logo
عبد السلام فاروق يكتب: الشرق الأوسط على مفترق طرق

عبد السلام فاروق يكتب: الشرق الأوسط على مفترق طرق

صدى البلدمنذ 10 ساعات

في فجر الثالث عشر من يونيو 2025، شهد الشرق الأوسط لحظة فارقة في تاريخه الحديث، حين اخترقت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي الإيراني في عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "عملية الأسد الصاعد".
لم تكن هذه مجرد غارة جوية عابرة، بل كانت ضربة استراتيجية محسوبة بدقة، استهدفت البنية التحتية النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ الباليستية والقادة العسكريين والعلماء النوويين، بما فيهم قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان محمد باقري .
هذا الهجوم المفاجئ، الذي نفذت بعض طائراته -كما تزعم تقارير- من داخل الأراضي الإيرانية نفسها، لم يكشف فقط عن هشاشة المنظومة الدفاعية الإيرانية، بل وضع المنطقة على حافة تحول استراتيجي قد يعيد رسم خريطة القوى الإقليمية برمتها.
اختراق المفاهيم الاستراتيجية: بين الوهم والواقع
لطالما صورت إيران نفسها كقوة إقليمية عظمى تمتلك "قدرات ردع استراتيجية" و"منظومات دفاع جوي متطورة"، لكن الهجوم الإسرائيلي الأخير كشف النقاب عن فجوة خطيرة بين الخطاب السياسي الإيراني المبالغ فيه والواقع العسكري الميداني.
كيف لقوة تدعي امتلاكها منظومات "باور-373" المتطورة أن تفشل في اعتراض غارات جوية تنفذ من داخل أراضيها؟ الإجابة تكمن في التفوق النوعي الساحق للقوة الجوية الإسرائيلية التي تعتمد على مقاتلات من الجيل الخامس مثل F-35، بينما لا تزال القوة الجوية الإيرانية تعتمد على طائرات قديمة من عهد الشاه في معظمها .
الأكثر إثارة للقلق هو احتمال وجود اختراق استخباراتي عميق للمجتمع الإيراني، وربما وجود قواعد عسكرية إسرائيلية سرية داخل الأراضي الإيرانية.
كيف لطائرات إسرائيلية أن تنطلق من داخل إيران دون علم السلطات؟ هذا السؤال يشير إلى أحد احتمالين خطيرين: إما اختراق استخباراتي غير مسبوق، أو تقصير فادح في أداء الأجهزة الأمنية الإيرانية. في كلا الحالتين، فإن هذا يضعف مصداقية النظام الإيراني ويقوض شرعيته الداخلية، خاصة مع تزايد السخط الشعبي بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة .
نظرية الأمن الصهيوني: أوهام الردع والعمق الاستراتيجي
من ناحية أخرى، أثبتت الضربات الإيرانية اللاحقة أن "الحدود الآمنة" و"العمق الاستراتيجي" للكيان الصهيوني لم تعد سوى أوهام يصر صناع القرار هناك على ترويجها. فوصول الصواريخ الإيرانية إلى تل أبيب، وفشل "القبة الحديدية" في اعتراضها جميعاً، يكشفان عن هشاشة نظرية "الردع" التي بنيت عليها السياسات العسكرية الإسرائيلية . واللافت أن هذه الضربات لم تأت من فراغ، بل هي حلقة في سلسلة الردود التي تشهدها المنطقة منذ أشهر، حيث بات الكيان يدرك أنه لم يعد بمأمن من أي كان. فالمقاومة في غزة والضفة والعراق ولبنان واليمن قد حولته إلى "دولة محاصرة"، تعيش على وقع الخوف الدائم من ضربة قادمة .
الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون قدموا للكيان الصهيوني كل أنواع الدعم العسكري والتكنولوجي، وزعموا أنهم جعلوه "حصناً منيعاً". لكن الحقيقة التي تتكشف الآن هي أن كل هذه الأنظمة الدفاعية ليست سوى "فقاعات" تنفجر عند أول اختبار حقيقي.
فالصواريخ التي سقطت على تل أبيب لم تحبطها القواعد الأمريكية في المنطقة، ولا أنظمة "باتريوت"، ولا حتى التهديدات السياسية . بل الأكثر إيلاماً للصهاينة أن واشنطن نفسها، رغم كل ضجيجها، لم تستطع فعل شيء سوى إطلاق تصريحات داعمة بينما النيران تحرق "عاصمة الكيان". وهذا يؤكد أن الحماية الأمريكية ليست سوى وهم يستخدم لترويض الشعوب، بينما الواقع يقول إن أمريكا عاجزة عن حماية نفسها، فكيف بحماية عملائها؟
المشهد الإقليمي والدولي:
التصعيد الحالي لا يهدد إيران وإسرائيل فحسب، بل قد يجر المنطقة كلها إلى حرب شاملة. تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن العملية "ستستمر لأيام عديدة"، وتهديدات إيران بـ"رد انتقامي موجع" تشير إلى أننا قد نكون على أعتاب مواجهة وجودية.
الموقف الدولي منقسم بشكل واضح، فبينما أدانت روسيا الهجوم الإسرائيلي ووصفته بـ"غير المقبول"، ودعت الصين إلى "ضبط النفس"، فإن الموقف الأمريكي والأوروبي يميل إلى تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وإن مع دعوات لعدم التصعيد .
أما الدول العربية، فقد اكتفت بإدانة الهجوم دون أي التزام عملي بدعم إيران، مما يعكس عمق الانقسامات في الموقف العربي .
في هذا السياق، تبرز تقارير عن تنسيق عسكري واستخباراتي ثلاثي بين روسيا والصين وباكستان لمواجهة التفوق التكنولوجي الأمريكي، وخاصة فيما يتعلق بطائرات F-35 الشبحية. هذا التعاون، الذي يهدف إلى تطوير قدرات لاكتشاف وتتبع هذه الطائرات، قد يغير موازين القوى في المنطقة، ويحد من التفوق الجوي الإسرائيلي الذي اعتمد عليه الكيان الصهيوني لعقود .
الشرق الأوسط على حافة الهاوية
الوضع الآن مفتوح على جميع الاحتمالات. إسرائيل، التي تعيش حالة هستيريا جماعية بعد فقدان هيبتها العسكرية، قد تقدم على مغامرة جديدة لاستعادة "ردعها المزعوم"، لكنها ستجد أن كل خطوة عدوانية ستواجه بضربات أكثر قسوة .
من ناحية أخرى، إيران التي تكشف ضعفها العسكري التقليدي، قد تلجأ إلى خيارات غير تقليدية، بما في ذلك استخدام وكلائها الإقليميين أو التهديد بإغلاق مضيق هرمز، مما قد يدفع المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة .
في النهاية، يبدو أن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق تاريخي. فإما أن تؤدي هذه المواجهة إلى إعادة هيكلة جذرية لموازين القوى في المنطقة، أو تدفع بالأطراف إلى البحث عن تسويات جديدة تأخذ في الاعتبار التحولات الاستراتيجية العميقة التي كشفت عنها هذه الأزمة.
ولكن في كل الأحوال، يبقى السؤال الأكبر: من سيدفع ثمن هذه المغامرات العسكرية؟ والإجابة المؤلمة تكمن في تلك الصور المروعة للأطفال الضحايا تحت الأنقاض الذين تحولوا إلى مجرد أرقام في معادلة صراع لا نهاية له .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيران تضرب عمق إسرائيل بصواريخ ومسيرات!
إيران تضرب عمق إسرائيل بصواريخ ومسيرات!

لبنان اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • لبنان اليوم

إيران تضرب عمق إسرائيل بصواريخ ومسيرات!

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأحد، عن حصيلة الضحايا جراء الهجومين الصاروخيين اللذين شنّتهما إيران على إسرائيل، واصفةً المشهد بالتصعيد الأخطر منذ بداية التوترات بين الجانبين. ووفقًا للمصادر ذاتها، أسفرت الضربات الإيرانية عن مقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 207 آخرين، بالإضافة إلى فقدان 35 شخصًا في بلدة بات يام جنوبي تل أبيب، نتيجة الدمار الذي خلفته الصواريخ. وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقت لاحق من اليوم الأحد، مقتل خمسة أشخاص وإصابة نحو 110 آخرين، في هجوم صاروخي جديد استهدف منطقة بيت يام جنوب تل أبيب. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن التقديرات تشير إلى أن نحو 35 شخصًا في عداد المفقودين تحت أنقاض المبنى المدمر، وأكدت أن فرق الطوارئ قررت إنشاء محطات ميدانية لاستيعاب الضحايا قرب الموقع المستهدف. وأفاد مراسل سكاي نيوز عربية في القدس أن عدة صواريخ سقطت فجر الأحد على تل أبيب، متسببةً بأضرار كبيرة في عدد من المباني السكنية. كما أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن 50 صاروخًا أُطلقت من إيران في الدفعة الثانية من الهجوم، فيما شهد مساء السبت مقتل 4 أشخاص وإصابة 14 آخرين في ضربات مماثلة. وكانت إسرائيل قد شنّت، فجر الجمعة، ضربات جوية مفاجئة ضد إيران في عملية أطلقت عليها اسم 'الأسد الصاعد'، استهدفت فيها منشآت نووية ومواقع عسكرية، كان أبرزها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم. وأسفرت تلك الضربات عن استشهاد عدد من كبار العلماء النوويين والقادة العسكريين الإيرانيين، من بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس أركان الجيش محمد باقري، وقائد القوات الجوية والفضائية أمير علي حاجي زاده. ورداً على تلك العملية، أعلنت إيران إطلاق عملية 'الوعد الصادق 3″، التي تضمنت قصف تل أبيب بمئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، في أعنف رد منذ بداية الأزمة. وظهر في مقاطع متداولة حجم الدمار في تل أبيب، ووصفت بعض التقارير المشاهد بأنها 'غير مسبوقة'. من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن إيران خرقت الخطوط الحمراء بإطلاق الصواريخ على مناطق مدنية، مؤكدًا: 'مستمرون في الدفاع عن مواطني إسرائيل، والنظام الإيراني سيدفع ثمنًا باهظًا'. وفي المقابل، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن العملية استهدفت عشرات المواقع العسكرية في إسرائيل، ردًا على 'العدوان الإسرائيلي المباشر على الأراضي الإيرانية'. وجاء في بيان الحرس الثوري: 'في أعقاب العمليات العدوانية التي نفّذها الكيان الصهيوني ضد مناطق إيرانية، بدأ الحرس الثوري الإسلامي رده الساحق والدقيق ضد عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية داخل الأراضي المحتلة، وأطلق على العملية اسم الوعد الصادق 3.'

يوم ثالث من المواجهة: إسرائيل تضرب طهران ودمار كبير في تل أبيب
يوم ثالث من المواجهة: إسرائيل تضرب طهران ودمار كبير في تل أبيب

الجمهورية

timeمنذ 4 ساعات

  • الجمهورية

يوم ثالث من المواجهة: إسرائيل تضرب طهران ودمار كبير في تل أبيب

لليوم الثالث على التوالي، تبادلت كل من إسرائيل وإيران الضربات الصاروخية والمسيرات، وسط تنامي المخاوف الدولية، والدعوات لضبط النفس والعودة إلى الحوار. فقد شن الجانب الإيراني، اليوم الأحد، هجمات على مناطق عدة في تل أبيب، بينها معهد وايزمن للعلوم في برحوفوت، وبات يام. وأوضح الحرس الثوري أنه استخدم الصاروخ الباليستي الموجه التكتيكي ذا الوقود الصلب "الحاج قاسم"، في إحدى ضرباته اليوم. كما أضاف أن الصواريخ والطائرات المسيرة استهدفت البنية التحتية للطاقة في إسرائيل، ومنشآت لإنتاج وقود الطائرات المقاتلة. وحذر الحرس الثوري من أن الهجمات ستكون "أشد وطأة" إذا واصلت إسرائيل اعتداءاتها. فيما أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن الدمار كبير في بات يام جنوبي تل أبيب، وسط انقطاع للكهرباء. وأعلن رئيس بلدية بات يام تضرر 61 مبنى. بينما رجحت تقديرات رسمية وجود نحو 20 إسرائيليا "مفقودين" في موقع الضربة الصاروخية الإيرانية في بات يام، حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت". من جهتها، أشارت مصادر طبية الإسرائيلية إلى مقتل 10 أشخاص، وإصابة 245 آخرين جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية، حسب ما نقل مراسل العربية/الحدث. ووفقا لمتحدث باسم نجمة داوود الحمراء، أصيب 100 آخرون في هجوم صاروخي "في المنطقة الوسطى"، و 37 شخصا في منطقة الشفيلة. بالفيديو - حجم الدمار في #تل_أبيب جراء استهدافها بصواريخ إيرانية باليستية فجر اليوم #اسرائیل #ايران — Al Joumhouria (@aljoumhouria) June 15, 2025 أتى ذلك، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف، فجر الأحد، مقر وزارة الدفاع الإيرانية ومواقع مرتبطة بالبنية التحتية "لمشروع الأسلحة النووية" وأهدافا أخرى. وقال في بيان إن قواته الجوية نفذت قرابة الساعة 2,40 صباحا (23,40 ت غ السبت) "سلسلة واسعة من الضربات التي تستند إلى معلومات استخباراتية على عدد من الأهداف في طهران تتعلق بمشروع الأسلحة النووية للنظام الإيراني، وكذلك على مستودعات وقود". كما أضاف أن "الأهداف شملت مقر وزارة الدفاع الإيرانية، ومقر منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية للمشروع النووي وأهدافا إضافية". وكان الجانب الإسرائيلي استهدف، أمس السبت، لأول مرة، البنية التحتية للطاقة في إيران، إذ قصف حقل بارس الجنوبي قبالة ساحل محافظة بوشهر جنوب البلاد، وهو صاحب أكبر حصة في إنتاج الغاز في إيران. فيما أدت المخاوف من التعطيل المحتمل لصادرات النفط في المنطقة إلى ارتفاع أسعار الخام بنحو تسعة بالمئة يوم الجمعة الماضي، على الرغم من أن إسرائيل لم تستهدف قطاع النفط والغاز الإيراني في اليوم الأول من حملتها. يذكر أن المواجهة بين الطرفين التي بدأت على حين غرة يوم الجمعة الماضي، بسلسلة هجمات وتفجيرات إسرائيلية على إيران، بينما كان العالم يرتقب أن تبدأ الأحد الجولة السادسة من المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية في مسقط، أدت إلى اغتيال عشرات القادة العسكريين الإيرانيين، في مقدمتهم رئيس هيئة الأركان محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين إسلامي. كما اغتالت إسرائيل 9 علماء ذرة، وضربت منشآت النووي في مختلف أنحاء إيران، على رأسها نطنز وأصفهان وفوردو أيضا.

حكاية "البيجر الإيرانيّ"… من الإغتيالات إلى إستنزاف الصّواريخ
حكاية "البيجر الإيرانيّ"… من الإغتيالات إلى إستنزاف الصّواريخ

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 4 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

حكاية "البيجر الإيرانيّ"… من الإغتيالات إلى إستنزاف الصّواريخ

ماذا في تفاصيل الهجوم الإسرائيليّ على إيران؟ وكيف استطاعت تل أبيب تنفيذ ما يُمكن تسميته 'البيجر الإيراني' في اللحظة الأولى لهجومها فجرَ الجمعة الماضي؟ ad لم يكُن مفاجئاً الهجوم الإسرائيليّ على إيران، بقدرِ ما كانَت العمليّات الأمنيّة – العسكريّة، التي نُفِّذَت داخل الأراضي الإيرانيّة والاغتيالات، المُفاجأة الكُبرى في هذا الهجوم. كانَ المُتوقّع أن تشنّ إسرائيل حملةً جويّة على مراكز تخصيب اليورانيوم الإيرانيّة في نطنز وفوردو. لكنّ ما لم يكُن متوقّعاً هو اغتيال أغلب القيادات العسكريّة والعلماء النّوويين وضرب الدّفاعات الجويّة والرادارات في عمليّاتٍ مُتزامنة شاركَ فيها 'الموساد' عبر فرق كوماندوس على أراضي الجمهوريّة الإسلاميّة. يُشبه الهجوم الأوّليّ الذي شنّته إسرائيل على إيران من نواحٍ كثيرة تفجيرَ أجهزةِ 'البيجر' و'اللاسلكي' في لبنان في 17 و18 أيلول الماضي. ويُشبه أيضاً الهجومَ ظهيرة يوم الإثنين 23 أيلول الذي شهدَ أكبر حملة جوّيّة على قواعد ومنشآت 'الحزبِ' وقياداته في الجنوب والضّاحية والبقاع وبعض مناطق جبل لبنان. يدُ نتنياهو الطّويلة استنتسخَت إسرائيل 'يدها الطّويلة' في إيران لتُثبِتَ تفوّقها الاستخباريّ في وجه إيران ومحورها من غزّة إلى لبنان وسوريا، ولكي تقول إنّ لها 'حرّيّة الحركة' في إيران بعدما ضمِنتها في لبنان وغزّة والجنوب السّوريّ. لكنّ يدها الطّويلة لم تكُن عبر العمليّات الجوّيّة وإطلاق الصّواريخ الموجّهة من الغوّاصات والقطع البحريّة. إذ شملَ الهجوم عمليّات خاصّة جمعت 'الموساد' و'الاستخبارات العسكريّة': أعدّت إسرائيل قاعدةً للمُسيّرات، انطلقت منها طائرات مُسيّرة لتستهدفَ شخصيّات إيرانيّة والدّفاعات الجوّيّة، بما يتطابق تماماً مع شكلِ الهجوم الأوكراني (بيت العنكبوت) الذي طالَ مطارات في عُمق الأراضي الرّوسيّة قبل أسبوعَيْن. يؤكّد مصدر أمنيّ إقليميّ لـ'أساس' أنّ التّقارير الأمنيّة التي ورَدَت بعد بدءِ الهجوم على إيران تضمّنت الآتي: استعملَت القوّات الخاصّة الإسرائيليّة صواريخ 'سبايك' المضادّة للدّروع لاستهداف منظومات الدّفاع الجوّيّ في غرب وشمال غرب إيران حيثُ عبرَت الطّائرات والصّواريخ الإسرائيليّة آتية من الأجواء العراقيّة. جدير بالذّكر أنّ صاروخ 'سبايك' يُطلق من مسافة قد تصل إلى 6 أو 7 كلم بأسلوب 'أطلِق وانسَ'. استخدمت العمليّات الخاصّة تكنولوجيا مُتقدّمة للحرب الإلكترونيّة تُستعمل للتّشويش وتعطيل أجهزة الرّصد والإنذار المُبكر والرّادارات. تنفيذ بعض الاغتيالات عبر الطّائرات المُسيّرة، وتوجيه الغارات والتأكّد من وجود الشّخصيات المُستهدفة في الأماكن التي استُهدفوا فيها. يؤكّد ذلكَ تفاوت أماكن الاستهداف. إذ تأكّدت الفرق العاملة على الأرض بالتعاون مع عملاء محلّيّين من وجود قائد الحرس الثّوريّ حسين سلامي في مقرّ قيادة 'الباسدران' حيثُ قُتِلَ. فيما قُتل البعض الآخر في غُرف نومهم مثل العالم النّوويّ محمّد مهدي طهرانجي. الشّاحنة التي حملت المُسيّرات الإسرائيليّة فجّرَت نفسها ذاتيّاً بعد انتهاء مهمّتها مع طلوع الشّمس. القصد من اغتيال العُلماء هو ضربُ أيّ إمكان لتطوير البرنامج النّوويّ. أمّا اغتيال رئيس الأركان المُشتركة اللواء محمّد باقري وقائد 'الحرس' اللواء حسين سلامي وقائد القوّات الجوفضائيّة العميد أمير علي حاجي زاده وغيرهم من قادة الألوية والفِرق، فكان يهدف إلى ضرب منظومة القيادة والسّيطرة في إيران. ويتطابق تماماً اغتيال حاجي زاده وقادة القوّة الجويّة والدّفاع الجوّي مع اغتيال قائد قوة 'الرّضوان' إبراهيم عقيل ومسؤولي الفرقة، حين استهدفَ الإسرائيليّون اجتماعاً تحتَ الأرض لقادة القوّة الجويّة قرب طهران. لكنّ الاستهداف الأبرز سياسيّاً كان استهداف مُستشار المُرشد الإيرانيّ والأمين العامّ السّابق لمجلس الأمن القوميّ الأدميرال علي شمخاني، الذي كان يشغلُ عمليّاً مسؤوليّة الإشراف على المفاوضات بين الولايات المُتّحدة وإيران. وكانَ له الدّور الأبرز في نسجِ اتّفاق بكين بين إيران والمملكة العربيّة السّعوديّة، وإعادة العلاقات بين إيران ودولة الإمارات العربيّة المُتّحدة. جديرٌ بالذّكر أنّ شمخاني ينحدرُ من عائلة عربيّة من محافظة خوزستان وشغل سابقاً منصبَ وزير الدّفاع وقائد القوّة البحريّة الإيرانيّة. يُعتبر استهداف علي شمخاني رسالةً مباشرةً إلى المُرشد الإيرانيّ عليّ خامنئي أنّ تل أبيب لن تتوانى عن استهدافه إذا ما اضطرّت إلى ذلك. إذ إنّ كثيراً من الغارات الإسرائيليّة استهدفت بشكلٍ مُتعمّد محيطَ سكَن المُرشد الإيراني. استنزاف القوّة الصّاروخيّة وتهديد النّظام تُدركُ تل أبيب تماماً أنّ إيران كانت ستلجأ إلى الرّدّ بشكلٍ مباشرٍ على الغارات عبر إطلاق مئات الصّواريخ البالستيّة. فعمدَت أثناء هجومها فجر الجمعة وعلى مدار اليوم نفسه إلى استهداف: منصّات صواريخ جاهزة للإطلاق نحوَ العمق الإسرائيليّ في منطقة كرمنشاه غرب إيران. مخازن صواريخ شمال وغرب البِلاد، ومطارات داخليّة. معامل تصنيع وتجميع وتطوير الصّواريخ البالستيّة في مدينة شيراز وغيرها. إحباط أكثر من عمليّة خلال النّهار لإطلاق صواريخ بالستيّة. وهذا ما يُفسّر تأخّر الرّدّ الإيرانيّ لحوالي 15 ساعة. تشير التّقديرات إلى أنّ إيران تمتلكُ ما بين 3,000 إلى 5,000 صاروخ بالستيّ. ولذا استهداف هذا المخزون وإجبار إيران على استعمال جزء وازن في عمليّة الرّدّ، مع القدرة الإسرائيليّة على اعتراض 90% من مجموع الصّواريخ المُطلقة، يعني أنّ إسرائيل تهدف إلى استنزاف هذا المخزون، خصوصاً أنّ الطّائرات المُسيّرة الإيرانيّة لا تُعتبر سلاحاً فعّالاً ضدّ إسرائيل إذا ما أُطلقت من الأراضي الإيرانيّة وليسَ من مسافةٍ قريبةٍ مثل لبنان أو سوريا. لهذا عمِلت تل أبيب على ضرب مصانع التطوير والتجميع لإجبار طهران على استعمال المخزون. وإذا استمرّت المواجهة أسبوعيْن أو أكثر كما قدّرها رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، يُمكن القول إنّ إيران قد تكون باتت خالية أو شبه خالية من الصّواريخ البالستيّة التي يُمكنها الوصول إلى إسرائيل. إذ إنّ قدرة التصنيع الإيرانيّة في حال كانت المعامل تعمل بشكلٍ طبيعي لا تتجاوز 75 صاروخاً في الشّهر حدّاً أقصى. في هذه الحالة يُصبح النّظام الإيرانيّ بلا مخالب، وهو ما يعني أنّ مصيره باتَ مُهدّداً ما لم يُقدِم المُرشد علي خامنئي على تجرّع كأس السّمّ، أسوةً بسلفه روحِ الله الخُمينيّ، والقبول بالمقترحات الأميركيّة الرّامية لنزع القدرة النّوويّة الإيرانيّة. إبراهيم ريحان- أساس ميديا انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store