logo
أوروبا تغير نبرتها.. وإسرائيل في مرمى المراجعة

أوروبا تغير نبرتها.. وإسرائيل في مرمى المراجعة

الغدمنذ 2 أيام

اضافة اعلان
الجمعة الماضية، وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء سنغافورة صرح الرئيس الفرنسي ماكرون بما يلي:"إذا لم يكن هناك ردّ يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية خلال الساعات والأيام المقبلة، فمن الواضح أنه يجب تشديد الموقف الجماعي (الأوروبي)، وتطبيق ما التزمنا به من قواعد، أي وضع حد (لاتفاقية) تتطلب احترام حقوق الإنسان، وهو ما لا يحدث الآن، وتطبيق العقوبات".موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير لم يصدر من فراغ، بل شكّل تتويجاً لمسار طويل من التململ الأوروبي تجاه سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإذا كان ماكرون قد وضع صوته على الطاولة مؤخراً، فإن القرار الأهم والأكثر دلالة كان إعلان كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن إطلاق عملية مراجعة رسمية لمدى التزام إسرائيل باتفاقية الشراكة الأوروبية، وهي اتفاقية تربطها معايير واضحة تتعلق باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.هذا الإعلان لم يكن ليحدث لولا تراكمات سابقة وإشارات قوية جاءت من عواصم أوروبية مختلفة، كان أبرزها ربما رسالة رسمية من حكومتي إسبانيا وإيرلندا في فبراير من العام الماضي، طالبت المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في التزام إسرائيل بتلك الاتفاقية، لكن الرسالة ظلت دون صدى يُذكر، إلى أن جاءت الرسالة المفصلية واللافتة من وزير الخارجية الهولندي كسبار فيلدكامب، في السادس من مايو، وهو سفير سابق في تل أبيب ويمثل حكومة تعد من أكثر الحلفاء الأوروبيين قرباً من إسرائيل تاريخياً.هنا بالتحديد بدأت ملامح التحوّل، إذ لم يعد ممكناً تجاهل أن المزاج الأوروبي يتغير، حتى في الدول التي طالما وفّرت الغطاء السياسي والأخلاقي لإسرائيل.فالوضع الإنساني في غزة تخطى كل حدود الاحتمال، وباتت مشاهد الموت والدمار والمجاعة اليومية التي تتسرب إلى الرأي العام الأوروبي كافية لكسر صمامات الصمت والتواطؤ، وتشكل امتحانا قاسيا لأوروبا أمام القيم الإنسانية التي تتباهى بها.حتى رئيس التشيك، المعروف بولائه المطلق لإسرائيل، قالها صراحة: "الوضع الإنساني في غزة لا يُطاق". وهذا ليس مجرد تصريح عابر، بل إعلان عن بداية مراجعة في العلاقة مع حكومة اليمين الإسرائيلي، التي تمادت في عدوانها دون حسابات أو روادع.لكن رغم كل تلك المعطيات في زحزحة واضحة في المزاج الأوروبي الرسمي، إلا أن هذه المراجعة، على أهميتها الرمزية، تصطدم بجدار سياسي واقعي: الاتحاد الأوروبي لا يتحرك إلا بإجماع دوله الأعضاء، وهو إجماع يصعب تحقيقه في ظل صعود قوى يمينية متطرفة في أكثر من عاصمة، فمن البرتغال إلى فرنسا، ومن هولندا إلى ألمانيا، يزداد حضور الشعبويين الذين يرفضون مقاربة حقوق الإنسان كمعيار في السياسات الخارجية، ويرون في إسرائيل شريكاً استراتيجياً في قضايا مثل الأمن والهجرة و"حماية الهوية".أما في الخلفية، فثمة تغيرات أعمق في توازنات العالم، فالولايات المتحدة، الحليف التاريخي لإسرائيل، تتصرف اليوم بلا بوصلة واضحة في تحديد من هو الحليف ومن هو العدو، ولا من هو الشريك ومن هو الخصم، هذا التخبط الأميركي ينعكس على حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الذين وجدوا أنفسهم مراتٍ كثيرة في موقع المتلقي لقرارات لم يكونوا جزءاً من صناعتها.في كل هذا المشهد المتقلب، تظل إيران حاضرة في العقل الأميركي كرقم صعب لكن ضمن دائرة أهداف مصلحية، فواشنطن لا تريد فعلياً كسر إيران، بل احتواءها، وهي تدرك أن طهران، مثل أنقرة، تمثل عنق الزجاجة في الجغرافيا السياسية للمنطقة.ولذلك، لم تعد المسألة مسألة شعارات أو محاور، والذكاء السياسي اليوم يُقاس بقدرة الدول على قراءة اللحظة، والتعامل معها بهدوء واتزان.ومن هنا، تبرز دول في الشرق الأوسط، كنماذج لعقل الدولة الذي لا ينفعل مع الموجة، بل يقرأها ويحللها ويتحرك بمقدار، مدركاً أن إدارة المصالح تتطلب أعصاباً باردة، وأدوات مرنة، لا شعارات مرتفعة ولا مواقف صاخبة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطينيين
الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطينيين

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطينيين

أفادت مصادر طبية في غزة بمقتل 24 شخصاً وإصابة أكثر من 200 خلال توجههم لمركز توزيع المساعدات الأميركية غرب رفح، إثر قصف وإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي. اذ قال الجيش إن إطلاق النار كان "تحذيرياً" تجاه حشود انحرفت عن المسار المحدد وشكلت تهديداً. في المقابل، وثقت مصادر فلسطينية سقوط قتلى آخرين جراء قصف استهدف خيام نازحين في خان يونس ودير البلح، إضافة إلى منازل في غزة. ومنذ 7 أكتوبر، ارتفعت حصيلة القتلى في القطاع إلى أكثر من 54 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال.

إقالة 3 مسؤولين "مؤيدين جدا لإسرائيل" في إدارة ترامب
إقالة 3 مسؤولين "مؤيدين جدا لإسرائيل" في إدارة ترامب

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

إقالة 3 مسؤولين "مؤيدين جدا لإسرائيل" في إدارة ترامب

إقالة مفاجئة في خطوة غير متوقعة، قررت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إقالة ثلاثة مسؤولين في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي يُعرفون بمواقفهم الداعمة لإسرائيل، وذلك على خلفية خلافات متصاعدة بين واشنطن وتل أبيب، حسب ما أفادت به صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية. خلافات بشأن إيران وغزة الإقالات جاءت وسط تباين في الرؤى بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصاً فيما يتعلق برغبة إسرائيل في شن هجوم منفرد على إيران دون تنسيق مع الولايات المتحدة، إضافة إلى استمرار الحرب في قطاع غزة. أسماء المقالين - ميراف سارن: أميركية إسرائيلية كانت تترأس قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي. - إريك تريغر: منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس. - مورغان أورتاغوس: نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان. بداية لتغييرات أوسع؟ مصادر مطلعة لم تستبعد أن تكون هذه الإقالات بداية لموجة تغييرات أوسع تستهدف مسؤولين آخرين داخل إدارة ترامب ممن يُصنفون كـ"مؤيدين بشدة لإسرائيل"، وهو ما اعتبرته الصحيفة الإسرائيلية مؤشراً على تباعد سياسي متزايد بين البلدين. الخلفية السياسية يأتي هذا التطور في وقت تحدث فيه ترامب عن إحراز تقدم في المفاوضات النووية مع إيران، رافضاً أي تصعيد عسكري من جانب إسرائيل. كما طرح مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، مقترحاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهو ما واجه رداً غير مرضٍ من الحركة، بحسب تصريحات أميركية. اذ ان القرار يعكس تحولاً في نهج واشنطن تجاه ملفي إيران وغزة، وربما يمثل بداية مرحلة جديدة في علاقة الإدارة الأميركية بإسرائيل.

رواية أمريكية تشعل أوكرانيا.. زوجة زيلينسكي تبحث عن 'بديل'
رواية أمريكية تشعل أوكرانيا.. زوجة زيلينسكي تبحث عن 'بديل'

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

رواية أمريكية تشعل أوكرانيا.. زوجة زيلينسكي تبحث عن 'بديل'

أثارت رواية أمريكية جدلاً واسعاً في أوكرانيا، بعد أن ظهرت فيها السيدة الأولى، يلينا زيلينسكايا، في صورة اعتبرها البعض 'مهينة'. فقد أعلنت دار نشر في خاركوف عن إتلاف 30 ألف نسخة من سلسلة روائية تحمل عنوان 'أمير بلا روح' للكاتبة الأمريكية صوفي لارك، بعد الجدل الذي أثارته إحدى الشخصيات في العمل الأدبي. ووفقاً لما نشرته صحيفة 'بوليتيكا ستراني' الأوكرانية، قررت دار النشر سحب جميع نسخ السلسلة من الأسواق، وفسخ التعاقد مع الكاتبة، معلنة أنّ ما حدث كان 'خطأً' في اختيار المحتوى المناسب للنشر في البلاد. أما السبب الحقيقي، كما أشار الكاتب مانفريد مارودا في صحيفة 'جونغ ويلت' الألمانية، فيعود إلى الطريقة التي صُوّرت بها زوجة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، داخل الرواية. إذ تظهر يلينا زيلينسكايا كامرأة تسعى إلى مغادرة البلاد والبحث عن زوج جديد في الغرب، بسبب 'خشونة الرجال الأوكرانيين' بحسب ما ورد في النص. هذا الوصف لم يمر مرور الكرام؛ إذ أثار موجة استياء في الأوساط الأوكرانية، لا سيّما أنّ السيدة الأولى سبق أن كانت محط انتقادات متكررة من مواطنين أوكرانيين بسبب تصريحاتها ونشاطها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. اللافت أنّ القرار السريع من دار النشر يؤكد مدى حساسية الرأي العام الأوكراني تجاه صورة القيادة السياسية، وخصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store