
واشنطن ترفع العقوبات عن سوريا: ترخيص جديد يفتح أبواب الاستثمار
في تحول لافت في سياسة العقوبات الأميركية تجاه سوريا، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، إصدار الترخيص العام رقم 25، الذي يتيح رفعًا فوريًا وشاملًا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. وجاء القرار تماشيًا مع إعلان الرئيس الأميركي الأخير القاضي بوقف جميع أشكال العقوبات المفروضة على البلاد، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على انفتاح أمريكي جديد نحو إعادة إدماج سوريا في النظام الاقتصادي الإقليمي والدولي.
ترخيص عام يرفع القيود ويفتح الاقتصاد السوري
الترخيص الجديد، المعروف بـ'GL 25″، يُعد بمثابة تفويض قانوني يسمح بإجراء كافة المعاملات الاقتصادية والتجارية التي كانت محظورة بموجب نظام العقوبات المفروض على سوريا. ويشمل ذلك السماح بالاستثمارات الجديدة، وتقديم الخدمات المالية، والتعامل مع قطاعي النفط والطاقة، فضلاً عن استئناف المعاملات التجارية مع الحكومة السورية الجديدة.
وبحسب بيان وزارة الخزانة، فإن هذا الترخيص لا يشمل الجهات المصنفة على لوائح الإرهاب، أو الأشخاص المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، ولا يسمح بأي معاملات تعود بالنفع على دول مثل روسيا، إيران، أو كوريا الشمالية، التي تُعتبر من الداعمين التقليديين للنظام السوري السابق.
البيت الأبيض يدعم سوريا 'جديدة'
يتزامن القرار مع ما وصفه البيان بـ'بداية فصل جديد في تاريخ سوريا'، حيث أعلن وزير الخزانة سكوت بيسنت أن بلاده 'تدعم سوريا مستقرة ومزدهرة'، مشددًا على أهمية استقطاب استثمارات جديدة لإعادة بناء الاقتصاد السوري وتثبيت الاستقرار على المدى الطويل. وأضاف بيسنت أن الولايات المتحدة تتوقع من سوريا أن تلتزم بمسار سلمي يشمل ضمان حقوق الأقليات، ومكافحة الإرهاب، وعدم تحويل أراضيها إلى ملاذ آمن للتنظيمات المتطرفة.
وفي خطوة موازية، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية إعفاءً خاصًا بموجب قانون 'قيصر لحماية المدنيين السوريين'، يتيح لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين الاستثمار في سوريا دون التعرض لعقوبات ثانوية. يُعد هذا تطورًا لافتًا في موقف واشنطن، التي لطالما استخدمت قانون قيصر كأداة لشل الاقتصاد السوري والضغط على نظام الأسد.
استثناءات دقيقة… وحدود واضحة
ورغم الطابع الانفتاحي للقرار، فقد أكدت وزارة الخزانة أن الترخيص لا يمنح غطاءً قانونيًا لأي جهة ضالعة في جرائم الحرب أو أنشطة غير قانونية. ويستثني القرار النظام السابق وبعض رموزه، كما يُبقي الحظر قائمًا على الكيانات المرتبطة ببرامج تسليح غير مشروعة أو شبكات تهريب المخدرات.
وأوضحت الوزارة أن هذا الترخيص لا يُعني به السماح بالتعاون مع روسيا أو إيران أو أي جهة أجنبية تستفيد من الوضع السوري لتعزيز نفوذها الإقليمي. بل صُمم GL 25 ليكون أداة توجيهية تخدم مصالح السياسة الخارجية الأميركية، من خلال فتح المجال أمام القطاع الخاص الأميركي والدولي للمساهمة في إعادة الإعمار، ضمن شروط تُراعي الأمن القومي الأميركي.
تحولات جيوسياسية وراء القرار
هذا التحول يأتي في سياق إقليمي ودولي معقد. فمن جهة، تواجه الولايات المتحدة تراجعًا في نفوذها في الشرق الأوسط، في ظل تنامي الحضور الروسي والصيني في ملفات عدة، منها سوريا. ومن جهة أخرى، تسعى واشنطن إلى إعادة التموضع في المنطقة عبر الانخراط الاقتصادي، بدلاً من الضغط السياسي الأحادي عبر العقوبات.
يرى مراقبون أن قرار رفع العقوبات يعكس قناعة داخل الإدارة الأميركية بأن سياسة العزل لم تحقق أهدافها، لا سيما في ظل استمرارية النظام في دمشق، وفشل المحاولات السابقة لإحداث تغيير سياسي جوهري. كما أن فتح الباب أمام الاستثمار الدولي يُمكن أن يسحب البساط من تحت أطراف إقليمية لطالما استثمرت في الفراغ الناتج عن العقوبات الغربية.
دور متزايد للمؤسسات المالية الأميركية
وبالتوازي مع هذا الانفتاح، أعلنت شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) عن إعفاء خاص يسمح للمؤسسات المالية الأميركية بإعادة فتح قنوات الاتصال مع المصرف التجاري السوري، بما في ذلك الحسابات المراسلة، وهي خطوة أساسية لإعادة إدماج سوريا في النظام المالي العالمي.
كما وعدت OFAC بإصدار إرشادات إضافية خلال الأيام المقبلة، لتوضيح نطاق التراخيص الممنوحة وآليات الامتثال، داعية الشركات والمستثمرين المهتمين إلى التواصل مع الخط الساخن الخاص بها لأي استفسارات تقنية أو قانونية.
بين الاقتصاد والسياسة… اختبار للمرحلة المقبلة
الترخيص العام 25 لا يُمثّل فقط نقلة في السياسة الاقتصادية تجاه سوريا، بل يشير أيضًا إلى بداية مرحلة اختبار سياسي، ستُراقب فيها واشنطن عن كثب سلوك دمشق داخليًا وإقليميًا. فبينما تُمنح الحكومة السورية الجديدة فرصة الانخراط مجددًا في النظام الاقتصادي الدولي، يُشترط أن تُظهر التزامًا فعليًا بتحقيق الاستقرار الداخلي، وضمان الحقوق، ومكافحة الإرهاب.
وتبقى نتائج هذه السياسة مرهونة بالتطورات على الأرض، وبمدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على إثبات أنها تمثل قطيعة حقيقية مع ممارسات الماضي، وليست مجرد واجهة شكلية لإعادة إنتاج المنظومة ذاتها تحت غطاء دولي جديد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
وزارة الدفاع الأميركية تفرض قيوداً صارمة على تحركات الصحافيين
أصدر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، أوامر تلزم الصحافيين بأن يكون معهم مرافقون رسميون داخل جزء كبير من مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون)، وهي الأحدث في سلسلة من القيود التي فرضتها إدارة ترامب على الصحافة. وتمنع هذه الإجراءات، التي دخلت حيز التنفيذ على الفور، الصحافيين المعتمدين من دخول معظم مقرات وزارة الدفاع في أرلينغتون - ولاية فرجينيا، ما لم يكن لديهم موافقة رسمية ومرافق. وقال هيغسيث في مذكرة «بينما تظل الوزارة ملتزمة بالشفافية، فإنها ملزمة بالقدر نفسه، بحماية المعلومات الاستخبارية السرية والمعلومات الحساسة، والتي قد يؤدي الكشف عنها غير المصرح به إلى تعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر». وأضاف أن حماية المعلومات الاستخبارية الوطنية السرية وأمن العمليات «أمر لا غنى عنه بالنسبة للوزارة». واعتبرت رابطة صحافة البنتاغون، وهي منظمة بها أعضاء تمثل مصالح الصحافيين المسؤولين عن تغطية الأنباء المتعلقة بالجيش الأميركي، أن القواعد الجديدة تبدو كما لو كانت «هجوماً مباشراً على حرية الصحافة». وأضافت في بيان «يقال إن القرار يستند إلى مخاوف في شأن أمن العمليات. لكن كان بوسع السلك الصحافي في البنتاغون الوصول إلى الأماكن غير المؤمنة وغير السرية هناك على مدى عقود، في عهد إدارات جمهورية وديمقراطية، وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، من دون أي قلق في شأن أمن العمليات من قيادة وزارة الدفاع». ومنذ عودة ترامب إلى الرئاسة في يناير الماضي، بدأ البنتاغون تحقيقاً في تسريبات مما أسفر عن منح ثلاثة مسؤولين إجازة إدارية. كما طلب من مؤسسات إعلامية عريقة، مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«سي.إن.إن» و«إن.بي.سي نيوز»، إخلاء مكاتبها في وزارة الدفاع، في نظام تناوب جديد جلب مؤسسات أخرى، منها وسائل إعلام صديقة بوجه عام لإدارة ترامب مثل «نيويورك بوست» و«برايتبارت» و«ديلي كولر» وشبكة «وان أميركا نيوز». وتعتبر إدارة ترامب أن الهدف من تلك الخطوة هو إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام الأخرى لإعداد تقاريرها بينما تحظى بصفة أعضاء مقيمين في السلك الصحافي. وأوردت «رويترز»، الجمعة أيضاً، أن إدارة ترامب نشرت أجهزة كشف الكذب للتحقيق في تسريب المعلومات غير المصنفة على أنها سرية، وتم إبلاغ بعض مسؤولي وزارة الأمن الداخلي بأنهم معرضون للفصل من العمل لرفضهم الخضوع لاختبارات كشف الكذب. ويؤكد البيت الأبيض أن ترامب لن يتسامح مع تسريب المعلومات لوسائل الإعلام وأن الموظفين الاتحاديين الذين يفعلون ذلك يجب أن يخضعوا للمساءلة.


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
ترامب يُقيل العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي
كشفت خمسة مصادر مطلعة، أن الرئيس دونالد ترامب أقدم الجمعة، على إقالة العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في إطار مساعيه لإعادة هيكلة المجلس، والحد من دوره الواسع الذي تمتع به سابقاً. وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنه تم تسريح موظفين يتولون قضايا جيوسياسية مهمة من أوكرانيا إلى كشمير. وجاءت الخطوة بعد أسابيع فقط من تولي وزير الخارجية ماركو روبيو منصب مستشار الأمن القومي، خلفاً لمايك والتز. وأوضحت المصادر أن إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع نفوذه بشكل أكبر، وتحويله من جهة رئيسية لصياغة السياسات إلى كيان صغير يكرس جهوده لتنفيذ أجندة الرئيس بدلاً من تشكيلها. وأضافت أن هذه الخطوة ستمنح فعلياً المزيد من الصلاحيات لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها من الوزارات والهيئة المعنية بالشؤون الدبلوماسية والأمن القومي والاستخبارات. وتسعى إدارة ترامب إلى تقليص حجم مجلس الأمن القومي ليقتصر على عدد محدود من الموظفين. وقالت أربعة مصادر مطلعة على الخطط، إن العدد النهائي المتوقع للموظفين في المجلس سيبلغ نحو 50 شخصاً. وعادة ما يعتبر مجلس الأمن القومي، الجهة الرئيسية التي يعتمد عليها الرؤساء في تنسيق سياسات الأمن القومي. ويقوم العاملون فيه بدور محوري في اتخاذ قرارات حاسمة في شأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمات العالمية الأكثر تقلباً، إلى جانب مساهمتهم في الحفاظ على أمن البلاد. وتجاوز عدد موظفي مجلس الأمن القومي، 300 موظف في عهد الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، إلا أن عددهم حتى قبل عمليات التسريح الأخيرة في عهد ترامب، كان أقل من نصف هذا الرقم. وأوضح مصدران لـ «رويترز»، أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم من المجلس، سيتم نقلهم إلى مناصب أخرى داخل الحكومة. ووصف مصدران آخران، الجمعة، مشهداً فوضوياً خلال الساعات الماضية، مشيرين إلى أن بعض الموظفين المغادرين لم يتمالكوا أنفسهم وانخرطوا في البكاء داخل مبنى أيزنهاور التنفيذي حيث يقع مقر مجلس الأمن القومي. وقالت ثلاثة مصادر إن من بين الإدارات التي قد تتوقف عن العمل كهيئات مستقلة تلك المعنية بالشؤون الأفريقية والمنظمات متعددة الطرف مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو).


الوطن الخليجية
منذ 5 ساعات
- الوطن الخليجية
واشنطن ترفع العقوبات عن سوريا: ترخيص جديد يفتح أبواب الاستثمار
في تحول لافت في سياسة العقوبات الأميركية تجاه سوريا، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، إصدار الترخيص العام رقم 25، الذي يتيح رفعًا فوريًا وشاملًا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا. وجاء القرار تماشيًا مع إعلان الرئيس الأميركي الأخير القاضي بوقف جميع أشكال العقوبات المفروضة على البلاد، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على انفتاح أمريكي جديد نحو إعادة إدماج سوريا في النظام الاقتصادي الإقليمي والدولي. ترخيص عام يرفع القيود ويفتح الاقتصاد السوري الترخيص الجديد، المعروف بـ'GL 25″، يُعد بمثابة تفويض قانوني يسمح بإجراء كافة المعاملات الاقتصادية والتجارية التي كانت محظورة بموجب نظام العقوبات المفروض على سوريا. ويشمل ذلك السماح بالاستثمارات الجديدة، وتقديم الخدمات المالية، والتعامل مع قطاعي النفط والطاقة، فضلاً عن استئناف المعاملات التجارية مع الحكومة السورية الجديدة. وبحسب بيان وزارة الخزانة، فإن هذا الترخيص لا يشمل الجهات المصنفة على لوائح الإرهاب، أو الأشخاص المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، ولا يسمح بأي معاملات تعود بالنفع على دول مثل روسيا، إيران، أو كوريا الشمالية، التي تُعتبر من الداعمين التقليديين للنظام السوري السابق. البيت الأبيض يدعم سوريا 'جديدة' يتزامن القرار مع ما وصفه البيان بـ'بداية فصل جديد في تاريخ سوريا'، حيث أعلن وزير الخزانة سكوت بيسنت أن بلاده 'تدعم سوريا مستقرة ومزدهرة'، مشددًا على أهمية استقطاب استثمارات جديدة لإعادة بناء الاقتصاد السوري وتثبيت الاستقرار على المدى الطويل. وأضاف بيسنت أن الولايات المتحدة تتوقع من سوريا أن تلتزم بمسار سلمي يشمل ضمان حقوق الأقليات، ومكافحة الإرهاب، وعدم تحويل أراضيها إلى ملاذ آمن للتنظيمات المتطرفة. وفي خطوة موازية، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية إعفاءً خاصًا بموجب قانون 'قيصر لحماية المدنيين السوريين'، يتيح لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين الاستثمار في سوريا دون التعرض لعقوبات ثانوية. يُعد هذا تطورًا لافتًا في موقف واشنطن، التي لطالما استخدمت قانون قيصر كأداة لشل الاقتصاد السوري والضغط على نظام الأسد. استثناءات دقيقة… وحدود واضحة ورغم الطابع الانفتاحي للقرار، فقد أكدت وزارة الخزانة أن الترخيص لا يمنح غطاءً قانونيًا لأي جهة ضالعة في جرائم الحرب أو أنشطة غير قانونية. ويستثني القرار النظام السابق وبعض رموزه، كما يُبقي الحظر قائمًا على الكيانات المرتبطة ببرامج تسليح غير مشروعة أو شبكات تهريب المخدرات. وأوضحت الوزارة أن هذا الترخيص لا يُعني به السماح بالتعاون مع روسيا أو إيران أو أي جهة أجنبية تستفيد من الوضع السوري لتعزيز نفوذها الإقليمي. بل صُمم GL 25 ليكون أداة توجيهية تخدم مصالح السياسة الخارجية الأميركية، من خلال فتح المجال أمام القطاع الخاص الأميركي والدولي للمساهمة في إعادة الإعمار، ضمن شروط تُراعي الأمن القومي الأميركي. تحولات جيوسياسية وراء القرار هذا التحول يأتي في سياق إقليمي ودولي معقد. فمن جهة، تواجه الولايات المتحدة تراجعًا في نفوذها في الشرق الأوسط، في ظل تنامي الحضور الروسي والصيني في ملفات عدة، منها سوريا. ومن جهة أخرى، تسعى واشنطن إلى إعادة التموضع في المنطقة عبر الانخراط الاقتصادي، بدلاً من الضغط السياسي الأحادي عبر العقوبات. يرى مراقبون أن قرار رفع العقوبات يعكس قناعة داخل الإدارة الأميركية بأن سياسة العزل لم تحقق أهدافها، لا سيما في ظل استمرارية النظام في دمشق، وفشل المحاولات السابقة لإحداث تغيير سياسي جوهري. كما أن فتح الباب أمام الاستثمار الدولي يُمكن أن يسحب البساط من تحت أطراف إقليمية لطالما استثمرت في الفراغ الناتج عن العقوبات الغربية. دور متزايد للمؤسسات المالية الأميركية وبالتوازي مع هذا الانفتاح، أعلنت شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) عن إعفاء خاص يسمح للمؤسسات المالية الأميركية بإعادة فتح قنوات الاتصال مع المصرف التجاري السوري، بما في ذلك الحسابات المراسلة، وهي خطوة أساسية لإعادة إدماج سوريا في النظام المالي العالمي. كما وعدت OFAC بإصدار إرشادات إضافية خلال الأيام المقبلة، لتوضيح نطاق التراخيص الممنوحة وآليات الامتثال، داعية الشركات والمستثمرين المهتمين إلى التواصل مع الخط الساخن الخاص بها لأي استفسارات تقنية أو قانونية. بين الاقتصاد والسياسة… اختبار للمرحلة المقبلة الترخيص العام 25 لا يُمثّل فقط نقلة في السياسة الاقتصادية تجاه سوريا، بل يشير أيضًا إلى بداية مرحلة اختبار سياسي، ستُراقب فيها واشنطن عن كثب سلوك دمشق داخليًا وإقليميًا. فبينما تُمنح الحكومة السورية الجديدة فرصة الانخراط مجددًا في النظام الاقتصادي الدولي، يُشترط أن تُظهر التزامًا فعليًا بتحقيق الاستقرار الداخلي، وضمان الحقوق، ومكافحة الإرهاب. وتبقى نتائج هذه السياسة مرهونة بالتطورات على الأرض، وبمدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على إثبات أنها تمثل قطيعة حقيقية مع ممارسات الماضي، وليست مجرد واجهة شكلية لإعادة إنتاج المنظومة ذاتها تحت غطاء دولي جديد.