تقارير استخباراتية أمريكية تشكك في استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا
أظهرت تقارير استخباراتية سرية أمريكية شكوكًا حول استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا، حيث تبين أنه لا يزال متمسكًا بهدفه الأقصى في السيطرة على أوكرانيا، وفقًا لمصادر مطلعة على التحليل.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن شخص مطلع على التقارير قوله بأن واحدة من التقييمات السرية التي تم توزيعها على صناع القرار في الإدارة الأمريكية، قالت إن بوتين لا يزال مصممًا على الهيمنة على كييف.وتشير التقارير إلى أن الإدارة الأمريكية تواجه تحديات كبيرة، كما تثير تساؤلات حول ما إذا كانت البيت الأبيض يخطئ في فهم استعداد بوتين للسعي نحو السلام، وفي رد فعل بوتين أمس /الخميس/ على اقتراح وقف إطلاق النار، أظهر حذرًا، مشيرًا إلى أن موسكو قد تضع شروطًا على أي اتفاق في الوقت الذي كانت فيه القوات الروسية على ما يبدو تحقق تقدمًا كبيرًا في طرد القوات الأوكرانية من جزء من الأراضي في منطقة كورسك الروسية التي كانت كييف تأمل في استخدامها كوسيلة للمساومة.وقد صرح بعض المسئولين الأمريكيين الحاليين والسابقين بأن الزعيم الروسي، حتى لو وافق على هدنة مؤقتة، فإنه سيستخدمها لإعادة تجميع قواته، ومن المحتمل أن ينقض شروط الاتفاق من خلال خلق استفزاز يحمّل فيه أوكرانيا المسئولية.وفي المقابل، قال آخرون إن التقارير كانت أكثر حذرًا بشأن الشروط التي قد يقبلها بوتين للسلام، ولكنهم اعترفوا بعدم وجود أي إشارة على أن بوتين قد تراجع عن مطلبه بأن تندمج أوكرانيا في دائرة الأمن والاقتصاد الروسي.وقال يوجين رومر، وهو مسئول استخباراتي أمريكي سابق وخبير في شئون روسيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "لا أعتقد أن وقف إطلاق النار أو حتى الهدنة أو المعاهدة ستكون نهاية القصة".وأضاف: "هذه هي المواجهة الدائمة الجديدة بين روسيا وبقية أوروبا ".ومن جهته، قال إريك شيراميلا، وهو أيضًا مسئول استخباراتي أمريكي سابق وخبير في شئون روسيا في كارنيجي: "لكي يتوقف بوتين عن القتال، يجب أن يعتقد أنه يمكنه الفوز في المفاوضات، ولكن ذلك لا يعني أنه سيفوز، المفتاح لإبرام اتفاق وقف إطلاق نار دائم ومؤثر هو وضع ترتيبات أمنية لأوكرانيا تسمح لها بإعادة بناء قوتها العسكرية وردع أي هجوم متجدد".وعلى الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان ترامب قد اطلع شخصيًا على تقرير الاستخبارات، قال شخص مطلع إن هذا النوع من التحليل كان يُشارك تقليديًا مع الرئيس.ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن بعض التقييمات الأمريكية بشأن عناد بوتين قد أزعجت ترامب في الأيام الأخيرة، فقد طرح ترامب وفريقه مؤخرًا فرض عقوبات جديدة قاسية على روسيا إذا رفضت الموافقة على إنهاء الحرب، ولم يحددوا ما ستكون عليه تلك العقوبات، لكن ترامب قال يوم /الأربعاء/ الماضي إنها "قد تكون مدمرة".وأعلن ترامب يوم الثلاثاء عن اقتراح لوقف إطلاق النار بعد محادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة العربية السعودية، والذي يتضمن توقفًا للقتال لمدة 30 يومًا لتجميد المواقع العسكرية على طول جبهات القتال التي تمتد على 1,800 ميل.وكان هذا التحول الأخير في فترة أسبوعين شهدت توترًا شديدًا في العلاقات بين واشنطن وكييف بعد لقاء متوتر بين ترامب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي.من جهة أخرى، تصر موسكو على الاحتفاظ بالسيطرة على أربعة من الأقاليم الشرقية الأوكرانية التي تحتلها، بالإضافة إلى الحفاظ على "جسر بري" يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمني برس
منذ 42 دقائق
- يمني برس
أمريكا في مواجهة ' التنين' الصيني
يمني برس – بقلم – طه العامري ذات يوم من أيام ' أمريكا والبيت الأبيض' التقى الرئيس الأمريكي ' بوش _الابن' بالرئيس الأمريكي الأسبق 'جيمي كارتر' الذي كان قد افتتح مركز ' كارتر للدراسات'، اللقاء كان بناء على طلب من ' بوش' الذي كان يبحث عن إجابة على سؤال يعتمل في تفكيره، ونصحه ثعلب السياسة الأمريكية خلال الحرب الباردة' هنري كيسنجر' بأن يلتقي بـ 'كارتر 'ويسأله عما يشغله ويشغل الدولة العميقة في أمريكا ومراكز أبحاثها..! في إحدى شرفات البيت الأبيض والتي تفصل بين قاعتي ' لينكولن' و'إيزنهاور' وتطل على حديقة البيت الأبيض.. كانت الشرفة قد خصصت لاستراحة الرئيس وكبار مستشاري الأمن القومي، حين يكون الرئيس منهمكاً بقضية ما مرتبطة بالأمن القومي الأمريكي..! في تلك الشرفة قابل الرئيس 'بوش' الرئيس الأسبق ' كارتر' وأحد أكثر رؤساء أمريكا ثقافة ومعرفة وخبرة وقدرة على استشراف آفاق التحولات الجيوسياسية.. قبل أن ' يرتشف كارتر' رشفة من كأس ' القهوة – إسبرستو' الذي وضع أمامه، كان الرئيس ' بوش' يوجه سؤالاً أرهق تفكيره، وأربك مستشاريه في مكتب الأمن القومي، فيما مراكز الدراسات ما انفكت في تفسيره دون أن تصل إلى جوهر الإجابة عنه..! كان سؤال 'بوش' لرئيسه الأسبق : لماذا تتقدم' الصين ' بهذه الطريقة الدرامية المضطردة، فيما نحن نقف على 'خط الدفاع'؟! رد ' كارتر' على سؤال رئيسه، بسؤال آخر، قائلاً : سيدي الرئيس إذا عرفت الإجابة، هل بمقدورك ' إعادة' النظر باستراتيجية البلاد الخارجية؟ الرئيس 'بوش' إن كانت هذه ' الإعادة' تخدم أمننا القومي فلم لا..! 'كارتر' سيدي الرئيس : خلال العقود الماضية أنفقت أمريكا أكثر من' ستة وثلاثين ألف مليار' على حروبها الخارجية، فيما ' الصين' منهمكة في تنمية قدراتها وهذا ما انعكس على وضعها اليوم.. لم تنشغل 'الصين' بما انشغلنا فيه، لم تحارب دولاً، ولم تساهم في الانقلابات، ولم تشارك في إسقاط أنظمة، ولم تتدخل بشؤون دول وأنظمة العالم، لا بواسطة الحكومة وأجهزتها، ولا عبر شركاتها ورجال أعمالها، كما هو الحال مع أمريكا.. يقول المفكر والفيلسوف الأمريكي الذي رحل عن الدنيا العام الماضي 'نعوم تشومسكي' : إن لقاء 'بوش' – ' كارتر ' الذي كان مخصصاً له ' 20 دقيقة' من وقت الرئيس، امتد ' لثلاث ساعات ونصف' قدم خلال هذا الوقت 'كارتر' إحصائيات دقيقة وموثقة عن حالة الاقتصاد الأمريكي، وما أنفقته أمريكا في الصراعات والحروب الخارجية، وما قدمته لأطراف هذه الصراعات، كما قدم احتياجات أمريكا الداخلية المتعلقة بتحديث البنية التحتية للمرافق الخدمية فيها، التي تبدأ من تجديد وتحديث شبكة الهاتف الثابت، وتجديد وتحديد شبكات خطوط الكهرباء، وتجديد وتحديث الطرقات، وشبكات السكك الحديدية، والموانئ والمطارات، والمرافق والمباني الخدمية الاتحادية والفيدرالية، وقدرة احتياجات أمريكا لتحقيق كل هذا خلال عشرة أعوام، تبدأ من لحظة لقاء ' بوش _كارتر ' بقرابة' عشرة تريليونات دولار '.. لم تؤخذ نصائح' كارتر ' فبعث بعدها بعام برسالة مطولة للرئيس' بوش ' جدد فيها رؤيته محذراً من' شيخوخة 'شاملة تواجه أمريكا، وترهل حضاري، لا ينطبق عليه علم' الشد ' ولن تنفع معها كل أدوات ومستحضرات التجميل . غادر' بوش 'البيت الأبيض، وجاء آخر، وآخر بعده، ورحل عن الدنيا ' كارتر 'و' كيسنجر' وحتى 'نعوم تشومسكي'..! جاء ' ترمب' فكانت فترة رئاسته الأول منسجمة مع أغنية عربية تقول 'الحب الأول تجربة'..! خلفه 'بايدن 'فكانت أزمة ' الكابيتول' المؤشر الأول لبدء ' ترهل' امبراطورية الليبرالية و' عاصمة العالم الحر'..! ' بايدن' 'الصهيوني ' والقائل' لو لم توجد الصهيونية لأوجدانها' اعتمر' القلنسوة'، وذهب لمنازلة ' التنين' و'الدب الروسي' وجعل' من ' زيلينسكي' الدمية والبطل ' في مسرحية درامية تجسد درامية 'عقدة أوديب' أبطالها يرجون التوبة ولكنهم يفصلون العقاب كلاً كما يرغب أن يكون عقابه..! من أفغانستان والعراق إلى' غزة ' التي دقت آخر مسمار في كرسي عرش' بايدن' فرحل مدثراً' بعار غزة ' وفضيحة أوكرانيا..! عاد ' ترمب ' ولكنها عودة مختلفة، عودة مجبولة بنشوة الانتصار، ورغبة الانتقام، ولكن وفق جدلية ' الربح والخسارة'.. لكنه تاجر والسياسة بنظره تجارة ' ولأنه كذلك أدرك أزمة بلاده ، التي تقف، في مواجهة' التنين الصيني '، مواجهة تبدأ من' شريحة الهاتف ' إلى' تقنية الفضاء 'وبينهما آلاف القضايا المعقدة بأبعادها الاقتصادية والتجارية، والعسكرية، والسياسية، والعلمية، والمعرفية، وعليها تخوض الدولتان معركة تنافسية، ظاهرها تجاري واقتصادي، لكن أبعادها الجيوسياسية حافلة بالأخطار والمخاطر..! بين ' توحش أمريكا الترامبية ' وسعيها لفرض أمر واقع في الشرق الأوسط، وأوروبا، وعلى تخوم جغرافية روسيا وأوكرانيا.. يبدو ' التنين الصيني' أكثر هدوءاً وسكينة، يتعامل مع كل الظواهر المحيطة به بأعصاب فولاذية، رغم إدراكه أنه المستهدف من كل هذا التوحش، إلا أن ثقافة 'اليوجا ' وحكم' كونفيشوس ' منحت هذا 'التنين' مناعة وحصانة، مكنته من المضيء ببط، ولكن بثبات، بحكمة، ولكن دون تمكين الخصم من إعاقة حركته..! من 'أفغانستان' غادرت أمريكا، لم تترك ' كيس دقيق، ولا أرز، ولا زيت'، ولكنها تركت فيها ' أسلحة بالمليارات' ومن أحدثها، وكأن أملها، أن تكون تلك' الأسلحة' وقوداً لـ(حركة طالبان)، كي تشق طريقها ومجاهديها، عبر النفق الحدودي، الرابط بين أفغانستان وبين أكبر 'الأقاليم الإسلامية الصينية ' لكن ' طالبان' 2020م تختلف عن تلك التي كانت وحاول العالم 'شيطنتها'، فعملت على تطبيع علاقتها بجيرانها من 'بكين' إلى 'موسكو'..! تركت 'الصين' خصمها اللدود يذهب بطريق العربدة دون اعتراض، وكثيراً ما كانت تفسح له الطريق..! سقطت 'دمشق 'حليفة' بكين ' فرد' التنين ' الفاكهة اليانعة إن سقطت من شجرتها دعها فلم تعد صالحة '..! فزادت بالمقابل توغلاً وارتباطا بـ' دول الخليج ' و' أفريقيا' و' دول آسيان '..! 'تايوان 'ومضيقها وبحر الصين، نطاقات محسومة الانتماء.. تدرك واشنطن هذه الحقيقة.. فكانت ' التعريفة الجمركية ' أداة مبتكرة من أدوات الصراع، لكنها زادت من برودة أعصاب' التنين '..! وفتحت له آفاقاً لطريق لم يكن يتوقع سهولة اجتيازها، فدفعت' تعريفة ترمب ' أوروبا ' للاحتماء بـ' سور الصين العظيم '..! ' تتلذذ بكين ' بـ' جموح حصان الكابوي' وتدفعه بصمتها نحو مزيد من 'الحماقات' وتريده يسقط ذاتيا دون أن يضطرها' لإطلاق رصاصة الرحمة' على الطريقة الأمريكية، بل تريده يسقط على طريقة' كونفيشوس ' ووفق حكمة ' الحصان الجامح يقتل نفسه وصاحبه '..! تبقى' غزة ' بما يجري فيها بنظر' بكين ' بمثابة' مقبرة ' للقيم الأمريكية..!! غير ' إننا كعرب ومسلمين ' وفي سياق هذا الصراع الجيوسياسي، والتنافس القطبي، من يدفع تكاليف الصراع دماً، ودموعاً، و أموالاً، وآهات، وحسرات، وقهر، على مكانة تندثر، وقيم مكتسبة تنهار تحت'حوافر خيول المتنافسين '..!


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
ترامب يعلن عن اتفاق وشيك للهدنة.. حماس تسلم ردها على الاقتراح الأمريكى.. و«ويتكوف»: غير مقبول على الإطلاق
أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن حماس وإسرائيل تريدان الخروج من الفوضى، معلنا من مكتبه فى البيت الأبيض، أن الطرفين قريبان جدا من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وموضحا أن هناك فرصة لذلك سيتم الإعلان عنها خلال الساعات القليلة المقبلة. جاء ذلك فى الوقت الذى انتقد المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف رد حركة حماس على الاقتراح الأمريكى فى شأن وقف إطلاق النار فى غزة، الذى أعلنت فيه أنها ستفرج عن 10 محتجزين أحياء. وكتب ويتكوف على منصة «إكس» «إنه غير مقبول على الاطلاق، ويعيدنا إلى الوراء، وعلى حماس أن تقبل بالاقتراح الذى قدمناه كأساس لإجراء مفاوضات يمكن ان نبدأها من الأسبوع المقبل». يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه حركة حماس، أمس، أنّها سلّمت الوسطاء ردّها على الاقتراح الأمريكى لهدنة فى قطاع غزة، بينما أوضح مصدر فى الحركة أن الردّ «إيجابى»، لكنه يشدد على «ضمان وقف دائم لإطلاق النار» والانسحاب الإسرائيلى الكامل، والإفراج عن الأسرى العشرة على ثلاث دفعات. ويتطابق عدد الرهائن الأحياء والأموات الذين أبدت حماس استعدادها لتسليمهم مع العدد الذى تضمّنه الاقتراح الأمريكى الذى تقدّم به الموفد للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وفى بيان نُشر أمس السبت، قالت حماس : إنّه فى إطار الاتفاق، سيتمّ إطلاق سراح 10 من أسرى الاحتلال الأحياء لدى المقاومة، إضافة إلى تسليم 18 جثمانا، مقابل عدد يُتّفق عليه من الأسرى الفلسطينيين». وأشار البيان إلى أن الهدف يبقى «وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا شاملا من قطاع غزة، وضمان تدفّق المساعدات إلى شعبنا وأهلنا فى القطاع». ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم الذين نفذته الحركة على الدولة العبرية، لا يزال 57 فى غزة، بينما أكد الجيش وفاة 34 منهم على الأقل. وفى سياق متصل، وصفت الأمم المتحدة الوضع فى غزة بأنه الأسوأ منذ بدء الحرب على غزة قبل 19 شهرا، على الرغم من استئناف التسليم المحدود للمساعدات فى القطاع الذى تلوح فيه المجاعة وقال المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك: «من الجيد وصول أى مساعدات إلى أيدى المحتاجين»، لكنه أضاف أن عمليات تسليم المساعدات «ليس لها تأثير يذكر» حتى الآن بوجه عام. ومن جانب آخر، أفاد موقع «والا» الإخبارى بأن جيش الاحتلال هجّر أكثر من 250 ألف فلسطينى من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين فى محافظة شمال قطاع غزة، إلى ما أطلق عليها اسم «مناطق الإيواء». ميدانيا، شنت قوات الاحتلال أمس، غارات جوية وقصفا مدفعيا على المناطق الشرقية والشمالية لمدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة بعد ساعات من ارتكابها مجزرة بحق نازحين فى المدينة، فى حين استشهد 49 فلسطينيا فى غارات إسرائيلية، خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
شخصية ترامب من منظور علم النفس السياسى (1-4)
كتب كثيرون أن الرئيس دونالد ترامب يعد ظاهرة فريدة فى عالم السياسة، وأثار سلوكه غير المألوف والمفاجئ فى كثير من الأحيان اهتمام الباحثين، وخصوصا فى مجال علم النفس السياسي، وسعوا لتفسير هذه السلوكيات فى ضوء سماته الشخصية،وتكوينه النفسي،والعوامل التى أثرت عليه. وظهر عديد من الكتب والبحوث العلمية فى المجلات المتخصصة حول السمات الشخصية لترامب، بناء على سلوكه ومواقفه وكيفية تعامله مع الآخرين. يتفق الباحثون على أن السمة الرئيسية لشخصية ترامب هى « النرجسية»، وهو مفهوم مُتفق عليه فى علم النفس يشير إلى حب الذات المفرط، والثقة بالقدرة على الإنجاز وحل المشاكل المستعصية، والشعور بالتفرد والاستثنائية، وأحيانا بالعظمة التى تستحق الاهتمام الدائم من جانب الآخرين. لذلك، فإن الأشخاص ذوى النزعة النرجسية يسعون إلى جذب أنظار الآخرين لهم والاستماع إلى مديحهم وإطرائهم. فى ضوء ذلك، يمكن تفسير كثرة حديث ترامب عن إنجازاته وشخصه، حتى أنه -وقبل أن يصبح رئيسا-حرص على وضع اسمه على كل ممتلكاته من ناطحات السحاب وشركات وكازينوهات. وتشير إحدى الدراسات إلى أنه فى الكلمة التى ألقاها فى حفل تأبين والده عام 1999، فقد تحدث ترامب كثيرا عن نفسه، معتبرا أن اهم إنجازات الأب الراحل هو إنجابه ابنًا «لامعًا ومشهورًا» مثله. يهدف ترامب إلى تعزيز صورته كشخصية عظيمة وناجحة وقوية، قادرة على إنجاز ما فشل الآخرون فى تحقيقه.ومن العبارات الدالة على تركيبته، ما كتبه على موقع «سوشيال تروث» يوم 19 فبراير 2025، بعد نجاحه فى توفير الأموال اللازمة لتطوير نظام النقل الجماعى المتهالك فى نيويورك، فقد وضع صورته وكتب أعلاها « لقد تم إنقاد مانهاتن وكل نيويورك...عاش الملك»، وذلك إشارة لنفسه. وجدير بالذكر أن الصفحة الرسمية للبيت الأبيض على موقع إكس، نشرت صورة لترامب وعلى رأسه تاج ملكى كُتب عليها «يحيا الملك». ترتبط سمة النرجسية بأربع سمات أخرى، وهي: 1.الانبساطية المنفتحة جدًا والاجتماعية إلى حد كبير Extroversion، يظهر ترامب كشخص اجتماعى صاخب يستمد طاقته من التفاعل مع الناس والأضواء، ويستمتع بها فهو دائم الحضور والحركة ومليء بالحيوية، لا يكاد يهدأ أو يتوقف عن النشاط والعمل. أكد ترامب ذلك فى كتابه فن الصفقة، عندما ذكر أنه يمضى أيامه غارقًا فى الاجتماعات والمكالمات ولا يحتاج إلا لقليل من النوم. هذه الطاقة الجامحة ترتبط برغبة شديدة فى تحقيق المكاسب والمتعة، فالشخص المنفتح عادة ما يبحث عن الإنجازات والشعور الإيجابي، الذى يتحقق من خلال الاستحسان الاجتماعي،والشهرة، والثروة. 2.انخفاض درجة التوافق الاجتماعى والتعاطُف مع الاخرينlow social Agreeability and empathyوالسعى لفرض رغباته وآرائه عليهم، والذى يصل أحيانا لدرجة العداء والميل إلى الخشونة والمواجهة. فتشير الدراسات إلى أن ترامب يفصح عن سلوك عدائى بصورة ملحوظة، ويتسم أسلوبه العام بخشونة الطباع وقلة المجاملة، فهو يعطى الأولوية لما يؤمن به من أفكار وما يدافع عنه من مصالح، ويكون على استعداد لمواجهة الآخرين حتى وإن كانوا من الحلفاء والأصدقاء، ويتبع سلوكا هجوميًا ما لم تتم الاستجابة لمطالبه. وينطبق نفس الشيء فى التعامل مع معاونيه والعاملين معه، إذا لم يقوموا بعملهم على النحو الذى يرغبه، فيتعرضون لنقده اللاذع وسخريته الحادة. وباختصار، فإن قدرة ترامب على التعاطُف مع الآخرين محدودة خاصة إذا تعارضت وجهات نظرهم مع سرديته الذاتية، وذلك باعتبار أنه على حق، وأنه هو «الفائز الدائم». 3. الحساسية الشديدة تجاه النقد، والميل إلى الغضب ورد الفعل العنيف. فهو سريع الاستثارة إذا تعرّض للانتقاد، ويرد «الصاع صاعين»، مستخدما أشد عبارات الهجوم والسخرية بما فى ذلك إضحاك الجمهور عبر النكات والألقاب الساخرة التى يطلقها على منتقديه ومعارضيه، وذلك لإظهار تفوقه وهيمنة شخصيته. وتفاخر أكثر من مرة، بانه لا يدع هجوما شخصيا عليه يمر دون رد. ويزداد سلوكه ضراوة فى حالة انتقاد أحد معاونيه السابقين له، ويستخدم فى وصفهم كلمات مثل «المختل» و»فاقد الاستقرار» و»الأحمق». ويمكن إرجاع حساسيته المفرطة للنقد إلى سمة النرجسية، والشعور بالتفوق والعظمة، وتوقع المديح والإطراء، واعتبار النقد تجاوزا غير مقبول وتعديا على مكانته ودوره. 4.الاكتفاء بالعموميات وعدم الدخول فى التفاصيل. فهو معروف بعدم رغبته فى الاطلاع على التقارير المطوّلة أو الدخول فى تفاصيلها، ويفضّل الملخصات الموجزة،أو عرض الموضوعات شفاهة عليه. وغالبا، لا يتقبل ما يجده فى أحد التقارير إذا كان يتعارض مع أفكاره وتصوراته المسبقة، ويصفه بالخطأ أو التحيز ضد سياساته. وفى ذلك تعبير عن اعتداد ترامب المطلق برأيه، وهو نادرًا ما يعترف بالخطأ أو يغيّر رأيه علنًا، حتى إذا كان قد غيره فى الواقع ولم يعد يشير إليه. وهكذا، يمكن تلخيص السمات الشخصية للرئيس ترامب فى نرجسية مفرطة تتجلى فى حب الظهور والعظمة وتوقع الإعجاب، وانفتاح اجتماعى عالٍ يجعله عاشقًا للتجمعات والجماهير وتوقع المكافآت المعنوية والمادية، وانخفاض مستوى التعاطف مع الآخرين وهو ما يظهر فى أسلوبه الصدامى مع المُخالفين له فى الرأى سواء كانوا خصومًا أو حُلفاء، وحساسية شديدة للنقد تدفعه للهجوم العنيف على من ينتقده، واندفاعية وثقة مطلقة بالحدس الشخصى له مع عزوف عن التفاصيل والآراء المُتخصصة الخبيرة التى لا تتماشى مع رغباته. هذه السمات فى مجملها تمثل نمطا لشخصية غير مألوفة تقود الدولة الأكثر تأثيرًا فى العلاقات الدولية والنظام الدولى الراهن.فما هى العوامل الشخصية والاجتماعية التى أحاطت بحياة ترامب فى الطفولة والشباب والتى أكسبته تلك السمات؟ وهذا هو موضوع مقال الأسبوع القادم إن شاء الله.