logo
سوريا بين المشكلة والإشكالية

سوريا بين المشكلة والإشكالية

العرب اليوممنذ 2 أيام
تحرص الأكاديميات العلمية على التفريق بين المشكلة والإشكالية، ذلك أن المشكلة بسيطةٌ في تصورها وتوصيفها وحلولها، بينما الإشكالية ليست سهلةً لا في تصورها ولا توصيفها ولا محاولات إيجاد حلولٍ لها، وظلّ بعض الكتاب يعتقد أنهما مصطلحان يعبران عن نفس المعنى، وهذا أمرٌ غير صحيحٍ على الإطلاق.
كتب المفكر الكبير جورج طرابيشي في كتابه «هرطقات» كتابةً تعبر بدقةٍ عن هذا التفريق، فقال: «فالحديث عن إشكاليات الديمقراطية في العالم العربي لا يرادف الحديث عن مشكلاتها، فالمشكلة هي بالتعريف كل مسألة يمكن الإجابة عنها، بعد الدرس والتقصي، بطريقة علمية أو برهانية، ولكن الإشكالية بالمقابل هي كل مسألة أو مجموعة مسائل تكتنف الإجابة عنها صعوبات وتبدو قابلة لأجوبة متعددة، بل متناقضة، هذا إن لم تستوجب أصلاً تعليق الحكم بانتظار توفر شروط أفضل للإجابة، سواء من منظور وضوح الرؤية لمضمون الإشكالية، أم من منظور تقدم وسائل المعرفة، أم من منظور تطور الممارسة التاريخية التي من شأنها أن تسهل ما كان يبدو معقداً أو أن تحل عملياً ما كان يبدو غير قابل للحل نظرياً.
باختصار، لنقل إن الإشكالية، بخلاف المشكلة، لا تتحرى عن جواب، وبالأولى عن جواب يقيني، بقدر ما تعنى بصياغة السؤال وبسوقه إلى مجال الوعي وبالتحريض على البحث عن جواب، أو أجوبة عنه». مَن يمتلك إجاباتٍ لكل ما يجري في سوريا اليوم بَنى ذلك على اعتقاده أنها مجرد مجموعة مشكلاتٍ يمكن تصورها وتوصيفها وتقديم إجاباتٍ وحلولٍ لها ويكتب وينظّر على هذا الأساس، في حين أن مَن يقف متسائلاً عن كثيرٍ من المتغيرات القديمة والجديدة، التاريخية والواقعية، الهوياتية والعملياتية، السياسية والاجتماعية، وعن طبيعة العلاقات والتداخلات بينها، وما يمكن أن ينتج عن كل ذلك إنما يعبر عن اعتقاده بأن ما يجري في سوريا اليوم يعبر عن «إشكالياتٍ» معقدةٍ لا «مشكلاتٍ» سهلةٍ.
تعبر عن هذه الإشكاليات المعقدة والمتداخلة بعض الأسئلة التي تحتاج للصياغة مراراً وتكراراً قبل الأمل بالظفر بإجابات متكاملة لها، فمثلاً كيف يمكن أن تتعامل الدولة السورية مع «الأقليات» من الشعب السوري؟ وهي أقلياتٌ وجودها في سوريا ضارب الأطناب في التاريخ، وكثيرٌ منها وجد في نفس مكانه منذ ما قبل الإسلام.
الاعتراف بوجود الأقليات ليس جواباً سياسياً، بل هو إقرارٌ بمعطى تاريخي وواقعي، بينما جواب الدول يجب أن يكون برسم حدود الحقوق والواجبات بشكلٍ معلنٍ وقانونيٍ ودستوريٍ، حتى تستطيع هذه الأقليات أن تطمئن لمستقبلها، فأحداث الساحل السوري و«الأقلية العلوية» علّقت جرساً كبيراً للدولة السورية الجديدة، ولم يتوقف ذلك الجرس حتى علت أصوات «الأقلية الدرزية» في السويداء، والاعتماد في مواجهتها على «العشائر» السورية، ولمزيدٍ من التعقيد، فالعلويون لهم امتداداتٌ خارج سوريا، في تركيا وغيرها، والدروز كذلك، لهم امتداداتٌ في لبنان وإسرائيل وفلسطين، والعشائر أيضاً لها امتداداتٌ خارج سوريا، وضرب الهويات القديمة بعضها ببعض أخطر بكثيرٍ من أحداثٍ أمنيةٍ أو عسكريةٍ عابرةٍ. هذا في «الطوائف» المنتسبة للإسلام، علويين كانوا أم دروزاً أم عشائر، فكيف بالمنتسبين لأديانٍ مختلفةٍ مثل «المسيحيين» أو لإثنيةٍ غير عربيةٍ مثل «الأكراد»؟ هذا من جهة واقع الشعب السوري، وتنبثق عن هذا أسئلة أخرى عمّن هو المسؤول عن هؤلاء؟ هي الدولة السورية دون شكٍ، ولكن مَن يمثلها اليوم؟
تقرّ كل التقارير الغربية بوجود آلاف المسلحين «غير السوريين»، وهم مقاتلون مؤدلجون جاؤوا من أرجاء العالم في سنوات الحرب، فما دور هؤلاء؟ وهل يمثلون الدولةَ أم هم شيء مختلفٌ عنها؟ أخيراً، فالإشكاليات السورية أعقد بكثيرٍ من أن يتصور البعض أنه قادرٌ بالحماسة الفكرية والعنفوان الكتابي أن يتجاوزها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخلايلة: الأردن سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعماً للأهل في غزة
الخلايلة: الأردن سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعماً للأهل في غزة

الدستور

timeمنذ 8 ساعات

  • الدستور

الخلايلة: الأردن سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعماً للأهل في غزة

معان - قاسم الخطيب افتتح وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، أمس الأربعاء، ملتقى الوعظ والإرشاد، واليوم الخيري والطبي المجاني الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع صندوق الزكاة، ومستشفى المقاصد الخيرية في لواء الحسينية بمحافظة معان. وأكد الخلايلة حرص الوزارة على إنفاذ التوجيهات الملكية السامية بالتواصل مع المواطنين في مختلف مناطق المملكة، والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم في قطاع الأوقاف، موجها بإعداد الدراسات عن الأسر الفقيرة والبيوت التي تحتاج للترميم في لواء الحسينية، وإقامة مشاريع إنتاجية وبناء مساكن للأسر الفقيرة، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية. ولفت إلى أهمية ملتقيات الوعظ والإرشاد في نشر الخير والفضيلة، وتبادل الخبرات في نشر رسالة الإسلام السمحة وفق النهج الوسطي المعتدل، ومواجهة التطرف ومحاربة الآفات الاجتماعية،فضلاً عن الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، ووحدة الصف الوطني، لافتاً إلى أن الأردن بقيادته الهاشمية سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعما للأهل في غزة، رغم كل حملات التشكيك. واستمع الوزير، لمطالب واحتياجات أهالي اللواء في قطاع الأوقاف، المتمثلة توسعة مسجد الحسينية الكبير، واستحداث مكتباً للأوقاف في اللواء وتعيين أئمة ومؤذنين، واعداً بدراسة مطالبهم وتنفيذ ما أمكن منها. ووزع الخلايلة 500 قسيمة شرائية على الأسر العفيفة والفقيرة باللواء، ومساعدات نقدية لـ50 طالب علم و50 يتيما بواقع 100 دينار لكل منهم، إضافة الى 300 طرد غذائي و150 حقيبة مدرسية، مشيرا إلى وجود 300 أسرة في محافظة معان تتقاضى رواتب شهرية من صندوق الزكاة منها 20 في لواء الحسينية، إضافة الى رعاية 25 يتيما، وإقامة 10 مشاريع تأهيلية، وترميم 5 منازل. وأشار مدير أوقاف معان باسم الخشمان، إلى أهمية هذه الملتقيات في خدمة المجتمع وتعزيز قيم التكافل والتضامن بين أفراده، مثمنًا الشراكة والتعاون بين وزارة الأوقاف ومختلف الجهات. وأشاد رئيس نادي الحسينية عقله الذيابات، في كلمة باسم المجتمع المحلي، بالجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف في الجانب الديني والاجتماعي. كما افتتح وزير الأوقاف اليوم الطبي المجاني الذي نظمه مستشفى المقاصد الخيرية وتم خلاله تقديم الرعاية الطبية لأهالي المنطقة. وحضر الافتتاح، محافظ معان خالد الحجاج، ومتصرف اللواء ناصر الجريان، والعين سلطان الجازي، ورئيس لجنة بلدية الحسينيه المهندس عبدالمنعم ابو هلاله، ومدير عام صندوق الزكاة الدكتور عبد سميرات، ورئيس مكافحة التطرف وعواقبة، الدكتور سلطان القرالة، وعدد من وجهاء وأهالي المنطقة.

دحض الباطل
دحض الباطل

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 12 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

دحض الباطل

#دحض_الباطل د. #هاشم_غرايبه في منشور لأحد المتذاكين، يقدم شكره وعرفانه بجميل من يدعوهم بالكفار، على أنهم يقدمون النفع للبشرية، وينشرون المحبة ويحافظون على حقوق الإنسان، فيما المسلمون عالة على اختراعاتهم ولا ينشرون الا الموت والدمار، ولا ينسى في خضم تذكيره بابداعات هؤلاء أن يلحق أتباع كل الديانات (ما عدا الإسلام) بقائمة الخيّرين النافعين. يعتقد هذا أنه يمكن أن يمرر حديثه هذا بحجة نقد الواقع المريض من أجل إصلاحه، لكن المتمعن في حماسته المبالغة فيها لمعادي الإسلام، لا شك سيتنبه لمسعاه الخبيث بهدف نشر الإحباط والتيئيس لتبرير الإستسلام للأعداء. إن انتشار عاهة الإسلاموفوبيا بين بعض مثقفينا، ظاهرة استشرت مع الحملة الصليبية الأخيرة (الحرب على الإرهاب)، قد نتفهم النظرة المتعصبة لدى الغرب، فلذلك جذور تاريخية من الصراع المتواصل، لكن أن يتشرب الفكرة ويتحمس لها مثقف من أبناء الأمة، فهذا خلل ولكنه لا يعدو إصابة أصابت أحد إثنين: الأول من المنافقين التاريخيين الحاقدين على الإسلام، وهؤلاء ليس لعلتهم دواء، والثاني شخص عمي عن الصواب، اشترى بآيات الله ثمنا قليلا، قد يكون وظيفة أو دعما في إحدى المنظمات التابعة لأعداء المسلمين. مشكلة ليست في هؤلاء، فهم آفة موضعية من جسم الأمة، لكن ضررهم في نشر الأفكار التي تضعف من مقاومة الأمة فتفت من صمودها لتسقط في فك الأعداء الشرهين. دحض حجج هؤلاء المغرضين سهل، ولا تحتاج إلا لكشف تزييفهم للحقائق، لكني لا أكتب بهدف استعادتهم لصف الأمة، فمن أعمى الله بصائرهم عن رؤية الصواب، لا يمكن هداية بصيرتهم لاتباع الحق. إنما لإجل رفع مقاومة أبناء الأمة ممن يستهدفونهم بتضليلهم بهدف إحباطهم وإفقادهم الأمل بالخلاص من براثن الغزاة. إن ما يدعيه هؤلاء من أن الغرب لا همّ له إلا انقاذ البشرية من الأمراض، وتسخير علمه لصناعة ما فيه خير الناس وسعادتهم، هو تزييف وتدليس، فالدوافع وراء البحوث الطبية هي تحقيق الشركات الربح الهائل، بدليل أن كثيرا من الأوبئة ثبت أنه تم نشرها من قبل تلك الشركات الكبرى. أما أن الأوروبيون هم ناشرو حقوق الإنسان والتنوير والمعرفة، فيثبت التاريخ عكس ذلك، ولعل قصة الإستكشافات الجغرافية التي علمونا في المدارس أنها رسالة الغرب الحضارية، بينما هي في حقيقتها استعمار واسترقاق وأطماع في خيرات الآخرين. سأتحدث في هذا الشأن عن منطقة محددة وهي الفليبين تقع الفليبين في جنوب شرقي آسيا على شكل أرخبيل يضم أكثر من سبعة آلاف جزيرة، وهي الدول العامرة بالخيرات والثروات الطبيعية ممَّا جلب عليها أطماع الدول الأوروبية، لكن الملاحظ ان جيرانها اليابانيين والصينيين تطوروا وتقدموا مع أن خيرات بلادهم أقل، السبب الوحيد هو أنهم لم يُستدفوا بأطماع المستعمرين الأوروبيين. انتشر الإسلام في جزر الفليبين كما في باقي مناطق جنوب وشرق آسيا في منتصف القرن الثالث الهجري عن طريق التجار، لكنه تعزز بنزوح كثير من العلماء إليها بعد سقوط بغداد بيد هولاكو. بدأ الاحتلال الأسباني للفليبين سنة 1565 م، أي بعد قرابة الخمسين عامًا من وصول ماجلان لشواطئها، وبعد قتال عنيف ومرير استولى الأسبان على مملكة «راجا سليمان» في الشمال، ودمر عاصمتها (أمان الله) وأقاموا مكانها مدينة جديدة أسموها (مانيلا). وخلال تلك الحروب كلها استخدم الأسبان كل أنواع الأسلحة المادية والمعنوية، وتعاون معهم الهولنديون (رغم العداوة الشديدة مع الإسبان) الذين كانوا يحتلون اندونيسيا وصبغوها بصبغة دينية مقيتة، مما يكشف النزعة الصليبية. استمرت المقاومة الإسلامية في الفليبين بقيادة أبطال دوخوا المستعمرين أمثال 'ديبتروان قدرات' والسلطان 'نصر الدين' ضد الاحتلال الأسباني حتى عام 1898، حينما اضطر الحاكم الإسباني الى الهرب الى هونج كونج، وبعدها باع الإسبان لأمريكا الفلبين وكوبا وبورتريكو لقاء خمسة ملايين دولار. استكمل الأمريكان محاربة المجاهدين عن طريق تعزيز التنصير ومحاصرة وتجهيل المسلمين حتى اعلان استقلال الفلبين الصوري عام 1946 ، بعده استمر عملاؤها بالبرنامج ذاته، وشكل 'ماركوس' منظمة'إيلاجا' الإرهابية التي كانت تثير الذعر في قرى المسلمين. والى اليوم يعتبر الغرب مجاهدي جبهة تحرير مورو إنفصاليين، ولا يعترف بحقهم بالإستقلال فيما دعم استقلال مسيحيي جزيرة تيمور عن اندونيسيا الإسلامية. فهل ذلك يتوافق مع حقوق الإنسان التي يقول ذلك المتذاكي أن الغرب يقدسها!؟.

الشيخ البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال
الشيخ البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال

أخبارنا

timeمنذ 13 ساعات

  • أخبارنا

الشيخ البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال

الرئاسة تعضد مهام أئمة الحرمين.. يؤم المصلين لصلاة الجمعة ويلتقي العلماء.. أخبارنا : عضدت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، مهام وأدوار أصحاب الفضيلة أئمة الحرمين الشريفين الإثرائية، وإيصال رسالة الرئاسة الوسطية إلى العالم الإسلامي، حيث وصل إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير اليوم إلى ماليزيا في زيارة تستغرق عدة أيام يلتقى خلالها عددًا من العلماء الماليزيين، وسيلقي فضيلته كلمة في مسابقة القرآن الكريم الدولية التي تعقد في كوالالمبور، ويؤم المصلين لصلاة الجمعة. وتأتي الزيارة وفق توجيهات معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس؛ استثمارًا لمنزلة أصحاب الفضيلة أئمة الحرمين في نفوس المسلمين، ولتوطيد مكانة المملكة في وجدان الشعب الماليزي. وتحرص الرئاسة على تعزيز المخرجات الإثرائية الوسطية، وإبراز جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، ‎وتعظيم استراتيجياتها الوسطية وتعزيز قيم التسامح والاعتدال، وإيصال رسالة الحرمين الوسطية في المحيط الإسلامي والعالمي، مستثمرة منزلة أصحاب الفضيلة أئمة الحرمين الشريفين في نفوس المسلمين، ومكانتهم الدينية؛ لما حباهم الله تعالى من المنقبة والاصطفاء بالإمامة والخطابة في بيت الله الحرام، ومسجد رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store