
تفسير سورة الفلق وسر الاستعاذة فيها من الشرور الخارجية
أذكار الصباح والمساء
لتحصين النفس ودفع الشرور عنها، كما يطلق على سورتي الفلق والناس اسم المعوذتين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يتعوذوا بهما، كما تبدأ هاتين السورتين بالتعوذ، وفي هذا التقرير نوضح لكم تفسير سورة الفلق.
تفسير سورة الفلق
قبل التطرق إلى تفسير سورة الفلق، نوضح لكم سبب نزول سورتي الفلق والناس، حيث ذكر الواحدي في تفسيره، أن رجلا من يهود بني زريق يسمى لبيد بن الأعصم قد سحر النبي صلى الله عليه وسلم بمشط ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد عليه المرض واستمر ذلك ثلاث ليال.
ثم نزلت هاتان السورتان ونزل جبريل يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمكان السحر فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأداة المستعملة في السحر ودفنها وشافاه الله منه، كما ذكر ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير سببا آخر لنزول سورتي الفلق والناس، وقال: أَنَّ قُرَيْشًا نَدَبُوا مَنِ اشْتُهِرَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ يُصِيبُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لِيَتَعَوَّذَ مِنْهُمْ بِهِمَا.
سورة الفلق
ومن جانبه أوضح الشيخ محمد العريفي، تفسير سورة الفلق، مؤكدا أن قل أعوذ، أي احتمي والتجئ وأفِر إلى الله، برب الفلق، ومعنى الفلق هو الصبح، فالله سبحانه وتعالى فالق الحب والنوى، ومن شر ما خلق، أي من شر كل المخلوقات جميعها، ومن شر غاسق إذا وقب، أي من شر الليل إذا أقبل، والغاسق إذا وقب هو القمر إذا غاب عندما تغطيه السحب والغيوب، فاللهم أعوذ من هذا الليل وما فيه من شرور وآثام فأكثر المفاسد تحدث في الليل.
ومن شر النفاثات في العقد، أي من شر السحرة الذي عقدون العقد ويستعينون فيها بالجن والشياطين وينفثون فيها بريقهم، ومعنى من شر حاسد إذا حسد، هو الحاسد الذي يحسد على المال والولد وكل النعم التي أنعم الله به على الإنسان، فيكيد له المكائد ويوقعه في الأذى، ما يتطلب الاستعاذة من الحاسد ومن شر العين التي تصيب الإنسان، ومن هنا تأتي أهمية وفضل أذكار الصباح والمساء، ووفقا لتفسير السعدي، لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع خبيث النفس، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم " كل ذي نعمة محسود".
تفسير سورة الفلق والناس
ووفقا للشنقيطي الخاص بـ تفسير سورة الفلق، جاء الاستعاذة بصفة واحدة وهي برب الفلق، "قل أعوذ برب الفلق"، بينما جاءت الاستعاذة في سورة الناس بثلاث صفات "قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس"، مع أن المستعاذ منه في الأولى أربعة أمور، "من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد"، والمستعاذ منه في الثانية أمرا واحدا، " من شر الوسواس الخناس"، ولكن ولخطر الأمر الواحد "الوسواس الخناس" جاءت الصفات الثلاث.
فالعبد بحاجة ماسة أن يلجأ الى الله ثلاث مراث ليحمي إيمانه من الضعف ووساوس الشيطان، بينما تكفي مرة واحدة في حال الشرور الحسية، ففي سورة الفلق استعاذة من الشرور الخارجية، الليل إذا أظلم، القمر إذا غاب، وهذان الوقتان مظنة كثرة الشرور، والساحرات اللاتي ينفخن في عقد السحر والحسد، ولكن في سورة الناس، استعاذة من الشرور الداخلية، من الوسواس وهو القرين، والنفس الأمارة بالسوء إذا غفل المسلم.
تفسير سورة الفلق
تفسير سورة الفلق لابن كثير
وأما تفسير سورة الفلق لابن كثير، فالإنسان مأمور بالتعوذ برب الفلق، وقال ابن جرير بأن الفلق هو الصبح، وقال ابن عباس الفلق هو الخلق، فقد أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله، ولكن الصواب الذي اختاره البخاري رحمه الله أنه فلق الصبح.
من شر ما خلق، أي من شر جميع المخلوقات، وقال الحسن البصري: جهنم وابليس وذريته مما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، أي من شر غروب الشمس والليل إذا أقبل بظلامه، وقال ابو هريرة "ومن شر غاسق إذا وقب" أي شر الكوكب، قال ابن جرير هو القمر، وهو الرأي الأصوب لقول عائشة رضي الله عنها: اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمر حين طلع، وقال: "تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب"
ومن شر النفاثات في العقد، أي من شر السواحر، إذا رقين ونفثن في العقد، وفي الحديث: ان جبريل جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكيت يا محمد؟ فقال: "نعم"، فقال: باسم الله ارقيك، من كل داء يؤذيك، ومن كل شر حاسد وعين، الله يشفيك.
ون شر حاسد إذا حسد، وهي استعاذة من شر الحاسد، فالحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها، وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي، فإن شره يتطلب الاستعاذة منه بترديد سورة الفلق 3 مرات يوميا في أذكار الصباح والمساء.
تفسير سورة الفلق

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الكنانة
منذ 22 دقائق
- الكنانة
دورة الخذلان من الاستغلال إلى النكران
كتبت/د/ شيماء صبحى دورة الخذلان: من الاستغلال إلى النكران في أعماق العلاقات البشرية، تسكن دوائر خفية من الألم لا تُرى، لكنها تُعاش، وتبدأ أحيانًا بخيط رفيع من الثقة يتحول ببطء إلى حبل من الخذلان. تمر بعض العلاقات بأربعة مراحل قاسية: الاستغلال ➝ الاستغفال ➝ الاستغناء ➝ نكران الجميل وكأن الشخص المُحب يُستهلك روحه شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى منه إلا بقايا خائبة. ١. الاستغلال: حين تُختزل إنسانيتك في منفعة الاستغلال هو أول أبواب الظلم في العلاقة. أن تكون مهمًا فقط وقت الحاجة. أن تُقدَّر بقدر ما تعطي، لا بقدر من تكون. يراك الطرف الآخر وسيلة، لا غاية. يستفيد منك عاطفيًا، ماديًا، نفسيًا… ثم لا يرى فيك شخصًا بل أداة. تحليل نفسي: المستغِل غالبًا شخصية نرجسية أو انتهازية. يرى الناس من منظور 'ما سأجنيه منهم'. يعاني من فراغ داخلي، ويبحث عن من يملأه بلا مقابل. مثال واقعي: فتاة تبذل كل ما بوسعها في علاقة عاطفية، تعطي، تصبر، تسامح… حتى تكتشف في النهاية أنها لم تكن أكثر من 'مرحلة مؤقتة' في حياة الطرف الآخر. ٢. الاستغفال: حين يُسخَّف عقلك ويُستخف بوعيك بعد أن ينال منك ما يريد، يبدأ في تضليلك. يكذب ويخفي ويتلاعب. يجعلك تشك في نفسك وتبرر له أخطاءه. يضعك في حالة 'إنكار' وتغافل قسري. تحليل نفسي: هنا تبدأ الغازلايتنج (Gaslighting)، وهي عملية نفسية لتقويض ثقة الشخص بنفسه. يُسقط عيوبه عليك، ويشعرك أنك السبب في كل المشاكل. مثال واقعي: صديقة تقول لك: 'انتي حساسة بزيادة'، بعد كل مرة تجرحك فيها. ليست المشكلة فيك، بل في طريقتها المؤذية. ٣. الاستغناء: نهاية مؤقتة بطابع دائم الطرف الآخر يُقرر أن 'ينتهي دورك'. بلا مبررات، يبتعد. لا يقدّر ما فعلته. يتجاهلك وكأنك لم تكن. تحليل نفسي: الاستغناء في هذه الحالة يدل على انعدام التعاطف، وربما وجود اضطراب في الشخصية (مثل الشخصية النرجسية أو السيكوباتية). يشعر بأنك لم تعد تخدم أهدافه، فيتخلى. مثال واقعي: شخص يقول لك: 'أنا محتاج وقت لوحدي'، ثم تكتشف أنه بدأ علاقة جديدة فورًا بعدك. ٤. نكران الجميل: طمس للتاريخ والمواقف هنا تأتي الطعنة الكبرى. لا يذكر خيرك. يُلغي كل ما قدمته. وربما يهاجمك ويشوّهك أمام الآخرين. تحليل نفسي: النكران هو آلية دفاعية لإسقاط الذنب من النفس. قد يكون أيضًا وسيلة لتبرير أفعاله الخاطئة أمام نفسه والناس. مثال واقعي: أحدهم يقول عنك: 'ماعملتش معايا حاجة'، رغم أنك كنت سندًا له في أصعب لحظاته. لماذا نقع في هذه الدورة المؤلمة؟ لأننا نحب أكثر مما يجب، ونعطي بلا شروط، ونغفر بلا توقف. لأننا نصدّق أن النية الطيبة تكفي وحدها لتجعل الآخر جيدًا. ولأن البعض لا يرى في طيبتك إلا ضعفًا، ولا في عطائك إلا واجبًا، ولا في حبك إلا فرصة للاستنزاف. الحلول النفسية والتحصين الداخلي 1. ضع حدودًا واضحة من البداية لا تسمح لأي علاقة أن تكون مفتوحة على كل الاتجاهات دون سياج نفسي يحميك. 2. راقب الأفعال لا الأقوال لا تنخدع بالكلام الجميل، بل لاحظ كيف يُعاملك فعلًا. 3. تعلّم فن الانسحاب المبكر إن شعرت أنك مجرد وسيلة، لا تنتظر الطعنة. غادر بهدوء وكرامة. 4. لا تعتذر عن طيبتك، لكن لا تفرّط بها الطيبة ليست ضعفًا، لكن يجب أن تكون مصحوبة بالوعي. 5. رمّم نفسك بعد كل خذلان لا تسمح لخيبة واحدة أن تفسد ثقتك في الحياة، لكن اجعلها درسًا. من نور الوحي: آيات وأحاديث قال تعالى: 'هل جزاء الإحسان إلا الإحسان' [الرحمن: 60] من يُقابل الإحسان بالجحود، لا يظلمك فقط بل يُخالف سنن الله. وقال تعالى: 'ولا تنسوا الفضل بينكم' [البقرة: 237] حتى في نهاية العلاقات، يبقى الفضل والجميل محفوظًا في ميزان الله. وقال النبي ﷺ: 'من لا يشكر الناس لا يشكر الله' [رواه الترمذي] نكران الجميل علامة قسوة قلب، وبعد عن الأخلاق النبوية. الخلاصة: في كل علاقة تمر بدورة الخذلان، هناك لحظة يجب أن تقول فيها: 'كفى'. ليس لأنك قسوت، بل لأنك أخيرًا رأيت الحقيقة. ولأن نفسك تستحق أن تُحاط بمن يرى قيمتها، لا بمن يستغلها… ثم ينكر وجودها.


الجمهورية
منذ 31 دقائق
- الجمهورية
خطيب المسجد الحرام: حقيقة التقوى العمل بطاعة الله
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام بمكة المكرمة : " آية من كتاب الله تعالى اشتملت على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، وفيما بينهم وبين ربهم، فهي جديرة بإدامة النظر في معانيها، وفهم مراميها، وكمال الحرص على العمل بما جاء فيها، إنها قوله -عز اسمه-: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)". وأضاف خطيب المسجد الحرام أن من الواجب الذي بين العبد وبين الخلق من المعاشرة والمعاونة والصحبة، أن يكون اجتماعه بهم، وصحبته لهم، تعاونًا على مرضاة الله وطاعته، التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه، ولا سعادة له إلا بها، وهي البر والتقوى اللذان هما جماع الدين كله. وأوضح فضيلته أن حقيقة البر هو الكمال المطلوب من الشيء، والمنافع التي فيه والخير، فالبر كلمة جامعة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد، وفي مقابله الإثم: وهي كلمة جامعة للشرور والعيب الذي يذم العبد عليها. وأكّد فضيلة الشيخ خياط أن الله سبحانه أخبر أن البر هو: الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر، وهذه هي أصول الإيمان الخمسة التي لا قيام للإيمان إلا بها، وأنه الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنفقات الواجبة، وأنه الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد، فتناولت هذه الخصال جميع أقسام الدين، ثم أخبر سبحانه أنها هي خصال التقوى بعينها. وتابع بالقول : إن حقيقة التقوى العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، يحمل العبد على أن يفعل ما أمر الله به، إيمانًا بالأمر، وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه، إيمانًا بالنهي، وخوفًا من وعيده، كما قال طلق بن حبيب: "إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بالطاعة على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله"، وهذا من أحسن ما قيل في تعريف التقوى وبيان حقيقتها. وشدد على أن من أظهر المعينات للتعاون على البر والتقوى تربية النفس وتعويدها على هذا الخلق، لاسيما في مراحل النشأة الأولى داخل الأسرة، بأن ينشأ أفرادها على أساس متين من التعاون على الخير فيما بينهم، ويبين لهم ضرورته ولزومه، وجميل آثاره، وحسن العاقبة فيه، ثم تتسع الدائرة لتعم ذوي القربى والجيران، ببذل الحقوق، وأداء الواجبات المفروضة، من صلة وإحسان، وتآزر وتراحم، تمتد حلقاته فتشمل المجتمع المسلم كله.


الجمهورية
منذ ساعة واحدة
- الجمهورية
المبشرات بالجنة.. كبشة بنت رافع
وكبشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد الأنصارية الخدرية. واحدة من النساء الفاضلات اللاتي قدمن الخير في جميع المجالات. وهي واحدة ممن شهد لها رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصدق. ودعا لها بالخير والأجر العظيم.. وكانت أماً لشهيدين عظيمين. كانت كبشة قد تزوجت معاذ بن النعمان الأشهلي فولدت له سعد بن معاذ وعمروًا وإياسًا وأوسًا وعقرب وأم حزام بني معاذ بن النعمان. عندما استضافت المدينة مصعب بن عمير رضي الله عنه. سفير رسول الله صلي الله عليه وسلم ليعلّم أهلها القرآن. ويفقههم في أمور الدين. وصلت الدعوة إلي دار بني عبد الأشهل. فأسلم سيد الأوس أسيد بن الحضير. وسعد بن معاذ الذي وقف أمام قومه بني عبد الأشهل. وقال لهم يا بني عبد الأشهل. كيف تعلمون أمري فيكم؟.. قالوا سيدنا وأفضلنا. قال فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام "أي أمنع نفسي من ذلك" حتي تؤمنوا بالله ورسوله فما أمسي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا أو مسلمة. وسارعت أم سعد إلي إعلان إسلامها. وذكر ابن حجر رحمه الله في الإصابة فقال أول من بايع النبي صلي الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ وهي كبشة بنت رافع بن عبيد. وأم عامر بنت يزيد بن السّكن. وليلي بنت الخطيم. وكم كان سرور أم سعد عظيمًا حينما ترامي إلي سمعها قول النبي صلي الله عليه وسلم يذكر دارها ودور الأنصار بخير. فقال "خير دور الأنصار بنو النّجار. ثم بنو عبد الأشهل. ثم بنو الحارث الخزرج. ثم بنو ساعدة. وفي كل دور الأنصار خير". ومن الجدير بالذكر أنّ أختي كبشة قد أسلمتا وبايعتا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهما الفريعة أو الفارعة بنت رافع. وسعاد بنت رافع وهي أم أسعد بن زرارة أحد النقباء الأخيار. وهو ابن خالة سعد بن معاذ رضي الله عنهم جميعًا. سجّل التاريخ لأم سعد صفات وفضائل كريمة. ومواقف إيمانية تشير إلي مكانة النبي العظيم في نفسها. وتقديم الابناء شهداء في سبيل الله سبحانه وتعالي.. وأما في غزوة أحد فقد خرجت أم سعد رضي الله عنها مع من خرج من النساء ينظرن إلي سلامة رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن وردت الأخبار إلي المدينة باستشهاد عدد من المسلمين. وكان من بين الشهداء ابنها عمرو بن معاذ رضي الله عنه.. ولكن هذه الصحابية الجليلة كانت ترجو سلامة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأقبلت بسرعة نحو أرض المعركة. فلما رأت النبي صلي الله عليه وسلم سالمًا. حمدت الله. وقالت أما إذا رأيتك سالمًا فقد أشوتِ "أي هانت" المصيبة. فعزَّاها النبي صلي الله عليه وسلم بابنهاعمرو. وفي غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب. حظيت أم سعد بشهادة الصدق مختومة بختم رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقد كان ابنها سعد يرتدي درعًا قصيرة قد ظهرت منها ذراعه. فمرّ من أمام حصن بني حارثة. وكان فيه النساء والأطفال. ومن بينهم عائشة أم المؤمنين. وأمه كبشة رضي الله عنهما. فقالت له أمه تستعجله الحق برسول الله يا بني فقد "والله" تأخرت.. وقد أرادت رضي الله عنها ألا تفوته لحظة دون أن يحظي بمعية رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقالت السيدة عائشة والله يا أم سعد لوددتُ أن درع سعد أطول علي يده مما هي. فقالت أم سعد يقضي الله ما هو قاض. فقضي الله أمرًا كان مفعولاً. وأصيب سعد بسهم قطع منه الأكحل. وهو عِرق في الذراع يُسمي عرق الحياة. رماه به حبان بن العرقة.. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم في شأن سعد "اهتزَّ عرش الرحمن عزّ وجلّ لموت سعد بن معاذ".. والمعني انتعش العرش وحاملوه فرحًا بقدوم روحه رضي الله عنه. وفي هذا دليل علوّ مقامه ورفيع مكانته. فصبرت الصحابية الفاضلة وبفضل صبرها وفضيلتها. نالت كبشة شرف البشارة بالجنة من رسول الله صلي الله عليه وسلم. فكانت نموذجًا للمرأة المسلمة المؤمنة التي تضع إيمانها وعقيدتها فوق كل اعتبار.