
«أوبك» بين الحفاظ على الحصة السوقية وتحقيق التوازن المالي
تواجه منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» ضغوطاً متزايدة في ظل تقلبات الأسواق وصعوبة تحقيق التوازن المطلوب بين مستويات الإنتاج والأسعار. فرغم الجهود المبذولة منذ أكثر من ثلاث سنوات لخفض الإنتاج ودعم الأسعار، إلا أن النتائج لم تكن على قدر التطلعات، حيث ما زالت الأسعار دون المستوى التعادلي المطلوب لتغطية النفقات العامة وتحقيق استقرار مالي للدول الأعضاء.
ففي الوقت الراهن، يبلغ سعر برميل النفط نحو 66 دولاراً، بينما تسعى معظم الدول المنتجة إلى بلوغ سعر يتجاوز 80 دولاراً، سعياً لتقليص العجز في موازناتها العامة. أما معدل 90 دولاراً، فرغم أنه يحقق عوائد مجزية، إلا أنه يُنظر إليه على أنه غير مستدام في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، حيث قد يؤدي إلى تحفيز إنتاج النفط الصخري وزيادة المعروض العالمي، مما يضغط على الأسعار مجدداً.
وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن أوبك، ومعها مجموعة «أوبك+» بقيادة روسيا، قد غيّرت إستراتيجيتها، حيث قررت قبل نحو ثلاثة أشهر زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً، غير مكترثة بانخفاض الأسعار، في خطوة قد تهدف إلى اختبار مدى قدرة المنتجين خارج أوبك -لاسيما منتجي النفط الصخري الأميركي- على الصمود ضمن نطاق سعري يتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل.
ويبدو أن المنظمة، التي تمتلك حالياً طاقة إنتاجية فائضة تُقدّر بنحو 5 ملايين برميل يومياً، تسعى إلى استعادة جزء من حصتها السوقية التي خسرتها نتيجة الالتزام بسياسات خفض الإنتاج في السنوات الماضية، والتي لم تسفر عن نتائج ملموسة، بل أدت في بعض الأحيان إلى استفادة منتجين آخرين خارج المنظمة.
ومع ذلك، تبقى التحديات الداخلية قائمة، وأبرزها عدم التزام بعض الأعضاء بحصص الإنتاج المتفق عليها، مما يقوض جهود التنظيم الجماعي. إذ وقعت حالات متكررة لخرق الاتفاقيات من قِبل بعض الأعضاء، دون أن تترتب عليها أي عقوبات تنظيمية أو إجراءات رادعة، الأمر الذي يضعف فعالية المنظمة ويفقدها مصداقيتها أمام الأسواق.
من جهة أخرى، تراجعت وتيرة الاجتماعات العلنية والحوارات الإعلامية للمنظمة، خصوصاً في مقرها الرئيسي في فيينا، مما زاد من الغموض حول توجهاتها المستقبلية وأهدافها الإستراتيجية.
ويُطرح السؤال الجوهري: هل تسعى أوبك فعلاً إلى دعم أسعار النفط، أم أنها تراهن على الحفاظ على حصتها السوقية بأي ثمن، حتى لو استدعى الأمر اللجوء إلى الاقتراض الخارجي لتمويل العجز المالي؟
في ظل هذه الظروف، قد يكون من الأفضل، بحسب بعض التقديرات، أن تواصل أوبك زيادة إنتاجها في هذا النطاق السعري، لتحافظ على موارد مالية مستمرة، بدلاً من خسارة الأسواق لصالح منتجين غير منتمين إلى المنظمة. وقد تؤدي هذه السياسة إلى تعزيز العوائد المالية على المدى القصير، خاصة في ظل ضعف الطلب العالمي وعدم وجود مؤشرات واضحة لتعافٍ اقتصادي وشيك.
وختاماً، يبدو أن أوبك تقف حالياً أمام مفترق طرق بين الانضباط الإنتاجي الذي لم يؤتِ ثماره المرجوة، والسياسة الواقعية التي تركز على تأمين الإيرادات والحفاظ على النفوذ في الأسواق العالمية، رغم ما تحمله من مخاطر على استقرار الأسعار على المدى الطويل.
محلل نفطي مستقل
[email protected]

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ ساعة واحدة
- الأنباء
"الطاقة الدولية": المعروض النفطي سيكون كافياً لتلبية الاحتياجات "ما لم تحدث انقطاعات"
أكدت وكالة الطاقة الدولية اليوم الثلاثاء، أن المعروض النفطي سيكون كافيا لتلبية الاحتياجات العالمية حتى نهاية العقد "ما لم تحدث انقطاعات كبيرة في الإمدادات". وتوقعت الوكالة في تقرير شهري أن يفوق المعروض العالمي من النفط نمو الطلب في السنوات القادمة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتغيرات هيكلية تشهدها أسواق الطاقة العالمية. وأوضحت أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمقدار 2.5 مليون برميل يوميا بين عامي 2024 و2030 ليبلغ نحو 105.5 مليون برميل يوميا في حين يتوقع أن يرتفع المعروض العالمي بمقدار خمسة ملايين برميل يوميا ليصل إلى 114.7 مليون برميل يوميا خلال نفس الفترة. وأشار التقرير إلى أن زيادة الإنتاج ستكون مدفوعة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وغيانا والأرجنتين لافتا كذلك إلى استمرار تحالف (اوبك +) في تخفيف قيود الإنتاج تدريجيا. وأضافت الوكاله في تقريرها ان الطلب من الصين التي قادت نمو الطلب لعقد من الزمن سيشهد ذروته في عام 2027 وذلك مع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية وتوسع البنى التحتية لوسائل النقل العام الصديقة للبيئة. وأوضحت الوكالة أن مبيعات المركبات الكهربائية التي سجلت رقما قياسيا بلغ 17 مليون وحدة في عام 2024 من المتوقع أن تتجاوز 20 مليون وحدة في عام 2025 ما قد يؤدي إلى تقليص الطلب على النفط بنحو 5.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030. وأشار التقرير إلى أن الطلب على النفط لأغراض مختلفة باستثناء البتروكيماويات قد يبلغ ذروته في عام 2027 في حين ينتظر أن تصبح الصناعات البتروكيماوية المحرك الرئيسي للطلب على النفط بدءا من عام 2026. وفي هذا السياق قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في تصريح صحافي، فاتح بيرول، إن "أسواق النفط العالمية تتجه نحو التوازن مدفوعة بتغيرات في سلوكيات المستهلكين ومصادر الإمداد" محذرا في الوقت نفسه من أن "المخاطر الجيوسياسية لا تزال تشكل تهديدا كبيرا لأمن الطاقة ولا مجال للتهاون في هذا الجانب". وأكدت الوكالة التزامها بالتعاون مع منتجي ومستهلكي الطاقة للحفاظ على استقرار السوق وحماية أمن الإمدادات في ضوء المتغيرات المتسارعة.


الجريدة
منذ 6 ساعات
- الجريدة
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 38 سنتاً ليبلغ 73.57 دولار
ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 38 سنتا ليبلغ 73.57 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الإثنين مقابل 73.19 دولار للبرميل في تداولات يوم الجمعة الماضي وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وفي الأسواق العالمية انخفضت العقود الآجلة لخام برنت دولاراً واحداً لتبلغ 73.23 دولار للبرميل في وقت انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.21 دولار لتبلغ 71.77 دولار.


المدى
منذ 6 ساعات
- المدى
الذهب يرتفع وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة
ارتفع الذهب في بداية تداولات آسيا، بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الإخلاء الفوري للعاصمة الإيرانية طهران، ما عزّز الطلب على الملاذات الآمنة في ظل متابعة المستثمرين لتطورات التصعيد بين إسرائيل وإيران. صعد المعدن الثمين بنسبة وصلت إلى 0.4% ليتجاوز 3,400 دولار للأونصة، بعد تراجعه بنسبة 1.4% يوم الإثنين، وهو أكبر انخفاض يومي خلال شهر. وقال تيم واترر كبير محللي الأسواق لدى كيه.سي.إم تريد: 'لا تزال معنويات السوق تتأرجح بين التصعيد والتهدئة في ما يتعلق بالأحداث في الشرق الأوسط، وهذه التحولات في المعنويات ذهابا وإيابا هي ما يقود تحركات سعر الذهب على جانبي مستوى 3400 دولار'. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 36.41 دولاراً للأوقية، وتقدم البلاتين 0.6 بالمئة إلى 1251.20 دولاراً، في حين زاد البلاديوم 0.2 بالمئة إلى 1031.68 دولاراً.