logo
الجمهورية الإسلامية والصمود بوجه الضغوط الأمريكية

الجمهورية الإسلامية والصمود بوجه الضغوط الأمريكية

توقّعت عواصم غربية عدة، وعلى رأسها واشنطن، أن تكون طهران على وشك الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، وأن تؤدي هذه السياسة إلى تغيير في سلوك النظام، أو حتى إسقاطه من الداخل.
لكن ما جرى كان نقيضا لهذه التوقعات. لم تُبدِ إيران علامات استسلام أو تراجع، بل سلكت طريقًا معاكسًا تمامًا، حيث واصلت تطوير برنامجها النووي، وعززت من قدراتها الدفاعية، وأعادت تمتين تحالفاتها الإقليمية والدولية.
لم يكن صمود إيران مجرد رد فعل عابر، بل نتاجًا لاستراتيجية طويلة الأمد، انطلقت من داخل منظومة الحكم الإيرانية، تقوم على إعادة بناء الاقتصاد والمجتمع وفق معادلات جديدة تستند إلى "الاكتفاء الذاتي"، و"الاقتصاد المقاوم"، و'الانفتاح على الشرق".
فما هي ركائز هذا الصمود؟ وكيف تمكّنت طهران من امتصاص واحدة من أعنف حملات العقوبات في العصر الحديث، بل وتحويلها إلى فرصة لإعادة تعريف دورها في النظام الدولي؟
صمود اقتصادي
منذ أوائل الألفية، شرع قائد الثورة الإسلامية في ايران السيد علي خامنئي بالترويج لمفهوم "الاقتصاد المقاوم" كإطار نظري وعملي لمواجهة العقوبات والعزلة. لا يقوم هذا النموذج على العزلة التامة عن العالم، بل على تنويع الشركاء، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الغرب، لا سيما في القطاعات الحيوية.
في قطاع الزراعة، باتت إيران شبه مكتفية ذاتيًا من القمح، بحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ، وهو إنجاز مهم لبلد يعاني من شح المياه والتغير المناخي.
أما في قطاع الصناعات الدوائية، فتنتج إيران اليوم أكثر من 95% من احتياجاتها محليًا، وفقًا لمجلة The Lancet ورغم القيود المفروضة على استيراد المعدات الطبية المتطورة، نجحت طهران في تعزيز قدراتها التصنيعية، وبدأت شركاتها بالتصدير إلى دول الجوار.
الاقتصاد المقاوم لم يكن مجرد شعار، بل سياسة اقتصادية أعادت تنظيم أولويات الدولة. فعلى الرغم من انخفاض صادرات النفط بسبب العقوبات، ركزت الحكومة على دعم الصناعات غير النفطية، وفرضت قيودًا صارمة على الواردات الكمالية، وشجعت الإنتاج المحلي عبر حوافز ضريبية وتسهيلات مصرفية.
تماسك داخلي رغم الأزمات
لم تكن العقوبات الاقتصادية مجرد قيود على التجارة، بل حملة شاملة استهدفت كل مفاصل الحياة في إيران، بما في ذلك الطاقة، المصارف، الطيران، الشحن، بل وحتى النظام المالي العالمي عبر فصل إيران عن نظام "سويفت". وكان الرهان الأميركي أن يؤدي هذا "الخنق" إلى انفجار شعبي يُسقط النظام أو يُرغمه على التفاوض بشروط قاسية.
لكن إيران لم تشهد انهيارًا داخليًا، بل تكيفت مع الضغوط، ونجح النظام في تحويل الأزمة إلى معركة صمود وطنية. ولعب الإعلام الرسمي دورًا كبيرًا في شيطنة العقوبات باعتبارها حربًا على الشعب الإيراني، لا على النظام فحسب، وهو ما ولّد نوعًا من الالتفاف الوطني، لا سيما في ظل غياب بديل سياسي مقنع داخليًا أو خارجيًا.
ويرى مراقبون أن النظام الإيراني، بتركيبته الأمنية والسياسية والدينية، أثبت قدرة عالية على احتواء الأزمات، وإعادة تدوير الضغوط لصالح تماسكه.
تفكيك القنبلة الاقتصادية
انهيار العملة كان واحدًا من أبرز مؤشرات الأزمة الاقتصادية، إذ تراجعت قيمة الريال الإيراني بشكل حاد بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي. ومع ذلك، لم تدخل إيران في دوامة تضخم مفرط على غرار فنزويلا أو زيمبابوي، بل تمكنت من كبح الانهيار عبر أدوات إدارية وسياسات نقدية دقيقة.
قام البنك المركزي الإيراني بوضع نظام أسعار صرف متعددة، يتيح للسلع الأساسية سعرًا مدعومًا، بينما يُترك السعر الحر لبقية المعاملات، ما حدّ من تداعيات تقلبات السوق. كما تم تقييد التعامل في السوق السوداء، وملاحقة المضاربين، وتعزيز أنظمة الدفع المحلية.
منحت الحكومة امتيازات واضحة للمصدرين في الصناعات التي تدرّ عملة صعبة، مثل البتروكيميائيات والمعادن، ما ساعد على تدفق نسبي للنقد الأجنبي. وفي مواجهة العقوبات المصرفية، شجعت طهران على استخدام العملات المحلية في التجارة مع شركائها الآسيويين، وتوسيع الاعتماد على أنظمة دفع بديلة عن الدولار و"سويفت".
تحالفات استراتيجية.. والرهان شرقا
مع انسداد الأفق أمام العلاقات مع الغرب، أعادت إيران توجيه بوصلتها نحو الشرق، في تحالفات لا تستند فقط إلى المصالح الاقتصادية، بل إلى رؤى مشتركة بشأن النظام العالمي.
- الاتفاق مع الصين: وقعت طهران وبكين اتفاقًا استراتيجيًا يمتد لـ25 عامًا، يتضمن استثمارات بمليارات الدولارات في البنى التحتية، والنفط، والطاقة المتجددة، والاتصالات. هذا الاتفاق لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمثل إعلانًا عن شراكة استراتيجية بعيدة المدى، تعزز موقع إيران في منظومة دولية تقودها قوى غير غربية.
- التقارب مع روسيا: في ظل الحرب في أوكرانيا، باتت إيران وروسيا أكثر تقاربًا من أي وقت مضى. امتد التنسيق إلى قطاعات الطاقة والدفاع، وتم الاتفاق على استخدام أنظمة دفع بديلة عن "سويفت"، في محاولة لبناء منظومة مالية موازية للهيمنة الغربية.
- العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون: مثلت هذه الخطوة تحولًا مهمًا، إذ باتت إيران شريكًا رسميًا في منظومة أمنية واقتصادية تمثل ثقلاً متناميًا في آسيا. كما فتحت المنظمة ل إيران أبواب التعاون مع الهند ودول آسيا الوسطى، بما في ذلك مشاريع النقل والطاقة.
رغم أن العقوبات فرضت تحديات قاسية، فإن إيران لم تكتفِ بالصمود، بل حولت الأزمة إلى فرصة استراتيجية لإعادة تموضعها كقوة إقليمية فاعلة ومؤثرة. تجاوزت طهران دور "الضحية" لتعيد تشكيل موقعها الجيوسياسي، عبر تحالفات متينة مع قوى كبرى كالصين وروسيا، وانخراط نشط في تكتلات إقليمية تعيد رسم ملامح النظام العالمي بعيداً عن المركزية الغربية.
في ميزان القوى الإقليمي، باتت إيران تمثل قطبًا قائمًا بذاته، يملك أدوات الضغط والردع، ويمارس تأثيره في ملفات تمتد من شرق المتوسط إلى آسيا الوسطى. وبهذا المعنى، لم تكن العقوبات نهاية طهران، بل بداية فصل جديد في صعودها كقوة إقليمية تملك مشروعًا واضح المعالم، وتستند إلى رصيد من التجربة والقدرة على التكيف في عالم متحوّل.
ف إيران اليوم، ليست فقط دولة نجت من العقوبات، بل واحدة من أبرز الفاعلين في صياغة خرائط المستقبل في غرب آسيا وخارجه.
"صحفي ومحلل سوري"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصادر: إيران قد تلجأ للصين وروسيا "كخطة بديلة" بتعثر المحادثات مع واشنطن
مصادر: إيران قد تلجأ للصين وروسيا "كخطة بديلة" بتعثر المحادثات مع واشنطن

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

مصادر: إيران قد تلجأ للصين وروسيا "كخطة بديلة" بتعثر المحادثات مع واشنطن

شفق نيوز/ افادت ثلاثة مصادر إيرانية، أن القيادة الإيرانية تفتقر إلى خطة بديلة واضحة لتطبيقها في حال انهيار الجهود الرامية إلى حل النزاع النووي المستمر منذ عقود، وذلك في ظل تعثر المحادثات بين واشنطن وطهران جراء التوتر المتصاعد بين الطرفين بشأن تخصيب اليورانيوم. وقالت المصادر إن إيران قد تلجأ إلى الصين وروسيا "كخطة بديلة" في حال استمرار التعثر، لكن في ظل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، تبدو خطة طهران البديلة هشة. وقال مسؤول إيراني كبير: "الخطة البديلة هي مواصلة الاستراتيجية قبل بدء المحادثات. ستتجنب إيران تصعيد التوتر، وهي مستعدة للدفاع عن نفسها تشمل الاستراتيجية أيضا تعزيز العلاقات مع الحلفاء مثل روسيا والصين". ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المرشد الإيراني علي خامنئي قوله في وقت سابق، الثلاثاء، إن مطالب الولايات المتحدة بامتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم "زائدة عن الحد ومهينة"، معبرا عن شكوكه فيما إذا كانت المحادثات النووية ستفضي إلى اتفاق. وبعد 4 جولات من المحادثات التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات. وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين ودبلوماسي أوروبي إن طهران ترفض شحن كل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الدخول في مناقشات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية. كما أن انعدام الثقة من كلا الجانبين وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية قد زاد من أهمية حصول إيران على ضمانات بأن واشنطن لن تتراجع عن اتفاق مستقبلي. ومما يضاعف من التحديات التي تواجهها طهران، معاناة المؤسسة الدينية في إيران من أزمات متصاعدة - ومنها نقص الطاقة والمياه، وتراجع العملة، والخسائر العسكرية بين حلفائها الإقليميين، والمخاوف المتزايدة من هجوم إسرائيلي على مواقعها النووية – وكلها تفاقمت بسبب سياسات ترامب المتشددة.

"الهاوية النووية".. طهران ترفع نبرتها وواشنطن تحفر الخطوط الحمر
"الهاوية النووية".. طهران ترفع نبرتها وواشنطن تحفر الخطوط الحمر

شفق نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • شفق نيوز

"الهاوية النووية".. طهران ترفع نبرتها وواشنطن تحفر الخطوط الحمر

شفق نيوز/ بعد أربع جولات من المحادثات غير المباشرة التي جرت خلف كواليس الدبلوماسية في مسقط وروما، بات من الصعب إنكار الوقائع التي تتسرب بهدوء إلى التصريحات الرسمية والدوائر الدبلوماسية: مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني تعيش واحدة من أخطر لحظاتها، منذ الخروج عن السكة عام 2018. فكل جولة من الجولات الماضية تركت انطباعًا واحدًا، أن الجانبين الإيراني والأميركي يتحدثان لغتين لا تلتقيان. الاختراق السياسي المنتظر لم يأتِ، والمواقف تشدّدت، واللغة صارت أكثر خشونة. ففي خطابه الأخير، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بلهجة يصفها المراقبون بأنها الأكثر تشاؤمًا منذ الجولات التفاوضية: "الجمهورية الإسلامية لا ترى أن المفاوضات مع أمريكا الجارية الآن سوف تثمر عن نتائج إيجابية"، مضيفًا أن بلاده لن تنتظر إذن أحد، وأن التركيز الغربي على قضية التخصيب "ليس بريئًا" بل يكشف عن نوايا مبيتة. هذا التصعيد يتجاوز البعد الإعلامي، وفق ما يراه الدكتور جلال جراغي، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإيرانية والإقليمية، الذي قال لوكالة شفق نيوز من طهران: "نحن أمام مشهدين: الأول هو المشهد الإعلامي الذي تتقنه الإدارة الأميركية باستخدام لغة التهديد والتطمين بالتناوب، ضمن ما يعرف بسياسة العصا والجزرة. والثاني، هو مشهد التفاوض الحقيقي الذي يجري خلف الكواليس بوساطة سلطنة عمان". ويشير إلى أن إيران ترى في تخصيب اليورانيوم حقًا سياديًا غير قابل للتنازل، مستندًا إلى المادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي التي تتيح للدول الأعضاء تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. ويضيف: "إيران خصبت بنسبة 60%، وهذا قانوني، بل إن دولًا مثل اليابان والأرجنتين تخصب بنسبة مماثلة دون امتلاك سلاح نووي، فلا يُفترض الربط بين التخصيب والتسلح تلقائيًا". ضغط أمريكي vs. تمسك إيراني تعتمد الإدارة الأمريكية نهجًا تكتيكيًا يقوم على تصريحات متضاربة لإرباك إيران والضغط عليها. ففي وقت يعرب فيه الرئيس دونالد ترامب عن تفاؤله بقرب إبرام اتفاق نووي مع طهران، ليعود بعد يوم واحد ويحذّرها من 'أمر سيء' إذا لم تُسارع بالتفاوض، هذه الرسائل المتناقضة تبدو كأنها جزء من حرب نفسية تهدف إلى زعزعة حسابات صُنّاع القرار في طهران. ويعلق خبراء من واشنطن وطهران لوكالة شفق نيوز، بأن تصعيد ترامب الإعلامي قد يكون 'مناورة ضغط' أكثر منه خطة فعلية، خاصة أن مسؤولين إيرانيين يؤكدون أن تبدّل واشنطن المستمر لمطالبها وإطار التفاوض لا يخدم التقدّم. في المقابل، تنتهج إيران خطابًا يرتكز على حقها في التخصيب، عباس عراقجي كبير المفاوضين الإيرانيين ووزير خارجيتها شدّد مرارًا على أن التخصيب في إيران 'غير قابل للتفاوض'، رافضًا بالكامل مطلب 'صفر تخصيب' الذي تردد على لسان بعض المسؤولين الأميركيين. وتذهب طهران أبعد من ذلك بتأكيدها العلني أن أي اتفاق لن يُفرَض عليه التخلي عن أجهزة الطرد المركزي أو شحن اليورانيوم المخصب إلى الخارج. وتقول الباحثة في العلاقات الدولية فاطمة الصياحي من طهران، في حديثها لشفق نيوز، إن الملف النووي تجاوز اليوم كونه مشروعًا علميًا أو تفاوضيًا، وأصبح قضية سيادة وهوية سياسية. وتضيف: "إيران مستعدة لتقليل نسبة التخصيب ولكنها لن تقبل أبدًا بمطلب التخصيب الصفري. حتى الإصلاحيون الذين كانوا يضغطون لتقديم تنازلات أصبحوا اليوم رافضين لهذا الطرح، خاصة بعد التهديدات الأميركية الأخيرة ومحاولات العبث بالرموز السيادية مثل اسم الخليج". الصياحي تشير إلى أن الطرح الغربي الجديد، القائم على إبقاء المنشآت النووية مقابل وقف التخصيب تمامًا، هو مقترح غير عملي: "إيران ترى أن إعادة بناء المنشآت أسهل من خسارة القدرة نفسها، لأن المعرفة والخبرة لا يمكن قصفها. ولهذا، الحفاظ على القدرة التقنية هو خط الدفاع الأخير لضمان الردع الاستراتيجي". خط أمريكا الأحمر على الجانب الآخر من الطاولة، يقف المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بخطاب لا يقل تشددًا، إذ أعلن أن "تخصيب اليورانيوم في إيران، ولو بنسبة 1%، هو خط أحمر"، مضيفًا أن السماح بأي درجة من التخصيب سيُنظر إليه كتمهيد لتصنيع سلاح نووي. وهو ما فسره مسؤولون إيرانيون بأنه بمثابة نسف كامل لمرتكزات اتفاق 2015. هذا التصلب المتبادل في المواقف يدفع مراقبين من كلا الجانبين إلى التشكيك في جدوى استمرار المسار التفاوضي. لكن محللين أميركيين مثل البروفسور إيفان ساشا شيهان يرون أن تفسير هذه التصريحات على أنها تهديد صريح أمرٌ مبالغ فيه. وقال شيهان لوكالة شفق نيوز من واشنطن: "الإدارة الأميركية لا تزال ترى أن الاتفاق ممكن ومرغوب، لكنها تدرك أن إيران غير مستعدة لتقديم التنازلات المطلوبة، وهو ما يعقد المسار". ويرى شيهان أن عدم تحقيق أي اختراق بعد أربع جولات من التفاوض قد يدفع الولايات المتحدة إلى خيارات حاسمة: "إذا لم تُظهر طهران مرونة، فمن المرجح أن ننتقل إلى مرحلة أخرى من المواجهة، قد تكون أكثر حدة من سياسة الضغط القصوى السابقة". أما المحلل الإيراني في واشنطن حسن هاشميان، فيقدّم قراءة أكثر تشاؤمًا في حديثه مع شفق نيوز: "المفاوضات تسير نحو طريق مسدود. لا توجد نقاط التقاء حقيقية، وإذا استمرت الخلافات على هذا النحو، فربما نكون أمام مواجهة تدريجية تبدأ بالتهديدات وتتصاعد لاحقًا. لكن المواجهة المباشرة لن تحدث قبل استنفاد كل مراحل التصعيد السياسي والإعلامي". هاشميان يضيف أن تصريحات ويتكوف تمثل جوهر الموقف الأميركي الجديد: لا تخصيب داخل إيران، حتى لو بنسبة ضئيلة. ويقول: "ما صرّح به عراقجي ليس موجّهًا لواشنطن بقدر ما هو رسالة للداخل الإيراني، لأن النظام يعرف جيدًا أن هذه الجولة إما أن تنتهي بتنازل جذري أو بمواجهة صعبة. والظروف الداخلية لا تحتمل تنازلات، خاصة بعد تفكك محور المقاومة وانهيار الوضع الخدمي في الداخل". ضغط داخلي هذا الإحساس بالتهديد يضاعفه الوضع الاقتصادي الحرج في الداخل الإيراني: تضخم، بطالة، احتجاجات متكررة، وشبه انهيار في بعض القطاعات الخدمية. الدكتور جراغي يصف هذا الوضع بأنه "قنبلة ضغط داخلي"، ويضيف: "أي مرونة في الملف النووي ستُفسر داخليًا على أنها تراجع، وقد تفتح شهية الخصوم داخل النظام قبل الخارج. ولهذا، الخيار الوحيد أمام النظام اليوم هو التشدد، ولو على حساب مزيد من العزلة". في هذا السياق المعقد، تُطرح أسئلة بلا إجابات واضحة: هل تسعى واشنطن حقًا إلى اتفاق، أم أنها تُعدّ الأرضية لضربة استباقية؟ هل تراهن إيران على الوقت والصمود، أم أنها تُعدّ بدورها مفاجأة تفاوضية؟ ووسط كل هذه الاحتمالات، تقف سلطنة عمان، التي تستضيف جولات التفاوض، في موقع الوسيط المتفائل الحذر. الجولة الخامسة المقررة قد تكون، كما وصفها أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، "الفرصة الأخيرة لتفادي العاصفة". وإذا أخفقت هذه الجولة، فإن الاتفاق النووي لن يدخل فقط مرحلة موت سريري، بل إن المنطقة برمتها قد تنتقل إلى مربع جديد عنوانه: الحسابات الصفرية، وردع متبادل، ومخاوف من انفجار في لحظة غير محسوبة. في خلاصة المشهد، كما يصفه المحللون من طهران وواشنطن لشفق نيوز، فإن الاتفاق لم يعد ملفًا تفاوضيًا عاديًا، بل ساحة اشتباك مفتوح على كل السيناريوهات.

خامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات مع أمريكا ستنجح
خامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات مع أمريكا ستنجح

شفق نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • شفق نيوز

خامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات مع أمريكا ستنجح

شفق نيوز/ استبعد المرشد الإيراني، علي خامنئي، يوم الثلاثاء، إمكانية نجاح المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة، حول البرنامجين الصاروخي والنووي. وقال خامنئي، في تصريحات صحفية، إن "الجمهورية الإسلامية لا ترى أن المفاوضات مع أمريكا الجارية الآن سوف تثمر عن نتائج إيجابية، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث بعدها". وأشار المرشد الإيراني، إلى أن عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم داخل البلاد "وقاحة زائدة"، مردفاً بالقول: "نحن لا ننتظر إذن أحد.. (الجمهورية الإسلامية) لها سياساتها، ولها منهجها، وهي تتابع سياساتها الخاصة". وتابع خامنئي: "في مناسبة أخرى سأشرح للشعب الإيراني سبب تركيزهم على قضية التخصيب، ولماذا يُصرّ الغربيون والأميركيون وغيرهم بهذا الشكل على أنه يجب أن لا يكون هناك تخصيب في إيران حتى يعرف الشعب الإيراني ما هي نوايا الطرف الآخر".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store