logo

نفوذ روسيا في سوق السلع الأساسية ومفاوضات قمة ألاسكا

الاقتصاديةمنذ يوم واحد
تُمثل المحادثات التي عُقدت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدايةً مُحتملةً لعودة روسيا - وسلعها الأساسية - إلى الساحة العالمية بعد عزلة موسكو الدولية الأخيرة.
قبل حربها لأوكرانيا 2022، كانت روسيا مُصدّرًا رئيسيًا للنفط الخام والغاز الطبيعي والفحم والألمنيوم والنيكل والصلب والقمح والأسمدة - من بين سلع أخرى - والمورد الرئيسي لمنتجات الطاقة إلى أوروبا. منذ 2022، تسببت العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو في اضطراب كبير في تدفقات هذه السلع، حيث انخفضت صادرات روسيا من الغاز عبر الأنابيب إلى النصف، وخضعت شحناتها النفطية لتحويلات طويلة الأمد إلى أسواق جديدة.
فيما يلي تفصيل لترتيب روسيا من حيث الإنتاج والصادرات العالمية لبعضٍ من أكثر السلع تداولاً في العالم، وذلك لتوفير دليلٍ على التأثيرات المحتملة في السوق في حال عودة العلاقات العالمية مع روسيا إلى طبيعتها.
أزمة الغاز
يُقال إن الغاز الطبيعي كان السلعة الأكثر تأثراً بتداعيات التدخل الروسي في أوكرانيا. روسيا هي ثاني أكبر منتج ومصدر للغاز في العالم، لكنها عانت انخفاضاتٍ حادة في الشحنات الصادرة بعد فرض العقوبات الأوروبية والأمريكية على موسكو في 2022.
كانت عديد من الدول الأوروبية - بما في ذلك ألمانيا، الاقتصاد الرئيسي - قد حصلت سابقاً على أغلبية إمداداتها من الغاز من روسيا، لكنها قلصت وارداتها بسرعة عبر خطوط الأنابيب كجزء من جهود معاقبة موسكو على بدء حرب في المنطقة.
انخفضت أحجام الغاز المُصدّرة من روسيا عبر خطوط الأنابيب بنسبة 38% في عام 2022 مقارنة بالعام السابق، ومرة أخرى بنسبة 30% في عام 2023 مقارنة بإجمالي عام 2022، حيث تحول المشترون الأوروبيون إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال وأنواع الوقود الأخرى لتعويض إمدادات الغاز المفقودة. في عام 2024، بلغ إجمالي صادرات روسيا عبر خطوط الأنابيب 108.2 مليار متر مكعب، أي أقل بنسبة 46% من 201.3 مليار متر مكعب التي صُدّرت في 2021، وفقًا لبيانات معهد الطاقة.
ولتعويض جزء من خسارة عائدات الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب، عززت روسيا صادراتها من الغاز الطبيعي المسال.
ارتفعت أحجام صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية بنحو 12% منذ 2021، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في 2024 عند 44.3 مليار متر مكعب.
ونظرًا لنقص خطوط الأنابيب التي تربط روسيا بمناطق أخرى، أدى انخفاض الصادرات إلى أوروبا إلى زيادة كبيرة في مخزونات الغاز الروسية منذ 2022، ما أدى بدوره إلى زيادة استخدام الغاز من قبل شركات الطاقة والصناعة، وإلى جهود مستمرة لتعزيز القدرة التصديرية للغاز الطبيعي المسال.
انخفض إنتاج الغاز الطبيعي الروسي إلى أدنى مستوى له في ثماني سنوات في 2023، حيث خفّض القطاع الإنتاج استجابةً لانهيار سوق التصدير. ومنذ ذلك الحين، ارتفع الإنتاج مجددًا إلى نحو 630 مليار متر مكعب في 2024.
تحويلات النفط الخام
تأثرت سوق النفط الخام بشدة بالعقوبات المفروضة على موسكو، حيث تُعدّ روسيا ثالث أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم. وكما هي الحال في سوق الغاز، تأثر كل من إنتاج روسيا وصادراتها من النفط الخام منذ 2022، على الرغم من أن الصادرات انخفضت بأكثر من انخفاض الإنتاج مع تجديد المخزونات المحلية. في 2024، قُدّر إنتاج النفط الخام الروسي بنحو 10.75 مليون برميل يوميًا، بانخفاض قدره 4% عن إنتاجه البالغ 11.2 مليون برميل يوميًا في 2022، وفقًا لبيانات معهد الطاقة.
بلغ إجمالي صادرات النفط الروسية في 2024 ما يزيد قليلاً على 7 ملايين برميل يوميًا، بانخفاض قدره 8% عن 7.6 مليون برميل يوميًا التي صُدّرت في 2022.
إضافة إلى الانخفاضات الحادة، شهدت صادرات النفط الخام الروسية أيضًا تغييرات كبيرة في وجهاتها، حيث اضطر التجار إلى إيجاد أسواق بديلة لبراميلهم.
وعلى غرار سوق الغاز، احتاج المصدرون إلى استبدال أوروبا - التي كانت في السابق الوجهة الرئيسية للنفط الروسي - بأسواق أخرى. ولحسن حظ تجار النفط الروس، أثبتت الهند استعدادها لتحمل معارضة المجتمع الدولي، ووسّعت بسرعة مشترياتها من النفط الروسي في الوقت الذي خفضت فيه أوروبا وارداتها.
في الواقع، بين 2022 و2024، تضاعفت واردات الهند من النفط الخام الروسي بأكثر من الضعف، من 321 مليون برميل في 2022 إلى 651 مليون برميل في 2024، وفقًا لبيانات شركة كبلر لمعلومات السلع الأساسية. انخفضت واردات أوروبا من الخام الروسي بنسبة 30% خلال نفس الفترة، من 821 مليون برميل في عام 2022 إلى 581 مليون برميل في عام 2024، ما سمح للهند بأن تصبح السوق الرئيسية للخام الروسي العام الماضي. الصين هي ثاني أكبر مشترٍ للنفط الخام الروسي، حيث اشترت 460 مليون برميل في عام 2024، بزيادة قدرها 17% عن إجمالي 2022.
الفحم والمعادن والمزيد
تأثرت أسواق الفحم أيضًا في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث تُعد روسيا سادس أكبر منتج للفحم وثالث أكبر مُصدّر له. بفضل أسطول محطات الطاقة المحلية الكبيرة التي تعمل بالفحم، تمكن إنتاج مناجم الفحم الروسية من الحفاظ على استقراره إلى حد كبير منذ عام 2022، حيث استهلكت شركات الطاقة المحلية إمدادات إضافية كانت تُرسل سابقًا للتصدير. في 2024، بلغ إنتاج الفحم في روسيا نحو 2.3% انخفضت صادرات الفحم الروسي من إجمالي 2022، بينما انخفضت الصادرات بنحو 10%.
أدت المنافسة الشديدة من إندونيسيا وغيرها من منتجي الفحم إلى تقليص صادرات الفحم الروسي من عديد من الأسواق الدولية، كما أثر انخفاض الطلب على الواردات من الصين والهند - أكبر مستهلكين للفحم - في صادرات الفحم.
تُعد روسيا أيضًا منتجًا ومصدرًا رائدًا لعديد من المعادن الرئيسية، بما في ذلك الألمنيوم والنيكل والكوبالت والبلاديوم، وجميعها مطلوبة بشدة في عدد من التطبيقات الصناعية والتكنولوجية.
كما تُعد روسيا منتجًا رئيسيًا للأسمدة والغازات الصناعية والألماس والمحاصيل الزراعية مثل القمح والشعير، وبالتالي فإن أي استئناف سريع للعلاقات التجارية بين موسكو والمجتمع الدولي من شأنه أن تكون له تداعيات بعيدة المدى.
ومع ذلك، فإن أي تدهور جديد في العلاقات مع موسكو عقب المحادثات قد يُبقي السلع الروسية الوفيرة بعيدة عن متناول عديد من المشترين، ما سيؤدي إلى تضييق الخناق على الأسواق العالمية نتيجة لذلك.
كاتب اقتصادي ومحلل مالي ومتخصص في شؤون السلع الاستهلاكية في وكالة رويترز
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بلغ 3.07 تريليون يورو.. إيطاليا: الدين العام لمستوى قياسي
بلغ 3.07 تريليون يورو.. إيطاليا: الدين العام لمستوى قياسي

عكاظ

timeمنذ 2 ساعات

  • عكاظ

بلغ 3.07 تريليون يورو.. إيطاليا: الدين العام لمستوى قياسي

ارتفع الدين العام في إيطاليا بمقدار 18 مليار يورو خلال يونيو الماضي مقارنة بمايو الماضي، ليبلغ مستوى قياسيا قدره 3.07 تريليون يورو. وعزا بنك إيطاليا هذا الارتفاع إلى متطلبات التمويل الحكومي التي بلغت 16.4 مليار يورو، إضافة إلى زيادة في أرصدة الخزانة بنحو 0.8 مليار يورو، لتصل إلى إجمالي 47 مليار يورو. وأشار إلى أن عوامل أخرى ساهمت في هذا الارتفاع، بينها فروق أسعار الإصدار والاسترداد، وإعادة تقييم الأوراق المالية المرتبطة بالتضخم، وتقلبات أسعار الصرف، التي أضافت مجتمعة نحو 0.8 مليار يورو إلى الدين العام. كما أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الإيطالي «آيستات» ارتفاع الفائض التجاري لإيطاليا خلال يونيو الماضي، بفضل الزيادة الملحوظة في الصادرات. وبلغ الفائض التجاري لإيطاليا خلال يونيو 5.4 مليار يورو مقابل 5.2 مليار يورو خلال الشهر نفسه من العام الماضي، و6.1 مليار يورو خلال مايو الماضي. وزادت صادرات إيطاليا خلال يونيو بنسبة 4.9% سنويا، مقابل تراجع بنسبة 1.8% خلال مايو الماضي، وفي الوقت نفسه زادت الواردات بنسبة 4.8% بعد تراجع بنسبة 1.5% خلال الفترة نفسها. أخبار ذات صلة

جهود أوروبا لحماية «الرقمية» تعيق اتفاقاً تجارياً مع أمريكا
جهود أوروبا لحماية «الرقمية» تعيق اتفاقاً تجارياً مع أمريكا

عكاظ

timeمنذ 5 ساعات

  • عكاظ

جهود أوروبا لحماية «الرقمية» تعيق اتفاقاً تجارياً مع أمريكا

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى منع الولايات المتحدة من استهداف قواعده الرقمية الرئيسية، وذلك في ظل الخلافات حول التفاصيل النهائية لبيان مشترك تأخر إصداره، ومن المقرر أن يضفي الطابع الرسمي على الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الطرفان الشهر الماضي، وفق صحيفة «فايننشال تايمز». وأفاد مسؤولون أوروبيون بأن الخلافات حول صياغة اللغة المتعلقة بـ«الحواجز غير الجمركية» - والتي اعتبرتها الولايات المتحدة سابقاً تشمل القواعد الرقمية الطموحة للاتحاد الأوروبي - هي من بين الأسباب الرئيسية لتأجيل إصدار البيان المشترك. وكان من المتوقع أن يصدر البيان بعد أيام من إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن اتفاق التعريفات الجمركية في 27 يوليو في اسكتلندا. وأوضح مسؤولان أوروبيان أن الولايات المتحدة تريد الإبقاء على الباب مفتوحاً أمام تنازلات محتملة بشأن قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي، الذي يجبر شركات التكنولوجيا الكبرى على مراقبة منصاتها بشكل أكثر صرامة. وقد أكدت المفوضية أن تخفيف هذه القواعد يُعد «خطاً أحمر». في المقابل، صرح مسؤول أمريكي لصحيفة «فاينانشال تايمز» قائلاً: «نواصل معالجة حواجز التجارة الرقمية في محادثاتنا مع شركائنا التجاريين، وقد وافق الاتحاد الأوروبي على معالجة هذه الحواجز عندما تم التوصل إلى اتفاقنا الأولي». وكانت المفوضية الأوروبية تتوقع أيضاً أن يوقع ترمب أمراً تنفيذياً يخفض بموجبه التعريفات الجمركية على السيارات الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة من 27.5% إلى 15% بحلول 15 أغسطس الجاري، لكن مسؤولاً أمريكياً أشار إلى أن ذلك لن يحدث قبل الاتفاق على البيان المشترك. وقال المسؤول الأمريكي: «الإجراءات التي تعدّل أي تعريفة جمركية، مثل التعريفات المطبقة على السيارات بموجب المادة 232، ستتبع الانتهاء من البيانات المشتركة مع الشركاء التجاريين الذين توصلنا معهم إلى اتفاقيات». ومع مرور أسابيع على الاتفاق، لا تزال مسودات البيان تتداول بين بروكسل وواشنطن، ولم يصدر أي أمر بشأن السيارات - وهو قطاع تصديري رئيسي لألمانيا. ومن العقبات الأخرى أمام توقيع البيان المشترك، وفقاً لمسؤولين في بروكسل، «مساومة على الجداول الزمنية». فقد طلبت إدارة ترمب توضيحات بشأن الموعد الذي ستحصل فيه الأسماك والمنتجات الغذائية الأمريكية مثل الكاتشب والبسكويت والكاكاو وزيت فول الصويا على وصول أفضل إلى السوق الأوروبية، ومتى سيخفض الاتحاد الأوروبي تعريفاته على السلع الصناعية الأمريكية. أخبار ذات صلة

الدين العام الإيطالي يسجل مستوى قياسياً خلال يونيو الماضي
الدين العام الإيطالي يسجل مستوى قياسياً خلال يونيو الماضي

العربية

timeمنذ 5 ساعات

  • العربية

الدين العام الإيطالي يسجل مستوى قياسياً خلال يونيو الماضي

ارتفع الدين العام في إيطاليا بمقدار 18 مليار يورو خلال شهر يونيو الماضي مقارنة بشهر مايو الماضي، ليبلغ مستوى قياسيًا قدره 3.07 تريليون يورو. وعزا بنك إيطاليا هذا الارتفاع إلى متطلبات التمويل الحكومي التي بلغت 16.4 مليار يورو، بالإضافة إلى زيادة في أرصدة الخزانة بنحو 0.8 مليار يورو، لتصل إلى إجمالي 47 مليار يورو. وأشار إلى أن عوامل أخرى ساهمت في هذا الارتفاع، بينها فروق أسعار الإصدار والاسترداد، وإعادة تقييم الأوراق المالية المرتبطة بالتضخم، وتقلبات أسعار الصرف، والتي أضافت مجتمعة نحو 0.8 مليار يورو إلى الدين العام، وفق وكالة الأنباء القطرية "قنا". كما أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الإيطالي "آيستات" ارتفاع الفائض التجاري لإيطاليا خلال شهر يونيو الماضي، بفضل الزيادة الملحوظة في الصادرات. وبلغ الفائض التجاري لإيطاليا خلال يونيو 5.4 مليار يورو مقابل 5.2 مليار يورو خلال الشهر نفسه من العام الماضي، و6.1 مليار يورو خلال مايو الماضي. وزادت صادرات إيطاليا خلال يونيو بنسبة 4.9% سنويًا، مقابل تراجع بنسبة 1.8% خلال مايو، وفي الوقت نفسه زادت الواردات بنسبة 4.8% بعد تراجع بنسبة 1.5% خلال الفترة نفسها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store