل متعددة، فلقاء بولس بالمنفي في طرابلس، رغم طابعه الروتيني إلا أنه يؤكد سعي واشنطن لتعزيز الاعتراف بالشرعية الدولية لحكومة الوحدة كمدخل رئيسي للملف الليبي، بينما يعكس لقائه بحفتر في بنغازي اعترافاً بنفوذه كسلطة أمر واقع". وأشار السعداوي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "التركيز الأميركي على توقيع العقود النفطية والإعلان عن أخرى، يؤشر على رغبة جادة في خلق بيئة استقرار تدعم استثمارات طويلة الأمد". إلا أن السعداوي استدرك بالقول إن "بولس أراد توصيل رسالة مفادها أن هذه الاستثمارات مشروطة بتحقيق الوحدة السياسية والأمنية التي لن تنجح أي مشاريع في غيابها، وهو ما قصده من خلال حرصه على مناقشة مستجدات الخطة الأممية مع تيتيه". من زاوية أخرى، لفت السعداوي إلى أن "قبول بولس حضور نجلي حفتر في لقاءات بنغازي كان يحمل رسالة أيضا، فبلقاسم يمثل ذراع الاقتصاد والاستثمار في هيكل سلطة والده، وصدام يمثل الذراع العسكري، ما يعكس فهم واشنطن المتزايد لطبيعة توزيع القوى داخل قيادة حفتر نفسه". أخبار التحديثات الحية مسعد بولس يلتقي حفتر في بنغازي: رغبة أميركية بتوسيع آفاق التعاون أما من الجانب الليبي، فيرى السعداوي أن "عرض الدبيبة الضخم بقيمة 70 مليار دولار في مجال الطاقة، يحمل رسالة واضحة لخطب ود واشنطن من أجل دعم وتعزيز سلطته، وهي الرسالة التي ألمح إليها حفتر كذلك من خلال مشاركة نجله بلقاسم لعرض فرص الاستثمار في شرق ليبيا"، معتبرا أن "كل من الدبيبة وحفتر يقدمان خطاباً بلغة المال والاستثمار التي تفضلها إدارة ترامب". كما يرى السعداوي أن "حفتر، بفصل لقاء نجليه مع بولس عن لقائه الشخصي وإدراجهما في اللقاء مع عقيلة صالح، يحمل رسالة تلمح الى سعيه لترسيخ شرعيتهما البرلمانية، والإيحاء بأن سلطته العائلية أصبحت واقعاً لا مناص عن التعامل معه". من جانبه، يرى الأكاديمي رمضان النفاتي أن التعاطي الأميركي مع الرسائل الليبية كان في منتهى الدقة والحذر، موضحاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "تعاطي بولس مع عرض الدبيبة الاستثماري الضخم كان محسوباً، فقد حرص على حضور توقيع العقود مع المؤسسة الوطنية للنفط، لكن دون حضور الدبيبة، ما يعني أن واشنطن ترغب في التعامل مع المؤسسات تحت إشراف حكومي بغض النظر عمن يقود الحكومات". ويرى النفاتي أن "اللقاءات في بنغازي لم يترتب عليها التزامات ملموسة، فمشاركة بلقاسم لم يسفر عنها أي إعلان حول عقود أميركية في مشاريع الإعمار التي يشرف عليها". وأكثر من ذلك اعتبر النفاتي "طريقة تقديم حفتر لنجليه رفقة عقيلة صالح دون حضور أي نواب آخرين، قد تكون أعطت انطباعاً سلبياً لدى بولس عن هيمنة حفتر على مجلس النواب، ما يتعارض مع الموقف الأميركي الساعي لدعم الخطة الأممية التي تقوم على ضرورة توافق كل الأطراف على تسوية شاملة". أخبار التحديثات الحية السفارة الأميركية تنفي صحة الأنباء بشأن نقل سكان غزة إلى ليبيا لكن الأكثر لفتا للانتباه، وفق النفاتي، هو أن "الجانب الأميركي كان حريصاً على تجنب إثارة ملفات شائكة أثارت قلقاً ليبياً واسعاً، مثل نقل مهاجرين من ذوي السجلات الجنائية إلى ليبيا أو نقل سكان غزة، وكذلك ملف العلاقات العسكرية بين حفتر وروسيا، وهو ما يعكس حرصاً أميركياً على تركيز الزيارة على أهدافها المباشرة دون تشويش". وخلص النفاتي إلى أن زيارة بولس تعكس معالم النهج أميركي في الملف الليبي، مشيرا إلى أنه يقوم على ثلاثة أمور رئيسية: "الأول الاعتراف العملي بموازين القوى القائمة في شرق ليبيا وغربها، ما يعني رغبة أميركية في المحافظة على التوازنات في طرفي البلاد". أما ثانيها فهو "الربط الواضح بين تعزيز الاستثمارات في الطاقة وبين تحقيق استقرار سياسي عبر دعم خارطة طريق أممية توحد المؤسسات السياسية والأمنية، والثالث انخراط متدرج في الملف الليبي من بوابة الاقتصاد لكن بأسبقية الدفع نحو تسوية سياسية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store