logo
حمى البحث عن الآثار السورية وبيعها ارتفعت منذ سقوط الأسد

حمى البحث عن الآثار السورية وبيعها ارتفعت منذ سقوط الأسد

الشرق الأوسط٠٨-٠٦-٢٠٢٥
أدّى انهيار جهاز الأمن السوري بعد سقوط نظام الأسد، وانتشار الفقر، إلى ارتفاع حمى البحث عن «الذهب»، سواء بمعناه المباشر أم بمعناه الاستعاري. سوريا التي تقع حيث نشأت الحضارة المستقرة، تزخر بالفسيفساء والتماثيل والقطع الأثرية التي تُباع بأسعار مرتفعة لدى هواة جمع الآثار في الغرب، وكانت موقع نهب لآثارها منذ عام 2012، بحسب تحقيق لصحيفة «الغارديان» البريطانية.
ووفقاً لمشروع أبحاث الاتجار بالآثار وأنثروبولوجيا التراث (ATHAR)، الذي يحقق في الأسواق السوداء للآثار عبر الإنترنت، فإن ما يقرب من ثلث الحالات السورية، البالغ عددها 1500 حالة، وثّقه المشروع منذ عام 2012، وجرى منذ ديسمبر (كانون الأول).
تمثالان لملكين من سوريا يعودان إلى النصف الأول للألفية الثانية قبل الميلاد (جامعة توبنغن الألمانية)
ويُنفّذ كثير من عمليات النهب أفرادٌ يائسون من تحصيل المال، على أمل العثور على عملات معدنية أو آثار قديمة، يُمكنهم بيعها بسرعة. وفي دمشق، يكشف التقرير أنه انتشرت في المتاجر أجهزة الكشف عن المعادن، بينما تُظهر الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمين وهم يكتشفون كنوزاً مخفية بنماذج مثل جهاز «XTREM Hunter»، الذي يُباع بالتجزئة بأكثر من 2000 دولار أميركي.
وقفة أمام المتحف الوطني بدمشق للمطالبة بحماية الآثار السورية ومواجهة عمليات التنقيب غير الشرعي في فبراير الماضي (سانا)
يقول محمد الفارس، أحد سكان تدمر وناشط في منظمة «تراث من أجل السلام» غير الحكومية: «يأتون ليلاً مسلحين بالمعاول والمجارف والمطارق، ويُزعج اللصوص الموتى. وتحت جنح الظلام، ينبش الرجال قبوراً دُفنت منذ أكثر من ألفي عام في مدينة تدمر السورية القديمة، بحثاً عن الكنز».
ويتابع الناشط: «في النهار، يكون الدمار الذي أحدثه لصوص القبور واضحاً. تُشوّه حفر بعمق 3 أمتار معالم تدمر، حيث تجذب سراديب الدفن القديمة الناس بوعود الحصول على ذهب جنائزي وقطع أثرية قديمة تُباع بآلاف الدولارات».
وبينما كان يقف على بقايا سرداب قديم نبشه اللصوص، قال فارس لمراسل الصحيفة: «هذه الطبقات المختلفة مهمة، وعندما يخلطها الناس معاً، يستحيل على علماء الآثار فهم ما ينظرون إليه». والتقط قطعة فخار محطمة تركها لصوص القبور ووضعها بجانب زعنفة قذيفة هاون صدئة. تعرّضت مدينة تدمر، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، لأضرار جسيمة خلال فترة سيطرة تنظيم «داعش»، عندما فجّر مسلحون أجزاءً من الموقع الأثري عام 2015، معتبرين آثاره أصناماً.
وتدمر ليست الموقع الأثري الوحيد المُهدد. يقول خبراء ومسؤولون إن نهب الآثار السورية والاتجار بها قد ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة منذ الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر (تشرين الأول)، ما زاد من الخطر على تراث البلاد.
كنيسة القديس سمعان شمال غربي حلب كما بدت في 8 مارس 2023 تعرضت للدمار خلال الحرب (أ.ب)
يقول عمرو العظم، أستاذ تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط في جامعة شوني ستيت بولاية أوهايو، والمدير المشارك لمشروع «آثار»: «عندما سقط نظام الأسد، شهدنا طفرة هائلة في أعمال النهب. كان ذلك انهياراً تاماً لأي قيود ربما كانت قائمة في عهد النظام، وكانت تتحكم في عمليات النهب».
من جهتها، أفادت كاتي بول، المديرة المشاركة لمشروع «آثار» ومديرة مشروع الشفافية التقنية: «شهدت الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية أكبر موجة تهريب للآثار رأيتها في حياتي، من أي بلد». تتابع: «نشهد الآن أسرع عملية بيع للقطع الأثرية شهدناها على الإطلاق. على سبيل المثال، كان بيع فسيفساء من الرقة يستغرق عاماً كاملاً، الآن، تُباع الفسيفساء في غضون أسبوعين».
وتتابع بول، بالتعاون مع العظم، مسار تهريب الآثار الشرق أوسطية عبر الإنترنت، وقد أنشأت قاعدة بيانات تضم أكثر من 26,000 لقطة شاشة ومقطع فيديو وصورة توثق عمليات تهريب الآثار التي يعود تاريخها إلى عام 2012.
يلفت تحقيق «الغارديان» إلى أن الحكومة السورية الجديدة حثّت اللصوص على التوقف عن الحفر، وعرضت مبالغ لمن يُسلم الآثار بدلاً من بيعها، وهدّدت المخالفين بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً. لكن دمشق، المنشغلة بإعادة بناء بلد مُدمّر، وتكافح لفرض سيطرتها، لا تملك سوى موارد محدودة لحماية تراثها الأثري.
قطعة آثار سورية عرضت للبيع على «فيسبوك» في أبريل الماضي (منظمة آثار)
في عام 2020، حظر «فيسبوك» بيع الآثار التاريخية على منصته، وأعلن أنه سيزيل أي محتوى ذي صلة. ومع ذلك، وفقاً لبول، نادراً ما تُطبق هذه السياسة، على الرغم من توثيق عمليات البيع المستمرة على المنصة جيداً. وتتابع: «الاتجار بالممتلكات الثقافية أثناء النزاعات جريمة». وأضافت أنها تتابع عشرات مجموعات تجارة الآثار على «فيسبوك» التي تضم كل منها أكثر من 100 ألف عضو، وأكبرها يضم نحو 900 ألف عضو.
ورفض ممثل عن «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، الردّ على طلب صحيفة «الغارديان» للتعليق. وتُستخدم مجموعات «فيسبوك» كبوابة للمتاجرين، حيث تربط لصوصاً صغاراً في سوريا بشبكات إجرامية تُهرّب القطع الأثرية خارج البلاد إلى الأردن وتركيا المجاورتين. ومن هناك، تُشحن القطع حول العالم لإصدار فواتير بيع ومصادر مزورة، ليتم غسلها في السوق السوداء للآثار. وبعد 10 إلى 15 عاماً، تجد طريقها إلى دور المزادات القانونية، حيث يقتنصها جامعو الآثار والمتاحف، التي تقع في الغالب في الولايات المتحدة وأوروبا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مشاهد "إهانة" مطرب شعبي تشغل السوريين.. والداخلية توضح
مشاهد "إهانة" مطرب شعبي تشغل السوريين.. والداخلية توضح

العربية

timeمنذ 3 ساعات

  • العربية

مشاهد "إهانة" مطرب شعبي تشغل السوريين.. والداخلية توضح

انشغل السوريون خلال الساعات الماضية بتداول فيديوهات لتوقيف المغني الشعبي، عمر خيري، من قبل بعض العناصر المسلحة بعيد إحيائه حفل زفاف في مدينة الباب بحلب. فقد نشر عدد من مستخدمي منصة إكس فيديو لخيري وصفوه بالمهين، أظهر عناصر مسلحة ترسم على وجهه وجسده بعيد توقيفه، وتجبره على الغناء. فيما أثارت تلك المشاهد استياء العديد من السوريين على مواقع الواصل، الذين دعوا إلى محاسبة المتورطين. في حين اتهم بعض المغردين عناصر من جهاز الأمن العام التابع لوزارة الداخلية بالتورط. هل هذه هي الحرية التي حلمنا بها؟ أم أنها مجرد قيد جديد بثوب مختلف؟ ‼️ إذلال الفنان #عمر_خيري في الباب بريف حلب — الإعلامي هاوار هبو (@hawarhebo99) August 1, 2025 الداخلية تنفي إلا أن المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، نفى الأمر جملة وتفصيلاً. وقال المتحدث في بيان مساء الجمعة "ننفي بشكل قاطع ما يُتداول على مواقع التواصل حول تعرّض مطرب شعبي للاعتداء من قِبل عناصر الأمن الداخلي في مدينة الباب بريف حلب"، مؤكدا ألا علاقة لأية جهة أمنية بالحادثة المذكورة، وفق ما نقلت الإخبارية السورية. 📌 ننفي بشكل قاطع ما يُتداول على مواقع التواصل حول تعرّض مطرب شعبي للاعتداء من قِبل عناصر الأمن الداخلي في مدينة الباب بريف حلب ولا علاقة لأي جهة أمنية بالحادثة المذكورة 📌 نواجه الكثير من حملات التضليل الممنهجة التي تهدف لتشويه… — الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) August 1, 2025 كما أوضح البابا أن وزارة الداخلية تواجه الكثير من حملات التضليل الممنهجة التي تهدف إلى تشويه صورة الأمن الداخلي، وحث وسائل الإعلام ومواقع التواصل إلى توخي الدقة والتحرّي من صحة الأخبار والصور حرصاً على المصداقية، وتجنّب الوقوع في فخ التضليل أو نشر معلومات مغلوطة. وكانت وزارة الداخلية أكدت أكثر من مرة سابقاً أنها لن تتوانى عن محاسبة أية انتهاكات يرتكبها منتسبون إلى الأجهزة التابعة لها، مؤكدة أن كافة عناصرها في خدمة المواطن السوري الذي عانى الأمرين في ظل النظام السابق الذي سقط في ديسمبر من العام الماضي (2024).

تحركات في السويداء للمطالبة بتحقيق دولي
تحركات في السويداء للمطالبة بتحقيق دولي

الشرق الأوسط

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق الأوسط

تحركات في السويداء للمطالبة بتحقيق دولي

شهدت محافظة السويداء (جنوب سوريا) مظاهرات أمس تخللتها مطالبات بتحقيق دولي مستقل في الأحداث التي شهدتها المحافظة مؤخراً، ورفض لجنة التحقيق التي أعلنت عنها دمشق الخميس. ورفع المتظاهرون لافتات بلغات عدة، جاء في بعضها «السويداء تحت الحصار» و«ارفعوا الحصار عن الأطفال»، وطالبت أخرى مكتوبة بخط اليد بـ«فتح ممر إنساني مع الأردن». وتتألف لجنة التحقيق لتي أعلنت عنها الحكومة من 7 أعضاء، هم 4 قضاة ومحاميان وضابط برتبة عميد. ونصّ القرار على وجوب أن ترفع اللجنة تقريرها النهائي «خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر». ويتَّهم السكان، السلطات بفرض «حصار» على السويداء، وتقييد حركة الوصول إليها، وانتشار قواتها في أجزاء عدة من المحافظة، وهو ما تنفيه السلطات السورية في المطلق وتلقي باللوم على «مجموعات خارجة عن القانون».

إسرائيل تتصرف كدولة احتلال في الجنوب السوري
إسرائيل تتصرف كدولة احتلال في الجنوب السوري

الشرق الأوسط

timeمنذ 15 ساعات

  • الشرق الأوسط

إسرائيل تتصرف كدولة احتلال في الجنوب السوري

في الوقت الذي يجري الحديث فيه عن مفاوضات إيجابية بين سوريا وإسرائيل في باكو، شكت مصادر في الجنوب السوري من أن قوات الجيش والمخابرات الإسرائيلية أقامت معسكراً يحتوي على خيمة اعتقال كبيرة، تجلب إليها معتقلين سوريين من سكان الجنوب، وذلك للتحقيق معهم حول نشاطات إرهابية تدعي أن إيران تحاول تنظيمها. وقال عدد من أقارب هؤلاء المعتقلين إن المحققين الإسرائيليين يجرون تحقيقات في ظل التخويف والتنكيل، ولا تتردد في احتجازهم لعدة أيام، وفي بعض الحالات تنقل المعتقلين إلى إسرائيل لاستكمال التحقيق. وقد شملت هذه الاعتقالات ثلاثة مواطنين من مدينة القنيطرة، في جنوب سوريا، فقط الجمعة، وصادرت جرّاراً زراعياً كانوا يستخدمونه لنقل بقايا أشجار في ريف القنيطرة، واقتادتهم إلى القاعدة العسكرية التي تضم خيمة الاعتقال. وأكدت مصادر من بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، التي يرتبط أهلها بأواصر قربى مع المواطنين الدروز في السويداء، أن الأيام الأخيرة تشهد تحركات عسكرية إسرائيلية مكثفة وغير مسبوقة في الجنوب السوري، وخاصة في ريف القنيطرة ودرعا، وتنظم دوريات عسكرية تتوغل في القرى والبلدات وتنفذ اعتقالات عديدة. وهي تقيم تسعة مواقع عسكرية ثابتة، في المناطق التي احتلتها بعد سقوط نظام بشار الأسد، قبل ثمانية أشهر، وهذه المواقع تشهد حركة نشطة بشكل غير عادي. ويبدو أنها تحتوي على أكثر من خيمة اعتقال واحدة. وعلى سبيل المثال، اقتحمت القوات الإسرائيلية قرية كودنة، ونصبت حاجزاً مؤقتاً على الطريق الواصل بين القرية وقرية عين زيوان، فيما اقتحمت، مساء الأربعاء، قوات محمولة على ثلاث مجنزرات، منزل المواطن محمد الجمعة في قرية الصمدانية الشرقية، واعتقلته دون توجيه أي تهمة أو توضيح للأسباب، ولا يزال مصيره ومكان احتجازه مجهولين حتى اللحظة. والخميس، توغلت في قرية أم العِظام، وقامت بنصب حاجز طيّار، وفتّشت المارّة والمركبات، كما اعتقلت أربعة أشخاص، واقتادتهم إلى قاعدة العدنانية، إحدى القواعد العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، قبل أن تُفرج عنهم بعد ثلاث ساعات. وفي قرية بريقة بريف القنيطرة الأوسط، نصبت إسرائيل حاجزاً عسكرياً طيّاراً، وأجرت عمليات تفتيش للمركبات المارّة، وأوقفت إحدى الحافلات واستجوبت الشبّان الذين كانوا فيها. وفي الريف الشمالي، شهدت قرية جباثا الخشب، بعد ظهر الخميس، توغلاً جديداً لدورية إسرائيلية مكوّنة من سيارتين. فيما شهد الريف الجنوبي من محافظة القنيطرة، إضافة إلى الريف الغربي من محافظة درعا في جنوب سوريا، إطلاق قنابل مضيئة، بالتزامن مع تحليق مكثّف لطيران الاستطلاع والطيران الحربي في أجواء المحافظتين. وذكرت المصادر أن قوات سلاح الهندسة الإسرائيلي نفذت عمليات حفر ورفع سواتر ترابية غربي بلدات بريقة وبئر عجم، ضمن مشروع «سوفا 53»، الذي بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذه في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2022، ويهدف إلى تعزيز التحصينات العسكرية على طول الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل. وبحسب المصادر المذكورة، فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في الجنوب السوري لم تعد عابرة وأصبحت يومية هدفها محاولة إفهام الناس أنها صاحبة القول والفصل. وبذلك تفرض نفسها كمحتل يفرض إرادته. وتقول السلطات الإسرائيلية إنها بهذه النشاطات تسعى لتحقيق أمن إسرائيل ومنع تنظيمات الإرهاب من الإطلال برأسها في هذه المنطقة. وهي تدعي أن إيران و«حزب الله» ما زالا يعملان في الجنوب السوري لتنظيم هجمات على مستوطنات الجولان شبيهة بهجوم «حماس» على غلاف غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن كل عمليات الجيش في المنطقة محكومة بضرورة صد هذه المحاولات. يذكر أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، التقيا الخميس في باكو، بهدف دفع المفاوضات بينهما للتوصل إلى تفاهمات أمنية. واتفقا على الاستمرار في المفاوضات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store