
الجيش الأميركي يشهد ارتفاعاً في وتيرة التجنيد
في المقابل، يقدم محللو الدفاع تفسيراً مختلفاً، مستشهدين بإجراءات اتُخذت قبل سنوات وتؤتي ثمارها الآن، بما في ذلك زيادات في الرواتب، وتسريع مسارات الحصول على الجنسية، وبرامج لتدريب المجندين ذوي الدرجات الأكاديمية أو اللياقة البدنية الضعيفة.
ويقول مسؤولو إدارة البيت الأبيض إنه «على أي حال، يجب دراسة المكاسب الأخيرة وفهمها للحفاظ عليها. ولتحقيق هذه الغاية، أطلقت وزارة الدفاع في يونيو فريق عمل يهتم بالتجنيد للخدمة العسكرية. ومن المقرر أن يصدر توصياته في أغسطس».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في مؤتمر صحافي عُقد في يونيو: «أعداد المجندين ممتازة الآن، ولكن بعد ستة أشهر من الآن سنرى».
وتيرة التجنيد
وبدأت تحديات الجيش الأميركي تتصدر عناوين الصحف بعد أن فشل في تحقيق هدفه في التجنيد بنحو 25% في السنة المالية 2022. ومع هدفه المتمثل في 60 ألف جندي جديد، لم يتمكن من تجنيد سوى 45 ألف جندي.
وأشار المحللون إلى أن أحد العوامل كان قواعد العزل التي فرضتها الجائحة، والتي أوقفت خلالها القوات العسكرية الأميركية مؤقتاً جهود التدريب الأساسي، كما أُغلقت العديد من المدارس والكليات خلال هذه الفترة أمام الطلاب والمجندين العسكريين.
وقالت كبيرة مسؤولي التجنيد في البنتاغون، كاتي هيلاند، في نقاش مع الصحافيين في أكتوبر الماضي: «اضطررنا إلى الانسحاب من المجتمعات المحلية لما يقرب من عامين. ويستغرق الأمر وقتاً للعودة إلى تلك المجتمعات وبناء تلك العلاقات من جديد».
وفي أعقاب الإغلاق الناجم عن الوباء، انخفضت درجات المتقدمين للتجنيد في اختبارات القبول العسكري، وارتفعت معدلات السمنة وتشخيصات الصحة النفسية.
وأفاد مسؤولو الدفاع، أخيراً، بأن أكثر من ثلاثة أرباع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عاماً لا يمكنهم التأهل للخدمة العسكرية دون استثناء يسمح لهم بالخدمة رغم وجود عوامل استبعاد.
كما انخفض ميل الشباب للانضمام إلى القوات المسلحة، ففي استطلاع أجرته وزارة الدفاع ونُشر في مارس من هذا العام، قال نحو 87% ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عاماً إنهم ربما، أو بالتأكيد، لا يخططون للخدمة في الجيش.
وأعرب اثنان من كل ثلاثة عن قلقهما بشأن التأثير العاطفي أو النفسي للحرب، وأعرب ثلاثة من كل أربعة عن مخاوفهم بشأن احتمال التعرض لإصابة جسدية أو وفاة.
ولأول مرة منذ أن بدأ البنتاغون في تتبع هذا المقياس، فإن غالبية الشباب، كما قال أحد المسؤولين: «لم يفكروا قط في الخدمة العسكرية كخيار». وفي الوقت نفسه، أدت معدلات البطالة المنخفضة تاريخياً بين الشباب إلى منافسة شرسة في القطاع الخاص على الكفاءات.
البدء في التعافي
وأشار وزير الدفاع، بيت هيغسيث، ومسؤولون آخرون إلى أن انتخاب ترامب كان له الفضل في ضخ المزيد من المجندين في المؤسسة العسكرية. وقال الوزير، خلال زيارة إلى نورماندي في فرنسا، في يونيو، للاحتفال بالذكرى الـ81 ليوم النصر: «إنهم يرون قيادة تقول: نريدكم أن تكونوا محاربين. لم نعد نمارس هذا الهراء السياسي. نحن نخوض حرباً».
وفي الواقع، تُظهر أرقام البنتاغون أن التجنيد العسكري بدأ في التعافي بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، قبل انتخاب ترامب، حيث ارتفع بنحو 12.5%.
وابتداءً من عام 2023، أقر الكونغرس ثلاث زيادات متتالية في رواتب الجنود الأساسية، تراوحت نسبتها بين 4.5% و5.2% سنوياً. ودخلت زيادة أخرى بنسبة 10% في رواتب المجندين الجدد، أي أولئك الذين يشغلون أدنى رتب الخدمة، حيز التنفيذ في أبريل الماضي، ما أضاف ما بين 3 و6 آلاف دولار سنوياً إلى رواتب كل جندي جديد.
وتُعد هذه الزيادات أكبر زيادة في الرواتب الأساسية للجنود منذ عقدين. وارتفعت الرواتب الأساسية السنوية للجنود الجدد من نحو 22000 دولار في عام 2022 إلى ما يقرب من 28000 دولار في عام 2025.
وللمساعدة جزئياً في معالجة تأثير العزلة خلال الجائحة، أنشأ الجيش أيضاً دورات تحضيرية بدءاً من عام 2022 لإعداد المجندين للتدريب الأساسي. وتبعتها البحرية لاحقاً. ويمثل خريجو هذه الدورات الآن نحو ربع جميع المجندين في الجيش. وفي ذلك تقول كبيرة الاقتصاديين المتخصصين في شؤون التوظيف العسكري في مركز «راند» للأبحاث، بيث آش: «لقد أولت القوات المسلحة والكونغرس اهتماماً بالغاً لمختلف السياسات والإصلاحات، وقد شهدنا تحسناً ملحوظاً».
تخصصات جديدة
مع انخفاض أهداف التجنيد في العام الماضي، أصبح لدى الجيش الأميركي الآن فائض يبلغ نحو 11 ألف متقدم ينتظرون التدريب الأساسي، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجل في العام السابق. كما يُعد الفائض في القوات الجوية الأعلى منذ 10 سنوات.
ويتطلع المحللون إلى ما إذا كان تجنيد النساء والأقليات والاحتفاظ بهم سيتأثر بتحرك إدارة ترامب بعيداً عن تدابير التنوع والمساواة والشمول. وتشكل النساء ما يقرب من 18% من القوات العاملة، بينما يشكل السود واللاتينيون نحو 20% و18% من القوة على التوالي.
كما ابتكر قادة البحرية تخصصات مهنية جديدة، مثل مجال الروبوتات، والذي يقولون إنه جذاب للشباب. كما تحاول القوات البحرية، أيضاً، تحسين جودة حياة البحارة من خلال مبادرات تشمل كل شيء، من الوصول إلى الصالات الرياضية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، إلى مواقف سيارات أفضل.
عن «كريستيان ساينس مونيتور»
أدوات تجريبية
أطلقت وزارة الدفاع «البنتاغون» حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، تستهدف الآباء والمعلمين وغيرهم من المؤثرين البالغين ذوي الصلة لتعزيز الدعوة للخدمة العسكرية. كما يُطور أدوات تجريبية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة المجندين. ويجمع فريق عمل التوظيف الجديد التابع للبنتاغون بين محللي البيانات والمحامين والعاملين في هذا المجال.
ابتداءً من عام 2023، أقر الكونغرس 3 زيادات متتالية في رواتب الجنود الأساسية، تراوحت نسبتها بين 4.5% و5.2% سنوياً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
هل هو هدوء ما قبل العاصفة في سوق السندات الأمريكية؟
روبرت أرمسترونج - أيدن رايتر شهد الاقتصاد الأمريكي خلال فصلي الربيع والصيف فترة مضطربة، إذ تراجعت توقعات النمو وارتفعت معدلات التضخم قليلاً، وسط تخبط واضح في مسار السياسات الجمركية، فيما وجه الرئيس دونالد ترامب انتقادات حادة ـ بل وأكثر من ذلك ـ لكل من البنك المركزي الأمريكي ومكتب إحصاءات العمل. وفي الوقت نفسه، واصلت تقلبات سندات الخزانة المستندة إلى أسعار عقود الخيارات انخفاضها المطرد على مدى شهر وثلاثة وستة أشهر، كما تعكسها مؤشرات «موف». فكيف يمكن تفسير هذا الهدوء الظاهري؟ فتباطؤ النمو يدفع نحو خفض العوائد، في حين أن ارتفاع التضخم والتوقعات المرتبطة به يدفع نحو زيادتها. ويبدو أن التأثيرين يلغي أحدهما الآخر إلى حد ما. وبلغة الأرقام، انخفضت العوائد الحقيقية لسندات الخزانة لأجل 10 سنوات (المقاسة بالسندات المرتبطة بالتضخم) بمقدار 17 نقطة أساس منذ الأسبوع الأول من أبريل، وهو ما يعادل بالضبط مقدار الزيادة في توقعات التضخم للفترة ذاتها. أما مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فيجد نفسه في موقف دقيق بين هدفي التوظيف ومكافحة التضخم. وباختصار، فإن ما يبدو على السطح من هدوء في سوق السندات يخفي صراعاً قوياً بين قوى اقتصادية متعارضة. فبينما تراجعت تقلبات سوق السندات خلال الأشهر الماضية لتبلغ أدنى مستوياتها منذ عام 2022، إلا أنها لا تزال أعلى بكثير من معدلات ما قبل الجائحة. وثمة فارق جوهري بين «الوضع الجيد» و«الأقل سوءاً من المتوقع»، رغم أن الأسواق قد تتعامل معهما بطريقة متشابهة. لكن إذا كانت هذه الصورة قاتمة نسبياً - توازن هش بين تباطؤ النمو وارتفاع طفيف في التضخم، فكيف نفسر ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 30% خلال الأشهر الأربعة نفسها؟ أما التفسير الأكثر اعتدالاً، فيرى أن الجزء الأكبر من هذا الصعود تقوده شركات التكنولوجيا العملاقة ذات الأرباح الضخمة، والتي لا ترتبط نتائجها بالضرورة بالوضع الاقتصادي العام. ومن المرجح أن يكون الواقع مزيجاً من التفسيرين معاً. وقد أثار هذا الترشيح انتقادات واسعة، إذ يشير معارضو أنتوني إلى ميوله الحزبية الواضحة وخبرته المحدودة. وقد وجد هؤلاء النقاد مادة دسمة عندما تناقلت وسائل الإعلام تصريحات لأنتوني اقترح فيها تعليق إصدار أرقام التوظيف الشهرية الصادرة عن المكتب. ويعتقد أن هذه التغطية الإعلامية المكثفة قد ساهمت في تراجع أداء الدولار. إن فكرة إلغاء التقارير الشهرية هي فكرة سيئة بكل المقاييس، فتقليص وتيرة إصدار التقارير لن يسهم في تعميق فهمنا للاقتصاد. نعم، التقديرات المبكرة قد تخضع للمراجعة، لكنها تظل تزود صناع القرار والمستثمرين بمعلومات حيوية. والأسواق تعي جيداً المعادلة الدقيقة بين سرعة إتاحة المعلومات ودقتها، وهو ما يبدو أن البيت الأبيض يفتقد إدراكه. وإذا لم يحصل مكتب إحصاءات العمل على هذه الموارد، فسيضطر إلى التضحية إما بسرعة إصدار البيانات أو بدقتها. كما أن شو تشير إلى نقطة محورية تغيب عن النقاش الدائر. فقد دأب العديد من الخبراء على اعتبار تدني معدلات المشاركة في استطلاع السكان الحالي (أساس حساب معدل البطالة) واستطلاع التوظيف الحالي (أرقام كشوف الرواتب) هما السبب الرئيس، إن لم يكن الوحيد، وراء تراجع جودة بيانات الوظائف في الولايات المتحدة. وهذا الطرح ليس دقيقاً بالمرة، فالهاجس الأكبر مع انخفاض معدلات المشاركة هو احتمالية ظهور تحيزات عدم الاستجابة. فحين تمتنع شريحة ديموغرافية معينة عن المشاركة، فإن ذلك يخلق تشوهاً في البيانات. وعلى سبيل المثال، إذا كان الشباب أقل ميلاً للرد على المكالمات الهاتفية، فإن البيانات لن تكون ممثلة فعلياً لجميع الفئات ضمن سن العمل. وقد يرجع ذلك إلى أن العينات المستهدفة ما زالت تمثل المجتمع الإحصائي إلى حد كبير، أو لأن مكتب إحصاءات العمل وغيره من الجهات الحكومية يبذلون جهوداً فعالة في متابعة الاستجابات وإجراء تعديلات على نماذجهم الإحصائية. وهو ما يعني أن البيانات لا تزال محتفظة بمصداقيتها ودقتها - حتى الوقت الراهن. وبالتأكيد فإن التناقص المتزايد في أعداد المستجيبين للاستطلاعات يرفع سقف التحدي أمام المكتب لضمان موثوقية النتائج. لذلك، سيكون من الضروري تخصيص مزيد من التمويل لتوظيف كوادر تتولى متابعة المستجيبين وضمان أن تعكس صورة التوظيف في البلاد بدقة وتفصيل ووضوح على المستويات كافة. وإلا فإن حجم المراجعات اللاحقة للبيانات سيزداد. وكما قال برادي ويست، المتخصص في منهجيات المسوح بجامعة ميشيغن والمستشار السابق لدى مكتب إحصاءات العمل: «الهدف الأساسي من المراجعات هو تحسين التقديرات المستخلصة من الاستطلاعات».


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
العثور على وثائق تحضيرية لقمة ترامب وبوتين في طابعة فندق بألاسكا
ذكر تقرير إعلامي أمريكي أنه تم العثور على الوثائق التحضيرية للمشاركين في قمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في طابعة بفندق في أنكوراج بألاسكا. وذكرت شبكة إذاعة "إن بي آر" أنه تم العثور على ثماني صفحات أمس الجمعة في مركز الأعمال في فندق كابتن كوك. وضمت الوثائق التي نشرتها "آر بي آر" جدولا تفصيليا يشير إلى غرف الاجتماعات بالتحديد ومسؤول اتصال بوزارة الخارجية الأمريكي وأرقام هواتفهم، وقائمة طعام الغذاء وسير ذاتية موجزة وصور المشاركين. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض لقناة "إيه بي سي نيوز" إن تقرير (إن بي آر) "مثير للضحك". وذكرت في بيان: "إنه أمر مثير للضحك أن تنشر (إن بي آر) قائمة طعام مؤلفة من عدة صفحات وتصفها (بالاختراق الأمني). لهذا لا يأخذ أي أحد هذا النوع من (الصحافة الاستقصائية) المدعاة على محمل الجد، ولم يعد يتم دعمهم بأموال دافعي الضرائب وهذا بفضل الرئيس ترامب".


البيان
منذ 3 دقائق
- البيان
السياسة التجارية الأمريكية قصة تحذيرية لم تتحول بعد إلى كارثة عالمية
آلان بيتي قد لا يكترث كثيرون بما يحدث مع سويسرا من ضغوط تجارية، لكن دونالد ترامب نجح في تحويل الاهتمام إلى هذا البلد، عندما فرض رسوماً جمركية باهظة، بلغت 39 % على صادراتهم، لأسباب ما زالت غامضة، وتستعصي على فهم المحللين. غير أن أكثر خطواته إثارة للدهشة، تمثلت مؤخراً في فرض ضريبة تصدير غير رسمية بنسبة 15 % على مبيعات شركتي «إنفيديا» و«إيه إم دي» من أشباه الموصلات إلى الصين. ومع ذلك، فإن الصيغة المعتمدة على العجز التجاري التي بُنيت عليها تلك الرسوم، كانت على الأقل، ترتبط بشكل غامض بالهدف المعلن، المتمثل في تقليص اختلالات الميزان التجاري. لكن هذه الرسوم تحولت إلى ما يشبه «شجرة عيد الميلاد»، التي علّقت عليها مختلف أطراف الإدارة، بما فيهم ترامب نفسه، أهواءهم الجيوسياسية والتجارية، وهو ما نسف أي مظهر من مظاهر الاتساق أو المنطق في السياسة التجارية الأمريكية. أما ضريبة التصدير المفروضة على رقائق شركتَي «إنفيديا» و«إيه إم دي»، فتفتقر إلى المنطق من زوايا متعددة، فإذا كان هدف ترامب حرمان الصين من التكنولوجيا المتطورة، فلن تؤدي رسوم بنسبة 15 % إلى ذلك إطلاقاً. أما إذا كان الهدف هو زيادة الإيرادات، فهذا لن يتحقق إذا توقفت الشركات الصينية عن الشراء، وهو ما يتناقض مع الهدف الأول. ووفقاً لمنطق ترامب نفسه، فإن عرقلة الصادرات ستؤدي إلى تفاقم العجز التجاري، لا تقليصه. ومع ذلك، تصر الإدارة الأمريكية على تقديم هذه الحملة العشوائية للإكراه الاقتصادي، بصفتها فلسفة متماسكة لإدارة التجارة العالمية، حيث أطلق عليها الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون غرير، مؤخراً، اسم «نظام تيرنبيري»، نسبة إلى الفندق الإسكتلندي الذي صاغ فيه دونالد ترامب اتفاقاً فضفاضاً وغير ملزم مع الاتحاد الأوروبي بشأن الرسوم. أما «اتفاق مارالاغو» لإعادة تنظيم أسعار الصرف، الذي كان من المفترض أن تكون سياسة ترامب الجمركية محفزاً له، فلم يأتِ أحد على ذكره، في دلالة على السرعة التي تتبخر بها هذه المخططات، لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي. فلا أحد يصدق حقاً أن اليابان ستمول صندوقاً سيادياً بقيمة 550 مليار دولار، بينما لا تزال المملكة المتحدة بانتظار الإعفاء الموعود من الرسوم الجمركية على صادراتها من الفولاذ، الذي يُفترض أنه تم إقراره في مايو الماضي. فرغم أن الأسواق المالية ظلت متفائلة (ربما بسذاجة) بشأن النمو، وجاءت بيانات التضخم مطمئنة، إلا أن سوق العمل والناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات الإنتاج المستقبلية المبنية على استطلاعات الرأي، تظهر جميعها علامات ضعف ملحوظة. وبذلك، فإن هذه السياسة لا تشكل نموذجاً يُحتذى للآخرين. وعلى النقيض من السياسة الصناعية لبايدن، التي دعمت بسخاء تكنولوجيا الطاقة الخضراء، فإن «اقتصاد تيرنبيري الترامبي»، لم يجد من يقتدي به على الساحة الدولية، ولا يقتصر السبب على ذلك، إذ إن معظم الدول لا تمتلك القوة السوقية اللازمة لفرض تنازلات مماثلة على شركائها التجاريين. ثمة رأي يذهب إلى أن ترامب يحوّل الولايات المتحدة إلى نسخة شبيهة بالصين، من حيث التدخلات السياسية في الاقتصاد. غير أن السياسة الصناعية الصينية أكثر تخطيطاً ودقة بكثير من نهج ترامب القائم على آراء آخر شخص يتحدث إليه. فالتفوق الصيني المتنامي في إنتاج السيارات الكهربائية على المستوى العالمي، يعكس سياسة صناعية ممتدة منذ أكثر من عشرين عاماً، شملت إنفاقاً موجهاً على البحث والتطوير وحوافز استهلاكية. ولم يتحقق ذلك لمجرد أن أحد كبار التنفيذيين في صناعة السيارات التقى الرئيس الصيني السابق، هو جينتاو، في نادٍ للغولف خلال العقد الأول من الألفية، وأقنعه بمنح شركته امتيازاً ضريبياً، مقابل المديح وحفنة من الملايين، كمساهمات في الحملات السياسية. ولا شك أن الحكومات والشركات تتهافت لتقديم كل ما في وسعها، مادياً أو رمزياً، لإرضاء ترامب. غير أنه لا تلوح في الأفق مؤشرات كثيرة على أن العلاقات بين الدول باتت تُدار بالأسلوب ذاته. فهي قد تدفع بالولايات المتحدة نحو هامش الاقتصاد العالمي، لكنها حتى الآن لم تُحدث تباطؤاً اقتصادياً عالمياً يشبه ما شهدته ثلاثينيات القرن الماضي، أو حتى أواخر العقد الأول من الألفية الجديدة. إنها أقرب إلى قصة تحذيرية، وليست شرارة لكارثة عالمية، أشبه بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، لكن على نطاق أوسع بكثير.