
هجوم واشنطن.. هل يصنع نتنياهو رواية جديدة عن معاداة السامية؟
لم يكد العالم يلتقط أنفاسه بعد دعوات استدعاء السفراء الإسرائيليين من عدة عواصم أوروبية، حتى جاء الهجوم المسلح أمام المتحف اليهودي في قلب العاصمة الأميركية ليفتح الباب أمام سؤال سياسي-إعلامي أكثر عمقاً: من المسؤول؟ وهل يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توظيف الدم الإسرائيلي مجدداً لبناء خطاب تعبوي بشأن معاداة السامية؟
تصعيد أوروبي واتهامات مضادة
الهجوم الذي قُتل فيه موظفان إسرائيليان واعتُقل منفذه وهو يردد شعارات مؤيدة لفلسطين، أعاد تشكيل المشهد الدبلوماسي.
أوروبا، التي تعيش انقسامًا سياسيًا وأخلاقيًا حادًا بشأن الحرب على غزة، دانت الهجوم فورًا.
وزراء خارجية بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا وصفوا الهجوم بأنه "جريمة بشعة معادية للسامية".
لكن التصعيد لم يتوقف هنا، إذ اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أوروبا بأنها تتحمل مسؤولية غير مباشرة عما حدث، مشيراً إلى أن التحريض المتنامي ضد إسرائيل بسبب عدوانها في غزة هو ما غذّى الهجوم.
سارع الفرنسيون إلى الرد: "تصريح مشين ولا يعكس الحقيقة"، وفق ما نقل مراسل سكاي نيوز عربية عن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية.
شدد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية نائل الزعبي خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" أن الحادث يمثل أزمة أخلاقية داخل إسرائيل بقدر ما هو مأساة دبلوماسية.
يقول الزعبي: "نعم هناك مناهضة للسامية في العالم، ولكن إسرائيل تُخفق مراراً في معالجة أسباب الكراهية بسبب سياساتها في غزة والضفة، والإصرار على عسكرة كل خلاف".
يرى الزعبي أن توجيه الاتهامات لأوروبا يهدف لتخفيف الضغط الداخلي على الحكومة، خصوصًا مع تزايد الانتقادات داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. ويضيف: " إسرائيل في لحظة اختناق داخلي وتبحث عن خطاب يُوحّد الصف ويُقصي المعارضة، ومعاداة السامية هي الرواية الأكثر جهوزية لذلك".
الداخل الإسرائيلي: انقسام وصدام على خلفية دموية
بينما يسوّق نتنياهو ووزراؤه للهجوم على أنه نتيجة "تحريض أوروبي"، يتصاعد داخل إسرائيل انقسام سياسي غير مسبوق.
قناة "كان" العبرية نقلت عن مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "صور الأطفال القتلى في غزة تُفقد إسرائيل تعاطف العالم".
هذا التصريح يلخّص صدمة داخلية لدى الإسرائيليين الذين يرون أن حكومتهم لم تنجح فقط في عزلهم دبلوماسياً، بل تسببت في اهتزاز صورتهم الأخلاقية أمام العالم.
يتهم قادة في المعارضة، وعلى رأسهم يائير لابيد وبيني غانتس، حكومة نتنياهو بتعريض سمعة إسرائيل للخطر عبر السياسات الدموية التي تُفقدها شرعية أخلاقية في المحافل الدولية.
هل قتل موظفي السفارة صدفة أم توقيت مدروس؟
ليس من السهل فصل التوقيت. الهجوم جاء بعد ساعات فقط من تصعيد دبلوماسي أوروبي على خلفية حرب غزة. فهل يمكن فصل الدم عن السياسة؟ أم أن نتنياهو سيُحاول تحويل الهجوم إلى نقطة ارتكاز لإعادة إنتاج خطاب الدولة الضحية؟
يقول نائل الزعبي: "في إسرائيل، كل رصاصة تُستثمر سياسياً. نتنياهو يدرك أن اللحظة حرجة، وهو يحاول تحويل المأساة إلى فرصة للضغط على أوروبا وشيطنة كل نقد على أنه تحريض ضد اليهود".
معادلة غزة-الشتات: من يخسر المعركة الأخلاقية؟
يرى مراقبون أن إسرائيل تحصد الآن نتائج حرب إعلامية خاسرة، إذ تتسبب صور المجازر اليومية في غزة في تآكل التأييد الشعبي في أوروبا، خاصة بين الشباب والتيارات التقدمية. ووفق تقرير لمركز الدراسات الأوروبية في بروكسل، فإن أكثر من 62 بالمئة من الشباب الأوروبي يرون أن "إسرائيل تجاوزت حدود الدفاع المشروع".
في هذا السياق، يصبح استدعاء معاداة السامية وسيلة لردع هذه الموجة الأخلاقية. لكنها، وفقًا للدكتور الزعبي، "وصفة قديمة لا تعالج عمق المأساة بقدر ما تعيد تدويرها في عناوين سياسية تكتيكية".
المشهد مركب: دماء في واشنطن، صور مروعة من غزة، تصعيد دبلوماسي في أوروبا، وحكومة إسرائيلية محاصرة داخليًا وخارجيًا تبحث عن مخرج.
في هذا السياق، يبدو أن بنيامين نتنياهو يُراهن على سردية "معاداة السامية" لوقف نزيف الشرعية الدولية. لكن السؤال الأهم، بحسب الزعبي، هو: هل يمكن لهذه السردية أن تصمد أمام سيل الحقائق، وأمام جيل أوروبي جديد يرى في التضامن مع غزة واجبًا أخلاقيًا، لا عداءً للسامية؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ 26 دقائق
- سكاي نيوز عربية
نتنياهو يتهم قادة فرنسا وبريطانيا وكندا بـ "تشجيع حماس"
وأدان ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني في وقت سابق من الأسبوع الجاري الإجراءات "الشنيعة" للحكومة الإسرائيلية في غزة ، محذرين من أن المملكة المتحدة وحلفاءها سيتخذون "إجراءات ملموسة" ما لم يغير نتنياهو مساره. وقال نتنياهو في منشور عبر منصة إكس مساء الخميس إن حركة حماس ترغب في "تدمير الدولة اليهودية" و"القضاء على الشعب اليهودي". وذكر نتنياهو: "لا يمكنني فهم كيف تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن قادة فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرهم". وأضاف: "أقول للرئيس ماكرون ورئيس الوزراء كارني ورئيس الوزراء ستارمر ، عندما يشكركم القتلة والمغتصبون وقاتلو الأطفال والخاطفون، فأنتم على الجانب الخطأ من العدالة". وتابع قائلا: "هؤلاء القادة الثلاثة يقولون عمليا إنهم يرغبون في بقاء حماس في السلطة، لأنهم يصدرون مطلبهم الزاخر بالتهديدات بفرض عقوبات ضد إسرائيل، ضد إسرائيل وليس حماس". وأشار نتنياهو إلى أن إجراءات القادة لا "تدفع السلام قدما"، بل "تشجع حماس على مواصلة الحرب للأبد".


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
محادثات أمريكية صينية لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة
بكين ـ (أ ف ب) أجرى دبلوماسيان كبيران من الولايات المتحدة والصين اتصالاً هاتفياً، الخميس، لمناقشة «قضايا ذات اهتمام مشترك» على ما جاء في وثائق رسمية. ويأتي الاتصال بين نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو والنائب التنفيذي لوزير الخارجية الصيني ما تشاوشيو في فترة تشهد انفراجاً في الحرب التجارية المحتدمة بين واشنطن وبكين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس في بيان، الخميس إن المسؤولَين «ناقشا مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأكدا أهمية الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة». وأضافت أن المسؤولَين «أقرا بأهمية العلاقة الثنائية بالنسبة إلى شعبي البلدين والعالم». وفي بيان نُشر في ساعة مبكرة، الجمعة، في الصين، أعلنت وزارة الخارجية أن ما ولاندو «تبادلا وجهات النظر بشأن العلاقات الصينية الأمريكية وقضايا مهمة ذات اهتمام مشترك». و«اتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات» وفق البيان. ولم يذكر أي من البيانين معلومات إضافية بشأن المحادثات. وبعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني، فرضت واشنطن رسوماً جمركية باهظة على السلع المستوردة من الصين في إطار حرب تجارية هزت أسواق العالم وسلاسل الإمداد. وردّت بكين بدورها بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية المستوردة وتندد باستمرار بالتدابير الأمركية باعتبارها غير عادلة وتمييزية وتهدف إلى احتواء تنامي نفوذ الصين. وخفّض الجانبان الرسوم المفروضة على السلع التي يستوردانها أحدهما من الآخر لمدة 90 يوماً في وقت سابق هذا الشهر، في خفض للتصعيد في النزاع التجاري.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
المحادثات النووية بين أمريكا وإيران تدخل مرحلة حاسمة
من المقرر أن تدخل المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل مرحلة حاسمة اليوم الجمعة، باجتماع في العاصمة الإيطالية. ومن المتوقع أن يصل المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى روما للمشاركة في الجولة الخامسة من المحادثات. وتتوسط سلطة عمان بين الدولتين. وتطالب الولايات المتحدة أن توقف الحكومة الإيرانية بشكل كامل تخصيب اليورانيوم والذي تنظر إليه واشنطن بوصفه إجراء ضروريا لمنع تطوير الأسلحة النووية بشكل دائم. وترفض طهران هذا الطلب، لكنها أظهرت استعدادها لفرض قيود على البرنامج النووي مرة أخرى والسماح بفرض ضوابط أكثر صرامة. كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرح الأسبوع الماضي أن بلاده قدمت اقتراحا إلى إيران، مع استمرار المفاوضات بين الجانبين بشأن البرنامج النووي الإيراني. غير أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أكد أن طهران لم تتلقَّ أي مقترح مكتوب من أمريكا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. يشار إلى أن الولايات المتحدة وإيران اجريتا أربع جولات من المفاوضات غير المباشرة بشأن برنامج طهران النووي.