
كيف نبني الأردن بعد قرن من إنشائه: التحديات الاقتصادية والاجتماعية ومعادلة الإصلاح الشامل (الحلقة الثانية)
يمر الأردن اليوم بمرحلة دقيقة من تاريخه، حيث تتشابك التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية لتشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرته على تحقيق التنمية المستدامة في مئويته الثانية. فرغم ما يتمتع به من استقرار نسبي في منطقة مضطربة، إلا أن الضغوط الداخلية والخارجية تتزايد، مما يستوجب مقاربة إصلاحية شاملة تعترف بالواقع كما هو، وتبني على عناصر القوة المتاحة.
الواقع الاقتصادي الراهن
تشير المؤشرات الاقتصادية الرسمية إلى صورة مركبة ودقيقة. فمعدل البطالة العام يقترب من 21%، بينما تتجاوز نسبتها بين الشباب 40%، ما يعكس فجوة واضحة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. كما أن الدين العام بلغ مستويات تتجاوز 110% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يحدّ من قدرة الدولة على التوسع في الإنفاق التنموي. أما معدل النمو الاقتصادي، فقد تراوح في السنوات الأخيرة بين 2.5% و3% سنويًا، وهي نسبة أقل بكثير من المستوى المطلوب لاستيعاب أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل.
يظل العجز التجاري تحديًا كبيرًا، حيث يتجاوز 9 مليارات دولار سنويًا نتيجة اعتماد الاقتصاد على استيراد الطاقة والسلع الأساسية، وضعف قاعدة الصادرات ذات القيمة المضافة العالية. وفي الوقت نفسه، سجل معدل التضخم نحو 3–4% سنويًا، مما أثر على القوة الشرائية للمواطنين، بينما تشير تقديرات نسب الفقر إلى أنها تتراوح بين 24% و27% من السكان.
التحديات الاجتماعية والمعيشية
على الصعيد الاجتماعي، يتأثر جزء كبير من المواطنين بارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل القدرة الشرائية، خاصة مع زيادة أسعار الطاقة والغذاء. وتعمّق الفجوة التنموية بين العاصمة والمحافظات حالة عدم التوازن في توزيع الفرص، مما يثير إحساسًا بعدم العدالة الاجتماعية لدى العديد من الفئات. ورغم أهمية برامج الحماية الاجتماعية القائمة، إلا أنها بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة تربط الدعم المادي والعيني ببرامج إعادة التأهيل والتدريب، بحيث تتحول من مجرد مساندة مؤقتة إلى أدوات لتمكين اقتصادي فعلي.
من جانب آخر، تؤثر التغيرات الاجتماعية والثقافية بفعل العولمة والتكنولوجيا على منظومة القيم والسلوكيات، مما يستدعي تعزيز الهوية الوطنية الجامعة وترسيخ قيم المواطنة، باعتبارها الضمانة الأولى للسلم المجتمعي في ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة.
التحديات الجيوسياسية وتأثيرها الاقتصادي
لا يمكن فصل الواقع الاقتصادي الأردني عن محيطه الجيوسياسي المعقد. فالاضطرابات الإقليمية، واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وغزة، وأزمات اللجوء الممتدة، كلها عوامل تضيف أعباءً مباشرة على البنية التحتية والخدمات، وتزيد من التكاليف الأمنية والاجتماعية، ما يقلص من قدرة الدولة على توجيه موارد أكبر للتنمية والإصلاح.
نحو المئوية الثانية
الأردن أمام فرصة لإعادة صياغة مساره الاقتصادي والاجتماعي، بشرط أن تتكامل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية في آن واحد. فنجاح الإصلاح الاقتصادي مرهون بتمكين المواطن وضمان عدالة توزيع الفرص، وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع. إن بلورة عقد اجتماعي جديد، يوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والحماية الاجتماعية، هي الضمانة الحقيقية لعبور الأردن إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار في مئويته الثانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 31 دقائق
- جفرا نيوز
البنك الأردني الكويتي يحتفل بتخصيص كامل عوائد أول سند أخضر في الأردن
جفرا نيوز - أقام البنك الأردني الكويتي حفلاً رسمياً في مقره الرئيسي للإعلان عن نجاحه بتخصيص كامل عوائد أول إصدار سند أخضر في الأردن، والذي بلغ قيمته 50 مليون دولار أمريكي، وبإطلاق تقريره الأول للتمويل المستدام لعام 2024، في خطوة تُعد إنجازاً جديداً يضاف لمسيرة البنك نحو الاستدامة والتمويل الأخضر. وحضر الحفل أعضاء لجنة الاستدامة على مستوى مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي للبنك الأردني الكويتي، هيثم البطيخي، إلى جانب ممثلين عن مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وشركائها العالميين، من ضمنهم برنامج التمويل المناخي المختلط بين كندا و"التمويل الدولية"، وبرنامج تسهيلات تنمية القطاع الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الممول من هولندا،. ويُشكل تخصيص عوائد أول إصدار سند أخضر في الأردن نقطة تحول حقيقية ليس فقط للبنك الأردني الكويتي، بل للقطاع المالي بأكمله في المملكة. وقد قام البنك بتوجيه كامل عوائد هذا الإصدار إلى مشاريع إدارة الموارد المائية ومعالجة المياه العادمة في المملكة، حيث تساهم هذه المشاريع في تحقيق أهداف الأردن الوطنية للنمو الأخضر وبما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي (2021-2025). كما يؤكد إطلاق أول تقرير للتمويل المستدام لعام 2024 التزام البنك بأعلى معايير الشفافية والمساءلة، إذ يُبرز التقرير آلية تخصيص العوائد وأثرها البيئي والاجتماعي، بالإضافة إلى استعراض نهج البنك في التمويل المستدام التي ترتكز على ممارسات ومعايير دولية رائدة. ويُجسّد هذا التوجه التزام البنك المستمر بدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويعكس رؤيته بأن البنوك قادرة على أن تكون أدوات فعالة في مواجهة التحديات المناخية والبيئية. وقد تم تدقيق تقرير التمويل المستدام من قبل شركة "إرنست ويونغ" (EY)، والتي قدمت شهادة تدقيق تؤكد أن عملية تخصيص العوائد جاءت متوافقة مع المعايير الدولية للسندات الخضراء، وأن المشاريع الممولة تحقق آثاراً بيئية واضحة في مجال إدارة الموارد المائية المستدامة. ويمثّل هذا الإصدار خطوة رائدة على مستوى السوق الأردني ، كونه أول إصدار من نوعه يحقق تخصيصاً كاملاً للعوائد. ويفتح هذا الإنجاز المجال لتوسيع أدوات ومنتجات التمويل الأخضر في المملكة، وتنمية سوق رأس المال للتمويل الأخضر ويعزز من جاذبية الأردن للاستثمارات المستدامة.


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
الأخوة الأردنية القطرية في الأعيان تلتقي السفير القطري
الوكيل الإخباري- التقت لجنة الأخوة الأردنية القطرية في مجلس الأعيان، برئاسة العين خولة العرموطي، اليوم الاثنين، السفير القطري لدى المملكة الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني. اضافة اعلان وأكدت العين العرموطي، متانة العلاقات الأردنية القطرية وعمقها التاريخي، مشيرة إلى أنها تمثل نموذجا متميزا قائما على الاحترام المتبادل، بفضل قيادة البلدين الشقيقين، التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني وأخوه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأعربت عن اعتزازها بمستوى العلاقات الثنائية وانعكاساتها الإيجابية على الاستثمارات القطرية في الأردن، إضافة إلى التعاون المشترك في المجالات البرلمانية والتعليمية والاقتصادية والصحية وغيرها. وثمنت العين العرموطي المواقف المشتركة التي تجمع الأردن وقطر تجاه القضايا الإقليمية والعربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والدعم المستمر الذي يقدمه البلدان للشعب الفلسطيني في غزة على المستويين الإنساني والسياسي. من جهته، أعرب السفير القطري عن اعتزاز بلاده، قيادة وحكومة وشعبا، بمواقف الأردن المشرفة، مؤكدا توافق الرؤى السياسية بين الدوحة وعمان تجاه مختلف القضايا العربية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي هي قضية وجدان عربي والوصاية الهاشمية، التي تعتبر ركيزة أساسية. وأشار إلى أن الاستثمارات القطرية في الأردن تجاوزت حاجز الـ4 مليارات دولار، آملا بزيادتها بفضل البيئة الاستثمارية الجاذبة التي توفرها المملكة، لافتا إلى أن المنحة القطرية وفرت نحو أكثر من 20 ألف فرصة عمل مخصصة للأردنيين في مختلف القطاعات. وأكد السفير القطري أنه خلال العام الحالي جرى استقطاب نحو 600 معلم أردني، ولذلك لكفاءة المعلم الأردني، منوها إلى أن اللجنة العليا المشتركة بين الأردن وقطر ستعقد اجتماعا خلال شهر أيلول المقبل. بدورهم، أشاد أعضاء اللجنة الحضور بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه العلاقات الأخوية الأردنية القطرية في جميع المجالات، وخاصة التعاون العسكري وفي مجال التعليم والتدريب.


هلا اخبار
منذ ساعة واحدة
- هلا اخبار
الاستثمارات القطرية في الأردن تتجاوز حاجز الـ4 مليارات دولار
هلا أخبار – التقت لجنة الأخوة الأردنية القطرية في مجلس الأعيان، برئاسة العين خولة العرموطي، اليوم الاثنين، السفير القطري لدى المملكة الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني. وأكدت العين العرموطي، متانة العلاقات الأردنية القطرية وعمقها التاريخي، مشيرة إلى أنها تمثل نموذجا متميزا قائما على الاحترام المتبادل، بفضل قيادة البلدين الشقيقين، التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني وأخوه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأعربت عن اعتزازها بمستوى العلاقات الثنائية وانعكاساتها الإيجابية على الاستثمارات القطرية في الأردن، إضافة إلى التعاون المشترك في المجالات البرلمانية والتعليمية والاقتصادية والصحية وغيرها. وثمنت العين العرموطي المواقف المشتركة التي تجمع الأردن وقطر تجاه القضايا الإقليمية والعربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والدعم المستمر الذي يقدمه البلدان للشعب الفلسطيني في غزة على المستويين الإنساني والسياسي. من جهته، أعرب السفير القطري عن اعتزاز بلاده، قيادة وحكومة وشعبا، بمواقف الأردن المشرفة، مؤكدا توافق الرؤى السياسية بين الدوحة وعمان تجاه مختلف القضايا العربية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي هي قضية وجدان عربي والوصاية الهاشمية، التي تعتبر ركيزة أساسية. وأشار إلى أن الاستثمارات القطرية في الأردن تجاوزت حاجز الـ4 مليارات دولار، آملا بزيادتها بفضل البيئة الاستثمارية الجاذبة التي توفرها المملكة، لافتا إلى أن المنحة القطرية وفرت نحو أكثر من 20 ألف فرصة عمل مخصصة للأردنيين في مختلف القطاعات. وأكد السفير القطري أنه خلال العام الحالي جرى استقطاب نحو 600 معلم أردني، ولذلك لكفاءة المعلم الأردني، منوها إلى أن اللجنة العليا المشتركة بين الأردن وقطر ستعقد اجتماعا خلال شهر أيلول المقبل. بدورهم، أشاد أعضاء اللجنة الحضور بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه العلاقات الأخوية الأردنية القطرية في جميع المجالات، وخاصة التعاون العسكري وفي مجال التعليم والتدريب. ودعوا إلى رفع حجم الاستثمارات القطرية في الأردن، مؤكدين أهمية استمرار تنسيق الجهود المشتركة لدعم أهالي قطاع غزة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني. كما التقت لجنة الأخوة البرلمانية الأردنية – القطرية، برئاسة النائب عوني الزعبي، وبحضور مساعد رئيس مجلس النواب النائب هدى نفاع، اليوم الاثنين، السفير القطري في عمان الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني والوزير المفوض حمد بن جاسم المحمود، حيث جرى بحث سبل تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، لا سيما البرلمانية والثقافية والاقتصادية. وأكد الزعبي على متانة العلاقات الأردنية القطرية التاريخية والراسخة، التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبدالله الثاني وأخوه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشددا على أهمية تفعيل التعاون البرلماني وتبادل الآراء والمواقف ذات الاهتمام المشترك. وأشار إلى ضرورة توسيع مجالات التعاون الاستثماري، خصوصا في قطاع الطاقة المتجددة والغاز المسال، والاستفادة من تبادل الخبرات في هذه القطاعات الحيوية، معربا عن تقديره للجهود القطرية الداعمة للأردن، وتطلعه لمزيد من فرص العمل للأردنيين المؤهلين في السوق القطري. من جانبهم، أكد النواب، جميل الدهيسات، ورانيا أبو رمان، وديمة طهبوب، ونور أبو غوش، ونجمة الهواوشة، أهمية تعزيز العمل البرلماني المشترك والتبادل الثقافي، إلى جانب الترويج للسياحة التعليمية والعلاجية بين البلدين. بدوره، جدد السفير القطري الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني، تأكيد بلاده على دعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، مشيرا إلى الموقف الثابت لقطر في دعم القضية الفلسطينية. وأكد عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشيدا بالكفاءات الأردنية العاملة في قطر وما تتمتع به من خبرة ومصداقية ونزاهة.