logo
التربح من المعاناة.. كيف يروج "تيك توك" للتسول الرقمي؟

التربح من المعاناة.. كيف يروج "تيك توك" للتسول الرقمي؟

الجزيرة١٦-٠٤-٢٠٢٥

في عالم يقع 44% من سكانه تحت خط الفقر، وفق إحصاءات بنك الطعام الدولي، بزغت منصة " تيك توك" كملاذ لجمع التبرعات من كافة بقاع العالم، ففي النهاية، تضم المنصة أكثر 1.9 مليار مستخدم حول العالم.
ولكن هذه السهولة جذبت فئة أخرى إلى المنصة، ومع غياب القدرة على التيقن من الحالة المادية لمن يخرج في بث مباشر طالبا الدعم من كافة بقاع العالم، أصبحت منصة "تيك توك" وجهة للمتسولين ومدعي الفقر من كافة بقاع الأرض، وذلك بحسب التقرير الذي نشره مركز الأعمال وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
استغلال الأطفال في التسول الرقمي
في مشهد أصبح معتادا بالمنصة، يظهر مجموعة من الأطفال جالسين معا وسط كوخ مبني من الطين في مشهد يوحي بالفقر المدقع الذي يعيشون فيه، يتوسل الأطفال طلبا للمساعدة بينما يجلس شخص بالغ خلفهم مراقبا لشاشة الهاتف الذي يجمع التبرعات، ورغم أن البث من أفغانستان، فإنه يصل لكافة المستخدمين من مختلف دول العالم، بما فيهم دول العالم الأول مثل بريطانيا، التي ترسل تبرعاتها بعملتها المحلية.
لساعات طويلة، يجلس هؤلاء أمام الهاتف يتوسلون المحسنين من مختلف بقاع الأرض للحصول على مجموعة من الجوائز الرقمية التي يتم استبدالها لاحقا بأموال تعرف باسم "أرباح البث المباشر من تيك توك"، وبينما اعتاد السياح في مختلف دول العالم مشهد عصابات التسول المكونة من أطفال وسيدات على حد سواء، فإن العديد من ذوي القلوب الرحيمة لا يدركون خطورة هذه العصابات وآليات عملها.
رسميا، يؤكد "تيك توك" أنه يحظر استغلال الأطفال في التسول الرقمي معتبرا إياه سلوكا استغلاليا للمنصة، ولكن بشكل فج، تظهر هذه الحالة من البث المباشر في مختلف بقاع الأرض مع أشكال وأفكار مبتكرة للتسول، سواء كانت تعتمد على الأطفال أو على كبار السن الذين يدعون الإعاقات.
ورغم هذه السياسة الرسمية التي تروج لها "تيك توك"، فإنها لا تجد حرجا في اقتطاع نسبتها من الجوائز الرقمية التي تصل إلى المتسولين، إذ تقتطع المنصة 70% من إجمالي الأرباح الواردة إلى المشاركين في البث المباشر، في حين يعد تضاربا واضحا للمصالح، وهو ما أدانه أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هذا السلوك لا يقل خطورة عن منظمي عصابات التسول الذين يحصلون على نسبتهم من المتسولين.
وعزز جيفري دي ماركو، خبير الأضرار الرقمية في منظمة إنقاذ الطفولة، هذه الفكرة، مؤكدا أن الحالات المسجلة لاستغلال الأطفال في محتوى التسول الرقمي أصبحت منتشرة، ويجب على المنصة أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع مثل هذا السلوك وعدم التربح منه بشكل مباشر أو غير مباشر.
عصابات منظمة للتسول
نشر موقع "ذا غارديان" (The Guardian) تقريرا مشتركا بينه وبين المرصد التابع له "ذا أوبزيرفر" (The Observer) حول هذه الظاهرة، وذلك وفق دراسة أجراها في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2025 وأبريل/نيسان الجاري.
وبحسب التقرير، فإن المرصد تمكن من العثور على مجموعة كبيرة من الحسابات التي تعتمد بشكل أساسي على التسول الرقمي عبر عمليات البث المباشر، وأشار أيضا إلى أن هذه الظاهرة ليست حكرا على دولة بعينها، فقد وجد المرصد أدلة لوجود مثل هذا البث من إندونيسيا وباكستان وأفغانستان وسوريا ومصر وكينيا، وبشكل عام يمكن القول إن دول العالم الثالث هي التي تلجأ لمثل هذا البث.
لاحظ المرصد أيضا أن مجموعة من حالات البث تظهر عصابات منظمة للتسول الرقمي رغم وجود حالات بث أخرى يبدو أنه من أشخاص محتاجين حقا، إذ وجد المرصد أحد الحسابات التي تفعل وضع البث المباشر بشكل يومي ومنتظم، وتعرض مجموعات متنوعة من الأطفال نائمين على أرضية غرفة بيضاء تبدو مثل أستوديو للتسجيل، وبينما تغير شكل الأطفال المشاركين في البث، فإنهم كانوا دوما بصحبة البالغين أنفسهم.
كما وجد المرصد حسابا آخر يضم 5300 متابع ويبدو أنه يدار من قبل شركة محترفة، إذ يعرض دومًا بثا مباشرا من أشخاص مختلفين في ظروف مماثلة دوما، بدءًا من مجموعات من الأطفال المتسولين وحتى بالغين ذوي تحديات حركية وإصابات بالغة.
أبعد من مجرد التسول
أطلقت منصة "تيك توك" خاصية البث المباشر في أغسطس/آب 2020، وهي خاصية تتيح لصناع المحتوى الظهور بشكل مباشر لفترات طويلة أمام متابعيهم وتلقي هدايا رقمية يمكن استبدالها لاحقا بأموال حقيقية.
وبينما تمثل هذه الخاصية أداة مهمة لتسويق صناع المحتوى المختلف عبر "تيك توك"، إذ تتيح لهم التواصل مباشرة مع متابعيهم وخلق حالة من الولاء بينهم وبين المتابعين، فهي أيضا وسيلة كسب الأموال الأسرع عبر "تيك توك".
وجذبت أموال البث المباشر من "تيك توك" مجموعة متنوعة من المستخدمين والعصابات المنظمة، فبغض النظر عن عصابات التسول، ظهرت مجموعة من صناع المحتوى الذين يعتمدون في محتواهم على التحديات الخطرة والتي تهدد الحياة أو تسبب إزعاجا للمحيطين بها، وذلك على غرار تحديات تناول الطعام الحار وتناول الطعام المستمر، فضلا عن تحديات النوم المستمر والتمرغ في التراب أو الطحين أو أي مواد أخرى تبدو مضحكة إلى جانب التصرفات الخطرة التي تجذب أعين المشاهدين.
وترى مروة فطافطة من منظمة الحقوق الرقمية "أكسيس ناو" (Access Now) أن الآلية التي صممت بها خاصية البث المباشر من "تيك توك" تشجع على هذه التصرفات الخطرة ناهيك عن التسول، وذلك لأنها تعتمد بشكل أساسي على التفاعل، فكلما زاد التفاعل تعززت الأرباح من المنصة وأصبحت أفضل، وفي الوقت ذاته، لا تبذل المنصة أي مجهود لمواجهة التحديات الخطرة التي تبث بشكل مباشر.
الخلط بين المحتاجين حقا والمدعين
يسهل على منصة "تيك توك" أن تتخذ إجراء صارما يمنع كافة هذه المظاهر بشكل مباشر على المنصة وعلى خاصية البث المباشر، ولكن هذا الأسلوب يغلق بابا دوليا للمساعدات، فبينما لا توجد طريقة للتيقن من حالة طالب المعونات عبر المنصة، فإن جزءا من المساهمين في خاصية البث المباشر محتاج حقا إلى هذه التبرعات.
وأشارت مروة فطافطة إلى أن الدور المحوري لمنصة "تيك توك" يكمن في التيقن من حالة المشاركين في البث المباشر إن كانوا حقا بحاجة لهذه التبرعات أم يعتمدون عليها كوظيفة دائمة لجلب الأموال، وذلك عبر تعيين فرق مراقبة وتدقيق بشرية.
الرد الرسمي من "تيك توك"
بشكل رسمي، خرجت "تيك توك" في بيان تؤكد أنها تقف بشكل صارم أمام كل من يستغل المنصة في عصابات التسول أو تعريض الأطفال والكبار للخطر على حد سواء، وذلك عبر حظر الحسابات التي تتيقن من وضعها كعصابة للتسول.
وأشارت إلى أنها تمكنت عبر استخدام الذكاء الاصطناعي ووضع قوانين صارمة من إيقاف أكثر من 4 ملايين بث مباشر مخالف للقوانين والقواعد العامة.
كما أكدت المنصة أن النسبة والعمولة التي تحصلها من كل بث مباشر تختلف بناء على مجموعة من العوامل، وبشكل عام، تتراوح نسبة رسوم المنصة بين 50% إلى 70% بناء على العديد من العوامل المختلفة مثل منصة المدفوعات والتطبيقات المستخدمة، إذ تحصل هذه المنصات عادة على 30% من إجمالي الجوائز.
وبينما لن تغلق "تيك توك" خاصية البث المباشر للعديد من الأسباب، يصبح الخيار الأفضل أمامها هو تفعيل نوع أكثر صرامة من الرقابة على محتوى البث المباشر، بدءا من رقابة الذكاء الاصطناعي القادر على التعرف على ما يحدث داخل المنصة فضلا عن استخدام الرقابة البشرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقتل مؤثرة مكسيكيــــــة
مقتل مؤثرة مكسيكيــــــة

جريدة الوطن

timeمنذ 6 أيام

  • جريدة الوطن

مقتل مؤثرة مكسيكيــــــة

أكدت السلطات في ولاية خاليسكو بوسط المكسيك، يوم الأربعاء، مقتل شخصية مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي بطلق ناري أثناء بث مباشر على تطبيق «تيك توك» داخل صالون تجميل. وأثار هذا المشهد الصادم حالة من الذهول في أنحاء أميركا اللاتينية، في وقت تتصارع فيه عصابات المخدرات المتناحرة بعنف دموي من أجل السيطرة على الأراضي في معظم أنحاء المكسيك. وكانت فاليريا ماركيز ( 23 عاما) تتحدث على ما يبدو إلى عامل توصيل خارج نطاق الكاميرا خلال البث المباشر يوم الثلاثاء، عندما أُطلقت عليها رصاصة في الصدر وأخرى في الرأس، فسقطت على الفور وفارقت الحياة داخل صالون تجميل في بلدية زابوبان، على أطراف مدينة جوادالاخارا. وبعد ساعات فقط من الحادث، قُتل النائب السابق في حزب «الثورة المؤسساتية» المكسيكي، لويس أرماندو كوردوفا دياز، في مقهى بنفس المنطقة.

رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جامايكا
رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جامايكا

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جامايكا

في حادثة مروعة هزّت منصات التواصل الاجتماعي، لقي المؤثر الجامايكي الشاب جاباري جونسون، المعروف باسم "بابا سكينج"، مصرعه برصاص مجهول خلال بث مباشر عبر منصة "تيك توك". الحادثة وقعت في منطقة سانت أندرو الجامايكية، مساء الاثنين الماضي، حينما كان جونسون (25 عاما) يتحدث مع أحد أصدقائه ويضحك خلال بث حي. وحسب مقطع الفيديو المتداول، اقترب شخص ملثم -يرتدي ملابس سوداء بالكامل- من خلف جونسون، وأطلق عليه النار من مسافة قريبة، فأصابه في رأسه وجسده العلوي، وسقط جونسون أرضا، وسط صرخات ذعر في المكان، ولاذ المسلح بالفرار سيرا على الأقدام، بينما أعلنت وفاته في موقع الجريمة. الشرطة الجامايكية فتحت تحقيقا في الحادثة، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. من جانبه، أكد والد الضحية (جاه ميسون الفنان المعروف في موسيقى الريغي) نبأ وفاة ابنه، لكنه امتنع عن التصريح للصحافة بسبب "الصدمة والحزن الكبير الذي تعيشه العائلة"، حسب ما نقله موقع "جامايكا أوبزرفر". إعلان جرائم متكررة تستهدف المؤثرين مقتل "بابا سكينج" أثار موجة من الغضب والقلق في جامايكا، لا سيما مع تزايد استهداف المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي. فقد سبق هذه الحادثة قتل 3 مؤثرين جامايكيين بارزين خلال الأشهر القليلة الماضية. ففي 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، قُتل مارلون سامويلز -المعروف باسم "41 بوسهيد"- بالرصاص في مدينة مونتيغو باي. وفي السابع من ديسمبر/كانون الأول، لقي كزافييه "نياه غانغ" فوغاه مصرعه في سانت كاثرين، عن عمر ناهز 23 عاما. أما في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، فتعرض كيانو "بوبسي" واتسون لهجوم مسلح أسفر عن مقتله أيضا. وتشهد جامايكا منذ سنوات ارتفاعا في معدلات الجريمة والعنف المسلح، خاصة في المناطق الحضرية. وقد سجلت منطقة سانت أندرو الشمالية -حيث قُتل جونسون- 12 جريمة قتل منذ مطلع العام الجاري، مقارنة بـ14 جريمة في الفترة ذاتها من العام الماضي. لكن ظاهرة استهداف المؤثرين لا تقتصر على جامايكا، فقد سُجّلت حوادث مشابهة في دول أخرى. ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، لقي نجم "تيك توك" المكسيكي غوردو بيركوي (ليوفاردو أسيبورو سوتو) وزوجته بريندا فيليكس مصرعهما في هجوم مسلح شنّته عصابة في مدينة كولياكان شمال غربي المكسيك. ووفق تقارير صحفية محلية، فإن فيليكس تعرضت لإصابات قاتلة أودت بحياتها في المستشفى، بينما تُوفي زوجها في موقع الحادث.

في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيو القدس تحت التهديد
في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيو القدس تحت التهديد

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيو القدس تحت التهديد

في الثالث من مايو/أيار من كل عام، وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، يُنكأ جرح صحفيي مدينة القدس بعد أن تحولت المدينة إلى بيئة قمع وحشي للصحفيين من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. ففي هذا اليوم يشعر صحفيو القدس باليُتم في ظل تجريم عملهم، ورصد مشاركاتهم وآرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعها في خانة التحريض ومحاسبتهم عليها، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت اليوم العالمي لحرية الصحافة بناء على توصية من المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومنذ عام 1993 يُحتفل بهذا اليوم في الثالث من مايو/أيار كل عام. وجاء على الموقع الإلكتروني للمنظمة الأممية أن هذا اليوم هو بمثابة تذكير للحكومات بضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة، وهو فرصة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام الملجومة والمحرومة من حقها في ممارسة حرية الصحافة، وهو يوم لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قضوا نحبهم أثناء متابعتهم الميدانية. قمع وملاحقة وأشار تقرير صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى تعرض نحو 117 صحفيا للقمع والاحتجاز والملاحقة والمنع من التغطية، في الربع الأول من العام الجاري 2025، كان معظمهم في القدس وجنين، مع تعرض نحو 14 منهم لاعتداءات جسدية مثل الضرب بأعقاب البنادق والركل بالأقدام، في حين سجل التقرير 16 حالة مصادرة وتحطيم معدات للعمل. وأشار التقرير، إلى تعرض نحو 31 صحفيا لاستنشاق الغاز السام المسيل للدموع تسبب بإصابة بعضهم بالاختناق، في الفترة ذاتها. كما وثق التقرير زيادة ملحوظة في استدعاء صحفيين من القدس للتحقيق وإبلاغ نحو 13 منهم بالمنع من العمل والتغطية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالمدينة المحتلة. رقابة ذاتية الجزيرة نت سألت الصحفية المقدسية (ب.م) التي تعمل بشكل حرّ (فريلانسر)، عن مدى تأثر عملها وفرض الرقابة الذاتية على نفسها لتجنب الاستدعاء أو الاعتقال، وأجابت أن صحفيي القدس رزخوا في الأسابيع الأولى من الحرب تحت وطأة الصدمة والفجع والقهر من المشاهد المرعبة التي كانت تخرج من غزة في ظل الإبادة. وأضافت أنه رغم الأحداث غير المسبوقة التي اندلعت في القدس -والتي كان أقساها إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين- إلا أن أحداث غزة غلبت عليها، وكان تفاعل صحفيي القدس مع ما يحدث في مدينتهم قليل. ومع مرور الأيام وبدء اعتقال المقدسيين من أئمة مساجد ومؤثرين وموظفين وغيرهم بسبب ما يدّعون أنه تحريض، "بدأت تتشكل فكرة الرقيب الذاتي على كل مقدسي لا الصحفيين فقط، وشعرت بضرورة الانتباه لموضوع التحريض مع وجود تأنيب ضمير كبير وشعوري كصحفية بالعجز إزاء ما يحدث في غزة". وتؤكد هذه الصحفية أن تفعيل الرقابة الذاتية لم يكن من منطلق الخوف أو الأنانية، وإنما للحفاظ على النفس، "ولأبقى حرّة أكتب وأنشر صورة القدس وأخبارها في ظل الحرب". قيّدت الملاحقة التعسفية للمقدسيين من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حرية عمل هذه الصحفية، وباتت تصنع المحتوى وتنشر التقارير التي تُعدّها من دون إرفاق اسمها، لأنها ارتأت ضرورة الاستمرار في أداء رسالتها وتحقيق الهدف الأهم مع إبعاد الضرر وأعين الاحتلال ومراقبيه عنها. تهديد بالقتل ليس بعيدا عن ذلك؛ قالت الصحفية المقدسية منار شويكي للجزيرة نت إنها منعت من تغطية الأحداث في كثير من مناطق القدس بعد اندلاع الحرب، بسبب حالة التهديد من ملاحقة الأجهزة الأمنية من جهة ومن اعتداءات المستوطنين من جهة أخرى. "شعرتُ بخطر كبير في بداية الحرب، خاصة بعد حملة تحريض شنّها المستوطنون ضدي ودعوا من خلالها لاستهدافي وقتلي، ونشروا خلال دعواتهم صورتي وأرفقوا مكان سكني". لم يكن ذلك سهلا، لأن شويكي تعيش قرب إحدى مستوطنات القدس، وهو الأمر الذي حدّ من حركتها وأثّر بشكل مباشر على عملها، بالإضافة للضرر النفسي الذي لحقها وأفراد عائلتها. ولم يقتصر الأمر على تحريض المستوطنين ضدها، بل تعرضت شويكي في بداية الحرب إلى تهديد المخابرات الإسرائيلية باعتقالها في حال استمرت بالعمل مع إحدى المنصات الإعلامية التي كانت تعمل معها بشكل حر. ورغم التزامها بذلك واقتصار عملها كمراسلة ومقدمة برامج في إحدى المحطات العربية، فإن الخطر ظلّ يحدق بها في ظل انتشار السلاح بين المستوطنين بشكل عشوائي، واعتدائهم المباشر على الصحفيين في معظم مناسباتهم، خاصة تلك التي يحتفلون بها في البلدة القديمة. وبناء على توصية المحامين اضطرت هذه الصحفية لإغلاق حساباتها كافة على منصات التواصل لمدة 3 أشهر، رغم أنها كانت تقتصر على نشر الأخبار، وبعد إعادة فتحها باتت تنشر عبرها بشكل محدود مع تجنب استخدام بعض المصطلحات التي قد تعيدها إلى دائرة الاستهداف والملاحقة. "التغطية مستمرة رغم العراقيل" وترى شويكي أهمية الحديث عن التغطية الصحفية التي رافقت الهدنة الأخيرة في قطاع غزة والتي تخللها الإفراج عن كثير من الأسرى، وقالت "تعرضت للاعتقال والتحقيق في سجن المسكوبية أثناء تصوير تقرير بالقرب من سجن عوفر، وهددت بإعادة الاعتقال إذا ما تم حذف المواد، كما تعرضت وزملائي للاعتداء بالضرب بالهراوات، والاستهداف بالقنابل الصوتية والغازية والرصاص المطاطي خلال استقبال المحررين في الصفقة". وختمت الصحفية شويكي حديثها للجزيرة نت بكلمة وجهتها للعالم أجمع في اليوم العالمي لحرية الصحافة بالقول "الصحفي هو جزء من المجتمع الذي يعيش واقعا صعبا سلبت فيه كل الحريات، لكننا كصحفيين فلسطينيين ملتزمون بنقل حقيقة ما يعيشه شعبنا، تحت شعار (التغطية مستمرة) رغم كل العراقيل والمواجهات". ووفق معطيات نقابة الصحفيين الفلسطينيين استشهد 210 صحفيين فلسطينيين خلال 17 شهرا من حرب الإبادة، إضافة إلى مئات الشهداء من عائلات الصحفيين، ومئات الجرحى، وتدمير مقار ومقومات العمل الصحفي بالكامل، وآلاف الانتهاكات بحق الصحفيين في الضفة الغربية، بينها استمرار اعتقال 55 صحفيا من أصل 177 تم اعتقالهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مع استمرار إخفاء مصير صحفيين اثنين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store