logo
التقابل بين الصهيونية والعروبة

التقابل بين الصهيونية والعروبة

جريدة الرؤية٠٣-٠٥-٢٠٢٥

د. عبدالله الأشعل **
الصهيونية أقدم من القومية العربية؛ حيث بدأت منذ العصور الوسطى وكانت إرهاصاتها ثقافية تسللت إلى المُقررات الدراسية في أوروبا وأحيانا كانت تتلون باللون الديني، لكنها كانت حركة انتهازية انحازت إلى الكنيسة أحياناً وإلى الملوك والأمراء أحياناً أخرى، شجعت الحروب الصليبية على العالم الإسلامي خاصة وأنَّ هذه الحروب امتدت من القرن التاسع الميلادي حتى القرن الخامس عشر، وركزت على فلسطين والأماكن المقدسة.
ارتبطت الحركة الصهيونية منذ نشأتها بالتدثُّر بالعاطفة الدينية، وبدأت تتحدث منذ العصور الوسطى عن مملكة داود وسليمان والرموز المقدسة في هذه المملكة وتتباكى على الأمجاد اليهودية في الأرض الموعودة المقدسة ومنها هيكل سليمان وجبل صهيون الذي نُسبت إليه هذه الحركة. وقد لعبت الحركة الصهيونية بالعواطف الدينية عند اليهود خاصة وهم يزعمون أن صراعهم مع الأمم الأخرى أدى إلى هدم الهيكل والرموز الدينية في مملكة داود وسليمان.
ومن الواضح أنَّه لا علاقة للفلسطينيين، وهم اليبوس العرب الذين سكنوا فلسطين منذ القدم وكانوا مع بنى إسرائيل في فلسطين، ولذلك عندما نجح موسى- عليه السلام- في إنقاذ بنى إسرائيل من فرعون مصر وعبر بهم إلى فلسطين، تحدث القرآن الكريم عن القوم الجبارين، وهم الفلسطينيين الذين هم أصل سكان فلسطين، وعندما أمرهم موسى بالدخول إلى فلسطين لاستعادة مكانتهم فيها بعد هجرتهم إلى مصر- في عهد نبي الله يوسف عليه السلام- عادوا إليها في عهد النبي موسى، وكالعادة جبنوا عن مُواجهة الفلسطينيين وقالوا قولتهم الشهيرة إن فيها قومًا جبارين ولن ندخلها حتى يخرجوا منها "
قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ
" (المائدة: 22)، وقالوا أيضًا لموسى "
إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ
" (المائدة: 24)، فكان طالوت رمز الكفر والوثنية، وكان جالوت رمز الإيمان، فكأن الإيمان انتصر على الكفر، وليس كما قال بعض السفهاء أن بني إسرائيل انتصروا على الفلسطينيين!
الحركة الصهيونية لعبت على العواطف الدينية المفتعلة وعلى نسيج من التاريخ المزيف، إضافة إلى أنَّ هذه الحركة حركة علمانية لا علاقة لها بالدين، ثم إنَّ هذه الحركة عنصرية لأنها تفترض سُّمو اليهود على غيرهم من الأمم الأخرى كما إن هذه الحركة تخلط بين الدين وبين السياسة عندما تقول إن اليهودية ديانة وهوية قومية معًا. ولعبت الحركة الصهيونية على الفكرة القومية التي ظهرت في القرن التاسع عشر في أوروبا التي تعتبر اليهود شعباً وأن هذا الشعب ينخرط في قومية، وهي القومية اليهودية فخلطت الحركة بين مختلف العناصر المتضادة والمتعاكسة.
الشريعة اليهودية تأبى كل الشعارات التي رفعتها الحركة الصهيونية ثم إنَّ الحركة الصهيونية نشطت في إيطاليا في القرن التاسع عشر عندما كان جوزيبي مازيني يرفع شعار القومية الإيطالية، لكي يوحد الجمهوريات الستة في إيطاليا.
ومن الواضح أن الحركة القومية اليهودية تركيب عنصري شاذ؛ فالحركة القومية الإيطالية تعمل على وحدة الأمة الإيطالية والحركة القومية الألمانية تهدف إلى توحيد الإمارات الألمانية في الأمة الألمانية على يد "أوتو فون بسمارك".
وفي نهاية القرن التاسع عشر تلقف المهاجرون العرب والمنفيون والمضطهدون العرب في أوروبا الخيط فبشروا بالقومية العربية على افتراض أن الأمة العربية أمة واحدة مزقها الاستعمار الغربي، مثلما تمزقت إيطاليا وألمانيا في عصور الإقطاع، وكانت الحركة القومية في أوروبا قد بدأت في القرن السادس عشر لإنشاء الدولة القومية الموحدة تحت سلطة الملك بعد أن تخلصت جيوش الملك من جيوش البابا والكنيسة.
وتأثرت الحركة الصهيونية بالعلمانية التي نشأت في أوروبا في ذلك الوقت فكأن الحركة الصهيونية حركة مشبوهة تفترض أن اليهود أمه وأنها تستحق أن يكون لها دولة ويبدو أن جذور فكرة القومية العربية كما فصلها ساطع الحصري في محاضراته في الستينيات من القرن الماضي في معهد الدراسات العربية في القاهرة قد تأثرت بالحركة الصهيونية مع فارق أساسي وهو أن اليهود ليسوا أمة ولا يجوز أن يكون لهم قومية أما العرب فهم أمة يجب أن يكون لهم قومية.
الحركة القومية اليهودية تسترت بالدين بينما هي حركة علمانية سياسية ارتبطت بالاستعمار الغربي واستعانت به لاغتصاب فلسطين.. والحركة القومية اليهودية تختلف تمامًا عن الحركة العربية في خمسة مواضع على الأقل:
الموضع الأول
أن الصهيونية حركة عنصرية استعلائية مرتبطة بالاستعمار بينما الحركة القومية العربية حركة ثقافية تحررية تهدف إلى تحرير الأمة العربية من الاستعمار والتفتيت.
ا
لموضع الثاني
أن الحركة الصهيونية تحالفت مع الاستعمار الغربي، بينما الحركة القومية العربية ترى أن الاستعمار الغربي هو سبب مأساة الأمة العربية وأن هذا الاستعمار يتحالف مع الصهيونية لاغتصاب فلسطين والهيمنة على الأمة العربية.
الموضع الثالث
أن الحركة الصهيونية تهدف إلى اقامة دولة لليهود في فلسطين وأنها اخترعت الأساطير التوراتية والتاريخية حتى تتلاعب بعواطف اليهود. بينما الحركة القومية العربية تهدف إلى اقامة الدولة الأمة على أرضهم العربية.
الموضع الرابع
أن الحركة الصهيونية والحركة القومية العربية حركة سياسية، ولكن الفارق بينما كبير، فأهداف الحركة القومية العربية مشروعة وأما أهداف الحركة الصهيونية هي أهداف إجرامية غير مشروعة وتهدف إلى اقتلاع العروبة من موطنها.
الموضع الخامس
أن الحركة الصهيونية استعانت بالاستعمار الذي رتب لها اقامة إسرائيل، لكي تكون رأس الحربة في الاقليم للمشروع الصهيوني، بينما الحركة القومية العربية تحالفت مع حركات التحرر الوطني في كل مكان ضد الاستعمار. ولذلك فإن الحركة الصهيونية حركة عنصرية كما قررت الأمم المتحدة ووضعتها في مصاف الجرائم ضد الإنسانية ويجب محاربتها ولذلك فإن هذا الوصف يتعلق بطبيعة الحركة وتاريخها وهيكلها ولا يجوز رفع هذا الوصف كما حدث عام 1991، لكي تطلق الحركة الصهيونية جميع أنشطة الابادة ضد الشعب الفلسطيني.
وطبيعيٌ أن الحركة الصهيونية تجد دعما وأنصارا في أوروبا وأن تجد الحركة القومية العربية عداءً في هذه الأوساط ونختم هذا المقال بالخلاصة، وهي أن هذه المنطقة لا تتسع للحق العربي والباطل الصهيوني معًا، وأن العروبة لا يمكن أن تُقتَلَع من موطنها، ولا يمكن للعرب أن يفرغوا من هويتهم العربية؛ لذلك يعادى الصهاينة كل الشرائع بما فيها الشريعة اليهودية ويحرفون كل الكتب المقدسة ويلجؤون بلا حياء لكل الأكاذيب.
ومهمة هذه المقالات أن تمهد الأرض لاقتلاع الصهيونية على الأقل في المنطقة العربية، وكما كانت الحركة الصهيونية فكرة انتقدها المعاصرون، فإن اقتلاع الصهيونية فكرة منطقية وسيُقدَّر لها الانتشار.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صورة اليهود في القرآن الكريم
صورة اليهود في القرآن الكريم

جريدة الرؤية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الرؤية

صورة اليهود في القرآن الكريم

د. عبدالله الأشعل ** الحديث عن بني إسرائيل واليهود منهم شغل حيزًا كبيرًا من القرآن الكريم. ونسارع في القول إنَّ الصهيونية مشروع سياسي، ولكن اليهودية شريعة مقدسة وهي طبقة من طبقات الإسلام تطبيقاً لقوله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " (المائدة: 5)، وقال أيضًا "إِ نَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ " (آل عمران: 19)، وقوله تعالى: " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ " (آل عمران: 85) ورغم المسافة الفاصلة بين الصهيونية واليهودية، فإنَّ رجال الدين من الصهاينة يستخدمون اليهودية لتحقيق الصهيونية بأكاذيب وتلفيقات تعودوا عليها. ونريد أن نوضح ما يقوله الصهاينة من مقولات من القرآن الكريم. المقولة الأولى "شعب الله المختار" من قوله تعالى " وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ " (البقرة: 47). وبالفعل الله سبحانه اختار بني إسرائيل لكي يبعث فيهم ومنهم موسى عليه السلام، وعددا من أنبياء الله، والله أعلم بنواياهم ومآلاتهم، وكان لا بُد أن يبدأ عصر الرسالات من بني إسرائيل ولم يقل المسلمون أنهم شعب الله المختار لمجرد أنَّ الله اعتبرهم الأمة الوسط ليكونوا شهداء على النَّاس من شعوب أخرى وكذلك لأنَّ الله اختار محمدا الرسول الكريم لكي يكون آخر الأنبياء والرسل ولكى يقول الله فيه (وإنك على خلق عظيم)، وأن القرآن الكريم آخر اتصال بين السماء والأرض وأن سنة الرسول الكريم مع القرآن الكريم هي المصدر الأساسي لكل تشريع. فالله قد وضع معيارا للفرد فقال الله سبحانه وتعالى إن الناس تتفاضل عنده بالتقوى وليس له شعب مختار كما أن الرسول الكريم قال أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا. أما تعدد الأنبياء في بني إسرائيل إضافة إلى عيسى عليه السلام؛ فهذا دليل ليس على القرب من الله، ولكن دليل على استعصاء حالتهم وكفرهم والحاجة إلى أكثر من رسول ورسالة، فإذا رأيت الأطباء يزدحمون على بيت المريض؛ فمعناه أنَّ الداء عضال واستدعى كل هذا العدد من الأطباء وليس ميزة للمريض أن يزدحم الأطباء على منزله. ولكن الله سبحانه اختار بني إسرائيل لأول رسالة امتحاناً لهم وفتنة لجموعهم وفي النهاية حكم الله عليهم بقوله في محكم الآيات:( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) وقوله تعالى: " فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا " (البقرة: 80)، وتحذير القرآن الكريم لرسولنا الكريم من اليهود والنصارى الذين حرفوا كتبهم المقدسة. وإذا كان اليهود قد ارتكبوا الجرائم التي سنفصلها فيما بعد، فإن الصهيونية أشد إجراما من اليهود وأداة جرائم الصهيونية أنهم ينسبون لليهودية كل جرائم الصهيونية. المقولة الثانية: أنه وهب فلسطين لهم لقوله تعالى " اسكنوا الأرض " (الإسراء: 104)، وهذا تفسير ينسب إلى الله ما لا يقصده، وهذا دأبهم. والحقيقة أنَّ الأرض كلها لله وأن الله لم يخصص أرضا مُعينة لشعب معين ولكنه خصَّ بالذكر المساجد والمسجد الحرام والمسجد الأقصى اللذين ورد ذكرهما صراحة في القرآن الكريم. والخلاصة أنه لا يجوز تفسير القرآن الكريم لغايات سياسية لأن اليهود لو كانوا عملوا بما في التوراة لكان الله رضي عنهم، ولكن ذمهم في آيات كثيرة وخصهم بالجرائم الآتية: التقول على الله سبحانه وتعالى. الكفر بالله. التحايل على الله في قصة البقرة وقصة السبت. أكل السحت. أكل مال الناس بالباطل. قتل الأنبياء. الادعاء بأنَّ لهم إله آخر غير إله البشر، وهذه صورة من صور كفرهم، فكما تقوَّل النصارى على عيسى ابن مريم، تقوَّل اليهود على موسى وهارون وأبسطها أن موسى عندما تركهم ليتلقى الألواح وترك فيهم أخاه هارون، عاد ليجدهم يعبدون العجل ويسألون موسي عن الأوثان التي يعبدونها أسوة بالأقوام الأخرى التي لم يُبعث فيها رسول ولم تصلهم رسالة، كما أنهم طلبوا من موسى أن يظهر أدلة نبوته وهذه صورة من صور كفرهم. " وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا " (النساء: 160). أكرمهم الله بأن بعث منهم أول رسول واختارهم وفضلهم بهذه الرسالة الأولى على العالمين، لكنهم فسروها تفسيرا مصلحيًا، إضافة إلى أنهم كفروا ثم آمنوا عدة مرات وعفى الله عنهم ولكنهم كفروا في النهاية وأعد لهم عذابا عظيما، وتحداهم الله إن كانوا صادقين بأن يتمنوا الموت وهو أعلم بخلقه ولذلك حسم القرآن الكريم هذه المسألة بأنهم لن يتمنوا الموت لأنهم أحرص الناس على أي حياة ويخافون من الموت ويثيرون الفتن؛ فالعيب فيهم لا في الشعوب التي يعيشون معهم وهم مضطهدون لسوئهم وليس لعبقريتهم كما زعم المشروع الصهيوني. ولو أنصفوا لأدركوا أن الله سبحانه يعلم كذبتهم الكبرى وهي ملكهم لأرض فلسطين؛ فالله سبحانه لا يوزع الأراضي حتى على الصالحين، فما بالنا باليهود الذين جعل منهم الله القردة والخنازير ولعنهم الله في القرآن الكريم، وذكر في القرآن الكريم أنه كتب عليهم الشتات، لقوله تعالى " وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا " (الأعراف: 168)، ولذلك فإنَّ جمعهم في إسرائيل- كما يقول علماء الدين- إشارة إلى ما ورد في سورة الإسراء أن الله يُبيدهم في مكان واحد؛ فتجميعهم وفق المشروع الصهيوني خطر عليهم، وهم زعموا أن الفلسطينيين هم الذين اغتصبوا أرضهم وشتتوهم وسموا الشتات "Diaspora"؛ فمصيرهم في القرآن الكريم الفناء وموضوع وعد الآخرة. ** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

قانون الغاب
قانون الغاب

جريدة الرؤية

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الرؤية

قانون الغاب

صادق بن محمد سعيد اللواتي كيف يثق شعوب العالم عمومًا، والمسلمون خصوصًا، بالأوروبيين؟ لقد سجل التاريخ عددًا لا يُحصى من أفعالهم اللاإنسانية تجاه أناس ليسوا من جلدهم الأبيض. لقد استعمروا وغزوا دولًا، وحولوا شعوبها إلى دينهم إما بالقوة أو بمنحهم حوافز مادية. لقد قتلوا ملايين السكان الأصليين ليستقروا في بلدانهم ويعتبرونها لهم. تعتبر حكوماتنا الأوروبيين أصدقاء لنا، ولكن هل يمكن أن يكونوا أصدقاء لنا حقًا؟ في عالمنا اليوم، يحكم الأوروبيون من مختلف الأعراق واللغات دولًا عديدة، بل قارات، لم تكن في الأصل ملكهم، بل غزاها الاحتلال بقوة السلاح. على سبيل المثال يحكم الإنجليز الولايات المتحدة وكندا، ويحكم البرتغاليون الأرجنتين، ويحكم الإسبان جميع دول أمريكا اللاتينية. ونتيجة لذلك، أصبحت الشعوب الأصلية أقلية، تعيش في أدغالها، ولا تتمتع بحقوق متساوية مع الأوروبيين. إذا سألت أوروبيًا كيف جعلوا هذه البلدان ملكًا لهم، فسيجيب، "نحن من اكتشفها". هل يمكنك القول إنك اكتشفت دولًا لا يعيش سكانها الأصليون على أراضيها؟ هل هذا اكتشاف أم سرقة؟ حتى عندما وصلت إلى القمر، لم يكن بإمكانك ادعاء ملكيته لمجرد اكتشافك إياه، فكيف تُنسب القارتين الأمريكية والأسترالية بالكامل إلى الأوروبيين؟ في الواقع، كنت أول بشر هبط على سطح القمر وكما لا يمكنك ادعاء ملكيتك للقمر، فلا يجب عليك أيضًا ادعاء ملكية بلدان أخرى. فأنتم لصوص سرقتم بلدان شعوب أخرى وتدعون ملكيتها. حتى أنكم غيرتم أسماءها الأصلية، أليس كذلك؟ هل يحق للأوربيين سرقة بلدان وإقامة حكومات فيها وحرمان الشعوب الأصلية من حقوقها؟ هل عين أي من السكان الأصليين رئيسًا في الولايات المتحدة أو كندا أو أستراليا أو نيوزيلندا؟ أي قانون سمح للأوروبيين بالاستيلاء على بلدان الآخرين؟ الجواب: قانون الغاب. يمكن للمقيم أن يصبح مواطنًا في بلد غير البلد الذي ولد فيه، وهناك قوانين ولوائح تُـنظم هذا الأمر. خذ دونالد ترامب، على سبيل المثال، الرئيس الأمريكي الحالي. هو من أصل ألماني وأسكتلندي. ولد في أمريكا وقضى المدة اللازمة للتجنس، ما يمنحه الجنسية الأمريكية. لكن هذه اللوائح لا تمنحه الحق في التصرف كالفرعون الذي أعلن: "أنا ربكم الأعلى"؟ في قارة أستراليا، سيطر البريطانيون على أستراليا ونيوزيلندا. لماذا؟ لأنهم اكتشفوهما؟ عندما وصلت سفنكم الشراعية إلى تلك المنطقة ألم تكن مأهولة بالسكان الأصليين؟ الجواب لا يحتاج إلى إجابة؛ فالعالم أجمع يعلم أن للقارة سكانها. إذن أنتم سرقتم أستراليا ونيوزيلندا، ولم تكتشفوهما. وصلتم إلى القارة فقط ثم سيطرتم عليها بقوة السلاح. لا نستغرب عندما نرى كيف تقدم هذه الدول، أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا مساعدات مالية وعسكرية سخية وغير محدودة للكيان الصهيوني، لأنها مثل بلدانها، احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917م فأصبحت ملكًا لها، ثم أهدتها لليهود عام 1948. ألم يأت المهاجرون اليهود بعد الحرب العالمية الثانية من العالم الغربي وجعلوا فلسطين وطنهم، وطردوا سكانها الأصليين؟ إذا قيل لي إنَّ فلسطين ملك اليهود وإنهم عاشوا فيها قرونًا، أقل هذا صحيح، عاشوا كمحتلين عندما هاجر اليهود من مصر قادهم النبي موسى وأخوه هارون، الذي كان يكبر موسى بثلاث سنوات، مات هارون في الطريق ولم يكتب له رؤية فلسطين. لم يحقق النبي موسى حلم اليهود، إذ مات هو وخليفته قبل فتح فلسطين. واجه الجيش الغازي مقاومة شرسة من الكنعانيين، ولم يكن احتلالهم لفلسطين دون ثمن، كما توقعوا. يدعي اليهود زورًا أنهم عندما وصلوا إلى فلسطين، لم يكن فيها بشر، وفي هذا الصدد، يذكر كتابهم المقدس فلسطين بالاسم وملوك الكنعانيين العرب مرات عديدة، بل يذكر التاريخ أن النبي موسى تزوج امرأة عربية. طرد الرومان اليهود من فلسطين في القرن الأول من الميلاد. كتابهم المقدس هو تاريخ بني يعقوب، مليء بالأساطير. يذكر أن عدد المهاجرين اليهود بلغ ستمائة ألف، وأن إله العبرانيين كان ينزل عليهم خبزًا من السماء. كما أيدهم بملاك ليرشدهم في طريقهم إلى فلسطين. ولا يخفى على أحد أن دولًا غربية كبريطانيا وفرنسا وهولندا، وحتى ألمانيا وإيطاليا، استعمرت معظم دول آسيا وأفريقيا، ويبدو أن الهدف كان جعلها مثل الأمريكيتين وأستراليا يحكمها البيض، حتى أن الأقلية البيضاء في دولتين هما جنوب أفريقيا وزمبابوي أعلنت استقلالها من جانب واحد بل وغيروا اسم زمبابوي إلى روديسيا. ومع ذلك، وبفضل مقاومة شعوب الدول المستعمرة، اضطرت الدول الأوروبية إلى الانسحاب ومنح شعوبها حق تقرير المصير. أُكرِّرُ ما بدأتُ به، هل الأوروبيون جديرون بالثقة؟ عشت في أوروبا قرابة خمس سنوات، ووجدت أن معظم الأوروبيين يكرهون العرب، ربما لأننا لا نعترف بوجود إسرائيل. ألسنتهم معسولة، لكن قلوبهم مليئة بالكراهية تجاه المسلمين عمومًا. ألم يحن الوقت للشعوب العربية للبحث عن منافذ بديلة لمشترياتهم؟

فرنسا 'تدين بشدة' خطة إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة
فرنسا 'تدين بشدة' خطة إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة

الشبيبة

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • الشبيبة

فرنسا 'تدين بشدة' خطة إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة

الشبيبة - العمانية أدانت فرنسا بشدة اليوم خطة إسرائيل للسيطرة على غزة وحملتها العسكرية الجديدة على القطاع. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل-بارو في تصريح إعلامي: "هذا أمر غير مقبول" معتبرا أن إسرائيل "تنتهك القانون الإنساني". وأضاف أن "الحاجة الأكثر إلحاحا هي وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق". وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي بعدما وافق المجلس الأمني المصغر في إسرائيل أمس على خطة للتوغل في أراضي قطاع غزة والسيطرة عليها بعد استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتوسيع العمليات والدفع بفكرة الهجرة الطوعية للفلسطينيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store