logo
محاولات جديدة لتقسيم سوريا.. وتركيا ترسم الخطوط الحمراء

محاولات جديدة لتقسيم سوريا.. وتركيا ترسم الخطوط الحمراء

الجزيرةمنذ 16 ساعات

لم تذق سوريا الجديدة طعم الراحة منذ سقوط نظام الأسد البائد، فسرعان ما أخرجت القوى الخارجيّة أدواتها الداخلية من هنا وهناك، سعيًا لتقسيم البلاد تارة ولإضعاف الإدارة الجديدة وإرباكها قدر الإمكان تارة أخرى، لضمان عدم تقوية الجبهة الداخليّة للبلاد التي خرجت حديثًا من رحم نظام لطالما أتى على الأخضر واليابس، وفي ظلّ هذا المشهد تقف تركيا من بعيد بمنظار يرصد كل شاردة وواردة لقراءة المشهد من كافة زواياه ولفهم مخططات المتربّصين في كافة الكمائن.
ولِمَ العجب؟ فالجميع يعلم أن تركيا أصبحت الحليف الأقرب والأقوى لسوريا الجديدة الآن، وهي التي تسعى لعقد شراكات من شأنها أن تساعد في إحياء سوريا التي ينتظرها كل سوري حر عاد إلى وطنه الذي اشتاق إليه، وما بين المؤازرة والترقب تقف تركيا منتظرة الوقت الذي سيحين فيه تعزيز الشراكة مع جارتها الحدودية؛ لتخطي عقبة عدم الاستقرار الداخلي ولضمان مزيد من الرفاهية والأمان لكلتا الدولتين والشعبين.
البداية من هنا
نظمت خلال الأيام الماضية قوى وأحزاب كردية سورية في مدينة "القامشلي" بمحافظة الحسكة مؤتمرًا للحوار الوطني الكردي تحت عنوان "مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي"، وقد شارك فيه أكثر من 400 شخصية سياسية من ممثلي الأحزاب الكردية في مقدمتها حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، كما شارك في المؤتمر قوات سوريا الديمقراطية "قسَد" وقيادات كردية من العراق وتركيا.
اللافت في هذا المؤتمر توقيته؛ لأنّه جاء بعد الاتفاق الشهير بين الرئيس السوري "أحمد الشرع" و"مظلوم عبدي" (زعيم تنظيم قسَد) والذي قضى بدمج قسد في مؤسسات الدولة السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، ثم نقض (عبدي) الاتفاق رويدًا رويدًا عبر مواقف لقسَد انتقدت الإعلان الدستوري الذي أعلنت عنه الإدارة السورية، ثم تلاه رفض تشكيلة الحكومة السورية الجديدة بدعوى أنها لا تعكس التنوّع السوري.
شكّل المؤتمر في بعض تفاصيله ومخرجاته مصدر قلق للإدارة السورية، وهو قلق تشاركها فيه تركيا بالطبع، ففي المقام الأول لم يكن المؤتمر "كرديًا سوريًا" خالصًا، حيث كان البعد الكردي الإقليمي حاضرًا بشكل لافت في الحضور والكلمات الرئيسية بالمؤتمر، وتحديدًا حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وممثل مسعود البارزاني من العراق، وحزب "الديمقراطية ومساواة الشعوب" التركي (الذراع السياسية للأكراد في تركيا)، كما أن مشاركة ممثلين عن أميركا وفرنسا والتحالف الدولي منحت المؤتمر بعدًا دوليًا لا يروق لكل من سوريا وتركيا بطبيعة الحال.
موقف الإدارة السورية
أصدرت الرئاسة السورية بيانًا للتعقيب على مخرجات المؤتمر، دعت عبره قسد للالتزام بالاتفاق المبرم معها، وانتقدت ما أسمته محاولة فرض واقع (فدرالي أو إدارة ذاتية) دون توافق، وأكدت الرئاسة السورية على أن "وحدة سوريا أرضًا وشعبًا خط أحمر"، وأن تجاوُز ذلك يُعد خروجًا عن الصف الوطني ومساسًا بهوية سوريا الجديدة.
طبيعة العلاقة بين إسرائيل والأكراد
منذ ستينيات القرن الماضي، سعت إسرائيل إلى بناء علاقات سرية مع القوى الكردية، خاصة في شمال العراق بقيادة "مصطفى البارزاني"، وذلك في إطار هدفها الإستراتيجي بإضعاف الدول العربية المركزية، ودعمت تل أبيب الأكراد عسكريًا ولوجيستيًا، عبر وساطة إيرانية آنذاك، بهدف استنزاف العراق ومنعه من التحول إلى قوة إقليمية تهدد أمنها، ولم تكن هذه العلاقة قائمة على دعم حق "تقرير المصير" بمفهومه التحرري، بل على توظيف الأقليات القومية في خدمة مشروع إسرائيل الأمني، الذي يقوم على تفتيت الدول المحيطة إلى وحدات إثنية قابلة للضبط.
ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، رأت إسرائيل في تمدد القوى الكردية المسلحة مثل وحدات حماية الشعب فرصة نادرة لإضعاف سوريا وإزاحة مركزيتها، وربما دعم قيام كيان كردي مستقل بحكم الأمر الواقع، ورغم أن الدعم العلني للأكراد جاء من الولايات المتحدة، فإن إسرائيل رأت فيهم حليفًا "وظيفيًا" في وجه خصومها الإقليميين، دون أن تترجم ذلك إلى اعتراف دبلوماسي أو سياسي.
ومرجع ذلك أن الأكراد في نظر إسرائيل ليسوا إلا "شريكًا دون دولة"، يمكن الاستفادة منه ما دام يتقاطع مع أهدافها، والتخلي عنه عند تبدّل الشروط والظروف المحيطة، وبذلك تشكل العلاقة بين الطرفين نموذجًا حيًا لتحالف الأقليات، حيث تُمنح الهوية مقابل الوظيفة، وتُقدَّم الحماية مقابل الاستثمار في صنع الفوضى.
ومن هذا المنطلق تدعم إسرائيل الأكراد كـ"وظيفة إستراتيجية" لا كمبدأ سياسي، فكلما تصادمت مصالحهم مع خصوم إسرائيل أصبح الأكراد "ورقة دعم" جيدة للغاية، وإذا تغيّر السياق يمكن التنازل عنهم واستبدالهم بشريك جديد بكل سهولة.
لطالما وظفت إسرائيل الأقليات في تنفيذ أجنداتها، وتسعى حاليًا إلى ربط دروز سوريا ولبنان وفلسطين ضمن مشروع يخدم مصالحها في المنطقة، وواقع التدخل الإسرائيلي في سوريا يعكس رغبة تل أبيب في أن تبقى سوريا منقسمة وضعيفة ومشغولة بصراعاتها الداخلية
سياسة إشاعة الفتن واستغلال الطائفية
تستغل إسرائيل هذه المرحلة وتعيش نوعًا من النشوة السياسية والعسكرية، ويستدل على ذلك بتصريحات متكررة لنتنياهو حول إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الإسرائيلية، بما في ذلك تفكيك الدول المحيطة بها، وإبقاء دول الطوق مستنزفة وضعيفة، وهو ما يصب في صالح الحلم التوسعي بإقامة "إسرائيل الكبرى".
ولذلك يقوم الدور الإسرائيلي في سوريا منذ سقوط نظام الأسد على تأجيج التوترات الطائفية داخل سوريا، وفي سبيل تحقيق ذلك تنتهج "تل أبيب" سياسة الفتن كوسيلة للضغط على الدول المعادية لها، ومن ضمن ذلك التحرك باتجاه الطائفة الدرزية، ومحاولة إضعاف تماسكها في سوريا، من خلال شخصيات دينية مثل الشيخ "موفق طريف" (الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، ورئيس المجلس الديني الدرزي الأعلى)، وأيضًا الشيخ حكمت الهجري (الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا)، وهو الذي طالب بتدخل "إسرائيل والمجتمع الدولي" لحماية طائفته من الإدارة السورية.
وبعد هذه المطالبة بالتدخل من الشيخ الهجري مثلًا، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية على مشارف العاصمة السورية وصفها رئيس الوزراء "نتنياهو" بأنها "عملية تحذيرية" ضد من أسماهم "متطرفين" حاولوا مهاجمة الدروز في بلدة صحنايا قرب دمشق، وقال إنها بمثابة "رسالة حازمة" لإدارة سوريا الجديدة، مفادها بأن تل أبيب لن تسمح بإلحاق الأذى بأبناء هذه الطائفة.
لطالما وظفت إسرائيل الأقليات في تنفيذ أجنداتها، وتسعى حاليًا إلى ربط دروز سوريا ولبنان وفلسطين ضمن مشروع يخدم مصالحها في المنطقة، وواقع التدخل الإسرائيلي في سوريا يعكس رغبة تل أبيب في أن تبقى سوريا منقسمة وضعيفة ومشغولة بصراعاتها الداخلية، في ظل غياب أي ضغط عربي فاعل يمكن أن يردع هذا التدخل أو يحد من طموحاتها التوسعية.
فيما يتعلق بالوجود التركي في سوريا، فإسرائيل لا تريد التورط عسكريًا معها في سوريا، كما أنها تخشى في الوقت ذاته من ترك الساحة بالكامل لأنقرة التي تُعتبر حليفًا رئيسيًا للنظام السوري الجديد، وهذا الوضع يجعل تل أبيب في موقف "الإمساك بالعصا من المنتصف"
الموقف التركي من التطورات
مع تسارع هذه التطورات في سوريا خرجت تركيا عن صمتها لتعبر عن رفضها هذه المخططات التي تهدف لإضعاف سوريا وتقسيمها بناء على أهواء طائفية تحركها جهات خارجية، لتأتي تصريحات الرئيس التركي كاشفة عن موقف بلاده من هذه التحركات التي تنذر بالخطر في سوريا، فقال أردوغان صراحة ونصًا: "إن إسرائيل تريد نقل النار التي أشعلتها في فلسطين ولبنان إلى سوريا، وبدأت بسفك الدماء في هذا البلد"، مشددًا على أن بلاده لن تسمح بفرض أمر واقع في المنطقة، وأنها لن تقبل بأي محاولة لتهديد استقرار سوريا.
واعتبر الرئيس التركي أن الغارات الإسرائيلية على سوريا محاولة لتقويض المناخ الإيجابي الذي بدأ مع الإدارة الجديدة في دمشق، وقد جاءت تصريحات أردوغان بعد شن إسرائيل غارات على ريف دمشق، بذريعة منع عناصر الأمن السوري من الاعتداء على طائفة "الدروز".
وفي معرض رده على مؤتمر الأكراد -الذي سبق الإشارة إليه- صرح أردوغان بأن مسألة إقامة نظام فدرالي (في سوريا) ليست أكثر من مجرد حلم بعيد المنال، وليس لها مكان في الواقع السوري، مؤكدًا على أن تركيا لن تسمح بفرض الأمر الواقع في المنطقة، ولن تسمح بأي مبادرة تهدد أو تعرض الاستقرار الدائم في سوريا والمنطقة للخطر، واختتم أردوغان تصريحاته بالقول: "سنرد بطرق مختلفة على أي محاولة لجر جارتنا سوريا إلى مستنقع جديد من عدم الاستقرار".
وبقراءة السياق العام للمشهد في ظل هذه التصريحات التركية المباشرة، فالمتوقع هو عودة تلويح تركيا بالتدخل المباشر في حال أصرت قيادة "قسد" هي الأخرى على النكوص عن الاتفاق ورفض الاندماج في مؤسسات الدولة، ما يعني احتمالية عودة العملية العسكرية ضمن أحد خيارات تركيا المطروحة على الطاولة.
بالطبع لن يكون قرار عملية عسكرية جديدة في سوريا سهلًا على تركيا، خاصة في ظل التطورات الأخيرة على مستوى ساحتها الداخلية، لكن ترى تركيا -في نهاية المطاف- أنها أمام فرصة تاريخية لا ينبغي التفريط فيها وإلا ستجد نفسها أمام سيناريوهات من شأنها الإضرار بها على المدى البعيد، كما أن تركيا تنظر لقرار سحب بعض القوات الأميركية من سوريا كعنصر ضغط إضافي على "قسد" سيصب في مصلحتها وفي مصلحة الإدارة السورية، وهو بُعد جديد يدعم المؤشرات التي تجعل تركيا تحرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة؛ لكبح جماح هذا التنظيم الذي يسعى لتحقيق أحلامه الانفصالية ولو على حساب تهديد استقرار سوريا الداخلي وتهديد أمن تركيا القومي.
وفيما يتعلق بالوجود التركي في سوريا، فإسرائيل لا تريد التورط عسكريًا معها في سوريا، كما أنها تخشى في الوقت ذاته من ترك الساحة بالكامل لأنقرة التي تُعتبر حليفًا رئيسيًا للنظام السوري الجديد، وهذا الوضع يجعل تل أبيب في موقف "الإمساك بالعصا من المنتصف"، إذ تسعى للتوسع وتنفيذ مشاريعها دون الدخول في صدام مباشر مع قوى إقليمية قوية مثل تركيا.
ولعل أحد أبرز الأدلة على هذا التوجه ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عندما كشفت عن أن مقاتلات تركية نفذت طلعات في منطقة عمل طائرات إسرائيلية أثناء الغارة التي شنتها مؤخرًا قرب القصر الرئاسي بدمشق، فأرسلت حينها المقاتلات التركية إشارات تحذيرية للطائرات الإسرائيلية؛ ما سمح للجانبين بتجنب المواجهة.
كلمة أخيرة
سارعت تركيا للرد على ما يُحاك تجاه سوريا عبر عدة مؤسسات في وقت واحد ممثلة في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية بجانب تصريحات الرئيس التركي على هذه التطورات المتسارعة، وهو ما يؤكد مراقبتها للمشهد من كثب ويشير إلى أنها لن تترك مخططات التقسيم في سوريا تجري كما يُراد لها، وأنها ترسل رسائل مباشرة بذلك لكل من يعنيه الأمر، وتؤكد مجددًا للإدارة السورية على الوقوف بجانبها حتى تجاوز هذه المحاولات التي لم تتوقف منذ سقوط نظام الأسد البائد، خاصة في ظل محاولة إسرائيل إضعاف سلطة الحكومة السورية وإرباكها بملفات حساسة، منها اختبار القدرة على التعامل مع الفوضى في الوقت الذي يرصد فيها العالم مراعاة حقوق الإنسان وحماية الأقليات.
وتعتقد تل أبيب أنها كلما زادت الضغط على الحكومة السورية كانت قادرة على فرض شروط أو مكاسب إضافية على طاولة المفاوضات، وهي في حقيقة الأمر لا تجني سوى تأخير استحقاق التفاوض الذي سترعاه الولايات المتحدة في وقت ما.
وفي السياق العام للمشهد فإن القيادة السياسية في سوريا غالبًا ما تتجاوز الاختبارات وتخرج منها بمكاسب مختلفة، ولعل من أهمها إعادة تشكيل تماسكها الداخلي وكشف خصومها والمناوئين لها، وكما يُقال: "إن الضربة التي لا تقضي عليك أو تكسر ظهرك، حتمًا ستزيد من قوتك".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محللون: احتلال غزة لن يكون سهلا وواشنطن محبطة وتريد وقف الحرب
محللون: احتلال غزة لن يكون سهلا وواشنطن محبطة وتريد وقف الحرب

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

محللون: احتلال غزة لن يكون سهلا وواشنطن محبطة وتريد وقف الحرب

فشلت إسرائيل في اعتقال أحد قادة المقاومة الفلسطينية عبر عملية خاصة نفذتها في جنوب غزة، وهو ما اعتبره خبراء دليلا على العقبات التي ستواجهها إذا حاولت استعادة الأسرى أو احتلال القطاع بشكل دائم. وحاولت قوة إسرائيلية خاصة اعتقال أحمد سرحان، وهو قيادي في ألوية صلاح الدين -الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية- والذي استشهد خلال اشتباكات مع هذه القوة وسط مدينة خان يونس جنوبي القطاع. في الوقت نفسه، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو مساء الاثنين مشاورات أمنية بالتزامن مع بدء المرحلة الثالثة من عملية " عربات غدعون"، وتوسيع العملية البرية. وقبل الاجتماع، قال نتنياهو إن إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة كله، في إطار سعيها للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ، إن الجيش بدأ يدمر ما تبقى من القطاع. ووصف سموتريتش ما يجري حاليا بـ"تغيير مسار التاريخ"، مشيرا إلى أن الجيش "لن يبقي حجرا على حجر في غزة، وسيدفع السكان إلى جنوب القطاع، ثم إلى دول ثالثة، وهذا هو هدفنا". لكن هذه الأهداف الإسرائيلية المعلنة في احتلال القطاع وتهجير سكانه تصطدم بواقع ميداني قد لا يساعدها على تغيير مسار التاريخ بالطريقة التي تريد، لأن الأمر لن يخلو من ثمن، كما يقول محللون. وقد انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، هذه الخطوة بقوله إن دفع الجيش للغوص في وحل غزة لـ15 عاما قادمة يعتبر "خطأ إستراتيجيا وكارثة اقتصادية وسياسية". وتمثل محاولة اعتقال سرحان جزءا من عملية "عربات غدعون"، برأي الخبير العسكري العميد إلياس حنا، لأنه كان سيمثل كنزا معلوماتيا في حال تم القبض عليه حيا. وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، قال حنا إن إسرائيل ربما حاولت من خلال اعتقال هذا الرجل الحصول على معلومات عن أماكن الأسرى أو الأنفاق أو قادة المقاومة، مشيرا إلى أنها "كانت تعيش عمى استخباريا في غزة قبل الحرب بسبب السيطرة الأمنية لحماس". ويعتقد الخبير العسكري أن فشل الجيش في اعتقال سرحان يعكس احتمالية فشله في استعادة الأسرى، وهو ما حدث في عمليات سابقة عندما قُتل أسرى في الشجاعية شمالا وخان يونس جنوبا. كما أن أسر أو مقتل جندي إسرائيلي واحد خلال أي محاولة لاستعادة أسرى بالقوة يعني فشل العملية كلها، فضلا عن احتمالية مقتل الأسرى أنفسهم خلال محاولات تخليصهم، مما يعني أن الثمن قد يكون باهظا جدا، برأي حنا. وحتى خطة نتنياهو التي تستهدف احتلال القطاع وتهجير سكانه وليس استعادة الأسرى، لن يسهل تنفيذها لأنها تتطلب وقتا، وستواجه واقعا ميدانيا صعبا، كما يقول الخبير العسكري. رفض واسع داخل إسرائيل واتفق الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى مع حديث حنا، بقوله إن أي محاولة إسرائيلية لاستعادة الأسرى بالقوة ستنتهي بنفس النتيجة لأن المقاومة ستقاتل حتى آخر نفس لمنع إسرائيل من تحقيق هدا الهدف. ووفقا لمصطفى، فقد حذر عسكريون سابقون كبار في إسرائيل من مغبة المضي قدما في هذه الطريق التي فشلت في الكثير من المرات خلال الحرب ولم يتم الإعلان عنها. أما قرار السيطرة على غزة، فقد أصبح قرارا حكوميا رسميا بعد موافقة المجلس الأمني المصغر (الكابينت) عليه، وحديث نتنياهو وسموتريتش علنا عنه، كما يقول مصطفى، مشيرا إلى أن هذه التصريحات "يمكن اعتبارها دليلا أمام المحاكم الدولية على وجود نية لتطهير غزة عرقيا". وفي حين يرفض اليمين الإسرائيلي إيقاف خطة احتلال القطاع وتفريغه من سكانه لأي سبب، فإن عسكريين وسياسيين يرفضون هذه الخطة لدرجة أن بعضهم تحدث عن أنها توريط لإسرائيل في ارتكاب جرائم حرب لا يمكن إنكارها. وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي إن هذه العملية تفتقر للشرعية بشكل لم يحدث مع أي عملية أخرى في تاريخ إسرائيل، مضيفا أن ذوي الأسرى يعتبرونها إنهاء لملف استعادة أبنائهم من القطاع. واشنطن محبطة وحتى الولايات المتحدة التي لا تريد فرض حل بعينه رغم ما تملكه من نفوذ، تبدي رفضا لتوسيع الحرب في غزة وتدفع باتجاه التهدئة ووقف الحرب، كما يقول كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية جيمس روبنز. ويرى روبنز أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لن تصل إلى الفراق الإستراتيجي، لكنه قال إن على إسرائيل فهم ما تريده واشنطن في الوقت الراهن، وهو عدم توسيع العمليات والتوصل لهدنة. واعتبر المتحدث أن حديث ويتكوف عن إطلاق سراح نصف الأسرى مقابل هدنة شهرين مثل ضغطا على إسرائيل وحماس، وقال إن الولايات المتحدة "تحاول وقف الحرب على ما يبدو، وتدين نوعا ما توسيع العملية". ومع ذلك، يعتقد روبنز أن ما ستفعله واشنطن لمنع توسيع العملية ليس معروفا حتى الآن، لكنه يعتقد أن إدارة ترامب محبطة من سلوك إسرائيل، خصوصا مع وجود حديث عن وقف الدعم العسكري، فضلا عن تهديدات من بريطانيا وفرنسا وكندا باتخاذ خطوات ضد إسرائيل. وقال المتحدث إن الخلاف الرئيسي حاليا هو نفسه الذي أدى لانهيار المفاوضات نهاية العام الماضي، حيث تتمسك إسرائيل بنزع سلاح حماس وتتمسك الأخيرة بإنهاء الحرب. وخلص إلى أن مقترح ويتكوف الحالي الذي ينص على استعادة نصف الأسرى مقابل هدنة مدتها شهرين، هو أفضل ما يمكن الوصول إليه لأن الحصول على ضمانات طويلة الأمد يتطلب وقتا أطول من أجل التوصل لاتفاق.

مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية
مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية

قال المقرر الأممي المعني بالحق بالغذاء مايكل فخري إن المناطق التي اقترحتها إسرائيل لتوزيع الغذاء في قطاع غزة سياسية وليست إنسانية، مؤكدا أنها تشن حملة تجويع ضد أطفال غزة. وأكد فخري -في حديث للجزيرة- أن إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في غزة، وتجوع أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر. وشدد على أن القطاع بحاجة إلى إدخال ألف شاحنة على الأقل يوميا، في تباين كبير بين عدد الشاحنات المطلوبة وبين ما أدخلته إسرائيل أمس الاثنين. وأعلنت إسرائيل، أمس، عن دخول أول دفعة من شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، في حين وصفت الأمم المتحدة السماح بدخول 9 شاحنات أغذية للقطاع بأنه "قطرة في محيط" . وقال فخري إن إسرائيل "لو كانت مهتمة بأطفال غزة لما شنت حملة تجويع ضدهم". في السياق ذاته، دعت 23 دولة إلى جانب مسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي -في بيان مشترك- إسرائيل إلى السماح الفوري باستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذرين من خطر المجاعة وانتقدوا خطط إسرائيل بشأن توزيع المساعدات. وأمس، هدد قادة فرنسا وبريطانيا وكندا في بيان مشترك باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال القادة في بيانهم إن "مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يطاق"، وأكدوا أن إعلان إسرائيل السماح بدخول كمية ضئيلة من الغذاء إلى غزة غير كاف على الإطلاق. وجاء بيان القادة الثلاثة بعد إعلان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموافقة على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بناء على توصية الجيش من أجل توسيع نطاق العملية العسكرية. وكان برنامج الأغذية العالمي قد قال إن تحليلات الأمن الغذائي في قطاع غزة تشير إلى أنه في سباق مع الزمن لتفادي المجاعة ، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لاستئناف تدفق المساعدات. وبالتوازي مع الحصار والإغلاق المشددين، تشن إسرائيل على مدار الساعة قصفا جويا ومدفعيا على الأحياء السكنية والمرافق المدنية، مما يؤدي لسقوط أعداد كبيرة من الشهداء كل يوم. وأعلنت إسرائيل، الأحد الماضي، بدء عملية عسكرية جديدة في القطاع سمتها "عربات جدعون"، وتتضمن خططا لاحتلال القطاع بالكامل، وذلك رغم دخول مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في الدوحة مرحلة وُصفت بالحاسمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store