logo
رواتب كردستان.. صراع النفط والدستور

رواتب كردستان.. صراع النفط والدستور

اليوم الثامنمنذ 14 ساعات
لا تزال أزمة الرواتب في إقليم كردستان العراق تُلقي بظلالها الثقيلة على أكثر من مليون موظف ينتظرون شهرياً وصول مستحقاتهم في مواعيد غير منتظمة، وسط حالةٍ من الترقب والتوتر العام، وبينما تُطرح تفسيراتٌ متباينة لتأخر الرواتب، فإن فهم الأسباب الحقيقية يتطلب النظر إلى عمق الأزمة لا إلى سطحها المالي فقط.
في جوهر المشكلة تقف الخلافات السياسية المستمرة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل، وهي خلافاتٌ متجذرةٌ منذ سنواتٍ طويلة، تتعلق بالثقة المتآكلة بين الطرفين، إشكالات السيادة، تقاسم الموارد، وتفسير مواد الدستور، وكل ذلك ينعكس على ملفاتٍ يومية تمس حياة المواطنين وأبرزها ملف الرواتب.
أحد أهم أسباب التأخير يعود إلى النزاع المزمن حول إدارة الموارد النفطية، فبينما ترى بغداد أن الإقليم لا يحق له تصدير النفط بشكل منفرد دون العودة إلى الحكومة الاتحادية، تؤكد أربيل على حقها في إدارة مواردها وفق ما ترى انه "خصوصيةٌ دستوريةٌ لأربيل" وقد انعكس هذا الخلاف على الالتزام المالي، إذ تطالب بغداد بتسليم كامل إيرادات النفط وغير النفط من قبل الإقليم كشرطٍ لتحويل حصته من الموازنة الاتحادية في حين ترد أربيل بأن بغداد تماطل في تحويل الأموال حتى عند الالتزام بجزء من الاتفاقات، ما يجعل العلاقة المالية بين الطرفين محكومة بالشد والجذب لا بالتفاهمات المستقرة.
إلى جانب ذلك، هناك اتهاماتٌ متبادلةٌ بعدم الالتزام ببنود الموازنة الاتحادية، بغداد تتحدث عن تجاوزاتٍ مالية من قبل الإقليم تفوق حصته الرسمية المقدرة بنسبة 12.67%، أي ما يعادل 13.547 تريليون دينار عراقي سنوياً، أما أربيل فتعتبر أن هذه النسبة لا تكفي لتغطية التزاماتها تجاه موظفيها خصوصاً مع ارتفاع عدد الموظفين وكلفة الرواتب العالية نسبياً في الإقليم، مقارنةً بباقي المحافظات.
شق الرواتب من الأزمة ليس أقل حدة، فالإقليم يعاني من اعتمادٍ كبيرٍ على التحويلات المالية القادمة من بغداد، مع ضعفٍ في الإيرادات المحلية، وعدم وجود قاعدةٍ صناعيةٍ أو إنتاجية تغني عن الاعتماد على النفط، كما أن انخفاض أسعار النفط عالمياً في فتراتٍ متعددة، إضافةً إلى الضغوط الدولية والعقوبات التي أثرت على العراق ككل، قلصت من قدرة الحكومة المركزية على الالتزام بجداول الرواتب وخلق ضغطاً مضاعفاً على الإقليم.
ولا يمكن إغفال غياب الآليات المشتركة والشفافة في إدارة الملف المالي، فحتى اللحظة، لا توجد قاعدة بياناتٍ موحدة أو نظام رقابةٍ ماليةٍ مشترك بين بغداد وأربيل، يُحدد بدقةٍ عدد موظفي الاقليم، أو آليات الصرف، أو حجم الإيرادات الفعلية، هذا الفراغ الرقابي فاقم من حجم الاتهامات وأضعف ثقة الطرفين ببعضهما البعض في ظل اتهاماتٍ متبادلةٍ بالتلاعب بالأرقام والبيانات.
وتضاف إلى هذه الأسباب الظروف الأمنية التي مر بها العراق خلال العقد الأخير، من اجتياح تنظيم داعش لمدنٍ واسعة إلى التوترات الإقليمية المحيطة وانعكاساتها على الاقتصاد العراقي، وقد ساهمت هذه العوامل في زيادة الإنفاق الأمني وتوسيع الفجوة بين المركز والإقليم خصوصاً في ظل استمرار الجدل حول تمويل قوات البيشمركة، التي تطالب أربيل بإدراج رواتبها ضمن الموازنة الاتحادية بينما تتحفظ بغداد على ذلك بدعوى غياب السيطرة الإدارية.
إن تأخر الرواتب في كردستان العراق لا يُمكن حصره في مسألةٍ إداريةٍ أو ماليةٍ عابرة، بل هو نتيجة تراكماتٍ سياسيةٍ ودستوريةٍ واقتصادية لم يتم التعامل معها بجديةٍ على مدى سنوات، فالمشكلة لا تكمن في تحويل مبلغ هنا أو هناك، بل في غياب الاتفاق النهائي على قواعد الشراكة بين المركز والإقليم، ما يجعل أي أزمةٍ مالية قابلةٍ لأن تتحول إلى أزمة سياسيةٍ واجتماعية في أي لحظة.
وما لم يُفتح حوارٌ وطنيٌ صريحٌ وجاد يعالج جوهر الخلاف فإن أزمة الرواتب ستبقى تتكرر ويظل المواطن البسيط هو من يدفع الثمن، مرةً في تأخير الراتب، ومرة في تأجيل الأمل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع على أسعار الذهب 30 قرشا في الأردن السبت
ارتفاع على أسعار الذهب 30 قرشا في الأردن السبت

رؤيا

timeمنذ 25 دقائق

  • رؤيا

ارتفاع على أسعار الذهب 30 قرشا في الأردن السبت

سعر بيع غرام الذهب عيار 21 عند 67.8 دينارا في الاردن سجلت أسعار الذهب في السوق المحلية، السبت ، ارتفاعًا طفيفًا، وفقًا للتسعيرة الصادرة صباحًا عن النقابة العامة لأصحاب محلات تجارة وصياغة الحلي والمجوهرات. ووفق التسعيرة، بلغ سعر بيع غرام الذهب عيار 24 نحو 77.6 دينار، في حين بلغ سعر الشراء 75.2 دينار. أما الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا بين المواطنين، فقد بلغ سعر بيعه 67.8 دينار، وسعر شرائه 65.6 دينار. كما بلغ سعر بيع غرام الذهب من عيار 18 نحو 60.4 دينار، بينما بلغ سعر الشراء 55.9 دينار. أما الذهب من عيار 14، فسجل سعر البيع 45.8 دينار، وسعر الشراء 41.2 دينار. الليرة الرشادي والإنجليزي وبناءً على سعر بيع غرام الذهب عيار 21 البالغ 67.9 دينار، احتُسب سعر الليرة الرشادي بنحو 482.3 دينارًا، فيما بلغ سعر شرائها من المواطنين نحو 461.3 دينارًا. أما الليرة الإنجليزي، فبلغ سعر بيعها نحو 548.2 دينارًا، في حين بلغ سعر الشراء 527.2 دينارًا.

بورصة: التفاؤل يطغى على معاملات الجمعة
بورصة: التفاؤل يطغى على معاملات الجمعة

Babnet

timeمنذ ساعة واحدة

  • Babnet

بورصة: التفاؤل يطغى على معاملات الجمعة

أقفل توننداكس معاملات، الجمعة، على نحو إيجابي وزادت قيمته ب0،5 بالمائة وبلغ النقطة 11642،55، وسط مبادلات ضئيلة لم تتخط قيمتها 5،2 مليون دينار، بحسب الوسيط في البورصة "التونسيّة للأوراق الماليّة". وتصدّر سهم سوموسار قائمة الأسهم الأفضل أداء، وزادت قيمته، بنسبة 4،1 بالمائة، وبلغ مستوى 0،510 دينار. وأظهر سهم سيتي كارز، آداء جيّدا خلال الحصّة وتطوّر سعره، بنسبة 3،4 بالمائة، وأنهى المعاملات عند مستوى 16 دينار، وسط معاملات هزيلة في حدود 4 آلاف دينار. وتقهقر، في المقابل، سهم توننفاست، بنسبة 4،4 بالمائة وأقفل عند سعر 8،600 دينار. بدوره تراجع سعر سهم تواصل القابضة، بنسبة 2،8 بالمائة، وبلغ مستوى 0،700 دينار عند الإقفال. ولم تتجاوز المبادلات على السهم مستوى 9 آلاف دينار. وكان سهم صنع المشروبات بتونس نجم الحصّة، بعد أن قدّرت المعاملات على السهم ذاته، ب1 مليون دينار. وأقفل السهم عند سعر 12،500 بعد تحسّن أدائه، بنسبة 1،3 بالمائة. م/نادية

مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية
مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية

Babnet

timeمنذ ساعة واحدة

  • Babnet

مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية

أحال مكتب مجلس نواب الشعب ، يوم الخميس، مقترح قانون يتعلق بحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية، على لجنة التشريع العام ، في خطوة تشريعية تهدف إلى تقنين إجراءات السلامة وتنظيم الفضاءات البحرية خلال موسم الاصطياف. وقد تقدم 26 نائبًا من مختلف الكتل البرلمانية بهذا المقترح منذ 1 جويلية الجاري، مؤكدين أن الهدف الأساسي هو ضبط شروط المراقبة وتجهيز الشواطئ بالمعدات اللازمة ، وتحديد المسؤوليات القانونية في حال وقوع حوادث أو تقصير. بنود المقترح: من الوقاية إلى الردع يتألف مقترح القانون من 14 فصلاً تناولت المحاور التالية: * تحديد مناطق السباحة بدقة وتنظيم استخدامها. * إلزام وجود فرق إنقاذ على الشواطئ، يتم انتدابهم من قبل وزارة الداخلية. * إلزام الجماعات المحلية بتجهيز الشواطئ بمعدات الإنقاذ، ووضع لوحات تحذيرية وإعلامية توضح حالة البحر ومخاطر السباحة خارج المناطق المراقبة. تنظيم الفضاءات السياحية والشواطئ الخاصة شدد المقترح في بابه الثالث على أن الوحدات السياحية تتحمل المسؤولية المدنية والجزائية في حال عدم التزامها بالإجراءات المنصوص عليها، ووقوع أي حادث مرتبط بذلك. كما حجّر السباحة في الأودية والسدود والبحيرات أو أي مجرى مائي غير معد للسباحة، إلا بترخيص مسبق ، مع تحديد خطية مالية تصل إلى 10 آلاف دينار للمخالفين. حماية الأطفال وردع السلوكيات الخطيرة يقترح النص منع السباحة أو اللعب للقُصّر دون سن 15 سنة دون مرافقة ، مع فرض على الأولياء المخالفين. كما أقرّ خطايا مالية تتراوح بين 1000 و5000 دينار لكل من يرتكب أفعالًا تضر بسلامة المصطافين، مع مضاعفتها في حالة العود ، وتطبيق أشد العقوبات المنصوص عليها في مجلة الإجراءات الجزائية في حال التسبب في إصابات جسدية جسيمة أو الوفاة. مسؤولية الجماعات المحلية حمّل المقترح الجماعات المحلية مسؤولية توفير وسائل الإنقاذ والمراقبة ، مع إلزامها بتعويض الأضرار في صورة التقصير ، كما فرض عليها غرامات إدارية تتراوح بين 500 و10 آلاف دينار عند ثبوت الإهمال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store