
"لغة استقلال الهند".. حرب اللغات في شبه القارة تستهدف الأردية المتأثرة بالفارسية والعربية
شهدت شبه القارة الهندية عدة صراعات على اللغات، حيث انفصلت بنغلاديش عن باكستان بدعم هندي بعد حرب دامية لاستعادة مكانة اللغة البنغالية. كما كان تصنيف اللغة السنهالية كلغة رسمية (لغة أكبر مجموعة عرقية في سريلانكا)، دون أي اعتراف رسمي باللغة التاميلية، ما كان أحد أبرز أسباب الحرب الأهلية في سريلانكا.
في المشهد الهندي، تتهم الولايات الجنوبية الحكومات المركزية المتعاقبة، سواء بقيادة حزب المؤتمر الوطني الهندي أو حزب بهاراتيا جاناتا، بفرض اللغة الهندية على عموم البلاد، حيث يُتهم المركز بمحاولة تصفية اللغات المحلية في الولايات الجنوبية.
في هذا السياق، تواجه اللغة الأردية، المنتشرة بين المسلمين في الهند، هجمات موجهة من القوميين الهندوسيين، وكان رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، الراهب الهندوسي يوغي أديتياناث، آخر من هاجم اللغة الأردية، متهمَها بأنها تُستخدم لتعليم الطلاب المسلمين، ليصبحوا رجال دين متعصبين بدلاً من أن يكونوا علماء في المجالات العلمية.
ويذكر، أن اللغة الأردية تُستخدم إلى جانب اللغة العربية في شبه القارة الهندية لتدريس الإسلام في المدارس الدينية.
وجاءت تصريحات أديتياناث عقب طلب المعارضة في الجمعية التشريعية للولاية توفير إجراءات الجمعية باللغة الأردية، بعد أن أعلن رئيس الجمعية، أن الإجراءات ستتوفر باللغات المحلية، إضافة إلى الهندية والإنجليزية، دون أن تشمل اللغة الأردية ضمن اللغات المحلية.
"لغة استقلال الهند"
يُذكر أن ولاية أوتار براديش تعترف بالأردية لغةً رسمية إلى جانب الهندية، ولكن حسب الدكتور محمد نعيم الرحمن، نائب رئيس أكاديمية اللغة الأردية التابعة لحكومة ولاية تاميل نادو، فإن سبب كراهية القوميين الهندوسيين اللغة الأردية يعود إلى اعتبارها لغة خاصة بالمسلمين.
قال الخبير في اللغة الأردية نعيم الرحمن، للجزيرة نت، "كانت اللغة الأردية لغة أم، وثقافة لكثير من الهندوس، والسيخ، والسندي، والجينيين عبر القرون، وقد ساهموا في إثرائها، كما تُرجمت كتبهم المقدسة إليها".
من جهته، أدان أسد الدين عويسي، البرلماني وزعيم حزب مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند، تصريحاتِ أديتياناث، معتبراً أن اللغة الأردية هي "لغة استقلال الهند".
كما أدان طلاب جامعة مولانا آزاد الوطنية للغة الأردية تصريحات أديتياناث، قائلين، "الأردية ليست مجرد جزء لا يتجزأ من الإرث اللغوي والثقافي للهند، بل لها مكانة خاصة عند المسلمين الهنود، وتصريحات أديتياناث ليست مجرد هجوم على لغة، بل تستهدف الإرث الفكري والسياسي والثقافي العميق للمسلمين المرتبط باللغة الأردية".
جذور وإرث
شهد القرن الثاني عشر ولادة اللغة الأردية، التي كان أحد أسمائها آنذاك اللغة الهندوستانية، عندما حاولت جيوش السلاطين المسلمين التواصل باستخدام الكلمات الفارسية والعربية مع السكان المحليين في شبه القارة الهندية.
وبحسب نعيم الرحمن، فإن هذه الولادة الجديدة جعلت الأردية تتأثر بأسلوب التحدث باللغة السنسكريتية، التي كانت مهيمنة آنذاك، إلى جانب استعارتها حروفاً وكلمات من الفارسية والعربية، اللتين كانتا من أهم اللغات في العالم الإسلامي.
وعن المكتبة الأردية، قال نعيم الرحمن للجزيرة نت، إنها تضم كتباً عالمية مشهورة، مثل بانجاتانترا، المعروف في العالم العربي باسم كليلة ودمنة، والكتب الهندوسية المقدسة، مثل ماهابهارتا، إلى جانب الإنجيل والكتب الإسلامية.
وأضاف، أن آلاف الشعراء أثروا اللغة الأردية، منهم أمير خسرو، ذو الأصل التركي، الذي كان متصوفاً من الطريقة الجشتية (نسبة إلى قرية جشت من أعمال هراة في أفغانستان) في القرن الثالث عشر، وحتى العلامة محمد إقبال، ولا يزال هذا التوجه مستمراً حتى اليوم، حيث أُثريت الأردية بنتاج شعري وأدبي غني.
في السياق، أشار الخبير الأردي إلى أن كثيرًا من غير المسلمين ساهموا في إثراء اللغة الأردية في الهند، مثل منشي بريم تشاند، الذي كان رائدًا في الأدب الخيالي، وبريج نارايان جكسبت، ورام براساد بسمل، اللذين نظما أشعارًا في الوطنية، ولا يزال هذا الاتجاه مستمرًا، حيث يواصل الشعراء والكتاب غير المسلمين المساهمة في الأدب الأردي حتى اليوم.
مع مرور الزمن، تصاعدت التوترات السياسية بين الهندوس والمسلمين في ظل الاستعمار البريطاني، ووفقاً لما أوضحه نعيم الرحمن، فإنه في وسط هذه التوترات بدأ الهندوس باستخدام الحروف الديفاناغارية لكتابة اللغة الأردية واستبدلوا الكلمات ذات الجذور الفارسية والعربية بأخرى سنسكريتية، لتنشأ بذلك اللغة الهندية.
"مع تصاعد التوترات السياسية بين الهندوس والمسلمين في ظل الاستعمار البريطاني بدأ الهندوس باستخدام الحروف الديفاناغارية لكتابة اللغة الأردية واستبدلوا الكلمات ذات الجذور الفارسية والعربية بأخرى سنسكريتية، لتنشأ بذلك اللغة الهندية"
بعد استقلال الهند وباكستان، تم الاعتراف بالأردية لغةً رسمية إلى جانب الإنجليزية في باكستان، بينما اعترفت الهند بالهندية لغةً رسمية إلى جانب الإنجليزية، كما أُدرجت الأردية ضمن اللغات المعترف بها رسمياً في البلاد إلى جانب العديد من اللغات المحلية.
وفي سياق آخر، أشار نعيم الرحمن إلى أنه رغم اعتبار أفلام بوليوود أفلاماً ناطقة باللغة الهندية، فإن الحوارات والأغاني تُكتب في الواقع باللغة الأردية حتى اليوم، باستخدام كلمات ذات جذور فارسية وعربية.
أمل
إلى جانب تصريحات رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، أثار قرار حكومة ولاية راجستان، بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا، تبديل تدريس اللغة الأردية بتدريس اللغة السنسكريتية، حزن الخبير الأردي نعيم الرحمن، الذي عبّر عن حزنه لما وصفه بالتعامل مع الأردية كلغة من الدرجة الثانية.
وأشار إلى أن كل ولاية في الهند تتمتع بلغة محلية سائدة، تعمل حكومات الولايات على ترويجها وإثرائها، لكن الأردية لا تحظى بهذه الفرصة كونها لغةً أقلية في جميع الولايات الهندية، ولذلك، طالب بتعيين مزيد من مدرسي اللغة الأردية في المدارس للحفاظ عليها.
وختم الخبير الأردي: "لطالما كانت اللغة الأردية عاملاً لتحقيق الوحدة الوطنية في الماضي، ومن الممكن أن تساهم، مرة أخرى، في تحقيق هذه الوحدة بين جميع الأديان".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
خرجت أمس الأحد مظاهرات حاشدة في عدد من المدن العربية والإسلامية دعما لقطاع غزة وتنديدا بحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا على الشعب الفلسطيني. تركيا فقد شارك آلاف الأشخاص، أمس، في مظاهرات حاشدة نظمتها منظمات مدنية في عدة ولايات تركية، تضامنا مع الشعب الفلسطيني وضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل. إسطنبول خرجت مسيرة شعبية حاشدة، انطلقت من ميدان بايزيد نحو مسجد آيا صوفيا التاريخي في قلب إسطنبول، وحملت شعار "غزة تموت .. قِفُوا في وجه الظلم .. قِفُوا مع غزة". كما شهدت العاصمة أنقرة مظاهرة أخرى شارك فيها آلاف الأشخاص تضامنا مع الشعب الفلسطيني ضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل، وتمركزت أمام مبنى السفارة الأميركية، وحملت عنوان "غزة تموت، هيا انهض". وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لإسرائيل وداعمتها الولايات المتحدة. كما تجمع عدد كبير من المواطنين أمام مسجد محمود أسعد جوشان، في ولاية قهرمان مرعش، ثم نظموا مسيرة رافعين أعلام تركيا وفلسطين ولافتات كتبت عليها عبارات تندد بالهجمات الإسرائيلية المدعومة أميركيا. وقد جرت مظاهرات مشابهة في ولايات تشانقيري، وقاسطمونو، وقونية، وماردين، وقيريق قلعة، وملاطية، وقرابوك. المغرب كما شارك آلاف من المغاربة في مسيرة شعبية في العاصمة الرباط احتجاجا على الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، معبرين عن تضامنهم المطلق مع فلسطين وعن مساندتهم للمقاومة الفلسطينية، كما جددوا المطالبة بإسقاط كل أشكال التطبيع مع إسرائيل. وشارك فيها تنظيمات سياسية وحزبية وهيئات نقابية، ورفع المشاركون فيها شعارات تنادي بضرورة إيقاف ما وصفوه بالإبادة وتندد بالصمت الدولي إزاء ما يجري في غزة. باكستان وشهدت مدينة كراتشي عاصمة إقليم السند (جنوب) مسيرات احتجاجية حاشدة شارك فيها الآلاف للتنديد باستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وقال مراسل الجزيرة نت محمد العقاد إن المحتجين دعوا قادة العالم الإسلامي إلى إنقاذ المسجد الأقصى وطالبوا برفع الحصار عن سكان قطاع غزة. ورفع البعض توابيت ونظموا جنازاتٍ في تعبير رمزي للتضامن مع سكان القطاع الفلسطيني. وقد نظم هذه المسيرات الجماعة الإسلامية وجمعية علماء الإسلام (جناح مولانا فضل الرحمن) داعين إلى اتخاذ خطوات على مستوى الدولة والحكومات دعما للقضية الفلسطينية في هذا الوقت الحساس. وألقى أمير الجماعة الإسلامية حافظ نعيم الرحمن باللوم على الأحزاب الكبرى في البلاد بما في ذلك حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) الحاكم، وحزب الشعب وحزب إنصاف بسبب مواقفهم الضعيفة تجاه القضية الفلسطينية. وقال نعيم الرحمن إن الجماعة دعت إلى مظاهرات في لاهور و كراتشي، وإنه ستكون مسيرة أخرى في 18 من الشهر الجاري في مدينة مولتان بإقليم البنجاب، وفي الـ20 من الشهر الجاري ستشهد العاصمة إسلام آباد مسيرات تاريخية، كما أكد أنه سيكون هناك إضراب عام في جميع أنحاء البلاد يوم 22 أبريل/نيسان الجاري تضامنا مع فلسطين. وفي المسيرة الأخرى لحزب جمعية علماء الإسلام، أكد زعيمه مولانا فضل الرحمن على الوقوف بثبات مع الشعب الفلسطيني، منتقدا الصمت العربي والإسلامي قائلاً "إذا لم توقظهم شهادة 20 ألف طفل و20 ألف امرأة في غزة، فلن توقظهم هذه المسيرات أيضا". وأعلن فضل الرحمن -في ختام خطابه- عن تنظيم مسيرة من أجل فلسطين في مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب بتاريخ 27 أبريل/نيسان، مؤكدا استمرار الدعم الشعبي الباكستاني للقضية الفلسطينية.


الجزيرة
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
تشريع هندي للهيمنة على أوقاف المسلمين
وافق مجلس الشعب الهندي (الغرفة الأولى بالبرلمان) على مشروع قانون يهدف إلى توسيع سيطرة الحكومة المركزية على الأوقاف المملوكة للمسلمين. وأجرى التصويت على مشروع لتعديل قانون الأوقاف الإسلامية الحالي، وقد قدمه حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، حيث تمت الموافقة على مشروع القانون بأغلبية 288 صوتا مقابل 232. ولكي يصبح المشروع قانونًا نافذاً، يجب أن تتم الموافقة عليه من مجلس الولايات (الغرفة الثانية في البرلمان) ثم تقديمه إلى الرئيسة دروبادي مورمو للموافقة عليه. وقد عارض المؤتمر الوطني (حزب المعارضة الرئيسي في البلاد) مشروع القانون، مؤكدا أنه غير دستوري وينطوي على تمييز ضد المسلمين. وقال راهول غاندي الرئيس السابق والعضو البارز بحزب المؤتمر الوطني -في منشور بحسابه على منصة "إكس"- إن مشروع تعديل قانون الأوقاف "سلاح يهدف إلى تهميش المسلمين وغصب حقوقهم الشخصية وحقوقهم الملكية". وتحاول الحكومة المركزية -من خلال تعديل قانون الأوقاف لعام 1995- توسيع سيطرتها على ممتلكات الأوقاف المملوكة للمسلمين. ويمنح مشروع القانون المذكور الحق للحكومة في إجراء التفتيش والتدخل بممتلكات وأراضي الأوقاف الإسلامية الناشطة في شؤون دينية أو تعليمية أو خيرية. ومن ناحية أخرى، تستمر الاحتجاجات التي بدأها مجلس قانون الأحوال الشخصية للمسلمين -لعموم الهند- ضد مشروع القانون في جميع أنحاء البلاد. وفي 24 مارس/آذار الماضي، أطلق المسلمون في الهند حملة وطنية ضد مشروع القانون المذكور. خلفية تاريخية يُذكر أنه بعد استقلال الهند وانفصال باكستان عام 1948، سنت الحكومة الهندية قانون الوقف عام 1954 وصنفت فيه الوقف الإسلامي على أسس الغرض من استخدامه. وكان من ضمنه أوقاف المقابر وابن السبيل، وأوقاف نهاية الخدمة للموظفين، وأوقاف القضاة والأئمة والخطباء، وأوقاف ذوي القربي. كما كان هناك أوقاف لعدد من الأغراض الخيرية والدينية. وبعد سنّ قانون الوقف عام 1954 وجهت الحكومة المركزية تعليمات إلى كافة الولايات من أجل تنفيذ قانون إدارة المؤسسات الدينية الخاصة بالمسلمين، وشملت المساجد والجامعات والمعاهد الدينية والمؤسسات الخيرية. وتم تأسيس المجلس المركزي لإدارة الأوقاف الإسلامية عام 1964، وهي هيئة قانونية تعمل في ظل حكومة الهند، وتشرف على جميع الأوقاف بالدولة. وعمل المجلس على إدارة وتنظيم الأوقاف وتوثيقها وحمايتها من الاعتداءات. ويرأس المجلس المركزي لإدارة الأوقاف الإسلامية وزير الاتحاد المسؤول عن الأوقاف، ويضم 20 عضوا معينين من قبل الحكومة. وقد وسعت أعمال المجلس في قانون معدل عام 2013، حيث منح صلاحيات أوسع في توجيه مجالس الوقف في كل الولايات الـ28. وقد سجّل تقرير لجنة القاضي "ساتشار" التي عينتها الحكومة عام 2004 لبحث أوضاع المسلمين، نحو نصف مليون عقد للأوقاف الإسلامية، بمساحة إجمالية تبلغ نحو 600 ألف فدان، وتبلغ قيمتها السوقية نحو 20 مليار دولار. ويقدّر الدخل السنوي الفعلي لهذه الأوقاف بنحو 27 مليون دولار، بينما يتجاوز العائد السنوي المتوقع منها هذا الرقم بأضعاف كثيرة قدّرتها اللجنة بنحو ملياري دولار.


الجزيرة
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
"لغة استقلال الهند".. حرب اللغات في شبه القارة تستهدف الأردية المتأثرة بالفارسية والعربية
شهدت شبه القارة الهندية عدة صراعات على اللغات، حيث انفصلت بنغلاديش عن باكستان بدعم هندي بعد حرب دامية لاستعادة مكانة اللغة البنغالية. كما كان تصنيف اللغة السنهالية كلغة رسمية (لغة أكبر مجموعة عرقية في سريلانكا)، دون أي اعتراف رسمي باللغة التاميلية، ما كان أحد أبرز أسباب الحرب الأهلية في سريلانكا. في المشهد الهندي، تتهم الولايات الجنوبية الحكومات المركزية المتعاقبة، سواء بقيادة حزب المؤتمر الوطني الهندي أو حزب بهاراتيا جاناتا، بفرض اللغة الهندية على عموم البلاد، حيث يُتهم المركز بمحاولة تصفية اللغات المحلية في الولايات الجنوبية. في هذا السياق، تواجه اللغة الأردية، المنتشرة بين المسلمين في الهند، هجمات موجهة من القوميين الهندوسيين، وكان رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، الراهب الهندوسي يوغي أديتياناث، آخر من هاجم اللغة الأردية، متهمَها بأنها تُستخدم لتعليم الطلاب المسلمين، ليصبحوا رجال دين متعصبين بدلاً من أن يكونوا علماء في المجالات العلمية. ويذكر، أن اللغة الأردية تُستخدم إلى جانب اللغة العربية في شبه القارة الهندية لتدريس الإسلام في المدارس الدينية. وجاءت تصريحات أديتياناث عقب طلب المعارضة في الجمعية التشريعية للولاية توفير إجراءات الجمعية باللغة الأردية، بعد أن أعلن رئيس الجمعية، أن الإجراءات ستتوفر باللغات المحلية، إضافة إلى الهندية والإنجليزية، دون أن تشمل اللغة الأردية ضمن اللغات المحلية. "لغة استقلال الهند" يُذكر أن ولاية أوتار براديش تعترف بالأردية لغةً رسمية إلى جانب الهندية، ولكن حسب الدكتور محمد نعيم الرحمن، نائب رئيس أكاديمية اللغة الأردية التابعة لحكومة ولاية تاميل نادو، فإن سبب كراهية القوميين الهندوسيين اللغة الأردية يعود إلى اعتبارها لغة خاصة بالمسلمين. قال الخبير في اللغة الأردية نعيم الرحمن، للجزيرة نت، "كانت اللغة الأردية لغة أم، وثقافة لكثير من الهندوس، والسيخ، والسندي، والجينيين عبر القرون، وقد ساهموا في إثرائها، كما تُرجمت كتبهم المقدسة إليها". من جهته، أدان أسد الدين عويسي، البرلماني وزعيم حزب مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند، تصريحاتِ أديتياناث، معتبراً أن اللغة الأردية هي "لغة استقلال الهند". كما أدان طلاب جامعة مولانا آزاد الوطنية للغة الأردية تصريحات أديتياناث، قائلين، "الأردية ليست مجرد جزء لا يتجزأ من الإرث اللغوي والثقافي للهند، بل لها مكانة خاصة عند المسلمين الهنود، وتصريحات أديتياناث ليست مجرد هجوم على لغة، بل تستهدف الإرث الفكري والسياسي والثقافي العميق للمسلمين المرتبط باللغة الأردية". جذور وإرث شهد القرن الثاني عشر ولادة اللغة الأردية، التي كان أحد أسمائها آنذاك اللغة الهندوستانية، عندما حاولت جيوش السلاطين المسلمين التواصل باستخدام الكلمات الفارسية والعربية مع السكان المحليين في شبه القارة الهندية. وبحسب نعيم الرحمن، فإن هذه الولادة الجديدة جعلت الأردية تتأثر بأسلوب التحدث باللغة السنسكريتية، التي كانت مهيمنة آنذاك، إلى جانب استعارتها حروفاً وكلمات من الفارسية والعربية، اللتين كانتا من أهم اللغات في العالم الإسلامي. وعن المكتبة الأردية، قال نعيم الرحمن للجزيرة نت، إنها تضم كتباً عالمية مشهورة، مثل بانجاتانترا، المعروف في العالم العربي باسم كليلة ودمنة، والكتب الهندوسية المقدسة، مثل ماهابهارتا، إلى جانب الإنجيل والكتب الإسلامية. وأضاف، أن آلاف الشعراء أثروا اللغة الأردية، منهم أمير خسرو، ذو الأصل التركي، الذي كان متصوفاً من الطريقة الجشتية (نسبة إلى قرية جشت من أعمال هراة في أفغانستان) في القرن الثالث عشر، وحتى العلامة محمد إقبال، ولا يزال هذا التوجه مستمراً حتى اليوم، حيث أُثريت الأردية بنتاج شعري وأدبي غني. في السياق، أشار الخبير الأردي إلى أن كثيرًا من غير المسلمين ساهموا في إثراء اللغة الأردية في الهند، مثل منشي بريم تشاند، الذي كان رائدًا في الأدب الخيالي، وبريج نارايان جكسبت، ورام براساد بسمل، اللذين نظما أشعارًا في الوطنية، ولا يزال هذا الاتجاه مستمرًا، حيث يواصل الشعراء والكتاب غير المسلمين المساهمة في الأدب الأردي حتى اليوم. مع مرور الزمن، تصاعدت التوترات السياسية بين الهندوس والمسلمين في ظل الاستعمار البريطاني، ووفقاً لما أوضحه نعيم الرحمن، فإنه في وسط هذه التوترات بدأ الهندوس باستخدام الحروف الديفاناغارية لكتابة اللغة الأردية واستبدلوا الكلمات ذات الجذور الفارسية والعربية بأخرى سنسكريتية، لتنشأ بذلك اللغة الهندية. "مع تصاعد التوترات السياسية بين الهندوس والمسلمين في ظل الاستعمار البريطاني بدأ الهندوس باستخدام الحروف الديفاناغارية لكتابة اللغة الأردية واستبدلوا الكلمات ذات الجذور الفارسية والعربية بأخرى سنسكريتية، لتنشأ بذلك اللغة الهندية" بعد استقلال الهند وباكستان، تم الاعتراف بالأردية لغةً رسمية إلى جانب الإنجليزية في باكستان، بينما اعترفت الهند بالهندية لغةً رسمية إلى جانب الإنجليزية، كما أُدرجت الأردية ضمن اللغات المعترف بها رسمياً في البلاد إلى جانب العديد من اللغات المحلية. وفي سياق آخر، أشار نعيم الرحمن إلى أنه رغم اعتبار أفلام بوليوود أفلاماً ناطقة باللغة الهندية، فإن الحوارات والأغاني تُكتب في الواقع باللغة الأردية حتى اليوم، باستخدام كلمات ذات جذور فارسية وعربية. أمل إلى جانب تصريحات رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، أثار قرار حكومة ولاية راجستان، بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا، تبديل تدريس اللغة الأردية بتدريس اللغة السنسكريتية، حزن الخبير الأردي نعيم الرحمن، الذي عبّر عن حزنه لما وصفه بالتعامل مع الأردية كلغة من الدرجة الثانية. وأشار إلى أن كل ولاية في الهند تتمتع بلغة محلية سائدة، تعمل حكومات الولايات على ترويجها وإثرائها، لكن الأردية لا تحظى بهذه الفرصة كونها لغةً أقلية في جميع الولايات الهندية، ولذلك، طالب بتعيين مزيد من مدرسي اللغة الأردية في المدارس للحفاظ عليها. وختم الخبير الأردي: "لطالما كانت اللغة الأردية عاملاً لتحقيق الوحدة الوطنية في الماضي، ومن الممكن أن تساهم، مرة أخرى، في تحقيق هذه الوحدة بين جميع الأديان".