البطء في تنفيذ مسارات التحول الطاقوي
محلياً يعكس تبني الأردن لمسارات طاقوية متنوعة منها الغاز الطبيعي والهيدروجين بأنه نهج مرن وعملي في التحول الطاقوي، مستنداً إلى دراسات دولية وتجارب ناجحة في مدن مثل: داكار وبوغوتا والقاهرة، والتي أشار إليها تقرير البنك الدولي الصادر في 29 نيسان من هذا العام كمثال على قدرة النقل النظيف على تحفيز النمو الحضري الشامل.
كما لا يخفى على أحد بأنه وفي ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتنامية، فإننا نتجه في الأردن نحو تبني منظومة نقل مستدامة متعددة المسارات، تشمل استخدام المركبات الكهربائية، والغاز الطبيعي المضغوط، والهيدروجين الأخضر كبدائل استراتيجية للوقود التقليدي. ويأتي هذا التوجه في إطار الرؤية الوطنية لتعزيز الاستقلالية الطاقوية وتحسين جودة الهواء، وخلق فرص اقتصادية خضراء.
وللعلم فإن هذا التوجه يتماشى مع ما جاء في تقرير البنك الدولي المشار له في أعلاه تحت عنوان "المركبات الكهربائية تدعم مدن المستقبل: مركبات الوقود البديل يمكنها تحفيز النمو وزيادة الوظائف"، والذي أكد أن التحول إلى الوقود النظيف في النقل الحضري يخلق وظائف جديدة، ويعزز القدرة التصنيعية، ويحسن من نوعية الحياة في المدن النامية. حيث أطلقت أمانة عمّان الكبرى مشروع الحافلات الترددية السريعة (BRT)، والتي تسعى حالياً إلى دمج (حافلات كهربائية) ضمن النظام، مما يعزز من جهود تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء. وتشير أرقام هيئة تنظيم قطاع النقل إلى وجود أكثر من 35,000 مركبة كهربائية في الأردن حتى منتصف 2024، ما يعكس تنامي الوعي المجتمعي بوسائل النقل النظيفة.
هذا الموضوع (المتسارع عالمياً) ساقنا الى (التوجه) في استخدام الغاز الطبيعي كخيار انتقالي منخفض التكلفة في قطاع النقل، حيث واصلت وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الى تنفيذ خطة لتحفيز استخدام الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) في الحافلات وسيارات الأجرة، بهدف تقليل كلفة التشغيل بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالديزل، وتقليص الانبعاثات بنسبة تصل إلى 30%.
ولكن ماذا عن الهيدروجين الأخضر والاستثمار فيه للمستقبل؟ فمع أن الأردن قد أطلق قبل عامين تقريباً "الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين"، مستفيداً من وفرة مصادر الطاقة المتجددة لتطوير الهيدروجين الأخضر كمصدر وقود للمركبات، ووقعت الوزارة عدة مذكرات تفاهم بالخصوص إلا أن الإعتقاد بات واضح بأن هذا الملف وغيره تسير ببطء بالرغم من أنها تُمثّل ركيزة لمستقبل مستدام يعزز من تنافسية الأردن في مجال الطاقة والنقل.
خلاصة القول؛ فإنه وبالرغم من كافة الجهود المحلية المعنية بالتحول نحو مسارات الطاقة الخضراء المتعددة، إلا أننا وكما يبدو فإننا نمضي (ببطء) نحو بناء منظومة نقل حضري وطاقوي مستدام، تجمع بين الإبتكار والجدوى الإقتصادية والمسؤولية البيئية، وتقع فيهما المسؤولية لتسريع ذاك التحول بالدرجة (الأولى) على وزارة الطاقة وكافة أجهزتها التنفيذية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 13 ساعات
- أخبارنا
الأردن يحقق تقدما جديدا في مؤشر البيانات المفتوحة
أخبارنا : أظهرت المملكة تقدما ملحوظا وللمرة الثانية على التوالي في مؤشر البيانات المفتوحة (ODIN)، الصادر عن منظمة مرصد البيانات المفتوحة لعام 2024، إذ ارتفعت نتيجتها الإجمالية من 53 عام 2020 إلى 66 عام 2022، ثم إلى 72 العام الماضي. وأشارت دائرة الإحصاءات العامة، في بيان الاثنين، إلى أن المؤشر يبرز أداء الدول في تغطية البيانات الرسمية وانفتاحها، ويعكس هذا الإنجاز الجهود المبذولة لتعزيز النظام الإحصائي الوطني وتوفير البيانات بجودة عالية وشفافية أكبر. ويعتبر مؤشر البيانات المفتوحة أداة عالمية تعكس أهمية البيانات المفتوحة في تعزيز الشفافية، ودعم صنع القرار، وتمكين الحكومات من تحسين أدائها في تقديم الخدمات العامة. ويقيس المؤشر مدى تغطية البيانات الرسمية من حيث توافرها على مستويات جغرافية متعددة وتحديثها بانتظام، وشمولية المؤشرات الإحصائية، إضافة إلى انفتاح البيانات؛ أي مدى سهولة الوصول إليها وتوافرها بصيغ قابلة للقراءة الآلية، وإتاحة خيارات مثل التنزيل بالجملة وواجهات برمجة التطبيقات (API)، حيث يتم قياس الأداء عبر 5 عناصر للتغطية و5 أخرى للانفتاح، فيما يركز المؤشر على المواقع الرسمية للمكاتب الإحصائية الوطنية وغيرها من المصادر الحكومية الرسمية. وبحسب البيان، حقق الأردن تحسنا ملموسا في مؤشر الأداء الإحصائي (SPI) الصادر عن البنك الدولي، حيث ارتفع مجموعه الكلي من 66.48 بالمئة عام 2020 إلى 78.1 بالمئة عام 2023، متجاوزا بذلك متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي بلغ 64.3 بالمئة عام 2020 و 70.8 بالمئة عام 2023. ويعد مؤشر (SPI) أداة محورية لتحديد نقاط القوة والضعف في النظام الإحصائي، ويهدف إلى تعزيز جودة الخدمات الإحصائية وتسهيل استخدامها لدعم عملية اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة. ويعزى هذا التقدم إلى جهود واضحة وممنهجة تم تضمينها في الاستراتيجية الوطنية لتطوير النظام الإحصائي للأعوام 2025– 2029، التي تهدف إلى تعزيز توافر وجودة واستخدام البيانات الرسمية بشكل مستدام، وينسجم هذا التحسن مع رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة، التي تؤكد دور البيانات الدقيقة في دعم السياسات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية، وبما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة وازدهار الأردن في مختلف القطاعات. --(بترا)


هلا اخبار
منذ يوم واحد
- هلا اخبار
الأردن يحقق تقدما جديدا في مؤشر البيانات المفتوحة
هلا أخبار – أظهرت المملكة تقدما ملحوظا وللمرة الثانية على التوالي في مؤشر البيانات المفتوحة (ODIN)، الصادر عن منظمة مرصد البيانات المفتوحة لعام 2024، إذ ارتفعت نتيجتها الإجمالية من 53 عام 2020 إلى 66 عام 2022، ثم إلى 72 العام الماضي. وأشارت دائرة الإحصاءات العامة، في بيان اليوم الاثنين، إلى أن المؤشر يبرز أداء الدول في تغطية البيانات الرسمية وانفتاحها، ويعكس هذا الإنجاز الجهود المبذولة لتعزيز النظام الإحصائي الوطني وتوفير البيانات بجودة عالية وشفافية أكبر. ويعتبر مؤشر البيانات المفتوحة أداة عالمية تعكس أهمية البيانات المفتوحة في تعزيز الشفافية، ودعم صنع القرار، وتمكين الحكومات من تحسين أدائها في تقديم الخدمات العامة. ويقيس المؤشر مدى تغطية البيانات الرسمية من حيث توافرها على مستويات جغرافية متعددة وتحديثها بانتظام، وشمولية المؤشرات الإحصائية، إضافة إلى انفتاح البيانات؛ أي مدى سهولة الوصول إليها وتوافرها بصيغ قابلة للقراءة الآلية، وإتاحة خيارات مثل التنزيل بالجملة وواجهات برمجة التطبيقات (API)، حيث يتم قياس الأداء عبر 5 عناصر للتغطية و5 أخرى للانفتاح، فيما يركز المؤشر على المواقع الرسمية للمكاتب الإحصائية الوطنية وغيرها من المصادر الحكومية الرسمية. وبحسب البيان، حقق الأردن تحسنا ملموسا في مؤشر الأداء الإحصائي (SPI) الصادر عن البنك الدولي، حيث ارتفع مجموعه الكلي من 66.48 بالمئة عام 2020 إلى 78.1 بالمئة عام 2023، متجاوزا بذلك متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي بلغ 64.3 بالمئة عام 2020 و 70.8 بالمئة عام 2023. ويعد مؤشر (SPI) أداة محورية لتحديد نقاط القوة والضعف في النظام الإحصائي، ويهدف إلى تعزيز جودة الخدمات الإحصائية وتسهيل استخدامها لدعم عملية اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة. ويعزى هذا التقدم إلى جهود واضحة وممنهجة تم تضمينها في الاستراتيجية الوطنية لتطوير النظام الإحصائي للأعوام 2025– 2029، التي تهدف إلى تعزيز توافر وجودة واستخدام البيانات الرسمية بشكل مستدام، وينسجم هذا التحسن مع رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة، التي تؤكد دور البيانات الدقيقة في دعم السياسات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية، وبما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة وازدهار الأردن في مختلف القطاعات.

سرايا الإخبارية
منذ يوم واحد
- سرايا الإخبارية
ليث القهيوي يكتب: ترامب والخليج: معادلة استثمار وأمن تعيد رسم المشهد وتختبر خيارات الأردن المقبلة
بقلم : د. ليث عبدالله القهيوي بينما كان زعماء العرب يجتمعون اليوم في بغداد في القمة العربية الرابعة والثلاثين، حطت آثار جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالخليج بثقلها على مداولات القاعة الرخامية، فالسجال حول وقف إطلاق النار في غزة وإعمارها عبر صندوق بعشرات المليارات تداخل مع سؤال أوسع: كيف ستُعاد برمجة موازين القوى في الشرق الأوسط بعدما قررت واشنطن إعادة ضبط بوصلتها، وفي وقت يطرق فيه الدب الروسي والتنين الصيني الأبواب بخيارات بديلة؟ الإشارات بدأت مع وصول ترامب إلى الرياض في 13 أيار(مايو)، حين عرض «صفقة كبرى» قوامها 142 مليار دولار عقوداً دفاعية مع السعودية و96 ملياراً لقطر لشراء طائرات «بوينغ»، ثم استكملها في أبوظبي بإطلاق أضخم مجمع ذكاء اصطناعي خارج الولايات المتحدة، وعبر ترامب حين وصف الاستثمارات الخليجية بأنها «أكبر تصويت ثقة» في الاقتصاد الأميركي منذ عقود. في المقابل، طرحت موسكو في الكواليس عقد قمة روسية–عربية في سوتشي الخريف المقبل لتسويق أنظمة دفاعية وتوطين صناعتها خليجياً، بينما عرضت تصدير القمح المدعوم لتخفيف اضطراب سلاسل الغذاء في السودان واليمن. بكين سلكت مساراً أكثر هدوءاً، مقترحة مقايضة نفط باليوان الرقمي وتمويل ممر بري من البصرة إلى العقبة يربط «الحزام والطريق» بالبحر الأحمر، إضافة إلى قروض ميسرة بقيمة 18 مليار دولار لمشاريع السكك الحديدية في العراق والأردن. تتشكل بذلك معادلة نفوذ ثلاثية: شراكة أمنية أميركية، توازن عسكري روسي، وتمويل بنيوي صيني. بالنسبة لعمان، النافذة ضيقة لكن واعدة. رفع القيود الأميركية عن دمشق سيُعيد معبر نصيب–جابر للعمل بكامل طاقته قبل نهاية 2026، مضيفاً نقطة مئوية إلى النمو ويوفر آلاف الوظائف في الخدمات اللوجستية. إن الأردن اليوم بحاجة إلى بلورة استراتيجية مزدوجة: أولاً، تعزيز الشراكة الأمنية مع واشنطن عبر تطوير منظومة دفاع جوي إقليمي وفتح مسارات لتدريب الكوادر الأردنية في الأمن السيبراني ومكافحة الهجمات الهجينة. وثانياً، فتح نوافذ اقتصادية مع الصين عبر مشاريع البنية التحتية وربط الموانئ وخطوط السكك الحديدية بمبادرة "الحزام والطريق"، شرط الحفاظ على الشفافية والحوكمة حتى لا تتحول هذه المشاريع إلى عبء طويل الأمد. في ظل هذا المناخ المتغير، يجب أن يتحرك الأردن سريعاً لاستثمار ميزاته التنافسية في مجالات الاقتصاد الأخضر والرقمنة. مشروع الهيدروجين الأخضر في معان يمكن أن يشكل نقطة انطلاق لتحالفات صناعية جديدة مع أوروبا والخليج، في حين يمكن توطين مراكز بيانات إقليمية في عمان والعقبة للاستفادة من الموقع الجغرافي والاستقرار الأمني. وفي حال أُحسن استثمار هذه العوامل، يمكن تحويل الأردن من دولة عبور تقليدية إلى مركز للابتكار والتحكم في سلاسل الإمداد بين آسيا وأوروبا، لاسيما مع تعاظم دور الذكاء الاصطناعي في إعادة هيكلة سلاسل القيمة العالمية. الأمن الأردني لن يبقى على الهامش، فإذا نجحت المحادثات الأميركية–الإيرانية التي لمح إليها ترامب، فإن انحسار نشاط الميليشيات عبر العراق وسورية سيسمح بنقل ثقل الجيش الأردني نحو تطوير دفاع جوي مشترك مع الولايات المتحدة خلال ثلاث سنوات وتعزيز قدراته السيبرانية لحماية بنية الطاقة المتجددة. أما تعثر الاتفاق فسيعني خطر طائرات مسيرة وصواريخ قصيرة المدى تستهدف خطوط الغاز، فتضطر عمان إلى مضاعفة الإنفاق الدفاعي وتحويل جزء من حزمة المساعدات الأميركية إلى بند طوارئ. هكذا تتقاطع معادلة الاستثمار بالأمن مع حراك بغداد لتصوغ ثلاثة مسارات محتملة: «استقرار متسارع» يرفع نمو الأردن فوق 4 % بفضل أموال الإعمار وتكامل البنية الخضراء؛ أو «تجزئة متوازنة» تجمد مسار غزة وتُبقي الحدود أكثر أمناً مع استمرار الاحتقان الشعبي؛ أو «ارتداد فوضوي» إذا تعثرت مفاوضات طهران وتصاعدت حرب الوكالات، فيهبط النمو دون 2 % ويتقلص هامش الحركة الدبلوماسية إلى مجرد دفاع عن الضروريات مع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. إن القمة العربية تحولت من منصة بيانات تقليدية إلى مختبر توازنات دولية: عملاق أميركي يريد استثمارات عاجلة، ودب روسي يلاحق صفقات سلاح وحبوب، وتنين صيني يعرض البنية التحتية والتمويل طويل الأمد. الأردن، الواقف عند تقاطع هذه الخطوط، يملك فرصة نادرة لرفع وزنه فوق حجمه الجغرافي إذا حول وعود اليوم إلى اتفاقيات قابلة للتنفيذ واستثمر الهيدروجين الأخضر والذكاء الاصطناعي ليصير مركز عبور وبيانات إقليمياً. لم يعُد هامش الانتظار متاحاً، ما كان يُصاغ خلف الأبواب المغلقة بات يُعرض على موائد القمم، ومن لا يبادر سيتحول إلى بند في أجندات الآخرين، الفرصة أمام الأردن اليوم ليست فقط في التقاط اللحظة، بل في إعادة تعريف موقعه ضمن معادلة شرق أوسط يعاد تشكيله على أسس الاستثمار والتحالفات الذكية، فإن المطلوب ليس فقط إدارة المرحلة بل امتلاك الشجاعة لإعادة تعريف دور الدولة وحدود الممكن ودور سياسي يتقن التفاوض ويُحسن التموضع، وفريق وطني يقرأ المشهد بعين استباقية ولا يكتفي بإدارة التحديات، ويؤمن أن الكرامة الوطنية تُصان بالفعل لا بالشعارات، وأن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع ويصنع المكاسب منه، في زمن تتقاطع فيه خطوط الطاقة بالذكاء الصناعي، وتتشابك المصالح الإقليمية مع الأمن الغذائي والمائي، فإن من يقرأ المشهد جيداً لن يكتفي بالبقاء، بل سيصنع الفارق.