
هل تحفز الأرقام القياسية في بورصة المغرب مزيداً من الطروحات؟
في نهاية العام الماضي، كان المؤشر الرئيسي "مازي" عند 14773 نقطة، والآن يُحلق فوق 19 ألف، ما يجعل مكاسب سوق الأسهم في المملكة تتجاوز حتى العاشر من أغسطس 34% منذ بداية العام. وبات اختراق المؤشر لسقف 20 ألف نقطة مسألة وقت فقط.
هذه القفزة جعلت القيمة السوقية للبورصة تتجاوز لأول مرة حاجز تريليون درهم في الشهر الماضي، وأضافت حتى الآن أكثر من 30 مليار درهم فوق ذلك لتحافظ على مكاسبها وتمضي نحو تحطيم رقم قياسي جديد.
أما أعداد المستثمرين فهم كثيرون وخصوصاً الأفراد. ففي الشهر الماضي تم طرح أسهم شركة "فيسين" للتجهيزات الطبية بـ500 مليون درهم (55 مليون دولار) وتلقت طلبات بقيمة 32 مليار درهم بمعدل تغطية ناهزت 65 مرة من طرف 37 ألف مستثمر من 56 جنسية. وخلال نفس الشهر، فتحت شركة "TGCC"، أكبر شركة بناء مُدرَجة، عملية رفع رأسمالها بقيمة 2.2 مليار درهم (234 مليون دولار) للجمهور، واستقطب أعداداً غير مسبوقة من المستثمرين: 82 ألف مستثمر من 65 جنسية بطلبات اكتتاب بقيمة 92.6 مليار درهم، بمعدل تغطية 42 مرة.
اقرأ أيضاً: ما هي مشاريع المغرب لاستضافة كأس العالم 2030؟
الرقم الضخم من قيمة الطلبات التي تلقتها شركة البناء يُوازي ما استقطبته الطروحات العامة الأولية في بورصة المغرب منذ 2022 بنحو 98.4 مليار درهم، ما يُبرز اهتمام المستثمرين بشركات قطاع الصحة التي تستفيد من تعميم التغطية الصحية، وقطاع البناء الذي يشهد زخماً مدعوماً بمشاريع ضخمة تنفذها البلاد استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030.
زخم كبير لا يجب تفويته
فريد مزوار، المدير التنفيذي لمكتب التحليل المالي والبورصة "إف إل ماركتس" (FLMarkets) يرى أن "الزخم الذي تشهده البورصة يُوفر فرصةً لا تُعوض للشركات التي تفكر في الإدراج للإسراع بذلك"، وقال إن "السنتين الحالية والمقبلة قد تشهد رقماً قياسياً من الطروحات، فهناك العديد من الشركات التي عبرت عن نيتها للطرح".
قد يهمك: بورصة المغرب تنهي النصف الأول من العام بأفضل أداء منذ 19 سنة
تستفيد البورصة المغربية هذا العام من توقعات نمو اقتصادي مرتفعة إذ سيتجاوز نمو الناتج المحلي 4%، مُقابل 3.8% العام الماضي، كما أن التضخم في مستوى متحكم فيه وهو أقل من المستهدف 2% منذ بداية العام، وأسعار الفائدة في مستويات منخفضة عند 2.25%، ما يدفع المستثمرين لترجيح كفة الاستثمار في الأسهم بعيداً عن السندات.
"البورصة تتمتع بقدرة فعلية على مواكبة المشاريع الاستثمارية الكبرى في المملكة، فضلاً عن دعم الشركات مهما كان حجمها" بحسب طارق صنهاجي، المدير العام لبورصة المغرب في مقابلة سابقة مع "الشرق"، ونوّه بأن "الشركات تكبر وتزدهر كلما التحقت بالبورصة، بما يُتيح لها فرصاً أوسع للنمو والتمويل، والمؤشر الرئيسي يحقق أرباحاً تفوق 30% ما يعكس ثقة المستثمرين في متانة الاقتصاد المغربي وآفاق تطور الشركات".
تسعى المملكة لحث المزيد من الشركات على إدراج أسهمها في البورصة وخصوصاً الصغيرة والمتوسطة. وتوفر البورصة شروطاً مُخففة لهذه الشركات التي لا تتجاوز إيراداتها 50 مليون دولار، من بينها خفض بنسبة 50% من الضريبة على الشركات لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى 50% للرسوم المطلوبة لإنجاز الطرح العام الأولي.
في المقابل، يُلاحَظ أن الطروحات التي تمت مؤخراً غابت عنها الحكومة، رغم أنها وضعت منذ سنوات برنامجاً لتفويت مساهماتها في عدد من الشركات عبر خيارات عدة من ضمنها الإدراج في البورصة أو تفويت حصص من شركات مُدرَجة. قال مزوار، في حديث لـ"الشرق": "الحُكومة مطالبة بالمساهمة في دينامية البورصة من خلال طرح شركات حكومية لتمويل خططها الاستثمارية، على سبيل المثال مجموعة 'ميناء طنجة المتوسط' أو شركة 'الخطوط الملكية المغربية' أو 'شركة الطرق السيارة'".
اقرأ أيضاً: ميناء طنجة المغربي يستثمر 500 مليون دولار لزيادة الصادرات نحو أوروبا
قال مزوار إن "الإدراج سيُغني الحكومة عن اللجوء إلى القروض الخارجية التي تُمثل مخاطر من حيث الفائدة المرتفعة واستنزاف العملة الصعبة".
تضع الحكومة سنوياً ضمن مشروع الميزانية توقعات الإيرادات من عمليات الخصصة، وضمن الشركات التي تُخطط لبيع حصص فيها: "مرسى المغرب" وشركة "اتصالات المغرب" وهما مُدرَجتان بالفعل. إضافة إلى فندق "المامونية" الشهير بمدينة مراكش، وشركة "الطاقة الكهربائية لتهدارت"، وشركة "الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية"، و"الشركة الوطنية لتسويق البذور".
طلب كبير وعرض قليل
تُعاني سوق الأسهم المغربية من نقطة ضعف رئيسية تتمثل في محدودية العرض مقابل الطلب المتزايد من المستثمرين. فالبورصة تضم حالياً 78 شركة مُدرجة فقط، في وقت لا يتجاوز فيه عدد الطروحات الجديدة عملية واحدة سنوياً تتم غالباً في النصف الثاني من العام. ورغم تحديد هدف طموح برفع عدد الشركات المدرجة إلى 300 بحلول 2035، فإن تحقيقه يتطلب إدراج شركتين جديدتين كل شهر على مدى العقد المقبل.
"الطروحات التي شهدها المغرب في السنوات الماضية حققت نجاحاً كبيراً وشجعت شركات أخرى على اتخاذ نفس المسار، وهو ما عزز ثقة المستثمرين"، بحسب فريد مزوار. لكنه أشار إلى أن "وتيرة الطروحات يجب أن ترتفع للاستفادة من الزخم المسجل حالياً".
ولم تشهد الشركات التي أُدرجت أسهمها في البورصة في السنوات أي تراجع يُذكر. في عام 2022 تم الطرح العام الأولي لـ"أكديطال"، أكبر مُشغلة للمستشفيات الخاصة في المملكة بسعر 300 درهم، ووصل بنهاية يوليو فوق 1500 درهم، أما بنك "سي إف جي" فتم طرح أسهمه عام 2023 بسعر 100 درهم وهو يُتداول حالياً عند 250 درهماً، أما شركة "فيسين"، وهي أحدث وافد إلى بورصة في يوليو الماضي، فقد تضاعف سعرها إلى 465 درهماً بداية الشهر الجاري.
اقرأ أيضاً: طرح "فيسين" في بورصة المغرب يستقطب أكبر طلبات اكتتاب منذ 2007
يأتي هذا الأداء في وقت تعززت ثقة المُستثمرين بشكل أكبر في ظل تنفيذ البلاد لمشاريع ضخمة تُقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 170 مليار دولار خلال السنوات الخمس المُقبلة قبل استضافة كأس العالم 2030، أغلبها في البنية التحتية إضافة إلى منشآت تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة وهو ما قفز بأسهم قطاعي البنوك والبناء، بحسب تقرير لـ"التجاري غلوبال ريسرش"، وحدة الأبحاث التابعة للتجاري وفا بنك، أكبر مصرف في المملكة.
وتستعد عدة شركات مغربية لطروحات أولية خلال السنوات القليلة المقبلة، من بينها "ديسلوك" (Dislog) العاملة بمجالات المواد الغذائية والصحية والنظافة، و"كاش بلس" (Cash Plus) وهي أكبر شركة تحويل أموال وتغيير العملات ودفع الفواتير في البلاد، إضافة إلى شركة "أونكوراد" (Oncorad) العاملة بالقطاع الصحي الخاص.
تقييم مبالغ لبعض الأسهم
أمام النمو المطرد لبورصة المغرب، تظهر من حين لآخر تحذيرات من تقييم مبالغ فيه لأسهم بعض الشركات. خلال الشهر الماضي، أصدرت شركة "سي آي إتش كابيتال مانجمنت"، التابعة لمصرف القرض العقاري والسياحي، تقريراً حذرت فيه من مخاوف بشأن التقييم المفرط لبعض القطاعات على رأسها البناء والرعاية الصحية"، ولم تستبعد حُدوث تصحيح في المدى القصير.
عبد الرزاق مغراوي، الرئيس التنفيذي لشركة "سرفل أسيت مانجمنت" قال إن هذا التحذير ليس بجديد، وأضاف: "ليست المرة الأولى التي يتم الحديث عن تقييم مبالغ فيه في البورصة وتوجهها نحو تصحيح"، وقال إن "الزخم الحالي يعتمد على أسس اقتصادية متينة وآفاق جيدة وثقة قوية من طرف المستثمرين".
اقرأ أيضاً: مجموعة "ديسلوك" المغربية تخطط لإدراج 4 شركات في البورصة
مغراوي، أوضح لـ"الشرق" أن بعض الشركات شهدت ارتفاعاً في أسهمها كان ذلك نتيجة النمو الكبير في أعمالها. من بين هذه الشركات، "أكديطال" المتخصصة في القطاع الصحي والتي بدأت بالاستثمار خارج المغرب بما في ذلك السعودية، بالإضافة إلى شركة "TGCC" التي لديها مشاريع تطويرية كبيرة قيد الإنجاز مرتبطة بكأس العالم 2030.
"هناك تحول ملحوظ في تفضيلات المُستثمرين في سوق الأسهم، لقد أصبحوا يميلون نحو الشركات التي تحقق نمواً ملموساً في أعمالها وتوسعاً في مشاريعها الاستثمارية"، بحسب مغراوي. وأضاف: "هذا الاتجاه يظهر بوضوح في إعلانات الشركات عن الصفقات والمشاريع الكبيرة وتأثيرها على حركة الأسهم، مما يعكس تحولاً في استراتيجيات الاستثمار نحو البحث عن فرص النمو المستدامة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 24 دقائق
- الرياض
كلمة الرياضجني الثمار
ليس من قبيل المصادفة أن تنجح المملكة في تفعيل برامج التقنيات الحديثة، لخدمة مؤسسات الدولة بهذه الصورة المبشّرة بمستقبل مزدهر، وليس من قبيل المصادفة أن تجني المملكة ثمار جهودها، وتتفوق على دول كبرى، في تطويع هذه البرامج بشكل مُبهر، معتمدةً على أجيال من المبتكرين والمخترعين القادرين على قيادة المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وذلك لأن كل ما تشهده المملكة من تطور مُدرجٌ في ثنايا مراحل رؤية المملكة 2030، التي راهنت على بناء دولة حديثة، يُشار إليها بالبنان. وفي وقت مبكر من تنفيذ برامجها، أدركت رؤية المملكة أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي في تفعيل التطور التقني السريع، وزيادة فرص الابتكار والنمو في المجالات كافة، ورفع الجودة، وزيادة الإمكانات، وكفاءة الأعمال، وتحسين الإنتاجية، فما كان من القائمين على الرؤية إلا أن أدرجوا «الذكاء الاصطناعي» ضمن الركائز السبع للتحول الاقتصادي الوطني، وخلال سنوات الرؤية، وإلى اليوم، والجهود الرسمية متواصلة لتفعيل هذه التقنيات بشكل ممنهج، ولم تنسَ الرؤية أن تحدد أهدافها من وراء هذه الجهود أن تصبح المملكة واحدة من أفضل عشر دول بالعالم في مجال أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مع استقطاب استثمارات بنحو عشرين مليار دولار، فضلاً عن إيجاد 200 ألف وظيفة عالية التقنية. ولم تتأخر مواسم جني الثمار، إذ حققت المملكة إنجازات ملموسة كان أبرزها تصنيفها ضمن أفضل عشرين دولة بالعالم من حيث كثافة المواهب في الذكاء الاصطناعي، متفوقة على دول متقدمة، مثل: إيطاليا وروسيا، وذلك وفقاً لمؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي، الذي أعلن أن لدى المملكة 0.4 % من إجمالي المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويضاف هذا الإنجاز إلى إنجاز آخر، حققته المملكة في العام الماضي بحصولها على المركز الـ14 عالمياً، والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي المعتمد من منظمة الأمم المتحدة، فضلاً عن تصدرها المركز الأول عالمياً في معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي وفقاً للمؤشر نفسه، وهو ما يؤكد أن المملكة هي الدولة الأسرع تقدماً في العالم في الذكاء الاصطناعي. وما كان للمملكة أن تتقدم في تفعيل برامج الذكاء الاصطناعي بهذا الشكل السريع والمذهل، لولا إصرار ولاة الأمر، ورغبتهم في اختصار الجهد والوقت في رحلة إعادة بناء المملكة الحديثة على مرتكزات صلبة وقواعد قوية، تنطلق منها صوب العالم الحديث والمتطور، الذي يوفر كل سبل الراحة لمواطنيه وزائريه.


الرياض
منذ 24 دقائق
- الرياض
استثمارات استراتيجية تدعم استدامة الغذاء
أكدت «سالك»، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، دورها المحوري كمستثمر وطني يقود التحول في قطاع الأغذية والزراعة، عبر استثمارات إستراتيجية تدعم استدامة الغذاء وتنويع مصادر الإمداد، وتُسهم في بناء منظومة غذائية متكاملة تربط بين المملكة والأسواق العالمية. ومنذ تأسيس «سالك» عام 2009، تبنّت الشركة نهجًا استثماريًا طويل الأمد، حيث تمتلك 13 استثمارًا موزعًا في 7 دول و5 قارات حول العالم، وتستهدف الشركة استثمارات نوعية في أسواق ذات ميز نسبية، وتمكين القدرات الوطنية، وبناء شراكات إستراتيجية؛ لإيجاد أثر على منظومة الأمن الغذائي وبالتالي الإسهام في رفع كفاءة الإنتاج وتحقيق التكامل عبر مختلف مراحل سلسلة القيمة الغذائية. وتتمثل رؤية «سالك» في أن الاستثمار في قطاع الأغذية والزراعة ليس مجرد نشاط اقتصادي، بل ركيزة إستراتيجية لتحقيق استدامة الإمدادات وتعزيز مرونة السوق المحلي، بما يدعم تطلعات المملكة نحو اقتصاد متنوع وآمن غذائيًا، وتمتلك الشركة القدرة على الوصول إلى أكثر من 20 مليون طن من السلع الإستراتيجية حول العالم من خلال استثماراتها الدولية، مما يعزز من مرونتها وسرعة استجابتها لأي طارئ -لا سمح الله-. وتواصل «سالك» مسيرتها في تحقيق إنجازات مالية على مدى الست سنوات الماضية، حيث تضاعفت قيمة الأصول المدارة خمس مرات لتتجاوز اليوم 27 مليار ريال سعودي وبمعدل نمو أرباح تقدر بــ 33 %. ويعكس هذا النمو المتسارع نجاح إستراتيجية «سالك» في بناء محفظة استثمارية فعالة ومتنوعة في قطاع الأغذية والزراعة، تركّز على تحقيق التوازن بين العائد الاقتصادي وتعزيز الأمن الغذائي.


صحيفة سبق
منذ 39 دقائق
- صحيفة سبق
السفير البرتغالي يتجول في مزاد الصقور الدولي بالرياض ويشيد بالموروث الثقافي السعودي
زار سفير جمهورية البرتغال لدى المملكة، نونو ماتياس، أمس الاثنين، فعاليات المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025، الذي ينظمه نادي الصقور السعودي في مقره بملهم شمال الرياض، بمشاركة نخبة من المزارع المحلية والدولية، ويستمر حتى 25 أغسطس الجاري. واستمع السفير البرتغالي لشرح من نائب الرئيس التنفيذي للنادي، أحمد الحبابي، حول فعاليات المزاد، والمزارع المشاركة، والموروث الثقافي العريق الذي يسعى النادي للحفاظ عليه. وتجوّل في أجنحة المزاد واطّلع على أبرز أنواع الصقور المعروضة وطرق العناية بها، وزار أجنحة المزارع المشاركة وأجنحة المستلزمات، إضافة إلى جناح "صقار المستقبل". ويعد المزاد، الذي يقام على مدى 21 يومًا، الحدث الأكبر من نوعه عالميًا، إذ يجمع نخبة سلالات الصقور المنتجة على مستوى العالم، ويشكّل وجهة سنوية للصقارين ومنتجي الصقور، في تجسيد لجهود المملكة في الحفاظ على إرث الصقارة التاريخي وتعزيز مكانته الثقافية والاقتصادية.