هل الاستقلال يعيش أزمة الشفافية بعد إرجاع مبلغ 1.12 مليون درهم لخزينة الدولة؟؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
منذ سنوات، تفجر ملف 'دعم الدراسات' الذي يستفيد منه العديد من الأحزاب السياسية في المغرب، بما فيها حزب الاستقلال، بعدما خلق جدلا واسعا حول شفافية استخدام الأموال العامة. هذه القضية التي بدأت بشكوك ومطالبات بتوضيحات، انتهت بتطورات هامة بعدما قرر الحزب إرجاع مبلغ 1.12 مليون درهم إلى الخزينة العامة، إثر تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات. هذه الخطوة، التي لا يمكن التعامل معها بشكل سطحي، تطرح العديد من الأسئلة حول حجم الأزمة التي عصفت بالحزب ومدى احترامه لمبادئ الشفافية في تسيير الدعم العمومي.
– من الشكوى إلى التفجير
القضية بدأت تأخذ منحى جادا حينما تقدم أحد أعضاء الحزب بشكوى أمام الوكيل العام للملك، يتهم فيها مسؤولين في الحزب، وأبرزهم رئيس اللجنة العلمية المكلف بالصفقات الخاصة بالدراسات، بتبديد واختلاس أموال الدعم العمومي. حيث كشف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات أن الحزب قد استفاد من دعم مالي قدره 4.076.585,31 درهم، لكن المبالغ التي تم صرفها على الدراسات الفعلية لم تتجاوز 2.950.000 درهم، ما يعني أن هناك فائضاً يقدر بحوالي 1.126.585,31 درهم لم يُستخدم في الدراسات المقررة.
منذ ذلك الحين، أثيرت العديد من التساؤلات حول كيفية صرف هذه الأموال، مما جعل القضية تخرج من نطاق التقديرات المالية البسيطة إلى معركة قانونية وسياسية ، فالشكوى، التي حملت الاتهام بتبديد المال العام، أكدت على خطورة الملف وتسببت في ضغوط كبيرة على الحزب.
– أزمة الشفافية: إرجاع المبلغ كحل؟
في خضم هذا الجدل، أقدم حزب الاستقلال على خطوة غير متوقعة حين قرر إرجاع المبلغ غير المستعمل إلى الخزينة العامة، إلا أن هذه الخطوة لم تكن محض رد فعل بسيط، بل كانت بمثابة محاولة لإغلاق الباب أمام التحقيقات العميقة التي كانت قد بدأت، فالإجراء يمكن أن يُفهم على أنه محاولة من الحزب لاستعادة جزء من مصداقيته أمام الرأي العام، بعد تصاعد اتهامات الاستغلال المفرط للأموال العامة.
لكن، رغم أن إرجاع المبلغ هو خطوة إيجابية في حد ذاته، إلا أن تساؤلات عديدة تبقى حاضرة، هل كانت هذه الأموال قد استخدمت بالشكل الصحيح في البداية؟ هل كان الحزب يدير الدعم بشفافية منذ البداية؟ أم أن الأزمة انفجرت بسبب تراكم المخالفات الإدارية أو الفساد في إدارة الموارد المالية؟.
. الشفافية المفقودة…محطات من الغموض
المشكلة الأساسية التي نشأت حول ملف 'دعم الدراسات' هي غياب الشفافية الكافية في طريقة صرف الأموال العامة، فالدعم المخصص للدراسات لا يُفترض أن يُستعمل في أغراض غير متعلقة مباشرة بالبحث العلمي والأبحاث السياسية التي تعود بالنفع على الحزب وعلى البلاد بشكل عام. لكن، كما أظهر التقرير، لم يتم صرف المبلغ بالكامل على الدراسات التي تم الاتفاق عليها، مما يفتح الباب أمام افتراضات حول كيفية التعامل مع الفائض.
هنا، لا يمكن إغفال دور المجلس الأعلى للحسابات في تسليط الضوء على هذه الممارسات، والتي شكلت خطوة رقابية مهمة، لكن الجواب الحقيقي لا يكمن في إرجاع المبلغ فقط، فالشفافية لا تتحقق فقط برد الأموال، بل من خلال مراجعة شاملة لجميع الصفقات التي أبرمت خلال فترة الاستفادة من الدعم، ومدى تطابقها مع المعايير القانونية والإدارية، فهل كانت الدراسات التي تم تمويلها فعلاً ذات قيمة علمية ومهنية؟ وهل كانت عملية الاختيار شفافة ومبنية على أسس دقيقة؟.
-الرد السياسي: هل هو دفاع أم تهرب؟
أما على الصعيد السياسي، فقد تصاعدت الردود الداخلية والخارجية داخل حزب الاستقلال، حيث سارع القيادي عبد الجبار الراشدي، الذي كان مسؤولاً عن لجنة الصفقات، إلى إصدار بيان يدافع فيه عن نفسه ويصف الشكوى بأنها 'مناورة سياسية' تهدف إلى إفشال المؤتمر العام للحزب، هذا الرد يعكس بشكل واضح الصراعات الداخلية الحادة داخل الحزب، ويؤكد أن القضية ليست فقط قضية أموال، بل قضية سياسية تزداد تعقيداً بسبب التوترات الداخلية بين الأعضاء.
الرد الدفاعي من القيادات الاستقلالية، الذي يركز على الطابع الشخصي للأزمة ويحاول تبرير الممارسات الداخلية، يكشف عن حجم الأزمة التي يعيشها حزب ' الميزان 'فبدلاً من الاعتراف بالمشكلة وفتح نقاش جاد حول كيفية إصلاح هذه الثغرات في المستقبل، يبدو أن هناك محاولة لتحويل القضية إلى صراع شخصي، وهو ما قد يزيد من تعميق الهوة بين مختلف الأطراف داخل الحزب.
– من أزمة إلى فرصة
إن قرار إرجاع المبلغ إلى الخزينة، على الرغم من أنه جاء في سياق التحقيقات، يمكن أن يُعتبر بمثابة خطوة إيجابية للحد من التداعيات القانونية والسياسية للأزمة، لكن هذا لا يعفي حزب الاستقلال من المسؤولية الكبيرة في معالجة أزمة الشفافية هذه بشكل جذري، ففي نهاية المطاف، الإجراء المالي وحده لا يكفي إذا لم يكن مصحوباً بمراجعة شاملة لكافة العمليات الإدارية والمالية التي جرت حول الدعم.
يجب على حزب الاستقلال أن يعيد بناء ثقته لدى الجمهور، من خلال تطوير آليات أكثر شفافية في تسيير الأموال العامة، ويجب أن يتعامل مع هذا الملف بجدية أكبر لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل،وفي الوقت نفسه، يجب على الأحزاب السياسية كافة أن تدرك أن الشفافية والمساءلة ليست ترفا بل ضرورة إذا ما أرادت الحفاظ على مصداقيتها في أوساط الناخبين. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


زنقة 20
منذ 5 دقائق
- زنقة 20
بنعلي توقع اتفاقية شراكة لإنجاز برنامج التهيئة الطبيعية والترفيهية لغابة سيدي معافة بوجدة
زنقة 20. وجدة أشرفت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، يوم الخميس 29 ماي 2025 بمدينة وجدة، على توقيع اتفاقية شراكة من أجل إنجاز برنامج التهيئة الطبيعية والترفيهية للغابة الحضرية سيدي معافة، بشراكة مع عدد من المتدخلين المؤسساتيين والترابيين، في مقدمتهم وزارة الداخلية ووكالة المياه والغابات ومجلس جهة الشرق وجماعتي وجدة وأهل أنگاد. ويأتي هذا البرنامج في إطار تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وتفعيلاً للمقاربة التشاركية التي تعتمدها الحكومة لتحقيق العدالة المجالية والبيئية، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية. وخلال هذا اللقاء، أكدت ليلى بنعلي أن جهة الشرق تحظى بمكانة استراتيجية ضمن السياسات القطاعية للوزارة، مشيرة إلى أن المشروع يهدف إلى تحويل الغابة الحضرية سيدي معافة إلى فضاء بيئي وترفيهي مفتوح، يسهم في تحسين جودة عيش الساكنة، ويوفر خدمات إيكولوجية مهمة لحماية مدينة وجدة من آثار التغيرات المناخية، بما فيها التصحر والرياح الجنوبية الجافة، فضلاً عن مساهمته في تعزيز التنوع البيولوجي المحلي. وتنص الاتفاقية التي تم توقيعها بين مختلف الشركاء، على تعبئة غلاف مالي إجمالي قدره 87 مليون درهم، موزع على ثلاث سنوات، ويتضمن البرنامج ثلاثة محاور رئيسية، تشمل تشجير وتجديد الغطاء الغابوي على مساحة تزيد عن 1300 هكتار، وإحداث مرافق ترفيهية ورياضية متنوعة كمسارات المشي والهواء الطلق وملاعب القرب، إلى جانب تحسين البنية التحتية البيئية من خلال إنشاء سدود صغيرة وقنوات لتصريف المياه ومعدات للري. وقد تم الاتفاق على إسناد إنجاز المكونات الرئيسية من البرنامج إلى وكالة المياه والغابات بصفتها صاحب المشروع بالنسبة للشطر الأكبر، وإلى مجلس جهة الشرق وجماعة وجدة، بتنسيق مع شركة التنمية المحلية 'وجدة للتحية'، التي ستتكفل بتنفيذ باقي الأشغال والتجهيزات في إطار تفويض مباشر. وتم التأكيد على أن تنفيذ المشروع سيتم خلال مدة ثلاث سنوات، مع إحداث لجنة محلية للتتبع يرأسها والي جهة الشرق، وتضم مختلف الأطراف المعنية، من أجل ضمان التنسيق، وتتبع تقدم الأشغال، واتخاذ التدابير اللازمة عند الحاجة. وأكدت المسؤولة الحكومية في كلمتها أن هذا المشروع يعكس إرادة جماعية لإرساء نموذج جديد للتدبير البيئي الترابي، يعتمد على الالتقائية والتكامل بين مختلف المتدخلين، ويروم تحقيق الأهداف المسطرة في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الوزارة ستواكب هذا الورش الحيوي من خلال الدعم المالي والتقني والمؤسساتي اللازم. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع يأتي في سياق تنزيل استراتيجية 'غابات المغرب 2020-2030'، ويعزز الدينامية التي تعرفها جهة الشرق في مجال التحول البيئي والاجتماعي، كما يشكل لبنة أساسية في مسار تعزيز رصيد المساحات الخضراء والمرافق المفتوحة لفائدة المواطنين، انسجاماً مع أهداف التنمية المستدامة.


بلبريس
منذ 22 دقائق
- بلبريس
تقرير مجلس الحسابات يكشف: أمين عام حزب يدفع من جيبه.. هل يعفيه ذلك من تقديم الحسابات؟
بلبريس - اسماعيل عواد كشف تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات بشأن متابعة تقديم الحسابات السنوية للأحزاب السياسية أن حزب "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" لم يقدم حساباته المالية لعامي 2022 و2023، مبررًا ذلك بقيام أمينه العام بتغطية جميع مصاريف التسيير خلال تلك الفترة من موارده الشخصية. أشار التقرير، الذي تناول الوضعية المالية للأحزاب بين عامي 2021 و2023، إلى أن الحزب اعتبر في مراسلة وجهها إلى المجلس بتاريخ 11 أبريل 2024 أن عدم تلقي الدعم العمومي وتكفل الأمين العام بكافة النفقات يجعله غير ملزم بإعداد حسابات سنوية أو وثائق محاسبية. ينص القانون التنظيمي رقم 29.11، وتحديدًا المادة 44 منه، على وجوب قيام الأحزاب السياسية بإيداع حساباتها السنوية لدى المجلس الأعلى للحسابات في موعد أقصاه 31 مارس من كل سنة. إلى جانب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، أحصى التقرير ستة أحزاب أخرى لم تقدم حساباتها للسنة المالية 2023، وهي حزب الإصلاح والتنمية، وحزب النهضة والفضيلة، وحزب العهد الديمقراطي، وحزب القوات المواطنة، وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. من جهة أخرى، أشار المجلس إلى أن 27 حزبًا من أصل 33 أحزابًا خضعت للمراجعة قدموا حساباتهم، بينها خمسة أحزاب قدمتها خارج الأجل القانوني، في حين التزم 22 حزبًا بالمواعيد المحددة. سجل التقرير تأخيرات متفاوتة في تقديم الحسابات، حيث بلغ أقصاها 116 يومًا لدى الحزب الديمقراطي الوطني، كما كشف عن وجود نقائص مالية تقدر بحوالي 5,73 مليون درهم من إجمالي نفقات بلغت 91,37 مليون درهم، أي ما يعادل 6,27% من مجموع المصروفات، مقارنة بـ26% في عام 2022، مما يشير إلى تحسن ملحوظ في توثيق النفقات. طالت هذه النقائص 17 حزبًا، وتوزعت بين نفقات غير مدعمة بوثائق قانونية (93,3%)، ونفقات ذات وثائق إثبات غير كافية (5,4%)، ونفقات صرفت باسم غير اسم الحزب (1,3%).


هبة بريس
منذ 27 دقائق
- هبة بريس
بنعلي توقع اتفاقية شراكة لإنجاز برنامج تهيئة غابة سيدي معافة بوجدة
هبة بريس أشرفت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، يوم الخميس 29 ماي 2025 بمدينة وجدة، على توقيع اتفاقية شراكة من أجل إنجاز برنامج التهيئة الطبيعية والترفيهية للغابة الحضرية سيدي معافة، بشراكة مع عدد من المتدخلين المؤسساتيين والترابيين، في مقدمتهم وزارة الداخلية ووكالة المياه والغابات ومجلس جهة الشرق وجماعتي وجدة وأهل أنگاد. ويأتي هذا البرنامج في إطار تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وتفعيلاً للمقاربة التشاركية التي تعتمدها الحكومة لتحقيق العدالة المجالية والبيئية، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية. وخلال هذا اللقاء، أكدت ليلى بنعلي أن جهة الشرق تحظى بمكانة استراتيجية ضمن السياسات القطاعية للوزارة، مشيرة إلى أن المشروع يهدف إلى تحويل الغابة الحضرية سيدي معافة إلى فضاء بيئي وترفيهي مفتوح، يسهم في تحسين جودة عيش الساكنة، ويوفر خدمات إيكولوجية مهمة لحماية مدينة وجدة من آثار التغيرات المناخية، بما فيها التصحر والرياح الجنوبية الجافة، فضلاً عن مساهمته في تعزيز التنوع البيولوجي المحلي. وتنص الاتفاقية التي تم توقيعها بين مختلف الشركاء، على تعبئة غلاف مالي إجمالي قدره 87 مليون درهم، موزع على ثلاث سنوات، ويتضمن البرنامج ثلاثة محاور رئيسية، تشمل تشجير وتجديد الغطاء الغابوي على مساحة تزيد عن 1300 هكتار، وإحداث مرافق ترفيهية ورياضية متنوعة كمسارات المشي والهواء الطلق وملاعب القرب، إلى جانب تحسين البنية التحتية البيئية من خلال إنشاء سدود صغيرة وقنوات لتصريف المياه ومعدات للري. وقد تم الاتفاق على إسناد إنجاز المكونات الرئيسية من البرنامج إلى وكالة المياه والغابات بصفتها صاحب المشروع بالنسبة للشطر الأكبر، وإلى مجلس جهة الشرق وجماعة وجدة، بتنسيق مع شركة التنمية المحلية 'وجدة للتحية'، التي ستتكفل بتنفيذ باقي الأشغال والتجهيزات في إطار تفويض مباشر. وتم التأكيد على أن تنفيذ المشروع سيتم خلال مدة ثلاث سنوات، مع إحداث لجنة محلية للتتبع يرأسها والي جهة الشرق، وتضم مختلف الأطراف المعنية، من أجل ضمان التنسيق، وتتبع تقدم الأشغال، واتخاذ التدابير اللازمة عند الحاجة. وأكدت المسؤولة الحكومية في كلمتها أن هذا المشروع يعكس إرادة جماعية لإرساء نموذج جديد للتدبير البيئي الترابي، يعتمد على الالتقائية والتكامل بين مختلف المتدخلين، ويروم تحقيق الأهداف المسطرة في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الوزارة ستواكب هذا الورش الحيوي من خلال الدعم المالي والتقني والمؤسساتي اللازم. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع يأتي في سياق تنزيل استراتيجية 'غابات المغرب 2020-2030'، ويعزز الدينامية التي تعرفها جهة الشرق في مجال التحول البيئي والاجتماعي، كما يشكل لبنة أساسية في مسار تعزيز رصيد المساحات الخضراء والمرافق المفتوحة لفائدة المواطنين، انسجاماً مع أهداف التنمية المستدامة.